Ch54 | IOWY
كان هان شينغ قد عاد من الشرفة الخارجية إلى قاعة
الحفل ليحضر معطف ياو جيني ،
وهو معطف صوفي سميك ودافئ كانت قد تركته على
الأريكة التي جلست عليها سابقًا
أخذ المعطف وعاد به، فرأى شيه يون تشي واقفًا خارج
الشرفة ، فاقترب منه بتعجب وسأله :
“ السيد شيه ؟”
التفت شيه يون تشي عند سماع صوته ،
ورأى المعطف في يده ، فقال ببساطة:
“ اذهب وأعطِ المعطف لها أولًا ،
يبدو أنهما سيتحدثان بأمور لا يُناسبنا سماعها .”
: “ هما ؟”
بدا هان شينغ متحيرًا ، فلما اقترب من باب الشرفة ،
رأى شخص آخر قد انضم إليها—وقد تعرّف عليه فورًا ،
{ إنه يان لان —— الذي ظل مع شيه يون تشي طوال الأمسية }
لم يعرف ما الذي يودّ يان لان قوله لـ ياو جيني
لكنه مع ذلك دخل بهدوء ووضع المعطف الصوفي على
كتفيها وساعدها على ارتدائه، وهمس لها برقة:
“ خذي نَفَسًا قليلًا فقط ، الجو في الخارج بارد ،
لا تبقي طويلًا ، سأنتظرك في الداخل .”
ثم استدار ليغادر ، وحين التقت عيناه بعيني يان لان ،
ابتسم له ابتسامة خفيفة
بعد أن غادر ، رفعت ياو جيني يدها لتُحكم لفّ المعطف
على جسدها ،
ثم نظرت إلى يان لان بنظرة باردة، وقالت دون تودّد :
“ إذا كان عندك شيء ، فقله بسرعة .”
أخرج يان لان هاتفه من جيبه ، وبدأ يكتب شيئًا برأسه المنخفض
ظنّت ياو جيني أنه يعبث بها وسيوجّه لها سخرية ما،
وهمّت بأن تنفجر غضبًا،
لكنها فجأة تذكّرت الشائعات المنتشرة على الإنترنت والتي تقول أنه أبكم
نظرت إليه وهو يكتب بجديّة ، ولم تُخفِ دهشتها…
{ هل هو أبكم حقًا ؟! }
كانت أصابعه تتحرك بسرعة وهو يكتب عدة أسطر ،
ثم كَبّر الخط على الشاشة وضبطه جيدًا ،
وأعطاها الهاتف لتقرأ
لكنها لم تمدّ يدها لتأخذه ، بل اكتفت بالتحديق إلى
الشاشة، التي كُتب عليها :
[ أعتذر بشأن ما حدث على الإنترنت سابقًا ،
لقد راودني شك في لحظة ما أنكِ ربما كنتِ متورطة ]
رفعت ياو جيني عينيها إليه وسألته :
“ أجئتَ كل هذه المسافة فقط لتقول هذا ؟”
استعاد يان لان الهاتف ، محا السطر السابق وكتب سطرًا جديد :
[ نعم .
حتى إن لم تكوني على علم بذلك ، فأنا أرى أن من
واجبي الاعتذار لك ]
سادت لحظة صمت، ثم ابتسمت ياو جيني ابتسامة باهتة،
لم تُظهر فيها أي مشاعر واضحة، وقالت:
“ لا داعي لأن تعتذر .
لو كنتُ قد خرجت وتكلمت في ذلك الوقت ، لما
تعرّضت لسوء الفهم،
ولما لاحقوك ونعَتوك بـ ‘ العشيق الذكر’…
حتى وإن لم يكن لي علاقة مباشرة بما حدث ،
فقد وقفتُ متفرجة بلا تدخل ،
لذا يمكنك حتى أن تعتبرني واحدة من المتواطئين ...
أن تأتي الآن لتعتذر لي لأنك شككت بي؟…
بصراحة، أراك ساذجًا جدًا "
كانت نبرتها هادئة ، باردة ، خالية من الانفعال
لكن يان لان لم يُبدِ أي انزعاج ، ولم يتأثر بكلماتها الجافة أو الصريحة
انخفض برأسه وكتب من جديد :
[ لستُ مهتمًا برأيك عني، أنا فقط أفعل ما أراه صحيح .
وأي اعتذار يجب أن يُقال لأصحابه وجهًا لوجه .
والآن بعدما بلّغتك اعتذاري، سأذهب .
الجو بارد هنا ، لا تبقي طويلًا . انتبهي لصحتك ]
وحين انتهت من قراءة ما كتب، أعاد الهاتف إلى جيبه،
وأومأ لها برأسه كتحية وداع، ثم استدار على وشك أن يرحل…
…لكن فجأة ، سمع صوتها تقول :
“ هل لهذا السبب يحبّك إلى هذا الحد ؟”
توقّف يان لان والتفت نحوها
ياو جيني بهدوء :
“ أنت لا تشبه الصورة التي رسمتها لك في مخيلتي .
ولأكون صريحة ، وحتى لا تغضب ، قبل اليوم ، كنت أشعر
بالضيق كلما رأيت اسمك ، وكأن نارًا تشتعل بداخلي .
لدرجة أنني سلّمت إدارة حسابي على ويبو لمدير
أعمالي ، فقط كي لا أضطر لرؤية أي خبر يتعلق بك أو بشيه يون تشي
حتى حضوري اليوم… لم أكن أرغب به أصلًا
على أية حال ، لا أنا ولا شركة فينوس سنعود للتعاون مجددًا "
رمقها يان لان بنظرة متسائلة ،
لم يفهم سبب حضورها رغم كل ذلك ~~
تابعت بنبرة ثابتة :
“ أتنساءل لماذا أقول كل هذا ومع ذلك جئتُ ؟
في تلك الليلة ، مررتُ صدفة بجانب بحيرة ليشيان،
ورأيت الألعاب النارية …..
رأيتها بعيني ….. لم أكن أعلم حينها من كان صاحبها ،
فقط شعرت أنها طريقة رومانسية جدًا لطلب الزواج ...
شعرت بالغيرة من الشخص الذي يدعى (مومو)
حتى جاء اليوم التالي ، وعرفت أن ذلك كان شيه يون
تشي وكان يطلب يدك للزواج ،
وأن ذلك (مومو) هو أنت .”
نظرت إليه بنظرة معقدة ، مليئة بالتناقضات ، ثم أكملت:
“ كنت أعلم أن آ-شينغ سيطلب يدي الليلة
وسبب مجيئي هنا هو أن أوافق أمام الجميع .”
رغم ثقل ما قالته ، ظلت نبرتها هادئة من البداية إلى
النهاية ، لم يطرأ عليها أي اضطراب
: “ أكثر شيء ندمت عليه في حياتي هو معرفتي بشيه يون تشي وموافقتي على التعاون معه
حتى وإن جنيت من وراء ذلك أرباحًا كبيرة…
أعتقد أنه هو الآخر يراها أكبر خطيئة في حياته .”
شدّت المعطف الصوفي حول جسدها أكثر ،
ومرت من أمام يان لان وقالت :
“ كنت أظن أنني لن أندم أبدًا على صمتي حينها ،
لكن يبدو أنني أندم قليلًا الآن ...
لا تبقَى طويلًا ، الجو بارد ، انتبه أن تُصاب بالزكام .”
ثم تركته خلفها ، وعادت من الشرفة إلى قاعة الحفل ،
ولم تُلقِ نظرة واحدة على شيه يون تشي وهي تمر من جواره ،
بل أمسكت بذراع هان شينغ بمودة :
“ آ-شينغ لنعد "
⸻
تقدّم شيه يون تشي بخطوات سريعة إلى الشرفة ،
واحتضن يان لان الذي برد جسده بفعل الهواء ،
واصطحبه إلى القاعة الدافئة وهو يُظهر بعض الانزعاج :
“ هل كان لابد أن تطيل الحديث إلى هذا الحد ؟
ماذا لو أُصبتَ بالزكام ؟”
أجلسه في أحد الأرائك عند الزاوية ،
وما إن لمس يده الباردة حتى عبس أكثر ،
لكن هذه المرة غاضبًا من نفسه :
“ كان يجب أن أعطيك قفازًا .”
يان لان لم يقل شيئ ، بل اكتفى بالابتسام ،
ونظر إليه وهو يذهب إلى ركن البوفيه ليعود بكوب من
حساء الذرة الساخن
: “ اشرب شيئًا دافئًا بسرعة .”
رغم أن يان لان لم يكن يشعر بالجوع ،
إلا أنه تناول الحساء بهدوء ،
يشربه بملعقة صغيرة على مهل
: “ تريد خبزًا صغيرًا؟” سأله شيه يون تشي
أشار يان لان برأسه رافضًا ، ثم وضع كوب الحساء الفارغ على الطاولة
ولم يلبث إلا قليلًا حتى جاء نادل وأخذ الكوب
تحسّس بطنه الدافئ ونظر إلى شيه يون تشي كأنه يقول
' منذ وصولي إلى هنا ، وأنا لا أفعل سوى الأكل '
أخذ شيه يون تشي منديلاً :
“ وما العيب في ذلك ؟ كنتُ قلقًا أن تكون جائعًا .”
أخذ يان لان المنديل ، مسح به زاوية فمه،
ثم نظر إليه نظرة هادئة :
" ألن تسألني عما قلته لها ؟”
رد شيه يون تشي بهدوء :
“ أعتقد أنني أعرف .”
رفع يان لان حاجبه قليلًا بدهشة
فأكمل شيه يون تشي :
“ بمعرفتي بك أنك غالبًا ذهبت لتعتذر لأنك شعرت
ببعض الذنب ، لأنك شككتَ يومًا بأنها ربما تكون
متورطة ... ولهذا شعرت أنه من الصواب الاعتذار لها .
هذه طريقتك… صادق ، إلى درجة السذاجة أحيانًا .”
أنزل يان لان رأسه ينظر إلى يده التي كان شيه يون تشي
يعبث بها، وفجأة أمسك بإحكام بإبهامه
حاول شيه يون تشي سحب يده ، لكنه لم يفلح ،
فاستسلم وتركه يُمسك بها
قال شيه يون تشي بصوت خافت :
“ في الواقع لم أكن أرغب في أن تذهب لتعتذر لها ،
لأنني أرى أنها لا تستحق ذلك ...
كان يجب أن نكون أنا وهي من يعتذر لك ، لأننا لم نحسن
التعامل مع تبعات تعاوننا السابق ….
هي وقفت تشاهد بصمت ، وأنا لم أحسن حمايتك ….”
عندما ذكر تلك الحادثة التي لم يمضِ عليها وقت طويل،
بدا على شيه يون تشي أنه لم يستطع إخفاء اضطرابه :
“… لكنني سمحت لك بالذهاب ، لأنني أعلم أن الأمر في
نظرك صائب وضروري .”
ابتسم يان لان ولم يستطع كتم ضحكته ، ثم أومأ برأسه وسحب يده وأشار :
" لقد مضى الأمر ، لا تذكره بعد الآن "
شيه يون تشي:
“ فلنتحدث عن أمر المنزل ! هل نذهب لرؤيته غدًا ؟
إذا لم يكن به مشكلة ، نشتريه ونبدأ تجهيزات الانتقال !! .”
دهش يان لان قليلًا من استعجاله :
" بهذه السرعة ؟ "
شيه يون تشي:
“ لأنني أريد أن نقضي رأس السنة في منزلنا الجديد .
وحين تبدأ عطلتك نذهب للتزلج ، إلى جبل تشانغباي أو
جبل يولونغ الثلجي، أي مكان ترغب فيه، سنذهب إليه .”
وعلى الرغم من أن يان لان يخاف من البرد ،
إلا أنه كان متحمسًا لتجربة التزلج ،
ستكون أول مرة في حياته ، والأجمل أنها ستكون مع شيه
يون تشي وتيانتيان، مما ضاعف حماسته أضعافًا
———
خلال الأيام الماضية ، ناقش الثلاثة كثيرًا بشأن اختيار
المنزل الجديد ، ووجدوا أخيرًا منزلًا نال رضا الجميع
تيانتيان أحب المساحة الكبيرة للفناء والغرف الواسعة ،
شيه يون تشي أحب المنزل لاحتوائه على غرفة للنباتات
وسقف مائل مع نوافذ علوية ،
أما يان لان فكان أكثر ما راقه هو قربه من حديقة بحيرة ليشيان، فقط عشرون دقيقة مشيًا على الأقدام،
وقد تخيل نفسه مع شيه يون تشي يصطحبان تيانتيان في
الأيام الدافئة إلى الحديقة أو إلى ضفاف البحيرة ،
أو يطلقان الطائرات الورقية معًا
ذهب الثلاثة لزيارة المنزل ذو السقف الأحمر ، المكوّن من طابقين
المالكان السابقان للمنزل كانا زوجين في منتصف العمر
يستعدان للانتقال خارج البلاد، ولهذا قررا بيع المنزل
أُعجب شيه يون تشي بالمنزل فورًا ، وقرر شراؤه ،
وسجّل عقد الملكية باسم يان لان
حاول يان لان إقناعه بتسجيله باسم تيانتيان
لكن شيه يون تشي قال:
“ ثق بي، تيانتيان يملك من العقارات ما يكفي لبناء بيت
باستخدامها مثل المكعبات ،
أما هذا فهو هدية السنة الجديدة لك، لا يكون لها معنى إلا إن كانت باسمك .”
———
مع بداية السنة الجديدة
أنهى يان لان ويانغ شياولي امتحاناتهما وبدأت عطلة الشتاء،
وبدأ معها الانتقال إلى المنزل الجديد
وحين سمع يانغ شياولي عن انتقالهم ، جاء ليعرض المساعدة ،
لكنه لم يتوقع أن يجد عمال شركة النقل – بزيّهم الرسمي
– يعبئون صناديق ألعاب تيانتيان وينقلونها واحدة تلو
الأخرى إلى الشاحنة
قال يانغ شياولي مذهولًا:
“ يا رجل! لا عجب أنكم انتقلتم
هل يستطيع فعلًا أن يلعب بكل هذه الألعاب ؟!
لديه فقط اثنان من الأيدي !”
أما تيانتيان فلم يكن منتبهًا لكلامه ، فقد كان منهمكًا بلعبة سباق السيارات
هزّ يان لان رأسه بيأس وهو يرى العمال يصعدون وينزلون
في رحلات متكررة لنقل ألعاب تيانتيان،
ثم كتب على هاتفه:
[ يون تشي يبالغ قليلًا في تدليله ]
يانغ شياولي:
“بل أراه نوعًا من الإفراط في التدليل !
تيانتيان يستطيع افتتاح متجر ألعاب كامل !”
صمت يان لان قليلًا، ثم أومأ برأسه :
[ صحيح ، بالفعل يمكن افتتاح متجر ]
يانغ شياولي:
“ إذًا، هل هناك ما أستطيع مساعدتك فيه ؟”
يان لان:
[ في الحقيقة ، لا يوجد شيء أستطيع فعله ،
شركة النقل التي اختارها يون تشي محترفة جدًا ،
فهم لا ينقلون الأغراض فحسب ، بل يرتبونها أيضًا في
المنزل الجديد ، لا يبدو أن علينا فعل شيء ]
يانغ شياولي:
“ في هذه الحالة ، هل يمكنني إلقاء نظرة على بيتكم الجديد ؟”
أجاب يان لان بابتسامة:
[ بالطبع يمكنك، بل اختر غرفة لك ]
يانغ شياولي بدهشة :
“ أختار غرفة ؟”
أومأ يان لان:
[ لتبيت فيها حين تزورنا .
في رأس السنة ، إن عاد بيان شيانيانغ إلى منزل عائلته ،
تعال إلي، وسنصنع معًا الزلابية ]
توقّف يانغ شياولي لحظة وهو يقرأ ما كتبه يان لان في
تطبيق الملاحظات،
ثم رمق صديقه بنظرة طويلة، وفجأة احمرّت عيناه
ابتسم له يان لان:
[ ألسنا نقضي رأس السنة سويًا دومًا ؟
لنكمل هذا التقليد هذا العام ، نصنع الزلابية سويًا ]
بلع يانغ شياولي غصته وقال بصوت مبحوح:
“ هل هذا ممكن ؟ هل لن ينزعج حبيبك يون تشي ؟”
كتب يان لان:
[ لن يفعل ، بل سيكون سعيدًا برؤيتك ، وكذلك تيانتيان ]
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق