القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch29 | TMCTM

 Ch29 | TMCTM



ركض تاو شي عائدًا إلى غرفته في الطابق الرابع بأقصى سرعة ——-

وقبل أن يُشغل الأنوار ، اندفع إلى الشرفة وفتح النافذة ، 

وأطل منها ناظرًا إلى الأسفل


في ليالي عطلة نهاية الأسبوع ، أنوار الشارع القليلة في 

الحرم المدرسي خافتة بالكاد ، 

لكن لحسن الحظ بالإمكان رؤية الطريق القصير الممتد من 

مبنى السكن إلى بوابة المدرسة بالكاد


كان تاو شي يلهث قليلًا ، 

وقف على أطراف أصابعه وأخرج رأسه من النافذة يبحث 

عن لين تشينهي، لكنه لم يره بعد مضي بعض الوقت


{ هل يمشي لين تشينهي بهذه السرعة ؟ }


انتظر تاو شي على مضض لبعض الوقت، 

وأخيرًا ظهر ظل لين تشينهي وسط أضواء الليل الخافتة


لم يكن يعلم لماذا تأخر لين تشينهي كل هذا الوقت في الأسفل، 

لكنه كان ينظر إلى ظهره كما اعتاد من قبل، 

لا … بل بشغف أكبر من ذي قبل —-


فهذه هي الزاوية التي اعتاد منها على رؤيته بأكبر قدر من الهدوء والراحة ، 

من دون أن يقلق من أن يكتشفه لين تشينهي


تمامًا كمن ينظر إلى القمر في السماء ، 

لا يشغله أبدًا إن كان القمر يبالي بنظراته أم لا


لكن فجأة ، رأى تاو شي لين تشينهي يتوقف عن المشي ، 

ثم يستدير وينظر إلى الأعلى ، نحو مبنى السكن


في تلك اللحظة ، انقبض قلب تاو شي بشدة


{ هل لين تشينهي ينظر إليّ ؟ }


هذه الفكرة جعلن جسده يرتجف من الحماس


سارع برفع يده ملوّحًا له، 

لكنه أدرك فجأة أنه لم يشعل ضوء الشرفة بعد، 

فلا بد أن لين تشينهي لا يراه


أسرع تاو شي إلى تشغيل مصباح الشرفة، 

لكنه حين عاد إلى النافذة، كان لين تشينهي قد استدار 

وأكمل سيره نحو بوابة المدرسة


خيمت خيبة أمل كبيرة على ملامحه ، 

تلتها موجة عنيدة من عدم الاستسلام ——


أخرج هاتفه من جيبه، وسارع بأصابعه لفتحه، 

بحث عن رقم لين تشينهي واتصل به على عجل


أخذ يراقب ظل لين تشينهي بتوتر أثناء انتظار الرد ، 

وحين رآه يتوقف فجأة ، 

وينظر إلى الأسفل كمن ينظر في هاتفه ، تسارعت أنفاسه


تم الرد —-


لكن لين تشينهي لم يتكلم ، 

لم يُسمع سوى صوت أنفاسه الخافتة ، 

ثم رفع رأسه ونظر نحو مبنى السكن


لم يعرف تاو شي ماذا يقول ، لقد اتصل به بدافع اللحظة


“ تاو شي؟”


همس لين تشينهي باسمه ، وهو يرفع عينيه نحوه ، 

وكأنه يعرف أي غرفة يسكنها


فتح تاو شي فمه، ونظر إليه وسط ظلمة الليل، 

واستجمع شجاعته قائلًا:


“ لين تشينهي أردت فقط أن أقول لك، تصبح على خير ”


{ أريد أن أقول لك صباح الخير ، ومساءً سعيدًا ، 

وتصبح على خير… كل يوم }


بدا وكأن لين تشينهي ابتسم  :

“ قلها ”


تردد تاو شي لحظة ، ثم قال بجدية :

“ لين تشينهي تصبح على خير "


: “ تاو شي تصبح على خير ”


قالها لين تشينهي بصوت ناعم، رقيق


في الواقع، بدا هذا المشهد غريبًا بعض الشيء


أحدهما في الأعلى والآخر في الأسفل، 

ينظران إلى بعضهما البعض، 

ولم يكن الوقت قد حان بعد للنوم، 

ومع ذلك تبادلا قول “تصبح على خير” عبر الهاتف


لم يستطع تاو شي منع نفسه من الضحك، 

وامتلأت عيناه من جديد بنجوم لامعة


بدا أن كل شيء سار على ما يرام هذه الليلة ، 

وأنه سيتمكن من النوم بسلام دون أي قلق


“ انتهيت ، أراك غدًا !”


أنهى المكالمة بسرعة ، خائفًا من ألا يتمكن من إنهائها لاحقاً 


راقب لين تشينهي وهو يضع هاتفه جانبًا ، 

ثم يدير ظهره ويواصل السير نحو بوابة المدرسة ، 

حتى اختفى تمامًا عن ناظريه


عندها فقط عاد تاو شي إلى غرفته


استحم كعادته ، ثم غسل ملابسه التي خلعها ونشرها على شرفة الغرفة ،

بعدها جلس على الكرسي وبدأ في حل أوراق التمارين


كان هناك هدوء نادر في قلبه


وكأنه استمد شجاعة لا نهائية من ذلك العناق وتلك “تصبح على خير” قبل قليل، 

حتى وإن كان العناق من طرف واحد فقط


لقد اكتشف أن كلما انغمس في مصير سخيف لا يُحتمل، 

كان لين تشينهي دومًا من يسحبه من النهر المظلم، 

ليجعله يرى أن النهر مليء بالنجوم والأحلام


فكر في أن ما رآه ليلًا في المستشفى كان مجرد حلم


وحين استيقظ من الحلم ، عليه أن يواصل السعي ليعيش حياة جيدة


حين عاد لين تشينهي إلى مستشفى هاننان، 

كان يانغ داولي قد غطّ في النوم ، 

ونجح الآخرون في إقناع العجوزين بالعودة إلى المنزل للراحة ، 

ولم يبقَ إلا لوو تشنغيين تسهر بجانب السرير في الجناح


لاحظت لوو تشنغيين دخول لين تشينهي، 

فأشارت إليه بحركة صامتة كي لا يصدر صوت


نهضت وتفقّدت انبوب التصريف على صدر يانغ داولي ، 

ثم لمست جبهته بمودّة ، 

ثم خرجت من الغرفة برفقة لين تشينهي


: “ أين ذهبت؟ لي لي ظل يسأل عنك ” سألت لوو تشنغيين 

ابنها في الممر وهي تغلق الباب خلفها


نظر إليها لين تشينهي، ولاحظ احمرار عينيها، 

فقال بإيجاز: “ أعدتُ تاو شي إلى المدرسة ”


عندها فقط تذكرت لوو تشنغيين أن ذلك الطالب، تاو شي

كان قد ظهر فجأة وغادر دون تفسير في المساء


لم تستطع منع نفسها من التساؤل، فقالت:

“ كان يمكن أن تطلب من السائق تشن أن يعيده لماذا 

ذهبت أنت بنفسك ؟”


لكن لين تشينهي لم يُجب عن سؤالها، 

بل قال بدلًا من ذلك: “ يُفضّل أن تستريحي أيضًا ، لديك 

حفل موسيقي غدًا .”


هزّت لوو تشنغيين رأسها، ورفعت يدها تفرك بها جبهتها


لقد أرهقها الحزن الذي رافق هذه الليلة، 

ولم تستطع منع نفسها من البوح لابنها:

“ لا أستطيع أن أرتاح . 

في كل مرة يمرض فيها ليلي ، أفكّر دومًا في آ-سوي …

لو كنتُ أوقفتها في ذلك الوقت ، مهما كلفني الأمر ، 

ولم أسمح لها بالذهاب إلى ذلك المكان البعيد 

فهل كانت ستـ…”


بدأ صوت لوو تشنغيين يختنق في منتصف حديثها، 

وأعصابها، التي ظلت مشدودة طوال الليل، استرخَت أخيرًا


ناولها لين تشينهي منديل ، ثم نظر إلى المقعد الخالي في 

الممر، وقال بعد لحظة من الصمت:


“ لقد مر وقت طويل يا أمي وأظن أن العمة فانغ ما كانت 

لتريدك أن تظلي غارقة في الذنب لأجلها إلى الأبد . 

هي لن تلومك .”


مسحت لوو تشنغيين دموعها بالمنديل


في الواقع، قلّما تحدثت عن فانغ سوي أمام لين تشينهي، 

فهي تعلم أنه لم يكن يحبها، لكنها لا تعرف لماذا، 

ومنذ بداية هذه الليلة، أحسّت بنوع من التوتر والاضطراب، 

وكأن شيئًا ما غاب عن انتباهها، وكان ما شعرت به نذيرًا له


قالت بنبرة حزينة :

“ تشينهي، أمك تعلم أنك قد لا تستطيع تفهّم ما في قلبي، 

وقد تلومني لأني ما زلت غير قادرة على تجاوز الماضي. 


ربما حين تكبر وتلتقي بأهم شخص في حياتك، ستدرك 

تدريجيًا ما أشعر به… 

لكنني أتمنى ألّا تكون مثل أمك أبدًا ، 

لا تجعل الجبن والتردد سببًا لندمك في الحياة .”


لم يرد لين تشينهي بكلمة 


هذه أول مرة تصارحه أمه بمشاعرها الحقيقية تجاه فانغ سوي


كان، في الماضي، يلوم لوو تشنغيين حقًا، 

بل وولد في قلبه شيء من الكراهية تجاه تلك المرأة التي رحلت


لقد عاش منذ طفولته في ظل فانغ سوي


آثارها في كل زاوية من المنزل ، 

بل حتى اسمه نفسه حمل في طيّاته ذكرى لها


أما حب والدته المفرط ليانغ داولي ، فكان غير عادل له


لكنه، كأبيه تمامًا، لا يُظهر معظم مشاعره، 

لذا ظنّ الجميع أنه وُلد ناضجًا، باردًا، ولا يبالي بشيء


لكنه، منذ زمن بعيد ، كان يملك أمنيات بسيطة تجاه عائلته — 

كان يتمنى أن تكون عائلته عادية وسعيدة مثل أي عائلة أخرى ، 

وكان يتوق لأن يحظى باهتمام والديه وحبّهما الكامل له ،


لكنه ، في النهاية ، تخلّى عن تلك التمنيات


فلو لم يكن يانغ داولي موجود ، لربما ظلّت لوو تشنغيين 

غارقة في اكتئابها ، 

ولربما لم تسنح له فرصة حتى ليرى والدته على قيد الحياة


بات الآن لا يطلب شيئ ، فقط يتمنى الخير لأهله


أمسك لين تشينهي بيد والدته ، وقال بصوت خافت :

“ أنا لم ألومك يومًا . 

كل ما أريده هو أن تكوني أكثر سعادة . 

وهذا أيضًا ما يتمناه والدي .”


تفاجأت لوو تشنغيين قليلًا ، ثم ابتسمت :

“ على ذِكر والدك ، لم أره منذ وقت طويل… كيف حاله ؟”


أراد لين تشينهي أن يقول شيئ ، لكنه تردّد ، 

وفي النهاية لم يستطع كبح نفسه وقال:

“ هو بخير… وما زال يهتم لأمرك كثيرًا "


صمتت لوو تشنغيين للحظة ، فهي لم تكن تجهل تمامًا ما 

فعله لين زيشي لأجلها


لقد بادرت هي بطلب الطلاق منه، لكنه لم يوافق، 

وبعد ذلك، كاد أن يختفي تمامًا من أمامها، خشية أن يزعجها


غير أنها لم تواصل الحديث عن ذلك، 

بل غيّرت الموضوع قائلة :

“ ذلك الزميل اسمه تاو شي، يشبه آ-سوي قليلًا… 

يبدو أنك تحب هذا الصديق كثيرًا ؟”


عبس لين تشينهي بحاجبيه وقال بصوت منخفض وحازم:

“ هو لا يشبه أحد "


كان صوته جادًا ، لكنه لم ينكر الجزء الثاني من الجملة


عرفت لوو تشنغيين أنه قد زلّ لسانه ، فابتسمت وقالت :

“ طالما أنك تحب هذا الصديق ، يمكنك دعوته لزيارتنا في المنزل لاحقاً .”


استرخى وجه لين تشينهي وأجاب بهدوء : “همم "


—————————


أما تاو شي —— فلم تكن ليلته جيدة ——-


ظلّ يحلم طوال الليل ، 

حلم بأنه مستلقٍ على سرير مستشفى ، 

و أنابيب باردة مغروسة في جسده ، 

وجديه يمسحان دموعهما وينادونه “حفيدنا العزيز”، 

بينما لين تشينهي ممسكًا بيده، وكأنه يريد أن يقول شيئ


عانى طويلًا في ذلك الحلم ، حتى سمع أخيرًا لين تشينهي يناديه بـ : “لي لي”


استفاق تاو شي من نومه مذعورًا ، 

و ما يزال يشعر بوطأة الحلم ، 

وكأن الألم الحقيقي للأنابيب لا يزال في جسده


وفي تلك اللحظة ، أدرك فجأة أنه لم يعد يشعر بالغيرة من يانغ داولي



——————————


مع اقتراب امتحانات منتصف الفصل ، 

ازدادت أجواء التوتر داخل الصف


حتى بي تشنغفي توقف عن لعب كرة السلة في الظهيرة ، 

وأصبح يجلس في الصف


أما تاو شي —- فكان يعلم أن التشبث بـ”قدم بوذا” في 

اللحظة الأخيرة لا يُجدي، 

لكن التشبث بـ”فخذَي” لين تشينهي قد يجدي ~


لذا بدأ كل يوم يتحدث مع لين تشينهي بشتى الطرق المتنوعة ، 

و يتوسل إليه بالحديث عن المسائل ويطلب منه الشرح ، 

وقد لاحظ أن لين تشينهي صار أكثر تساهلًا معه منذ تلك 

الليلة في المستشفى


على الأقل، كان يرد على أسئلته دائمًا، وإنْ كانت إجاباته مختصرة 


فاستغل تاو شي الوضع ، وصار يتمادى قليلًا


حتى أنه، في منتصف الليل وتحت الغطاء، 

كان يرسل له أسئلة لحلها، 

وكان لين تشينهي يجيب عليه كأنه بنك أسئلة ذكي يعمل 

بالذكاء الاصطناعي


وإنْ لم يردّ عليه ، أرسل له كمية من الإيموجيّات التي أخذها 

من بي تشنغفي — قطط، كلاب، دجاج، أوز… 

كأنه يفتح موسوعة عالم الحيوان 


وبعد إرسال عشرين رسالة ، يرد عليه لين تشينهي أخيرًا بنقاط حائرة :


لين تشينهي: [ … ]


لين تشينهي: [ أين السؤال ؟ ]


تاو شي: [ فوق ]


لين تشينهي: [ كسول جدًا لأتصفح ]


أعاد تاو شي إرسال صورة السؤال — كانت مسألة رياضيات ، 

صعبة بمستوى الأولمبياد ، 

وقد ظلّ يحاول فيها عشرين دقيقة دون أن يتوصل لحل


لم تمرّ ثلاث دقائق ، حتى أرسل له لين تشينهي الحل الكامل مع الخطوات 


تاو شي : [ ايموجي دجاج يقفز ]

لين تشينهي: [ ؟ ]


تاو شي: [ دجاجة تقفز من الغيرة ]


لين تشينهي: [ … ]


———————————-


ما إن انتهت أنشطة النادي يوم الأحد ، 

حتى اصطحبت تشياو ييتانغ تاو شي مباشرةً إلى فيلا جدها ، تشياو هينيان


كان الرجل العجوز يعيش في فيلا ذو سقف أحمر 

عتيق في وسط المدينة


كان الموقع جيدًا ، ومع ذلك هادئ 


ومن باب اللباقة ، أنفق تاو شي مبلغًا كبيرًا على شراء سلة 

فواكه ثمينة لم يسبق له أن تذوّق مثلها ، 

وظل يفكر { حين أرى المعلم تشياو هينيان هل ينبغي عليّ أن أنحني أولًا إبداءً للاحترام ؟ }


عندما وصلا إلى فيلا عائلة تشياو —- 

كان تشياو هينيان يرتدي سترة رمادية وحذاء مطاطي مخصص للزراعة ، 

و منشغلًا بزراعة الخضروات في حديقة الفيلا


لم تكن عليه أيّ هيئة تشير بأنه رسام عظيم


وعندما رأى حفيدته وتاو شي يدخلان ، 

قال دون أن يرفع رأسه:

“ ألن تساعداني في العمل ؟”


كانت تشياو ييتانغ ترتدي تنورة قصيرة وبدت عابسة من هذا الطلب ، 

فاتخذت من الذهاب إلى دورة المياه ذريعة للانسحاب


أما تاو شي، فحيّاه قائلًا : “مرحبًا ، الجد تشياو”، 

ثم وضع الفاكهة جانبًا، وتبع الرجل العجوز


لقد تربى على القيام بأعمال الزراعة ، 

فكانت حركته ماهرة وسريعة ، 

ولم تمضِ فترة طويلة حتى أتمّ مساعدته


رفع تشياو هينيان ظهره مستندًا على المعول، 

وحدّق بتاو شي بعينين حادتين، 

حتى بدأ العرق يتصبب من يديه 

“ ما اسمك ؟”


: “ تاو شي، ’شي‘ بمعنى النهر ”


أومأ تشياو هينيان برأسه وقال:

“ من الآن فصاعدًا ، أنت تلميذ تشياو هينيان .”


نظر إليه تاو شي بذهول، 

غير مصدق أن الأمر بهذه البساطة


أما تشياو هينيان ، فدخل إلى الفيلا وهو ممسك بالمعول،

 وهو يتمتم:

“ أخيرًا وجدت من يساعدني في زراعة الخضروات .”


لم يتوقع تاو شي قط أن يصبح تلميذًا لرسام عظيم بفضل مهاراته في الزراعة 


: “ ألن تأتي؟!” استدار تشياو هينيان يناديه


لحق به تاو شي إلى المرسم في الطابق الثالث


: “ لماذا تريد تعلّم الرسم ؟”

سأل تشياو هينيان ، بعدما جلس على كرسي مصنوع من 

خشب الهوانغهوا لي واحتسى بضع رشفات من الماء


فكر تاو شي قليلًا ، ثم أجاب بصراحة:

“ لسببين . 

أولًا، لأني أحبه . 

وثانيًا، لأني أريد أن أجني المال ، 

أريد أن أجني الكثير من المال .”


كان لين تشينهي قد قال له إن لوحاته ينبغي أن تحمل قيمة أعلى ، 

وأن تلقى تقديرًا أوسع


وقد فهم تاو شي من ذلك أن عليه أن يبيع لوحاته بمبالغ 

أكبر ، حتى يستطيع شراء منزل وتكوين عائلة 


ضيق تشياو هينيان عينيه، ثم أومأ برأسه مبتسمًا وقال:

“ جيّد، صادق بما يكفي . 

لم تتظاهر بالكلام الرنّان الفارغ أمام عجوز .


لقد رأيتُ لوحاتك ، فيها شيء من الروح ، 

لكنها لا تزال غير كافية لتحصيل ما تصبو إليه من مال . 

تعال إلى هنا في العُطل ، تساعدني في الزراعة ، وسأعلّمك . ما رأيك ؟”


أومأ تاو شي بسرعة وقال باحترام:

“ شكرًا لك أستاذي .”


حدّق تشياو هينيان في تاو شي مجدداً ، 

ثم قال دون أن يتمكن من كبح نفسه :

“ إنك تُشبه حقًا طالبة قديمة لي من سنوات طويلة مضت. 

كانت تبدو مهذبة ولطيفة ، 

لكن شخصيتها عنيدة جدًا

أفسدت حياتها ومستقبلًا واعدًا من أجل رجل لا يستحقها .”


تنهد ، وقد بدا الأسف في عينيه ، ثم انعقد حاجباه فجأة 

وسأل بنبرة حادة :

“ هل أنت واقع في الحب ؟”


ارتبك تاو شي وهزّ رأسه بسرعة وقال:

“ ليس بعد ”


هدأت ملامح تشياو هينيان قليلًا، ثم لمس لحيته وقال:

“ حسنًا، لست مثل حفيدتي عديمة الفائدة ، التي لا تعرف 

في حياتها سوى الوقوع في الحب طول اليوم . 

بما أنك أصبحت تلميذي ، فعليك أن تسمع كلامي . 

الحب المبكر ممنوع قبل التخرج من الثانوية فهمت ؟”


تردد تاو شي ، فتجهم وجه تشياو هينيان ووجه إليه نظرة صارمة


: “ فهمت، أستاذي.”

وافقه على مضض، دون أن يفهم سبب تشدد هذين 

الشخصين بشأن أمر الحب المبكر ~~~


بقي تاو شي في المرسم طوال فترة بعد الظهر، 

يدرس الرسم الزيتي مع تشياو هينيان 


ولم يدرك مدى ضآلة مهاراته الفطرية إلا بعد أن تعلّم منه


انتهى الدرس عند السادسة مساءً، 

فنزل تاو شي مع تشياو هينيان من الطابق الثالث إلى صالة 

الجلوس في الطابق الأول، 

وهناك رأى شخصين يجلسان : الأولى كانت تشياو ييتانغ، 

منهمكة في التهام الفاكهة التي اشتراها، 

أما الآخر فكان ـ ويا للمفاجأة ـ لين تشينهي بنفسه


توقف تاو شي في مكانه ، 

بالكاد يصدق ما تراه عيناه ، وظل يحدّق في لين تشينهي بذهول


رأى تشياو هينيان لين تشينهي على الفور ، فتوجه نحوه ضاحكًا مازحًا :

“ ابن عائلة لين أصبح طويل القامة هكذا ؟ 

لقد قلتُ لجدّك مرارًا أن يدعك تأتي لزيارتي ، لكنك لم تفعل . 

ما الذي جعلك تتذكّر هذا العجوز اليوم ؟”


وقف لين تشينهي وألقى عليه تحية مهذبة قائلاً :

“ جدي أرسلني لأقدّم لكم دعوة لحفل عيد الميلاد في نهاية الشهر ”

ثم وضع بطاقة الدعوة على طاولة القهوة أمام تشياو هينيان


شعر تاو شي وكأن قلبه أصبح بالون هيدروجين طار إلى السماء ، 

فخطا بضع خطوات نحو لين تشينهي، وعيناه تتلألآن وهو ينظر إليه


نظر إليه لين تشينهي من أعلى وسأله بهدوء :

“ ما الذي تفعله هنا ؟”


أما تشياو ييتانغ على الجانب الآخر، 

فلم تستطع كبح نفسها، 

فقلّبت عينيها نحو السقف في استياء ظاهر ~


أغلق تشياو هينيان بطاقة الدعوة ونظر إلى تاو شي


لاحظ أنه ما إن رأى هذا الفتى ، حتى أصبح كجرو ضالّ عثر 

أخيرًا على صاحبه بعد أيام من التوهان ، ضحك وقال:

“ هذا تلميذي الجديد . 

ما الأمر؟ هل أنتما زميلان في الدراسة ؟”


لم يتمالك تاو شي نفسه وقال بسرعة:

“ نعم ! بل هو زميلي على نفس المكتب !”


نظر لين تشينهي مرة أخرى إلى تاو شي، 

ثم رفع يده ليتفقد الساعة ، وقال لتشياو هينيان :

“ لقد تأخر الوقت جد تشياو سأعود الآن . 

لا تنسَ الحضور إلى الحفل .”


لوّح تشياو هينيان بيده وقال مبتسمًا:

“ لا تقلق، حتى لو انكسرت ساقاي، سأحضر على كرسي متحرك !”


مدت تشياو ييتانغ صوتها قائلة:

“ جدي هل نسيت ' كيف تفتح فمك؟ ' ”

( لا تتفاول على نفسك ) 


ضحك تشياو هينيان بازدراء، وحين رأى لين تشينهي يستعد 

للمغادرة، قال له بلطف:

“ لن أُبقيك أكثر ، تأكّد فقط من أنك لم تنسَ شيئًا ، 

لا تترك شيئًا هنا. أنا خارج هذا المساء للعب الماهجونغ .”


ردّ لين تشينهي بهدوء :

“ أنا لم أحضر سوى بطاقة الدعوة .”

ثم توقّف لحظة وابتسم :

“ لكن الآن يمكنني أن آخذ شخص معي "


أضاءت عينا تاو شي بالفعل ، 

لكنهما ازدادت لمعانًا عند سماع تلك الكلمات ،

نظر إلى لين تشينهي وسأله بصوت خافت ،  

مشيرًا إلى نفسه :

“ أنا ؟”


قاطعته تشياو ييتانغ وقالت ضاحكة:

“ ومن تظن غيرك؟ أنا ؟! 

حبيبي سيأتي ليأخذني بعد قليل .”


رفع لين تشينهي عينيه قليلًا ونظر إليها ، 

بينما رمقها تشياو هنيان بنظرة غاضبة وقال:

“ يا للعار ! 

تتحدثين عن الحب عند عتبة بابي ! 

انظري إلى زميليك في الدراسة ، وسيمان ويجلسان باجتهاد، 

لا يقضيان يومهما في العلاقات الغرامية مثلك. 

يدرسان بجد ومسؤولية . متى ستتعلمين منهما ؟”


رفعت تشياو ييتانغ يدها مستسلمة وقالت:

“ حسنًا، أنا المخطئة. المخطئة . 

اذهبا أنتما الإثنان بسرعة ، لا تُغضبا جدي أكثر .”


فصرخ تشياو هنيان وهو يطاردها غاضبًا:

“ ومَن غيرك العاصية يثير غضبي أصلاً ؟!”


في خضم هذه الفوضى ، 

مدّ لين تشينهي يده بلطف ودفع كتف تاو شي وقال بصوت منخفض:

“ هيا، سأوصلك "


تابع تاو شي خُطاه كمن يمشي فوق الغيوم ، 

وخرج مع لين تشينهي من منزل آل تشياو …


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي