القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch4 | IOWY

 Ch4 | IOWY



بعد أن كشف يان لان لتيانتان عن السر الذي مفاده 

أن شيه يون تشي يكره الحشرات، 

توقف الطفل أخيرًا عن الاختباء تحت السرير، وأصبح 

مستعدًا لشرب الماء وتناول الفاكهة أثناء الحصة


ورغم أن تيانتان لم يُنجز واجب الحصة الماضية ولم يُكلّف 

نفسه حتى بتسليم ورقة بيضاء،

إلا أنه في هذه المرة، قدم أداءً مميزًا في التمرين الصفّي


لم يرسم كيفما يريد ، بل التزم تمامًا بتعليمات يان لان، 

وتناول الموضوع المرسوم بتركيز دون التذمر من الألوان أو لوحة التلوين


لم يكن تيانتان موهوبًا بشكل خارق في الرسم، 

لكن يمكن القول إنه يمتلك قدرًا جيدًا من الموهبة،

إلا أنه لا يُعد عبقريًا


كانت قدرته على التعبير عن الألوان، وخياله الغني، هما أكثر ما يميزه


ورغم شخصيته الجادة وأحيانًا اللامبالية، شعر يان لان بأن 

للطفل اهتمامًا حقيقيًا بالرسم — اهتمام غير طاغٍ، لكنه موجود


وهذا ما يفسّر تقلب سلوكه بين الاجتهاد واللامبالاة في الحصص


وبعد انتهاء الحصة ، بينما يان لان يستعد للمغادرة، 

خرجت الخادمة من المطبخ تحمل كيسًا،

وأصرّت على إعطائه إياه ليأخذه معه إلى المنزل


في البداية، رفض بلطف، لكنه قبل في النهاية، 

وقرّر أن يرد الجميل لاحقًا بشراء كعكة لها في زيارته المقبلة


ما لم يكن يعلمه هو أن خطة تيانتان للانتقام من عمه بدأت 

بالتنفيذ مباشرة بعد مغادرته


فقد أصبح تيانتان فجأة منشغلًا بشكل مريب،

وبات يستمتع باللعب في الحديقة، 

يجمع الحشرات ويُراقبها بدقة


وبحسب رواية الخادمة لاحقًا، فإن تيانتان ما إن ينتهي من حصصه أو واجباته،

حتى يهرع إلى الحديقة ومعه مرطبان زجاجي،

يصطاد فيه الفراشات والعثّ والجنادب والصراصير، 

بل وحتى الخنافس الصغيرة


وجدت الخادمة ذلك غريبًا للغاية، 

كيف أن الطفل فجأة بات مولعًا بجمع الحشرات ومشاهدتها


واستمر هذا السلوك لأربعة أيام كاملة ، حتى جاء يوم الأحد…


بالنسبة لشيه يون تشي، كانت ذكريات ذلك اليوم بمثابة كابوس،

أما بالنسبة لتيانتان، فلو كان ما حدث حلمًا ، لضحك حتى 

استيقظ من شدته


العصر ، 

تمامًا عند الساعة الثانية والنصف، 

وصل يان لان إلى منزل عائلة شيه في الوقت المحدد


وقبل بدء الدرس، تفقد الواجب الذي تركه لتيانتان في 

الحصة السابقة — لوحة بالألوان المائية، ورسمة بقلم الرصاص


وكان كلا العملين منجزًا بإتقان مذهل، 

إلى درجة جعلت يان لان يشعر بشيء غريب


فتيانتان نادرًا يُنجز واجباته، 

وغالبًا يتجاهل ما يُقال في الحصة، ويقضي الوقت باللعب


حتى لو أطاع، كان يرسم أي شيء عشوائي للتخلص من المهمة


أما أن يُنجز المهام بجدية… فهذا أمر لم يحدث من قبل


بدأت غريزة يان لان تدق ناقوس الخطر


راوده شعور قوي بأن هناك أمرًا غير طبيعي


ذلك الإحساس الذي ينتاب البالغين حين يلاحظون أن 

الأطفال أصبحوا فجأة هادئين أكثر من اللازم — علامة 

مؤكدة على أن هناك شغبًا يُطبخ في الخفاء


على أي حال ، بدأ القلق يتسلل إلى نفسه


وضع الرسومات جانبًا وسأل تيانتان:


“ هل أخفيت شيئًا عن الكبار ؟”


رمش تيانتان بعينيه الزرقاوين البريئتين، وهزّ رأسه ببطء، نافيًا التهمة


لم يقتنع يان لان تمامًا ، فسأله مرة أخرى:

“ متأكد؟ لا يوجد شيء فعلته ؟”


أومأ تيانتان بالإيجاب هذه المرة، مؤكدًا نفيه


فقال له يان لان :

“ إذًا ، لنبدأ الدرس .”


وأومأ تيانتان من جديد ، بانضباط غير مألوف


هذا الانضباط الزائد لم يُطمئن يان لان، 

بل زاد شعوره بالريبة، 

لكن لم يكن بوسعه فعل شيء

أمسك الفرشاة وبدأ الحصة


وأثناء الاستراحة، جاءت الخادمة بالفواكه لهما


نزل يان لان إلى الأسفل لاستخدام الحمام، 

وبقي تيانتان في الغرفة


وما إن خرج من الحمام، حتى سمع دويًّا عاليًا قادمًا من الطابق العلوي


كان الصوت مفاجئًا لدرجة أنه انتفض واقفًا في مكانه


عبس بحاجبيه وركض على الدرج ليرى ما الذي سقط


عندما صعد، رأى تيانتان واقفًا عند باب غرفة الرسم،

ينظر بصمت إلى الممر، باتجاه مكتب شيه يون تشي


كان واقفًا وظهره ليان لان، ممسكًا بإطار الباب، كأنّه يترقب ما سيحدث


الخادمة كانت قد وصلت بالفعل، 

وكانت واقفة أمام باب المكتب، مترددة في الدخول


بدا عليها التوتر الشديد، وكانت تلوّح بيديها في الهواء، 

كما لو أنها تحاول طرد شيء ما


من داخل المكتب، سُمِع صوت شيه يون تشي وهو يصرخ:

“ افتحي النافذة !”


ردت الخادمة سريعًا:

“ سأفعل ! سأفتحها الآن !”


وما إن تركت مكانها ، حتى أصبح مدخل المكتب فارغًا ،


فاقترب يان لان ونظر إلى الداخل — ليجد مشهدًا لم يكن في الحسبان


فراشات بألوان مختلفة تطير في كل مكان، 

تتراقص في الهواء وسط رفوف الكتب


وكان بينها عثّ، وخنافس، وصراصير جافّة، 

بل وحتى ثلاث أو أربع جنادب تقفز فوق المكتب


أما مصدر الضجيج، فكان الكرسي المقلوب على الأرض


وقف تيانتان بجانب يان لان، متمسكًا بإطار الباب، يشاهد 

عمّه — الذي لطالما بدا صارمًا ومهيبًا —

وهو يلوّح بكتاب ثقيل بين يديه، 

محاولًا طرد الفراشات والبعوضات التي تحوم حوله


السكرتير والمساعد أيضًا بدا عليهما الضيق، 

وهما يحاولان مطاردة الحشرات المزعجة


لو لم يكن تيانتان طفلًا أصمّ أبكم،

لكان ضحكه في تلك اللحظة قد بلغ عنان السماء، 

وربما هزّ سقف المنزل من شدته


قضى شيه يون تشي ما يقارب الساعة كاملة في تنظيف المكتب من الحشرات


وعندما راجع تسجيلات الكاميرا لاحقًا، اكتشف السبب


كل مساء، في وقت لم تكن الخادمة تنتبه فيه،

كان تيانتان يدخل إلى المكتب ومعه مرطبان زجاجي، ويفرغه هناك —

ويكرر العملية كل يوم على مدار أربعة أيام متتالية،

حتى تحوّل مكتب شيه يون تشي إلى حديقة حشرية مصغرة



ولأن مكتب شيه كان منطقة محظورة،

لا يدخلها أحد بدون إذن،

وكان حتى التنظيف يتم فقط عندما يبلّغ الخادمة بنفسه،

فلم يلحظ أحد مقالب تيانتان المتكررة في الخفاء


و استقرت الحشرات التي أُدخلت إلى مكتب شيه يون تشي 

بهدوء في الزوايا، دون أن يُلاحظ وجودها


لكن ما إن فتح شيه باب المكتب مع موظفيه ، 

حتى بدأت تلك الكائنات في الاستيقاظ واحدة تلو الأخرى،

تخرج من الزوايا والفتحات الصغيرة، في مشهد يشبه انفجار 

حديقة مصغّرة داخل الغرفة


وحين انكشف أمر المقلب، لم يُبدِ تيانتان أي خوف


بل وقف أمام عمه، بوجه بريء خالٍ من الذنب، 

كأنه لا يعلم شيئًا عمّا يحدث


أشار شيه يون تشي بلغة الإشارة بمهارة، سائلاً إياه:

“ لماذا وضعت الحشرات في المكتب ؟”


فردّ تيانتان بنفس اللغة :

“ أليس من المسموح وضع الحشرات فيه ؟”


ازداد وجه شيه يون تشي عبوسًا وسأل:

“ ولِمَ لم تضعها في غرفتك أنت ؟”


أجابه تيانتان ببرود :

“ غرفتي للنوم . مكتبك ليس مكانًا للنوم ، 

وأردتُ وضع الحشرات فيه . 

لم يقل أحد إنه ممنوع .”


كان يان لان واقفًا على الجانب ، يراقب حوار العمّ وابن الأخ بلغة الإشارة،

كأنّه يشاهد عرضًا صامتًا على خشبة المسرح


أراد أن يضحك، لكنه تمالك نفسه، 

وظلّ مطأطئ الرأس وكأنه شريك في الجريمة


لم يطل الوقت حتى وصل شيه يون تشي إلى النقطة الأهم في التحقيق:

“ من الذي علمك هذا ؟”


فردّ تيانتان بوجه يملؤه الإصرار :

“ لن أخبرك!”


هنا، شعر يان لان بتأنيب الضمير

ولم يجرؤ على رفع رأسه ليلتقي بعيني شيه


لكن طريقة انحنائه تلك، جعلت الأمر يبدو وكأنه يعترف دون أن يُسأل ~~~


تحوّلت نظرات شيه يون تشي من تيانتان إلى يان لان

ثم قال بنبرة ثابتة :

“ أستاذ يان ؟”


رفع يان لان وجهه دون أي تعبير ، 

ونظر إلى شيه يون تشي بعينين هادئتين كالماء ~ ،

ثم أشار بلغة الإشارة :

“ هل يمكنني الانصراف الآن ؟”


لكن شيه يون تشي لم يمنحه الخيار هذه المرة

بل التفت فورًا إلى سكرتيره وقال:

“ سكرتير لين ، دَع السائق يُعيد الأستاذ يان إلى الجامعة .”


لم تتح ليان لان حتى فرصة الاعتراض


إذ جاء السكرتير “لين” — الذي سبق أن أجرى معه المقابلة — وقاده للخارج


وبعد مغادرة يان لان، 

التفت شيه يون تشي إلى تيانتان وقال:

“ لا تكرر هذا مجددًا . 

لقد سببت إزعاجًا لكثير من الناس .”


تجمّد تعبير تيانتان الصغير ، لكنه لم ينطق


استدار ببساطة وصعد الدرج دون أن ينظر خلفه ، عائدًا إلى غرفته


————


في الجهة المقابلة ،

أُعيد يان لان إلى الكلية في سيارة بنتلي سوداء


وتوقفت السيارة أمام البوابة الرئيسية لأكاديمية الفنون


ما إن نزل، حتى انحنى للسائق شكرًا ، ثم عاد إلى سكن الطلاب


جلس على الكرسي في غرفته ، يحدّق في الفراغ ، 

شارد الذهن تمامًا


اقترب منه يانغ شياولي وهو يضع قناع وجه :

“ ما بك يا مومو؟ 

تبدو مثل هيروشي نوزومو بعد يوم شاق في العمل ”


أخرج يان لان دفترًا صغيرًا وكتب :

[ ربما ينتهي عملي الجزئي مبكرًا ، لأن الطالب الذي 

أدرّسه تسبّب بمشكلة اليوم ] 


فقال يانغ شياولي وهو يواسيه:

“ الأطفال… حتى الصمّ والبكم منهم ، قد يكونون مشاغبين أحيانًا .

لا يعني ذلك بالضرورة أنك ستُفصل من عملك . 

على فكرة ، ماذا فعل ؟”


فتح يان لان صفحة بيضاء وبدأ يكتب عليها تفاصيل مقلب 

الحشرات من البداية إلى النهاية


وقد كانت حروفه الجميلة ، المكتوبة بحبر ذهبي رقيق ، 

مريحة للنظر كأنها لوحة فنية بحد ذاتها


كان يانغ شياولي يضغط وجهه براحة يده، 

بينما لا يزال يضع قناع الوجه، 

يقرأ الكلمات المكتوبة على الورقة

وبعد أن انتهى من القراءة، ضحك قائلاً:

“ شيه يون تشي يخاف من الحشرات ؟!”


أمسك يان لان القلم بسرعة وصحح:

[ لا، لا يخاف… بل لا يحبها ]


أمال يانغ شياولي رأسه وهو ينظر إليه بشيء من الريبة وقال:

“ وكيف عرفت؟ أنت بالكاد تعرفه، أليس كذلك؟ 

كيف عرفت أنه لا يحب الحشرات ؟”


تابع يان لان الكتابة :

[ قصة طويلة . قابلته منذ زمن بعيد ، لكنه نسي أمري تمامًا ]


أطلق يانغ شياولي صوت دهشة خافت:

“ وما المقصود بـ(زمن بعيد)؟ منذ متى ؟”


نزل بصر يان لان إلى الورقة أمامه، وتردد قليلًا


فهذا الأمر كان يعتقد أنه سرّ لا يعرفه سوى شخصين فقط


ولكن بعد أن تأكد أن شيه يون تشي قد نسيه كليًا، 

أدرك أن من بقي متشبثًا بتلك النصف ساعة الثمينة هو وحده فقط


وقبل أن يتراجع أو يُحجم عن الكلام ،

كان يانغ شياولي على وشك أن يقول له ' لا بأس إن لم 

ترغب في الحديث…'


لكن في تلك اللحظة، أمسك يان لان القلم وكتب سطرًا آخر:



[ منذ خمس سنوات ، قابلت شيه يون تشي على ضفاف بحيرة ليوشيان.

كنت في ذلك الوقت غارقًا في الخوف والارتباك بسبب 

امتحانات القبول الجامعي والمستقبل المجهول.

هو من شجّعني على الاستمرار في الرسم، وعلى أن ألاحق أحلامي ]


شهق يانغ شياولي بدهشة وقال:

“ مستحيل ! لم أكن أتوقع أبدًا أنه من النوع الذي يشجع 

الناس يلاحقوا أحلامهم !”


تابع يان لان الكتابة :

[ كان حلمه أن يصبح مخرجًا .

لكن، حسب ما أخبرني حينها ، أخوه لم يوافق .

اضطر إلى دراسة الإدارة في الجامعة ، لكنه كافح لاحقًا 

لإقناع أخيه بالسماح له بالسفر إلى الخارج لدراسة الإخراج ،

ويوم لقائي به كان قبل يوم واحد من سفره .

كان في قمة السعادة .

قال لي إن في هذا العالم طرقًا كثيرة ، 

وستسمع من أهلك ومعلميك عن الطريق الأفضل 

بالنسبة لك ، لكن القرار الأخير هو قرارك أنت.

ولستَ مضطرًا لاختيار الطريق الأفضل بالضرورة ، 

بل اختر ما تريده بشجاعة ،

لأن التمسّك بالحلم هو الطريق الوحيد لأن تصبح شخصًا مثاليًا لا يخشى شيئًا ]


ظلّ يانغ شياولي يحدّق في السطور لفترة طويلة دون أن يتحدث

ثم همس أخيرًا:

“ تبدو وكأنك… معجب به كثيرًا ؟”


ظهر في عيني يان لان شيء من الخجل،

لكن يانغ شياولي لم يلاحظه


فقط رأى يان لان يكتب :


[ في ذلك الوقت، بدا أنه يشبه إلى حد كبير ما وصفه، شخص مثالي ]


يانغ شياولي مبتسمًا بسخرية خفيفة :

“ وهل تغير الآن ؟

مسيرة ناجحة ، امرأة جميلة إلى جانبه …

بالنسبة لرجل ، هل يوجد شيء أكثر مثالية من هذا ؟”


وبعد لحظة طويلة من الصمت،

أومأ يان لان برأسه وكتب بهدوء:

[ معك حق ]


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • عادي
  • متطور
  • ترتيب حسب الاحدث
    عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي