Ch51 | SJUTM
في تمام الساعة التاسعة صباحًا،
بدأ اجتماع المساهمين في مجموعة جينشينغ،
وقد غصّت القاعة الكبرى بالحضور حتى امتلأت عن آخرها
لم يكن سايمون مؤهّلًا لحضور الاجتماع في الأصل
لكنه حضر بصفته سكرتير شين لين، من أجل متابعة الأمور لاحقاً
قبل دخوله القاعة صادف سايمون شين تشاو ، الذي كان
يرتدي بدلة فاخرة باللون الأحمر القاتم ،
وقد صفّف شعره بعناية ، وكان مفعمًا بالثقة وهو يحيّي
الجميع بابتسامة عريضة
صعد الاثنان في المصعد نفسه
قال شين تشاو وهو يتأمل سايمون من رأسه حتى أخمص قدميه :
“ تسك ، الأجانب فعلًا مختلفون .
أنف مرتفع ، عيون واسعة ، ووسامة طبيعية بلا أي مجهود .”
ابتسم سايمون وشكره بلطف
ثم أشار شين تشاو إلى سايمون وقال لمساعده وسكرتيره:
“ ترون الفرق بين الثقافة الصينية والغربية ؟
قبل أيام قلت للموظف الجديد ، شياو تشن ، أنه وسيم ،
فما كان منه إلا أن بدأ يلوّح بيديه في ارتباك وهو يكرر :
‘ لا، لا، لا لا تجاملني ’. خجل لدرجة أنه كاد أن يغرق في الأرض !
لكن انظروا إلى سكرتيرنا سايمون—كم هو متّزن وأنيق،
أليس كذلك؟ هءهءهءهءءءهء .”
ضحك السكرتير والمساعد معه مجاملةً
كان واضحًا أن شين تشاو متحمّس أكثر من اللازم
ومن خلال الكاميرا الصغيرة المخبأة في قلم موضوع في
جيب قميص سايمون، كان شين آنتو يراقب كل شيء عن كثب
كان يعلم أن شين تشاو يضع نصب عينيه منصب الرئيس التنفيذي ،
لكن في نظر شين آنتو —- ، كان تشاو يحتفل قبل أوانه
منذ اختفاء شين آنتو ، انقسمت الشركة إلى جناحين رئيسيين : الأول يضم مساعدي شين كايفينغ القدامى—فان هونغ، وشي شياودونغ، ودياو يونغتشو—
أما الثاني فيتكوّن من أبناء شين كايفينغ أنفسهم
وخلال الشهرين الماضيين ، أثار كل من شين تشاو ،
وشين تشي ، وشين مينغفي الكثير من الضجة
وبدا في نظر الغرباء وكأن الأخوة الثلاثة يخوضون صراعًا محتدمًا على السلطة
لكن شين آنتو كان يرى الأمور بشكل مختلف ،
والسبب بسيط : لم يكن أي من إخوته الثلاثة يتمتع بذكاء يُذكر
منذ أن تولّى شين آنتو زمام الأمور ،
كان قد بدأ في تهميشهم واحدًا تلو الآخر
أرسل شين تشاو وشين تشي لإدارة فروع الشركة في مقاطعات أخرى ،
أما شين مينغفي فدفع به إلى مجال الترفيه ،
قاطعًا بذلك صلته بأي سلطة حقيقية
وبهذا ، لم يكن لأي منهم موطئ قدم فعلي داخل جينشينغ،
لذا لم يكن من المنطقي أن تُحدث تحركاتهم كل هذه
البلبلة … مما يعني أن أحدًا ما كان يدعم شين تشاو من الخلف ——
وكان شين آنتو واثقًا أن من يحرك الخيوط في الخفاء ليس
سوى جناح شين كايفينغ القديم ، بقيادة الثلاثي : فان، وشي، ودياو
كان شين كايفينغ متجذرًا في قيم إقطاعية تقليدية ،
يؤمن بتفوّق الذكور ، ويرى أن الإمبراطورية التي بناها يجب
أن يرثها أبناؤه فقط
ولهذا السبب ، وبعد وفاة ابنه الشرعي ، بحث عن خمسة
أبناء غير شرعيين ليربّيهم ويصنع منهم خلفاء
وفي الوقت نفسه ، كان شين كايفينغ يُقدّر الولاء ،
فاحتفظ بمكانة معيّنة لأولئك الأتباع القدامى الذين
ساعدوه على تأسيس إمبراطوريته،
لكنه لم يمنحهم سلطة حقيقية أبدًا
من بين جميع رجاله ، لم يكن يثق إلا بثلاثة : فان، وشي،
ودياو، أما الآخرون فاقتصر وجودهم على مناصب هامشية
لطالما ظنّ شين آنتو أنه لو كان بمقدور شين كايفينغ أن
ينصّب نفسه إمبراطورًا، لفعل
وربما كان يخطط بالفعل لما يُعرف في التاريخ بـ ' تنازل
الإمبراطور عن العرش بعد كأس من النبيذ '
لكن ظهور شين آنتو قلب كل الموازين ———-
( يشير هذا إلى حدث تاريخي عندما أقام الإمبراطور مأدبة
للضباط العسكريين وأجبرهم على التخلي عن سلطتهم
العسكرية باستخدام الإقناع والضغط)
الأب شين كايفينغ كان قلق من أن يُدمّر شين آنتو إمبراطوريته ،
و قد أوصى مساعديه القدامى بشكل خاص أن يراقبوه عن كثب
غير أن هؤلاء المساعدين كانوا ، منذ وقت طويل ، يضمرون
له مشاعر استياء ،
سواء بسبب تهميشه المتعمد أو حتى غير المقصود لهم
وعندما أصدر شين كايفينغ ' مرسومه الإمبراطوري ' وهو
على فراش الموت ، وجدوا أخيرًا الفرصة المناسبة للاستيلاء على السلطة
حين تولّى شين آنتو إدارة جينشينغ لأول مرة ،
واجه عددًا لا يُحصى من العراقيل
ولم تبدأ الأوضاع بالتحسّن إلا بعد أن استبدل عددًا كبيرًا
من كبار الموظفين وبدأ في بناء فريقه الخاص
لكن ذلك لم يعنِ أن القوى القديمة قد اختفت من المشهد
وبينما هذه الأفكار تتزاحم في ذهن شين آنتو ،
وصل المصعد إلى طابق قاعة الاجتماع
وقبل أن يخطو شين تشاو إلى الخارج ، تجرّأ على محاولة استمالة سايمون إليه
قال له بجرأة :
“ السكرتير سايمون لقد عملت مع أخي لسنوات والجميع
يعرف كم أنت كفء وموهوب .
والآن بعد أن غاب ، سيكون من المؤسف أن تُهدر طاقاتك .
ما رأيك أن تعمل معي ؟
أعدك بأن تبقى السكرتير التنفيذي لرئيس مجلس الإدارة. ما رأيك ؟”
حافظ سايمون على ابتسامته المتزنة:
“ شكرًا على عرضك السيد شين لكننا تأخرنا بالفعل .
ما رأيك أن نتابع الحديث بعد الاجتماع ؟”
بدا على وجه شين تشاو أنه لا يملك خيارًا آخر، فقال:
“ حسنًا، حسنًا… نكمل الحديث لاحقاً .”
كانت ثقته الزائدة تنضح من كل حركة ،
مما دفع شين آنتو إلى أن يتنهّد ساخرًا وهو يراقبه من خلال الكاميرا
بدأ الاجتماع كما هو معتاد بخطاب افتتاحي
في السابق ، كان شين آنتو يختصر في الكلام ،
مكتفيًا بكلمات موجزة وفعالة
أما اليوم، فقد كان فان هونغ هو من يلقي الكلمة ،
ويبدو أن من كتبها له أطال فيها بشكل خانق
تحدث عن كل شيء ،
من تأسيس جينشينغ حتى يومنا هذا ،
حتى إن بعض الحاضرين بدأوا في التثاؤب ،
بل وغلب النعاس على بعضهم
وأخيرًا، وصل فان هونغ إلى النقطة الأساسية:
“ رئيسنا الشاب شين لين مفقود حاليًا ، والشركة تمر بأزمة خطيرة .
نحن بحاجة إلى شخص يقود جينشينغ إلى الأمام ،
ولهذا دعونا إلى هذا الاجتماع العام للمساهمين .
يجب علينا التصويت لاختيار أعضاء مجلس إدارة جدد ،
ومن ثم يقوم المجلس الجديد بانتخاب رئيس جديد…”
حين كان شين آنتو لا يزال على رأس عمله ، كان ستة من
أصل أحد عشر عضو في مجلس الإدارة موالين له
أما الآن ، ومع انتخاب أعضاء جدد ،
فقد كان من المتوقع أن يُمحى تأثيره بالكامل—وهو أمر لم يفاجئه
في الأيام الخمسة عشر التي سبقت هذا الاجتماع ، كانت
التيارات الخفية تضرب أعماق جينشينغ،
ولا أحد كان يعرف تمامًا نوع الصفقات التي عُقدت خلف
الكواليس مقابل كل صوت
وبين شفتي آنتو سيجارة مشتعلة ، جالس على كرسي استرخاء في شرفة الطابق الثاني ،
يراقب بثّ الاجتماع المباشر على هاتفه بينما يخطط في
ذهنه لتشكيلة مجلس الإدارة الجديدة
كان واثقًا من بقاء فان هونغ ، وشي شياودونغ، ودياو
يونغتشو في مناصبهم
أما شبكة علاقاته بين المساهمين فستضمن ترشيح يو كيان ،
كما أن لين مياو سيبقى أيضًا في المجلس
و بدا أن شين تشاو سيحصل على مقعد جديد ،
فيما ستُمنح المقاعد المتبقية لحلفاء فان، وشي، ودياو
استغرقت عملية التصويت وقتًا طويلًا ،
مما منح شين آنتو فرصة للتحدث مع شي دوو عبر الهاتف لنصف ساعة
كان شي دوو قد هبطت طائرته للتو وكان في طريقه إلى الفندق
شي دوو : “ هل تناولت الفطور ؟”
فأجابه شين آنتو بنبرة نشطة وهو لا يزال يتابع الاجتماع:
“ نعم، استيقظت مبكرًا ووصلت إلى يوشوي قبل الثامنة .
سأغتسل في الينابيع الحارة قبل الغداء .
بالمناسبة، اكتشفت أن لديهم ملعب غولف على السطح.
سأجربه هذا العصر…”
بعد أن أنهى المكالمة ، لاحظ أن نتائج التصويت كادت تُعلن
وقد كان توقعه دقيقًا ، إذ نجح في تخمين عشرة من أصل
أحد عشر عضو
بالإضافة إلى الستة الذين كان واثقًا منهم ،
ضمت القائمة خمسة آخرين من كبار التنفيذيين
والمستثمرين، وكان أربعة منهم من حلفاء فان، وشي، ودياو
ونظرًا للظروف الاستثنائية، قرر الأعضاء الأحد عشر المضي
قدمًا مباشرة في التصويت لاختيار رئيس المجلس خلال الاجتماع ذاته
عندها، اعتدل شين آنتو في جلسته، ممسكًا بهاتفه بتركيز
كان شين تشاو قد غمرته الفرحة بانتخابه عضوًا في المجلس،
وبدأ يتظاهر بصعوبة اتخاذ القرار حول لمن يصوّت،
متحدّثًا بصوت عالٍ ومبالغ فيه، غير منتبه للابتسامات
المتحفظة التي ارتسمت على وجوه من حوله
في تلك اللحظة ، رمق سايمون شين تشاو بنظرة صامتة،
فتوجّهت الكاميرا المثبتة في صدره نحوه كذلك
لم يستطع شين آنتو إلا أن يتنهّد في داخله ويقلب عينيه
مرة أخرى، ساخرًا من هذا العرض المضحك
بعد عشر دقائق،
أُعلنت نتائج التصويت على رئيس مجلس الإدارة
كان فان هونغ، المكلّف بقراءتها، قد بدا متفاجئًا للحظة وجيزة،
ثم ابتسم ابتسامة عذبة أشبه ببوذا
أمسك الميكروفون عند المنصّة وقال بصوت واضح :
“ بعد تصويت مشترك من أعضاء مجلس الإدارة الأحد عشر ،
تم انتخاب رئيس مجلس الإدارة الجديد لمجموعة جينشينغ، وهو…
مديرنا شي، الرفيق شي شياودونغ!”
انتقلت الكاميرا في بث شين آنتو أولاً إلى شي شياودونغ
ثم إلى شين تشاو
أمّا شي شياودونغ، فاكتفى بابتسامة باهتة وتقدّم بهدوء إلى
المنصّة وسط تصفيق الحاضرين
بينما شين تشاو… كانت جميع الأنظار موجّهة نحوه
بدا مصعوقًا ، شاحب الوجه كالأموات ،
وبدا بذلته الحمراء الداكنة ، التي ارتداها احتفالًا ،
وكأنها نكتة ساخرة صارخة
وبعد لحظات ، استعاد شين تشاو وعيه واندفع خارج قاعة
الاجتماع ، ولم يجرؤ أحد على اعتراض طريقه
على الشاشة ، ظل شي شياودونغ متماسكًا ، مظهرًا رباطة
جأش دون أن يبدو عليه أي شعور بالتواضع أو التفاخر بمنصبه الجديد
شرب شين آنتو رشفة من الشاي الساخن الذي صبّه حديثًا،
وتكاثف البخار أمام شاشة الهاتف، محجِبًا الرؤية للحظة
{ كل شيء .. يسير وفق الخطة }
أطفأ البث المباشر
—————-
تصدّرت أنباء تعيين رئيس مجلس
إدارة جديد لمجموعة جينشينغ العناوين في وسائل الإعلام
وبحلول فترة الظهيرة ، لم يعد شين آنتو قادرًا على الوصول
إلى سايمون أو يو كيان
لكن ذلك أيضًا كان جزءًا من الخطة ، لذا لم يُعر الأمر أي قلق
مسترخيًا في الينابيع الحارّة، تخيّل شين آنتو وجه شي شياودونغ المشتعل بالغضب
بوضوح في ذهنه، لكن ذلك لم يعد يعني له شيئ
إن نجحت هذه الخطة ، فإن شخصية ' شين لين ' ستختفي
من هذا العالم إلى الأبد
ومنذ تلك اللحظة ، لن يبقى سوى شين آنتو ——
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق