القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch6 بانغوان

Ch6 بانغوان



حين التفت وين شي إلى الخلف ، كان الباص خالياً تماماً ، 

سكون ميت يلف المكان ،


وكأنهما طوال الوقت كانا الوحيدين اللذين حضرا الدفن ، 

أما الآخرون فلم يكونوا سوى سراب ووهم ،


انتشرت في الأجواء رائحة الغبار العتيق ، 

وبدت المقاعد الجلدية وكأنها مهترئة منذ سنوات طويلة ، 

متهشمة متشققة ،

أسند وين شي نفسه على مسند الكرسي ليقف ، 

لكنه لم يحصد سوى قبضة مليئة بالصدأ 


قال شيا تشياو وهو ينتحب بقوة :

“ لم أتمالك نفسي فأخذت غفوة قبل قليل ،  

وحين فتحت عيني… حدث هذا . وين-غا أنا خائف…”


جال نظر وين شي على وجهه المبلل بالدموع فلم ينبس بكلمة ،،

مشى واضعاً يده على ظهر أحد الكراسي ، 

متجهاً نحو باب الحافلة


صرخ شيا تشياو بفزع:

“ لا تذهب ! وين-غااا لا تتركني انتظرني ، انتظرني!”


كان شديد الخوف من أن يُترك وحيداً ، فلحق به مسرعاً


لكن وين شي لم تكن لديه نيّة بالانتظار


نزل الدرجات وخرج من الباص


المطر لا يزال يهطل رذاذاً خفيفاً


رفع وين شي قبعة سترته وأراد أن يواصل السير ، 

لكن شيا تشياو أمسك كتفه على عجل وسأله برعب:

“ إلى أين تذهب يا وين-غي؟ 

أ… أنا لا أجرؤ على التجول هنا .”


التفت إليه وين شي أخيراً وقال ببرود:

“ وما شأن تجولك بي أو عدمه ؟”

ثم نظر إلى وجهه ، حيث سقطت قطرات المطر على الندبة بجانب عينه ، وأضاف :

“ فلستَ بشراً أصلاً .”


تجمد شيا تشياو في مكانه، ثم تمتم بصوت منخفض:

“ وين-غا ماذا تعني؟ لم أفهم…”


أشار وين شي إلى زاوية عينه وقال:

“ الندبة على الجهة الخاطئة .”


ساد الصمت المميت ———

تبادل النظرات مع شيا تشياو للحظة، 

ثم ضغط بيده على زر الطوارئ لفتح وإغلاق الباب من الخارج


فانفرج الباب المعدني بصرير حاد ، ليحاصر ذلك الشيء الممدود بين شقيه


شيا تشياو : “…”


تابع وين شي طريقه ، ولم يتبقَى خلفه سوى صرخة بعيدة واهنة


الطريق مستوي ، 

تصطف على جانبيه أشجار متشابهة الطول والمسافة، 

بحيث يستحيل تمييز ما إذا كان يصعد أم ينزل


طريق لا نهاية له


لكن وين شي لم يهتم ، واصل التقدم إلى الأمام فقط


ذلك الجو الضيق والصامت أشبه بزقاق طويل فارغ


مشى للحظة حتى بدأ وقع خطواته ينعكس صداه


لكن سرعان ما أدرك أن الصدى لم يعد متزامناً مع خطواته ——


توقف فوراً ، لكن ' الصدى ' استمر ، يزداد سرعة واقتراباً…

تماماً خلفه ——-


وفي اللحظة التي التفت فيها، ربت أحدهم على كتفه بقوة


قال بحدة: “من؟”


فوجد أمامه نسخة أخرى من شيا تشياو


لم يكن في هذه النسخة خطأ في الشامات أو الندبة ، 

بل الأهم أنه بدا حيّاً حقيقياً—إذ انفجر بالبكاء حالما رأى 

وين شي بكاءً مليئاً بالنحيب


لكن خبرة وين شي الطويلة جعلته يدرك فوراً أن هذا شيا 

تشياو حقيقي بالفعل


المشكلة الوحيدة… أنّه لم يستطع إصدار أي صوت


فقد رُسم خط أسود على جانبي فمه ممتداً كابتسامة 

عريضة حتى الأذنين، وفوقه وُضعت علامتا (X) كبيرتان ، 

مما أضفى على ملامحه هيئة ساخرة… ومرعبة في نفس الوقت 


يمكن رسم هذا باستخدام رماد البخور ؛ وأحيانًا يستطيع 

بعض الأشخاص إنجازه باستخدام غصن يابس


وحين يُرسم ويُفعَّل ، يمكنه منع الشخص من الكلام ، 

كأنه يغلق فمه تمامًا فلا يقدر على إصدار أي صوت ،


قال وين شي وهو يعبس :

“ من فعل هذا ؟”


ثم وجد بعض الطين الرطب على جانب الطريق ، فمسح به 

الخطين المرسومين على وجه شيا تشياو :

“ حسنًا ، تستطيع الكلام الآن .”


أطلق شيا تشياو شهقتين باكيتين ، وبالفعل عاد صوته

وقف في مكانه مذهولًا للحظة، 

ثم انهار جالسًا على الأرض كخشبة متيبسة ،

بدأ يصفع على فخذيه وهو يصرخ بلعنة :

“ ابن الكلب—”


وين شي:

“ من الذي أغلق فمك بالضبط ؟”


لكن قبل أن يتمكن شيا تشياو من الرد، جاء صوت آخر ليجيب نيابةً عنه :

“ أنا من رسمت عليه .”


رفع وين شي بصره ، ليجد أن شيه وون قد اقترب منهم في 

وقتٍ لم ينتبه إليه أحد


كان يحمل غصنًا يابسًا في يده ، يزيح به الأغصان المتدلية 

التي تعترض طريقه حتى لا تلامس جسده أوراقها المبتلة بالماء الموحل

كان حذرًا ومتقنًا إلى حد بدا مبالغًا فيه


وبمجرد أن رآه وين شي، ارتسمت على وجهه علامات امتعاض شديد


اقترب شيه وون أكثر وشرح ببرود :

“ صادفته في طريقي إلى هنا . 

كان يصرخ بطريقة بائسة وصاخبة ، يركض وهو يحتضن 

رأسه في ذعر دون أن ينظر أمامه . 

من غير المناسب إحداث كل ذلك الضجيج في مكان كهذا، 

لذا رسمت خطين على وجهه بشكل عابر . 

اعتبرها مساعدة مني لا أكثر .”


كان صوته بطيئًا رصينًا ، يمكن وصفه في الأحوال العادية 

بأنه ' أنيق ووقور ' 

لكن في مثل هذا الوضع ، وخصوصًا في نظر شيا تشياو 

ووين شي —- لم يزد ذلك إلا إحساسًا غامضًا بالخطر


ظل شيه وون مبتسم ، وكأنه يتحلى بأفضل مزاج في العالم


ألقى نظرة على شيا تشياو ثم تابع يقول لوين شي:

“ لا بأس إن لم يشكرني ، لكن أن يسبني فوق ذلك ؟ 

إنه أخوك الصغير ، ألن تفعل شيئ حيال هذا ؟”


نظر شيا تشياو إليه بذهول


فأضاف شيه وون:

“ ما بالك تحدق بي هكذا ؟ هل قلت شيئًا غير صحيح ؟”


كان شيا تشياو على وشك الرد ، لكن لسبب ما، حين مر بصر شيه وون عليه ، 

شعر كأنه شيطان صغير وحقير يحدق فيه شيطان عظيم ، 

فلم يجد إلا أن ينكمش في خوف ،


أما وين شي فكان أكثر وعيًا منه


لقد أدرك جيدًا أن كلام شيه وون صحيح : في مكان كهذا ، 

لا ينبغي لأحد أن يصرخ أو يبكي


تمامًا كما حدث حين واجه ' شيا تشياو ' المزيف في 

الحافلة من قبل ؛ 

لو كان قد فقد أعصابه وأفزع نفسه برد فعل صاخب ،  

لربما ظهر المزيد من تلك الأشياء ، 

وربما ظل محاصرًا هناك إلى الأبد بسبب لحظة غفلة ،


لكن… إدراكه للحقائق شيء ، وموافقته مع شيه وون شيء آخر


كان شيه وون قد توقع مسبقًا أن رد وين شي سيكون على 

هذا النحو ، فلم يأخذ الأمر على محمل الضيق


لم تكن هناك أغصان أو نباتات متدلية تسد الطريق الرئيسي ، 

لذا رمى شيه وون بالغصن اليابس في الأدغال ، ثم قال لوين شي:

“ إن لم تكن ستفعل شيئًا فليكن . هل لديك مناديل مبللة ؟ 

أريد أن أنظف يدي .”


{ مناديل مبللة ؟ }

ارتبك وين شي للحظة ، لكن ما خرج من فمه كان:

“ لا "



شيه وون:

“ وماذا لديك إذن ؟ المناديل الورقية تكفي أيضًا ، المهم أن أنظف يدي .”


أخرج وين شي ولاعة من جيب بنطاله ورد ساخرًا :

“ الحرق أنظف وسيلة للتطهير ، تريدها ؟”


تجمد شيه وون للحظة وهو يحدق في الولاعة دون أن ينبس بكلمة


وبعد لحظة ، أدار رأسه فجأة وبدأ يضحك ، 

لكن ضحكته لم تدم سوى ثوانٍ قليلة ثم تحولت سريعًا إلى سعال مكتوم


في العادة ، وجه أي شخص كان سيحمر بعد نوبة سعال ، 

لكن وجه شيه وون لم يتغير ، ظل شاحبًا كما كان


خطرت لوين شي فجأة فكرة عابرة { شخص مريض وشاحب مثله ، 

لو ارتدى أردية بيضاء لبدى كالكيانات الغريبة ، 

أما لو ارتدى الأحمر… لكان أشبه بروح شريرة }


فحص شيه وون نظره في المكان حتى وجد نبعًا جبليًا يكاد يجف أمامهم ، 

فاتجه إليه وغسل يديه بمساعدة خيط الماء الضعيف ،


كان شيا تشياو قد التقط أنفاسه أخيرًا ، فلحق بوين شي 

متشبثًا به بخوف ، 

لكنه لم يمشِي بمحاذاة شيه وون ، 

بل ظل يبعد عنه بضع خطوات ، 

وإن كانوا في النهاية يسيرون في نفس الاتجاه ،


سأل شيا تشياو بصوت مرتجف :

“ وين-غا ، أين نحن بالضبط؟”


أجاب وين شي:

“ يسمى هذا المكان بالقفص .”


: “ قفص؟” بدا أن شيا تشياو قد سمع هذا الاسم من قبل


ظل يفكر طويلًا حتى تذكر أخيرًا أن الجد شين تشياو كان قد ذكره ذات مرة


قال الجد شين تشياو ذات مرة :

في هذا العالم ، كل إنسان يحمل في داخله ندمًا وهمومًا، 

صغيرة أو كبيرة ،

بعضها يُحل بسرعة ، لكن بعضها الآخر يبقى عالقًا لا 

يستطيع صاحبه التخلص منه أو التخلي عنه ،

ومع مرور الوقت ، تتحول هذه الهموم والقيود إلى سجن .


إن أعمق ما تحمله الروح من ضغائن وتعلقات ينشأ من هنا .

فعندما يمرض شخص فجأة بمرض خطير ، 

أو يتعرض لكارثة، أو يقترب من لحظة موته ، 

تصبح روحه في حالة غير مستقرة . 

عندها تثور تلك الضغائن والتعلقات وتطغى ، فتتجسد 

وتتحول إلى شيء ملموس ...

وهذا ما يسمى بـ  ' القفص ' 


وإذا صادف شخص سيئ الحظ ووقع في مثل هذا الموقف، 

فمن السهل جدًا أن يُسحب إلى القفص .


بالنسبة للناس العاديين ، الدخول عرضًا إلى قفص شخص 

آخر يعادل رؤية شبح في وضح النهار .


أما بالنسبة ' للبانغوان ' —— فهذا يعني أن الوقت قد حان 

للعمل — تنظيف النجاسة ، 

وإزالة ديون الكارما ، وتسوية الحق والباطل ، 

ثم إيقاظ سيد القفص ثم يُرسلوه في طريقه الأخير نقيًا "


سأل شيا تشياو من جديد :

“ إذن… إلى أين نحن ذاهبون الآن ؟”


وين شي:

“ لنبحث عن نواة القفص .”


: “ وما هي نواة القفص؟ كيف تبدو؟”


التقط وين شي اتجاهه وقال:

“ عادةً تكون مباني "


وبينما يتحدث ، رفع شيه وون يده فجأة من أمامهم وأشار 

نحو التلة القصيرة القريبة :

“ رأيتها ، يوجد منزل خلف التلة .”


كان يبدو وكأنه يعرف الوضع جيدًا ، 

وكأنها ليست المرة الأولى له في مثل هذه الأمور


تفاجأ وين شي قليلًا ، لكنه سرعان ما تذكر أن اسم شيه وون 

قد مُسح بالفعل من جدارية سجل الأسماء للبانغوان ، 

{ لكنه —مهما كان—يظل أقوى من شيا تشياو

… وإن كانت مهاراته في الأغلب لا تستحق الذكر }


أسرع وين شي وشيا تشياو في خطاهم، 

بينما ظل شيه وون على وتيرته المعتادة، 

هادئًا ومتماسكًا


وهكذا، بعدما كان متقدمًا عليهما بعدة خطوات، 

أصبح يتأخر عنهما بمسافة، 

ومع ذلك لم يُبدِ أي نية للحاق بهما


دار وين شي سريعًا حول التلة ليقف أمام منزل


منزل مكوَّن من طابقين ، بُني بطريقة ذاتية في تسعينيات 

القرن الماضي


يحيط به سور حجري أزرق يشكل فناءً صغيرًا ، 

وقد امتدت من داخله شجرتان شجريتان كثيفة


قال شيا تشياو وهو يتأمله :

“ هذا المنزل… حين كنت صغير ، كل بيوت حيّنا القديم 

كانت تُبنى بهذا الشكل.”


: “ حي قديم؟”


أومأ شيا تشياو رأسه:

“ أجل. كنا نسكن هناك من قبل ، لكن لم يعد هناك بيوت 

من هذا النوع، فقد هُدمت جميعها .”


هذا المنزل الذي ظهر من العدم يستقر فوق مرتفع الجبل، 

منعزل ووحيد


زخات المطر تصحبه بسحابة من الضباب التي أحاطت به


قال شيا تشياو بخوف:

“ أهذا هو نواة القفص ؟ ماذا سيحدث بعد ذلك؟”


كان هذا النوع من البيوت القديمة يشع دومًا بهالة كئيبة غامضة ، 

لذا لم يرغب أبدًا في الاقتراب منه ،

لكن سيدخله رغماً عنه إن قرر وين غا ذلك


وين شي:

“ وماذا بعد ؟ بالطبع سندخل .”


ابتلع شيا تشياو بتوتر { ربما تريد موتي حقًا }

: “ ه-ه-هل سيكون هناك أشخاص بالداخل؟” 


لكن لم يجب هذه المرة وين شي، بل شيه وون:

“ أتظن أن ما بالداخل سيكون أشخاصًا حقًا ؟”



وين شي: “…”

{ ليس هناك شك أن هذا الرجل مختل

ففي مثل هذا الظرف ، ما زال لديه المزاج ليلقي نكات كهذه }


وقد أرعبت هذه المزحة شيا تشياو حتى كاد يبكي فسأل وين شي:

“ هل علينا حقًا أن ندخل ؟”


وما إن فتح وين شي فمه ليرد ، حتى قال شيه وون مبتسمًا:

“ يمكننا نحن الاثنين الدخول فقط ، وأنت انتظر بالخارج .”


“؟؟؟”


بدأ شيا تشياو بالبكاء أكثر من قبل


شعر وين شي بصداع في رأسه


تردد شيا تشياو لثانيتين ثم قرر أن البقاء وحيدًا بالخارج 

سيكون أكثر رعبًا ، فسأل وين شي مجدداً :

“ إذن… كيف سندخل؟ هل نفتح الباب فقط وندخل ؟”


أجابه شيه وون بابتسامة مجدداً :

“ فكرة جيدة ، لماذا لا تجرب فتحه بنفسك وترى ما سيحدث .”


وين شي: “…”

وصل إلى حدّه ، فأشار إلى شيه وون وقال:

“ أنت ، اصمت .”

ثم كبح غضبه بصعوبة وشرح لشيا تشياو:

“ فتح الباب لن ينفع . كلما كانت حركتنا أصغر كان أفضل . 

من الأفضل ألا نوقظ ما بداخل المنزل .”


صرخ شيا تشياو:

“ كيف يمكن ألا نوقظهم؟”


بدأت الصور تتوالى في ذهنه شششش سيزحفون إلى داخل 

المنزل بطريقة ما، 

وبمجرد أن يستدير سيلتقي وجهًا لوجه بوجه شاحب عابس مخيف لشبح


وين شي باختصار :

“ يمكننا ، وهذا كل شيء .”

لم يعد لديه صبر لشرح المزيد


لكن حين رأى شيا تشياو على وشك الانهيار ، أضاف بجفاء:

“ نجد شيئًا نربط أنفسنا به "


في بعض الأحيان يدخل البانغوان إلى الأقفاص بشكل مجبر ، 

وأحيانًا يفعلون ذلك بإرادتهم ،

لكن سواء هكذا أو هكذا ، فالأمر بعد الدخول يبقى متشابهًا: 

بمساعدة بعض الأدوات ، يحاولون التسلل بصمت إلى نواة القفص


غالبًا يختار البانغوان أشياءً مثل اللوحات ، أو الصور 

، أو المرايا — أشياء تربط بين البشر بشكل طبيعي ويسهل 

التعلق بها ، 

كما أنها تسمح بمراقبة ما يجري داخل المكان ،

ولا يبدأون بالتحرك أو التدخل إلا بعد أن يحددوا من هو 

سيد القفص وما الشيء الذي لم يستطع التخلي عنه


ارتسم الذعر على وجه شيا تشياو:

“ نربط أنفسنا ؟ كيف يربط إنسان حيّ نفسه بشيء آخر ؟”


أمال شيه وون رأسه وقال له بصوت خافت :

“ من قال لك إننا بشر الآن ؟”


“؟؟؟؟”


شهق شيا تشياو نفسًا عميقًا و لم يخرجه أبدًا


حين يدخل الأحياء إلى الأقفاص ، لا يكونون بأجسادهم الحقيقية ، 

بل بصور غير مادية عن أنفسهم ،

وإذا فزعوا داخل القفص ، غالبًا يصابون بمرض شديد لفترة في الواقع ،

ويبدو أن شيا تشياو لن ينجو من هذا المصير


تحسس وين شي جيوبه بضيق


في الماضي، كان لا يخرج أبدًا إلا وهو يحمل معه شيئًا من 

أدواته— رماد بخور ، شمع ، خيط قطني ، 

أو أوراق صفراء للشعائر ،

لكن هذا الصباح ، وبسبب استفزاز شيه وون له وتشويشه، 

خرج مرتبك الذهن ونسى أن يجلب شيئًا معه ، 

فلم يبقَ معه سوى ولاعته


{ كيف سندخل إلى المنزل بهذا فقط ؟ }


ظل متجهمًا يفكر للحظة ، 

ثم تذكر فجأة أن شيه وون ما زال يُعتبر بانغوان—ولو بالكاد


صحيح أن اسمه شُطب من الجدارية ، لكنه كان مدوّنًا 

هناك ذات يوم


وكل فرع أو مذهب له تقنياته الخاصة ، و لعل عنده ما ينفع


فالتفت إليه وسأله :

“ هل تعرف طريقة للدخول ؟”


أطلق شيه وون “أوه” قصيرة وقال:

“ ليس الأمر أنني لا أملك أي طريقة على الإطلاق .”


لم يكن وين شي راغبًا في الاستماع إلى غموضه، فقال مباشرةً :

“ إذن افعلها .”


ابتسم شيه وون:

“ متأكد ؟”


مد يده بارتخاء وكسر ثلاث أغصان يابسة من الجانب ، 

ثم مد يده المفتوحة باتجاه وين شي


يده نحيلة ونظيفة ، أصابعه مستقيمة وطويلة


تجمد وين شي وهو يحدق في تلك اليد ، وأصابع يده ارتجفت للحظة بجانبه


شيه وون:

“ أعطني الولاعة .”


فرك وين شي مفصل إصبعه ثم أخرج الولاعة وسلّمها له


راقب شيه وون وهو يشعل الأغصان اليابسة ويغرسها في الطين… 

لم يبدُ ذلك شبيهًا بأي تقنية من عائلة تشانغ 

——- بل أقرب إلى فن التحريك كالدمى


رفع شيه وون نظره إلى وين شي وقال محذرًا :

“ دعني أوضح أولًا …. أنت سمعت الشائعات عني، صحيح؟ 

أنا لا أجيد سوى بعض الحيل البسيطة والرخيصة . 

قدراتي محدودة ، ولا أستطيع إنجاز شيء معقد . 

وأنت من طلب مني المساعدة بنفسك ، لذا تذكّر هذا . 

إذا حدث أي شيء ، لا يحق لك أن تلومني .”


كان ما يزال مبتسمًا وهو يقول هذا


ثم قبض بيده على الأغصان الثلاثة اليابسة


وفي اللحظة التي اصطدمت فيها ببعضها…


غرق عالم وين شي في الظلام ——-

في هذه اللحظة ، ندم وين شي ———


لكن حين فتح عينيه مجددًا ، 

وجد نفسه داخل غرفة أحدهم


هذا يعني أنهم دخلوا إلى نواة القفص بالفعل، 

وبدأ يشعر أن مهارة شيه وون ليست سيئة إلى هذا الحد


لم يتصرف بطيش ، بل بدأ يتفحص المكان من حوله


{ على الأرجح .. هذه غرفة طفل }


إلى جانب السرير، توجد سجادة صناعية من مادة طرية 

مفروشة على الأرض لتحمي من السقوط ، 

و مطبوع عليها شكل كرتوني من تسعينيات القرن الماضي


في الزاوية —- كرسي خشبي صغير ، وبعض قطع المكعبات المبعثرة


من الواضح أن صاحب الغرفة لم يكن مهتمًا كثيرًا بهذه الألعاب ، 

إذ تراكمت طبقة غبار واضحة فوقها


شعر وين شي أنه يقف في مكان مرتفع ، 

على رفّ على الأرجح ، 

لكنه لم يعرف هل كان داخل صورة فوتوغرافية أم لوحة


{ لو كان لديّ مرآة لأتأكد من أنا حالياً لكان أفضل }


كان على وشك أن يبحث عن مكان وجود 

شيا تشياو وشيه وون حينها سمع وقع خطوات صغيرة بالخارج ، قادمة من خلف باب الغرفة


كانت تلك صوت خطوات طفل يجر نعاله


وبالفعل ، دُفع باب الغرفة في اللحظة التالية ، 

وركض إلى الداخل صبي صغير يرتدي ثيابًا أشبه بالدمى


في كثير من الحالات لم يكن الناس في الأقفاص يبدون بمظهر طبيعي


عادةً يبرز جزء واحد من ملامح وجوههم بوضوح شديد ، 

بينما تبقى بقية الملامح مشوشة وغامضة ، 

تمامًا وكأنها ذكريات


الميزة البارزة في وجه ذلك الصبي كانت عيناه — كانتا 

كبيرتين جدًا ، وسوداوين تمامًا


ركض داخل الغرفة ثم توقف فجأة ، ثم كأنه لمح شيئًا ما، 

بدأ يحدق مباشرةً في نقطة محددة في الهواء


وبسبب ذلك ، بدا جمال عينيه الغريبتين أكثر رعبًا —-


وقف للحظة صامتًا ، ثم التفت برأسه فجأة دون أي إنذار 

وحدّق في اتجاه وين شي


وفورًا —- سمع وين شي صوت شهيق ناعم جدًا ، 

مما أكد له أن شيا تشياو موجود في مكان قريب منه ، 

لكنه لم يجرؤ على قول أي شيء ،


بعد لحظة —- ، حوّل ذلك الصبي المخيف نظره بعيدًا ، 

وركض بخطواته الصغيرة نحو الباب ثم صرخ باتجاه الطابق الأول:

“ في غرفتي أشخاص كُثُر !”


وين شي: “…”


وبعد لحظة قصيرة ، صعدت الدرج خطوات متثاقلة ، 

كأنها تعود لرجل مسن


ومن موقعه المرتفع ، تمكن وين شي من رؤية قمة رأس 

رجل عجوز بلون رمادي باهت


وبسبب انحناء ظهره قليلًا ، لم يتمكن من رؤية وجهه بوضوح


حين دخل العجوز ورأى الغرفة فارغة تمامًا ، تنهد بخفة أولًا ، 

ثم مد يده وربّت على رأس الطفل قائلًا :

“ أين هم هؤلاء الناس جميعًا ؟ 

بصر هذا الجد ضعيف ، سيستغرق الأمر وقتًا حتى يجدهم .”


مدّ الصبي يده وأشار مباشرةً نحو وين شي:

“ هناك !”


رفع العجوز رأسه أخيرًا ونظر باتجاهه…


لكن لم يكن لهذا الجد وجه ——-


شعر وين شي بشيء يهتز بجواره ، 

ثم بدأ ينزلق ببطء إلى الأسفل ،


لم يكن مفاجئًا — فقد أغمي على شيا تشياو غالبًا من شدة الخوف ~~


لكن الأمر الذي حيّر وين شي هو { كيف لشيا تشياو أن ينزلق إلى الأسفل ؟؟ 

سواءً كنا في إطار صورة أو لوحة ، لم يكن منطقيًا أن ينزلق هكذا !!

ما الذي وضعنا فيه شيه وون بالضبط ؟ }


وفي وسط حيرته ، انزلق شيا تشياو وسقط كليًا ——


و سمع صوت ارتطام خفيف ' بلوب ' ورأى بأم عينيه دمية 

ترتدي فستانًا زهريًا تسقط على الأرض على وجهها


وين شي: “…”


انحنى العجوز عديم الوجه والتقط دمية شيا تشياو ذات الفستان الزهري


نفض الغبار عنها بلطف ، 

ثم وضعها فوق السرير وربّت على رأس الصبي قائلًا وهو 

ينظر في اتجاه وين شي:

“ عندما تقول أن هناك أشخاص ، أكنت تقصد هذه الدمى خاصتك ؟”


وين شي: “…”


{ دمى…


إذن نحن دمى … }


شعر وين شي أنه يختنق

لم يعد يريد سوى أن يعرف شيئين :

{ أولًا : هل أنا أيضاً دمية ترتدي فستان ؟


ثانيًا : أين شيه وون—ولِمَ لا يسقط ميتًا الآن فورًا ؟ }


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي