Ch37 | IOWY
قبل حلول الظلام ،
عاد الاثنان من بحيرة ليشيان إلى منزل عائلة شيه —-
وما إن فتح شيه يون تشي الباب حتى رأى تيانتيان يرفع
وسادة الأريكة ويرميها على الأرض ،
ووجهه الصغير عابس جداً ،
بينما وقفت الخادمة بجانب الطاولة وقد ارتسمت الحيرة على وجهها
حتى يان لان لم يستطع كتم دهشته من هذا المشهد ،
فتقدّم نحو تيانتيان الغاضب محاولًا أن يمسك بيده
لكن تيانتيان أخفى يده خلف ظهره
ورفض أن يدعه يمسكها ، بل تراجع خطوتين للخلف
توقف يان لان متفاجئًا ، وهو ينظر إليه بدهشة وابتسامة لا إرادية :
“ ما الذي فعلته ليجعلك غاضبًا مني ؟”
تيانتيان وهو منفعل :
“ لقد أفسدتَ جهازي اللوحي !”
هزّ يان لان رأسه نافيًا أن يكون قد فعل ذلك
فأسرع تيانتيان بغضب والتقط الجهاز اللوحي من الأرض،
وفتحه ليريَه ،
لكنه مهما حاول تشغيل الألعاب ، بقيت الشاشة عالقة على
الصفحة الرئيسية ولم يفتح أي شيء
فأشار يان لان بهدوء :
“ الجهاز ليس معطّلًا ، أنا فقط فعّلتُ وضع الأطفال .
يُسمح لك باللعب ساعة واحدة فقط ، وبعدها يُغلق تلقائيًّا .”
زاد ذلك من غضب تيانتيان، فوضع الجهاز بعنف على الأريكة :
“ لا يمكنك فعل ذلك !”
رفع يان لان حاجبيه ونظر إلى شيه يون تشي الذي كان واقفًا
إلى جانبه وقال:
“ تيانتيان يقول إنني لا أملك الحق في فعل ذلك .”
فالتفت شيه يون تشي مباشرةً نحو تيانتيان وقال بكل حزم:
“ بلى، يمكنه ذلك .”
هنا غضب تيانتيان أكثر ، إذ شعر أن الاثنين تآمرا عليه ،
وغمره شعور بالظلم والضيق :
“ لا أحبك بعد الآن أستاذ ”
ضحك يان لان بلطف وربّت على خده المنفوخ من الغضب:
“ لكنني أنا أحبك كثيرًا… بل أنت أكثر من أحب ”
وحين رأى تيانتيان هذه الجملة بلغة الإشارة ،
خفّت مشاعره الغاضبة والحزينة كثيرًا ،
لكن وجهه ظل عابسًا
يان لان:
“ هل تفضل أن أرافقك أنا ، أم أن يرافقك الجهاز اللوحي ؟
إذا اخترت الجهاز ، فسأعود إلى منزلي ، فأنت لا تحتاجني
ولا تحبني على أي حال .”
ظل تيانتيان ينظر إلى الأرض ويفكر بصمت ،
ثم أخرج يده من خلف ظهره ومدّها إلى يان لان ليمسك به ،
كما أنه التقط الوسادة التي رماها وأعادها إلى مكانها على الأريكة
أخذ شيه يون تشي الجهاز اللوحي وتفحّصه، ثم قال:
“ فعلاً ، يبدو أن تيانتيان أدمن استخدامه قليلًا ،
وإلا ما كنتَ لتفعّل وضع الأطفال .”
أومأ يان لان رأسه وأقرّ بذلك ، فلم يعد هناك داعٍ لإخفاء هذا الأمر
فنظر شيه يون تشي إلى تيانتيان وقال وهو يضع الجهاز على الطاولة :
“ لن نغيّر هذا الوضع . من الآن فصاعدًا ، مسموح لك
باستخدامه ساعة واحدة فقط .”
ورغم أن تيانتيان لم يكن راضيًا ، لكنه يعلم أن شيه يون
تشي إذا قال شيئًا فهو يعنيه ولن يتراجع عنه
بعد العشاء ،
ذهب تيانتيان إلى غرفة الدراسة الصغيرة ليكتب واجباته ،
وكان يان لان يجلس بجانبه يراجع معه مادة اللغة الصينية لليوم التالي ،
كما أخبره أن بعد تناول الإفطار في الغد ، سيخرجون معًا
إلى المكتبة ليشتروا له دفتر تدريبات للخط
ورغم أن تيانتيان لم يكن يرغب بشراء ذلك النوع من الدفاتر ،
إلا أن فكرة الخروج معهما معًا كانت تسعده ،
فنام مبكرًا وأطفأ الأضواء
وعندما عاد يان لان إلى غرفة النوم ، كان شيه يون تشي
جالسًا يتصفّح شيئًا على الجهاز اللوحي،
وما إن رأى يان لان يدخل حتى أغلقه ووضعه جانبًا،
وفتح ذراعيه له قائلًا:
“ هل نام تيانتيان؟”
أومأ يان لان برأسه، وما إن جلس على طرف السرير حتى
جذبه شيه يون تشي إلى حضنه
الأنوار في غرفة النوم خافتة ،
مصباح واحد فقط ينبعث منه ضوءٌ دافئ بالكاد يُضيء
السرير الكبير
وعلى الأرض ، انزلقت بيجامة حريرية ناعمة كالماء من فوق السرير
جلس يان لان عاري الجسد أمام شيه يون تشي،
وعيناه منخفضتان،
وأصابعه ترتجف قليلًا وهو يحاول فك أزرار بيجامة يون تشي
كانت حركته بطيئة ، ولم يساعده شيه يون تشي بل اقترب
منه وقبّله قبلة خفيفة على زاوية فمه وهمس :
“ هل يمكنك أن تُسرع قليلًا ؟”
رفع يان لان يده بلا تعبير وصفعه بخفة على ذراعه ،
لكن بسبب هذا التشويش الطفيف ، هدأت يده شيئًا فشيئًا ،
وسرعان ما فكّ الأزرار الأربعة الواحدة تلو الأخرى ،
كاشفًا عن صدر مشدود وعضلات معدة مرسومة بدقة
لم يجرؤ يان لان على النظر إلى عينيه ،
فثبّت بصره على عضلات معدته ، ثم نزع عنه البيجامة بالكامل ،
كاشفًا عن نصفه العلوي القوي والمتناسق
كان جسد شيه يون تشي مثاليّ ،
ولم يكن واضح كيف يمكن لرجل مشغول مثله أن يحافظ
على لياقته بهذا الشكل
العضلات حيث يجب أن تكون ، محددة دون مبالغة ،
وخطوط جسده وتناسقه شدّ انتباه يان لان ،
و كطالب فنون ، لم يستطع صرف نظره
قال شيه يون تشي بصوت خافت :
“ أنت طالب في تخصص الفنون، لا بد أنكم رسمتم
أجسادًا بشرية في صفوفكم، صحيح ؟”
أومأ يان لان برأسه، هذا صحيح،
بل أحيانًا كانوا يستعينون بأحد طلاب كلية الرياضة
المجاورة ليرسموا عضلاته
فأخذ شيه يون تشي معصمه الأبيض الرقيق ،
وقربه من فمه وقبّله بلمسة دافئة ،
ثم قال بخفوت :
“ متى ترسم لي لوحة ؟”
نظر يان لان بنصف ابتسامة وهو ينغز عضلة صدره الصلبة
ضحك شيه يون تشي:
“ لا تريد؟ لا بأس ، ارسم شيئًا آخر ، ألم تكن ترسم
بورتريهات بالفحم على ضفاف البحيرة ؟
رسوماتك كانت مثل التخطيط البسيط صحيح ؟”
وأثناء حديثه ، سحب يان لان من خصره إلى حضنه ،
وبدأ بتمرير كفه على ظهره العاري بانسياب ،
ثم دفن وجهه في عنقه متلذذًا بحرارة جسده وقال:
“ حتى رسم كاريكاتيري بسيط يكفيني…
فقط ارسم لي شيئًا يا مومو "
كان جسد يان لان يحترّ من حرارة احتضانه ،
وحرارة وجهه ارتفعت من شدة القرب
اقترب شيه يون تشي أكثر ،
وقبّله قبلة ناعمة على جلده الرقيق في رقبته ،
و يمتصه بخفة وهمس :
“ هذا الشعور لا أختبره إلا حين أكون معك ”
ارتجف جسد يان لان بالكامل ، ونظر إليه مباشرة بعينيه ،
كأنما يسأله عن المعنى
أجابه شيه يون تشي :
“ كأن قلبي سيقفز من مكانه .”
لم يتمالك يان لان نفسه من الضحك ، فابتسم ابتسامة خافتة
قال شيه يون تشي بجدية :
“ أنا جاد .”
فأومأ يان لان، ثم أمسك بكفه ووضعها على صدره ،
تمامًا فوق قلبه ، ليدعه يشعر بخفقاته العنيفة
وفي صمت، كان يبلّغه : وأنا أيضًا… أشعر مثلك تمامًا
توقف شيه يون تشي لحظة مدهوشًا ،
ثم فجأة دفعه بلطف على السرير ،
وقبّل شفتيه قبلة عميقة عنيفة …….
وفي صباح اليوم التالي …
يوم الأحد ، لم يكن لدى شيه يون تشي عمل ،
فاستطاع أن يستمتع بإفطاره بهدوء واسترخاء
أما تيانتيان، فبما أنه تذكّر أن عليه الخروج هذا الصباح،
وقد نام باكرًا في الليلة السابقة،
فقد استيقظ باكرًا على غير العادة ولم يتكاسل،
بل نزل من تلقاء نفسه ليتناول الإفطار
كان يان لان يدهن له شرائح الخبز بصلصة ،
ويضع فيها البيض واللانشون والخس ليصنع له ساندويتشًا بسيط
نظر إليه شيه يون تشي بعين الحسد وقال:
“ أريد مثله .”
فأعدّ له يان لان واحدًا مطابقًا تمامًا
وبعد الإفطار ،
بدّل الثلاثة ملابس النوم وخرجوا
كانت الشمس قوية في الصباح ،
فارتدى تيانتيان قبعة صغيرة ،
وسار ممسكًا بيد يان لان على الممر الحجري في الحديقة،
بينما تبعهما شيه يون تشي من الخلف
أوصلهم السائق إلى أمام أكبر مكتبة في المدينة ،
مبنى مكوّن من خمسة طوابق ،
وكل طابق مخصّص لفئة مختلفة من الكتب ،
لذا اختلف عدد الزبائن حسب نوع الكتب
أكثر الطوابق ازدحامًا كانت تلك التي تحتوي على كتب
الأطفال والمناهج الدراسية ،
وأكثر الزوار كانوا من العائلات ، ثلاثة أفراد غالبًا
استقل يان لان ورفاقه السلم الكهربائي إلى الطابق الثالث،
وكان تيانتيان يتمسّك بيده بإحكام وهو يسير ملتصقًا به
وما إن وصلوا حتى جذبت انتباهه الألعاب الملونة في منطقة الأطفال ،
فسحب يد يان لان محاولًا الذهاب إليها
هزّ يان لان رأسه وأشار إلى الجهة المقابلة ،
في إشارة إلى أنهم سيذهبون إلى هناك أولًا
اضطر تيانتيان إلى ترك الألعاب على مضض وتبع يان لان
لاختيار كراسات الخط التي يحتاجها للتمرين
كان يان لان قد سأل معلمة اللغة الإنجليزية الخاصة
بتيانتيان مسبقًا عن كراسات الخط ،
وأرسلت له نموذج الذي يستخدمه ابنها
لذا كان يعرف مسبقًا ما الذي يبحث عنه ،
ولم يشعر بالحيرة أمام رفوف الكراسات الكثيرة ،
بل بدأ يختار بهدوء وتركيز الكراسات الأنسب له
كان شيه يون تشي واقفًا إلى جوارهم ،
يحرص على حماية يان لان وتيانتيان من اصطدام الأطفال
الذين يركضون هنا وهناك
في عطلات نهاية الأسبوع ، تصبح المكتبة مزدحمة بالأطفال ،
حيث يجلب الأهالي أبناءهم إليها لتمضية الوقت
وغالبًا يكون الأطفال من نفس الفئة العمرية ،
فيتعرفون على بعض بسرعة ،
حتى لو لم يعرف أحدهم الآخر عند القدوم ،
فعند المغادرة يكونون قد تبادلوا الأسماء والأعمار
والمدارس والصفوف وحتى ما إذا كان لدى أحدهم إخوة صغار
وحينما كان يان لان منهمكًا في اختيار الكراسات ،
تجمّع حولهم بضعة أطفال بدوا في الثامنة أو التاسعة من
العمر ، وقد لفت انتباههم شعر تيانتيان ولون بشرته ،
فبدأوا يهمسون ويدفع بعضهم بعضًا للاقتراب والنظر إليه
عن كثب ، لكن لم يجرؤ أحدهم على الاقتراب تمامًا
وكان تيانتيان هو من انتبه إلى نظراتهم الفضولية نحوه
“ واو — عيونه زرقاء !”
لكن تيانتيان لم يكن يسمع ما يقولونه ،
كل ما رآه هو أنهم يحدقون به ويتكلمون بلا توقف ،
فشعر بالملل وأبعد بصره عنهم
وسرعان ما انتهى يان لان من اختيار ثلاث كراسات ،
وعندما رآها تيانتيان اتسعت عيناه الزرقاوان بدهشة :
“ ثلاث كراسات ؟!”
أمسك بسرعة بيد يان لان وهزها بقوة :
" كثير ! لن أتمكن من إنهائها ! "
فناول يان لان الكراسات الثلاث إلى شيه يون تشي، ثم شرح لتيانتيان:
“ لستَ مضطرًا لإنهائها كلها مرة واحدة ،
إن لم تنتهِ منها هذا العام ، يمكنك إكمالها العام المقبل، خذ وقتك .”
عندها فقط تنفس تيانتيان الصعداء
ربّت شيه يون تشي على أذنه ضاحكًا وقال:
“ أحمق صغير .”
ثم أشار له يان لان نحو منطقة الألعاب ،
كأنه يسأله إن كان بإمكانهم الذهاب الآن
أجابه شيه يون تشي:
“ الأمر بيدك ، إن قلتَ نذهب ، نذهب . سأتبعك دائمًا .”
ضحك يان لان من رده ،
ثم أمسك بيد تيانتيان وسار به إلى منطقة الألعاب التي كان
يتمنى الذهاب إليها منذ قليل
لكن ما لم يتوقعوه هو أن أولئك الأطفال الذين كانوا
يراقبونهم قد لحقوا بهم أيضًا،
وحينما كان تيانتيان يختار بعض كتب التلوين وألعاب
التركيب ، تجرّأ أحدهم أخيرًا على التحدث إليه
“ مرحبًا ، في أي صف تدرس ؟”
نظر تيانتيان إليه بدهشة
داعب شيه يون تشي شعره المجعّد الصغير وقال:
“ هو في الصف الثالث .”
عندها عبّر طفل صغير برأس محلوق عن دهشته وقال بانفعال:
“ كنت أظنه في الصف الثاني !”
رد شيه يون تشي بابتسامة :
“ هو فقط يبدو صغيرًا .”
لاحظ تيانتيان أن الأطفال يتحدثون مع عمّه ،
فحوّل انتباهه مرة أخرى إلى لعبة تركيب الصور (البازل) التي أمامه
قال أحد الأطفال:
“ يا عم هو لا يفهم اللغة الصينية ؟”
أومأ شيه يون تشي رأسه بالإيجاب :
“ نعم، لا يفهم ، لقد عاد للتو من الخارج .”
أظهر الأطفال خيبة أملهم على الفور :
“ كنت أريد التحدث معه عن انمي ون بيس لكن لا يمكننا التواصل .”
وقف يان لان بصمت يراقب الأطفال الذين يتصرفون بذكاء
يفوق أعمارهم وهم يبتعدون ،
ثم سار بهدوء إلى جانب شيه يون تشي، وأمسك بيده،
وأسند رأسه برفق على كتفه، ناظرًا إلى رأس تيانتيان بنظرة
رقيقة مليئة بالحنان
شدّ شيه يون تشي على يده قليلاً وقال ليواسيه:
“ هو يملكنا نحن ”
أومأ يان لان بصمت
كانت الألعاب في قسم الأطفال بالمكتبة مصنوعة بعناية،
لكن أسعارها لم تكن رخيصة
أما تيانتيان —- فلا يطلب لعبة إلا إن أعجبته ،
فإذا رآها ممتعة أرادها ، وإذا أرادها ، اشترها عمّه له
وبوجود شيه يون تشي ويان لان ، اللذين يدللانه
استطاع أن يتجوّل كما يشاء ،
حتى إن شيه يون تشي اشترى له هو الآخر إطار خشبيّ للصور
نظر يان لان إلى الإطار في يده باستغراب ،
فقال شيه يون تشي مفسّرًا :
“ أريد أن أضعه في مكتبي ”
ثم أخرج هاتفه وفتح ألبوم الصور ،
واستعرض صورة التقطوها خلف الكواليس في ليلة الحفل الترحيبي ،
يظهر فيها يان لان بزيّ الملكة ، ومعه هو وتيانتيان
قال وهو يشير إلى الصورة :
“ سأضع هذه الصورة داخل الإطار ”
تأمل يان لان ملامحه في الصورة ، بالمكياج والباروكة، واقترح بجدية :
“ ما رأيك أن نلتقط صورة جديدة بدلاً منها ؟”
أجابه شيه يون تشي:
“ حتى لو التقطنا واحدة جديدة ، سأضع هذه .”
عندها قرصه يان لان في ذراعه
فما كان من شيه يون تشي إلا أن أخذ إطارًا إضافيًّا وقال:
“ لدي صورة أخرى تجمعني بجلالتك فقط ، لا أريد أن أضيّعها .”
تظاهر يان لان بأنه لم يسمع شيئًا ، وأمسك بيد تيانتيان وغادر
لكن شيه يون تشي تبعهما وهو يقول:
“ لن تمسك بيدي ؟
إن لم تمسك بيدي فسأكبّر الصورة وأعلّقها على الجدار !”
عندها لم يجد يان لان حلاً غير العودة وأمسك بيده
ابتسم شيه يون تشي حتى انحنت عيناه وقال:
“ هكذا تتصرف جيداً .”
يتبع
التوب كريه استغلال للمصالح 😭😂
ردحذفيحزن تينيان حقيقي مو سهل على ذوي الاحتياجات الخاصة انهم يتعاملو مع المجتمع 🥺