Ch8 | DSYOM
[ الحياة حكاية يرويها أحمق ]
في يوم اللقاء، حرص الاثنان على أن يبدوا بأفضل هيئة،
تحت شعار: “لقاء الأصدقاء القدامى لا ينبغي أن يكون باهتًا”،
فارتديا ملابس أنيقة وغادرا مبكرًا
حتى يو جينغيي وضعت مساحيق التجميل لأول مرة—
فلقاء صديقة مقرّبة لا يُقارن بلقاء شخص غير مهم مثل
وين دي، وكان يستحق جهدًا أكبر
عندما وصلا إلى المطعم الياباني، وجدا مقعدًا وجلسا
وبعد وقت قصير، وصلت يو جون
لوّحت لهما من عند المدخل، فابتسم لها وين دي
منذ دخوله الجامعة، أدرك وين دي شيئًا واحدًا:
في هذا العالم، يوجد الكثير من الأشخاص المثاليين
فجامعة T تجمع عددًا مرعبًا من هؤلاء الأفراد
يملكون مظهرًا فائق الجاذبية، وعقولًا لامعة،
وإنجازات أكاديمية باهرة،
ويبرعون في العمل المجتمعي أيضًا
وفوق كل ذلك، يمتلكون مهارات اجتماعية استثنائية ،
وشخصيات بلا شائبة ، والأدهى من هذا كلّه : أنهم بارعون
حتى في الرياضة
وكانت يو جون واحدة منهم
قالت يو جون وهي تضع حقيبتها وتنظر إليهما بابتسامة مشرقة :
“ لم نلتقِ منذ وقت طويل .”
جلست فورًا وبدأت بصبّ الماء وطلب الطعام ،
وكل حركة من حركاتها عكست كفاءة محترفة
: “ جينغيي، لا زلتِ نحيفة كما كنتِ . أنا أحسدك حقًا .”
فردّت يو جينغيي:
“ تحسدينني؟ وهل لدي ميزة غير النحافة ؟”
لوّحت يو جون بيدها بلا مبالاة وقالت :
“ لم أعد أستطيع ارتداء البنطال الذي اشتريته أيام البكالوريوس.
منذ بدأت العمل، زاد وزني عشرة كيلوغرامات على الأقل،
ولا أجد وقتًا لممارسة الرياضة ….”
ثم التفتت إلى وين دي وقالت بدهشة:
“ كيف تبدو أصغر سنًا ؟
كنتَ تبدو كطالب جامعي، أما الآن، فشكلُك أقرب إلى طالب ثانوي .”
أجابها وين دي بابتسامة :
“ أنتِ أيضًا لم تتغيّري، لا زلتِ جميلة كما كنتِ .”
أشارت يو جون إلى أسفل عينيها وقالت :
“ انظُر إلى الهالات السوداء قبل أن تُثني عليّ .
لقد فقدت نصف شعري تقريبًا ، ولولا التمويج الجيد ،
لكان الوضع فاضحًا .”
سألها وين دي:
“ هل العمل مُتعب إلى هذا الحد ؟”
أجابت وهي تدفع خصلات شعرها المجعدة للخلف ،
ثم وضعت هاتفها على الطاولة ووجهه إلى الأعلى:
“ التعب شيء ، لكن الضغط النفسي هو المشكلة الحقيقية.
لقد قدّمت للتوّ طلب الطرح العام الأولي (IPO)،
وإذا تلقيت اتصالًا بعد قليل ، عليّ أن أسرع فورًا .”
كانت يو جون ذات شخصية تخطيطية بامتياز
كانت تعرف مسبقًا أين سينتهي بها مسارها المهني،
لذا بدأت ببناء شبكة علاقات، والتدريب،
واجتياز الاختبارات منذ سنتها الجامعية الأولى،
تتقدّم خطوة بعد أخرى كما لو أنها تلعب لعبة تقمّص أدوار
وتقاتل الوحوش
وفي سنتها الأخيرة ، غيّرت مجال دراستها بنجاح لتلتحق
ببرنامج ماجستير في الجامعة المجاورة ،
وفي الوقت نفسه حصلت على عرض من أحد أعرق بنوك
الاستثمار — وهو أمر لم يُفاجئ أحدًا
في عيني وين دي - كانت يو جون شخصًا خُلق لتعيش حياةً
تلبس فيها فساتين رولان موريه ،
وترتدي كعب برادا ، يسير كل شيء فيها بسلاسة ،
نحو مستقبل مشرق
لكن بعد أن جلست ، تسرّب التعب إلى كل كلمة نطقت بها
قالت ضاحكة بسخرية :
“ برادا ؟ عندما اقتربت من تقديم الطلب ، لم أكلّف نفسي
حتى بوضع مساحيق التجميل .
ارتديتُ تيشيرت قطني وبنطال جينز وحذاء نايك .
لو ذهبتَ لقسم علوم الحاسوب المجاور ، لرأيتني أبدو كمن
يسابق الوقت لتسليم مشروع التخرّج .”
استدعاها مديرها ليلة رأس السنة لتحديث المواد ،
فأُلغيت فجأة عطلاتها ومواعيدها ،
واضطرت لتحضير عرض تقديمي على جهازها اللابتوب
وهي على متن الطائرة— وجالسة بجوار مديرها مباشرةً
قالت بجدية :
“ لقد ارتديتُ ملابسي بعناية خصيصًا لرؤيتكما اليوم .”
سألها وين دي:
“ هل الأمور مزدحمة إلى هذه الدرجة ؟”
أجابت يو جون:
“ العام الماضي ، عندما خضع جدي لعملية جراحية ،
تلقيت مكالمة تطلب مني تعديل شرائح عرض تقديمي بينما
كنت واقفة أمام غرفة العمليات .
كان مصباح الجراحة لا يزال مضاء ، فركضت إلى الحمّام،
وضعت اللابتوب على ركبتي وبدأت أعمل.”
وحتى الآن ، لم يكلمها عمها بكلمة ——-
ارتجف وين دي :
“ هل الأمر مرعب إلى هذه الدرجة ؟”
أخرجت يو جون زجاجة صغيرة من حقيبتها ووضعتها على الطاولة :
“ ميتوبرولول.”
دواء شائع يُستخدم لارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب
ثم أخرجت زجاجة أخرى صغيرة :
“ زوبيكلون "
يو جينغيي:
“ بدأتِ بتناوله في الجامعة .”
كانت يو جون شخصية بارزة في القسم ، تقود فريق A بيدها اليسرى،
وتفوز بكأس ما بيدها اليمنى،
تجري بين المؤسسات المالية الكبرى للتدريب،
ومؤسِّسة نادي الأفلام القصيرة في الجامعة
كانت تنام في الثانية فجرًا ، وتستيقظ في السادسة صباحًا،
ومع ذلك تبقى مفعمة بالحيوية والإصرار
كان الجميع يظن أنها قائدة بالفطرة ومدمنة على العمل،
لكن يو جينغيي وحدها كانت تعلم أن يو جون تعاني من
القلق والأرق منذ سنتها الثانية في الجامعة
أشارت يو جون إلى الزجاجة الصغيرة وقالت:
“ ذاك كان الميلاتونين؛ ولم يعد ينفع منذ زمن .
هذا دواء منوّم حقيقي ، لكن لا يمكنني تناوله كثيرًا .”
وبعد أن تذمّرت قليلًا ، تمالكت نفسها كمن يلتزم بقواعد
اللياقة الاجتماعية بدقة ،
ومدّت قائمة الطعام إلى زميليها على الطاولة :
“ كفى ، دعونا لا نتحدث عن هذا .
هيا، تفضّلا، انظرا ماذا تريدان أن تطلبا .”
وين دي:
“ أليست هذه مأدبة ترحيب بكِ؟ أنتِ من يجب أن تطلبي .”
يو جون:
“ اطلبا أنتما أولًا ، أحتاج أن آكل قليلًا الليلة ،
أحاول أن أنقص وزني .
أوف، هذا العمل السيء… متى سينتهي ؟”
ثم نظرت إلى وين دي:
“ تبدو في حالة جيدة . حياة الجامعة لا بد أنها رائعة .
ليتني سعيت لنيل الدكتوراه .”
ارتفع حاجبا وين دي إلى السماء من الصدمة
{ أنا في حالة جيدة؟ لو لم أكن أخاف من المرتفعات ،
لكنت قفزت من الشرفة وأنا أنشر الغسيل }
قال:
“ لا تحسديني . أنتِ الوحيدة في شعبتنا التي يمكن أن تصبح رأسمالية .
القسم يعوّل عليكِ لبناء مبنى جديد في يومٍ ما .”
ردّت يو جون قائلة :
“ أي رأسمالية ؟
سونغ يويلين هو الرأسمالي . اعتمدوا عليه أنتم .”
بمجرد أن ذُكر الاسم ، توقّف الشخصان الجالسان على
الجانب الآخر من الطاولة عن الحركة في الوقت نفسه
سونغ يويلين كان زميلهم في مرحلة البكالوريوس، والحبيب السابق لـ يو جون
وقع الاثنان في الحب من النظرة الأولى يوم التوجيه الدراسي للطلاب الجدد ،
وحضرا سويًا حفلة السنة الأولى ،
وشاركا في بطولة الفيديوهات الترويجية للجامعة ،
لكن في السنة الثالثة ، انهارت علاقتهما وسبّبت فوضى عارمة
لا يزالان يتذكّران ذلك الانفصال المأساوي لذلك ' الثنائي الذهبي '
يو جون شتمت مئات المرات في مجموعة الشعبة على ويتشات ،
مما أثار رعب الجميع—ولم يجرؤ أحد على قول أي شيء لعدة أيام
حتى إنها التقطت صورة لتقرير التشخيص الصادر عن طبيب نفسي ،
وهدّدت برفع دعوى قضائية على ذلك ' الوضيع '
لكن بما أن عائلة سونغ كانت نافذة ، فقد انتهى الأمر دون نتيجة تُذكر
كانت يو جون تعيش بالفعل تحت ضغط شديد ،
وكاد ذلك الانفصال أن يحطمها
في إحدى الليالي المتأخرة ، جاءت الشرطة إلى سكنهن،
قائلين إنها اتصلت بهم ثم اختفت فجأة ،
مما أرعب زميلاتها الثلاث في السكن حتى كدن يُغمى عليهن
ركضت يو جينغيي عبر نصف الحرم الجامعي حتى تعثر
عليها أخيرًا قرب بركة اللوتس
وكانت حالتها حينها شبيهة بحال وين دي بعد انفصاله هو الآخر
يو جون :
“ رأيتُه في حفل استقبال منذ وقت غير بعيد ….”
كان واضحًا من نبرة صوتها أنها لا تزال تحمل في قلبها غصّة
“ سمعتُ أنه تزوج ابنة مسؤول من الجيل الثاني ،
وهي مناسبة تمامًا له.
كان واقفًا بجوار نافورة شوكولاتة ، وكدتُ أغمس رأسه فيها .”
كلماتها وجدت صدى في قلب وين دي، فأومأ بتعاطف عميق
يو جينغيي:
“ كنتُ دائمًا أقول إنه لا يليق بك.
ما الذي أصابك لتقعي في حبه وقتها ؟”
ردّت يو جون:
“ مجرد جهل الشباب .
من منّا لم يقع في حب وغد أو اثنين في سنواته الأولى ؟”
شاركهم وين دي الحديث :
“ صحيح. وبالمقارنة بي، ذوقكِ لم يكن سيئًا جدًا حتى .”
فجأة، اعتدلت يو جون في جلستها وقالت :
“ حقًا ؟
في كل مرة كنا نتشاجر ، كان سونغ يويلين يختفي تمامًا .
لا يرد على رسائل ويتشات ولا يجيب على المكالمات .
كنتُ أضطر للنزول إلى مبنى سكنه بنفسي لأبحث عنه وأبادر بالصلح ”
وضع وين دي كوب الماء من يده :
“ في الثانوية ، كسر هيي ونشوان ساقه أثناء لعب كرة السلة .
كنتُ أجلب له الطعام والماء ، وأدلّك ظهره وساقيه .
كان يحب الزلابية المحشوة بحساء لحم السلطعون ،
فكنت أقف في الطابور كل يوم لشرائها .
وفي الشتاء ، كنتُ أخشى أن تبرد ، فأضعها داخل معطفي
وأركض بها.
حتى أن صدري احمرّ من الحرارة .”
تحركت عينا يو جينغيي بين الاثنين في حيرة ، وقالت بلا حيلة :
“ ما الذي تفعلانه ؟ تتنافسان ؟”
يو جون:
“عندما كنتُ أتدرّب في شركة BCG وذهبتُ في رحلة عمل
إلى شنغهاي، عدتُ لأكتشف أنه كان يتناول العشاء ويشاهد
الأفلام مع طالبة من السنة الثانية .
وعندما واجهته، غضب بشدة واتهمني بالغيرة والشك المرضي .”
وين دي:
“ عندما كنت في الجامعة ، عملت كمدرّس خصوصي لمدة
نصف عام وادّخرت المال لأشتري له ساعة .
بدا متأثرًا جدًا أمامي ، لكنه خلف ظهري اشتكى لأصدقائه ،
وقال إنها من ماركة مبتذلة لا يرتديها إلا الأثرياء عديمو الذوق .”
غطّت يو جينغيي أذنيها،
غير قادرة على تحمّل استماع هذا ' التنافس العاطفي '
بين اثنين من ألمع طلاب دفعتها :
“ هل يمكن أن توجّها روحكما التنافسية نحو شيء مفيد؟
ما الذي يدعو للفخر بهذا أصلًا ؟
إنه أمر مُخزٍ .”
لكن يو جون تجاهلت ازدراء صديقتها وقالت :
“ حين كنا معًا ، لم يلتقط صورة واحدة معي ،
ولم يُعرّفني على أي من أصدقائه أو أفراد عائلته .
كان يقول إن عائلته صارمة ، وإنه لا يمكننا الإعلان عن
علاقتنا إلا بعد الزواج .”
أخذ وين دي نفسًا عميقًا، وجلس باستقامة،
وبدت ملامحه جادة وكأنه على وشك الكشف عن سر فنون قتال عليا :
“ قال لي إنه سيكون معي دائمًا ، فقررت أن أتبعه وقدّمت لجامعة T.
لكن بعد أن وصلتني رسالة القبول ، قال فجأة إنه يريد
الدراسة في الخارج .”
عبست يو جون حاجبيها :
“ مهلًا ، أليست نتائج التقديم إلى الجامعات الأجنبية تصدر في فبراير ؟”
وين دي:
“ بلى ، وقد حصل على نتيجته قبلها بوقت طويل ،
لكنه لم يخبرني .
أخفى الأمر عني لستة أشهر كاملة .”
سألته يو جون:
“ ألم تشكّ في الأمر ؟ ماذا قال عندما واجهته ؟”
هزّ وين دي كتفيه وقال:
“ قال إن برنامج علوم الحاسوب هناك هو الأفضل في العالم ، وإنه يفكر في مستقبله .
وقال أيضًا إن الزواج المثلي مسموح هناك ، وإنه سيجتهد ،
وعندما أتخرج سيأخذني إليه ونتزوج رسميًا .”
نظرت إليه يو جون وكأنه فقد صوابه :
“ وصدّقت ذلك فعلًا ؟ لو كان جادًا حقًا ، لأخبرك قبل
التقديم ، ليس بعد أن تتخرّج .
كان يخشى فقط أنك إن علمت باكرًا ستتشاجر معه ،
وهو لم يكن مستعدًا لتحمّل انفعالاتك أو مواساتك ،
فانتظر للحظة الأخيرة ليُفجّرك بالخبر .
وإن تقبلت الأمر ، ممتاز ، وإن لم تفعل ، فسيختفي ببساطة.
حتى النهاية ، كنتَ متمسكًا به، بينما هو مرتاح تمامًا .”
سكت وين دي
كانت على حق، لكن يا للأسف، فحين يقع الإنسان في الحب،
لا يستطيع حتى ملك التنين أن يسحب ' الماء ' الذي يملأ رأسه
يو جون :
“ وماذا بعد ؟ هل انفصلتما ؟”
: “ لا…”
تدحرجت عينا يو جون في سخرية:
“ لم تنفصلا بعد كل هذا ؟
هل أنت البطل الثانوي في دراما قديمة ؟”
تردّد وين دي للحظة ، ثم ردّ ساخرًا :
“ وإذا كنتِ أنتِ بهذه الحكمة ، لماذا لم تنفصلي عن سونغ
يويلين في وقتٍ مبكر؟”
لمعت عينا يو جون للحظة ، ثم غيّرت الموضوع قائلة:
“ ومتى انفصلتما في النهاية ؟”
قال وين دي ببساطة :
“ خطب ابنة ملياردير من وادي السيليكون بينما كان في
الخارج ، ولم أعلم بالأمر إلا قبل الزفاف بقليل .”
رفعت يو جون يديها باستسلام :
“ أنت فزتَ !”
أما يو جينغيي، فقد بدت وكأنها على وشك أن تتقيأ غداءها:
“ أنتما حقًا…
كيف لأشخاص أذكياء لهذه الدرجة أن يتعاملوا مع الحب بهذه الغباوة ؟”
أما وين دي، فلم يكن يعرف الجواب
ولو عرف، لعاد إلى ظهيرة ذلك اليوم أثناء التدريب
العسكري في الثانوية وصفع نفسه بكل قوته
حين تستثمر مشاعرك في علاقة أكثر من اللازم ،
تكون النتيجة أن تبعاتها تلاحقك حتى بعد الانفصال ،
وتؤثر على حياتك كلها
على سبيل المثال ، كان وين دي يخطط أصلاً للذهاب إلى شنغهاي ،
لكن هيي ونشوان قال إنه يريد الذهاب إلى بكين ،
فبدل رأيه وقدم لجامعة T
كان طالب علمي في الثانوية ، ولم يكن هناك ما يمنعه من دخول T،
لكن عندما أُعلنت درجات القبول لذلك العام ، عرف أنه انتهى
في السنوات الماضية ، حتى لو لم يتمكن من دخول
التخصصات الشائعة مثل علوم الحاسوب أو الأتمتة ،
كان يستطيع على الأقل دخول هندسة المواد أو الهندسة الكيميائية
لكن في ذلك العام ، ارتفعت معدلات القبول لجميع
تخصصات العلوم والهندسة ، فانتهى به الأمر إلى التحويل
إلى قسم اللغة الإنجليزية
في هذا العالم مأساتان : طلاب الآداب الصرف يتجهون إلى دراسة العلوم ،
وطلاب العلوم الصرف يتحولون إلى الأدب ،
قبل أن يبلغ الثامنة عشرة ، كان وين دي —-كما تصفه كتب
المدرسة ' فقير لدرجة أنه لا يستطيع شراء الكتب '
وكانت ثقافته الأدبية تثير القلق
اعتمد على الحفظ الأعمى لحفظ الكلمات ،
وعلى قوالب جاهزة لكتابة المقالات ،
وعلى الجهد المضني للحصول على درجات جيدة ،
تعلّم “الإنجليزية الصامتة”، وكان نطقه يبدو وكأنه قادم من ورشة بناء
بعد دخوله الجامعة، أصبح يستيقظ مبكرًا كل يوم ،
يتدرّب على قراءة BBC الصباحية من على شرفة السكن ،
ويقضي ساعات في مكتبة الكلية يحشو رأسه بأدب اللغة الإنجليزية ،
وتمكّن بصعوبة من أن يرفع مستواه من القاع
الحب ، هذا الشيء الذي أضرّ الناس بشدة
لقد منح أجمل سنوات شبابه ، تلك التي لا تعرف الخوف ولا الحسابات ، لهذا الحب ،
وفي النهاية انتهى به الأمر إلى حياة خرجت تمامًا عن مسارها
انتهت أول علاقة حب له بشكل مأساوي لدرجة أنه لم يجرؤ
على الوقوع في الحب مجدداً
حتى منذ أكثر من شهر بقليل
ربما كان الجرح قد التأم ، أو الألم قد نُسي ،
أو أن فترة ' الفراغ ' قد طالت أكثر من اللازم ،
فاشتدّ الاشتياق ،
وبدأت تلك المشاعر التي نفاها إلى قصر الجليد في قلبه تتحرك من جديد
ومع مأساة الماضي ، ظنّ وين دي أنه قد تعلّم الدرس ،
وأنه هذه المرة لن يسقط
أن يكون هادئًا ، عاقلًا ، فالحب لا يزال فيه جانب جميل
بالإضافة إلى ذلك، فقد كان يعتمد طوال السنوات الخمس
الماضية على ' الألعاب ' و ' الأفلام ' لحل مشكلته ،
وهذا الأمر كان سيدفعه إلى الجنون
كان شابًا في ريعان الشباب ، كل ظروفه مناسبة ،
فهل يُعقل أن يعتمد على ' يديه المجتهدتين ' طوال حياته لحل الأمور؟
تذكّر أصابع البروفيسور الطويلة النحيلة وهي تمسك بالطبشور ،
وتلك العضلات البارزة تحت القميص… وفجأة شدّ قبضته
على كوب الماء في يده
{ لا يُعقل أن يكون حظي سيئًا إلى هذه الدرجة فأقع مرتين في حب أوغاد صحيح ؟
البروفيسور يبدو مهووسًا بالدراسة ، قليل الكلام ،
ولا يبدو كشخص ماهر في الغزل أو التلاعب بالمشاعر … }
لكن، وكأن القدر أراد أن يصفعه على وجهه ،
مدّت يو جينغيي يدها ونقرته قائلة :
“ أليس ذلك بروفيسور الرياضيات ؟”
ارتبك وين دي —— ونظر إلى الاتجاه الذي تشير إليه—
وبالفعل ، كان بيان تشنغ
كان يرتدي كما اعتاد في المحاضرات : بدلة رسمية مع ربطة عنق ،
وتعابير باردة على وجهه
جالسًا أمامه شاب وسيم ذو أكتاف عريضة وخصر نحيل،
وكانا يتبادلان الحديث بسعادة، ويبدو أن بينهما معرفة وثيقة
تذكّر وين دي اللقاءات القليلة التي جمعته بالبروفيسور ،
وكلها كانت مليئة بصمت كارثي
{ فهل هذا هو شكل البروفيسور حين يتحدث مع شخص يعرفه جيدًا ؟ }
ثم فجأة ، ابتسم الشاب المقابل للبروفيسور ابتسامة
خجولة لا تتناسب مع جسده الرياضي ،
ومدّ يده ووضعها على يد البروفيسور ، وأمسك بها بإحكام
كادت عينا وين دي أن تخرجا من محجريهما ——-
{ ألم يكن من المفترض أن هذا الرجل مجرد صديق؟!
هل يمكن أن يكون البروفيسور… مثلي الجنس فعلًا؟
ومرتبط بالفعل ؟! }
انطلقت مشاعره في دوامة كالأفعوانية
من السماء إلى الجحيم، وعبر عدة منعطفات
وصل النادل ومعه طبق الأوكونومياكي، تتراقص رقائق البونيتو على البخار الصاعد،
لكن عينيه بقيت معلّقتين على الشخص في الجانب الآخر من الممر
ثم حدث شيء غريب ——-
فجأة، التفت الشاب الجالس أمام البروفيسور، ونظر مباشرةً
إلى وين دي ، وثبّت عينيه على وجهه
تغيرت تعابيره من الخجل إلى الغضب في لحظة
وبصوت حاد ، أنزل فنجان الشاي الذي كان يمسك به على
الطاولة بضربة قوية
وين دي شاهد مشاهد كهذه في المسلسلات من قبل ؛
وفي العادة، فإن اللحظة التالية تكون عبارة عن رش الماء
في وجه الطرف الآخر
كان يتخيّل الأمر فقط بدافع الفضول…
لكن من كان يظن أن الشاب سيقوم بذلك فعليًا
في اللحظة التالية تمامًا ، أمسك الفنجان ، ومع رشقة عالية،
سُكب الشاي على وجه البروفيسور
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق