Ch53 | IOWY
في ليلة حفل الكريسماس ——- ،
أقيم معرض فينوس السنوي للمجوهرات كما هو معتاد
اليوم ، ما إن انتهت محاضرات يان لان حتى جاء السائق
لاصطحابه إلى مركز المعارض،
حيث كان شيه يون تشي في انتظاره
وحين يحلّ الشتاء ، يكون يان لان شديد الحساسية للبرد،
لدرجة أنه يرتدي كنزتين صوفيتين،
وفوقهما معطف سميك،
وقبعة صوفية ووشاحًا يغطي نصف وجهه،
فلم يظهر منه سوى عينيه حين وقف أمام شيه يون تشي
شيه يون تشي رأى مظهره هذا لطيفًا للغاية ومضحكًا في الوقت نفسه ،
فلم يحاول نزع قبعته أو وشاحه ، بل احتضنه من الخلف
كما هو —- وظلّ الاثنان يتجولان معًا في أرجاء المعرض
بتلك الوضعية
جذب الاثنان أنظار جميع الحضور ،
من زوار المعرض إلى رجال الأمن ،
لكن يان لان لم يهتم ، فطالما أن وجهه غير ظاهر ،
فالإحراج سيقع على الشخص الذي خلفه ~~~
أما شيه يون تشي —- فلم يشعر بأي حرج ،
بل كان يرى أن عناقه له بهذه الطريقة أمر ممتع
المعرض مزدحم بالزوار ،
لذا حرص المنظمون على تنظيم الدخول إلى القاعة عبر
دفعات محددة بزمن ،
حيث تخرج دفعة لتدخل أخرى ،
ممما جعل الأجواء منظمة للغاية
وبسبب هذا الترتيب ، شاهد كثير من الناس ذلك ' التوأم
الملتصقين ' شيه يون تشي ويان لان
فبعد أن سبق للبعض رؤيتهما معًا عند بحيرة ليشيان،
وانتشرت صور عرض الألعاب النارية التي تخللها طلب زواج
علني منه على الإنترنت ،
صار من الواضح للجميع أن العلاقة بين الاثنين محسومة لا جدال فيها ،
وبات جليًا لكل ذي عينين مدى افتتان شيه يون تشي بيان
لان ، حتى أنه لا يستطيع مفارقته حتى في معرض تنظّمه
شركته ، وكأنه يخشى أن يهرب من بين يديه
وقبل غروب الشمس ،
غادر يان لان مركز المعارض برفقة شيه يون تشي ليعودا إلى
المنزل لتبديل الملابس
فحفل الرقص المسائي بمناسبة الكريسماس يشترط ارتداء
الملابس الرسمية
ويان لان ، الذي لم يكن معتادًا أصلًا على ارتداء البدل ،
ارتدى بدلة ' تكسيدو ' فاخرة اختارها له شيه يون تشي بنفسه
لكن ربطة العنق على شكل فراشة كانت تضايقه مهما حاول تعديلها ،
وحذاء الجلد كان مزعجًا له إلى حدّ أنه لم يشعر بالراحة
حتى أثناء الوقوف ،
فما بالك بالحركة ، فلم يكن من السهل عليه التأقلم
ساعده شيه يون تشي في ارتداء الخاتم وأزرار الأكمام
المرصعة بالجواهر ، وقال له بصوت خافت يواسيه :
“ لن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا ، وإن شعرت بأنك لا تحب
هذه الأجواء حقًا، سأطلب من المساعد شياو جانغ أن
يعيدك إلى المنزل لتستريح .”
نظر إليه يان لان بعدما أنهى ترتيبه ، وسحب يده بهدوء مشيراً :
“ بإمكاني أن أجد مكانًا أجلس فيه وأنتظرك "
ابتسم شيه يون تشي و رد :
“ يا لك من مطيع "
——-
أُقيم حفل الرقص في تمام السابعة مساءً في قاعة
الاحتفالات بفندق ' القمر الذهبي ' والذي لا يبعد كثيرًا عن
مركز المعارض
وخلال النهار ، وقبل أن يصل يان لان ، كان عدد من نجوم
الصف الأول والمغنيين المتعاونين مع شركة فينوس قد
زاروا المعرض بالفعل ، لذا مع حلول الليل، كان معجبوهم
قد حاصروا الفندق من كل الجهات ،
تمامًا كما حدث في فندق ' كاسبين ' يوم عيد ميلاد ياو جيني
في البداية ، لم يشعر يان لان أن الأمر يستحق التوتر ،
لكنه حين صعد المصعد برفقة شيه يون تشي ووصلا إلى
خارج قاعة الحفل ، وسمع صوت الموسيقى الكلاسيكية
العذبة تنبعث من الداخل ، توتر فجأة ، وشعر بقلبه ينقبض
أمسك يان لان بيد شيه يون تشي مانعًا إياه من التقدّم إلى
الداخل ، وأشار بتردد :
“ يبدو أن هناك الكثير من الناس في الداخل .”
فأجابه شيه يون تشي مطمئنًا :
“ لن يكونوا كثيرين ، هذه المرة لم ندعُ عددًا كبيرًا .”
لم يتغير شيء على ملامح يان لان ، لكنها لم تخلُ من لمحة
من القلق وعدم الراحة ،
و ظهر بشكل واضح في عينيه رغم محاولته إخفاءها
عندها شدّ شيه يون تشي قبضته على يده وقال بلطف:
“ لا تقلق ، السكرتير لين وشياو جانغ كلاهما بالداخل ،
والأهم من ذلك ، حيثما تكون أنت أكون أنا
لن تكون وحدك .”
ما إن سمع يان لان هذه الكلمات ، حتى شعر بطمأنينة كبيرة ،
وتنفس بارتياح طويل ،
ثم أومأ برأسه وتبع شيه يون تشي إلى داخل قاعة الحفل
وما إن دخلا حتى خطف بصره منظر الثريا البلورية الفاخرة ،
وشجرة الكريسماس العملاقة التي تزيّن القاعة
آخر مرة رأى فيها يان لان شجرة عيد ميلاد بهذا الحجم في
العام الماضي ، حين ذهب هو ويانغ شياولي للتنزه في أحد
مراكز التسوق
ويتذكّر كيف كانت هناك فعالية بمناسبة الكريسماس ،
إذ أن أي مشتريات تتجاوز مئة يوان تتيح لصاحبها استلام
هدية عشوائية صغيرة بعد إبراز الفاتورة
حينها ، كانت هدية يان لان عبارة عن جوارب خضراء داكنة ،
أما هدية يانغ شياولي فكانت دفتر ملاحظات مزينًا برسوم
بابا نويل وشجرة الكريسماس
وبعدها ، اشترى الاثنان قالب حلوى صغير بالمناصفة
واحتفلا به في السكن الجامعي ، وبقدوم العام الجديد ،
ترحيبًا بسنة جديدة مليئة بالأمل
استعاد يان لان تلك الذكريات ، فخفض رأسه مبتسمًا دون
أن يتمكن من إخفاء ابتسامته
ولما رآه شيه يون تشي يبدو سعيدًا هكذا ، شعر ببعض الارتياح ،
وهمّ بأخذه إلى منطقة البوفيه ليأكلا شيئًا خفيفًا قبل بدء الحفل ،
لكن بعض أصدقائه في العمل كانوا قد رأوه بالفعل ، فسارعوا نحوه
وكان هذا أول لقاء لهم بيان لان على أرض الواقع ،
ولما رأوا الخاتم الذي يزين إصبعه — ذلك الخاتم المرصّع
بالألماسة الوردية — ظهرت على وجوههم تعابير تقول
بوضوح ' كما توقّعنا تمامًا '
فالمدعوون إلى هذا الحفل كانوا بمعظمهم من أصحاب الخبرة والذكاء ،
فما إن رأوا يان لان حتى تبادلوا معه نظرات ودّية ،
ورفعوا الكؤوس للتحية ،
ثم بدأوا في الحديث مع شيه يون تشي عن أمور العمل
ولم يكن يان لان يتوقّع أن شيه يون تشي لا يفوّت أي فرصة للعمل ،
حتى في هذا الحفل المليء بأجواء العيد ،
كان الحديث لا يزال يدور حول المشاريع والعمل
وما إن انتهت مجموعة من المحيطين به من الحديث ،
حتى أقبلت مجموعة أخرى ، ليتواصل الحديث بلا انقطاع
شعر يان لان بالعطش من كثرة الوقوف والاستماع ،
لكنه لم يرغب في شرب الشمبانيا
لاحظ شيه يون تشي أن كأس الشمبانيا في يده لم يُشرب
منه سوى رشفتين،
فأخذه منه واستبدله بكوب من عصير الخوخ،
ثم لما رأى النادل يمر حاملاً صينية صغيرة عليها كعكات
أنيقة ، أخذ له واحدة
الكعكة صغيرة بحجم كف اليد ، مزيّنة بالمكسرات والفاكهة ،
والكريمة عليها كانت حلوة ، و قاعدة الكعك لينة وهشة
أكل يان لان واحدة، ثم بدأ يختلس النظر باتجاه النادل،
يرغب بتذوّق المزيد لكنه خجل من أن يطلب بنفسه
وبعد أن أنهى شيه يون تشي حديثه مع من حوله ،
أمسك بمعصمه وقاده نحو منطقة البوفيه ،
وهناك أدرك يان لان أن الطاولة ممتلئة بأصناف شتى من الكعك ،
صينية كبيرة غارقة بأنواع مختلفة تسرّ الناظر وتحيّره
قال شيه يون تشي مبتسمًا :
“ هل تودّ تجربة أصناف أخرى ؟
توجد فطائر التوت البري ، والبراونيز، وموس الفراولة…
سأحضّر لك من كل نوع واحدة .”
أخذ شيه يون تشي صحنًا من الخزف الأبيض من طرف الطاولة ،
ووضع فيه كعكة من كل نوع ،
ثم سلّمه ليان لان مع شوكة صغيرة للحلويات ،
وأضاف مبتسمًا:
“ سأحمل لك الطبق ، وأنت تناول الطعام براحتك .
هذه حلويات خفيفة ، وإن لم تكفِي ، فهناك شرائح
الستيك ولحم الخنزير… وإن لم تستطع إنهاءها، سأكملها عنك .”
ظهرت ابتسامة خفيفة على شفتي يان لان ، وأومأ برأسه
وبدأ في تناول الكعك
ثم التقط شيه يون تشي لنفسه أيضًا شوكة ،
وبدأ يأكل معه من نفس الطبق
كانت الأجواء بينهما دافئة ولطيفة ،
إلى درجة أن من كان ينوي التحدّث إلى شيه يون تشي تردّد وتراجع ،
متأثرًا بالحميمية التي جمعت بينهما
لكن السكرتير لين اقترب فجأة من أحد الزوايا ،
وهمس في أذن شيه يون تشي ببضع كلمات ،
مما جعله يرفع حاجبه قليلاً بعد الاستماع، ثم قال:
“ حسنًا، فهمت . ابقَى مع مومو ، وسأعود فورًا ”
راقب يان لان بفضول شيه يون تشي وهو يسلّم الطبق
لسكرتيره ويتّجه نحو رجل يرتدي بدلة رسمية سوداء ،
وكان ذلك الرجل وسيمًا وجذّابًا ، ووجهه بدا مألوفًا بعض الشيء
لاحظ السكرتير لين دهشة يان لان —- فشرح له قائلًا :
“ ذلك هو النجم السينمائي الشهير ، هان شينغ .”
فتح يان لان عينيه قليلاً في دهشة وقد تذكّر فجأة ،
{ لهذا شعرت أن وجهه كان مألوفًا —
لا بد أنمي رآينه في أحد المسلسلات }
ثم بدأ يراقب شيه يون تشي وهو يتحدّث مع هان شينغ
لبضع دقائق ،
حتى أنه ربت على ذراعه في نهاية الحديث بطريقة فيها نوع
من التشجيع ، ثم استدار وعاد
عندها ، أعاد السكرتير لين الطبق إلى يد شيه يون تشي وانصرف
فنظر إليه يان لان بنظرة مليئة بالفضول ، كأنّه يسأله عمّا حصل
ابتسم شيه يون تشي وقال بهدوء:
“ يريد أن يستغل هذه المناسبة اليوم ليتقدّم بطلب زواج .”
اتسعت عينا يان لان قليلًا من الدهشة
فأردف شيه يون تشي مبتسمًا:
“ ستعرف لاحقًا ، هل ترغب في بعض شرائح اللحم ؟”
لكن عقل يان لان كان منشغلًا بشيء آخر تمامًا :
{ النجم هان شينغ يريد التقدّم للزواج ؟ من ؟! }
لكن شيه يون تشي لم يكن ينوي الخوض في التفاصيل ،
بل خشي أن يجوع ، فأخذ بيده ليحصل له على شرائح لحم الخنزير
أما يان لان ، فكان ذهنه شاردًا وهو يطوف بعينيه في أرجاء
قاعة الحفل ،
باحثًا عن السيدة التي يُفترض أن تُقدَّم لها خاتم الزواج…
لكن ما إن نظر —- ، حتى وقعت عيناه على ياو جيني — ،
التي ترتدي فستانًا طويلاً بلون وردي داكن
وتقف وحيدة في أحد زوايا القاعة
{ اتضح أنها هنا أيضًا }
راقبها يان لان بصمت لبضع ثوانٍ ،
وكان على وشك أن يُبعد نظره عنها ،
لكنه فوجئ بأن ياو جيني – التي كانت تُطأطئ رأسها – قد
رفعت وجهها فجأة ، وفي اللحظة التالية ،
التقت عيناهما مباشرةً ——
رغم مرور عدد من الأشخاص بينهما ،
فإن نظراتهما بقيت معلّقة ببعضها ،
لا أحد منهما صرف بصره عن الآخر ،
بل ظلا يتبادلان نظرات ساكنة وهادئة ، دون كلمة واحدة
وفي النهاية ، ياو جيني هي من أبعدت نظرها أولًا ،
لأن رجلاً قد اقترب منها وجثا على ركبة واحدة أمامها ،
ثم فتح علبة خاتم في يده
كان ذلك الرجل هو ' هان شينغ '
أطلقت هذه اللحظة همسات دهشة خفيفة في أرجاء القاعة ،
وشاهدها كل من شيه يون تشي ويان لان
لكن المسافة بينهما وبين ذلك الركن لم تكن تسمح لهما
بسماع ما يقوله هان شينغ وهو راكع ،
لكن ملامح ياو جيني أوحت بأنها تأثرت كثيرًا ،
حتى أن عينيها احمرّت من الدموم
وفي النهاية ، أومأت برأسها إشارةً إلى القبول ، وفجأة ،
انفجرت تلك الزاوية من القاعة بتصفيقٍ وهتافاتٍ حماسية ،
ثم نهض هان شينغ من الأرض واحتضن ياو جيني التي كانت
عيناها لا تزالان دامعتين لكنها رغم ذلك بدت باهرة الجمال، متألقة
في تلك اللحظة فقط تذكّر يان لان أن يتنفّس ،
ظل يحدّق في الثنائي المعانق بذهول ،
فلاحظ شيه يون تشي نظراته الشاردة ،
فرفع يده بلطف ليقبض على وجهه ويُديره نحوه
قال له مبتسمًا :
“ هل تُعجبك طريقة التقدّم للزواج بجثوّ على ركبة واحدة ؟”
عبس يان لان حاجبيه في حيرة وهزّ رأسه ببطء نافيًا
فقال شيه يون تشي:
“ إذًا لِمَ كنت تراقبهم بتركيز شديد؟”
فكّر يان لان قليلاً :
“ ألا ترى أن الأمر مدهش ؟ هذان الاثنان بالذات…”
نظر شيه يون تشي نحو الثنائي وقال:
“ صحيح ، لكنهما يبدوان مناسبين لبعضهما البعض.”
أعاد يان لان النظر إليهما للحظة ،
ثم صرف بصره وسأل شيه يون تشي:
“ هل أنت مَن دعاها ؟”
أجابه:
“ ليس تمامًا ، كانت مدرجة على قائمة الضيوف من البداية ، أنا فقط وقّعت على الموافقة ...”
ثم توقف للحظة ، وتابع :
“ أما بشأن ما حدث في السابق ، فقد طلبت من أحدهم
التحقيق فيه ،
وتبين أنها ليست متورطة .
الشخص الذي كان يلتقط صورًا لنا خارج مدينة الألعاب
ونشرها على الإنترنت هم شركة بوفي للمجوهرات .”
تفاجأ يان لان قليلًا ، فقد سبق لشيه يون تشي أن ذكر له
اسم ' بوفي للمجوهرات ' في إحدى المرات ،
وكان ذلك عندما اضطر للسفر في مهمة عمل لأن المدير
التنفيذي لتلك الشركة كان يحاول خطف عقد أحد
مصممي المجوهرات من الشمال الأوروبي، ذلك العقد
الذي كانوا شركة فينوس تسعى لتجديده ch25
وفي أثناء تلك الرحلة ، تعرّض يان لان لهجوم إلكتروني شرس
تذكّر الآن كيف تفاقمت الأمور بعد ذلك بشكل خرج عن السيطرة…
بل إنه، في أسوأ لحظات التخبّط والقلق ،
كان قد شكّ في ياو جيني للحظة…
{ اتضح أنها بريئة… ويجب أن أعتذر لها بصدق }
نظر يان لان نحو ياو جيني بنظرات يغمرها بعض الذنب،
فرآها متكئة على كتف هان شينغ وهما يتوجهان معًا نحو
الشرفة الخارجية للقاعة، وبعد وقت قصير، عاد هان شينغ
وحده إلى الداخل ، بدا أنه ذاهب ليأخذ الشمبانيا
عندها ، أمسك يان لان بيد شيه يون تشي وسحبه بسرعة
باتجاه الشرفة ، ثم أشار له أن ينتظره هنا ،
بينما هو مضى وحده إلى الخارج
سمعت ياو جيني وقع خطوات خلفها، فالتفتت برأسها،
وما زالت عيناها محمرّتين قليلًا، فنظرت إلى يان لان،
وعبست بحاجبيها قليلًا :
“ ماذا هناك ؟”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق