القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch30 | TMCTM

 Ch30 | TMCTM



كان اصطحاب التلاميذ من قِبل آبائهم بعد المدرسة أحد 

الأمور التي لطالما تاق تاو شي إليها منذ الطفولة، 

خاصةً حين يهطل المطر فجأة دون أن يكون قد أحضر مظلة


كان يراقب زملاءه يُؤخذون واحدًا تلو الآخر، 

بينما تظللهم المظلات الملوّنة، 

و يتشابك تحتها ثرثرة الأطفال مع أحاديث الآباء على الجانب


في البداية ، كان ينتظر ليرى إن كانت قوه بينغ ستأتي لاصطحابه ، 

لكنه خاب أمله مرة بعد مرة ، فتوقّف عن الانتظار ، 

ويندفع تحت المطر يركض ، يغطي رأسه بيديه ، 

و يركض عائدًا إلى المنزل عبر طريق الجبل الموحل ، 

ثم يغيّر ملابسه، ويغسل ثيابه، 

ويغلي الماء الساخن لتستخدمه العائلة في الاستحمام ليلًا


وبعد أن يُنهي كل شيء ، يبدأ في حلّ واجباته المدرسية، 

وحين كبر، صار عليه أن يطبخ لنفسه أيضًا


لذا، عندما أنهى تاو شي رسمته ورأى لين تشينهي يظهر في 

غرفة معيشة عائلة تشياو، غمرته سعادة تشبه شريحة 

ليمون مجفّف أُلقيت في ماء سكّري دافئ، 

فمهما كانت الحموضة ، لا بد أن تتفجّر الحلاوة في القلب


رغم أن لين تشينهي كان قد جاء إلى هنا صدفة 

واصطحبه معه فقط في طريق عودته


في المساء ، 

انعكس احمرار الشفق على سقف الفيلا الأحمر بلون قرمزي


سار تاو شي خلف لين تشينهي حتى وصلا إلى سيارة عائلة لين، 

وللوهلة الأولى تعرّف على السائق — تشن تينغ


أمسك تاو شي ظهر المقعد الأمامي ، 

وأمال رأسه مبتسمًا وقال بتحية مرِحة :

“ مساء الخير العم تشن !”


إذا كان تاو شي في مزاج سيئ ، كان لينهال بالضرب على أي شخص يقع في طريقه ، 

أما إن كان في مزاج جيد ، فكان يصبح لطيفًا وودودًا مع الجميع


تجمّد تشن تينغ لوهلة وقد سحرته تلك الابتسامة “الحلوة”، 

فبادله بابتسامة بأدب مبتسمًا :

“ مرحبًا ، نلتقي مجددًا "


كان متفاجئًا قليلًا ؛ في المرة الماضية حين أوصل تاو شي 

إلى المستشفى، رآه فتىً شاحبًا جميلًا، بعينين معتمتين، 

ظل مطأطئ الرأس طوال الطريق دون أن ينبس بكلمة


{ كيف له اليوم أن يكون… بهذا الإشراق ؟ }


ألقى لين تشينهي نظرة على تشن تينغ ، وقال بصوت بارد قليلًا :

“ لماذا لم تُلقِي التحية قبل قليل ؟”


حدّق تاو شي في لين تشينهي بدهشة ، وسأله بلا وعي:

“ ألقي التحية على من؟”


أدار لين تشينهي وجهه ونظر إليه ، 

وكانت رموشه الطويلة المنسدلة قليلًا تلتقط لون الشفق 

خلف النافذة ، 

أما حدقتاه الكهرمانيتان فقد اكتسبتا عمقًا أكبر


فكّر تاو شي للحظة ، ثم أدرك أن لين تشينهي كان يقصد أنه 

رآه في صالة المعيشة لدى عائلة تشياو قبل قليل ، 

لكنه لم يُسلّم عليه


لكن ذلك كان لأنه شعر بسعادة غامرة في تلك اللحظة حتى 

أنه بقي يحدّق به في ذهول


لم يكن يتوقع أن يهتم لين تشينهي بهذه التفاصيل من المجاملات

لذا اقترب منه ، ونظر إليه وسأله :

“ ما رأيك أن أعوّضك عنها الآن ؟”


لكنه لم يرد عليه ، واكتفى بإظهار جانب وجهه المتكبّر البارد


سحب تاو شي كمّ قميصه ، فالتفت إليه لين تشينهي ورفع حاجبيه


عندها انحنت عينا تاو شي بابتسامة ، 

و بصوت خافت ، كتحيته السابقة ' مساء الخير العم تشن ' همس قائلًا :


“ تشينهي-غا غا مساء الخير "


كان هذا نداءه المدروس بعناية ، 

وقد بدا أقرب وأكثر حميمية من ' تشينهي-غا ' التي يصرخ بها يانغ داولي دائماً 


نظر لين تشينهي إلى عيني تاو شي، 

ثم لمعت عيناه للحظة ثم التفت بسرعة نحو النافذة 

وهمهم ببرود


شعر تاو شي بخيبة أمل طفيفة من ردة فعل لين تشينهي، 

فسقط بصره لا إراديًا على تفاحة آدم في عنقه، 

ورآها تتحرك صعودًا وهبوطًا


فرغم أن لين تشينهي بدا غير مبالٍ ، 

إلا أنه كان متأثرًا في داخله


بدأ تاو شي يلحّ عليه بالحديث عن حصة الرسم بعد الظهر، 

وكيف أنه عبّر عن إعجاب الأستاذ بأسلوبه في الزراعة ، 

ومدى روعة تشياو هنيان ، وأنه ما زال بعيدًا عن بلوغ مستواه ، وهكذا ... 


كان لين تشينهي يظل صامتًا في معظم الوقت ، 

و يرد بكلمات قليلة فقط بين الحين والآخر


لكن تاو شي كان مستمتعًا بذلك، 

وكأنه تلميذ ابتدائي عاد من المدرسة ليحكي عن كل ما 

حدث فيها من أمور طريفة


وعندما انتهى أخيرًا ، نظر إليه لين تشينهي وسأله :

“ هل أنهيت التقرير ؟”


تجمّد تاو شي في مكانه ، 

ثم لمح أطراف شفتي لين تشينهي ترتفعان قليلًا ، 

وتحت عينيه بَدت ابتسامة مشرقة ،

عندها أدرك فورًا أن الآخر كان يسخر منه


فحاول أن يُشعل نارين صغيرتين في عينيه ، 

وحدّق فيه بغضب مصطنع وقال:

“ لن أتكلم بعد الآن "


لكن لين تشينهي تجاهل غضب تاو شي غير المُخيف ، 

وفتح زجاجة ماء معدني ، و ناولها له وقال ببرود:

“ إن لم تكن قد أنهيت حديثك ، يمكنك أن تكمله أثناء العشاء ”


أخذ تاو شي الزجاجة بذهول، 

وشرب منها عدة مرات ، وعقله معلّق :

“ أي عشاء ؟”


وفي تلك اللحظة ، توقّفت السيارة ، 

فنظر إلى الخارج ليُدرك فجأة أنه لم يُؤخذ إلى مدرسة وينهوا الثانوية ، بل إلى موقف سيارات تحت الأرض لا يعرفه


نظر إلى لين تشينهي باستغراب وسأله:

“ أين نحن ؟”


أخذ لين تشينهي زجاجة الماء من يده، أغلقها وقال:

“ المرة الماضية ، أنت دعوتني للعشاء ، ولم أستطع المجيء . 

قلتُ إنني سأعزمك في المرة القادمة .” 

ثم فتح باب السيارة ونزل منها


جلس تاو شي في مكانه مذهولًا


تذكّر مجددًا تلك الليلة من يوم الأحد التي قضاها في المستشفى، 

وكأنها كأس خمر امتزجت فيه مشاعر لا توصف، 

فيها شيء من الحموضة والمرارة، 

لكن فيها أيضًا حلاوة خفيفة، 

كالحلاوة التي تعقب طعمًا مرًّا، لا يمكن وصفها بالكلمات


لم يكن يتوقع أن كلمات لين تشينهي عبر الهاتف في ذلك 

الوقت كانت جادّة ، وأنه بالفعل أراد دعوته على العشاء


فُتح باب السيارة الجانبي ، 

وكان لين تشينهي واقفًا في الخارج، انحنى قليلًا وسأله:

“ ألا تريد أن تأكل ؟”


أفاق تاو شي من شروده ، قفز من السيارة وأومأ :

“ بالطبع أريد !”


ثم نظر إلى داخل السيارة ورأى أن تشن تينغ لا يزال فيها، فسأله:

“ ألن يتعشّى العم تشن معنا ؟”


تفاجأ السائق تشن تينغ قليلًا ، لكنه عندما لمح نظرة لين 

تشينهي الموجّهة إليه ، سارع بالردّ بأدب:

“ لا، لا، لا، سأتناول طعامي في المنزل .”


لقد عمل سائقًا لعائلة لين لسنوات طويلة ، 

و لديه القدرة على التقدير الجيد للمواقف


تبِع تاو شي لين تشينهي خارج موقف السيارات، 

ليكتشف أن المكان عبارة عن مطعم كبير متخصص في أطباق السلطعون


له فناء مستقلّ بجدران مغطاة بالخضرة ، 

وظلال الخيزران تملأه ، وكان الجو هادئًا ومسالمًا


المطعم بدا باهظ الثمن من النظرة الأولى


تبِع تاو شي لين تشينهي، وقال بعد لحظة من التردد:

“ في الواقع المطعم الذي كنتُ أنوي أن أعزمك فيه في 

المرة الماضية لم يتجاوز مئة يوان للشخص الواحد "


لقد لاحظ أنه في كل مرة يُريد أن يُقدِّم شيئًا للين تشينهي، 

ينتهي الأمر بأن يُقدّم له لين تشينهي أكثر


وما كان يعلمه وقتها ، أن لين تشينهي لم يكن قد فعل له مجرد هذا فحسب


ناول لين تشينهي بطاقة ما للنادل الذي جاء ليرشدهم، وسأله :

“ وماذا في ذلك ؟”


همس تاو شي:

“ إذا شعرتَ أنك ستخسر الكثير ، فلا يزال بإمكانك التراجع ، ليس متأخرًا بعد .”


قاد لين تشينهي تاو شي نحو الغرفة الخاصة وسأله :

“ وماذا لو كانت خسارة فعلًا ، كيف ستعوّضني عنها ؟”


فكر تاو شي قليلًا ، ثم قال مازحًا:

“ يمكنني أن أبيع فنوني ، أبيع لوحتين أو ثلاثًا لصاحب 

المطعم لتغطية تكلفة العشاء ، 

وإذا لم تكفِي ، فسأضطر لبيع جسدي .”


ابتسم لين تشينهي وارتفعت زاوية فمه

ثم قال بصوت منخفض عرضي :

“ إذًا لمَا لا تبيعه لي مباشرةً ؟”


ذهل تاو شي، ولم يعرف إن كان لين تشينهي يتحدث عن لوحاته أم عن جسده


شعر أن نبض قلبه اختل فجأة ، 

فسارع إلى إغلاق فمه وتوقّف عن المزاح


قادهم النادل بصمت إلى غرفة خاصة هادئة، 


في الزوايا شمعدانات تحترق فيها الشموع، 

وخارج النافذة المصنوعة من الخيزران جسر صغير يتدفق تحته الماء


هذه المرة الأولى التي يدخل فيها تاو شي إلى مكان كهذا 

لتناول الطعام، فشعر بتوتر في يديه وقدميه


بعد أن جلسا ، ناول لين تشينهي قائمة الطعام لتاو شي وقال :

“ اطلب ما تشاء "


أومأ تاو شي بتوتر، وفتح القائمة، 

ينظر إلى صور الأطباق وأسمائها من دون أن يستوعب شيئًا، 

حتى وصل إلى الأسعار في الخلف، فكاد أن يُصعق


{ حتى لو بعت نفسي فلن يكون هذا كافيًا ياااه ! }


وقع نظر لين تشينهي على وجهه ، وفهم ما يدور في رأسه، 

فقال له مطمئنًا :

“ لا تقلق ، لن يتم بيعك .”


أنزل تاو شي رأسه بخجل ، 

ودفع القائمة نحو لين تشينهي قائلًا:

“ لا أستطيع أن أطلب… اطلب أنت .”


كان يشعر أن كل طبق يطلبه هو ألم بحد ذاته ، 

وظل يُردد في ذهنه { ' الأبواب القرمزية تعبق باللحم والنبيذ ' }


( بيت شعر صيني شهير「朱门酒肉臭,路有冻死骨。」

“ تحت الأبواب القرمزية تفوح رائحة اللحم والخمر ، 

وعلى الطرقات عظام المتجمدين جوعًا ”

للدلالة على التفاوت الطبقي  )


لم يقل لين تشينهي شيئ ، بل بدأ مباشرة بالطلب للنادل، 

وكان واضحًا أنه يعرف المطعم جيدًا


شهر أكتوبر وقت مناسب لتناول السلطعون


لم يسبق لتاو شي أن تذوّقه ، 

لكن ذلك لم يمنعه من التطلّع إليه بشغف منذ زمن


ومع ذلك ، عندما وُضع السلطعون أمامه ، أصيب بالذهول مجددًا


رفع تاو شي رأسه ونظر إلى لين تشينهي، رمش بعينيه وقال 

بنبرة صادقة وبريئة :

“ لا أستطيع أكله .”


كان النادل يقف على الجانب مستعدًا لتقديم خدمة تقشير السلطعون، 

لكن لين تشينهي ألقى عليه نظرة خفيفة ، 

ثم انخفضت عيناه مجددًا بهدوء


رأى تاو شي لين تشينهي يغسل يديه ، 

ويفتح مجموعة كاملة من أدوات تقشير السلطعون 

الموجودة على الجانب — تحتوي على أعواد، وملاقط، 

ومطارق صغيرة… بدا الأمر احترافيًا للغاية


ثم بدأ باستخدام أصابعه البيضاء النحيلة ، ومع أحد 

الأدوات ، قطع أرجل السلطعون واحدة تلو الأخرى، 

ثم كسر صَدَفته ، 

وأزال ببطء المعدة والقلب والأجزاء غير المرغوبة ، 

وبعدها استخدم ملعقة طويلة المقبض لكشط دهن السلطعون الكريمي



حدّق تاو شي في البداية في حركات يد لين تشينهي بتركيز شديد، 

ولم يسعه إلا أن يشعر أن من يلعب البيانو لا بد أن تكون 

يداه كذلك — حتى تقشير السلطعون بدى جميلًا للغاية


لكن سرعان ما انجذبت عيناه إلى صفار السلطعون اللامع 

الموجود على الملعقة المعدنية

، ولم يتمالك نفسه من ابتلاع ريقه


اتجهت نظرات تاو شي من السلطعون إلى وجه لين تشينهي، 

ورمش مرّتين أو ثلاث، ثم قال بانبهار وهو يمدحه:

“ أنت رائع حقًّا !”


كانت عيناه تلمعان ، ولم يُخفِي فيهما رغبة واضحة في الأكل


لكن لين تشينهي لم يتأثر بالمجاملات بل ناوله الملعقة 

ذات المقبض الطويل التي تحتوي على صفار السلطعون، 

ووضعها مباشرةً أمامه وقال:

“ جرّبه "


في تلك اللحظة ، كان تاو شي يرغب في أن يمد يده فورًا 

ويأخذ الملعقة ويأكل ما فيها، 

لكنه خشي أن يضايق ذلك لين تشينهي، فمد يده في النهاية 

وأخذ الملعقة منه، 

ثم ابتسم وقال “شكرًا” ثم وضع صفار السلطعون في فمه


سحب لين تشينهي يده 


تذوّق تاو شي الطعم على طرف لسانه قبل أن يبتلعه ، 

ثم أغمض عينيه برضا وقال:

“ لذيذ !”


ثم رأى لين تشينهي يبدأ بتقشير سلطعونٍ ثانٍ


عندها قرر تاو شي أن يحذو حذوه ، وبدأ في تقشير 

السلطعون بنفسه، 

لكنّه لم يكن قد وصل إلى منتصفه بعد حين رأى أن لين 

تشينهي قد انتهى من كشط دهن السلطعون ووضعه على 

طبق، ثم ناوله إياه، وبدأ مرة أخرى في استخراج لحم أرجل 

السلطعون، دون أن يأكل شيئًا لنفسه


أصيب تاو شي بالدهشة وسأله :

“ ألن تأكل ؟”


أجاب لين تشينهي ببرود :

“ أنا لديّ حساسية من السلطعون .”


{ إذا كان يعاني من حساسية تجاه السلطعون 

فلماذا دعاني إذًا إلى هذا المطعم ؟ }


أنزل تاو شي بصره ، وانحنى ليأكل من السلطعون الذي أعدّه له لين تشينهي، 

وشعر بأن قلبه في صدره يضطرب أكثر فأكثر


كان شعورًا يصعب وصفه ؛ مزيجًا من الدهشة والمشاعر المبهمة


الحب قد بدأ يترسّخ ويضرب بجذوره، 

وكأن هناك خللًا ما، 

لكنه أشبه ببذور دُفنت في شتاء طويل، 

لا تجرؤ على اختراق سطح الأرض


{ ربما عليّ أن أجرّب… }


تحدث تاو شي قليلاً حول المدرسة ، 

ثم انتقل بسلاسة إلى موضوع آخر ، وقال:

“ قبل أيام ، جاءتني فتاة من صفٍّ آخر وطلبت مني أن أوصل 

لك رسالة حب. 

لكني رفضت عنك . لن تلومني صحيح ؟”


توقف لين تشينهي عن تقشير السلطعون للحظة ، 

ثم قال بلا مبالاة :

“ لن ألومك ، لم أكن لأقبلها على أي حال "


أمسك تاو شي العيدان بقوة ، 

وبدأ العرق يتكوّن في راحتيه ، 

لكنه تابع كلامه بنبرة هادئة :

“ أنا أيضًا ظننتُ ذلك . 

ثم سألتني إن كنتَ معجب بأحد فأجبتها أنه لا يبدو عليك 

أنك معجب بأحد "


وأنزل رأسه ليأكل شيئًا من لحم السلطعون الذي انتقاه له 

لين تشينهي، فملأ الطعم الطازج والحلو لسانه


صمت لين تشينهي للحظة ، ثم همس فجأة :

“ ليس بالضرورة .”


وفي تلك اللحظة ، سمع تاو شي صوت آلة خافتة تدور في دماغه ، 

كعقارب ساعة تشير إلى نقطة جديدة في الزمن ، 

لكنه لا يدرك ما الذي يعنيه ذلك في اللحظة التالية


عضّ طرف لسانه ، فغطّى الألم الخفيف على حلاوة لحم 

أرجل السلطعون ، وسأل بتصنّع لا مبالاة :

“ ماذا تقصد بـ ‘ليس بالضرورة’؟ 

لا تقل إنك فعلًا معجب بأحدهم ؟”


ثم رفع زاوية فمه بابتسامة خفيفة، 

وسأل بنبرة تنطوي على فضول وشيء من المزاح:

“ ليست فتاة من صفّنا أليس كذلك ؟”


لكنّه ندم على سؤاله فور أن نطق به


شعر وكأن هناك يدًا تضغط على قلبه، 

لا بقوة ولا بلطف، لا ترفعه ولا تُسقطه، 

ولا تجعله يتقدّم أو يتراجع


حتى حركة لين تشينهي وهو يُقشّر السلطعون أصبحت تُشعره بالقلق ، 

فلم يجد أمامه إلا أن ينحني ليأكل في صمت


توقّف لين تشينهي مرة أخرى عن الحركة، 

ورفع عينيه لينظر إلى تاو شي الذي كان منحنياً، 

يطعن لحم أرجل السلطعون بعودي الأكل واحدًا تلو الآخر، ثم قال:

“ هذا ليس ما قصدته "


{ إذًا، ما الذي كان يقصده ؟ }


تاو شي: “ ممم ”، وتوقّف عن طعن الطعام، 

ثم التقط ساق سلطعون، وغمسها في صحن الخل، ووضعها 

في فمه، تاركًا الطعم الحامض يملأ فمه بالكامل، 

حتى أن عيناه غمرتهما مرارة وحموضة


لم يكن الأمر سوى إنذارٍ كاذب ، 

لكن صدره ظلّ مع ذلك يعتصر بالحزن والغيرة


سادت لحظة من الصمت الغريب، لم يُكسره إلا صوت 

تكسّر قشرة السلطعون بطقطقة خافتة، تكشف بلا قصد 

عن أضعف النقاط تحت وهج الضوء


كان تاو شي على وشك أن يقول شيئًا ليغير الموضوع، 

لكن فجأة سمع صوت لين تشينهي يسأله:

“ وأنت ؟”


انقبض قلب تاو شي، ولسببٍ ما، فهم على الفور ما الذي 

كان لين تشينهي يقصده بسؤاله

ابتسم وقال:

“ ألستَ أنت من قال أنني لا يجب أن أقع في الحب مبكرًا ؟ 

حتى الجد تشياو قال لي الشيء نفسه اليوم، فطبعًا لن 

تراودني مثل هذه الأفكار .”


وضع لين تشينهي لحم أرجل السلطعون في طبق وقال بنبرة باردة :

“ إذًا لقد راودتك هذه الأفكار ؟”


صمت تاو شي لثوانٍ، ثم رد عليه مستخدمًا نفس عبارته السابقة :

“ لم أقصد ذلك ~ ”


{ بما أنك لم تخبرني ، فلن أخبرك أنا أيضًا }

شعر ببعض الظلم


أنزل لين تشينهي أداة تقشير السلطعون من يده، 

ونظر إلى تاو شي من الطرف الآخر للطاولة بعينين مظلمة 

بعض الشيء، وخفض صوته وسأله :

“ هوانغ تشينغ ؟”


اتّسعت عينا تاو شي في ذهول وحدّق في لين تشينهي دون 

أن يفهم، وارتجفت رموشه


لكن تعبيره ذاك بدا وكأنه زاد من قتامة نظرات لين تشينهي، 

فلم يناوله حتى لحم السلطعون المقشّر


فجأة استوعب تاو شي ما قصده، 

وهزّ رأسه بسرعة كأنه خشخاشة، 

وقال دون أن يستطيع ترتيب كلماته:

“ كيف يمكن ذلك؟! 

هوانغ تشينغ لا تهتم إلا بالدراسة حسنًا ؟”


لكن وجه لين تشينهي لم يتحسن ، بل أصبح صوته أكثر عمقًا :

“ يبدو أنك تعرفها جيدًا "


حدق تاو شي قليلًا ، وتذكّر عداء لين تشينهي الدائم لهوانغ 

تشينغ، فلم يستطع منع نفسه من التعليق:

“ لين تشينهي ؟ هل تشعر ببعض التوتر لأن امتحانات منتصف الفصل اقتربت؟ 

في الحقيقة، لا داعي لأن تكون متوترًا ، لا بدّ أنك ستكون 

أفضل من هوانغ تشينغ في الامتحان . 

ستظل في المرتبة الأولى بلا شك، وأنا أؤمن بك!”


لكن كلماته التحفيزية لم تجد أي صدى


لين تشينهي ما زال يُمسك بلحم السلطعون ولم يعطه له، 

بل شدّ طرفي فمه بابتسامة ساخرة وقال ببرود :

“ أليس من المفترض أن تكون أنت هو المتوتر ؟”


كانت نبرته مليئة بالسخرية الجارحة


انكمش تاو شي في مكانه محبطًا، واشتكى بتذمّر:

“ لماذا تتحدث عن امتحانات منتصف الفصل أثناء العشاء؟ 

أنا متوتر لدرجة أنني لم أعد في مزاج يسمح لي بأكل السلطعون .”


{ وكأن الظالم هو من يشكو أولًا }


عبست حاجبا لين تشينهي بشدة ، 

ثم أخذ طبق لحم السلطعون ووضعه أمام تاو شي بقليل من القوّة ، وأمره :

“ يجب أن تأكله من أجلي "


وفجأة، تلاشت الأجواء المتوترة كلها كأنها لم تكن …



يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • عادي
  • متطور
  • ترتيب حسب الاحدث
    عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق
  1. المعنى الحقيقي ل سلو برن ~
    يعني جالسين قدام بعض تقولو كل شيء الا الاعتراف معرف ايش اقول الصراحة 😩

    ردحذف

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي