القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch5 بانغوان

Ch5 بانغوان




' دين الكارما ' يعادل جميع الخطايا التي يحملها المرء —-

منها ما يكون فطريّاً ، ومنها ما يُكتسب لاحقاً —-


لكن سواء أكان فطريّاً أم مُكتسباً ، 

فإن ديناً كارمياً كدين شيه وون نادراً يُرى في هذا العالم ———-


و كما كان متوقَّعاً من مصيرٍ ملعون أضرّ بوالديه وبالآخرين وبنفسه أيضاً…


رأى شيا تشياو وين شي يغلق عينيه ويبتلع بخفّة … 

و ارتسمت على وجهه مشاعر غامرة ، عابرة وفاترة إلى درجة 

أن وين شي ربما لم يلحظ نفسه


وبعد أن تلاشى ذهوله ، أدرك شيا تشياو شيئ —- 

المشاعر التي لمحها على ملامح وين شي كانت على الأرجح 

حزناً خفيفاً… أو يمكن القول إنها نوع من الشفقة الرحيمة، 

نفس المشاعر التي سبق أن رآه في عيني الجد شين تشياو


فحين يلتقي البانغوان ببعض الأشخاص القلائل في هذه 

الدنيا ، تظهر هذه المشاعر منهم لا محالة


تحرّكت شفتا وين شي مجدداً


سأله شيا تشياو لا شعورياً :

“ ماذا قلت ؟”


فتح وين شي عينيه، ولا يزال بصره مثبتاً على الحديقة

وبعد ثانية، تكلّم أخيراً قائلاً:

“ أنا جائع .”


شيا تشياو: “؟”

“؟؟؟”


{ لحظة… أين ذهبت تلك الشفقة الرحيمة قبل قليل ؟!


و كنا نتحدث في أمور خطيرة للتو ، فكيف صار جائعاً فجأة ؟؟؟ }


امتلأ ذهن شيا تشياو بعلامات استفهام


ظل واقفاً مذهولاً للحظة طويلة ثم تذكّر أن الضباب الأسود 

يلتف عادة حول أرواح البشر العاديين

وتذكّر أيضاً ما أكله وين شي البارحة ، فاستنار ذهنه فجأة


جرّب أن يسأل : “ هل يحيط به إذاً ضباب أسود كثير ؟”


رد وين شي بهدوء غير اعتيادي :

“ ماذا تظن أنت .”

ثم لعق طرف شفتيه


{ … اللعنة 


أيُّ مستأجر هذا ؟ إنه أقرب إلى وجبة جاءت بنفسها ! }


وبينما شيا تشياو مذهول ، ضغط ' الوجبة ' على جرس الباب


تردّد شيا تشياو لحظة ، لكنه فتح الباب


في صباحٍ ربيعي من أبريل ، الهواء لا يزال بارد


أمال ذلك الرجل المسمّى شيه وون رأسه جانباً وسعل 

سعالاً مكتوماً، ثم التفت للأمام


حتى هالته المريضة لم تستطع أن تحجب وسامته الطبيعية


قال بصوت مبحوح قليلاً :

“ آسف ، الرياح قوية بعض الشيء اليوم . 

لو علمت مسبقاً لكنت ارتديت طبقات أكثر .”


ولعلّ سمعة هذا الرجل بكونه ' قاتل والديه ' كانت عالية الصخب ، 

حتى أن شيا تشياو شعر تجاهه بخوفٍ مبهم ، 

فانكمش بلا وعي إلى الخلف ،

بل ونسِي آدابه ، ولم يردّ عليه


أما وين شي فألقى نظرة على كوع شيه وون ، 

حيث واضح أن معطف أسود يتدلّى منه ، فقال بجفاء:

“ تحمل معك معطفاً ولا ترتديه ، إن لم تكن تشعر بالبرد 

فمن سيشعر ؟”


يبدو أن شيه وون لم يكن يتوقع أن يُستقبَل بهذا الأسلوب 

لحظة دخوله المنزل ، فبُهِت قليلاً


أنزل رأسه وألقى نظرة على نفسه ، 

ثم رفع ذراعه التي كان المعطف الأسود متدلّياً عليها، وقال:

“ أتقصد هذا ؟”


لم يجب وين شي


وحين رفع شيه وون رأسه مجدداً ، عيناه قد مالت في ابتسامة لطيفة ، وهو يشرح بودٍّ بالغ:

“ هذا ليس لي. 

لونه قاتم جداً، كما أن طرازه لا يعجبني .”


ظل وين شي بلا أي تعبير وهو يفكّر { ومن يهتم إن أعجبك أم لم يعجبك ؟ 

إنه يليق تماماً بدَينك الكارمي }

و التزم الصمت من جديد


في مثل هذا الموقف ، وحدهم أصحاب الذكاء العاطفي 

المنخفض لن يلحظوا أن الجو كان مريب


أما من يستطيع قراءة الموقف ، فالأرجح أنه كان سيودّع وينصرف


لكن المستأجر شيه وون كان شخصاً غريب الأطوار


تجاهل وين شي له وعدم إعطائه أي اعتبار ، بدا وكأنه أثار اهتمامه أكثر


تحركت نظرة شيه وون قليلاً ، وبين سعالٍ مكتوم وآخر ، 

بدأ يفحص وين شي بنظراته من أعلى إلى أسفل ، 

ثم سأل مبتسماً :

“ أأنت شيا تشياو؟”


كان قد خاطب شيا تشياو عبر الهاتف بأدب بالغ، منادياً إياه

' السيد شيا تشياو ' لكن الآن ، وجهاً لوجه ، ألقى بكل ذلك 

الأدب جانباً لسبب مجهول


فتح وين شي شفتيه قليلاً ، وقفزت منه كلمة مختصرة  ~ :

“ خَمِّن ~ ”


وبلا سبب واضح —- ، وُجد هذان الاثنان في مواجهة مباشرة


ورغم أن مسافة قصيرة ما زالت تفصل بينهما ، 

بدا وكأن شرارات تتطاير في الهواء ———-


أما الضعيف المحصور بينهما ، فقد ارتطمت الشرارات في 

وجهه مباشرةً ~ لم يسعه إلا أن يقاطع قائلاً:

“ أ.. عذراً ، أنا شيا تشياو "


حينها فقط نقل شيه وون بصره بعيداً عن وين شي

ولما نظر إلى شيا تشياو —- بدأ يمعن النظر فيه هو الآخر ، 

ولم يُعرف ما الذي كان يفكر فيه ،

وبعد لحظة صمت ، أومأ برأسه :

“ كنت أظن أنك أنت . إذن من هذا ؟”


فكّر شيا تشياو { إنه جدّي الأعلى ! } لكنه أجاب بخضوع :

“ إنه أخي الأكبر "


همهم شيه وون “آه”، وأومأ مجدداً :

“ هل سبق أن أسأتُ إليه ؟ أم أن أخاك دائماً حادّ الطبع هكذا ؟”


وربما لأنه يقف أقرب إلى شيا تشياو —- ولم يرغب أن 

يجهد نفسه برفع صوته ، 

فقد خفّضه قليلاً ، لكنه طرح سؤاله بكل جدية 


وين شي: “…”


أما شيا تشياو فلم يعرف إن كان عليه أن يجيب أم لا

فلم يجد سوى أن يبتسم ابتسامة باهتة ويقول :

“ لقد استيقظ باكراً اليوم ، لهذا مزاجه ليس جيداً .”


في الحقيقة كان وين شي في وضع غير طبيعي فعلاً


ففي السابق ، كان يكتفي بأقصى ما يمكن ببضع ردود سلسة متحدّية ، 

وفي معظم الأوقات لا يتجاوز الأمر أفكاره الداخلية ،

أما أن يوجّه سهامه بهذه الصراحة لشخص ما، 

فهذه المرة الأولى


لكن اللوم لم يكن عليه ، بل على شيه وون


فمع أن معرفتهما لا تزال سطحية ، فإن مشاعر وين شي 

تجاه شيه وون كانت معقدة للغاية —


من ناحية —- ، كان سعيه وراء الـ هويغو قد قاده إلى 

معرض شيبينغ و قبل أن تُحل المسألة ، 

من الصعب أن يحمل أي انطباع حسن عن مالك المعرض ،


لكن من ناحية أخرى ، كان مجرد النظر إلى شيه وون يجعله يشعر بالجوع


فلو كنتَ جائعاً ، وأُقيمت أمامك مائدة عامرة بالأطعمة الفاخرة ، 

ثم وُضع فوقها لافتة تقول : سامة ، لا يجوز الأكل — 

ألن يثير ذلك غيظك ؟


وهذا بالضبط ما كان عليه حال وين شي ——-


عبس جبينه وحدّق طويلاً في شيه وون


وأخيراً، لم يستطع تحمّل هذا الموقف الغريب المليء 

بالالتباس، فاستدار وغادر


قلق شيا تشياو وناداه :

“ وين-غا إلى أين تذهب ؟”


دخل وين شي المطبخ من غير أن يلتفت للخلف ، وقال بجفاء :

“ أبحث عن شيء آكله .”


———-


المطبخ منظم إلى حدّ كبير ، وأسطح الطاولات شبه فارغة


فتح وين شي الخزائن واحدة تلو الأخرى، 

فلم يجد سوى التوابل وبعض الأرز النيء


ثم فتح الثلاجة وفتّش محتوياتها من أعلاها إلى أسفلها ؛ 

لم يجد في نفسه رغبة في الأطعمة المطبوخة ، 

ولم يتعرّف على البقية ،


كبح غضبه بصعوبة ، وانتقى عشوائياً صندوقاً منها



لم يغادر وين شي المطبخ إلا بعد أن سمع خطوات شيه 

وون متجهة نحو غرفة المعيشة


ونتيجة لذلك ، عندما التفت شيا تشياو إلى الخلف ،  

رأى ذلك الجد الأعلى متكئ على باب المطبخ، 

يقضم ببرود إحدى أعواد البسكويت المغطاة بالشوكولا، 

تلك التي كان شيا تشياو قد فتحها البارحة ، بينما ينظر إليهما بهدوء


ولسببٍ ما، بدا هذا المشهد غامضاً وساحراً


سأل شيه وون فجأة : “ كم عمرك هذا العام؟”


مع أنه جاء ليتفقد المنزل ، إلا أنه ألقى نظرة عابرة على ما حوله فقط 


بدا وكأنه أكثر اهتماماً بالدردشة


فأجاب شيا تشياو بعفوية:

“ ثمانية عشر عاماً .”


شيه وون: “ آوه تبدو صغير السن .”

أراد أن يقول: ' قصير القامة… ' 


تذمر شيا تشياو في نفسه —- ولأنه جبان بطبعه ، 

شعر بعدم الارتياح لاقترابه الشديد من شيه وون


فصار يلتفت خلفه كل ثلاث خطوات ، 

متمنياً من قلبه أن يأتي وين شي لينقذه ، 

حتى ولو كان لمجرد الجدال مع شيه وون ،


لكن وين شي تصرف وكأنه لا يرى شيئ


ثم التفت شيه وون نحو وين شي، وقال بعد تردّد قصير بدا 

كأنه صفة محذوفة متعمدة :

“ وأخوك الأكبر ؟ كم عمره ؟”


اشتبه شيا تشياو أن الصفة المحذوفة كانت شيئاً مثل الشرس ، ففتح فمه وبدأ يخترع جواب :

“ إنه في مثل عمري تقريباً—”


لكن كلمات قاطعة جاءت من خلفه :

“ ليس من شأنك أيها اللعين .”


ضحك شيه وون


و تذكر شيا تشياو الآن ما قاله له الجد شين تشياو سابقاً : 

" لا ينبغي أن يبوح أحد بعمر وين شي للغرباء على نحو عابر ؛ 

فقد يلتقي يوماً بشخص صاحب نفوذ "


ولحسن الحظ لم يعطي إجابة دقيقة


وفوق ذلك، فهذا شيه وون… لم يكن من أصحاب النفوذ أصلاً


فبحسب الشائعات، في أوساط الـ بانغوان، 

كانت عائلة تشانغ معروفة بإنجاب الكثير من الأكفاء، 

سواء من الفرع الأصلي أو من الفروع الأخرى ذات الألقاب المختلفة


وقد ذاع صيتهم بين أبناء الجيل الواحد


لكن يوجد شاذّان اثنان فقط : الأول تشانغ بيلينغ ، تلك 

المرأة التي جاءت أمس لتقديم واجب العزاء ، 

والثاني هذا المستأجر شيه وون —- ، الذي شُطب اسمه


ومع ذلك ، حتى بين هذين الشاذّين ، كانت هناك فروق


فقد قيل إن عائلة تشانغ بيلينغ لم يكن أفرادها سوى 

أصحاب مواهب متوسطة وبنية ضعيفة، 

ولهذا كانت قدراتهم محدودة


ومع ذلك، ظلوا أعلى مرتبة من الفرع الذي ينتمي إليه وين شي


أما شيه وون، فقد وُصف بأنه ذو مصير منكوب ، 

يحمل جسداً مثقلاً بديون الكارما ، 

فكيف له أن يعين غيره ؟ لذا ، حتى لو عرف وتعلم شيئ ما ، 

فلن يكون ذا جدوى ، وكان قدره أن يُشطب اسمه من لوحة الأنساب


وبالنسبة للكثيرين ، كان أمر كهذا ليمثل جرحاً غائراً ، 

لكن شيه وون بدا وكأنه لا يكترث


و عندما مرّ بجانب تلك اللوحة الطويلة لأسماء الأنساب ، 

لم يُظهر نفوراً يجعله يتجاهلها تماماً ، 

ولم يتوقف ليفحصها بتمعّن ،

بل تعامل معها كأنها لوحة عادية ؛ ألقى عليها نظرة عابرة 

ثم حوّل بصره ، غير مبالٍ على الإطلاق


أما وين شي، فكان يلتهم صندوقاً مليئاً بالوجبات الخفيفة، 

يقرمشها بين أسنانه


لم يكن لها أي طعم أو نكهة ، لكنها أفضل من لا شيء


عاد إلى الثلاجة ، وأخذ علبة حليب ، وشربها دفعة واحدة


لقد خفّف هذا البرود الجليدي إحساسه بالجوع فشعر بتحسن بسيط


ثم ألقى العلبة الفارغة وعاد إلى غرفة المعيشة



بينما شيه وون غافل ، شبك شيا تشياو يديه وانحنى نحو 

وين شي متوسلاً إياه أن ينقذه


وعندما تقدم وين شي أخيراً ، كان شيه وون واقفاً أمام لوحة 

مؤسس الطائفة الموقر 


بدا وكأنه مولع بهذا المكان على وجه الخصوص


إذ جال بصره من مبخرة البخور المليئة بالرماد الناعم ، 

إلى الأحرف الثلاثة التي تُكوِّن اسم [ تشين بو داو ]

ثم إلى اللوحة نفسها


بل إنه مد يده ولمس بأصابعه ملابس المؤسس القرمزية


كاد شيا تشياو أن يطلق لسانه بما لا ينبغي قوله ، فهتف مذعوراً :

“ لا يجوز ! لا يجوز ! ألست حريصاً على حياتك حتى تلمس 

المؤسس الموقّر بهذه البساطة !”


عبس وين شي أيضاً وقال :

“ لماذا تلمسها ؟”


فرك شيه وون أصابعه معاً


أصابعه شاحبة ، بيضاء على نحو مريض ، 

مما جعل تلك اللمسة الحمراء التي لوّنت إبهامه تبدو صارخة


ثبت بصره على تلك البقعة الحمـراء بملامح غريبة لثوانٍ، ثم قال:

“ لون الرداء متوهج للغاية .”


تصلبت ملامح وين شي ولم يعلّق


شيه وون :

“ من رسم هذه اللوحة ؟”


رد وين شي :

“ أنا "


فعاد ذلك التعبير الغريب للظهور في عيني شيه وون


أثار ذلك استياء وين شي — فقال ببرود :

“ هل من مشكلة؟”


شيه وون :

“ هل سبق أن رأيته ؟”


: “ من؟” سأل وين شي وقد باغته السؤال


أشار شيه وون إلى اللوحة


كان هذا السؤال غريباً حقاً


فمن ذا الذي يسأل شاباً في العشرينيات من عمره


هل سبق أن رأيت رجلاً عاش قبل ألف عام ؟


لكن وين شي في تلك اللحظة لم ينتبه إلى غرابة الأمر


كل ما دار في ذهنه —- أنه بالفعل سبق أن رأى تشين بوداو من قبل ، 

بل يمكن القول إنه كان تلميذاً له


لكن ذلك كان منذ زمن بعيد… بعيد جداً


فقد عبر وين شي بين عالم البشر والآخرة اثنتي عشرة مرة ، 

عاش ومات دون تعلّق ، حتى نسي ملامح الكثيرين


و حين رسم هذه اللوحة ، لم يكن شين تشياو قد صار تلميذه بعد ؛ 

بل كان تلميذه الصغير آنذاك


كان التلميذ قد جهّز له كل ما طلبه ، 

بينما وقف وين شي أمام الطاولة يوماً كاملاً عاجزاً عن إنزال فرشاته على الورق ليرسم


سأله التلميذ الصغير إن كان الحبر فيه عيب ولهذا لا يريد أن يرسم


فأجابه : ' لا … لكنني لم أعد أذكر ملامح من أرسمه … '


التلميذ امتلأ بالحيرة ، لأنه لم يرى تشين بوداو من قبل، 

ولم يعثر حتى على لوحة مرجعية له


لكنه لم يطق رؤية أستاذه جالساً هكذا بلا حراك ، 

فجمع مجموعة من لوحات الآلهة والبوذا ، وقدمها إليه ليستلهم منها


وهكذا خرجت إلى الوجود هذه اللوحة المركّبة ——



رنّ هاتف فجأة في المكان ، فقطع سلسلة أفكار وين شي وأعاده إلى وعيه


كان مصدر الرنين هاتف شيا تشياو 

—- ابتعد قليلاً شيا تشياو وأجاب المكالمة


المتصل —— السائق الذي سيقلّهم لدفن الجرّة ، 

يخبره بأنه قد انطلق وهو في طريقه إليهم


رفع وين شي عينيه إلى ساعة الحائط ، 

فأدرك أن الوقت قد بلغ السادسة صباحاً

و عليهم الاستعداد للانطلاق إلى الجبل


بعد أن انقطع حديثهم السابق لم يواصل أحد الكلام


في الأصل لم يكن سوى موضوع عابر لا علاقة له بشيء، 

وبما أن شيه وون لم يعد مهتم ، لم يجد وين شي داعياً 

لاختلاق كذبة جديدة


أغلق شيا تشياو الهاتف على عجل ، 

ثم قاد شيه وون ليريه غرفة النوم ، وقال معتذراً :

“ هذا تقصير مني ، كان ينبغي أن أوضح الأمر حين حددنا موعد اللقاء . 

الظرف اليوم استثنائي فعلاً ، لذا لا أستطيع أن أواصل 

جولتك في المكان . 

ستكون هناك فرص أخرى لاحقاً .”


وين شي { هذا صحيح ،،،، فما زلت أترقب معرض شيبينغ 

خاصتك ، ولن تستطيع الهرب مني }


تابع شيا تشياو قائلاً :

“ أنا أفهم شعورك حين تبحث عن مكان للإيجار ، فلا بد من 

زيارة عدة أماكن والمقارنة بينها لاختيار الأنسب . 

أنت اليوم فقط تلقي نظرة ، ومن الطبيعي ألا تتخذ قراراً فورياً . 

ما رأيك أن تعود للتفكير قليلاً ؟”


كان وين شي يأمل أن شيه وون لن يفكر بالأمر أبداً ،

لم يرغب في وليمة فاخرة مجهولة السُمّية تتجول في منزله


لكن —— ، وعلى عكس أمنيته —— ، قال شيه وون فجأة :

“ لست بحاجة للتفكير ، سأستأجره. متى يمكنني الانتقال ؟”


و ارتسم الغضب على ملامح وين شي فوراً


أما شيا تشياو فلم يُظهر اعتراضه بوضوح بل قال متردداً:

“ في الحقيقة ، هذا الحيّ بعيد قليلاً ، والمواصلات فيه 

ليست مريحة ، كما أنه ليس حيوياً ….”

ثم نظر إلى وين شي وهو يعبث برأسه وأضاف:

“ بصراحة ، يوجد كثير من الأماكن الجيدة للسكن ، ولا 

حاجة للاستعجال الآن .”


شيه وون :

“ بل يوجد حاجة .”


وين شي: “ ولماذا ؟”


كان شيه وون يمسح بإبهامه على عقدة إصبعه النحيل مرة تلو أخرى ، 

والعروق الخضراء بارزة بوضوح على ظاهر يده


{ لماذا ؟


لأنه … لأول مرة أرى من ينصب لي محراباً ويعبدني بلطف وخضوع 


و أيضاً… }

قال وهو يبتسم بعينيه نحو وين شي :

“ أنا أحاول القبض على شخص ما "


————-


وبسبب هذه الجملة تحديداً ، التي قد تكون صدقاً أو محض كذب ، 

ظل شيا تشياو الخائف واسع الخيال يشعر بوخز في ظهره 


وعند السادسة ، بدأ الناس يتوافدون واحداً تلو الآخر 

ليودّعوا الجد شين تشياو في رحلته الأخيرة


تغيبّت تشانغ بيلينغ التي قالت سابقاً إنها ستبذل جهدها للحضور ، 

بينما بقي شيه وون الذي قد ذكر أنه مشغول ، طوال الوقت هنا


وقف بين القلة الحاضرة وهو يحمل سترته السوداء


وبما أنه جاء من تلقاء نفسه ليشيّع الجد شين تشياو 

لم يكن من اللائق بالنسبة لأسرة الفقيد أن تطرده ، 

فسمحوا له بالانضمام إليهم


مكان الدفن بعيد ، والجبل شديد الانحدار ،  

والأمطار تهطل ، مما جعل الطريق وعراً ،


حملت الحافلة عشرة أشخاص تقريباً ، 

تسير ببطء وسط المطر


جلس شيا تشياو في المقدمة وهو يحتضن جرة جدّه ، 

وإلى جانبه يجلس وين شي


أما الأقارب والأصدقاء فملؤوا المقاعد التالية ، 

فجلس معظمهم في الصفوف الأمامية


عندما انطلقت الحافلة ، ألقى وين شي نظرة عابرة إلى الخلف


في البداية —- كان يظن أن شيه وون – كغريب ودخيل – 

سيجلس وحيداً في آخر صف


لكن ما إن التفت حتى رآه في الصف الثالث ، منصتاً إلى 

ثرثرة الرجال والنساء في منتصف العمر من حوله


كان لهجتهم ثقيلة جداً ؛ وعلى أي حال ، لم يفهم وين شي ما يقولونه


وكان يشك أن شيه وون نفسه لا يفهمهم أيضاً ، 

ومع ذلك بدا سعيداً تماماً بالجلوس هناك


صرف وين شي نظره عنه، وسحب قبعته قليلاً ثم أسند 

رأسه إلى النافذة وأغمض عينيه ليستريح


بعد بعض الوقت ، سمع فجأة شيا تشياو يناديه بصوت خافت :

“ وين-غاا… وين-غاا "


فتح وين شي عينيه :

“ ما الأمر ؟”


فرأى شيا تشياو يتراجع في مقعده ، عنقه متصلب ، 

وصوته ضعيف يكاد يختنق بالبكاء :

“ انظر خلفك… أين ذهب جميع من في الحافلة ؟”



يتبع



  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي