Ch51 | TDVWD
لتجنّب إحراج الثنائي الرئيسي ، تعمّد تشي مو ياو
أن يقود يي تشيانشي بهدوء خارج الغابة، ثم ركضا من بعيد وكأنهما وصلا للتو
في الواقع كان تمثيل كلاهما سيئًا للغاية ،
ولو شاركا في مسرحية لفرضت عليهما غرامة فورية
غير أن الثنائي كانا محرجين جدًا لدرجة أنهما لم يلاحظا شيئ
قال تشي مو ياو بقلق وهو يهرول: “ الأخ شي !
هل تحسّنت حالة الأخت هان ؟
علينا مغادرة هذه الغابة بسرعة قبل أن تُشوَّش عقولنا .”
أصيب شي زيهي بالذعر للحظة بعد وصولهما،
وسرعان ما نظر إلى هان تشينغيوان ثم أبعد بنظره بسرعة :
“ أ-أنا… لست متأكد .”
لكن هان تشينغيوان أجابت بنفسها : “ أنا أفضل حالًا ،
لكن رأسي يؤلمني كثيرًا .
علينا إيجاد مخرج من هنا، فالبقاء ليس آمنًا .”
رد الأربعة في وقت واحد: “ حسنًا.”
ركضوا جميعًا باتجاه ما ظنوه مخرجًا للغابة
لم يكن ذهن هان تشينغيوان صافيًا،
ولم تستعد وعيها إلا بعد فترة،
ثم قالت متذكرة: “ هذا المكان خبيث جدًا . بعد دخولنا ،
بدأنا نشعر وكأننا ندور في دوائر ولا نستطيع الخروج .
وكلما طال بقاؤنا ، زاد فقداننا للسيطرة على أنفسنا .”
تساءل تشي مو ياو بحيرة : “ لكن، لماذا هاجمتِ أفراد طائفتكِ ؟”
ظهرت الحيرة مجددًا على وجه هان تشينغيوان،
واضطرت للتفكير طويلًا قبل أن تجيب: “كان هناك صوتٌ
يتحدث إليّ في مقر الوعي داخل بحر روحي .
كان يحثّني على الذهاب إلى مكان معيّن والقيام بأشياء معيّنة .
ومن منظوري حينها، لم أكن أهاجمكم ، بل أقتل مزارعي
طوائف الشياطين .
لم أُدرك وجود خطب ما إلا عندما أيقظني شي-شيشيونغ
وسط الفوضى ، لكن حتى حينها لم أكن أستطيع فعل شيء سوى الهرب .”
تبادل تشي مو ياو وشي زيهي نظرة فهم وقالا: “ تقنية وهمية… يمكنها التلاعب بالناس .”
عندها توقف شي زيهي وشكّل ختْمًا بيديه قائلًا :
“ نحن أيضًا داخل عالم وهمي الآن .
أحاسيس أجسادنا غير موثوقة .
قد نظن أننا نتجه جنوبًا ، لكن هذا على الأرجح ليس الاتجاه الحقيقي .
هذه التقنية تمتد على نطاق واسع ، وأُعدت بدقة يصعب كشفها .
من أعدّها لا بد أن يكون خبيرًا .”
خطر في ذهن تشي مو ياو على الفور اسم سو يو ——
لكنه سرعان ما استبعده
فسو يو لم يكن بارعًا في تقنيات الوهم ، بل كان مقاتلًا من الطراز الأول
وهذا ما مكّن السيد السماوي غوان نان من حل تشكيل
القتل الخاص به— لأن الوهم لم يكن نقطة قوّته
تشي مو ياو تلميذ طائفة هي هوان،
وهي الطائفة التي تحتل المرتبة الأولى أو الثانية في عالم الزراعة في مجال تقنيات الوهم
ومع ذلك، لم يستطع هو نفسه كشف خدعة هذا الوهم،
ولم يُدرك وجود خطأ إلا بعد أن جرى لمسافة طويلة داخل الغابة
كان أمرًا مفروغًا منه : كلما طال بقاءهم في هذه الغابة ،
زاد الخطر. وكان الأربعة يدركون ذلك تمامًا
يي تشيانشي على وشك أن تنفجر من التوتر
سألت هان تشينغيوان بانزعاج: “ الأخت هان ، ما علاقة
تشكيل وهمي بالوحوش الروحية؟
لماذا استدعونا نحن مزارعي طائفة يو تشونغ ؟”
كانت قد بدأت تكره هذه المهمة بصدق
كانت هان تشينغيوان على وشك أن تُجيب،
لكنها عبست فجأة، وغشى الضباب عينيها مجددًا، ثم همّت بالمغادرة
صُدم شي زيهي وسارع بالإمساك بها، لكن الأوان كان قد فات
كان بوسع تشي مو ياو أن يلحق بها باستخدام تقنياته في الحركة،
لكنه لم يشأ أن يفضح هويته كتلميذ من طائفة هي هوان
لذا، لم يكن أمامه سوى أن يُخرج شريطًا أحمر من الحقيبة الكونية خاصته
ويرميها نحو هان تشينغيوان
كان هذا الشريط من الأشياء التي أعطاها له شي هواي
بدأت هان تشينغيوان تتلوّى فور أن قُيّدت ،
وصرخت بكلمات مبهمة دون وعي،
لكنها ما لبثت أن أُغمي عليها
فقد ألقى تشي مو ياو تعويذة لجعلها تفقد وعيها مؤقتًا
قال تشي مو ياو إلى شي زيهي: “ الأخ تشي أرجوك احملها.
لا تزال تحت تأثير تقنية الوهم .”
أومأ شي زيهي وتقدم ليحمل هان تشينغيوان بين ذراعيه،
قائلاً : “ ليس من المريح أن أتحرك بهذه الحالة ،
لذا يا الأخ تشي أرجو أن تقود الطريق.”
كان شي زيهي البطل بعد كل شيء،
فلا تدعه يخدعك مظهره النحيف المشابه لتشي مو ياو
فقد تمكن من حمل شخص آخر بوضعية العروس بثبات كامل
لم يكن من الآمن أن يواصلوا التقدّم هكذا،
فقد ينتهي بهم المطاف بالتوغل أعمق فأعمق داخل الغابة
كان عليهم أولاً أن يحددوا الاتجاه الصحيح
نظر تشي مو ياو إلى رفاقه، ثم شكّل ختمًا بيده،
وظهرت تشكيلته البوصليّة من جديد
وبهذه التشكيلة كلوحة ،
تجلّت أمام ذهنه مشاهد من كل ما يقع ضمن نطاق إحساسه الروحي،
مكوناً صورة ثلاثية الأبعاد
ومن خلال تتبع الطاقة الحية وتقلبات الطاقة الروحية،
استطاع أن يميّز أي اتجاه أكثر أمانًا، أو يحتوي على أناس يعرفهم
على الأقل، تمكن من تمييز الاتجاه ' الجيد '
لكن البوصلة واصلت الدوران دون أن تستقر
على الأغلب بسبب خلل الفينغ شوي في هذه الجبال ،
مما أعاق عملية الاستدلال
وبسبب التضليل الناتج عن الوهم ،
غدت الجهات الأربع في الغابة مشوشة بالكامل
سحب تشي مو ياو تشكيلته بعينين يملؤهما القلق وقال:
“ المكان الذي اجتمعنا فيه من قبل أصبح مهجورًا .
يبدو أن الجميع تفرّقوا ، وفوق ذلك ، غطى الضباب السام
تلك المنطقة .
نحن حاليًا بعيدون جدًا عن أطراف الغابة ،
لأننا كنا نتجه بعكس الطريق الصحيح .”
كان تشي مو ياو قد تمكن من معرفة إن كان هناك أناس في
ذلك المكان عن طريق مراقبة “الطاقة الحية”
والآن، لم يكن هناك أي أثر للحياة،
بل أصبح المكان ملوثًا
وهذا يبيّن مدى سرعة انتشار الضباب السام
سأل شي زيهي بقلق: “ وهل استطعت تحديد الاتجاهات؟”
أجابه تشي مو ياو: “ رأيتُ أرضًا نقية قريبة من حافة الغابة،
لكنها كانت غريبة أيضًا .
في الوقت الحالي، لا خيار أمامنا سوى الذهاب إليها للراحة
قليلًا وتبديد الميازما التي علقت بنا.
بعدها نقرر خطوتنا التالية، وإلا سنفقد السيطرة على أنفسنا أيضًا .”
لم يتردد شي زيهي، واختار أن يثق في تشي مو ياو:
“ حسنًا الأخ تشي دلنا على الطريق .”
الأرض النقية التي عثر عليها تشي مو ياو غريبة للغاية
فعلى الرغم من الاضطرابات المحيطة بها وتمدّد الميازما ،
بقي ذلك الجزء من الأرض نقي
أما أغرب ما فيها ؟— فهو أنها لم تصدر عنها أي تقلبات في الطاقة الروحية
قادهم تشي مو ياو باستخدام الأداة الطائرة باتجاه الأرض النقية، بينما لا يزال يستخدم تشكيل البوصلة لحساب موقعهم
ففي هذه الغابة الضبابية ، لا بد من البقاء يقظًا في كل لحظة ،
فغلطة واحدة كفيلة بأن تضل بهم الطريق
ومع ذلك، شعر تشي مو ياو بأن هناك أمرًا مريبًا أثناء الطريق، فأشار للآخرين بالتوقف
أوقف الثلاثة أدواتهم الطائرة معًا وهبطوا بهدوء على أغصان الأشجار،
لكن شي زيهي لا يزال يحمل هان تشينغيوان، وقد لامس قدمها غصنًا أثناء هبوطه
وكما كان متوقعًا ، تسبب هذا الصوت في جذب انتباه
مجموعة من المزارعين الذين ظهروا فجأة واتجهوا نحوهم
كانت يي تشيانشي تلميذة من طائفة يو تشونغ، وبحكم أنها معتادة على
التواصل مع الوحوش الروحية، فقد كانت قادرة على تقليد أصواتهم
فأطلقت نداءً مقلدًا لطائر “روح الليل”، وكان ذلك كافيًا لصرف انتباه القادمين
أولئك المزارعون يرتدون ملابس سوداء بالكامل،
مع معاطف سوداء تغطيهم،
كما لو أنهم خارجين من أحد مسلسلات الأشرار،
أو كما يُصوَّر “الأشرار” في مثل هذه الروايات
قال أحدهم: “يبدو أن مزيدًا من تلاميذ طائفة نوان يان قد
وصلوا، وبعضهم في مرحلة الجوهر الذهبي .”
فرد الآخر بسخرية: “ قريبًا سيقعون تحت تأثير الميازما أيضًا.
وماذا لو كانوا في مرحلة الجوهر الذهبي؟
سيضعف وعيهم لدرجة أنهم لن يتمكنوا من استخدام الكثير من التعويذات.
حينها سنختار منهم من يملكون أجسادًا جيدة للتكرير .”
ضحك ثالثهم بخبث : “ الجمال الصغيرة مينغ خيار ممتاز فعلًا .
لا أستطيع أن أتخيل تشويه وجهها الجميل .
عندما نُحولها إلى دمية مكررة ، هيه هيه…”
تسببت هذه الكلمات في عبوس تشي مو ياو
فمثل هذه الأمور كانت تثير اشمئزازه بشدة
انحنى برأسه وراقب بتركيز، ثم سرعان ما كوّن تخمينًا لهوية هؤلاء الأشخاص
وكما كان متوقعًا، تبعتهم مجموعة من الأشخاص الذين يشبهون الدمى
كانوا بلا شك بشرًا ، لكن حركتهم كانت متيبسة ومتأرجحة ،
أطرافهم متخشبة ، ولا تنبعث منهم أي طاقة حيوية
لم يُعاود تشي مو ياو التحرك إلا بعد أن ابتعد أولئك الغرباء بمسافة كافية ، ثم واصل قيادتهم نحو الأرض النقية
وأثناء الطريق ، سألت يي تشيانشي بدهشة: “ من هؤلاء؟”
كانت من طائفة يو تشونغ، وهي طائفة طالما تجنبت الصراعات، لذا لم تكن تعرف الكثير عن العالم الخارجي، خاصةً طوائف الشياطين، وكان من الطبيعي ألا تتعرف عليهم
أجابها تشي مو ياو: “ إن لم أكن مخطئ ، فهم من طائفة لوو شا. أما من كانوا يتبعونهم فهم دمى جثث قاموا بتكريرها .”
شهقت بدهشة: “ أشخاص من طوائف الشياطين ؟!
هل هم السبب وراء الميازما التي ملأت هذه الغابة ؟”
أسرع تشي مو ياو في نفي ذلك : “ أفراد طائفة لوو شا ليس
لديهم القدرة على التسبب في شيء كهذا .”
كان شي زيهي أيضًا قلقًا ، فسأل: “ الأخ تشي هل تعرف الكثير عن هذه الطائفة ؟”
أجاب تشي مو ياو: “ فقط القليل .
معظم تلاميذ طائفة لوو شا يمتلكون جذورًا روحية
متواضعة ، لذا فإن تحسين زراعتهم أمر بالغ الصعوبة.
ولهذا اتخذوا طريقًا بديلًا يعتمد على تكرير الجثث لزيادة
قوتهم القتالية.
أعلى مزارع في طائفتهم لا يتجاوز مرحلة الجوهر الذهبي،
كما أنهم لا يفقهون شيئًا في التشكيلات أو الأوهام .”
لم يستطع شي زيهي الفهم: “ لكن لماذا ظهروا هنا إذًا؟”
أجاب تشي مو ياو بإحساس من العجز : “ من أجل تكرير
الجثث، غالبًا يحفر أفراد طائفة لوو شا القبور ،
وهو أمر يُعد انتهاكًا لحرمة الموتى ويجلب عليهم غضب ذويهم .
وفي المراحل الأخيرة ، عندما لم يعد بإمكانهم العثور على جثث مناسبة ، بدؤوا بقتل المزارعين الأبرياء .
لقد ارتكبوا العديد من الجرائم الفظيعة ، مما أكسبهم أعداء كُثُر .
قبل فترة قصيرة ، أُحرقت طائفتهم على يد سيد طائفة تشينغ زي الشاب .
يبدو أن بعض التلاميذ نجوا ، ووجدوا هذه الغابة المغمورة بالميازما،
ولأنها مناسبة لتكرير الجثث، فقد استقروا هنا .”
سأل شي زيهي بقلق أكبر : “ ولكن لماذا لم يتأثروا يالميازما ؟”
شرح تشي مو ياو: “ طرق الزراعة التي يستخدمونها متطرفة جدًا ،
وتتطلب أن تكون أجسادهم مغطاة بهالة الموت ،
كي يتمكنوا من السيطرة على دمى الجثث دون أن يتضرروا من طاقتها.
و الميازما تتغذى على الطاقة الحيوية ، لذا فهم لا يتأثرون
بها لأنهم فعليًا بلا طاقة حيوية .”
حتى تشي مو ياو لم يكن يتوقع أن أول ما فعله شي هواي
بعد أن أصبح السيد الشيطاني، هو القضاء على طائفة لوو شا
للأسف كان شي هواي قد ذهب مع شخصين فقط ولم
يتمكن من القضاء على جميع أفراد طائفة لوو شا
إذ استطاع بعضهم الفرار ، وهؤلاء الهاربون هم من عقدّوا مهمة اليوم
إن ضل أحدهم طريقه في هذه الغابة وقُتل على يد أفراد طائفة لوو شا،
ثم حُوِّل إلى دمية قبل وصول شيوخ طائفة نوان يان، فستكون النهاية حتمية
كان هؤلاء التلاميذ من طائفة لوو شا يصطادون في الغابة،
وكلما صادفوا مزارعًا تائهًا بمفرده، قاموا بجمع جثته لتحويلها إلى دمية
أخيرًا، وصل الأربعة إلى الأرض النقية،
لكنهم لم يدخلوا مباشرة، بل راقبوا الوضع أولًا
وما إن وطئت أقدامهم تلك “الأرض النقية”، حتى صُدم الثلاثة في اللحظة ذاتها
أدرك تشي مو ياو حينها سبب غرابة هذا المكان،
فبمجرد دخولهم، لم يقتصر الأمر على اختفاء الميازما ،
بل اختفت الطاقة الروحية من أجسادهم تمامًا ——
نعم، اختفت
خطوة واحدة داخل هذه الأرض كفيلة بأن تُفقدهم زراعتهم تمامًا
فرغ الدانتيان خاصتهم ، ولم تعد الطاقة الروحية تتدفق في أطرافهم
فزع تشي مو ياو فورًا وتراجع إلى الغابة ،
حيث عادت زراعته إلى طبيعتها ،
واستعادت الطاقة الروحية تدفقها المعتاد
لاحظ الآخران ذلك أيضًا وترددا
جرب تشي مو ياو الدخول مرة أخرى، وقال:
“ بمجرد عبور هذا الحد، نصبح مثل عامة البشر ،
ونتحول إلى مجرد فانيين بلا زراعة .
لكن يبدو أن الدخول لا يضرنا بطرق أخرى في الوقت الحالي.
يمكننا الدخول لفترة قصيرة لتطهير الميازما العالقة بأجسادنا .”
دخلت يي تشيانشي خلفه دون تردد ، فهي كانت دومًا تستمع له
أما شي زيهي فتردد قليلًا ، ليس لخوفه على نفسه بل على هان تشينغيوان التي يحملها
لكنه دخل أخيرًا ، وجلس بها في زاوية وهو يراقب بحذر
حلَّ الظلام ——-
الأرض النقية كلها مغطاة بسواد دامس،
لا يُرى منها سوى ملامح الآبار المهدمة،
والأسوار القديمة،
وبعض الأعشاب المتفرقة
{ من الواضح أنها أرض مهجورة
لا بد أنه كان هنا مبانٍ في السابق ،
ولا تزال بقايا معبد ما واضحة جداً }
لم يستطع تشي مو ياو إلا أن يتعجب بقوة هذا المعبد
لا بد أنه شعر بانتشار الميازما في الغابة ،
ففعَّل نظام تطهيره بشكل تلقائي
رغم أنه معبد مهجور ، إلا أنه لا يزال قادرًا على تنقية الميازما
لكن لأنه مهجور منذ وقت طويل فإن تأثيره محدود
كما أنه يطهّر بقوة شديدة لدرجة أنهم فقدوا زراعتهم بمجرد دخوله
ومع ذلك يمكنهم الاحتماء به لبعض الوقت
هزَّ تشي مو ياو ملابسه وكأنها ملوثة بما في الغابة
ثم تفقد قدرته المرتبطة بغزال اليوني ، فوجده لا يزال يعمل
وكما هو متوقع، فإن الكائنات المقدسة السماوية لا تحتاج إلى تطهير،
فغزال اليوني هو أنقى وحش روحي في العالم
اقترب من هان تشينغيوان وأخذ نبضها وكأنه يعرف في الطب،
لكنه كان فقط يريد مساعدتها وتطهيرها
لكن سرعان ما اكتشف أنه لا يستطيع معالجتها
فقدرة الغزال لا تشفي سوى الجروح والأمراض، ولا تنفع أمام تلوث الميازما
لاحظ تشي مو ياو نظرة شي زيهي،
فترك يد هان تشينغيوان وقال: “ لا أستطيع فعل شيء .
ما بها ليس إصابة ولا مرضًا ، لذا الطرق المعتادة لا تنفع .”
أومأ شي زيهي متفهمًا ، وسحب هان تشينغيوان إلى حضنه كي ترتاح عليه
وعندها، أخرج تشي مو ياو شريط الحرير الأحمر
لكنه لم يربطه بها مجددًا ، بل ربط طرفه بخصره وأعطى الطرف الآخر
إلى يي تشيانشي قائلًا: “ راقبيني طوال الوقت.
إن لاحظت أنني أفقد السيطرة ، اسحبيني بسرعة .”
: “ حسنًا.”
غادر تشي مو ياو الأرض النقية بمفرده ، وفعل تشكيل البوصلة داخل الميازما
كان حذرًا لأقصى درجة
فبما أن هناك مزارعين من طائفة لوو شا في الغابة ،
فقد استخدم إحساسه الإلهي بحذر شديد كي لا يلحظوه
وبعد أن أنهى الفحص ، عاد تشي مو ياو بخطى غير مستقرة،
واقفًا كدجاجة خشبية لبعض الوقت، حتى دخل الأرض النقية مرة أخرى وقال :
“ لا أستطيع أن أكتشف شيئ .
ظلام في جميع الاتجاهات…”
يي تشيانشي بصدمة: “ ماذا تقصد؟”
أجاب تشي مو ياو: “ الشخص الذي أطلق تشكيل الوهم قام
بتعزيزه مرة أخرى. الآن لا أستطيع اكتشاف أي شيء .”
ربتت يي تشيانشي على كتفه بلطف : “ لا تقلق .
حكمك السابق كان سليمًا .
وعيي كان قد بدأ يتلاشى بالفعل عندما وصلت إلى هنا.
لو أصررنا على العودة، لكنا فقدنا أنفسنا قبل أن نخرج،
تمامًا مثل الأخت هان .
والآن بعد أن تم تعزيز التشكيل ، لم يعد أمامنا خيار سوى انتظار الإنقاذ .”
أضاف شي زيهي: “ صحيح . لقد اتخذنا هذا القرار معًا.
انتظرني، سأجرب الخروج أيضًا .”
كان شي زيهي أيضًا ذا خبرة في التشكيلات ،
وبعد أن رتّب وضع هان تشينغيوان،
جرّب بدوره لفترة، لكن دون جدوى
اجتمع الثلاثة الذين بقوا مستيقظين معًا، في حالة من التعب والتشوش
ومع زوال طاقتهم الروحية ، لم يعودوا يختلفون عن عامة الناس
وعلى الرغم من أنهم لم يكونوا تحت سيطرة الميازما ، إلا أنهم لم يشعروا بأي أمان
والأغرب من ذلك أنهم بدأوا يشعرون بالجوع،
رغم أنهم قد دخلوا مرحلة “الاستغناء عن الطعام” عبر الزراعة
لم يكن من عادتهم حمل الطعام معهم
لم تستطع يي تشيانشي كتم تذمرها: “ كنت أظن أن الاستغناء عن الطعام يعتمد على الجسد ،
من كان يظن أن الطاقة الروحية لها دور؟
هل تظنون أنه يمكننا تخفيف الجوع إن خرجنا ثم عدنا ؟”
خطر في بال تشي مو ياو أمر فجأة ،
فسارع إلى مغادرة الأرض النقية
استخدم طاقته الروحية لإخراج كعكتين على البخار من
الحقيبة الكونية ، ثم عاد إلى الداخل
كانت تلك الكعكات قد استُخدمت سابقًا عندما تنكر في زي امرأة ،
وعلى الرغم من أن الأمر مثير للاشمئزاز قليلًا ،
إلا أن الطعام الذي يوضع داخل حقيبة الكونية لا يفسد
يمكنه أن يكون غذاءً مفيدًا في وقت الحاجة
أعطى تشي مو ياو واحدة من الكعكات إلى شي زيهي وقال: “ هذا كل ما لدي ،
فهذه ليست من الأشياء التي أحتفظ بها عادة . اقتسمها مع الأخت هان .”
ثم سار ليُعطي الأخرى إلى يي تشيانشي وقال لها: “ كُلي "
سألت فورًا بعد أن أمسكت بها: “وماذا عنك؟”
رد: “ لستُ جائع .”
فقالت وهي تنظر إليه بريبة: “ أنت لست جائع رغم شكلك
النحيف ؟” ثم أعطته نصف الكعكة خاصتها
لكنها لم تأكل نصيبها ، بل احتفظت به في مكان آمن على جسدها
وقالت: “ من يدري كم سنبقى هنا سأحتفظ بها الآن .”
: “ حسنًا.” أخذ تشي مو ياو نصف الكعكة منها ووضعها داخل ملابسه ،
كان تخزين الأشياء بدون طاقة روحية أو حقيبة كونية أمرًا غير مريح بالفعل
فكل شيء يثقلك ويبطئ حركتك
في تلك اللحظة ، سمعوا جميعًا أصواتًا خافتة، فسكتوا على الفور
ورغم غياب طاقتهم الروحية،
إلا أن سمعهم لا يزال فوق المتوسط، فتمكنوا من تمييز الأصوات بوضوح
بدت الأصوات وكأن صاحبها منزعج ،
غير معتاد على التحرك دون طاقة روحية ، ولهذا بدا صوته متعثرًا ومربك
توترت الأعصاب على كلا الجانبين
ففي بيئة مجهولة كهذه، لم يجرؤ أحد على الاسترخاء
كان كل من تشي مو ياو وشي زيهي على دراية بالتشكيلات،
فالتقطا أشياء يمكن استخدامها كأسلحة بدائية للدفاع،
ويمكنهما الصمود لبعض الوقت باستخدام تقنيات الجسد فقط
وفي أسوأ الأحوال، يمكنهم مغادرة الأرض النقية واستخدام طاقتهم الروحية وتقنياتهم خارجها
فرغم تفشي الميازما في الغابة، إلا أن التأثير لا يكون لحظيًّا
لا يفقد الشخص وعيه فور دخوله، بل لديه بعض الوقت قبل أن تسيطر عليه
لم يسبق أن تعاون تشي مو ياو وشي زيهي من قبل
ولكن إن عملا معًا لتفعيل تشكيل،
فبإمكانهما تشكيل ثنائي قوي قادر على مجابهة مزارعين
يفوقونهما في القوة لبعض الوقت
هذه هي ميزة التشكيلات، والسبب الرئيس الذي دفع تشي مو ياو لدراستها
لكن المجموعة الأخرى هم أول من كسر الصمت
قال أحدهم : “ هل لي أن أسأل إن كنتم من طائفة نوان يان ؟”
لم يجرؤ شي زيهي على كشف هويته أولًا ،
بل قلب السؤال قائلًا: “ وماذا عنكم أنتم ؟”
أوضح المتحدث بأدب : “ هذا الشخص يُدعى ليو سو من طائفة نوان يان القصر الخامس، وبرفقتي الشيدي، تشو يينغ.”
تنفّس شي زيهي الصعداء تلقائيًا، وقال: “ أنا شي زيهي، من القصر الثالث لطائفة نوان يان ،
وأرسلني المعلم للتحقيق في الوضع .”
تنفّس الآخر بدوره الصعداء حين سمع ذلك،
وتقدّم ليرى من معهم،
وكأن قلبه اطمأن أخيرًا. ثم سأل: “هل جاء أحد كبار السماويين هذه المرة؟”
: “ يوجد عشرة من كبار المزارعين في مرحلة الجوهر الذهبي .”
قال الآخر بمرارة: “ ذلك لا يكفي .
حتى طائفة شيانغ هوانغ كان لديها مزارعون في مرحلة
الجوهر الذهبي، لكنهم فقدوا صوابهم.
هذا الأمر يتجاوز قدرتنا.
ما نحتاج إلى فعله الآن هو احتواء سلسلة الجبال هذه ومنع الميازما من الانتشار،
ثم إيجاد من أطلق تشكيل الوهم هذا وقتله،
و نعالج الميازما ونحسّن الفينغ شوي للمنطقة.”
سأل شي زيهي بسرعة: “ وما مدى معرفتكما بما يجري هنا ؟”
أجاب ليو سو بحزن : “ للأسف فقدنا مينغ-شيجي والآخرين فور دخولنا الجبال .
وقد أُسرنا أنا وشيدي على يد طائفة لوو شا، ولم نتمكن من الهرب إلا بالأمس .”
رمقهم تشي مو ياو بنظرة، وشمّ في الهواء رائحة زيت الجثث، وهي رائحة مقززة ومختلفة تمامًا عن تعفن اللحم العادي
ثم نظر إلى ملابسهم وهيئاتهم، ودون أدنى تردد،
أخرج دينغدينغ من حقيبته ورماه نحو أحدهم
كانت حركته سريعة وقوية ، وقتل ذلك الشخص بضربة واحدة
أما الآخر ، فقد ارتبك وسحب سيفه مهاجمًا،
فبادره شي زيهي أيضًا بما في يده — حجر التقطه عشوائيًا،
لكنه أصاب عين الرجل وأعماه على الفور
أما يي تشيانشي، فاستلت خنجرها وهجمت عليه دون تردد، وأنهت حياته
سأل شي زيهي بعدما تأكد أن الجثتين توقفتا عن الحركة: “ ألم يكونا من طائفة نوان يان،
من القصر الخامس ؟”
اقترب تشي مو ياو وسحب دينغدينغ من جسد القتيل،
وقال: “ لقد راقبونا جيدًا قبل التقدم نحونا،
ولم يظهر عليهما أي اندهاش حين رأوا الأخت هان أي أنهما لم يتعرفا عليها.
ومع أن طائفة نوان يان تضم العديد من التلاميذ، إلا أن
أفراد القصر الواحد لا يمكن ألا يعرفوا بعضهم البعض .
كما أنني عندما هوجمنا بالخارج ، فحصت الحشد بالإحساس الإلهي وتأكدت
من أن جميع أفراد الدفعة الأولى
كانوا حاضرين .
أما هما، فقد قالا إنهما انفصلا عن البقية فور دخول الجبال،
وهو أمر كاذب .”
اتبعت يي تشيانشي ما فعله تشي مو ياو بشكل غريزي دون
تفكير لكنها تذكّرت الآن أن تسأل:
“ لكنهم ذكروا الأخت مينغ .”
أجاب تشي مو ياو بهدوء:
“ أخشى أن مينغ شاولو قد جذبت انتباه طائفة لوو شا بالفعل .
يمكننا أن نستنتج من الحديث الذي سمعناه للتو أن جمالها ترك أثرًا عميقًا فيهم .”
ثم جلس ليفحص جثتي الرجلين
وكما توقّع، لاحظ أن زي طائفة نوان يان قد لُبس على عجل؛
إذ إن الطبقات الداخلية لا تزال بنيّة فاتحة ، بينما الأصل أن تكون بيضاء
قال بعد أن انتهى من فحصه:
“ على الأرجح أن هناك المزيد من تلاميذ طائفة لوو شا في الخارج،
وقد أسروا بعض تلاميذ طائفة نوان يان، بالنظر إلى هذه
الملابس. نحتاج إلى إنقاذهم.”
لكن دون طاقة روحية، لم يكن بإمكانهم القتال سوى بالأيدي
كان اعتماد تشي مو ياو الوحيد على مهاراته المكتسبة من
ملاحقة الوحوش الروحية في الحياة اليومية
أمسك تشي مو ياو بـدينغدينغ،
بينما أمسكت يي تشيانشي بالخنجر الذي كانت تستخدمه في تنظيف جثث الوحوش الروحية
أما شي زيهي فخرج من الأرض النقية لفترة وجيزة ثم عاد بسيفه
وبينما يحمل هان تشينغيوان، توغّل معهم بهدوء نحو الداخل
خطوات تشي مو ياو خفيفة بطبيعته
أشار للآخرين بالتريّث ، وتقدّم بمفرده لاستكشاف الوضع
وصل إلى مكان بدا منه صوت حديث،
فاختبأ لفترة ثم تسلل برفق وتفقد بتركيز
ويا للدهشة — لقد رأى بعض الوجوه المألوفة ——-
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق