Ch48 | SJUTM
بدأ صباح مزدحم آخر ،
ولم يكن شي دوو قد شرب حتى قطرة ماء ، ومع ذلك ، كان
أول ما فعله هو تفقد بث كاميرات المراقبة ليرى ما الذي يفعله شين آنتو
في الآونة الأخيرة —- ، أصبح شين آنتو مهووسًا بالتقاط صور
السيلفي مع شي دوو ——- ،
اشترى طابعة صور وألبوم صور جديد بحجم مضاعف عن
الألبوم الذي جلبه شي ونشوان ، وخصصه بالكامل لصورهم الجديدة
في البداية كان شي دوو قلقًا من أن الألبوم قد يكون كبيرًا جدًا ،
لكنه سرعان ما أدرك أن ما ينبغي أن يقلق بشأنه هو إن كان
سيكون كافيًا أصلًا
لم يكن لدى شين آنتو مهارة حقيقية في التصوير ؛
معظم صوره كانت لقطات مقربة لوجهه
كان يرفع الكاميرا الأمامية ، ويضغط على نفسه وعلى شي
دوو في الإطار ، ثم يلتقط عددًا كبيرًا من الصور—وأقصى ما
يفعله هو وضع فلتر
لحسن الحظ وسامتهما كانت كافية لتجميل أي صورة
ولم يكن دقيقًا في اختيار الصور
طالما لم تكن مشوشة ، كان يطبعها جميعًا ويضعها في الألبوم
و أحيانًا يُدرج عدة صور متطابقة تقريبًا ومن الزاوية ذاتها،
ولم يكن يمانع
و يكتب التاريخ والمكان على ظهر كل صورة بدقة ،
وإن كان في مزاج جيد ، يضيف رسمة صغيرة أو قلبًا بجانب اسم شي دوو
بين الحين والآخر ، كان شين آنتو يخرج الألبوم الذي أحضره
شي ونشوان ويتصفحه بتركيز عميق
يحدّق في صورة واحدة طويلًا ، دون أن يُعلم أحدًا بما يدور في ذهنه
أما في هذه اللحظة ، تمدد على سجاد غرفة المعيشة ،
تجاهل الألبوم الكبير الجديد والصور المبعثرة من حوله ،
وركّز كل انتباهه على الألبوم الأصغر أمامه
بدأ يفحص كل صورة بعناية ، محاولًا إعادة بناء تسلسل زمني
فقط ثلاث صور له مع شي دوو من أيام الثانوية ،
لكن بعد ذلك ، بدأ العدد يزداد بشكل ملحوظ
حينها، كان شين آنتو يعاني من فقدان الذاكرة ،
وكان شي ونشوان مقنع لدرجة أنه لم يشك بشيء
أما الآن ، فأدرك أن قلة الصور من تلك الفترة سببها ببساطة
عدم توفر مواد كافية للتعديل بالفوتوشوب
وفقط لاحقاً ، عندما بدأ يظهر كثيرًا في وسائل الإعلام وصور
الآخرين ، صار هناك ما يكفي من المواد للمحررين ليفبركوا
' صورًا جماعية ' تجمعه مع شي دوو
ومع ذلك، ولتفادي الشبهات، كانت معظم الصور إما من
مسافة بعيدة أو غير واضحة الملامح
في المقابل ، امتلأ الألبوم الجديد الذي يعمل عليه شين آنتو
بصور مقربة مليئة بالإيماءات الحميمة
كان هو وشي دوو محشورين في إطارات ضيقة — يمسكان
الأيدي ، يتعانقان ، يحتضنان بعضهما ، ويتبادلان القبلات —
كل صورة بدت كأنها عالم صغير لا يضم سواهما
حتى أنه طبع بعض الصور المنفردة لشي دوو
أكثرها قربًا لقلبه كانت صورة ينظر فيها شي دوو مباشرةً إلى الكاميرا ، مرتديًا بجامة و يحدق إلى الأسفل نحو شين آنتو ،
برموش كثيفة مائلة قليلًا
وللمرة الأولى —- وجهه الخالي عادةً من التعابير …
فيه ابتسامة ، وكانت ابتسامة خالصة صادقة ، مخصصة له وحده
وضع شين آنتو الصورة في الصفحة الأخيرة من الألبوم ،
وفكّر أنه إن اضطر للمغادرة يومًا ، فسيأخذ هذه الصورة معه
كان لا يزال شاردًا حينها رنّ جرس الباب
نظر إلى الساعة ، وكانت 10:30 تمامًا ——— ،
وصلت الخادمة تشاو حاملة معها مكونات البقالة
وفي تمام 11:30 ——— ،
خرج شين آنتو ومعه صندوق طعام حراري ،
وقاد سيارته إلى شركة شي دوو
وقبل الظهر بقليل ، التقاه شي دوو في موقف السيارات
تحت الأرض ، ثم صعد به إلى الأعلى
كان جدول شي دوو مزدحمًا ، ويوجد اجتماع مقرر في
الساعة 1:30 بعد الظهر لذا لم يستطع شين آنتو البقاء طويلًا
وبينما ينتهيان من تناول الغداء ويبدآن في الترتيب ، قال شي دوو فجأة:
“ أمي مريضة مؤخرًا وطلبت أن أزورها . لن أعود الليلة .”
أومأ شين آنتو بتفهم :
“ صحة العمة أهم شيء . وأنت دائم الانشغال ، أقلق أحيانًا
أنك لا تجد وقتًا لزيارتها .
والآن وقد اقترب عيد رأس السنة القمرية ، فهذه فرصة
جيدة لتقضي بعض الوقت معهم .”
أومأ شي دوو رأسه موافقًا ، وساعده في ترتيب الأطباق ثم ودّعه
وبينما سيارة شين آنتو تختفي عن الأنظار ،
عاد شي دوو إلى مكتبه
المظهر اللطيف الذي ارتداه أمام شين آنتو اختفى تمامًا،
وحلّت مكانه نظرة قاسية وشرسة
فبينما شين آنتو في طريقه ، تلقى شي دوو مكالمة من
الخادم العجوز ، العم تشانغ، يخبره أن والدته لي وي ليست
بحالة جيدة ،
وطلب منه أن يأتي إلى المنزل للاعتناء بها لبضعة أيام ——
سأل شي دُوو فورًا :
“هل رآها الطبيب ؟ ماذا قال ؟”
: " نعم، الطبيب جاء ... الأمر… ليس خطيرًا جدًا ….
إنها تتقدّم في السن ، لذا بعض المشاكل الصحية طبيعية ...
لكن السيدة… آمم … الطبيب قال إن السبب الأكبر نفسي .
هي فقط بحاجة إلى أن يقضي ابنها بعض الوقت معها،
يتحدث إليها ، يرفع من معنوياتها " تحدث العم تشانغ بتردد
فهم شي دوو على الفور ... ولأنه لم يشأ أن يحرج الخادم ،
اكتفى بالرد: " حسنًا "، ثم أغلق الخط
على الأرجح كانت زيارات شين آنتو المتكررة إلى الشركة قد
وصلت إلى آذان والده شي تشانغتشينغ مرة أخرى
وبما أنه لم يستطع فرض سيطرته على شي دوو مباشرةً ،
فلم يكن أمامه سوى إبلاغ لي وي، على أمل أن تجد طريقة لردعه
كان شي دوو يعرف والدته جيدًا ،،،،،، بدت لطيفة ، فاضلة ،
هادئة ، لكن في الواقع ، كانت تقليدية لأقصى حد وعنيدة للغاية
لم تكن تتقبل حتى فكرة أن يعيش رجل وامرأة معًا دون زواج، فما بالك بالمثلية ——-
كان بوسع شي دوو أن يتحدى شي تشانغتشينغ عبر التلاعب
بصلاحياته في الشركة، لكن أمام دموع لي وي، لم يكن
يملك أي وسيلة دفاع
وكان يعلم أن ما ينتظره الآن عقبة صعبة
حين وصل إلى قصر عائلة شي القديم ، كانت الساعة تقارب التاسعة مساءً
كان قد تناول وجبة خفيفة بالفعل في مقصف الشركة ،
لكن عندما سأل الخادم، علم أن لي وي لم تتناول العشاء
بعد، وتذرعت بأنها فقدت شهيتها
طلب شي دوو من الخادمة أن تُعد لها بعض العصيدة ،
ثم حملها بنفسه إلى غرفة نومها
أما والده ، شي تشانغتشينغ، فكان يقرأ في مكتبه ،
بينما لي وي مستلقية وحدها على السرير
شي دوو : " أمي"،
نظرت إليه نظرة عابرة ، ثم أدارت وجهها وأغلقت عينيها،
وكأنها لا ترغب برؤيته
جلس شي دوو على حافة السرير ووضع وعاء العصيدة على الطاولة الجانبية
قال بهدوء:
" أمي، انهضي وتناولي شيئًا قبل النوم ."
وبعد صمت طويل ، ردت لي وي أخيرًا :
" لا أرغب بالأكل ."
قال شي دوو محاولًا إقناعها :
" العم تشانغ قال إنك بالكاد أكلت شيئًا وقت الغداء .
وإن تخطيتِ العشاء أيضًا ، فسيتعب جسدك ."
ردت لي وي بسخرية :
" وماذا في ذلك ؟ لا أحد يهتم بي على أي حال ."
قال شي دوو بنبرة ثابتة:
" أمي … قولك أشياء من باب الغضب لن يفيد بشيء .
إن كان في خاطرك شيء ، أخبريني به مباشرةً ، وسنتحدث عنه بهدوء ."
شعرت لي وي وكأنها تضرب الهواء ؛ مهما بلغت درجة غضبها ، لم تكن تصل إليه
لم تحتمل رؤيته بهذه البرودة ، بهذا الجمود ،
وكأن لا شيء يمكنه التأثير فيه
وكأنه ، حتى لو ماتت أمام عينيه، فلن يعبس وجهه لحظة
صرخت :
" نتحدث ؟
حسنًا، لنتحدث إذًا
منذ متى وأنت مع ذلك الوغد ، هاه ؟"
و وقفت من السرير، دون أن يظهر عليها أي أثر للمرض أو الضعف
عبس شي دوو :
" أمي .. اسمه شين لين، وليس 'ذلك الوغد'
أنا من أحضرته إلى المنزل ."
شهقت لي وي من شدة الغضب ، وارتفع صوتها وهي تقول:
" أوه، والآن بدأت تعبس!
قبل قليل لم تكترث حتى لتسأل عن أمك ، والآن تتظاهر
بالحزن ؟ فقط لأنني وصفته بالوغد ؟"
رد شي دوو بهدوء ، محافظًا على رباطة جأشه:
" لأني أعلم أنك لستِ مريضة فعلاً ، بل تستخدمين هذا
كوسيلة للضغط علينا كي ننفصل ."
ثم توقف قليلًا وسألها إن كانت ترغب بتناول شيء قبل أن يُكملا الحديث
حدّقت لي وي في ابنها الناجح والمتميز ،
وسرعان ما تملكها شعور غريب بالسخرية واللا منطقية ،
قالت بصوت يختلط باليأس:
" أين أخطأت في تربيتك ؟ كنتَ طفلًا مثاليًا ، لم تسبب لي
أي متاعب منذ الصغر. كيف حدث هذا ؟
كيف انتهى بك المطاف إلى أن تُحب الرجال ؟
كيف يمكن أن تحب رجلاً ؟"
وما إن نطقت بهذه الكلمات حتى غشا البصر عينيها ،
وبدأت تفقد توازنها فجأة
تحرك شي دوو بسرعة ، ومدّ ذراعيه ليمسك بها :
" أمي ! هل أنتِ بخير ؟
ما بك؟
سأتصل بالطبيب !"
لكنها دفعت يديه بضعف وهي تتنفس بصعوبة :
" ما بي؟ أنت أخبرني !
انفصل عنه يا شي دوو ، انفصل عن ذلك الشين لين!
لن أتحسن أبدًا… إلا إذا عدت إلى طبيعتك !"
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق