Ch50 | SJUTM
: “ هل أحزم ربطة العنق هذه ؟”
شين آنتو جالسًا على السجادة ،
يساعد شي دوو في توضيب حقيبته
شي دوو كان قد عاد من منزل العائلة في اليوم السابق،
وبعد ظهر هذا اليوم، سيسافر في رحلة عمل إلى الدولة B
و لن يراه شين آنتو لمدة نصف شهر
وبعد أن قرأ أخبار الدولة B، لم يتمالك نفسه من إبداء قلقه:
“ حصل هجوم إرهابي أمس في المدينة التي ستذهب إليها .
لا يبدو الوضع آمن .”
مرّ شي دوو بجانبه ، وانحنى ليقبل شفتيه :
“ معي عدد كافٍ من الحراس. وبالنسبة للربطة هذه ، نعم،
ضعها في الحقيبة .”
: “ ما رأيك أن أوصلك للمطار بعد الظهر ؟”
قالها شين آنتو وهو يشدّ بخفة على بنطال شي دوو بينما كان يهمّ بالمغادرة
: “ حسنًا.” لم يستطع شي دوو مقاومة تلك النظرة في عينيه
مدّ يده ليلامس خدّه ، ثم أخرج هاتفه ليُرسل رسالة إلى السائق
عانقه شين آنتو من فخذه ، وقبّل حافة بنطاله ، ثم رفع
عينيه ليراقب ملامحه
لم يتحرك شي دوو ، ظل يحدّق فيه من الأعلى
ابتسم شين آنتو ، وبدأ يُوزّع القبلات على طول الحافة ذاتها
حينها تحرّك شي دوو —- ، ورفع ركبته ليضغط بها بلطف
على عنق شين آنتو وقال بنبرة هادئة:
“ ظهرك لم يعد يؤلمك ؟”
اعترف شين آنتو بصدق :
“ يؤلمني .”
: “ لماذا تثيرني إذاً ؟” قال شي دوو وهو يداعب بتعمد
تفاحة آدم لديه بركبة ساقه
تمسّك شين آنتو بساقه أكثر ، و دفن وجهه في فخذه ،
وارتسمت في عينيه الواسعتين نظرة ماكرة تشبه نظرة ثعلب :
“ ليؤلمني . لا يهم.”
ما لبث أن امتلأت غرفة خزانة الملابس بأصوات مكتومة ومندفعة ،
لكنها لم تستمر طويلًا
وبعدها، حمل شي دوو شين آنتو بين ذراعيه إلى السرير وسأله:
“ هل تريد إيصالي للمطار بعد الظهر ؟”
أجاب شين آنتو بصوت متعب :
“ نعم !”
وكانت النتيجة أن شي دوو ، بسبب ظهره المتألم ، اضطر أن
يقود بنفسه إلى المطار ،
بينما جلس شين آنتو إلى جانبه مشجّعًا له بحماس من المقعد المجاور
كانت الرحلة إلى المطار طويلة ، تقارب الساعتين
لم يستطع شين آنتو الجلوس بهدوء ،
ظل يمدّ يده نحو شي دوو ،
وإن لم يتمكن من الإمساك بها ، بدأ يشدّ على كمّه ،
يُدخل أصابعه إلى داخل كم القميص بلعب طفولي
وفي إحدى اللحظات ، قبض شي دوو على يده ، وقبّلها
سأله دوو ضاحكًا : “ لماذا أنت متشبث فيني هكذا ؟”
أجابه شين آنتو وهو يعبس بحاجبيه بلطف:
“ لا أريدك أن تذهب .”
: “ ليس و كأني لن أعود ” قال شي دوو وهو يلتفت إليه، ثم
بدّل الموضوع بنبرة أكثر بهجة :
“ حجزت قاعة زفافنا . نفس الكنيسة التي تحبها .
بمجرد عودتي سنتزوج .”
: “ حقاً ؟!” ارتفع مزاج شين آنتو فورًا ،
وكأن كل القلق الذي كان يخيم عليه قد تلاشى ،
كان محبط لدرجة أنه لم يقل كلمة واحدة ،
أما الآن ، فقد انطلق في الحديث بلا توقف لأكثر من عشر دقائق ،
يحكي عن تفاصيل الحفل ، الأزهار ، رحلة شهر
العسل، وكل شيء بينهما
كان شي دوو يستمع بصمت ، والابتسامة لا تفارق زاوية فمه طوال الوقت
زفافهما لن يحضره الكثير من الناس
لم يكن شي دوو ينوي حتى دعوة والديه
في تلك الكنيسة ، سيتبادلان العهود مع بركة الكاهن ،
ويضعان الخواتم في أصابع بعضهما بحضور قلة من
الأصدقاء المقرّبين والعائلة
ذلك هو زفافهما—بسيط، لكنه مهيب
في نهاية المطاف ، أنهك الحديث شين آنتو ، فعاد يجذب
كمّ شي دوو مجددًا وقال:
“ ستغيب لنصف شهر… ماذا عساي أن أفعل ؟
سأموت من الملل "
فأجابه شي دوو دون تفكير :
“ دع شي ونشوان يرافقك .”
تنهد شين آنتو تنهيدة طويلة وقال:
“ لقد استأجر جزيرة خاصة ليُغازل آلهته ،
ودعا جميع مشاهير الشركة إلى هناك ،
وسمّى ذلك ‘رحلة نهاية السنة لبناء الفريق’. إنه ليس في
البلاد هذا الأسبوع أصلًا .”
راود شي دوو خاطر أن يسأله ' هل تودّ المجيء معي في رحلة العمل؟ '
لكن الكلمات علقت في حلقه
لم يكن بحوزته بطاقة هوية شين آنتو ولا جواز سفره
قال شين آنتو وهو يعبث بأزرار أكمام شي دوو بأطراف أصابعه :
“ ربما أقضي الأسبوعين المقبلين في ينابيع يوشوي الحارة.
المناظر هناك خلّابة، ويمكنني أن أرسم بعض اللوحات
ما رأيك ؟”
اختفت الابتسامة عن شفتي شي دوو وقال:
“ افعل ما يحلو لك "
بالنسبة إلى شين آنتو —- ، مرّت رحلة الساعتين في السيارة
كما لو أنها رمشة عين
حين وصلا إلى المطار ، أوقف شي دوو السيارة أمام بوابة الركاب ،
ترجّل منها وتوجّه نحو الصندوق الخلفي لإخراج حقائبه ،
أراد شين آنتو مساعدته ، لكنه رفض
كان الوقت يُداهمهما ، نظر شي دوو إلى ساعته وقال:
“ عليّ الذهاب "
رياح يناير الباردة تقطع أوصال الجسد كما لو أنها سكاكين،
والسماء فوقهما مثقلة بالغيوم الداكنة
توقّع الطقس أشار إلى عاصفة ثلجية بعد يومين
المارّة كانوا يتعجّلون الخطى ، ولا يُعرف كم منهم سيغادر المدينة
كان شين آنتو يلبس معطفًا سميكًا من الريش،
ويداه في جيوبه
أما الجزء المكشوف من وجنتيه ، أعلى الكمامة ، فقد احمرّ
من شدّة البرد
وقبل أن يتحدث ، خرج من فمه بخار دافئ كأنفاس شتوية متعبة
قال بهدوء :
“ سافر بسلام… وأرسل لي رسالة حين تصل "
أنزل شي دوو عينيه ينظر إليه :
“ همم. ابقَ هنا وانتظرني حتى أعود ”
انغلقت يد شين آنتو داخل جيبه ، وقبض عليها بقوة
نظر في عيني شي دوو مباشرةً ، أراد أن يقول شيئًا مرارًا ،
لكنه ابتلع الكلمات كل مرة
قال شي دوو وهو يبتعد خطوة للخلف :
“ سأغادر الآن "
لكن شين آنتو تقدم خطوة في الحال ، وناداه :
“ شي دوو !”
: “ هم؟” أجابه شي دوو، متوقفًا في مكانه
اقترب شين آنتو منه ، كما لو أنه يوشك أن يهمس في أذنه، وقال:
“ أحبك… عد بسرعة "
لامست حافة الكمامة خد شي دوو برفق ،
كما لو أنها قبلة خفيفة لا تُرى
اجتاحت عاصفة عنيفة عيني شي دوو —- ،
لكن ملامحه لم تُظهر شيئًا منها —- وبنفس الهدوء ، أجابه:
“ وأنا أحبك… انتظرني "
راقب شين آنتو شي دوو وهو يتجه نحو بوابة المطار ،
و سرعان ما اندمج جسده الطويل وسط الحشود واختفى عن الأنظار
أغمض عينيه بقوة ، ثم استدار عائدًا إلى مقعد السائق
عدّل المقعد وضبط المرآة الخلفية ،
فرأى انعكاس وجهه المطيع في الزجاج
دفع خصلات شعره إلى الخلف عن جبهته ،
ثم ضغط على دواسة الوقود ، فانطلقت السيارة بسرعة
——————
في صباح اليوم التالي ،
وقبل الساعة الثامنة ،
وصل شين آنتو إلى منتجع الينابيع الحارة في يوشوي وهو يحمل أمتعته
قال لموظفة في الاستقبال :
“ حجزت غرفة الليلة الماضية تحت اسم شي ”
كانت موظفة الاستقبال شابة مشرقة الملامح،
تبدو وكأنها تخرّجت حديثًا من الجامعة
ابتسمت وهي تسلّمه بطاقة الغرفة
أخذها شين آنتو بكلتا يديه وشكرها،
لكنه ما إن التقط البطاقة حتى شعر بهاتف صغير يُمرّر خفية إلى كفّه
كان سايمون ينتظر مكالمة من شين آنتو
وفي تمام الساعة 8:10، رنّ هاتفه برقم غير مألوف
أجاب دون تردد ، وباللغة الإنجليزية
سايمون : “ مرحباً ( Hello ) ؟ ”
شين آنتو : “ أنا أندرو . كيف سارت الأمور ؟”
شين آنتو واقف في شرفة الطابق الثاني يتحدث عبر الهاتف
نفس الغرفة التي أقام فيها مع شي دوو خلال عطلة رأس السنة
ومن الشرفة ، امتدّت أمامه جبال بعيدة بمنظر أخّاذ
أجاب سايمون :
“ سارت الأمور كما هو مخطط لها ، ولكن لم تخلُو من بعض التعقيدات .
تمكنت الآنسة يو كيان من التواصل مع وو كانغيا
وبالنظر إلى حالتها العاطفية ، يبدو أنها كانت تخطط لشيء بالفعل .
لكننا لم نتمكن من معرفة الطرف الذي أبرمت معه الصفقة ، لأنها اختفت في اليوم التالي مباشرة .”
: “ اختفت؟” قال شين آنتو وهو يعبس بحاجبيه : “ وماذا عن زوجها ، تشنغ وي؟”
أوضح سايمون :
“ زواجهما ليس على ما يرام .
كلما تشاجرا، تغادر وو كانغيا المنزل وتقطع كل وسيلة تواصل ،
لذا لم يَشُكّ تشنغ وي في الأمر حتى الآن .
اليوم هو اليوم الرابع على غيابها ، وهذا لا يُعد وقتًا طويلاً
كفاية لإثارة الشكوك .
كما أنه لا يوجد من يفتقدها — ليس لها أهل مقربون ،
ولا أصدقاء قريبين منها .
راجعتُ تسجيلات الكاميرات… كانت قد استقلت سيارة
أجرة بعد جولة تسوق ، ومنذ ذلك الحين لم تُرَى مجددًا .”
قال شين آنتو بهدوء وهو يخرج سيجارة ويشعلها،
ثم يأخذ منها نفسًا عميقًا:
“ لا بأس . اجتماع المساهمين لم يبدأ بعد . الفخ نُصب ،
وما علينا الآن سوى انتظار الفريسة حتى تقع .”
كان قد اشترى علبة السجائر في طريقه إلى المنتجع
منذ أن استعاد ذاكرته ، لم يكفّ شين آنتو عن التساؤل :
من الذي أراد قتله؟
ومن المستفيد الأكبر من موته ؟
لم يكن يشك لحظة أن هذا الشخص موجود داخل شركة جينشينغ
لقد كان يدرك منذ زمن بوجود قوة خفية ومتجذّرة داخل الشركة ،
وقد قضى ثلاث سنوات وهو يحاول اقتلاعها ،
كاد خلالها أن يفقد حياته
أما الآن، فقد حان وقت القصاص
الطرف الآخر ظل متخفيًا داخل شبكة العلاقات القديمة
التي تركها شين كايفينغ
لكن الطموحين لا يمكنهم مقاومة إغراء الظهور حين تسنح الفرصة
وبعد أشهر قليلة من اختفاء شين آنتو ، ظهرت جثة تُشبه
شين لين ، وكان ذلك هو الطُعم الذي أخرجهم إلى العلن
نظراته ازدادت قسوة وسط الدخان المتصاعد
اجتماع المساهمين القادم سيكون المواجهة الأخيرة
وقد آن الأوان لمعرفة من سينتصر في النهاية
شين آنتو :“ حضّر كل شيء . أريد أن أتابع الاجتماع بالكامل .”
ردّ سايمون بعد تردد:
“…نعم، أندرو…”
: “ هل هناك شيء آخر؟”
: “… أأنت… حقًا لن تعود؟”
: “ لا. ما تبقى متروك لك ولـ كيان .
لا تقلق، سأراقب كل شيء من بعيد .
وإذا جدّ جديد، تواصل معي فورًا .”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق