Ch49 | IOWY
دوّى صوت الألعاب النارية فأفزع يان لان ،
فرفع رأسه ليرى الكلمات المتلألئة في السماء ،
ومع انطفاء آخر شرارة منها وعودة الهدوء إلى سطح البحيرة ،
استعاد وعيه تدريجيًا ،
ليجد انعكاسه في عيني شيه يون تشي بوضوح
كان شيه يون تشي يسأله بصوت خافت : “هل تقبل ؟”
لكن في الحقيقة ، وبينما كان يان لان منشغلًا في مشاهدة
الألعاب النارية ، كان شيه يون تشي قد استغل الفرصة
ووضع الخاتم بالفعل في إصبعه البنصر الأيسر
أمسك بيده ، تأمّلها من الجهة اليمنى ثم اليسرى ،
وكأنه راضٍ جدًا عما يراه
قال، وهو يرفع يده إلى شفتيه ويُقبّل قبلة على ظهرها وأصابعه :
“ منذ اللحظة التي حصلت فيها على هذا الخاتم ،
وأنا أتخيّل كيف سيبدو في يدك… والآن ، أراه تمامًا كما تخيلته ….
مناسب جدًا… لم تذهب الأموال سُدى .”
نظر يان لان إلى وجهه ، فرأى ابتسامة صادقة تعلو محياه
وعينين تفيض سعادة لا يمكن إخفاؤها
وعندما أخيرًا رفع شيه يون تشي عينيه ونظر إليه مباشرةً ،
رفع يان لان حاجبه الأيمن قليلاً ، وكأنه يقول ' لكنني لم أوافق بعد '
ابتسم شيه يون تشي وقال له بثقة :
“ إذًا وافق الآن . على أي حال ، أنا وضعت الخاتم ،
وأنت من عائلتنا بالفعل ، سواء وافقت أم لا، أنت لي "
ابتسم يان لان ، ثم أومأ برأسه في موافقة هادئة
نظر إلى يده التي لا تزال في قبضة شيه يون تشي وحاول
سحبها بلطف، لكن شيه يون تشي شدّ عليها بقوة أكبر فورًا،
وكأنه لن يسمح له بالهرب
قال مبتسمًا:
“ الهواء بارد ليلًا ، يبرد اليدين… إن أمسكت بها فلن تبرد ! "
ضحك يان لان قليلاً ، ولم يعاود المحاولة لسحب يده ،
بل تركه يمسكها وسار معه بمحاذاة البحيرة
شيه يون تشي:
“ كنت أفكّر أن أملأ المكان بالورود ، وأعلّق الأضواء من كل الجهات "
ارتفع حاجب يان لان مجددًا
تابع شيه يون تشي وكأنّه يقرأ ردّة فعله:
“ لكن لا أعلم لماذا ، كان لدي إحساس أنك لو رأيت
المشهد ستغضب كثيرًا ~ "
أومأ يان لان برأسه بتعبير جاد ' نعم ، لقد أصبت ! '
لو فعل ذلك حقًا ، وملأ ضفاف البحيرة بالورود ، لأغضبه الأمر
ليس فقط لأن الزهور ستكلّف مالًا كثيرًا وتتطلب جهدًا من
أناس كثيرين ، بل لأنه لا يستطيع تقبّل هذا النوع من
التكلّف والتبذير لمجرد مشهد ' رومانسي '
قال شيه يون تشي بنبرة راضية :
“ كنت خائفًا أن يُفسد البذخ فرحة طلب الزواج ،
لكنني شعرت أن الألعاب النارية والخاتم أشياء سترضيك ،
ويبدو أنني كنت محقًا .”
أومأ يان لان بخفة ، وذراعه ملتفة حول ذراعه ، يستمع إليه باهتمام كامل
أضاف شيه يون تشي:
“ حين تتخرج ، نقيم حفل الزفاف .
تيانتيان سيكون الذي يحمل الورود .
لكن قبلها ستنتقل لنعيش معًا…
أشعر أن المنزل الذي نعيش فيه الآن صغير نوعًا ما وأريد
الانتقال إلى مكان أوسع .”
: " صغير ؟ المنزل الحالي ؟ "
شيه يون تشي مبررًا :
“ غرفة ألعاب تيانتيان لم تعد تتّسع لكل ألعابه ، وهو يكبر
كل يوم ، وغرفته الحالية صارت بالكاد تكفيه ،
أشياؤه كثيرة للغاية .”
أومأ يان لان برأسه ببطء ، وكأنه بدأ يتقبّل الفكرة
: “ لأن هذا سيكون المنزل الذي سنعيش فيه معًا لفترة
طويلة جدًا في المستقبل … أريد أن نختاره سويًّا ”
أومأ يان لان برأسه مجدداً
قال شيه يون تشي وهو ينظر إليه بجدية :
“ أنا أنوي تسجيل اسمك على سند ملكيّة المنزل .
بما أنك ستكون مالكه ، عليك أن تفكر جيدًا أيضًا .
أعلم أنك مقرّب من زميل سكنك ، فليكن الأمر وكأنه أحد
أفراد العائلة . بإمكانك أن تخصص له غرفة ، وبعد
تخرجكما ، إن اشتقت إليه يمكنك دعوته لزيارتنا ،
وإن أراد أن يبيت عندنا فلا مشكلة .”
كلماته سقطت على قلب يان لان كصاعقة ناعمة ،
فجأة شعر بانقباض في صدره وحرارة في عينيه ،
وارتفعت موجة من الدفء الممزوج بالمرارة حتى كادت
دموعه أن تنهمر ، وضباب خفيف حجَب رؤيته
تابع شيه يون تشي:
“ أتمنى أن يحتوي المنزل الجديد على مرسم خاص بك…
مكان ترسم فيه كما تشاء ، أو ترسم مع تيانتيان.
أما أنا، فرغم أني لا أجيد الرسم، إلا أنني مستعد دومًا أن
أكون المودل خاصتك إن رغبت برسم جسد إنساني ~~
سبق وقلت إنني أريد أن أخطو معك إلى المرحلة التالية من الحياة ...
لم أقلها لأتودد إليك أو لأجاريك بالكلام ، بل كانت مشاعري حقيقية
هذه الفكرة ظهرت حين ذهبنا معًا لمقابلة معلّمة تيانتيان
الجديدة لمادة اللغة الصينية… عندما قلت إنك عمه ،
عندها تمنّيت فعلًا أن تكون كذلك بحق .
تمنيت أن أتزوجك ، أن نصبح عائلة واحدة ...
لم أستطع بعدها التخلص من هذه الرغبة ،
أردت أن أشتري لك خاتمًا ، أردت أن أقدّم لك كل ما
تحتاجه العروس مضاعفًا
أردتك أن تكون فعلًا عم تيانتيان، وأن تكون الشخص الذي
سأقضي معه حياتي .”
قبض شيه يون تشي على يد يان لان بقوة حتى ابيضّت
مفاصله، وقال بنبرة لا تقبل التراجع :
“ الخاتم صار في إصبعك ، وأنت لن ترحل بعد الآن
حتى لو جاء يوم وأحببت غيري ، سأبذل كل ما أستطيع
لأجعلك تبقى . يجب أن تكون على علم بذلك .”
عند سماع هذه الكلمات ، كادت دموع يان لان أن تنهمر ،
و ابتسم
قال شيه يون تشي بتأكيد :
“ أنا جاد ، لا أمزح .”
————————
الساعة التاسعة مساءً ——
مرّ الحارس الليلي بدوريته للمرة الثالثة من أمام مبنى A،
فرأى شابًا يجلس وحده عند حافة الساحة،
يحتضن ركبتيه ويحدّق في الفراغ،
فأثار المنظر قلقه، فتقدّم نحوه وتحدث إليه :
“ يا فتى، هل نسيت مفاتيح بيتك ؟
سمعت من زملائي أنك تجلس هنا منذ الظهيرة .”
رفع يانغ شياولي رأسه ، وحدّق في الحارس القادم نحوه، وقال بهدوء :
“ لا، أنا فقط أنتظر عودة صديقي .”
: “ لماذا لا تتصل به؟ ماذا لو لم يعد الليلة ؟
هل ستبقى جالسًا هنا طوال الليل ؟”
هزّ يانغ شياولي رأسه محرجًا :
“ هاتفي انتهى شحنه . كنت أستخدمه للّعب ولم أنتبه ،
والآن لا يمكنني الاتصال به "
قال الحارس بلطف :
“ في غرفة الأمن لدينا شاحن متنقل ، يمكنك الذهاب وأخذ
واحد لتشحن هاتفك، وتتصل بصديقك .”
ردّ يانغ شياولي:
“ هو مشغول جدًا بعمله ، لا أريد أن أزعجه .
لا بأس ، لو لم يعد قبل الساعة العاشرة ، سأغادر .
لن أسبب أي إزعاج لكم .”
أومأ الحارس بتفهّم :
“ حسنًا ، إن احتجت إلى شيء ، تجدنا في غرفة الحراسة
عند البوابة ، يوجد أحد هناك طوال الوقت .”
: “ شكرًا جزيلًا .”
بعد أن غادر الحارس ، تنهد يانغ شياولي بعمق ،
وشد قبضته على هاتفه المغلق
: “ يا لي من غبي… كان عليّ أن آخذ شاحنًا معي ”
لقد ملّ من الانتظار بعد الظهر ،
فظل يلعب بالهاتف حتى نفذ شحنه بالكامل دون أن ينتبه
{ لا أعلم إن كان بيان شيانيانغ قد أنهى عمله أم لا
وإن تأخر أكثر، فعليّ الرحيل حقًا… }
…
خارج مجمّع السكن ،
توقفت بهدوء سيارة سوداء فاخرة
نزل بيان شيانيانغ منها عابس الوجه ،
وقد وضع قبعته وكمامته ، بعدما أعاد هاتفه إلى جيبه بغضب ،
فقد حاول الاتصال مرات عديدة دون أن يتلقّى أي رد
كان من المفترض أن يكون هذا اليوم يوم راحته لا أعمال فيه
لكن كما يقولون ، الخطط دائمًا لا تواكب التغيرات
مُخرج الفيديو الموسيقي لألبومه الجديد ، والذي كان من
المفترض أن يصل الأسبوع المقبل ، عاد من الخارج مبكرًا ،
فتم تقديم موعد الاجتماع إلى اليوم
و سلسلة من الاجتماعات استمرت ساعات ،
أعقبتها مأدبة عشاء رسمية مع المخرج والمنتجين
كان بيان شيانيانغ يفكّر طوال الوقت في أن يانغ شياولي
سيأتي لرؤيته اليوم ، لكن للأسف لم تتح له أي فرصة
حقيقية لاستخدام هاتفه لإرسال رسالة له
وعندما حان وقت العشاء ، وجد أخيرًا فرصة ليتواصل معه،
لكن مهما أرسل له، لم يتلقَّ أي رد
حتى المكالمات الصوتية كانت تنقطع تلقائيًا بسبب عدم
الرد ، ولم يُجب على أيٍّ منها
وفي هذه الساعة ، لم يعد يجرؤ على التمني أن ذلك
الشخص لا يزال في انتظاره ،
لكن الرغبة في أن يكون لم يرحل بعد كانت تشتعل بداخله
ولا يستطيع كبتها
ولهذا ، عاد إلى المنزل وهو يركض تقريبًا ،
ومن مسافة بعيدة لمح شخصًا جالسًا بجانب أحواض الزهور ،
كان يميل بجسده إلى الجانب ويُخرج حبة طماطم من كيس ،
ولأنه لم يكن لديه ماء لغسلها ، مسحها بشكل عشوائي
بملابسه ثم وضعها في فمه
توقف بيان شيانيانغ تدريجيًا ، واختبأ في زاوية مظلمة ،
يراقب بصمت ذلك الشخص الذي يأكل طماطمًا نيئة
كل ما في مظهره من ملل ولا مبالاة زاد من شعوره بأن هذا
الولد بلا قلب ، لديه وقت لأكل الطماطم وليس لديه وقت للرد عليه
ظل بيان شيانيانغ يراقبه بصمت للحظة ، ثم خرج من مخبئه ، وما إن اقترب حتى لاحظه الآخر
نظر إليه الشخص الذي لا يزال يحمل نصف حبة طماطم
مذهولًا وهو يقترب، وقال بذهول:
“… عدتَ ؟”
أجابه بيان شيانيانغ وهو ينظر إليه من أعلى:
“ لماذا لم ترد على ويتشات؟”
أجاب يانغ شياولي ببطء وهو يبتلع آخر قطعة من الطماطم :
“… الهاتف فرغ شحنه ”
: “ ولماذا لم تستعِر شاحنًا متنقلًا؟”
قال يانغ شياولي وهو يقف من على حافة الحوض وينفض بنطاله :
“ لا أحب أن أزعج الآخرين ، وأشعر أن استخدام شاحن
غيري دون مقابل ليس تصرفًا جيدًا ،
ولا أريد أن أدفع مقابل ذلك أيضًا .
انتظرتك حتى آلمني ظهري وخصري .
أقول لك، الآيس كريم ذاب، فلا تلمني، أنت من تأخر بالعودة ”
بيان شيانيانغ ببرود :
“ أنا لم أطلب منك شراء آيس كريم ”
انحنى يانغ شياولي ورفع كيس التسوّق الثقيل بجانبه ومدّه إليه وقال :
“ إذن تخلص منه ، إذا لم يعجبك يمكنك رمي الكيس كله ،
ثم سألتقطه أنا من الأرض ”
اكتفى بيان شيانيانغ بالنظر إليه دون أن يمد يده ليمسك بالكيس
شعر يانغ شياولي بظلم شديد في قلبه ،
لدرجة أن يده لم تعد تحتمل حمل الكيس ،
فارتخت قبضته وسقط الكيس على الأرض بثقل ،
وتدحرجت منه عدة حبات طماطم ،
وسقطت معها باقة من الكرفس الذابل
قال بصوت متألم :
“ خرجت من البيت الساعة العاشرة صباحًا ،
وذهبتُ إلى السوبرماركت لأشتري لك الخضار ،
وخوفًا من أن تشعر بالجوع وصلت إلى أسفل منزلك الساعة الثانية عشرة ،
ثم أخبرتني بأنك مشغول ولست في المنزل .
انتظرتك طوال الوقت ، وقد جئت لأنك لم تعترض ،
ولأنك سمحت لي ضِمنًا أن آتي ”
نظر بيان شيانيانغ إلى الشخص الذي بدا عليه الحزن وكأنه
سيذوب من شدة الإحباط ،
شعر بضيق في صدره ، فأغمض عينيه قليلًا ثم قال مفسّرًا :
“ لم يكن من المفترض أن أعمل اليوم ،
لم أتعمّد أن أخلف بوعدي وأدعك تنتظرني هنا…
لكن لماذا لم ترجع ببساطة عندما لم تجدني ؟”
أجابه يانغ شياولي بصوت غاضب :
“ لأني تافه !”
: “… هل تريد أن نتشاجر ؟”
مرّ يانغ شياولي بجانبه بصمت ،
والتقط حبات الطماطم التي تدحرجت بعيدًا ،
ثم جمع أيضًا الكرفس وأعادها جميعًا إلى كيس التسوق
ظل بيان شيانيانغ يراقبه :
“ كنت في اجتماع طوال اليوم في الشركة ، بسبب الألبوم
الجديد ، وفي المساء كان هناك عشاء عمل مع المخرج
وأعضاء الفريق .
أرسلت لك رسائل على ويتشات، لكنك لم ترد .”
أجاب يانغ شياولي دون أن يرفع رأسه :
“ علمتُ بذلك ، الخطأ خطئي ، في المرة القادمة سأحرص
على أخذ شاحن متنقل معي ”
: “ لم أقل إن الخطأ خطؤك ”
قال يانغ شياولي وهو يربط الكيس ويرفعه عن الأرض :
“ لا يهم من المخطئ ، لقد وعدت رجل الأمن أنني سأغادر
عند الساعة العاشرة ، سأعود الآن .”
مدّ بيان شيانيانغ يده وأمسك بذراعه دون تفكير ، وقال :
“ الساعة لم تصل للعاشرة بعد .
ثم، أليس ما في الكيس قد اشتريته لي؟”
: “ أنت رفضته ، فلماذا لا تسمح لي باسترجاعه ؟
إهدار الطعام عقابه من السماء ”
: “ لم أقل إني لا أريده ”
: “ بل فعلت، حتى الآيس كريم لم ترغب به ”
: “ لم أقل إنني لا أريده ، قلت فقط إنني لم أطلب منك شراءه ”
: “ إذن خذه !” قالها يانغ شياولي وهو يدفع الكيس نحوه
نظر بيان شيانيانغ إلى الكيس وقال:
“ يدي تؤلمني ولا أستطيع حمله ، خذه معي إلى الأعلى .”
وبمجرد أن سمعه يذكر الألم ، بدا القلق واضحًا على وجه
يانغ شياولي فألقى نظرة على يده وسأله :
“ هل أُصبت ؟”
: “ التوت قليلًا فقط ”
: “ هل الأمر خطير ؟”
أجاب بيان شيانيانغ بكذب واضح وبوجه هادئ :
“ ليس خطير ، لكن لا يمكنني حمل أشياء ثقيلة ،
الطبيب قال إنه يجب أن أكون حذرًا هذه الأيام…
وأيضاً أنا جائع ، وأريد أن آكل بيضًا مقليًّا بالطماطم .”
نظر إليه يانغ شياولي بريبة ، نصف مصدّق ونصف مشكك :
“ ألم تأكل قبل أن تعود ؟”
: “ لا، أنا جائع "
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق