القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch56 | DJPWNK

 Ch56 | DJPWNK



تمدّد جيانغ شو بهدوء على السرير ، 

وضع وسادة خلف ظهره واتكأ عليها في وضع شبه جلوس ،


ومن زاويته ، يستطيع أن يرى الجدار المقابل وقد غطّته 

الشهادات والجوائز ، 

وإلى جانبه مكتب يزدحم بالكؤوس ذات الألوان المختلفة ، 

وقد نُقشت على كل منها أسماء جوائز متنوّعة ،


أخذ جيانغ شو هاتفه ، وبدأ يكتب رسالة إلى شين فانغ يو، 

لكن بعد أن خطّ عدة جمل متتالية ، محاها جميعًا


ظلّ يحدّق في هاتفه فترة ، 

وعقله مشغول بكلمات والدته —— حاول أن يسد أذنيه ، 

لكن صوتها ظلّ واضحًا في رأسه


لا يدري كم من الوقت مرّ، حتى سمع فجأة خشخشة عند 

الباب ——-

التفت نحو الصوت ، 

فرأى الباب نصف مفتوح ، لكن الشخص لم يدخل 


ظهر صوت خافت يسأل :

“ هل يمكنني الدخول ؟”


كان شين فانغ يو ——-


ارتعشت عينا جيانغ شو قليلًا ، 

وبعد لحظة صمت قصيرة ، أجاب:

“ نعم "


دخل شين فانغ يو وأغلق الباب خلفه ، 

ثم تبع بنظره اتجاه نظر جيانغ شو ،

ليتوقف عند الكؤوس المنتشرة في أرجاء المكان


قال وهو ينظر إلى كأس مسابقة الفيزياء الخاص بجيانغ شو بدهشة خفيفة :

“ لقد شاركتُ في هذه المسابقة في ذلك الوقت أيضًا… 

وأتذكر أنه بعد بلوغنا النهائيات ، رتّب المدرب لفريقي 

المدرستين رقم 4 ورقم 6 أن يتدرّبا معًا ….”

أنهى كلامه وفي عينيه لمحة أسف:

“ لكنني مرضت قليلًا حينها ولم أتمكن من الذهاب ، 

وإلا لكنتُ قد التقيت بك في وقت أبكر .”


لمعت عينا جيانغ شو قليلًا ، وأمال رأسه قائلًا :

“ الحمد للإله ، على الأقل ساعدني ذلك على أن أحظى 

بحياة مدرسية ثانوية أسهل .”


ابتسم شين فانغ يو دون أن يتمالك نفسه وقال:

“ صحيح .”


سأله جيانغ شو فجأة :

“ هل يؤلمك ؟”


لم يكن شين فانغ يو يتوقع هذا السؤال ، 

وخشية أن يقلق جيانغ سارع أولًا إلى النفي:

“ لا "

ثم أضاف ممازحًا بنبرة خفيفة :

“ لكن ،،، يا جيانغ شو هذه أول مرة يضربني فيها أحد غيرك ."



أنزل جيانغ شو عينيه ، وبعد لحظة سأل:

“ ما الذي جاء بك إلى هنا ؟”


شين فانغ يو :

“ لا أرتاح لتركك دون مراقبة في الليل… 

أخشى ألا تكون بخير .”


جيانغ شو :

“ ألن تذهب للنوم ؟”


سحب شين فانغ يو الكرسي من أمام المكتب وجلس ، 

ثم قال:

“ أنت نام ، أما أنا فلستُ حامل ، فلا بأس أن أسهر قليلًا . 

عليّ أن أعود قبل أن يستيقظ والداك في الصباح ، 

وسأعوّض النوم في السيارة غدًا .”


مرّت عينا جيانغ شو على قدمي شين فانغ يو الحافيتين بالجوارب


التقط شين فانغ يو نظرته وابتسم مفسّرًا :

“ كنتُ أخشى أن يسمعني والداك ، فلم أجرؤ على ارتداء الحذاء .”


أشار جيانغ شو بعينيه نحو حذاء المنزل بجانب السرير :

“ الأرض باردة… ارتدِي حذائي .”


اقترب شين فانغ يو وخطى إلى داخل الحذاء ،  

وقد انحنى طرفا عينيه بابتسامة :

“ لماذا أنت لطيف معي إلى هذا الحد اليوم ؟ 

لست معتادًا على ذلك .”


نظر إليه جيانغ شو …. وبعد لحظة أبعد بصره وقال:

“ يمكنك أن…

… تستلقي على السرير ”


: “ همم؟"

وسط تردده ، وقبل أن يتمكّن من إكمال الجزء الثاني من جملته ، 

كان شين فانغ يو قد ابتعد بالفعل بضع خطوات 

عائدًا إلى الكرسي الخشبي أمام المكتب ، وسأل:

“ يمكن ماذا ؟”


جيانغ شو: “……”

: “ لا شيء .” قالها ثم أطفأ النور واستلقى ، 

شد البطانية حتى صدره ، 

غطّى جسده بالكامل ، تاركًا رأسه فقط ظاهرًا ،

: “ إن شعرت بالملل ، يمكنك العبث في هاتفك .”


شين فانغ يو: “ ضوء الهاتف سيؤثر على نومك… لا بأس، 

لست أشعر بالملل .”


جيانغ شو بهدوء : “ حسنًا ”،  وأغلق عينيه




قبل وصول شين فانغ يو —- كانت أفكار جيانغ مشغولة 

بملامح الصدمة وخيبة الأمل على وجهي والديه ، 

لكن لسبب ما، حين أغمض عينيه هذه المرة ، 

شعر وكأن كل انتباهه قد انسحب نحو شين فانغ يو


ربما لأن الليل كان ساكنًا إلى حد كبير ، 

حتى إن جيانغ شو شعر وكأنه يسمع أنفاس شين فانغ يو


هذا الإدراك أثار فضوله قليلًا ——-


{ ماذا يفعل شين فانغ يو الآن ؟ 


هل عيناه مغلقتان أم مفتوحتان ؟ 


هل أخذ قيلولة أم أنه غارق في التفكير ؟ 


وإن كان يفكّر ، فهل يفكّر في مسألة أكاديمية… 

أم في مسألة صعبة من مسائل حياته ؟ }


ظهر صوت شين فانغ يو فجأة : 

“ لا تستطيع النوم؟”


شعر جيانغ شو وكأنه ضُبط متلبسًا على يد المعلّم ، 

فداهمه شيء من الإحراج ،

وبعد لحظة صمت قصيرة ، أجاب بهمس خافت:

“ همم.”


قال شين فانغ يو محلّلًا:

“ هل لأن الأرنب الوردي ليس هنا ؟ 

لاحظتُ أنك تحب أن تحضنه كلما نمت ، 

والتغيّر المفاجئ في عادات النوم قد يجعل الأرق سهل الحدوث .”


جيانغ شو:

“ وكيف عرفت أنني لم أنام ؟”


شين فانغ يو:

“ لقد شاهدتك نائمًا بضع مرات ، فأعرف . 

لو كنت نائمًا حقًا لما كنت ساكنًا إلى هذا الحد… 

لقد ظللت متجمّدًا في الوضعية نفسها لفترة .”


ضغط جيانغ شو شفتيه بصمت، 

مدركًا أن السؤال الذي كان يفكّر فيه قبل قليل قد وجد إجابته —

لقد كانت عينا شين فانغ يو مفتوحتين ، ولم يكن يغفو… 

بل كان يحدّق فيه


ربما كان لأن هذا الإدراك لمَس شيئًا في نفس جيانغ شو


أو لأن الليل بطبعه يحمل مشاعر أكثر فوضى ورغبة في الحديث ، 


فجأة تابَع جيانغ شو تعليق شين فانغ يو عن الأرنب الوردي

قال معترفًا:

“ عملية جراحة الدمى وكل هذا كان شيء اخترعته على الفور ، 

لم أكن أظن أنها ستخيفك "


ابتسم شين فانغ يو وقال مازحًا:

“ حسنًا ، 

جيانغ شو .. منذ متى تعلمت تكون مشاغبًا أيضًا ؟”


ثنى جيانغ شو زاوية وسادته واستمر قائلاً :

“ عندما… كنت صغير ، أعطتني عمتي دمية ، 

وكانت أيضًا أرنبًا ورديًا .”


: “ همم؟” تحوّل شين فانغ يو إلى وضعية الإنصات


تابع جيانغ شو:

“ لدى أهل والديّ عادات مختلفة . 

من جانب أمي متعصّبين قليلًا وخرافيين ؛ 

تشعر أن إعطاء الدمى للأولاد يجعلهم ينشأون ضعفاء جدًا 

وغير رجوليين، لذا كانت دائمًا ضد ذلك .


في الواقع لم تكن عمتي تقصد أي ضرر ، 

لكن أمي قطعت تلك الدمية ورمتها في القمامة بعد أن غادرت . 

حتى أنها منعت العائلة من استخدام لقب ‘رونغ’، 

قائلة إنه دقيق جدًا .”


( رونغ تعني ناعم او رقيق ) ( ch20 )


شرح جيانغ شو:

“ ذلك اللقب كان قد أطلقته عمتي أيضًا ،  

ومر وقت طويل لم يعد أحد يذكره لدرجة أنني كنت قد 

نسيته بالفعل ، 

ولم أتذكره إلا عندما سمعت تلك ' الخالة ' تناديني به في ذلك اليوم ….

لم أحب الدمى في البداية ، لكن منذ أن رأيت ذلك المشهد ، 

كنت كثيرًا ما أرى كوابيس عن ذلك الأرنب الممزق ، 

وكنت دائمًا أرغب في خياطته ، لكن لم أستطع …..”

أخذ نفسًا عميقًا :

منذ ذلك الوقت… أردت أن أصبح طبيب ؛ 

أردت أن أصلح جميع الأجساد المكسورة ….


لم أتوقف عن رؤية تلك الكوابيس إلا عندما ذهبت إلى 

الجامعة واشتريت ذلك الأرنب الوردي تدريجيًا . 

ثم بدأت ببطء أفكر أن الحيوانات المحشوة لطيفة جدًا، 

واشتريت المزيد منها كزينة .”


نظر إليه شين فانغ يو في ظلمة الليل ، وصوته هادئ :

“ لو أخبرتني بهذا من قبل ، لما راودتني كوابيس .”


ظهر على وجه جيانغ شو تعبير عدم اقتناع


أضاف شين فانغ يو:

“ جيانغ شو … كان والداك صارمين معك أثناء نشأتك أليس كذلك ؟”


بعد أن اعتاد شين فانغ على الظلام ، 

استطاع أن يميز بعض الأشياء ، 

مثل الجوائز المعلقة على الجدار بأكمله ، 

مما يدل على أهمية الشرف عند عائلة جيانغ


ردّ جيانغ شو على شين فانغ بطريقة أكثر عقلانية :

“ كانت التوقعات مرتفعة جدًا ، 

ولم يكن أمامي إلا أن أحاول السير في الطريق الذي خططوه لي "



لهذا كان من الصعب عليهم تقبّل أن ابنهم ، الذي كانوا 

فخورين به طوال نصف حياتهم، سيصبح أبًا


شين فانغ يو :

“ بدا أنك تحت ضغط كبير حين اعترفت لوالديك ، 

وكنت أتساءل هل كان الأمر صعبًا بنفس القدر حين أخبرتني أنت ؟ 

هل كان كذلك مؤلمًا لقلبك ؟ 

دائمًا أشعر أن الأمر مزعج ومؤلم بعض الشيء .”


التفت جيانغ شو وجلس ، نظر إلى شين فانغ :

“ أنت لم تبدُو متضايقًا في ذلك الوقت .”

{ بل على العكس ، تصرفت بطريقة محرجة }


ناداه شين فانغ يو فجأة :

“ رونغ رونغ "


تفاجأ جيانغ شو —- وسمع شين فانغ يو يتابع قائلاً :

“ سنعيش معًا من الآن فصاعدًا ، يمكنك فعل ما تريد ، 

وطلب ما تشاء ، 

وقول ما تريد ؛ فلا تشعر بأي ضغط على الإطلاق .”

 


كانت رين مياو قد قالت شيئًا مشابهًا لـ رين هان منذ وقت ليس ببعيد


خفق قلب جيانغ شو وسخن قليلاً ، 

فاستعمل كلمات قاسية ليُخفي ذلك التوتر الطفيف :

“ ألا تخجل من تقليد ما قالته فتاة صغيرة ؟”


ردّ شين فانغ يو بلا خجل:

“ لقد قالتها جيدًا جدًا . 

فالاقتباس لا يصبح اقتباسًا إلا إذا انتشر ، 

وأنا أساعدها على نشره .”


صرف جيانغ شو وجهه عنه، وساد الصمت الغرفة


بعد فترة ، وحين ظن شين فانغ يو أن جيانغ شو سيخلد للنوم ، 

جاءه صوت مفاجئ من السرير :


جيانغ شو : “ وماذا عنك ؟

يبدو أنك لم تشعر بضغط في منزل عائلتك ”


لم يسمع جيانغ شو من قبل أن شين فانغ يو يتحدث عن والديه


ابتسم شين فانغ يو :

“ حقًا لم يكن لدي الكثير من الضغط . 

أنا حر إلى حد كبير ، 

لا أحد يضغط عليّ للزواج .”


جيانغ شو:

“ ألم يهتموا بك؟”


هزّ شين فانغ يو رأسه قائلاً:

“ كنت مشاغبًا منذ أن كنت صغيرًا ، 

فلم يعودوا قادرين على السيطرة عليّ ، 

بالإضافة إلى أنهم كانوا مشغولين جدًا ليتمكنوا من مراقبتي .”


جيانغ شو :

“ في ذلك الوقت ، كنت تخطط للاحتفال في مطعم تشنجيا ، أليس كذلك ؟”


يُعدُّ تشنجيا مطعمًا شهيرًا جدًا في المدينة B 


وتذكر جيانغ شو أنه عندما حصل على المركز الأول في 

امتحان القبول الجامعي، 

اصطحبه والديه إلى تشنجيا للاحتفال


وكانا قد سمعا المدير يقول إن طالبًا متفوقًا آخر من 

المدينة B  يخطط أيضًا لإقامة حفلة هناك ، 

لكن تاريخهم كان قبل تاريخ احتفال جيانغ شو


قالت الأم جيانغ في ذلك الوقت إنها تريد رؤية ظروف العائلة الأخرى ، 

حيث أنهما كانا طالبيْن متفوقيْن ، 

فلم تكن تريد أن تخسر ماء وجهها ،

ولكن عندما وصلت في الموعد المحدد ، 

لم ترَى عائلة شين فانغ يو تحتفل ،

وبعد أن استفسرت ، علمت أنهم ألغوا الاحتفال لأسباب ما


فسأل جيانغ شو بدهشة :

“ ماذا كان السبب ؟”


أجاب شين فانغ يو :

“ كان هناك مشكلة في أعمال والديّ ، 

وكانا في عجلة للخروج من المدينة لحلها ، 

لذا ألغوا الاحتفال .”


تفاجأ جيانغ شو قليلًا، 

فكرّ في أن شين فانغ يو كان طالبًا متفوقًا في المدينة B 

وقتها ، فكيف يكون الوالدان مشغولين إلى حد عدم القدرة 

على الاحتفال ولو قليلاً ؟


شين فانغ يو:

“ والداي لا يهتمان كثيرًا بالنتائج ، فبالكاد يهمهما ما إذا 

كنتُ الأول أم لا

لذا كنتُ أوقع على جميع كشوف الدرجات بنفسي . 

كان والداي يؤمنان دائمًا بقصة الطالب المتفوق الذي 

يعمل لدى من ترك الجامعة ، 

وكانا مصممين على بدء أعمالهما الخاصة ...”

قال وهو يبتسم بنبرة مازحة قليلًا:

“ و… أخي الأكبر كان أيضًا طالبًا متفوقًا في ذلك الوقت ، 

وكان الوحيد الذي حقق التفوق الكامل ، 

أما أنا فقد تعادلت مع شخص آخر ، فكنت أقل منه قليلاً .”


توقف جيانغ شو —- يعرف هذه التفاصيل لأول مرة ،  

فعلق قائلاً :

“ عائلتك تمتلك جينات تعليمية جيدة .”


ردّ شين فانغ يو:

“ جينات التعلم جيدة ، لكن والديّ يريدان فقط ممارسة 

الأعمال التجارية . 

وللأسف، كلما رغبت بشيء بشدة، قلّ ما تحصل عليه، 

ويأتيك ما لا تريد بدلاً من ذلك ...”

وأضاف ساخرًا:

“ موهبة والديّ في الأعمال التجارية غير ظاهرة على الإطلاق ….

بعد كل هذه السنين من الخسارة والربح ، 

مرت عليهم أوقات جيدة وأخرى صعبة ، 

ولم يدخروا قرشًا واحدًا بعد نصف عمر من التقلبات . 

ربما تعبوا من كل هذا الجهد وتخلوا عن فكرة توفير عرش لنا . 

كل ما يتمنونه هو أن أعيل نفسي وأستقر في المدينة A إن استطعت ، 

وإن لم أستطع شراء منزل فلا بأس بالعودة ، 

فهم ليس لديهم أموال من أجلي على أي حال .”

ضحك بخفة  :

“ ربما أدركت أن عائلتي لا تمتلك جينات الأعمال ، لذا قررت 

أن أصبح طبيب .”


كان صوت شين فانغ يو هادئًا وخفيف ، 

كأنه لا يبالي ، لكن ذلك شدّ قلب جيانغ شو


: “ هل هم الآن في المدينة B ؟”


أجاب شين فانغ يو:

“ نعم، لديهم محل تنظيف جاف أمام منزلهم . 

ليسوا أغنياء أو مشهورين ، 

لكن على الأقل لا يقلقون بشأن الطعام والمعيشة .”


جيانغ شو:

“… هل لن تلتقي بهم هذه المرة قبل العودة لـ A ؟”


شين فانغ يو:

“ لن أعود لهم الآن ، الوقت لا يكفي . إذا رجعت الآن ، 

سيضطر والداي للذهاب إلى السوق وشراء الكثير من 

الدجاج والبط والأسماك. 

وهما في سنّ كبيرة، فسيكون ذلك مجرد تعب لهم بلا فائدة . 

وقريبًا سيكون ليلة رأس السنة ، حينها سأعود .”


تذكر جيانغ شو فجأة عندما حاول شين فانغ يو الطهي في 

المطبخ في بيته في البداية ، 

وحاول أن يجد موضوعًا لكسر الجو الخافت قليلًا ، فسأل:

“ هل والداك ماهران في الطهي ؟”


كانت تعبيرات وجه شين فانغ يو غامضة بعض الشيء عند 

هذا السؤال، ولم يرد إلا بعد قليل قائلاً:

“ ليسوا سيئين ، لقد ذقت طعامهم عدة مرات خلال العام 

أو العامين الماضية .”


بعد أن أنهى كلامه ، بدا وكأنه أدرك أن عباراته كانت تحمل بعض المشاعر ، 

فبادر بتغيير نبرته إلى أخف ، وغير الموضوع عمدًا قائلاً:

“ جيانغ شو … أليس هذا يشبه ليلة في السكن الجامعي؟”

واصل بابتسامة خفيفة :

“ في هذا الوقت ، كان سكننا يصبح متحمس ، 

والجميع يتحدثون أكثر من بعضهم البعض ، 

خصوصًا بعد الامتحانات النهائية . 

يصل الأمر إلى الثانية أو الثالثة صباحًا ، والناس لا يزالون يثرثرون بحماس .”


خبأ جيانغ شو المشاعر في عينيه وسأل:

“ عن ماذا كنتم تتحدثون وقتها ؟”


شين فانغ يو:

“ هل يجب أن تسأل ؟ 

أليس أنتم كنتم تتحدثون في السكن الجامعي ؟”


{ بالطبع كنا كذلك أيضاً … } لكن جيانغ شو أراد أن يعرف 

عن ماذا كان يتحدث شين فانغ يو وباقي الأصدقاء


شين فانغ يو:

“ كنا نتحدث عن طموحاتنا ، مستقبلنا ، 

أسعار العقارات في المدينة A ، لماذا ندرس الطب ، 

الفتيات اللافتين للنظر ، و…”

توقف للحظة ، ثم قال متعمدًا :

“ وجيانغ شو في السكن المجاور .”


ضحك جيانغ شو ضحكة منخفضة ، لكن شين فانغ تابع :

“ لكنني لم أتحدث قط عن عائلتي ؛ أنت أول من أشاركهم ذلك "


فرك جيانغ شو يده على الملاءة للحظة ، ثم سأل فجأة :

“ هل يمكنني أن أستمع إلى القصة كاملة ؟”


تجمد شين فانغ يو عند كلماته ، ولم يقل كلمة لفترة


بدأ المطر يهطل خارج النافذة في وقت ما، 

وساد الصمت الغرفة لبعض الوقت


صوت المطر الصامت مهيمن على الجو ، 

لكن لم يبدو أن أيًا منهما ينوي الذهاب للنوم 


لم يتحدث شين فانغ يو إلا بعد وقت طويل، 

وبصوت خافت جدًا كسر به صمت الغرفة :

“ حسنًا ، سأخبرك ...”


أنزل عينيه وفكّ أصابعه بلطف …

قال:

“ هل تذكر أنني أخبرتك أن لدي أخًا أكبر ؟

كنت لا أزال صغيرًا عندما بدأ والداي يذهبان إلى المدينة A للعمل ، 

وكان لا بد من العناية بي من حيث الطعام والشراب والنوم . 

لقد وجدا أنني عبء عليهما ، فصارا يأخذان أخي فقط معهما ….

نشأت في منزل جدي وجدتي ، 

ولم أرهما إلا مرة أو مرتين في السنة معًا . 

وعندما كنت في المدرسة الإعدادية ، توفيت جدتي ، 

وتبعها جدي بعد فترة قصيرة ….


في ذلك الوقت ، عاد والداي لحضور الجنازة . 

ظننت أنهما لن يغادرا بعد ذلك ، 

لكنهما قالا إن أخي ما زال يدرس هناك ، 

وكان من غير المناسب تغيير المدرسة في منتصف السنة ، 

فسألا إذا أردت الانتقال إلى مدرسة في المدينة A قائلين إن 

جودة التعليم هناك أفضل ….

كنت مترددًا في الفراق عن زملائي وأصدقائي حينها ، 

فلم أرغب في الانتقال إلى مدرسة أخرى . 

علاوة على ذلك، كان جدي وجدتي قد توفيا حديثًا ، 

ولم أرغب أن يفتقدا من يزور قبورهما ….”


وختم:

“ ثم تحدث والداي معي وقالا إنهما سيعودان بعد انتهاء 

أخي من امتحانات القبول ….”

تمتم بخفوت :

“ من الطبيعي أن يكون القريبون بعيدين عن بعضهم ...

بعد ذلك، أعطوا بعض المال لأعمامي وعماتي والجيران 

لكي أتمكن من الذهاب إلى الأقارب والجيران وأتناول 

الطعام حيثما أكون ، حتى لا أموت جوعًا ، 

وكنت أعيش في سكن المدرسة ، فكان الوضع مقبولًا .


بعد عدة سنوات ، التحق أخي بالجامعة ، وعاد والداي أخيرًا . 

لكنهما لم يمكثا سوى سنة أو سنتين ، ربما لأنهما اكتشفا 

أنني قادر اجتماعيًا ولا يمكنني أن أموت جوعًا بمفردي . 

بالإضافة إلى أن أخي كان لديه حبيبة ، وأراد والداي شراء 

منزل له، 

فخرجا للعمل مجدداً ولم يعودا إلا قبل عامين ليستقرا ...”

نظر إلى أرض غرفة نوم جيانغ : " ربما أرادا أن 

يعوضاني ، 

لذا في كل مرة أعود فيها خلال العامين الماضية ، 

كانا يطبخان لي وجبة كبيرة ...”

ثم ابتسم وهز رأسه قائلاً :

“ لكن ربما لأنني تجاوزت تلك المرحلة التي أريد فيها رعاية 

والديّ ، فلا أجد طعامهما لذيذًا بشكل خاص بعد الآن .”


نظر جيانغ شو إليه بنظرة معقدة بعض الشيء


فسن المراهقة هو أكثر الأوقات حساسية ، 

وكان من الصعب على طالب في المدرسة الثانوية أن يتكيف 

مع الوحدة وسط كل هذه الأصدقاء والأقارب، 


بل وحتى أن يُعتبر عبئًا عليهم


وفكّر جيانغ شو أن الأمر كان سيكون صعبًا لو كان هو في مكانه


ربما كانت هذه التجربة هي التي جعلت شين فانغ يو أكثر 

حكمة ولباقةً مما كان عليه ، 

وأكثر إدراكًا لطرق الدنيا ،

لكن الثمن الذي دفعه جعل جيانغ شو يشعر ببعض الضيق


ربما —— لأن ثلثي القلب البشري يقع إلى يسار الخط 

الوسيط وثلثه إلى اليمين ، 

فإن القلب البشري بطبيعته متحيز ، 

وليس هناك الكثير من الآباء الذين يستطيعون أن يجعلوا 

معاملة أبنائهم متوازنة ….


ولأنه وُلد في وقت متأخر ، وكان أخوه الأكبر قد بلغ ذروة التميز ، 

و مهما حاول شين فانغ بجد ، كان دائمًا يركض في ظِل أخيه الأكبر


كان أن يكون الأول على المدرسة أمرًا يُفتخر به في نظر الآخرين ، 

لكنه لم يكن إلا استمرارًا لمجد أخيه ، وليس عارًا على العائلة


فوجود طالب متفوق لم يكن أمرًا جديد على العائلة


شين فانغ يو :

“ جيانغ شو… في الحقيقة ، أريد أن أعرف كيف يكون شعور 

أن تكون فخر والديك مثلك ”


نظر إليه جيانغ شو


ضغط شين فانغ يو شفتيه وقال:

“ هل تعلم؟ عندما كنت صغير ، كنت أتمنى دائمًا أن أكون الأخ الأكبر ….”

ثم ابتسم بتعزية ذاتية خفيفة :

“ لكن الآن حين أفكر في الأمر ، ليس بالأمر الكبير ؛ رغم أنني 

لم أكن قريبًا كثيرًا من والديّ ، 

كنت قريبًا من جدي وجدتي ….

أظن أن أخي لا يعرف حتى قصة فلفل النمر الأخضر 

وأخي بالفعل ابن صالح . استمع إليهم ، وعاد إلى مدينة B بعد التخرج ، 

تزوج وأنجب أطفالًا ليكون لديهم أحفاد ويشعروا بفرحة العائلة . 

أما أنا، فقد وُلدت وجعلتهم يفقدون وظائفهم ، 

بسبب ولادتي ؛ دفعوا غرامة بسبب إنجاب طفل إضافي …  ، 

بل وأبقى في المدينة A وأرفض العودة إلى منزل العائلة...

… لكنهم حقًا لا يهتمون كثيرًا إذا عدت أم لم أعد .”



لم يكن والدا شين فانغ يو يهتمان به لأنهما كانا مقصرين 

جدًا في الماضي ، والآن بعدما كبر ، أصبحا أقل قدرة على أن 

يوجهاه لما يجب عليه فعله


كل الرعاية التي يظهرانها له الآن كانت نوعًا من البُعد والمجاملة ، 

وهذا متوقع بعد كل هذه السنين


كان شين فانغ يو دائمًا يشعر أن والديه يندمان على إنجابه


لو أُتيحت لهما فرصة الاختيار من جديد ، فمن المحتمل 

أنهما لم يكونا ليختارا إنجابه


{ في عائلتنا ، كان أخي .. يعتبر كافي .. }

توقف شين فانغ يو ثم ضحك ضحكة خافتة :

“ أنا لا ألوم والديّ أيضًا ، 

فالحياة هي التي تجبرني على ذلك .”


ضغط الحياة جبل لا يستطيع الشباب الهروب منه


تمامًا كما كان شين فانغ يو في شبابه يتطلع إلى والدته 

ووالده الذين كانوا يكافحون بعيدًا في المدينة A ، 

لكنه حين كبر — ذهب إلى المدينة دون أن ينظر إلى الوراء 

ونادرًا عاد إلى عائلته


المدينة A —- النابضة بالحياة —- مليئة بالشباب الطموح 

الذي جاءوا إليها واحدًا تلو الآخر ، 


يقدّمون شبابهم للمدينة بلا تردد ، 

يعيدون إليها النشاط ويحافظون على بريقها الذي لا ينطفئ


ثم تنفذ طاقة هؤلاء الشباب ويشيخون تدريجيًا ، 

وتغمرهم الموجة العاتية


يبقى عدد قليل جدًا منهم ، بينما يغادر الأغلبية أو يُستبعدون


وبعد عدة سنوات ، يعود أبناء هؤلاء الشباب ، وقد كبروا ، 

محملين بالحماس والمثل العليا


لم يكن شين فانغ يو يشعر بالملل الشديد


والندم الوحيد كان —- أنه رغم عدد عائلته أكثر من 

الآخرين ، إلا أن الطريق بدا أكثر وحدة من طريقهم


تنهد :

“ لماذا أستحضر هذه القصص القديمة ؟” تنهد وهو يضغط 

على أنفه بعجز : “ مرت سنوات كثيرة ، 

لكن يبدو أنني ما زلت أهتم ….”


تابع وهو يُبعد وجهه : “جيانغ شو .. تجاهل ما قلته… 

الأمر محرج …”


فقاطعه جيانغ شو بهدوء :

“ إذًا… سأكون أنا من يهتم بك "



رفع شين فانغ يو رأسه فجأة


كان صوت جيانغ شو هادئًا وواضحًا في ظلمة الليل:

“ لم أفكر يومًا أنني سأعيش مع شخص… ليس حبيبي ، 

أو حتى أعيش معه طوال حياتي ...

لكن بعد أن التقيت بك، فكرتُ أن الأمر قد يكون ممكنًا ….

سأبقى إلى جانبك من الآن فصاعدًا… وسأعتني بك "


لم يجد شين فانغ يو ما يقوله


جيانغ : “ ما الأمر؟”


كان من الصعب تمييز ملامح وجه شين فانغ في الظلام ، 

وعندما رآه جالسًا بلا حراك ودون أن ينطق بكلمة ، 

مدّ جيانغ شو يده ليشغل النور


شين فانغ يو : “ لا .. لا تشغلها .”


توقفت أصابعه في الهواء ، 

وقد التقط من صوته نبرةً عاطفية دقيقة ، بدت مبحوحة قليلًا


ساد الصمت في الغرفة، 

وأدار شين فانغ يو وجهه جانبًا، 

غير مهتم بأن كلمات جيانغ شو كانت في الأصل تكرارًا لعبارة قالتها رين مياو


كان يظن من قبل أن رين هان مجرد مراهقة متمردة عادية، 

إلى أن جاء ذلك اليوم الذي سمع فيه حديث الفتاتين


حينها شعر أنه، بطريقة ما، يفهم رين هان جيدًا ، 

ويستطيع أن يتخيل كم أثرت كلمات رين مياو فيها ——


حين فُتح أعمق باب مخفي في قلبها ، 

وجد نفسه في تلك اللحظة يحسد رين هان


لكنه لم يتوقع أن يقول أحد له مثل تلك الكلمات … 

والمفاجأة أن ذلك الشخص كان جيانغ شو 


اختلطت الأفكار في رأس شين فانغ يو


وشعر بمرارة خفيفة في قلبه


اندفاع تلك المشاعر الجياشة دفعت شين فانغ ليتجرأ ويسأل السؤال الذي لطالما راوده :

“ لماذا غيّرت رأيك وقررت الاحتفاظ بالطفلة ؟

هل … رقّ قلبك ؟”


ظل جيانغ شو صامت


تابع شين فانغ يو: “ أم… هل كان السبب قليلًا… 

بسببي أنا ؟”


ولم يأتِه رد


ألقى نظرة على ساعة هاتفه ، مدركًا أنه ربما تجاوز الحد


أرجع رأسه للخلف ، وكتم المشاعر والتوقعات التي كانت تلمع في عينيه ، 

ثم ابتسم ابتسامة قسرية محاولًا إصلاح الموقف : 

“ لا بأس إن لم ترغب الإجابة ، 

لقد تأخر الوقت ، 

من الأفضل أن تنام …"


هبت نسمة هواء عبر نافذة الغرفة ، 

فارتجفت أطراف الستائر الثقيلة ، 

نظر جيانغ شو إليه وتحدث فجأة

: “ صحيح "


يتبع

( تم ترجمة الفصل بواسطة : Jiyan

التدقيق : Erenyibo 

شكراً لها جداً باذن لله نخلصها أسرع 🩷🩷🩷 

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي