القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch18 برج الأبروش

 Ch18 برج الأبروش




الدخول إلى برج المراقبة يتطلّب تصريحًا رسميًا نظرًا لكونه منطقة محظورة ،،، 

لذا انتظر كلٌّ من تشن جيايو وفانغ شنغجي، الذي قد نزل للتو من الطائرة ، بصبر عند المدخل حتى يلتحق بهما فانغ هاو ،،،


ما إن دفع الباب حتى استقبله هبوب بارد من رياح الخريف ،،

رفع بصره فرأى تشن جيايو وفانغ شنغجي واقفَين أسفل البرج     كان تشن جيايو يحمل حقيبته ، 

بينما فانغ شنغجي محاط بعدد كبير من الأمتعة ،،


لأنه قد سافر مباشرةً من المملكة المتحدة إلى شينجن 

للتدريب قبل عودته إلى بكين ، فقد جلب معه أمتعة كثيرة : 

حقيبة سفر كبيرة ، وصندوقًا مسجَّلًا ، وحقيبة على الكتف كبيرة ، 

وحقيبة ظهر ، كان ينوي أخذ عربة حقائب ، لكن تشن جيايو 

أصرّ على مساعدته ، وبالفعل ، سحبا الأغراض معًا حتى وصلا إلى المدخل


ما إن لمح فانغ شنغجي أخاه حتى تهلّل وجهه وانطلق 

مسرعًا نحوه وهو يهتف بحماس :

“ أخي!”


كان كلٌّ من فانغ شنغجي وفانغ هاو يُعبّران كثيرًا بلغة الجسد ،، وبعد نحو ستة أشهر من الفراق ، عانق كل منهما الآخر عناقًا شديدًا ،،

بينما كان تشن جيايو ممسكًا بحقائب فانغ شنغجي، وقف 

يراقب المشهد من بعيد، فرأى فانغ هاو يحتضن أخاه بقوة، وعضلات ذراعيه مرسومة بوضوح، ورأسيهما ملتصقين ،

ابتسم تشن جيايو دون وعي وهو يتأمل المشهد


بعد أن افترقا ، علّق فانغ هاو:

“ لماذا أشعر أنك ازددت طولًا مجدداً  ؟”


فانغ هاو طوله 1.80 متر ، لكن بدا أن فانغ شنغجي، الذي 

دخل الجامعة بالفعل، قد أصبح أطول قليلًا منه


ضحك فانغ شنغجي :

“ لا، لا، إنه الطول نفسه حتى من دون حذاء .”


التفت فانغ هاو نحو تشن جيايو وقال ممتنًا :

“ شكرًا لإحضاره إلى هنا ،، كنت على وشك أن أذهب إلى 

منطقة استلام الأمتعة لآخذه .”

كان في مزاج رائع ، يربت على كتفي شنغجي وظهره وهو يقول ممازحًا :

“ دعني أتأكد أنك لم تفقد ذراعًا أو ساقًا "


فمازحه تشن جيايو بدوره :

“ من الأفضل أن تفحص بسرعة، لدينا سياسة تعويض خلال 24 ساعة ~ .”


وبينما يتبادلان المزاح ، ظن فانغ شنغجي تلقائيًا أنهما قريبان ، فنكز أخاه قائلًا:

“ أخي ألن تعرّفني ؟”


ارتبك فانغ هاو لثانية ثم قال:

“ آه صحيح ، نسيت ... شنغجي، هذا تشن جيايو، ناده بـ الأخ جيايو "


ابتسم فانغ شنغجي لتشن جيايو وقال :

“ في الحقيقة عرفتك ، لكن لم أصدق في البداية، هيهيهيهيهي "


أجابه تشن جيايو بنبرة واثقة:

“ والآن صدّقت ؟”


قال فانغ شنغجي مازحًا:

“ أظن أنك تبدو أجمل بكثير على أرض الواقع من التلفاز "


سعد تشن جيايو بالمجاملة ، فوضع ذراعه على كتف فانغ شنغجي قائلًا:

“ تعرف كيف تختار كلماتك ! 

هل فكرت يومًا في العمل في برج المراقبة ؟”


ظلّ الثلاثة يتبادلون الحديث لبعض الوقت ، حتى لاحظ فانغ 

هاو أن الوقت قد تأخر فقال موجهًا كلامه لتشن جيايو:

“ يجب أن تعود إلى المنزل ، الرحلات ذهابًا وإيابًا في يوم واحد مُرهِقة .”

كان يظهر وكأنه مهتم براحة تشن جيايو ، لكنه في الحقيقة كان يحاول طرده بلطف ~


لم يَغِب الأمر عن تشن جيايو ~~ لكنه أصرّ قائلًا:

“ بما أنك هنا ، واليوم عيد ميلاد شنغجي 

فلنذهب معًا لتناول وجبة ، ما رأيك ؟”


كان فانغ هاو على وشك الرفض بأدب على عادته ، لكن فانغ شنغجي وافق بحماس ،،

وحين لاحظ تشن جيايو تردّد فانغ هاو ، انتهز الفرصة وقال:

“ إلا إذا كان لديكما خطط أخرى ؟”


فأسرع فانغ شنغجي مضيفًا:

“ لا، لا، سنخرج للأكل فقط ، أليس كذلك فانغ هاو؟”

وعندما يكون في مزاج للشغب واللهو ، كان يتجنّب مناداة

أخوه بـ ' أخي ' ويناديه باسمه الكامل


استسلم فانغ هاو وابتسم:

“ حسنًا شنغجي ما الذي تفضله على العشاء ؟”


اقترح تشن جيايو عدة أماكن لتناول الطعام —- كان فانغ 

هاو يرغب في تجربة مطعم تايشان جديد ، 

لكن فانغ شنغجي الذي عاد لتوه من شينجن ، لم يرغب في 

تكرار المطبخ الكانتوني، بل اشتهى وعاءً أصيلاً من الهوت بوت السيشواني، 

فاستقروا على مطعم يقدم الهوت بوت على الطريقة السيشوانية ،





سأل تشن جيايو بفضول:

“ هل قدتَ سيارتك إلى هنا ؟ لِمَ لا تركب معي ؟”


أجابه فانغ هاو:

“ نعم، قدت بنفسي اليوم ، دعنا نقُدْ كلٌّ بسيارته ،

هل يمكنك أن ترسل لي العنوان ؟”


تشن جيايو:

“ لا بأس ، فقط اتبعني ”


عبس فانغ هاو بجبينه:

“ قد أفقدك عند أول إشارة ضوئية ..” ثم فتح تطبيق خرائط

في هاتفه وقال مستعجلًا :

“ العنوان ، بسرعة ”


ورغم إدخاله العنوان في جهاز الملاحة ، وجد نفسه مضطرًا 

لملاحقة بورش تشن جيايو اللامعة   

حتى في هذا الوقت المتأخر ، ظل الطريق الدائري الثالث مزدحم ،


قاد تشن جيايو باندفاع ، يضغط على بوق السيارة عدة مرات بغيظ ، ويغيّر المسار أحيانًا دون إشارة ،

و ظل فانغ هاو يتبعه على مسافة آمنة ، وفي الوقت نفسه بدأ يعلّم شنغجي 

الجالس إلى جواره في المقعد الأمامي :

“ اسمع ! لا تتعلم من أشخاص مثله عندما تقود السيارة !! "


كان فانغ شنغجي قد أخبره للتو بخطته في الالتحاق 

بمدرسة تعليم القيادة خلال عطلة الصيف، وأراد فانغ هاو 

أن يؤكد له أهمية أن يكون له قدوة حسنة


ضحك فانغ شنغجي :

“ على الأقل هو طيّار "



حين جلسوا في مطعم الهوت بوت ، لم يستطع فانغ هاو 

التخلص من انطباعه عن القيادة ، فقال لتشن جيايو:

“ لو كنت أعلم أنك تقود بهذه الطريقة ، لما سمحت لأخي أن يركب طائرتك ! "


رفع تشن جيايو حاجبه مستغربًا :

“ وما العيب في قيادتي ؟ هذه سيارتي ، وأنت ركبت معي من قبل "


فكّر فانغ هاو قليلًا قبل أن يعلّق:

“ صحيح ركبت معك ، لكن لحسن الحظ كنت مخمورًا بما يكفي كي لا أتذكر !! " 


دافع تشن جيايو عن أسلوبه قائلًا:

“ ربما السبب أن الطيران يقمع طبيعتي ~

دائمًا علينا الالتزام بأنظمتكم: إلى هذا الارتفاع ، نزول إلى 

ذاك، ضبط السرعة، مناورة ، ثم ضبط السرعة مجددًا .”


ضحك فانغ هاو:

“ أظن أن القيادة في الطريق الدائري الثالث الجنوبي أيضًا تقمع طبيعتك .”


كان فانغ شنغجي يراقب مزاحهما باستمتاع ، ووجد الأمر ممتعًا ، 

وبما أنه أكثر انفتاحًا في الحديث ، فقد شارك بدوره مع 

تشن جيايو، فتحدثا عن فريق العمل، 

وعن فترة تدريبه في شينجن ، بل وحتى عن ألعاب مسلية 

على جهاز نينتندو سويتش، وهي الهدية التي اشتراها فانغ هاو لأخيه في عيد ميلاده الثامن عشر


وحين أوشكت الوجبة على الانتهاء ، نهض تشن جيايو قائلاً أنه سيذهب إلى دورة المياه ،

لكن فانغ هاو دفعه ليجلس مجددًا :

“ إياك أن تذهب لدفع الفاتورة ! "


تفاجأ تشن جيايو من مباشرته ، فارتبك قليلًا وقال:

“ كيف عرفت…؟”


أجابه فانغ هاو دون تردد :

“ لقد ذهبت إلى دورة المياه مرة ، ولم تشرب شيئ ، فلماذا ستذهب ثانيةً ؟”

كان أسلوبه المباشر لا يترك مجالًا للالتباس


ضحك تشن جيايو بخجل :

“ لكن أليس اليوم عيد ميلاد شنغجي؟ لم أحضر له أي هدية "


قاطع فانغ شنغجي مبتسمًا:

“ لكنّك قد أذعتَ تهنئةً بعيد ميلادي ، تلك هدية مميّزة بحد ذاتها .”


لم يستطع تشن جيايو إلا أن يندهش من لطافة فانغ شنغجي رغم صِغَر سنّه ، وتمنى سرّاً { لو أنّ فانغ هاو 

يمتلك نصف هذه اللطافة … } 

لكن سرعان ما أبعد الفكرة عن ذهنه ،،


في النهاية ، تولّى فانغ هاو دفع الحساب ، ولم يجادله تشن جيايو معتبرًا أنّ الأمر يخصّ العائلة


وعندما نهض فانغ هاو متجهًا نحو آلة الدفع ، أضاء هاتفه بعدة إشعارات


كان غو تشون قد أرسل ثلاث رسائل :

【 فانغ هاو هل تعمل في عطلة نهاية الأسبوع ؟】


【هل ترغب في الخروج إلى المدينة؟】


【 أنا وأصدقائي ذاهبون إلى ' ديستني ' ،، أودّ أن آخذك معنا .】


لم يكن تشن جيايو ينوي النظر ، لكن لقرب جلوسه من فانغ هاو وبسبب الهاتف الموضوع بوضوح على الطاولة ، 

غلبه الفضول ، وحين فكّر أن يصرف نظره ، كان الأوان قد فات


كان يعرف ' ديستني ' —- فهو أشهر حانة للمثليين في المدينة


وقد زارها مرة في أيام الجامعة ، والآن أصبح شبه متيقن بأنّ 

فانغ هاو مهتمّ بالرجال ،

فقد ساوره هذا الشعور من قبل ، خصوصًا حين راقب 

طريقة تعامل فانغ هاو مع نساء بارزات وجميلات مثل لو يان وتشو يرو ، 

كان بينه وبينهن دائمًا نوع من الألفة الغريبة ، أشبه بعلاقة 

الصداقة المقرّبة أو الأخوّة ،، 

على سبيل المثال : الطريقة العادية التي ناولته لو يان سيجارة ، 

أو تقاربه الجسدي مع تشو يرو أثناء الأحاديث ، 

إذ كانا يقرّبان وجهيهما كثيرًا من بعضهما وكأنّ وجود من يراقبهم لا يعنيهم ،


أما مع الرجل المستقيم ، فحتى في صداقة بريئة بين رجل 

وامرأة ، تظل هناك مسافة ما ، 

لذا حين سأل تشنغ شياوشيو فجأة عن علاقة فانغ هاو بتشو يرو —- شعر تشن جيايو غريزيًا أنّه لا وجود لعلاقة ، 

وكأنّ فانغ هاو ببساطة لا يهتم بالنساء ،

والآن بدت هذه الرسائل كأنها تؤكد ذلك الشعور بطريقة غير مباشرة ،


لكن في الحقيقة —- لم تكن دليلاً قاطعًا — و مع ذلك لم 

يستطع تشن جيايو كبح تساؤلاته بشأن الحالة العاطفية لفانغ هاو

فالرسالتان الأولى عادية ، يرسلها الأصدقاء عادةً ، 

أما الثالثة فكانت الأكثر إثارة للاهتمام —- : { الخروج مع 

الأصدقاء ورغبة الشاب في اصطحاب فانغ هاو معه —- 

فإذا لم يكن فانغ هاو مجرد صديق ، بل تمت دعوته ، فهل يعني ذلك أنهما يتواعدان ؟ 

وإذا كانا يتواعدان لكن لم يلتقِي بعد بأصدقاء هذا الشاب ، 

فهل هذا يشير إلى علاقة جديدة أم إلى نزوة عابرة ؟ }



لم يستطع تشن جيايو إسكات هذه الأفكار المتزاحمة في رأسه ،،

كان يعرف أنّه يميل للمبالغة في التفكير ،،

ومن الأفضل بدلًا من التخمين أن يسأل فانغ شنغجي أو فانغ هاو مباشرةً ،،

لكن التطفل كان ذنبًا يثقله ،، تردّد لحظة ، ثم فضّل الصمت ، 

{ ربما كان من الأفضل ألا أعرف }


وعندما عاد فانغ هاو ، رأى رسالة جديدة و لاحظ تشن جيايو 

تعبيره ، إذ ارتسمت على وجه فانغ هاو ابتسامة خفيفة 

ماكرة ، لكنه لم يُجب فورًا


قال فانغ هاو بنبرة عابرة وكأنه غير مبالٍ بما إذا كان تشن جيايو قد لمح الرسائل المرسلة إليه أم لا ،،  :

“ لنذهب ” ثم أشار إليهما بعفوية أن ينهضا ويغادرا


وفي هذه اللحظة رنّ هاتف تشن جيايو —- ألقى نظرة 

سريعة على شاشة الاتصال التي أظهرت اسم الشركة ، 

فأخبر فانغ هاو:

“ إنه اتصال من الشركة ، سأتلقى المكالمة .”


وبعد خمس دقائق عاد ——  فسأله فانغ هاو بأدب :

“ هل كل شيء بخير ؟ من غير المعتاد أن تتصل الشركة في 

مثل هذا الوقت ، وغالبًا لا يكون الأمر جيد .”


لوّح تشن جيايو بيده مطمئنًا :

“ لا شيء خطير ، مجرد تعديل في جدول الأسبوع القادم .”


سأل فانغ شنغجي بوجه يعلوه القلق :

“ هل جداول الطيارين دائمًا بهذه الفوضوية ؟”


أجاب تشن جيايو:

“ نعم ، غير منتظمة تمامًا ، وأحيانًا متقلبة بشكل مزعج ، 

خطة رحلات منظمة جيدًا ، تصلنا عبر البريد الإلكتروني يوم 

الاثنين ، و قد تنقلب رأسًا على عقب بمكالمة هاتفية واحدة فقط .”


كبح فانغ هاو تثاؤبًا، وقد بدأ التعب يظهر عليه من قلة 

النوم، ثم أومأ موافقًا


وبينما فانغ شنغجي يمشي أمامهما ، سرق تشن جيايو نظرة 

خاطفة إلى فانغ هاو ، لم يرَى منه أي إشارة إلى التساؤل عن سبب مكالمة الشركة ، 

فقرر أن يخبرهم بنفسه  :

“ لقد جرى جدولة رحلة لي إلى هونغ كونغ الأسبوع القادم.”


كان الإرهاق يتسلل إلى فانغ هاو، فتأخرت استجابته قليلًا 

وهو يحاول استيعاب المعنى ، توقف عن السير فجأة ، ثم سأل بصوت خافت :

“ أهذه… أول مرة ؟”


لقد مرّت نحو ثلاث سنوات ، وخلالها كان تشن جيايو قد 

حلق في رحلات دولية ومحلية على حد سواء ،

بدا منطقيًا أن يُكلَّف برحلة إلى هونغ كونغ خلال هذه الفترة 

الطويلة ، لكنه لم يفعل


تشن جيايو:

“ إنها المرة الأولى منذ ثلاث سنوات… ربما الأمر هكذا 

فحسب ، ما قُدّر أن يحدث ، سيحدث في النهاية "


حين يكون فانغ هاو مرهقًا ، يميل إلى الحديث بصراحة مباشرةً دون إخفاء :

“ كان بوسعك أن ترفض ، لكن…” ثم حدّق في عيني تشن جيايو بعمق : 

“ لكنّك لا تريد ذلك ... تريد أن تواجه الأمر وجهًا لوجه أليس كذلك ؟”


أومأ تشن جيايو :

“ صحيح "


فإن لم يستطع المرء مواجهة الأمر ، فذلك بالفعل مشكلة ، 

لقد أصاب فانغ هاو في هذا التخمين ،،، لكنه أخطأ في 

جانب آخر—تشن جيايو لم يكن يجد رفض الرحلات أمرًا سهلًا في الواقع —- 

لم يكن بوسعه الادعاء بأن التوقيت غير مناسب ، إذ يمكن 

إعادة الجدولة بسهولة ،،، 

ولم يكن يستطيع التظاهر بالمرض فقط عند رحلات هونغ كونغ —— ستكون هناك أعذار لا حصر لها ، لكن الشيء 

الوحيد الذي لم يكن قادرًا على البوح به… هو الحقيقة —




لم يجد فانغ هاو ما يقوله بعد ذلك …. 

كان يعلم أن هذه هي رحلة تشن جيايو الخاصة ، 

وفي النهاية عليه أن يقطعها بمفرده ، 

لذا اكتفى بتطمين بسيط :

“ ستكون بخير "


ابتسم تشن جيايو ابتسامة باهتة :

“ آمل ذلك "


وبهذا ، افترقا عند مدخل المطعم —— , 


ـــــــ


في طريق العودة بالسيارة ، كان النعاس قد بدأ يتسلل إلى فانغ هاو … فشدّ فانغ شنغجي إلى الحديث معه ،، واستغل شنغجي الفرصة ليسأله :

“ أخي .. أنتما الاثنان…؟”


لم يفهم فانغ هاو قصده :

“ تعني أنا وتشن جيايو؟”


تابع فانغ شنغجي:

“ أتظن أنكما متوافقان ؟ أظن أن بينكما انسجامًا جيدًا "


ارتبك فانغ هاو تمامًا :

“ متوافقان ؟ ماذا تقصد ؟ لا يوجد شيء من هذا القبيل "


بدت على فانغ شنغجي علامات الاستيعاب الخاطئ:

“ ألستما على علاقة عاطفية ؟”


ضغط فانغ هاو على المكابح فجأة وقد شعر ببعض الارتباك :

“ لا… لا نحن لسنا كذلك ، أبدًا ! "


وبعد لحظة من التفكير الجاد ، أدرك حقيقة الموقف ،

تذكّر أنه قبل أيام قليلة ، وأثناء مكالمة فيديو مع عائلته ، 

ذكر أنه ذهب في موعدَين مؤخرًا ، وأنه إذا سارت الأمور على 

ما يرام فسيعرّف عائلته إلى ذلك الشخص ،

في الواقع كان يقصد غو تشون ، ولم يكن ينوي مطلقًا أن يقدمه لعائلته ،

لكن فانغ شنغجي، وقد رأى مدى الألفة بينه وبين تشن جيايو —- إلى جانب مساعدته له في حمل الأمتعة ، 

وإيصاله إلى بهو البرج ، واقتراحه تناول وجبة معًا ، 

جعلته يظن أن تشن جيايو هو الشخص الغامض الذي 

يتواعد معه فانغ هاو، وأن الأخير وجد الوقت مناسبًا ليجمعهما معًا ،


لم يكن فانغ شنغجي ممن يضغطون على الآخرين ، لكن 

بناءً على هذا الافتراض، شجع بحماس على أن يخرجوا 

ثلاثتهم لتناول وجبة هوت بوت


وبشيء من الحرج ، قال فانغ شنغجي:

“ أنا فقط ذكرت تناول وجبة معًا لأني ظننت أنكما….”


أما فانغ هاو الذي كان أشد إحراجًا من أخيه ، فلم يجد سوى أن يواسيه قائلًا:

“ لا بأس ، أنا من دفع الحساب ، لذا الأمر أشبه بأنه فقط 

انضم إلينا على مائدة الطعام .”


أجاب فانغ شنغجي بهمسة خافتة:

“ آوه … "

لكنه ظل غير مقتنع:

“ هل أنت متأكد أنه لا يوجد شيء بينكما ؟ 

بدا وكأنه لا يمانع "


التفت إليه فانغ هاو وسأله :

“ تشن جيايو… أليس مستقيمًا ؟”


لم يكن فانغ هاو متأكدًا تمامًا ، 

فلم يسبق له أن سأل عن مثل هذه الأمور بشكل مباشر ، 

لكن علاقة تشن جيايو السابقة مع يان يو ، زميلته السابقة 

في شركة اير تشاينا ، كانت معروفة في محيطهم ،

وبعد أن غادرت يان يو شركة الطيران لتتجه إلى مجال 

عرض الأزياء وتجمع مئات الآلاف من المتابعين على منصة 

ويبو ، أصبحا بمثابة “الثنائي المثالي” في نظر الكثيرين ، 

رغم انفصالهما في النهاية ،

لم يكترث فانغ هاو بالسؤال ، لكن الشائعات انتشرت ، 

وسرعان ما علم الجميع بالأمر ،


ورغم أن كلمات فانغ شنغجي لم تكن مقصودة ، فإنها 

زرعت بذرة شك في ذهن فانغ هاو ،

فبدأ يفكر مليًّا في تفاعلاته الأخيرة مع تشن جيايو


فقد شعر بالفعل أن الأخير قد أبدى اهتمامًا ملحوظًا به ،،

لكن معرفتهما وتقاربهما بدآ بعد سفر لو يان إلى شنغهاي 

قبل شهر تقريبًا ،

افترض فانغ هاو أن تشن جيايو ، الذي اعتاد أن يُدلَّل بطرق مختلفة ، صار يبحث عن دعم جديد بعد رحيل لو يان ، 

ولهذا بدأ يبذل جهدًا لتعزيز علاقتهما ويُظهر بعض اللطف


وفوق ذلك ، كان فانغ هاو يعتمد كثيرًا على لغة الجسد 

لقياس المودة والإشارات العاطفية والجنسية : كالعناق ، 

أو اللمسات ، أو الوقوف عن قرب ، أو الاتكاء على الكتف ، 

أو التلامس العابر ، 

فكل فعل من هذه الأفعال يُعتبر إشارة - ،

أو ربما اقتراح مباشر — مثل دعوة لشرب الكحول كما فعل 

لانغ فنغ من قبل ، وهذا سيُعتبر علامة واضحة أيضًا


لكن خلال جميع تفاعلاته مع تشن جيايو، لم يدعه قط 

لشرب شيء في الخارج—إذ كان لقاؤهما دائمًا في مقهى 

المطار لسهولة الوصول وتوفير الوقت—ولم يُبدِ أي بادرة 

تتجاوز حدود الصداقة


وبعد دقيقة من التفكير ، بينما مرت في ذهنه لقطات من 

حواراتهما وأفعالهما خلال الشهرين الماضية ، توصّل فانغ 

هاو إلى أن احتمال عدم وجود شيء بينهما يصل إلى ثمانين بالمئة


أما العشرون بالمئة المتبقية ، فلم يتوقف عندها كثيرًا ، ولم تجرأ على ذلك


فانغ شنغجي:

“ آه، خسارة ... إنه وسيم إلى حد كبير ، وأظن أنه من نوعك ، أليس كذلك ؟”


ابتسم فانغ هاو وأجاب:

“ وهل لديّ نوع محدد أصلًا ؟ لمَ لا تخبرني أنت ؟”


أدرك فانغ شنغجي خطأه :

“ أعني… أي شخص ليس حقير يكفي "


لم يجد فانغ هاو الأمر مُضحكًا هذه المرة


شعر فانغ شنغجي أنه قد أساء التعبير ، و سارع لتوضيح قصده :

“ لم أقصد… تلك المسألة بالذات ، ،” مترددًا في ذكر 

الخيانة صراحة : “ فقط أعني أنك لا تحب من يلتزمون 

بالقواعد الجامدة ، بل تفضّل من يكونون أكثر تحررًا .”


أصغى فانغ هاو إلى تحليله المختصر وأسقطه على 

شخصية تشن جيايو ، وبعد لحظة ، هز رأسه :

“ تشن جيايو ليس حرًّا كما يبدو ، كل ذلك مجرد مظهر سطحي .”


وبعد سماع ذلك ، لم يُكمل فانغ شنغجي الحديث …..


يتبع


حادث هبوط جيايو مقتبس من حادث رحلة cathay Pacific flight 780 :





  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي