الفصل مئتان وتسعة وثلاثين : تحطيم الدرع الأبيض؛ السحر العجيب يكسر القيود الملعونة.
السيف فانغ شين كان يطلق هالة قوية جعلت كل من يراقب من بعيد يرتجف بمجرد النظر إليه، فما بالك بـ شي ليان الذي كان يتراجع خطوة بعد خطوة تحت ضربات لا تهدأ.
في السابق، كان هوا تشينغ يكفي وحده لمواجهة الأبيض عديم الوجه . لكن بعد ظهور جون وو، صار لا بد أن يتحد الاثنان حتى يكون القتال متكافئًا. شيئًا فشيئًا بدأت تظهر أفضلية جبل تونغ لو باعتباره مجال طاقته الروحية الأساسي، وشي ليان كان يشعر بقوة ثقيلة تضغط عليهم وتقيّد حركتهم.
وفوق ذلك، كان جون وو يرتدي درعًا أبيض صلبًا، أداة روحية صنعها بيديه قبل آلاف السنين، دفاعها شبه مستحيل اختراقه؛ لم يكن يحتاج إلا لحماية رأسه.
سيف هوا تشينغ كان سريعًا ودقيقًا، وشي ليان يهاجم حيثما استطاع، حتى أنهم ضربوا كل أجزاء جسده تقريبًا: رقبته، قلبه، ظهره، بطنه، كتفيه... لكن الخصم لم يتأثر مطلقًا!
صرخ مو تشينغ:
"توقفوا عن هدر قوتكم! لن ينفع! ذلك الدرع الأبيض لا يمكن اختراقه إطلاقًا!"
لكن شي ليان نادى:
"استهدف أسفل ضلوعه اليمنى مباشرة!"
هوا تشينغ أطلق ضربة أخرى حيث أشار شي ليان، لكن كما هو متوقع لم تفلح.
مو تشينغ صاح:
"ألم أقل لكم إن هذا بلا جدوى! الأفضل أن تنسحبوا قليلًا، وسننضم نحن للقتال! فنغ شين! أين قوسك وسهامك؟"
كان فنغ شين وقتها يتسلق الصخور محاولًا الإمساك بالجنين الشيطاني الذي كان يبصق بشكل هستيري ويلعق الهواء بلسانه. سمع النداء فأجاب:
"حسنًا! قادم!"
لكن شي ليان أمره:
"تابع! لا تتوقف! استهدف أسفل الضلوع اليمنى!"
فنغ شين صرخ:
"سموك ! هذا الدرع قوي، قد لا يتشقق حتى بعد مئات الضربات!"
إلا أن شي ليان كان حاسمًا:
"لا تقلق، فقط استمع لي! لن نحتاج كل تلك الضربات!"
هوا تشينغ لم يشكك بكلامه، واستمر في هجماته المتواصلة. وفجأة، عند موضع الضربة، ظهر شق!
اندفع الدم، فقد قطع نصل إي-مينغ بطن جون وو أسفل ضلوعه اليمنى!
وفي اللحظة نفسها تمزقت رويي إلى نصفين وسقطت بلا حياة على الأرض.
وفي اللحظة التالية، شعر شي ليان أن عنقه يُخنق ثم رُفع كامل جسده عاليًا!
سمع صوت هوا تشينغ ينادي بقلق:
"سموك !"
لكن صوته بدا وكأنه يبتعد. أما صوت جون وو فظل قريبًا جدًا، يقول:
"شيان لي ، هل كنت تظن أن الطعن بالسيوف أمر لم أجربه أكثر منك؟ هل تعتقد أنني سأهتم؟"
جاء صوت غوشي من بعيد:
"حتى لو طعنتموه مئات المرات فلن ينفع! لأنه... يبدو أنه لم يعد يشعر بالألم إطلاقًا..."
شي ليان نفسه قادر على تحمل سيف يخترق قلبه دون أن يرف له جفن، وجون وو كذلك.
كان فنغ شين قد سحب قوسه ووجّه سهمه إلى جون وو، لكنه عند سماع كلمات غوشي خفضه مصدومًا:
"ماذا؟! إذن حتى لو أصبناه فلن يجدي شيئًا؟!"
وأضاف مو تشينغ:
"عندي خبر أسوأ: أظن أن سرعة تعافيه أسرع من سرعة إصابته بالضربات."
"ماذا؟!"
شي ليان كان قد تأكد بنفسه من ذلك، فجراحه المخيفة التي كانت لتقطع جسد أي إنسان نصفين، توقف نزيفها بسرعة كبيرة.
ابتسم جون وو وقال:
"لا داعي للاستغراب. إن كنت تتعرض للطعن مرارًا من الخلف، إن لم تجبر نفسك على الشفاء فورًا، أما كنت لتموت ألف مرة؟ لكن، أنتما الاثنان حقًا مميزان. في هذه الثمانمئة سنة، لم يجرحني إلا سيف واحد وشفرة واحدة، وكانت منكما أنتما فقط."
ثم نظر إلى هوا تشينغ وأضاف بلهجة ساخرة:
"أيها المطر القرمزي الباحث عن الزهرة ، ابتعد قليلًا. لا تود أن تراني وأنا أحطم عنق شيان لي بيدي."
"...."
اشتدّ سواد وجه هوا تشينغ واشتعلت عيناه بحدة مخيفة، لكنه حين رأى جون وو يمسك شي ليان فوق جسر يعبر هاوية الحمم، عرف أنه إن أفلت قبضته فسيسقط مباشرة في الحمم البركانية أسفلًا.
بعد لحظة، وبغضب مكتوم، أعاد هوا تشينغ سيفه إلى جانبه وتراجع ببطء، حتى بلغ حافة الجسر، وإي-مينغ يرتجف بعينٍ تدور بجنون محدقة بشي ليان. عندها فقط ابتسم جون وو برضا.
"هذا يكفي."
ثم فجأة ضرب جون وو شي ليان بالحائط الصخري بقوة هائلة!
ارتطم رأسه بعنف، والدماء سالت من أنفه وفمه، تغطي وجهه. أصوات فزع تعالت من بعيد، لكنه لم يميز أصحابها، ولم يسمع سوى همس جون وو قرب أذنه:
"شيان لي، هل يؤلمك اصطدام رأسك بالصخور؟"
شي ليان لم يفهم السؤال، فلم يجب. فأمسكه جون وو وضربه بالحائط مرة أخرى وهو يكرر:
"هل يؤلمك؟ هل يؤلمك؟ هل يؤلمك؟"
مع كل سؤال كان يصدمه، حتى صرخ شي ليان بأعلى صوته:
"سان لانغ، لا تقترب! أنا بخير! لا يجب أن تقترب أبدًا!"
على الأقل... ليس الآن. لم يحن الوقت المناسب بعد.
كان هوا تشينغ قد همّ بالاندفاع منذ الضربة الأولى، لكنه أوقف نفسه بالقوة حين سمع نداء شي ليان، رغم أن وجهه تحول إلى ملامح متوحشة ويداه ترتجفان بعنف، والعروق تكاد تنفجر.
أما جون وو فظل بلا تعابير، يضرب شي ليان بالحائط مرارًا وهو يسأله:
"هل يؤلمك؟ هل يؤلمك؟"
صرخ غوشي:
"صاحب السمو!!!"
لكن لا أحد يعرف لمن كان ينادي.
ضغط شي ليان بيديه الداميتين على الجدار الصخري وهو يصرّ على أسنانه ويزأر:
"...نعم! يؤلمني!!!"
حينها فقط ابتسم جون وو برضا، وترك رأسه المسكين، ثم وضعه على الأرض.
جلس شي ليان متألمًا، يضم رأسه الذي يطنّ، والدموع والدماء تغطي وجهه. جلس جون وو بجانبه، حدّق في ملامحه قليلًا، ثم رفع يده ليمسح دمه بلطف كما لو كان أبًا يواسي ابنه الذي انهال عليه بالضرب لتوه.
"...."
هذا المشهد جعل شعر فنغ شين ومو تشينغ يقف من الرعب:
"هل... هل جن تمامًا؟"
أما أصابع هوا تشينغ على مقبض السيف فتشققت، وبؤبؤ عين إي-مينغ انكمش حتى صار كالنقطة، كأنه يغدو داميًا.
شي ليان لم ينبس بكلمة، تاركًا جون وو يمسح وجهه. ثم تمتم جون وو:
"يا لك من طفل أحمق، إن كان يؤلمك، فلماذا لا تعود أدراجك؟ هل تظن أنك إن واصلت الاصطدام بالجدار فسيسقط من تلقاء نفسه؟ لماذا لا تغير طريقك؟"
فأجابه شي ليان بصرامة:
"لن أعود."
حينها ضربه جون وو بقوة جعلته يسقط أرضًا بصوت مدوٍّ!
وبينما لا يزال مترنحًا، رفعه مرة أخرى وقال بصوت ينفد صبره:
"هل تصرّ على إغضابي؟ أكرر سؤالي: هل ستتغير؟"
شي ليان سعل مرتين، وبصق دمًا:
"لن أفعل."
تصدعت أخيرًا ملامح الهدوء على وجه جون وو، ولمعت وحشية في عينيه.
أما غوشي فارتبك وصرخ مذعورًا محاولًا إيقافه:
"صاحب السمو! أنت لم ترغب يومًا في قتل هذا الطفل، بل كنت تحبه حقًا! قلت ذلك بنفسك، هل نسيت؟!"
ضحك جون وو باستهزاء:
"لولا ذلك، أما كنت قد استهلكت صبري كله عليه منذ زمن بعيد؟ كان سيصبح منذ وقت طويل جزءًا من أساس العاصمة السماوية، تدوسه أقدام الملايين."
التفت جون وو إلى شي ليان فجأة وقد اشتعل بالغضب:
"لكنه لا يعرف مصلحته! عنيد، متقلب، يعصي كل أوامري! لا بد له أن يعاندني! لن تتغير، صحيح؟ حسنًا جدًا. إذن لنرى إن كان هذا الجدار سيسقط لو فتحتُ رأسك!"
رأى غوشي أنه رفع شي ليان من جديد، فصرخ مسرعًا:
"صاحب السمو! صاحب السمو!!! سمو الأمير الصغير ما زال غير ناضج، فقط دعه يذهب هذه المرة، انسى الأمر! سوف يفهم يومًا ما..."
التفت جون وو نحوه، وضحكته ازدادت برودة:
"أتظن حقًا أنني جُننت؟ لا تكذب عليّ. الشخص الذي تعتقد أنه غير ناضج ليس هو، بل أنا، أليس كذلك؟"
تفاجأ غوشي، فأضاف جون وو:
"لقد استنزفت نفسك في تربيته وتعليمه وإرشاده فقط لأنك تأمل أن يهزمني، حتى تثبت أنني كنت مخطئًا وأنكم أنتم على صواب، لتُظهروا أن ولي عهد وويونغ مثالي يقف بوجه جون وو الحالي. أليس هذا هدفك؟ هل ظننت أنني لا أعرف ما تفكر به؟"
صرخ غوشي:
"هذا ليس صحيحًا! توقف عن التمسك بمسألة الحق والباطل، النصر والهزيمة، لم أفكر بهذا الشكل أبدًا!"
لكن جون وو لم يعد يصغي، رفع صوته حادًا:
"انسوا الأمر! دعوني أقول لكم الآن: انسوا ذلك جميعًا! لن يهزمني أحد! وخصوصًا هو!"
انفجر ضاحكًا بجنون، ثم جرّ شي ليان وضربه بالصخور بقوة، وهو يصرخ:
"هل ستتغير؟ هل ستتغير؟ هل ستتغير؟؟"
وكأن شي ليان أصابه الجنون أيضًا، فأمسك بذراعي جون وو وهو يزمجر:
"لن أتغير! لن أتغير! لن أتغير!!!"
رغم أن الضرب جعله يرى نجومًا من الألم، إلا أنه تمسك بأنفاسه بعناد، ورفض أن يعطيه الجواب الذي يريده. صرخ بأعلى صوته:
"لن أتغير! حتى لو كان مؤلمًا لن أتغير، حتى لو مت لن أتغير، لن أتغير أبدًا!!!"
في هذه اللحظة لم يكن جون وو هو من يقوده إلى الجنون، بل شي ليان هو من دفعه للجنون!
اشتعلت عينا جون وو حمرة، وكان على وشك أن يوجه ضربة أخرى "لتأديبه"، لكن فجأة توقفت حركته. نظر إلى أسفل، فرأى سيفًا طويلًا مغروزًا في كتفه، وثمانية سهام طويلة مصنوعة من عيدان مغروزة بانتظام في ظهره.
لكن كل ذلك لم يكن مهمًا، لأن السيف والسهام لم تخترق درعه الأبيض. غير أن يده اليمنى اختفت.
اليد التي كانت تمسك بشي ليان اختفت كليًا من معصمه، والقطع نظيف حاد. كما أن شي ليان لم يعد هناك!
استدار بسرعة، وإذا بشيء يندفع نحوه مع ريح حادة وقوية. مد يده اليسرى وأمسكها، ولما نظر إليها... اكتشف أنها يده اليمنى نفسها!
وعلى الجسر الممتد عبر السماء، كان هوا تشينغ يحتضن شي ليان الملطخ بالدماء بالكامل. يد واحدة تمسك السيف بشكل مقلوب وتطوق كتفي شي ليان، بينما اليد الأخرى تغطي جراح رأسه.
قال بصوت بارد كالجليد:
"استرجع يدك القذرة."
عناد شي ليان ورفضه للاستسلام هو ما أثار غضب جون وو، وأجبره على كشف نقاط ضعفه!
أمسك جون وو بيده اليمنى وأعاد لصقها إلى معصمه، وأدارها مرتين ليتأكد من ثباتها، ثم نزع السهام من ظهره. فجأة تذكر شيئًا، فالتفت إلى مو تشينغ الذي كان وجهه شاحبًا وهو يمسك السيف الطويل. ارتبك مو تشينغ حين تلاقى نظرهما، لكنه تماسك بقوة ليتظاهر بالهدوء. لكن لم يمر وقت طويل حتى فقد قدرته على الصمود.
نظر جون وو إلى كتفه وقال بهدوء:
"كنت أعلم. مقارنةً بشيان لي، ما زلتَ تفتقر للكثير."
تغير وجه مو تشينغ قليلًا عند سماع هذا، لكن السيف الطويل سقط من يده فجأة، وبعدها تغير لون وجهه بالكامل. رفع كمّه ليرى معصمه، فإذا بالقيود السوداء الملعونة قد ضاقت فجأة، والأوردة والأعصاب حولها بارزة، كأن الدم كله يندفع نحوها.
رأى فنغ شين أن مو تشينغ متجمد في مكانه لا يتحرك، فصرخ:
"ما الذي تفعله واقفًا هكذا، اهرب!"
فانفجر غوشي غاضبًا:
"فنغ شين، أيها الأحمق الصغير! كيف له أن يهرب وهو مصاب في ساقيه؟"
تفاجأ فنغ شين:
"اللعنة! نسيت الأمر تمامًا!"
لو كان هذا في الماضي، لرفع مو تشينغ عينيه ضجرًا حتى السماء. لكن الآن، حتى لو استطاع الركض فلن يجدي شيئًا. فمع القيد الملعون في يده، لا يهم إلى أين يهرب!
شتم فنغ شين، وكان على وشك التقدم، لكن فجأة، بعد أن أخرج جون وو السهام من ظهره، قلب يده ورماها كلها باتجاهه. شعر فنغ شين ببرودة في صدره، وحين نظر إلى أسفل... كانت السهام الثمانية قد عادت وغرست نفسها بدقة في صدره!
تقدم جون وو بخطوات بطيئة نحو هوا تشينغ وشي ليان. لكن هوا تشينغ لم ينظر إليه مطلقًا، مكتفيًا باحتضان شي ليان:
"غاغا ؟غاغا؟"
كان شي ليان قد تلقى ضربات مدمرة، ولم يستفق إلا بعد وقت، رأسه ما زال ينبض بالألم. وقبل أن يفتح عينيه حتى، تمتم:
"...سان لانغ؟ هل أنت بخير؟"
نظر إليه هوا تشينغ لحظة، ثم ضغطه بقوة في أحضانه، وأجاب بخفوت:
"أنا بخير تمامًا. لماذا لا تنظر إلى نفسك أولًا؟"
تشبث شي ليان بعناقه. كان العناق شديدًا، لكنه لم يضغط على أي من جراحه. فتح عينيه بصعوبة، ورأى كل الفوضى من حوله.
كان مو تشينغ متيبسًا في مكانه، يمسك معصمه بقوة، وكأنه يقاوم القيد الملعون الذي يمتص دمه. لكن وجهه الشاحب أظهر أنه قد لا يصمد طويلًا.
أما فنغ شين، فرغم أن السهام الثمانية لم تخترق صدره بالكامل، إلا أن جراحه كانت بالغة، وسقط مترنحًا على الجسر. كان الجنين الشيطاني يصرخ ويقفز من حوله بفرح، ثم راح يدوس على وجهه بجنون. امتلأ فنغ شين غضبًا، لكنه لم يستطع الحركة، وإلا تفاقمت إصاباته.
في هذه الأثناء، كان جسر عبور السماء ينهار تدريجيًا، كتلة تلو الأخرى، وكأنه سينهار بهم جميعًا في أي لحظة!
استوعب شي ليان المشهد كله، فارتجف محاولًا النهوض. ساعده هوا تشينغ ، ووقف الاثنان معًا، ووجها أنظارهما إلى الأمام.
كان جسد جون وو، المتقدم بخطوات وطيدة، يظهر ضخمًا بشكل مرعب تحت وهج النيران، وظله العملاق يُسقط الرعب. مسح شي ليان الدماء عن عينيه وأنفه وفمه بعنف، وحدق بحدة قاتلة نحو خصمه.
كان جون وو يمسك سيف تشو شين مائلًا، وجسد السيف يتوهج بتدفق مستمر من الطاقة الروحية. بدا هادئًا ومطمئنًا، مختلفًا تمامًا عن ذلك المجنون الذي كان قبل قليل يحطم شي ليان بالصخور.
قال ببرود:
"شيان لي، أنت تعلم جيدًا أن هزيمتك أمر لا شك فيه."
كان يعرف شي ليان بعمق، يعرف تمامًا كيف سيقاتل، وكانت قواه الروحية تفوقه بكثير. علاوة على ذلك، ومع أن المعركة لم تزل مشتعلة، إلا أن شي ليان كان يشعر أن هالة القتال وقواه الروحية قد ازدادت أكثر. ومع جبل تونغ لو كأرضه، بدت القيود على شي ليان ومن معه واضحة أكثر.
فكّر شي ليان في نفسه: ما يقوله صحيح غالبًا... لن أستطيع الفوز.
لكن، حتى لو لم أستطع الفوز... يجب أن أقاتل!
غير أن هوا تشينغ قال فجأة:
"لا.سموك ، يمكنك أن تفوز."
تفاجأ شي ليان وحدّق به. كان هوا تشينغ أيضًا يحدق فيه.
"يمكنك الفوز. أنت أقوى منه." كانت عينه الوحيدة تتوهج وكأنها تشتعل، وقال بيقين:
"صدقني. هو مخطئ. أنت على حق. أنت أقوى منه. أنت أقوى بكثير منه!"
أطلق جون وو ضحكة خافتة عميقة، ربما لأنه وجد كلمات هوا تشينغ ساذجة ومضحكة، أو ربما لأنه شعر بالرضا من قوته المهيمنة.
قوة ملايين المؤمنين كلها بين يديه وحده!
لكن هوا تشينغ شد على كتفي شي ليان وقال:
"وماذا في ذلك؟ إنهم مجرد ملايين من الحمقى، كلهم قمامة عديمة الفائدة ! أما أنت، فشخص واحد يكفيك!"
شخص واحد يكفي؟
لم يفهم شي ليان بعد، حين جذبه هوا تشينغ إليه بقوة.
اتسعت عينا شي ليان.
انفجرت القوة الروحية واندفعت بعنف.
هذه المرة، كانت أعظم من أي مرة سابقة نقل فيها هوا تشينغ قوته إليه. حتى فراشات الأشباح وأرواح الحمم الغاضبة المحيطة بهم بدت وكأنها استشعرت هذه الطاقة المرعبة، فانفجرت واحدة تلو الأخرى، تصرخ وتعوي.
بدأت أصابع شي ليان تفقد الإحساس، وساقاه ترتجفان لدرجة أنه كاد يسقط على ركبتيه، وكان يصرخ داخله "توقف، يكفي!" لكن يد هوا تشينغ كانت مثبتة بإحكام على رأسه، لا تسمح له بالانسحاب، رافضة رفضه.
لا أحد يعلم كم من الوقت مر، لكن فجأة ارتخى حلق شي ليان، وفي اللحظة نفسها أطلقه هوا تشينغ أخيرًا. انهارت ركبتا شي ليان، فسقط على الأرض، ويداه تحاولان دعم جسده بصعوبة حتى لا ينهار تمامًا.
توقف جون وو عن التقدم ونظر نحوه، وجهه جاد.
أما فنغ شين، الممدد بعيدًا، فقد نطق بدهشة لا يصدقها:
"سمـ...سموك ، أنت... أنت؟"
مد شي ليان يده المرتجفة نحو عنقه.
لم يكن هناك شيء.
لقد ضخ هوا تشينغ فيه قوة روحية هائلة. كانت زائدة جدًا، حتى أن القيد الملعون لم يستطع تحمّلها.
تلك القيود السوداء التي كبّلته طوال ثمانمئة عام... انفجرت وتفتت!
يتبع...
تعليقات: (0) إضافة تعليق