Ch59 | TDVWD
بعد أن انتهى من غسل قدميه، وبينما تشي مو ياو يتردد إن
كان عليه البقاء، ارتدى شي هواي معطفه وحده وقال:
“ سأذهب إلى برج الطبول .”
: “ ستذهب؟” بدا تشي مو ياو مندهشًا جدًا
فبحسب طبع شي هواي، كان من المفترض أن يجادل حتى
النهاية، كيف له أن يقرر الرحيل من تلقاء نفسه
هواي : “ اووه ، ستصبح لي عاجلًا أم آجلًا ، لذا لن أجبرك
على فعل شيء لا تحبه بعد الآن ”
أسرع تشي مو ياو بارتداء جوارب نظيفة وقال:
“ إذًا سأساعدك في توضيب أغراضك .”
: “ لا، لا حاجة لأن تقوم بهذه الأمور من أجلي .
أستطيع الاعتناء بنفسي .”
سار شي هواي نحو الباب، ثم التفت بنظرة أخيرة
وفي النهاية، أخذ حوض الحجر وسكب مياهه قبل أن يغادر
جلس تشي مو ياو على السرير، يعانق ركبتيه،
يراقب ما يحدث دون أن يعرف بماذا يشعر
{ من كان يتخيل أن السيد الشيطاني العظيم بنفسه سيساعدني
على مسح جسدي ويكب ماء حمامي ؟ }
غطى وجهه بيديه وسقط مستلقيًا على السرير ،
غارق في أفكاره
ثم أمسك ببطانيته وبدأ يتقلب
{ ما حدث اليوم بعد خروجي من الأرض النقية كان مُخزيًا للغاية !! }
لمجرد التفكير فيه ، كان وجهه يحمرّ
دفع نفسه ليجلس ، يفكر إن كان عليه الذهاب للاطمئنان على شي هواي
لا يزال قلقًا من أن هذا السيد المدلل لا يعرف كيف يرتب لنفسه
لكنه استلقى مجددًا ، مجبرًا نفسه على التحمل
{ لا عجب أن شي هواي لم يتخلّ عني بعد ….
يقول أنه لا يهتم ، لكنه لا يكفّ عن ملاحقتي }
وبينما يفكر في ذلك، استلقى على ظهره
{ هل أنا أحب شي هواي ؟
هل… تغيرت مشاعري ؟ }
وضع يده على صدره وتحسس نبضات قلبه
وفجأة، احمرّ وجهه
ارتفعت زوايا فمه دون إرادته، واجتاح قلبه شعور عارم بالمشاعر
أدرك أنه، بعد معرفته بأن شي هواي سيأتي ، كان قلقًا
لكنه أيضًا يتطلع إلى قدومه
من عدد المرات التي نظر فيها إلى الغابة ،
ومن السعادة التي شعر بها حين وصل شي هواي ،
استطاع تمييز مشاعره
{ لو لم أكن عالقًا هنا ، هل كنت سأدخل العزلة في طائفة تشينغ زي ؟
ربما …
رغم أن الأمر قد يكون مؤلمًا ، ملتهبًا ! وقد تُصبح ليالييّ بلا نوم …
إلا أنني … سأكون محاطًا بالحب ومدللًا جداً
وقد ظهر هذا جليًّا في تصرفات هواي بعد خروجه من الأرض النقية …
أول ما رغبت به هو رؤية القطط الصغيرة ، التي لم أرها منذ
زمن ،، ثم أردت مشاركتها مع شي هواي
ولم أرفض القبلة التي تلت ذلك
لو لم أكن أحب شي هواي في أعماقي ، لكان ذلك قد ظهر في الضباب سابقاً
كنت سأدفعه بعيدًا وأُظهر نفورًا شديدًا ، لكنني لم أفعل ...
بل على العكس ، حتى أنني تجاوبت معه …
هذا يعني أنني لم أكره الأمر … }
ومهما كان بليدًا ، كان تشي مو ياو قادرًا على إدراك ذلك
الجو بارد قليلًا ليلًا ،
لكن نسيم الأرض النقية كان لطيفًا ودافئًا على نحوٍ غامض
و غرف التأمل هادئة ،
والرياح تتسلل من النوافذ شبه المغلقة ،
كأنها لمسة حب خجولة تنساب إلى القلب
ذلك الحب كان مهيمنًا ، كشي هواي تمامًا
كان يناديه من أعماق قلبه، يطالبه بالانتباه
ما كان يخشاه في الماضي، ما كان يهرب منه، بات يهتم به
كان قد فكر يومًا أن يفترقا بعد أن يسدد كل ما عليه ،
لكنه الآن ، فكّر — { أنا له
هل سيكون شي هواي من نصيبي ؟
هل سيُصبح شريكي زراعة ؟
هل ستتفتح الزهرة على ظهري من أجل شي هواي ؟ }
كل هذه الأسئلة حالت دون نومه الليلة
——————-
في صباح اليوم التالي ،
جلس تشي مو ياو مع يي تشيانشي وأشعلا النار لطبخ الطعام معًا
لم يكن يعلم إن كان شي هواي يحب السمك،
لكن معظم المزارعين هنا لا يحبونه لكثرة عظامه،
خصوصًا بعد سنوات من التمرن على الاستغناء عن الطعام،
حتى إنهم نسوا كيف يبصقون العظام
فجأة تذكر تلك المقولة عن ألسنة آكلي السمك …
توقف في منتصف حركته
{ تبًا ، لقد فسدت أفكاري منذ دخولي إلى طائفة هي هوان ! }
قالت يي تشيانشي وهي تقطع قطعة من اللحم النيء
وقدمتها إلى الثعلب الأزرق، الذي لم يأخذها،
فاضطرت لإعطائه قطعة مطبوخة:
“ بماذا تفكر بعمق هكذا ؟”
{ يا له من مخلوق مدلل }
تردد تشي مو ياو: “ شيجي…”
: “ مم ؟”
: “ لو أنني… يومًا ما…”
: “ عجل بالكلام ، ليس لدي وقت للاستماع إلى تمتماتك .”
: “ لو انضممت لاحقًا إلى طوائف الشياطين…”
ضحكت يي تشيانشي، ثم نظرت حولها وهمست :
“ ماذا ، هل قررت أخيرًا ؟”
: “ قررت ؟”
: “ اوووه !! بين شي هواي ويو يانشو "
: “ لا يوجد شيء بيني وبين الأخ يو !”
: “ إذًا لديك شيء مع شي هواي؟”
“…”
شعر تشي مو ياو ببعض الحرج وتابع شوي السمك :
“ أنا فقط أسألك… ماذا لو أصبحنا في فصيلين متعارضين …”
: “ ستبقى شيدي مهما حدث .
المعلم وأبي لن يمانعا . طائفتنا أصلًا على حافة الخير والشر ،
لذا هذا الأمر ليس كبيرًا .”
عند سماعه هذا الجواب ، شعر تشي مو ياو بالارتياح
الناس ليسوا كالأشجار أو العشب ، كيف لا تكون لديهم مشاعر ؟
لقد قضى تشي مو ياو وقتًا في مدرسة يو تشونغ،
ولم يكن يهتم كثيرًا بما يقوله الآخرون عنه،
لكنه كان يهتم بأفراد المدرسة أنفسهم
وإذا لم يكرهوه بسبب هذا القرار ، فسيشعر بطمأنينة أكبر عند اتخاذه
دوَّن في ذهنه أن يأخذ بعض السمك المشوي إلى شي هواي،
خشية أن يكون جائع
{ ربما أصحاب القامة الطويلة يأكلون كثيرًا }
وذكَّر نفسه أن يصطاد مزيدًا من الفرائس لإطعام شي هواي
كان منشغلًا بذلك لدرجة أنه لم يلحظ نظرات الثعلب الأزرق
وكانت يي تشيانشي منشغلة بتنظيف الأسماك، فلم تلتفت إليه أيضًا
ظل الثعلب يحدّق بتشي مو ياو طويلًا ،
ثم نظر إلى يي تشيانشي، وتكور بجانبها،
دافنًا رأسه في نوم خفيف
أخذ تشي مو ياو السمك المشوي وذهب للبحث عن شي هواي،
فرآه جالسًا على سطح برج الطبول، يحدق إلى المسافة
تراجع بضع خطوات ، ثم قفز سريعًا إلى الأعلى
بفضل مهارة الخطوات الخفيفة التي تدرب عليها في طائفة هي هوان ،
صعد البرج بسهولة
لكن حجارة سطح البرج كانت مرتخية ، فاختل توازنه ،
ولحسن الحظ ، أمسك شي هواي بيده وسحبه إلى جانبه
جلس تشي مو ياو بجانبه وناول إليه السمك المشوي :
“ هل تعرف كيف تأكل السمك ؟”
: “ ولم تسأل؟”
: “ لأن فيه عظامًا .
أخشى أن تعلق في حلقك إن لم تعرف كيف تبصقها .”
: “ ألا يوجد طعام أقل إزعاجًا من هذا ؟”
: “ اللحوم الأخرى أُكلت ولم يتبقَّ سوى هذا .
إن لم تعرف كيف تأكل السمك ، فسأنتزع العظام وأطعمك إياه ...
دعني أغسل يدي ...” أخذ تشي مو ياو السمكة ،
ونزع قطعة منها ،
وبدأ يخرج العظام منها بعناية ،
ثم قدّمها لشي هواي : “ افتح فمك ”
لم يكن شي هواي بذلك الدلال ،
لكنه أحب أن يعتني به تشي مو ياو ،
فتركه يطعمه بسهولة
كان تشي مو ياو دائمًا شخصًا صبورًا ،
ويقوم بكل شيء بعناية شديدة
أطعم شي هواي قطعة تلو الأخرى ، كجد عطوف يطعم حفيده
قال شي هواي بعد أن أكل بضع لقمات، مشيرًا بذقنه:
“ انظر إلى فزاعة سو يو هناك .”
رفع تشي مو ياو نظره ولاحظ أن فزاعة سو يو خارج برج الجرس المقابل ،
يتكئ على الحائط وكأنه يغفو تحت أشعة الشمس
: “ ماذا يفعل؟” سأل تشي مو ياو وهو يواصل انتزاع العظام
: “ نحن في حالة جمود . يظن أنه وجد الكنز ،
لكن بما أنني أراقبه ، فلا يستطيع الاقتراب منه .
وإلا، قد أستولي عليه منه .”
سو يو ثعلب عجوز عاش لألف سنة
من كان يتخيل أنه سيُقيَّد يومًا بثعلب صغير في العشرينات من عمره
{ الدنيا تدور فعلًا }
تابع شي هواي مراقبة الأرض النقية وقال: “ يوجد هنا كنز
بوذي . كيف يتم استخدامه؟
هل يمكنه أن يطهر كل الهجمات…؟”
اقترب تشي مو ياو ليطعمه قطعة أخرى : “ افتح فمك "
: “ ااءء ...” توقف شي هواي عن تحليله وأكل السمك
قال تشي مو ياو بينما ينتزع العظام:
“ سو يو في مرحلة ولادة الروح ، وهو سماوي موقر بقوة
الذروة في هذه المرحلة . لماذا تراقبه بهذا القرب ؟
ماذا لو غضب وأراد قتلك فعلًا ؟”
شي هواي :
“ سو يو يضع عينيه عليك .
مستوى زراعتك منخفض للغاية ، وليس لديك قدرة على القتال .
إن استطعتَ الحصول على هذه الأداة الروحية واستخدمتها لإبطال الهجمات ،
فحتى لو لم تتمكن من هزيمته ، يمكنك على الأقل أن تحمي نفسك من الأذى .”
تفاجأ تشي مو ياو قليلًا :
“ أأنتَ تراقبه من أجلي ؟”
: “ وإلا ماذا ؟ أتعقد أنني أفتقر إلى الأدوات الروحية ؟”
: “ هاه …” ناوله قطعة لحم أخرى بابتسامة لطيفة :
“ شكرًا لك يا سيد الطائفة الشاب .”
كان شي هواي يحدق في سو يو، لكن في تلك اللحظة، جذبه
وجه تشي مو ياو المبتسم
لم يستطع أن يُبعد بنظره ، وكأن هذا المشهد وحده جعل
الرحلة كلها تستحق العناء
أما الفزاعة الموجود في برج الجرس المقابل ،
فقد لمح ما يجري ، وبدا أنه يحتقر هذا الثنائي المليء بالحب ،
فاستدار حتى لا يضطر إلى رؤيتهما
لكن الاثنين لم يهتما
واصلا الجلوس جنبًا إلى جنب، وأكمل شي هواي التهام السمكة المشوية
بعد أن شبع شي هواي ، بقي يراقب تحركات سو يو بينما نزل
تشي مو ياو من برج الطبول بمفرده ،
إذ كانت أمامه مهام كثيرة عليه إنجازها
————————
في طريق تشي مو ياو للبحث عن يي تشيانشي قابل يو يانشو الذي بادره بالسؤال :
“ هل كان سيد الطائفة الشاب يضايقك ؟”
: “ هاه ؟ لا!”
: “ رأيت من بعيد كيف كنت تطعمه .
إن سبب لك أي متاعب ، يمكنك إخباري ، وسأحذره نيابةً عنك .”
فهم تشي مو ياو مقصده ، وابتسم :
“ الأخ يو شكرًا لاهتمامك .
أنا من أردت ذلك، ولا أراه يسبب لي أي إزعاج .”
: “ اها …”
: “ وأيضاً إنه يعرف من أكون ، وعلاقتي به أفضل مما تظن .
هو لن يضايقني ، وأنا أعرف أنه شخص جيد ، لذا لا داعي للقلق بعد الآن .”
{ بما أنني قد حسمت أمري ،،، عليّ أن أُلمّح بلطف إلى يو يانشو ليفهم
إن كان حدسي صحيح ، فـ يو يانشو شخص ذكي ،
و سيفهم فورًا ، ويتوقف عن التفكير في الأمر من الآن فصاعدًا
وإن كنت مخطئ ، فلن يلاحظ يو يانشو أي شيء غريب في كلماتي ،
وسيظن أنني أُعبّر فقط عن أن علاقتي بـ شي هواي ليست
سيئة ، ولن يفكر في الموضوع كثيرًا
بما أنني تأكد من نواياي ؛ فعليّ أن أتصرف بما يناسبني }
تفاجأ يو يانشو لوهلة ،
وظهرت في عينيه مشاعر متداخلة — شيء من الحزن ،
ومن التردد ، وفي النهاية ، الاستسلام بالأمر
ومع ذلك ، ظل يو يانشو كعادته ، مهذبًا . أومأ مباشرة :
“ حسنًا، فهمت .
يبدو أنني كنت قلقًا أكثر من اللازم .”
ثم غادر من دون أن يُطيل البقاء
عاد تشي مو ياو شاردًا إلى جانب يي تشيانشي،
ولمّا استقر هناك أخيرًا، نظر إلى الثعلب الأزرق
كل اهتمامه خلال اليومين الماضيين كان منصبًا على شي هواي
جثا بجانب الثعلب الأزرق ومد يده، لكنه تردد
—— نظر الثعلب إليه في الوقت نفسه
صمت كلاهما ، لكن بدا أن كليهما شعر بهالة الآخر
فتح تشي مو ياو عينيه بدهشة، ثم تمالك نفسه وسحب يده
التفت إلى يي تشيانشي قائلًا:
“ شيجي سأدخل الثعلب الأزرق إلى الداخل لأفحصه.”
ردت عليه :
“ لقد فحصته مسبقًا ، ليس مصابًا ، لكنه نحيل قليلًا .”
: “ أريد اللعب معه قليلًا أيضًا .”
: “ حسنًا، لا بأس.” لم تعره انتباهًا كبيرًا ، منشغلة في عملها
بدلًا من حمل الثعلب كما كانت تفعل يي تشيانشي،
وقف تشي مو ياو وتوجه مباشرة إلى غرفة التأمل خاصته
و تبعه الثعلب الأزرق بصمت
دخل الاثنان غرفة التأمل، وأغلق تشي مو ياو الباب خلفهما
نظر إلى الثعلب الجالس على الأرض وسأله باحترام:
“ هل أنت مصاب ؟”
لم يتحرك الثعلب
: “ أنت وافقت على الدخول معي لأنك تشعر بهالة غزال اليونّي عليّ، أليس كذلك؟
أتعقد أن من اختاره الغزال لا يمكن أن يكون شخصًا سيئًا؟”
كان غزال يونّي عديم اللون بارعًا في تمييز الشخصيات.
فكيف يمكن لمن يختاره أن يكون شريرًا ؟
أمال الثعلب رأسه ناظرًا إليه
بدا هادئًا وصامتًا ، وكأنه لا يفهم كلمة مما قيل له
لم يتعجل تشي مو ياو
وضع يديه على ركبتيه ونظر إليه برفق، وسأله مجددًا:
“ أريد مساعدتك. هل تثق بي؟”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق