Ch52 | IOWY
بعد أن أنهى بيان شيانيانغ كلامه ،
ظل يانغ شياولي صامتًا لفترة دون أن يُبدي أيّ ردّ فعل ،
فقط التصق به بصمت، وخدّه يستند على كتفه،
وقد بدا عليه الطاعة والهدوء النادران
بيان شيانيانغ:
“ هل تنوي البقاء صامتًا هكذا طوال الوقت ؟”
لم يتلقَ رد
: “ ألن تقول شيئ ؟”
ابتعد يانغ شياولي قليلًا عن حضنه وهو ممسك بكتفيه ،
ولم يجرؤ على النظر في عينيه :
“ ألم تقل إنك لم تحسم أمرك بعد ؟”
ردّ بيان شيانيانغ رافعًا يده اليمنى ليضغط بإبهامه على زاوية شفتيه المحمرة:
“ لقد رغبت بتقبيلك ، فماذا بقي لأفكر فيه ؟
هل أنا الوحيد الذي قبّلك ؟”
أومأ يانغ شياولي برأسه بخفة
: “ قبل أن أقبّلك ، كنت أفكر أنه لا يحق لأحد سواي أن يفعل ذلك ….”
بدأ بيان شيانيانغ يربّت بلطف على شفته السفلية الممتلئة بإبهامه ، وكأنه لا يريد أن يبعد إصبعه عنها
تابع : “ رغم أنك محتال صغير ، إلا أنني ، حتى وأنا غارق في
العمل ، كنت أظل أفكر بك… أفكر بذلك الكاذب الصغير
الذي بكى ذات يوم وقال إنه سيكفّر عن ذنبه ،
ثم اختفى من العالم وكأنه تبخّر ،
و لا حتى رسالة على ويتشات "
قال يانغ شياولي بمرارة مختلطة بالسعادة :
“ إذًا ، في نظرك ، أصبحت بالفعل محتالًا لا غبار عليه .”
ابتسم بيان شيانيانغ :
“ وماذا عساي أن أفعل ؟
أنت فعلاً محتال صغير… باوبي "
عندها، حاول يانغ شياولي التملص والنزول من على ساقيه،
لكن بيان شيانيانغ أمسك بخصره بإحكام، فلم يستطع الحركة
احمرّ وجه يانغ شياولي من الغضب، وهو يحاول إزاحة يديه:
“ نعم ، أنا محتال !
محتال ومع ذلك قبّلتني بكل شغف !
لو كنت أخبرتني من قبل ، لما تركتك تقترب مني أصلًا !”
ظل بيان شيانيانغ ينظر إليه وهو يقاوم الضحك ،
دون أن يخفف من قبضته
صرخ يانغ شياولي غاضبًا :
“ ما بالك ؟! قبّلتني حتى لم أعد أستطيع إغلاق فمي !
ماذا تريد أكثر ؟! أفلتني ، أفلتني !”
بدل أن يتركه ، اقترب منه أكثر ، حتى لامس وجهه ،
وهمس بصوت خافت عميق مثير:
“ وصفك هذا… فيه شيء من الإثارة…”
ارتجفت أذن يانغ شياولي من همسه ، لكن رغم ذلك، حاول
أن يتماسك قائلاً بوجه متجهم:
“ هذا ينطبق علينا نحن الاثنان ! أتركني ، أريد النوم .”
تنهّد بيان شيانيانغ وأفلت خصره ،
يشاهده وهو ينهض من على ساقيه ، ثم قال:
“ غدًا في التاسعة صباحًا تقريبًا ، عليّ أن أخرج .”
ردّ يانغ شياولي:
“ أوه، إذًا سأعود للجامعة .”
: “ بإمكانك النوم لفترة أطول ، ابقَ حتى ترغب في الرحيل .”
: “ ما دمت لن تكون هنا، فبماذا سأشغل نفسي؟
سأعود وأقابل مومو "
: “ من مومو؟”
: “ صديقي يان لان، وهو زميلي في السكن ، في أوائل أكتوبر،
كان معك خلف الكواليس في حفل فرقتكم ،
الجميل الذي كان يقف بجانبي . آههخ لقد اشتقت إليه
هل يمكن أن تعيد لي هاتفي ؟”
نهض بيان شيانيانغ وذهب إلى غرفة النوم ،
وأعاد إليه هاتفه بعد أن شحنه بالكامل
: “ نتناول الإفطار معًا غدًا ؟”
قال يانغ شياولي على مضض :
“… إن استيقظت في الوقت المناسب .”
———————
ورغم كلامه ، فقد استيقظ مبكرًا ،
وقبل أن يخرج بيان شيانيانغ من غرفة النوم ،
كان قد شمّ رائحة الطعام ،
وعلى طاولة الطعام طبق بيضتان مقليتان بشكل شبه محترق ،
وبعض شرائح لحم الخنزير المقدد ،
وطبق من شرائح الطماطم
كان يانغ شياولي يصب الحليب ، ولمّا رأى بيان شيانيانغ
يخرج، نظر إليه بنظرة سريعة وسأله :
“ غسلت وجهك؟”
: “ غسلته ...” ردّ بيان شيانيانغ ثم ذهب وجلس على
الكرسي إلى الطاولة،
“ في أي ساعة استيقظت؟”
: “ في الثامنة ...” قال وهو يناوله كوب الحليب :
“ أممتنّ الآن ؟”
أومأ بيان شيانيانغ مبتسمًا:
“ ممتنّ "
يانغ شياولي بنبرة ساخرة :
“ وأنا أيضًا ممتنّ ، لا أصدق أنني استيقظت في الثامنة
صباحًا فقط لأعدّ لك الإفطار ،
ولم ألعنك سرِّاً حتى … هذه هي المحبة الحقيقية ! .”
ضحك بيان شيانيانغ بصوت مرتفع ،
وتذكر أيام صداقته مع نانا ،،،، حين كان استيقاظه مبكرًا
يصاحبه الكثير من التذمّر واللعنات ،
وكان يقول إنه قرر في حياته القادمة أن يولد كـ ' كابيبارا '
( خنزير الماء )، ليستلقي تحت الشمس ،
ويسترخي في المياه ،
ويطلب من بيان زيارته في حديقة الحيوانات
{ لقد كنت أحب الشخص نفسه ، منذ البداية وحتى الآن }
—————————————
في الجانب الآخر ،
جدول شيه يون تشي أقل ازدحامًا ،
حيث كان يستطيع أداء عمله من مكتبه دون الحاجة إلى
التوجه إلى الشركة ، مما يعني أنه سيقضي اليوم بأكمله في المنزل
أما يان لان ، فقد طلب منه صندوق مخملي لخاتم الخطوبة ،
فوضع خاتم الألماس الوردي بداخله ،
ثم لفّه بقطعة قماش سوداء ، وخبّأه تحت السرير
لم يكن شيه يون تشي يولي يوم ميلاده أهمية كبيرة ،
ولم يفكر يومًا في الاحتفال به، فمقارنةً بعيد ميلاده،
كان يهتم أكثر بعيد ميلاد يان لان—حتى وإن لم يكن ذلك
التاريخ هو يوم ولادته الحقيقي ، بل مجرد اليوم الذي أُرسل
فيه إلى دار الأيتام
لكن يان لان كان يهتم جدًا بيوم ميلاد شيه يون تشي
وأصرّ على إقامة حفل للاحتفال به
حاول شيه يون تشي أن يثنيه عن ذلك دون جدوى،
وفكّر أنه بما أن يومي ميلادهما لا يفصل بينهما سوى بضعة
أيام ، فلمَ لا يحتفلان بهما في يوم ميلاد يان لان معًا
لكن يان لان لم يوافق ، فقد اعتبر أن يوم ميلاده لا يستحق
الاحتفال ، لأنه مجرد اليوم الذي دخل فيه دار الأيتام ،
ولا يحمل معنى حقيقيًا
أما يوم ميلاد شيه يون تشي فهو تاريخ ولادته الفعلي،
ويستحق أن يُحتفل به كما ينبغي
و بسبب هذا ، دخل الاثنان في جدال استمر عدة أيام ~ ،
ولم يستطع شيه يون تشي الانتصار في النقاش ،
فاضطر إلى التنازل ، وطلب شرطًا وحيدًا : أن يحتفلا في يوم
ميلاده هو
لكن على أن يُحتفل أيضًا بيوم ميلاد يان لان في نفس الوقت ، وكأنهما ولدا في اليوم نفسه ،
وأن يكون هناك كعكتا عيد ميلاد لهما معًا
وافق يان لان أخيرًا ، وهكذا تم الاتفاق على الحفلة
صادف يوم 15 من ذلك الشهر يوم سبت ،
وفي ظهيرة الجمعة ، اصطحب يان لان صديقه يانغ شياولي
وعادا معًا إلى منزل شيه وهم يحملان الهدايا التي اشتراها مسبقًا
وكانت تلك أول مرة يزور فيها يانغ شياولي منزل شيه ،
فرحّبت به الخادمة بحفاوة ،
وجهّزت له على العشاء طبقًا خاصًا من شرائح اللحم
بصلصة النبيذ الأحمر ، الذي قال يان لان إنه يحبه كثيرًا
ومن أجل المساعدة في التحضيرات والمشاركة في الحفل ،
قرر يانغ شياولي البقاء ليلًا وعدم العودة ،
وبعد أن رتبت له الخادمة غرفة الضيوف ،
حاول يان لان أن يحمل وسادته وينام إلى جانبه ،
لكن شيه يون تشي علم بالأمر ، فانتزع الوسادة منه وأصرّ
على إعادتها إلى غرفة النوم الرئيسية
حينها همس يانغ شياولي لتيانتيان وهو يجره بعيدًا ،
قائلًا إن عمه بخيل ~ ، ولا يسمح لهما بالنوم سويًا !
فحدّق فيه تيانتيان باستغراب ،
لا يفهم ما الذي يقوله أخ زوجة عمه هذا وهو يتمتم لنفسه
جلس يان لان بعد أن أُجبر على العودة إلى غرفة النوم على حافة السرير ،
ينظر إلى شيه يون تشي بنظرات يملؤها العجز :
“ تركه ينام وحده ليس جيدًا ، أردت فقط التحدث معه عن ترتيبات الغد "
أجابه شيه يون تشي:
“ أنا أرى أن تركك لي أنام وحدي هو الأسوأ !
يمكننا مناقشة أمور الغد غدًا ، وسأعود في الظهيرة لأساعدك .”
قالها ، ثم قفل باب غرفة النوم من الداخل ،
وكان واضحًا أنه لا ينوي السماح ليان لان بالخروج هذه الليلة
————————
في صباح اليوم التالي ،
خرج شيه يون تشي باكرًا متوجهًا إلى الشركة ،
واستيقظ يان لان معه ،
تناول الفطور معه وودّعه عند الباب
حين نزل يانغ شياولي من الطابق العلوي ،
رأى يان لان عائدًا من الخارج ، فظن أنه كان يتمشى ،
لكنه حين وصل إلى مائدة الطعام ولاحظ وجود طقمين من
أدوات الأكل ، رفع حاجبه والتفت إلى يان لان مبتسمًا بخبث :
“ شيه يون تشي غادر لتوّه أليس كذلك؟”
أومأ يان لان برأسه
فأطلق يانغ شياولي ضحكة طويلة ممدودة وقال:
“ آآآه~~ إذًا كنتَ تودّع زوجك وتوصله إلى الباب ،
كم هذا رومنسي~”
لم يكن يان لان قد شعر بالإحراج في البداية ،
لكن بعدما بدأ يانغ شياولي يسخر منه ، احمرّ وجهه قليلًا ،
ودخل المطبخ ليُحضر له كوبًا من حليب الصويا وسلة من
الباوزي بالبخار
بعد أن أنهى يانغ شياولي إفطاره ، انضم الثلاثة — هو ويان
لان والخادمة —للتحضير لكعكة عيد الميلاد ،
بدءًا من الكعكة الإسفنجية إلى تزيينها بالكريمة والفاكهة ،
وكان كل شيء من صنع أيديهم
تيانتيان كان فضوليًا جدًا بشأن ما يفعله الثلاثة الكبار في المطبخ ،
وكان كلما اقترب من يان لان — يحصل على قطعة صغيرة
من خوخ أصفر أو مانجو كمكافأة —-
وبعد أن أنهوا إعداد كعكة عيد الميلاد ،
انتقل الثلاثة من المطبخ إلى غرفة المعيشة ،
وبدؤوا بنفخ البالونات بلا توقف ، ثم صنعوا قوسًا منها ،
وزيّنوا المكان بالأشرطة والفيونكات
⸻——
عندما عاد شيه يون تشي من العمل،
تولّى من كانوا برفقته—السكرتير لين، والمساعد شياو
تشانغ، والسائق—العمل في غرفة المعيشة، بينما عاد يان
لان والآخرون إلى المطبخ لتحضير العشاء
كان اليوم من الأيام النادرة التي يُسمح فيها لتيانتيان بعدم
الدراسة ،
ومع توافد هذا العدد غير المعتاد من الضيوف إلى المنزل،
كان في غاية الحماس، يركض بين المطبخ وغرفة المعيشة،
تارةً يذهب لرؤية عمّه وهو ينفخ البالونات ،
وتارةً يعود إلى المطبخ ليرى شينشين وهو يُعدّ له أجنحة
الدجاج بالعسل التي يحبها
———-
عند الساعة السادسة مساءً ،
تلقى يانغ شياولي اتصالًا —- فخرج ليُقابل بيان شيانيانغ
كان يان لان قد خرج أيضًا ووقف عند باب المنزل في انتظارهما،
وحين عاد الاثنان، كان بيان شيانيانغ يحمل في يده هديتين—واحدة ليان لان ،
وواحدة لشيه يون تشي— وهما طقم من الأوشحة
والقفازات المخصصة للثنائيات
أومأ يانغ شياولي رأسه متفاخرًا وقال :
“ كانت فكرتي أنا~ وإذا كنت دقيق الملاحظة ، فسترى
الأحرف الأولى من اسميكما مطرّزة على طرف الوشاح،
وكذلك على القفازات~”
نظر إليه بيان شيانيانغ من فوقه وقال :
“ ألم تكن مفاجأة ؟
كنت أعلم أنك لن تستطيع كتمان الأمر وتقولها بنفسك .”
ردّ عليه يانغ شياولي:
“ أنا فقط أردت لمومو أن يعرف بالأمر مبكرًا ،
ليحصل على هذه المفاجأة سريعًا ! ”
ابتسم بيان شيانيانغ وهو يحاول كتم ضحكته:
“ المفاجآت يُفترض أن تُكتشف من قِبل الشخص نفسه "
: “ وماذا لو لم يكتشفها أصلًا ؟”
ضحك بيان شيانيانغ:
“ معك حق ما أحرصك باوبي .”
….
بدأ حفل عيد الميلاد في تمام السابعة مساءً ،
وفي جوٍ مليء بالبهجة والدفء ،
أطفأ يان لان وشيه يون تشي سويًا شموع كعكة عيد الميلاد،
وتبادلا الهدايا
تلقّى شيه يون تشي ربطة عنق بلون أزرق بحري ،
بينما تلقّى يان لان ساعة يد
أما تيانتيان، فرغم أن عيد ميلاده قد مرّ منذ فترة ،
فقد تلقّى من عمّه وشينشين مجموعة كاملة من معدات
التزلج على الجليد ، لأنهم خططوا لقضاء عطلة الشتاء معًا
في رحلة تزلج
لم يمرّ على منزل عائلة شيه هذا القدر من الصخب والفرح
منذ عامين ،
وكانت آخر مرة احتفل فيها شيه يون تشي بعيد ميلاده قبل
سفره إلى الخارج للدراسة ، ورغم المسافة آنذاك ،
إلا أن هناك من كان يتذكر عيد ميلاده دومًا ويتصل به
لتهنئته — أخوه الأكبر —
تلك المكالمة كانت أغلى عليه من أي كعكة عيد ميلاد ،
والآن أصبحت أثمن من أن تُشترى بالمال
كان شيه يون تشي شارد الذهن وهو يحمل قطعة كعك في
يده ، حينها شعر بشخص يقف إلى جانبه ،
وما إن رفع رأسه حتى شعر بلمسة ناعمة على شفتيه
كان يان لان ينظر إليه مبتسمًا ، بعينين مغمضتين قليلاً من
السعادة ، قابضًا على معصمه بحنان
قال له بلطف :
“ عيد ميلاد سعيد مومو "
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق