Ch3 | IOWY
صوت شيه يون تشي لم يكن عاليًا،
لكنه جذب انتباه الأشخاص الثلاثة المتشابكين في الموقف فورًا،
مما جعلهم جميعًا يلتفتون في الوقت نفسه نحو مصدر الصوت
عندما رآه يان لان، لمعت عيناه بدهشة،
من الواضح أنه لم يتوقع ظهور شيه يون تشي هنا
أما الشخصان الآخران في المشهد، فلم يكونا هادئين أيضًا،
خاصة شو شينان الذي لم يتمالك مشاعره ، واكتفى بجملة قصيرة :
“شكرًا ، الرئيس شيه”، لكنها كانت تحمل في طياتها مفاجأة وسعادة واضحة
تقدّم شيه يون تشي نحوهم، وأومأ برأسه قليلًا نحو شو شينان، ثم التفت إلى يان لان قائلًا:
“ الأستاذ يان سأوصلك أنت وصديقتك إلى المنزل .”
ورغم أن نبرته في هذه اللحظة بدت لطيفة،
إلا أن كلماته حملت في طياتها طابعًا حاسمًا لا يسمح بالرفض
ظهرت لمحة امتنان خفيفة في عيني يان لان ،
فأمسك بيد يانغ شياولِي الواقف خلفه ،
وتجاوز شو شينان ،
وتقدّم نحو شيه يون تشي
ثم رفع يده اليسرى وأدى إشارة بلغة الإشارة ،
حيث شكّل قبضة بيده ثم أشار بإبهامه إلى الأعلى والأسفل
مرتين — وهي إشارة بسيطة ومباشرة تعني “شكرًا لك”
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي شيه يون تشي
ولم يُلقِ نظرة أخرى على شو شينان
بل غادر برفقة يان لان ويانغ شياولي
وأثناء انتظارهم المصعد ، التفت شيه يون تشي وسأل يان لان :
“ الاستاذ يان هل تود أن أوصيكما مع السائق ؟”
كان يان لان على وشك أن يهز رأسه رفضًا ،
لكن يانغ شياولي جذبه بلطف وأشار إليه بعينيه
نظر إليه يان لان باستغراب، فأومأ يانغ شياولي بشفتيه دون صوت : ' وافق '
تردد يان لان قليلاً ؛ لم يكن يريد إزعاج شيه يون تشي
أما الأخير، الذي لم يلاحظ التبادل الصامت بينهما ،
فانشغل بتعديل أزرار أكمامه المرصّعة بالأحجار الكريمة ، وقال بنبرة هادئة :
“ لا بأس . حفلة عيد الميلاد لن تنتهي قريبًا .
يمكن للسائق أن يُوصلكما ثم يعود ،
هناك متسع من الوقت .”
عند سماع ذلك ، أنزل يان لان عينيه قليلاً
كانت عيناه الصافيتان قد خفت بريقهما فجأة
ثم هزّ رأسه ببطء ، ورفض العرض بلغة إشارة بسيطة :
" شكرًا ، سنأخذ سيارة أجرة "
أومأ شيه يون تشي دون أن يُلحّ ، وبعد وصول المصعد ،
طلب من أحد مساعديه مرافقة يان لان ويانغ شياولي إلى الطابق الأرضي
أما هو، فقاد الباقين إلى مصعد آخر ،
متجهًا إلى الطابق العلوي من الفندق
ظلّ يانغ شياولي ملتصقًا بيان لان في صمت ،
ممسكًا بذراعه كطائر صغير يتشبث بمن يرعاه
وبعد أن أوصلهما الشاب المهذب — مساعد شيه يون تشي،
إلى خارج الفندق،
ترك يانغ شياولي يد يان لان ، ثم وخزه بإصبعه السبابة وقال:
“ لماذا لم تخبرني أنك تعرف شيه يون تشي ؟”
أخرج يان لان هاتفه وكتب :
[ لسنا على معرفة حقيقية ، هو رئيس عملي الجزئي ]
أطلق يانغ شياولي صوت “آه” طويلة وقال:
“ لا عجب إذًا أنه كان كريمًا جدًا وناداك بالأستاذ يان .”
هزّ يان لان كتفيه بلا مبالاة
ثم شبك يانغ شياولي ذراعه بذراع يان لان وسارا معًا قائلًا:
“ أنا جائع ، هيا نتناول وجبة خفيفة .
طاجن حار . ستكون على حسابي .
صدقني ، أشعر أنني على وشك أن أتقيأ دمًا من شدة الغيظ الليلة…”
وفي طريقهما لتناول الطاجن الحار ،
شتم يانغ شياولي شو شينان قرابة ثمانمئة مرة ،
ولم يُكرر جملة واحدة
وذلك لأنه كان من الممكن أن يقضي ليلة رائعة ،
وربما يبدأ علاقة رومانسية مع مغنٍ رئيسي مشهور إلى حد
ما من إحدى الفرق…
القصة طويلة بعض الشيء —— وعندما جلسا أخيرًا في المطعم ،
بدأ يانغ شياولي يسرد كيف التقى بالمغني بيان شيانيانغ من فرقة ' التجوال في المحيط' ،
وكيف تظاهر بأنه من المعجبين القدامى بالممثلة ياو جيني ليكسب ثقته ،
وبمساعدته تمكّن من التسلل إلى الفندق ،
إلى أن ظهر فجأة ذلك الشقي شو شينان
وتابع :
“ كنت غاضبًا جدًا لدرجة أنني شعرت أنني سأفقد وعيي .
كنت أنوي التسلل إلى حفلة عيد الميلاد لأرى إن كان
بإمكاني الحديث مع المغني بيان شيانيانغ مجدداً
لكن شو شينان ظهر فجأة !”
كان يان لان يتناول قطعة يو تياو منقوعة في الحساء ،
ونظر إليه بتعبير حائر
فاضطر يانغ شياولي إلى إخراج هاتفه والبحث في بايدو ليُريه الصور
كانت صورة لشاب بشعر أزرق فاتح ، وبشرة بيضاء ،
وملامح وسيمة ، يبدو من ذلك النوع الذي يُرسلن له
الفتيات رسائل حب حتى تتشنج يده من كثرتها خلال أيام الدراسة
قال يانغ شياولي :
“ لقد ساعدني على الدخول ، بل وقال إنه يستطيع أن
يساعدني في الحصول على توقيع ياو جيني "
ثم تنهد، ووضع هاتفه جانبًا ،
والتقط كرة سمك باستخدام أعواد الطعام ووضعها في فمه
: “ لكن للأسف ، لم أتمكن من الحصول على توقيعها حتى .”
أخرج يان لان هاتفه وكتب :
[ هل أنت معجب بالممثلة ياو جيني ؟ ]
هزّ يانغ شياولي رأسه :
“ لا فقط أردت أن أرى بيان شيانيانغ مجدداً ”
واصل يان لان الكتابة :
[ بإمكانك الذهاب إلى حفله الغنائي ]
قال يانغ شياولي وهو يهز كتفيه :
“ فكرة جيدة . إذا استطعت الحصول على تذكرة .”
⸻
قاعة الولائم في الطابق العلوي من فندق كيبسبين —-
وصل شيه يون تشي متأخرًا ،
وكان نادل ينتظره عند الباب ، قدّم له على الفور كأسًا من الشمبانيا
وما إن التقط الكأس من الصينية، حتى بدأت أنغام ناعمة —
ليست مرتفعة ولا خافتة — تُنسج بانسجام مع عزف
التشيللو داخل قاعة الحفل
كانت ياو جيني ترتدي فستانًا أحمر ضيقًا على شكل ذيل سمكة، أنيقة وجذابة،
وتقدّمت بخطى واثقة نحو شيه يون تشي،
ثم تبادلت معه تحية خفيفة من خد إلى خد، بطابع حميمي
شهد الكثير من الحضور هذا المشهد،
ولم تخفِ نظراتهم الفضولية والمُراقِبة
فالعلاقة الغامضة بين الممثلة الحائزة على جائزة جولدن
أوورد ثلاث مرات، ياو جيني، وشيه يون تشي، النجم الصاعد
في عالم المال والأعمال ، كانا معروفان على نطاق واسع
ورغم أنهما لم يُعلنا صراحة عن تلك العلاقة ، فإنهما لم ينفياها أيضًا
وفي هذه اللحظة ، بدا أن شيه يون تشي — متجاهلًا كل
الشائعات الرومانسية ،
حضر ببساطة حفل عيد ميلاد ياو جيني ، بسلوك هادئ وغير متكلّف
مما منح الحضور انطباعًا مزدوجًا : إما أنه صديق عادي جاء
ليهنئها ،
أو أنه حبيب حضر بصفة طبيعية ليشاركها هذه المناسبة الخاصة ،
وفي كلتا الحالتين… لقد أحسن التصرف —-
خلال الأيام الماضية ، وبسبب عيد ميلاد ياو جيني وتزايد
الشائعات المحيطة بشيه يون تشي، شهدت بيانات البحث
المتعلقة بها على الإنترنت ارتفاعًا صاروخيًا،
وتصدّرت قائمة المواضيع ذات القيمة التجارية الأعلى
أما شركة فينوس للمجوهرات التي يديرها شيه يون تشي،
فقد واصلوا تقدمهم بثبات ،
متجاوزين بذلك كل الأحاديث السلبية التي انتشرت عقب
وفاة شقيقه شيه هان تشي في حادث سيارة
وكان يُشاع سابقًا أن شيه يون تشي غير قادر على تولّي زمام
الشركة بعد شقيقه ،
لكنه أثبت العكس تمامًا — لم يكتفِ بإدارة فينوس، بل جعلها أكثر ازدهارًا
نظرت ياو جيني إليه بعينيها الجميلتين المتألقتين بالعاطفة ، وقالت برقة :
“ يون تشي ظننتُ أنك لن تأتي .”
أجابها بابتسامة خفيفة تظهر في عينيه وحاجبيه :
“ التقيتُ بأستاذ تيانتان في طريقي ، لذا تأخرت قليلًا ”
: “ وكيف حال تيانتان؟”
: “ إنه بخير ”
أخذت ياو جيني ذراعه بمودة ،
وسارا معًا نحو ساحة الرقص ،
بينما واصلت الحديث بصوتها العذب :
“ سأبدأ مشروعًا جديدًا بعد أيام…
إذا كان لديك وقت، هل ستزور موقع التصوير ؟”
ردّ شيه يون تشي إجابة غامضة :
“ إذا كان لدي وقت .”
لمعت خيبة أمل عابرة في قلب ياو جيني ،
لكنها سرعان ما أخفتها وابتسمت من جديد
“ هل نرقص ؟”
: “ بكل سرور "
⸻
في اليوم التالي ،
وبينما يان لان لا يزال نائمًا ،
اجتاحت الإنترنت أخبار حضور شيه يون تشي حفل عيد
ميلاد ياو جيني ،
وتحديدًا صورة له وهو يحتضن خصرها برفق على ساحة
الرقص الذهبية
وسرعان ما أصبحت الصورة منتشرة في كل مكان ،
وتحوّلت إلى خبرٍ متداول على نطاق واسع
عندما استيقظ يان لان ، كان يانغ شياولي قد بدأ بالفعل بمناقشة الأمر معه
قال وهو يتصفح الأخبار:
“ إن نظرنا للأمر من هذا الجانب ، ربما سيتزوجان .”
فتح يان لان عينيه قليلاً بدهشة ،
ورفع يده اليمنى ورسم علامة استفهام كبيرة في الهواء
: “ مجرد إحساس ، لكنهما يبدوان متناسبين جدًا.
وإذا كانت ياو جيني ترغب بالزواج ، فاختيارها لشيه يون تشي سيكون رهانًا آمنًا.
شاب، وسيم، ثري، وكفء.
لو تزوجا فعلًا، سيكون ذلك انتصارًا مضاعفًا في الحب
والعمل… أمر يدعو للحسد حقًا .”
ثم هزّ يانغ شياولي رأسه بإعجاب ،
ونهض من السرير قائلًا :
“ مومو هل ترغب في دقيق الشوفان ؟ أعدّ لك وعاءً ؟”
أومأ يان لان برأسه ، وما زالت عيناه مغمضتين من أثر النوم
مثل يانغ شياولي ، الذي لم يعد إلى منزله منذ سنته الجامعية الأولى ،
فإن يان لان لم يكن يعود إلى منزل عائلة أيضًا
لكن السبب عند يانغ شياولي كان أن والده تزوّج امرأة جديدة ،
بالكاد تكبره ببضع سنوات ، وأنجب منها صبيًا
ومنذ ولادة ذلك الطفل، غادر يانغ شياولي المنزل ولم يعد إليه
و والده لم يطلب منه العودة مطلقًا
بخلاف تحويل الأموال شهريًا لتغطية الرسوم الدراسية ومصاريف المعيشة ،
لم يكن بينهما أي تواصل إضافي ،
ولا حتى معايدة في المناسبات أو الأعياد
ولم يكن يان لان يعلم حقًا ما الذي يدور في ذهن يانغ شياولي ،
لأنه كان دائمًا يبدو خفيف الظل ، بلا هموم
رغم أن لديه عائلة وأقارب ، إلا أن نمط حياته لا يختلف
كثيرًا عن حياة يتيم حقيقي مثله
خلال النهار ، لم يخرجا من السكن
نام يانغ شياولي معظم اليوم ،
بينما انشغل يان لان إما بالرسم أو بقراءة الكتب
ومضى الوقت بسرعة ، وفجأة كانت الشمس توشك على المغيب
وبعينين منتفختين من كثرة النوم ، جلس يانغ شياولي
لتناول عشاءه المعتاد من دقيق الشوفان للحفاظ على وزنه،
ثم نظر إلى يان لان الذي كان يفتح علبة نودلز سريعة
التحضير بدلًا من طعامه المعتاد، فلم يتمالك نفسه وسأله:
“ مومو ألم تكن تكره النودلز الفورية ؟”
أومأ يان لان برأسه مؤكدًا ، بينما يفتح كيس التوابل ويسكب
الماء الساخن بانتباه
راقب يانغ شياولي ملامحه الهادئة الباردة ،
ثم ضحك فجأة وأمسك هاتفه من على الطاولة ،
ودخل إلى منتدى كلية الفنون قائلاً :
“ أكيد السبب هم أولئك الضفادع اللي دايم يثيرون
المشاكل صحيح ؟
إذا لم أُعدهم لبطون أمهاتهم باللعنات لن يكون اسمي يانغ !”
لكن يان لان أمسك بيده،
مانعًا إياه من إثارة المتاعب في المنتدى،
ثم هزّ رأسه بهدوء، وأخرج هاتفه وكتب :
[ لا بأس… على الأرجح باتوا يكرهونني الآن ]
قرأ يانغ شياولي الجملة ، ثم التفت ينظر إليه مليًّا :
“ أنت… هل يُعقل ؟”
أومأ يان لان بصمت
فانفجر يانغ شياولي ضاحكًا:
“ هاه! هههههههههههههه —”
ضحك يانغ شياولي بشدّة، يصفع الطاولة بيده من شدة
الفرح الذي لم يستطع السيطرة عليه
لكن بعد نوبة الضحك ، اتّخذ فجأة ملامح جديّة وقال:
“ عليك أن تكون حذرًا عندما تخرج .
انتبه… قد يحاولون الانتقام منك .”
كان يان لان في الواقع قلقًا من هذه المسألة
فبالنسبة لأولئك الطلاب الرياضيين، الكرامة تعني كل شيء
وقد أحرج ذلك الفتى صاحب قصة الشعر القصير أمام
الجميع، وشعر أنه لن يدعه يمرّ بالأمر بسهولة
………………
بعد عدّة أيام ، حان وقت حصة يان لان لتعليم تيانتان الرسم مجددًا
جلس يانغ شياولي أمام الحاسوب ، يحذّر صديقه المغادر قائلًا :
“ إذا حدث شيء ، اتصل بي فورًا .
سأبلغ الشرطة لينقذوك حالًا !”
أومأ يان لان برأسه ، ثم أخذ حقيبته القماشية وخرج من السكن
كان منزل عائلة شيه بعيدًا نسبيًا عن كلية الفنون ،
ولم تكن هناك حافلة مباشرة تصل بينهما
كان يان لان يركب عادة الحافلة من بوابة الجنوب ،
ثم يخرج بعد خمس محطات ويستقل دراجة مشتركة
ليكمل الطريق حتى الوصول إلى هناك
كانت الرحلة بأكملها تستغرق ما يقارب الساعة
تبدأ حصة تيانتان في الرسم عند الثانية والنصف بعد الظهر
وتستمر حتى الرابعة والنصف، مع استراحة لمدة خمس
عشرة دقيقة في المنتصف
كان من المقرر أن يأتي يان لان لتعليم تيانتان كل أربعاء وأحد
وحسب ما يعرفه، فإن تيانتان كان يتلقى دروسًا أخرى في الأيام التي لا يأتي فيها
كان تيانتان طفلًا أصمًّا أبكم ،
لا يسمع ولا يستطيع الكلام
ومع ذلك، فإن شيه يون تشي كان صارمًا في متابعته،
وحرص على توفير أفضل المعلمين القادرين على التواصل معه بلغة الإشارة
لم يكن هناك أي تهاون في تعليمه ،
رغم أن شيه يون تشي نفسه كان مشغولًا دائمًا ونادرًا يعود إلى المنزل
اليوم ، وما إن دخل يان لان المنزل ، شعر بأن هناك أمرًا غير طبيعي
الخادمة المسؤولة عن العناية بتيانتان في هذا المنزل الكبير كانت دومًا مبتسمة ،
ولكن ملامحها اليوم شاحبة ، وعيناها منتفختان قليلًا كما لو كانت قد بكت
في العادة ، لا يتدخل يان لان في شؤون الآخرين ،
لكن مظهر الخادمة لم يكن شيئًا يمكن تجاهله تمامًا
ولذا، بدلًا من التوجه مباشرة إلى الطابق العلوي حيث غرفة
الرسم كما يفعل دائمًا ، استخدم لغة الإشارة وسألها:
“ يا خالة ماذا حدث ؟”
تنهدت الخادمة :
“ تيانتان تشاجر مع السيد شيه "
ظهر فورًا علامة استفهام ضخمة على جبين يان لان
{ تيانتان، الطفل الأصم الأبكم ، يتشاجر مع شيه يون تشي؟!
كيف حدث الشجار ؟ باستخدام لغة الإشارة ؟ }
بدت الخادمة في غاية الانزعاج وهي تقول :
“ خلال الغداء ، كان السيد شيه قد عاد إلى المنزل لبعض
الوقت . وكان تيانتان يأكل بهدوء .
عندما صعد السيد شيه إلى الطابق العلوي ، كان كل شيء طبيعيًّا ،
لكن عندما نزل مجددًا ، فجأة رمى تيانتان الملعقة التي في
يده باتجاه رأسه !”
أصيب يان لان بالذهول، وسارع باستخدام لغة الإشارة:
" وماذا حدث بعد ذلك ؟ "
الخادمة :
“ السيد شيه رأى أن تيانتان تصرّف بطريقة غير مهذبة ،
فحمله وصفعه على مؤخرته .”
استمع يان لان بوجه متجمد ومشاعر متضاربة
{ فلو كان تيانتان قد تصرّف بتلك الطريقة فعلاً ،
فقد يحتاج الأمر إلى بعض التأديب
حتى لو لم يكن يحب عمه ، فهذا لا يعني أنه يملك الحق في إيذائه }
الخادمة كانت تفهم ذلك تمامًا، لكنها كانت تملك ضعفًا خاصًا تجاه تيانتان
فعندما رأت الطفل يبكي بدموع غزيرة ،
و يُصدر فقط أصواتًا ضعيفة ومبهمة ،
انكسر قلبها عليه
قالت له بتوسُّل:
“ أستاذ ، هل يمكنك أن تذهب لتطمئن عليه ؟
بعد أن غادر السيد شيه ،
أغلق تيانتان على نفسه في غرفته .
وكلما حاولت الدخول إليه ،
يختبئ تحت السرير ويرفض الخروج .”
تنهد يان لان داخليًا ، ثم أومأ برأسه ، وصعد إلى الطابق العلوي
فتحت له الخادمة الباب، ثم نزلت ولم تتبعه
وقف يان لان في الغرفة الخالية ، ووضع حقيبة الرسم على الأرض
ثم توجّه إلى السرير الكبير وانحنى ليرى أسفله
وبالفعل ، جسد صغير متكوّر أسفل السرير
عيناه الزرقاوان الجميلتان، كالأحجار الكريمة، تحدّقان فيه ببرود
أما وجهه الصغير، فقد بدا عليه عنادٌ شديد،
وكأنّه لا ينوي الخروج من تحت السرير ما تبقّى من عمره
استلقى يان لان على الأرض، مقلّداً وضعيته ، وأشار بلغة الإشارة :
" ألا تشعر بالحر تحت السرير ؟ "
تيانتان لم يرد
أشار يان لان:
" ألست عطشانًا ؟ ألا تحتاج إلى الحمّام ؟ "
لكن تيانتان بقي صامتًا دون رد
أشار يان لان مجددًا :
" إذا كنت تُريد أن تعارض عمك ، هناك طرق أخرى…
لا تنتهي بالضرب "
أخيرًا، ظهرت استجابة خفيفة من تيانتان
حيث حرّك يديه الصغيرتين ببطء
أشار له يان لان:
" اخرج، وسأخبرك "
تردّد تيانتان قليلًا ، لكنه زحف في النهاية خارجًا من تحت السرير، وجثا على الأرض
ثم رفع وجهه الصغير وأشار بجدّية بلغة الإشارة :
" ما هي الطرق الأخرى ؟ "
أشار يان لان:
" لماذا تكرهه إلى هذا الحد ؟ "
عبس تيانتان حاجبيه ، وبدت عليه علامات التراجع، وهمّ
بأن يزحف عائدًا تحت السرير.
لكن يان لان أمسك بيده بسرعة وأشار:
" حسنًا، لن أسألك . سأخبرك فقط "
رفع تيانتان ذقنه الصغير، وعيناه الزرقاوان تحدّقان في يان لان باهتمام شديد
تردّد يان لان للحظة ، ثم أشار أخيرًا بلغة الإشارة :
" عمك يكره شيئًا بشدة… يكره الحشرات "
عندها، لمعت عينا تيانتان بإشراق مفاجئ
أضاف يان لان:
" لا يخاف منها ، بل يكرهها فقط .
يكره الفراشات أيضًا "
مدّ تيانتان إصبعه السبابة القصيرة ، وقلّد حركة دودة
داخلياً —— ، اعتذر يان لان مرارًا وتكرارًا إلى شيه يون
تشي… ثم أومأ بقوة موافقًا ~
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق