Ch57 | SJUTM
شين كايفينغ : “ شين آنتو؟
لا وجود لشيء اسمه ‘رحلة آمنة’ في هذا العالم .
من الآن فصاعدًا، سيكون اسمك شين لين !!
الصبي يجب أن يحمل اسمًا قويًا وجريئًا .”
( معنى اسم آنتو : رحلة آمنة )
ما زال شين آنتو يذكر بوضوح أول لقاء جمعه بشين كايفينغ
داخل السيارة الضيقة ، الهواء خانق ،
ولم يكن هناك شعاع ضوء واحد يخترق النوافذ المعتمة
جلس شين كايفينغ في المقعد الخلفي ،
و يداه على عصا يتصدرها رأس تنين
لم يكن يبدو كبيرًا في السن، لكن خصلات الشيب امتدت
بين شعره الأسود
وجهه نحيل، وجنتاه غائرتان، وعيناه الطويلتان الضيقتان
كانت تنظران إلى الآخرين كما لو كانوا مجرد حيوانات
عرف شين آنتو على الفور : هذا الرجل مجنونٌ مرتاب
فرغم صغر سن آنتو ، كان قد رأى من الدنيا ما يكفي ليميز الخطر حين يراه
ولم يكن شين كايفينغ يحاول حتى إخفاء هالته الخطيرة
شين كايفينغ : “ نفّذ ما يُطلب منك ، وستحصل على كل شيء .
خالف ، وستُرمى لـ أولي "
' أولي ' كلب من نوع أمريكان بولي يملكه شين كايفينغ،
ينبح بجنون على كل من يراه،
ويرتطم بقفصه الحديدي بصوت مدوّي
كان شين كايفينغ يؤمن بمبدأ بسيط : يريد الأفضل دائمًا .
وإن لم يحصل عليه، يرضى بأفضل ما تبقّى .
وقد طبّق هذا المبدأ حتى على أولاده .
ابنه المفضل وُلد من زوجته الأولى —صبي ذكي ، حيوي ،
وظريف ، دلّله شين كايفينغ بلا حدود ،
ولم يسمح له حتى بأن يربط حذاءه بنفسه
وقيل إن الخدم كانوا لا يزالون يلبسونه حتى في المرحلة المتوسطة
كان يحميه كمن يحمي قلبه ،
وكتب له وصية مبكرة ، يعده فيها بكل شيء بعد وفاته
ذلك الابن كان ' الخيار الأول '
لكنه مات
خُطفت زوجته وطفله على يد أعدائه، فشلت المفاوضات،
وقُتلا بوحشية
هكذا فقد شين كايفينغ خياره الأول
وبعد فترة صمت قصيرة ، بدأ يبحث عن بديل من بين ' البقايا '
وجد في النهاية خمسة أبناء ، رتبهم حسب أعمارهم :
شين تشاو ، شين يي شينغ ، شين لين ، شين تشي ، وشين مينغفي
كلٌّ منهم كان يتمتع بمزايا فريدة ،
لكن كلًّا منهم أيضًا حمل عيوبًا جعلت شين كايفينغ يشعر بعدم الرضا
شين آنتو مثلًا ، كان ذكيًا ومتفوّقًا دراسيًا، لكنه كئيب الطبع،
فرأى فيه شين كايفينغ مجرد ' جرذ مجاري ' باختصار ، لم
يكن أحد منهم يقارن بابنه الراحل
: “ إنه أشبه بتربية سمّ الغو ….
لتكتشف الأقوى ؛ تضع جميع الأبناء الخمسة معًا
وتتركهم يتقاتلون حتى الموت .
ومن يبقى حيًا هو الأفضل .”
قال شين آنتو ذلك بنبرة هادئة ، وابتسامة خفيفة على وجهه،
لكن قلب شي دوو كان ينقبض وجعًا لا يوصف
عانقه بقوة أكبر بين ذراعيه ،
وكأنه أراد أن يحميه من كل شيء مضى …..
: “ من بيننا نحن الخمسة ، كان شين يي شينغ هو الأقرب
إلى معايير شين كايفينغ .
بل إنه كان يشبه الأخ الأكبر أكثر من شين تشاو نفسه .
كان يملك صفة فطرية ، كيف أشرحها ؟
شيء يمنحه حضورًا قياديًا ، وإحساسًا بالثقة .
على حد علمي كان متفوقًا في دراسته أيضًا.
رغم أنه أصغر من شين تشاو ، إلا أنه سبقهم بدرجة دراسية كاملة .
لكن للأسف ، كان يعارض شين كايبينغ بشدة ...”
ولم يعرف شين آنتو بذلك إلا لاحقًا —شين يي شينغ كان قد
أُخذ بالقوة من والديه بالتبني على يد شين كايفينغ
في البداية ، كان شين كايفينغ يرفض الاعتراف بأطفاله غير الشرعيين
النساء اللواتي أنجبن منه كنّ يربين أطفالهن بأنفسهن إن استطعن ،
مثل أمهات شين تشاو ، شين آنتو ، شين تشي ، وشين مينغفي
أما إن لم يستطعن ، فإما سلّمنهم للغير أو تخلّين عنهم بالكامل ،
كما فعلت والدة شين يي شينغ
فبعد ولادته بوقت قصير ، أعطته لامرأة كانت في
المستشفى، فقدت طفلها للتو
كان والدا شين يي شينغ بالتبني زوجين بسيطين من بلدة صغيرة ، من الطبقة العاملة
لم يكونا غنيين ، لكنهما كانا طيبين وحنونين ،
وربياه تربية صالحة
حتى وهو طفل ، كان شديد المسؤولية وذو حس مبكر بالنضج
ومنذ الابتدائية ، تولّى منصب رئيس الصف دائمًا ،
وكان محبوبًا من الجميع
عاشت أسرته حياة مستقرة وهادئة حتى صيف السنة الأولى
من المرحلة الثانوية ، عندما ظهر شين كايفينغ فجأة على عتبة بابهم ——
كان شين يي شينغ راضيًا تمامًا عن حياته ،
ولم يكن هو ولا والداه بالتبني يرغبون في الانفصال
رفضوا مطالب شين كايفينغ،
لكن هذا الأخير تصرف كمتاجر بالبشر ،
فاختطف شين يي شينغ بينما كان في طريقه إلى درس
خصوصي، وأعاده إلى مدينة Z، حيث وضعه في فيلا مع الفتيان الأربعة الآخرين
على عكس شين آنتو — الذي لم يكن لديه أحد يلجأ إليه،
كان شين يي شينغ يملك أسرة كاملة ووالدين محبين
و بالنسبة له، كانت تدخلات شين كايفينغ كارثة غير مرغوب بها
طوال ذلك الصيف ، كان يحاول الهروب كل يوم ،
لكنهم كانوا يمسكون به، يضربونه، ويسجنونه مجددًا
وما إن يستطيع الوقوف على قدميه ، كان يحاول الفرار مرة أخرى
شاهد شين آنتو والفتيان الثلاثة الآخرون محاولات شين يي
شينغ المتكررة للهروب والعقوبات القاسية التي تلتها
سخر منه شين تشاو وشين مينغفي، واعتبراه ناكرًا للجميل،
بينما شين تشي، الخجول، اكتفى بإلقاء نظرة ثم ينسحب إلى غرفته
وحده شين آنتو شعر بالحزن العميق تجاه من كان يمر بمأساة تشبه مأساته
لذا، في إحدى الليالي، عندما حاول شين يي شينغ الهرب مجددًا ،
ساعده شين آنتو بتشتيت انتباه الحراس ليكسب له بعض الوقت
وفي صباح اليوم التالي ، عندما لم يُعد شين يي شينغ ،
طار قلب شين آنتو من الفرح ، معتقدًا أنه نجا أخيرًا
لكن في تلك الليلة ، شاهد تقريرًا إخباري عن فتى في
المدرسة الثانوية سقط في النهر ولقي حتفه
وكان الضحية… شين يي شينغ ——
شعر شين آنتو بالذنب والحزن ينهشان قلبه ، ولم يستطع النوم لشهرٍ كامل
وبعد وفاة شين يي شينغ، أصبح شين آنتو هو ' الخيار الأول ' الجديد
ومنذ تلك اللحظة ، بدأ كابوسه الحقيقي ——-
من بين الأولاد الأربعة المتبقين،
كان شين آنتو الوحيد الذي لا أم له
المنافسة بينهم شرسة بطبيعتها ،
لكن الإقصاء الخفي من قِبل الأمهات الثلاث جعل الأمور أكثر قسوة عليه
كثيرًا ما اضطر لتخطي وجبة الإفطار أو ارتداء ملابس غير
مغسولة—فالأمهات كنّ يتعمدن توجيه الخدم لتجاهل غسيله
ومع ذلك، كان لدى شين آنتو ميزة كبيرة : أداؤه الأكاديمي كان مذهلًا
لولا وجود شي دوو ، لكان حتمًا يحتل المرتبة الأولى في مدرسة Z الثانوية
كان شين تشاو يدرس في المدرسة نفسها في البداية ،
لكن درجاته كانت دائمًا دون المتوسّط
ولمنع المقارنة بينه وبين شين آنتو ، توسّلت والدة شين
تشاو إلى شين كايفينغ لينقله إلى مدرسة ثانوية خاصة
أما شين تشي وشين مينغفي فكانا أصغر سنًا، ولا يزالان في
المرحلة الإعدادية حين بدأ شين آنتو الثانوية ،
ولهذا أصبحت المدرسة ملاذه الوحيد
تابع شين آنتو: “ما لا تعلمه ، هو أن شين كايفينغ—ذلك
المجنون—كان يؤمن بأن ابنه السابق لو كان قد تدرّب على
الفنون القتالية ، لما تم اختطافه ؛
لذا أجبرنا نحن الأربعة على تعلُّم القتال ،
وكان يُرغمنا على خوض نزالات ثنائية أثناء فترات الاستراحة المدرسية .”
استرسل شين آنتو في حديثه ، بينما ظل شي دوو ينصت إليه بصمت
: “ كان شين تشاو يتحيّن الفرص لإيذائي ،
ويستغل تلك النزالات كذريعة لضربي .
كان أقوى مني، ولم أكن أستطيع مجاراته ،
فكنت أذهب إلى الصف ووجهي مغطّى بالكدمات ….”
ثم ابتسم لـ دوو وتابع : “ لا أظن أنك لاحظت ذلك قط "
عجز شي دوو عن النطق ؛ لم يكن يتذكّر شيئًا من هذا كله
: “ لكن لا بأس… لأنني كنت أملكك شي دوو ….
أنت جعلت سنواتي في الثانوية أثمن وأجمل ما عشته في حياتي ”
ارتبك شي دوو قليلًا وسأله: “ في الثانوية… نحن كنا…؟”
ابتسم شين آنتو مجددًا : “ كنا بالكاد نعرف بعضنا، صحيح؟
تلك الليلة حين مرضت وتقيأت، سألتك كيف سعيت خلفي،
وقلت لي إننا بدأنا نواعد بعضنا منذ أيام الثانوية، وأننا بقينا
معًا عشر سنوات دون انفصال… شي دوو ، كنت سعيدًا إلى حدٍ لا يُوصف .
لم أكن أجرؤ حتى على الحلم بأمر كهذا ….
كنت أعلم أنك تكذب، لكنني كنت سعيدًا… سعيدًا للغاية ...
حتى لو لم تلاحظني آنذاك ، أنا وقعت في حبك من أول نظرة ، في أول يوم دراسي .
قد لا تعلم، لكنني كنت من طلب من المعلم نقل مقعدي أمامك .
ثم لاحقًا اشتكيت من أنني أحجب عنك الرؤية إلى السبورة .
و لم يكن من المفترض أن نكون في الغرفة نفسها خلال مسابقة الفيزياء ،
لكنني توسلت إلى زميلك وهددته قليلًا ليبدّل مكانه معي—
وفي النهاية، لم تأتِ للسكن هناك أصلًا.
وعندما فاتني حفلة التكريم، كنت أنت من أحضر لي شهادة الجائزة .
كنت أنوي أن أستغل تلك الفرصة لأحادثك… لكنك خرجت
من القاعة دون أن تقول كلمة واحدة…
الجلوس في نفس الصف معك كان نعمةً وعذابًا في نفس الوقت ….
الثواني القليلة التي كنا نتبادل فيها الواجبات كانت أسعد
لحظات يومي — لأنني في تلك اللحظات كنت أحمل
دفترك ، وكان الأمر أشبه بأننا نتلامس من بعيد ،
وكأن أيدينا تتلامس عبر الورق…
حتى أنني حاولت أن أعطيك رسالة حب ذات مرة ،
لكنني بالصدفة رأيتك ترفض اعتراف فتاة ببرود ، فتراجعت .
تخيلت أنك ستستخدم نفس النبرة معي،
ولو حدث ذلك فعلًا ،،،، ربما كنت سأقفز من فوق مبنى المدرسة ….
لهذا، حين جاء وقت اختيار التخصص ، اخترت المسار الأدبي…”
شي دوو ،،،، لقد حاولت… حاولت كثيرًا ….
لكنك لم تلاحظني أبدًا
أحببتك سرًّا طوال سنوات الثانوية الثلاث ،
ثم طوال السنوات التسعة التي تلتها… شي دوو … لقد
مضى نصف عمري تقريبًا ، ولم يمًر عليَّ يومٌ واحد دون أن أفكّر فيك ”
شعر شي دوو بالخدر يتسلل إلى جسده كالصقيع
نظر إلى شين آنتو بين ذراعيه :
“ ماذا قلت للتو ؟”
يتبع

تعليقات: (0) إضافة تعليق