Ch36 | IOWY
حديقة ليو شيانهو واسعة جدًا ،
و سُمّيت بهذا الاسم لقربها الشديد من بحيرة ليشيان،
حتى إن الحديقة تكاد تقع على ضفافها مباشرة ——
في أرجاء الحديقة ،
وجد الاثنان مقهًى مفتوحًا في الهواء الطلق،
فوضع شيه يون تشي باقة الورود على مقعدٍ من الخيزران بجوارهم،
ولم يكتفِ بذلك، بل حرص على تسوية ورق التغليف
الخارجي برفقٍ شديد، خشية أن يتجعّد
أما البطاقة الصغيرة التي كُتب عليها [ يون تشي هل تواعدني؟ ] فقد حفظها بعناية وحرص ،
كأنها كنز لا يُقدَّر بثمن
كان يان لان يسند وجهه بكفّه مستندًا إلى الطاولة ،
يحدّق فيه دون أن يرمش ، ثم أشار بلغة الإشارة :
“ هل أعجبتك الورود ؟”
قال شيه يون تشي مبتسمًا :
“ نعم ، أعجبتني كثيرًا .”
كان واضحًا على وجهه أن مزاجه جيد للغاية ، إلى درجة
فاجأت يان لان نفسه
قال شيه يون تشي وهو يرفع فنجان القهوة من أمامه ،
بنبرة دافئة وعينين هادئتين :
“ كنت أظن أنك ستأتي مع رفيق سكنك وذلك الكوهاي…
هذه أول مرة يخدعني فيها أحد ، ومع ذلك أشعر بسعادة غامرة .”
عندها مال يان لان بجسده قليلًا إلى الخلف ،
وألقى نظرة سريعة من أعلى إلى أسفل على ملابس شيه يون تشي الأنيقة ، ثم أشار متعجبًا بمزاح :
“ كنت أقول في نفسي لماذا تبدو أنيقًا بهذا الشكل اليوم ~~ .”
ضحك شيه يون تشي، ووضع فنجان القهوة جانبًا وأشار إلى ساعته :
“ لقد اهتممت بمظهري فعلًا قبل الخروج
حتى إنني ارتديت ساعتي المفضلة ! "
ضحك يان لان أيضاً ، وضغط شفتيه ليكتم ابتسامته :
“ كل هذا لأن الكوهاي كان سيأتي ؟”
أجابه شيه يون تشي دون تردد :
“ وأيضًا لأنني كنت سأراك ….” ثم بدأ ينظر حوله وهو
يسأل بفضول:
“ هل كان لقاؤنا الأول قبل خمس سنوات هنا في هذا المقهى المفتوح ؟”
هزّ يان لان رأسه نافيًا بلطف :
“ كان على ضفة البحيرة .”
حاول شيه يون تشي استرجاع ذكرياته بدقة وقال:
“ كل ما أذكره عن بحيرة ليشيان يعود لأيام طفولتي…
حين كنت صغيرًا جدًا .”
أشار له يان لان ببطء:
“ عندما التقيتك أول مرة كنت لا أزال طالبًا في الثانوية .
لا أعلم متى لاحظتني لأول مرة ، ولا متى جلست بجانبي ،
أو كم من الوقت أمضيته تراقبني بصمت…
حتى جاء ذلك اليوم الذي كنت فيه على وشك ارتكاب حماقة ، فناديتني.”
قال شيه يون تشي متفاجئًا :
“ حماقة ؟”
ضحك يان لان بصمت ، وكأن الأمر مضحك الآن:
“ كنت حينها تحت ضغط نفسي كبير ، ومضطربًا جدًا ،
فذهبت إلى البحيرة بنيّة أن أهدأ قليلًا في الماء .
لكنك ظننت أنني أريد إيذاء نفسي بالقفز في البحيرة ،
فأوقفتني وبدأت تتحدث معي وتقنعني وتهدئني.”
لم يخطر ببال شيه يون تشي أبدًا أن تكون القصة بهذه الصورة ، فقال بدهشة :
“ إذًا ،،، لهذا السبب قلت إن ما بيننا يُعدّ سداد دين أو معروف ؟”
لكن يان لان هزّ رأسه نافيًا ، ثم أشار بلغة الإشارة :
“ المعروف أمر آخر… أنت تعرف أنني يتيم ، أليس كذلك ؟”
تردد شيه يون تشي قليلًا ، ثم أومأ برأسه
فقد كان هذا من المعلومات التي أطلعه عليها السكرتير لين
في أول مرة تقدّم فيها يان لان للمقابلة ،
وكانت مذكورة أيضًا في سيرته الذاتية
أشار يان لان بلغة الإشارة:
“ نشأتُ في دارٍ للأيتام ، وقد أخبرتني المديرة القديمة
أنني وُجدت عند باب الدار ، التقطتني هناك .
أنا أبكم منذ الولادة ، بسبب مشكلة في الأحبال الصوتية ،
ولهذا السبب تخلى عني والداي البيولوجيون .
لم يكن لي أحد أستند إليه ، ومنذ صغري كنت أعتمد على نفسي فقط .
أحببت الرسم ، ولهذا التحقتُ في الثانوية بتخصص الفنون ،
وحلمت أن أدرس في كلية الفنون الجميلة ، لأطوّر
مهاراتي ، لكنني لم أكن أملك المال .
لم يكن لديّ ما يكفي لسداد الرسوم ،
ولا حتى لتكاليف المعيشة ، كانت تلك المشكلة البسيطة
في ظاهرها، لكنها العائق الأكبر الذي أرهقني وأوقعني في اليأس .”
طوال هذا الوقت ، لم يقاطع شيه يون تشي حديثه ،
بل ظل ينظر إليه بهدوء
لم يكن يان لان يومًا يخجل من ماضيه ،
فشخصيته القوية صقلتها تلك الصعاب ،
وفي اللحظة التي ظهر فيها شيه يون تشي في حياته ،
كان كأشعة الشمس التي تُبدّد الغيوم الكثيفة ،،،
لا كلمات منمقة يمكنها أن تصف ظهوره في تلك اللحظة الحرجة ؛
جاء بصمت ، ورحل بصمت ،
لكنه في قلب يان لان ظل كالجبل، لا يتزحزح ——
حين استحضر يان لان ذكرياته مع شيه يون تشي ارتسمت
على وجهه ابتسامة صادقة :
“ علّمتني كيف أستخدم الرسم لكسب المال ،
وقلت لي أن أصنع ركن صغير عند البحيرة ، أرسم بورتريهات
وأبيع رسوماتي السابقة .
حتى إنك علّمتني كيف أُظهر مأساتي قليلًا لجذب تعاطف
الناس ، وقلت إن ذلك يجعل من السهل الحصول على الزبائن ….
اتبعت نصيحتك ، ولم أستسلم ،
ولم أعد أفكر في القفز في البحيرة .
عندما كنت أرسم عند ضفتها ، كثيرًا ما كنت أتخيل :
هل ستأتي فجأة وتجلس على ذلك المقعد ، وتطلب مني أن أرسمك ؟
كنت أعلم أن ذلك شبه مستحيل ، لكن مجرّد تخيل الأمر كان يمنحني أملًا .
كنت أريد حقًا أن أُقبل في كلية الفنون ،
حتى إذا التقيت بك ذات يوم ، أخبرك بأنني اتبعت
نصيحتك ونجحت ، وأشكرك لأنك دعمتني لأتمسك بحلمي .
لو لم ألتقِ بك في ذلك اليوم ، لما كنت الشخص الذي أنا عليه الآن .”
كان حديثه بالإشارة طويلًا ،
حتى إن بعض الزوّار الجالسين في المقاهي المجاورة التفتوا
إليه ، لكنه لم يكترث ….
كان كل تركيزه منصبًا على شيه يون تشي،
ينظر إليه بنظرة دافئة كأنه هو أثمن شخص في هذا العالم
ثم أشار بلغة الإشارة من جديد:
“ احتفظت بك في قلبي ،
كنت أستعيد كل يوم مشهد لقائنا الأول ،
خائفًا من أن أنسى أي تفصيل بسيط ،
حتى ولو كانت كلمة واحدة .
أنت شخص ثمين في حياتي ، ومنذ لقائنا ، تغيّرت حياتي بالكامل .”
سادت لحظة صمت بعدها ،
لحظة طويلة لدرجة أن يان لان بدأ يشعر بالغرابة
وبعد وقت لا يُعلم مداه ، تنهد شيه يون تشي فجأة ،
وقال بصوت خافت :
“ لقد حاولت جاهدًا أن أتذكر ، لكن ما قلته الآن…
لا أتذكر منه شيئ ، ولا حتى القليل .”
عند سماعه هذا، مدّ يان لان يديه وأمسك بمعصمه، ثم
ضمّ يده اليمنى إلى صدره ،
و من دون أن يتحدث ، لكن تعبيره كان واضحًا
' لا بأس… لم أكن ألومك '
ذاب قلب شيه يون تشي تمامًا ،
وظل يحدّق في يان لان بثبات ، ثم قال :
“ أشعر الآن بشعور غريب… وكأنني أغار "
رفع يان لان حاجبيه باستغراب
شيه يون تشي:
“ لأنني لا أتذكّر أنني التقيت بك في ذلك الوقت ،
ولا أنني شجعتك… كأن الشخص الذي فعل ذلك ليس أنا ،
بل هو شخص آخر يسكن جسدي ، واغتنم فرصة غفلتي
ليخرج ويحلّ مكاني ، وأنت أحببتَه هو "
عبس يان لان بجبينه قليلاً
ابتسم شيه يون تشي ابتسامة باهتة ،
تحمل شيئًا من العجز ، ثم قال:
“ هذا سؤال لا مفرّ لنا منه ، لا بالنسبة لي ولا لك.
دعك من أن خمس سنوات قد مضت ، وإصابتي جعلتني أنسى…
هل تعتقد أنني أنا الآن ، هو نفس الشخص الذي كنت
عليه في ذلك الوقت ؟”
نظر إليه يان لان نظرة مطوّلة ، ثم أومأ برأسه
رفع شيه يون تشي يده وربّت برفق على وجهه الأبيض الناعم، وقال بهدوء:
“ لكنّك ترددت ، وهذا يعني أنك أيضًا تشعر بأن هناك اختلافًا ”
أمسك يان لان بيده التي لامست وجهه ،
ورفعها إلى فمه وقبّلها قبلة خفيفة ،
ثم تركها برفق ، وأشار بلغة الإشارة :
“ أنا أيضًا لست كما كنت قبل خمس سنوات ،
ما كان مهمًّا دائمًا هو ‘أنت’
ثم إنني لا أظن أن نسختك الحالية أقل شأنًا من تلك
الماضية… لقد تخلّيت عن حلمك في الإخراج لأجل
تيانتيان، وعدت لتحمل عبء الشركة، ولم تهرب من
المسؤولية التي كان يجب أن تتحملها… لقد فعلت الكثير ”
هزّ شيه يون تشي رأسه نافيًا :
“ لا… لستُ كما تظنّ ،
لستُ بهذا القدر من الجدارة ”
أشار له يان لان :
“ بل أنت كذلك ، في عيني لا أحد يضاهيك ”
لكن شيه يون تشي قال بصوت مخنوق:
“ لكني لم أحمِيك كما ينبغي .
أنا السبب في وقوعك في هذا الوضع الصعب ،
أنا من جعلك تتحمّل ضغط الرأي العام ونظرات الناس ،
وبرغم كل ذلك ، ما زلت أتمنى أن تحبني إلى الأبد ،
أن تبقى معي للأبد ….”
وبينما يتحدث ، مدّ يده وأمسك بيد يان لان ،
وشد عليه بقوة ، كأنه يخشى أن يفلته ويضيع منه
تابع :
“ أنا لست ذلك الشخص الكامل الذي تتصوّره ،
أغار من نفسي قبل خمس سنوات ،
وأخاف أن يأخذك أحدهم مني يومًا ما.
أريد أن أُحسن إليك ، أن أعتني بك،
لكن كل ما فعلته حتى الآن ليس إلا فوضى…
لم أحمِيك كما يجب ، بل تسببتُ في غضبك ….
أنا لا أجيد شيئًا سوى كسب المال ،
لا أعرف ما تحب أن تأكله أو ما تكرهه ،
لا أعرف لونك المفضل أو ما تبغضه .
لم أفكر بك كما يجب ، كنت فقط أرى الأمور من زاويتي.
ظننت أنك ستفهم ، لأنني تجاهلت الآخرين الذين
يحبونني من أجلك… نسيت أن الأمان لا يُفترض أن تطلبه أنت ،
بل أن أمنحه أنا لك "
في هذه اللحظة ، كان من الواضح أن شيه يون تشي قد غرق تمامًا في دوامة مشاعره
منذ بدء هذه الأزمة ، وهو يفتقر إلى القوة للسيطرة على عواطفه ،
فسقط في فخّ التفكير السلبي ، تائهًا ، قلقًا ، ناقمًا على ذاته
{ حبيبي شخص رائع ، جميل كزهرة ، رقيق كزهرة …
أما أنا —- فلست سوى بستاني مبتدئ ،
مهما بلغ شغفي وحبّي ، إن أخطأت خطوة …
تتبعها أخطاءٌ لا تنتهي … }
: “ مومو…”
ظل شيه يون تشي يردّد اسمه بصوت خافت مرارًا،
وهو يشدّ على يده ليجذبه إلى صدره ويعانقه بقوة،
:
“ أعلم أنني لم أكن جيدًا بما فيه الكفاية ، لكنني سأكون أفضل… أعدك .
سأحسن التصرف ، سأحميك وأرعاك جيدًا ،
وسأضعك دائمًا في المقام الأول داخل قلبي…”
ظل شيه يون تشي يعانقه ويهمس له بالكثير من الكلمات المتواصلة ،
بينما يان لان كان يضع ذقنه على كتفه ، يستمع إليه بهدوء،
وفي بعض الأحيان، كانت يداه الي تعانق خصره تربتان على ظهره بلطف
كان هذا الرجل قد سكن قلبه منذ أن كان في السابعة عشرة
كان أول حب في حياته ، وكان أيضًا الشخص الذي أنقذه
طوال خمس سنوات ، لم يمرّ عليه يوم لم يفكّر فيه ،
ولم يتوقّف يومًا عن التطلع للّحظة التي يراه فيها مجددًا
{ عنيد ،،، أنا عنيد كحمار لا يغيّر طريقه حتى يصطدم بالحائط …
تمسّكت به بكل ما أوتيت من صبر ،
وكأنني لا أستطيع أن أحب سواه …
أنا شخص عقلاني ، صحيح … لكن في داخلي طفل أيضًا ،
أتمنى … أن يكون شيه يون تشي شخصًا لا يرى في هذا العالم سواي …
لا أرضى أن أكون مجرّد ' حبيب ' ….. ما أريده هو ' عمرٌ بأكمله '
كل ما يملكه ، لا يسمح لأي أحد بأن يطمع فيه ،
حتى لو كانت شعرة
شيه يون تشي، منذ البداية حتى النهاية
يجب أن يكون لي وحده … }
شدّ يان لان ذراعيه حوله بقوة،
ثم مال برأسه وقبّله قبلة قوية على وجنته ،
ثم نهض من على المقعد ،
وشدّ شيه يون تشي معه واقفًا ،
ثم أشار برأسه إلى باقة الورد ، مشيرًا له أن يحملها ،
وسحب يده ليخرجا معًا من المقهى
قال شيه يون تشي بابتسامة :
“ مومو إلى أين نذهب ؟”
أشار يان لان إلى بحيرة ليشيان البعيدة
شعر شيه يون تشي بشيء غريب حين نظر مجددًا إلى البحيرة
إحساس غامض، لا يستطيع تفسيره،
وكأن ذاكرة قديمة توشك أن تخرج من الظل…
لكنه في الوقت الحالي لم يرغب في الاقتراب منها
لكن يان لان أصر ، مؤمنًا أن العودة إلى الأماكن القديمة قد
تساعده في استعادة ذكرياته
فأخذه وجلسا على نفس المقعد الحجري الذي جلسا عليه
قبل خمس سنوات ،
وظلا هناك طوال فترة ما بعد الظهر
حتى حين شعرا بالجوع ، لم يغادرا…
بل طلب يان لان طعامًا عبر الهاتف ، ليُسلّم إليهم هنا
بقيا جالسين حتى أوشكت الشمس على الغروب ،
والبحيرة بدأت تعكس مشهدًا محفورًا في ذاكرة يان لان
وفجأة، ابتسم، ثم مال على شيه يون تشي،
طوّق عنقه بذراعه، ورفع رأسه ليقبّل شفتيه
ورغم أن أمامهما مرّ كثير من الناس ،
لم يهتم يان لان بأي أحد ،
وكأنه لا يرى سواهما ،
مستغرقًا في تلك القبلة التي طالما تاقت لها نفسه
منذ زمن ،
أراد أن يفعل هذا في هذا المكان تحديدًا
هذا المكان يحمل له معنًى خاصًّا ،
والتقبيل فيه منحه شعورًا يضاهي ' السعادة بأعظم إنجازات الحياة '
وحين انتهت القبلة ، عضّ شيه يون تشي شفته التي تألمت
قليلًا من شدة قبلة يان لان، ثم قال مبتسمًا:
“ أشعر أن ذلك الإحساس الغريب تلاشى قليلًا الآن…
يبدو أنه علينا أن نعود إلى هنا كثيرًا للمواعيد .”
استدار يان لان لينظر إليه، وعيناه الصافيتان تعكسان ملامح وجهه الجانبي
تبادل معه شيه يون تشي النظرات، ثم قال بصوت هادئ :
“ أنا أحبك مومو "
رفع يان لان يده وربّت بها على صدره ،
ثم على صدر شيه يون تشي
ثم أشار :
" قلبي وقلبك… واحد "
يتبع
كيوت كانو يحتاجو الجلسة ذي مع بعض مررة 🥺
ردحذف