القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch30 برج الأبروش

 Ch30 برج الأبروش




لم ينام تشن جيايو جيدًا ليلة الخميس ، ظلّ يفكر في زيارة 

المستشفى في اليوم التالي ، 

كانت الاحتمالات تتوالى في ذهنه كأنها شريط فيلم لا يتوقف ، 

في كل مرة يغلق عينيه ، تتلاحق مشاهد من حياته مع والدته تساو هوي طوال الثلاثة والثلاثين عامًا الماضية ،،،


{ يا ترى ، ماذا يفعل والدي الآن ؟ 

هل يتألم ويعاني مثلي ، أم أنه استسلم بصمت لكل شيء منذ زمن ؟ }


الشيء الوحيد الذي منحه قليلًا من الراحة والطمأنينة كان 

ردّة فعل فانغ هاو حين أوصله إلى المطار في ذلك اليوم


لقد كان تشن جيايو يظن أنه كان واضحًا بما فيه الكفاية 

حين قال : “ أنا أحمل مشاعر تجاه شخص ما.”


كانت تلك الكلمات أشبه بقنبلة أعماق تُلقى في البحر ، 

انفجارها هائل يترك السطح متموّجًا طوال الليل ،

لقد ألقى القنبلة ، ثم جلس يراقب رد فعل فانغ هاو 

ورأى… شيئًا ما


صحيح أن فانغ هاو لم يرد بكلمة ، لم يمازحه ، ولم يسأله 

عن علاقته بـ كونغ شينيي ، 

لكن هذا الصمت بالذات هو ما منح تشن جيايو بصيص أمل ،،


فلو كان أي صديق آخر ، رجلًا مستقيمًا مثلًا ، قد سمع 

حواره مع يوي داتشاو — لكان أطلق نكاتًا هنا وهناك

و طبعًا لا يمكن استبعاد احتمال أن فانغ هاو ببساطة لم 

يرغب بالتطفل على حياة غيره الخاصة ، معتبرًا ذلك تجاوزًا للحد ، 

لكن بعد الأيام الماضية ، وبعد أن ناقشا معًا كل تلك الأمور 

المزعجة ، لم يظن تشن جيايو أن هناك حاجة للإبقاء على 

تلك المسافة بينهما ، و لم يبقَى إلا تفسير واحد : أن فانغ 

هاو تجنّب عمدًا الحديث عن الأمر ….

{ ولماذا قد يتجنّب شخص ما الحديث عن شيء كهذا ؟ … 

لأنه يشعر بوخزة ضمير ! }



بعد ظهر الجمعة ، 

اصطحب تشن جيايو والده تشن تشنغ وتوجها إلى 

المستشفى بسيارته


لم يتحدثا عن كيف كانت ليلتهما، وظلّ الجو ثقيلًا صامتًا بينهما


وحين وصلا ، قدّم لهم الطبيب كومة من النتائج والتقارير ، 

مليئة بالمصطلحات الطبية التي أربكتهم ، 

لكن الخلاصة كانت واضحة وبسيطة : لقد وصلوا الآن إلى 

مرحلة يتعين فيها على المريض وعائلته أن يختاروا بين 

إطالة العمر أو جودة الحياة .


مواصلة العلاج الكيميائي للحفاظ على الوضع القائم كانت خيارًا شائعًا ، 

لكنه يأتي مع آثار جانبية قاسية ، تُضعف جسد المريض 

الضعيف أصلًا ، وتؤثر سلبًا وبشكل كبير على نوعية حياته ، 

وتجبره على العيش في ألم دائم ،


لقد كانت تساو هوي تتفاعل بعنف مع العلاج في الماضي ، 

واضطرت إلى البقاء في المستشفى لفترات طويلة ،

والآن، بعد أن انتشرت الخلايا السرطانية إلى العقد اللمفاوية ، 

طُرحت أمامهم إمكانية العلاج المحافظ : إيقاف العلاج الكيميائي .


هذا ، بدرجة أو بأخرى ، ما كان تشن جيايو يتوقعه ،

لاتوجد معجزات ، ولا ضربات حظ عشوائية ، 

أمامه تقارير والدته ، وفحوصها المخبرية ، وحقائق طبية صارمة وباردة ،

شعر بالغثيان قليلًا ، فاستأذن بحجة أنه سيذهب إلى دورة 

المياه ، ثم بدأ يتجوّل في الممرات لبعض الوقت


في النهاية خرج تشن تشنغ ووجد ابنه. قال:

“ مهما كان الأمر ، يمكن الانتظار . لنعد الآن ونوقّع الأوراق .”


ارتبك تشن جيايو:

“ أي أوراق؟”


لم يلتقط تشن تشنغ حالة ابنه العاطفية ،، 

كان يظن أن تشن جيايو خرج ليجري مكالمة عمل أو اتصالًا شخصيًا ، 

بدا الأمر لتشن جيايو سخيفًا— هما الاثنان يمكن أن يخوضا 

نقاشًا يستمر الليل كله حول أداء طائرة 737 ومواصفاتها ، 

ومع ذلك لا يستطيعان إدراك أفكار بعضهما البعض الآن


قال تشن تشنغ وكأنه أمر بديهي:

“ نموذج الموافقة لجولة العلاج القادمة .”


وهنا فهم تشن جيايو —- فبالنسبة لوالده ، لم يكن هذا 

قرارًا أصلًا—أو بالأحرى ، كان قد اتخذ القرار بالفعل بدلًا عن 

تساو هوي ، ولم يخطر بباله مطلقًا أن من المفترض أن 

تكون هي جزءًا من القرار ، 

كاد تشن جيايو يندهش من مدى اختلاف طريقة تفكيرهما، 

لكنه تذكّر أن عليه حل المسألة المطروحة أمامه فقال معترضًا:

“ القرار يخص أمي إذا كانت ستكمل العلاج أم لا، وليس نحن .”


أصر تشن تشنغ :

“ بالطبع سنكمل العلاج ،، هي لا تحتاج لأن تقلق بشأن هذه الأمور .”


رد تشن جيايو مواجهاً مواجهة نادرة وصريحة مع والده:

“ هذه الأمور بالذات هي التي يجب أن تقلق بشأنها ،،

إن لم تكن هي، فمن إذن؟ إنها حياتها و كرامتها .”


وقف الاثنان وجهًا لوجه ، أب وابن ، نظراتهما متقابلة


تشن جيايو أطول بنصف رأس ، ظهره مستقيم كالسهم ، 

وبفعل قوة موقف ابنه ، تراجع تشن تشنغ قليلًا ، 

وامتنع على غير عادته عن الجدال ، و لم يقل سوى :

“ أليست الحياة نفسها كرامة ؟”


أجاب تشن جيايو:

“ سهل أن تقول هذا .”

لكنه لم يستطع أن يقول شيئًا أقسى ، لو كان القرار بيده ، 

لاختار بالطبع إطالة عمرها ، لا يريد أن يفقد والدته ، 

لكنه يعرف أن ذلك سيكون أنانيًا ، سيجبر تساو هوي على 

المعاناة من أجل سعادته وسعادة والده ، 

من أجل وهم أجوف اسمه ' العائلة المثالية '


اتجهت عيناه إلى الخارج —— الأشجار صفراء ذابلة ،

رياح أكتوبر الكئيبة في بكين عصفت بالأغصان الهزيلة 

الممزقة التي تخترق السماء ، تاركة وراءها شقوقًا لا تُجبر


والده طويل القامة ، وسيم في شبابه ، 

وحين كان جيايو صغير ، كان يسمع مرارًا من أصدقاء والده القدامى : “ أنت تمامًا مثله ” 

كمديح، وكأنه لعنة في نفس الوقت

{ لكن… هل نحن حقًا متشابهين ؟ }


في الآونة الأخيرة ، بات يعتقد أن المسألة ليست أنه ابتعد عن والده ، 

بل أنه جعل هدف حياته أن لا يعيش مثل والده تشن تشنغ —-



لم يستطع تشن تشنغ أن يغيّر رأي ابنه ، 

صفة ' عنيد ' لاتصف تشن جيايو عادةً ؛ بل هو مرن ، 

متساهل مع الآراء المختلفة ، لكن هذه المرة أصرّ على أن 

يستمعوا إلى قرار تساو هوي ، ولم يترك مجالًا للنقاش


عادا إلى المنزل ، وشرحوا الوضع ببطء لـ تساو هوي ، التي 

تقبّلته بأفضل شكل بينهم جميعًا ، و اكتفت بالقول:

“ في الحقيقة كنت أفكر في هذا منذ مدة ”


وقد منح كلامها قليلًا من الطمأنينة لكل من تشن تشنغ وتشن جيايو


لم يكن ما يجري مفاجئًا ، لكنه مع ذلك أزعج تشن جيايو بشدة


كاد يندم على تبديل نوبته مع يوي داتشاو ، كان يتمنى لو 

يستطيع البقاء في البيت يوم السبت ، يشاهد فيلمًا كوميديًا 

مع والدته ، أو يخرج مع بعض الأصدقاء ليأكلوا ويشربوا حتى الشبع


أخرج هاتفه وبدأ يتصفّح بلا هدف ، ثم تذكر فجأة شيئ —


فتح مقالة منشورة على حساب رسمي ، ثم هبط قليلًا في 

قائمة جهات الاتصال على ويتشات حتى وصل إلى الشخص 

الذي يبحث عنه ، وأرسل له المقالة




فانغ هاو قد عاد للتو من جولة جري عندها تلقى رسالة تشن جيايو ، 

كان في يوم عطلة (أمر نادر)، إيقاعه الحيوي غير مضطرب 

بنوبات ليلية—يوم مثالي لجولة جري أطول قليلًا ، 

و الطقس الخريفي هو الأجمل ، وبعد ساعتين من الركض ، 

شعر أن جسده كله متحرر ، مستعد للاستحمام للتخلص من التعب


رفع هاتفه —- لقد أرسل له تشن جيايو رابطًا لمقالة دعائية 

من حساب رسمي، والمعاينة تقول:

[ افتتاح مطعم تايشان بيسترو، خصم 15% حتى 31 أكتوبر ]


ثم أتبعها برسالة:

[ باقي أيام قليلة قبل انتهاء الخصم ، نذهب ؟ ]


في البداية تفاجأ فانغ هاو ؛ لم يظن أن تشن جيايو كان جادًا 

حين قال من قبل إن عليهما تناول وجبة معًا يومًا ما ،


صحيح أن فانغ هاو قد ذكر رغبته في تجربة مطعم 

تايشاني مرة في حضور تشن جيايو، تحديدًا في تلك المرة 

التي تناولا فيها العشاء مع فانغ شنغجي ، لكنهم ذهبوا 

إلى مطعم هوت بوت لأن فانغ شنغجي قد ملّ من الأكل 

الكانتوني بعد قضائه صيفًا كاملًا في غوانغدونغ ،

لم يتوقع فانغ هاو أن تشن جيايو يتذكر ذلك 


أمّا فيما يخصّ تشن جيايو وكلّ ما وقع بينهما، فقد حسم 

فانغ هاو أمره ، وقرّر الكفّ عن تحليل الموقف أو محاولة فهمه ، 

لم يُصرّح تشن جيايو له صراحةً بمشاعر إعجاب ، 

ورفض دعوة العشاء في هذه المرحلة قد يُفسَّر على أنّه 

تعمّد أو غرور زائد ، لذا قرر فانغ هاو اتباع الأسلوب الأبسط : 

أن يترك الأمور تجري على سجيّتها ، ويتعامل معها متى حدثت ،

 إن حدثت ، وكان واثقًا أنّ شخصًا مثل تشن جيايو 

لن يكون مباشرًا وصريحًا مثل لانغ فنغ 


فأجاب قائلًا :

[ حسناً . أيّ يوم يناسبك ؟ ]


ولو أتيح لتشن جيايو أن يقود سيارته إلى داشينغ في هذه 

اللحظة لفعل ؛ لأن مشاعره تبحث عن متنفس ،  

وكان بحاجة إلى ما يشغله ، لكنّه تحلّى بقدرٍ من ضبط النفس ،

 فتصفّح سريعًا جداول مناوباته مع جداول فانغ هاو ، 

واتفّقا على أن يلتقيا مساء الإثنين بعد انتهاء نوبة فانغ هاو ،

كان تشن جيايو قد رسم كلّ شيء في ذهنه 

{ بما أنّ فانغ هاو لا يقود سيارته في أيّام المناوبة النهاريّة ، 

فهذا يعني أنّني سأكون قادرًا على إيصاله إلى منزله بعد العشاء }




مساء الإثنين ، 

فانغ هاو على علم بالرحلة التي يقودها تشن جيايو،

و ظهر صوته وديًّا مرحّبًا في قناة الراديو وهو يقول:

“ إير تشاينا 1332 تمّ التقاط الرادار ، انخفضوا وحافظوا 

على ارتفاع خمسة آلاف .”


امتثل تشن جيايو للتعليمات بانضباط ، وألقى نظرة على 

شاشة رادار TCAS، فرأى طائرة هاينان إير على بُعد سبعة 

أميال بحريّة تقريبًا عند ارتفاع أربعة آلاف ، 

وبالنظر إلى قِصر المسافة الأفقيّة ، قرّر أن يلتزم بالفاصل 

القياسي الموصى به وهو خمسة عشر ميلًا بحريًّا ، 

فبادر بتخفيض سرعته من 300 عقدة إلى 250


فانغ هاو على وشك أن يصدر أمر خفض السرعة إلى 250 عقدة ، 

لكنه لاحظ أنّ تشن جيايو قد اتّخذ المبادرة بالفعل 

للحفاظ على المسافة الفاصلة ، ولم تكن حركة الملاحة 

مزدحمة في هذه اللحظة ، فقال بنبرة ودودة :

“ لِمَ تأخّرت هذه المرّة ؟”

كان يعرف جدول رحلاته ، وحتى لو لم يكن يعرفه ، 

لكان بوسعه بسهولة الاطلاع على مواعيد الإقلاع والوصول


فجاءه ردّ تشن جيايو سريعًا:

“ حصل تأخير في مطار باييون. لو تجاوزنا ساعة إضافيّة 

لكنتُ تخطّيت الحدّ الأقصى لساعات الطيران .”


أجرى فانغ هاو حسابًا سريعًا ، فوجد كلامه صحيحًا —

التأخير قرابة الساعة بالفعل ، وخطر له خاطرٌ عندها ، 

نظر إلى مدرّج 17L ، حيث توجد طائرة يونايتد إيرلاينز قد 

هبطت للتو ، وخلفها بعشرة أميال بحريّة طائرة هاينان إير 

مصطفّة للهبوط ، 

والقاعدة تقول : الأسبق وصولًا هو الأسبق خدمةً ،

وبناءً على ذلك ، أعطى التعليمات لرحلة هاينان أوّلًا:

“ هاينان 371، انخفضوا إلى 1800، الضغط 1007، 

اقتراب ILS على المدرّج 17L.”

وكانت الرحلة إيرباص A320 قادمة من طوكيو


وتعرّف على الصوت فورًا—

“ مفهوم ، اقتراب ILS على 17L. هاينان 371.”

{ إنّه تشو تشيتشن … } 

بدا المشهد أقرب إلى لقاء مصادفة 


سُرّ فانغ هاو بسماع صوته المألوف ، وقال له:

“ حسنًا ، هاينان 371، واصلوا الاقتراب إلى المدرّج 17L.”

ثمّ عاد ليخاطب تشن جيايو:

“ إير تشاينا 1332، اقتراب ILS على المدرّج 17R.”


وكان في ذلك إشارة ضمنيّة من فانغ هاو : لقد حاول ، لكن لا يملك حيلة اليوم


عندها ضحك تشن جيايو ضحكة خافتة عبر موجة الـ VHF وقال:

“ هاينان 371—سنُصفّي الحساب على الأرض ! ~ ”


جاء ردّ تشو تشيتشن خفيفًا مازحًا :

“ خذ وقتك إير تشاينا 1332.”


ابتسم فانغ هاو وهو يصدر لتشو تشيتشن تعليمات 

الأبروش ، ثمّ عاد إلى تشن جيايو بأمرٍ أخير:

“ إير تشاينا 1332، انعطاف يسار إلى 330، تابعوا 

الاقتراب، خدمة الرادار منتهية ، تواصلوا مع البرج 123.4، يومكم طيّب .”


فأعاد تشن جيايو التعليمات :

“ انعطاف يسار إلى 330، متابعة الاقتراب ، إير تشاينا 1332، 123.4.”

و أضاف:

“ أراك بعد قليل .”



عبارة “أراك بعد قليل” آخر ما سمعه تشو تشيتشن قبل أن يبدّل التردّد ،

 وما إن خرج من قمرة القيادة حتّى بادر بإرسال 

رسالة إلى تشن جيايو، يسأله إن كان يرغب في تناول العشاء معًا ، 

فقد كانت لديه بعض الشكوك يريد التحقق منها


وجاء ردّ تشن جيايو سريعًا قاطعًا:

[ ليس اليوم ... لديّ موعد مع شخص . ربّما في المرّة القادمة ]


وكان لتشو تشيتشن حدس قويّ في مثل هذه الأمور ،،

فقد ظلّ في الصفوف الأماميّة للثرثرة سنوات طويلة ، 

ومع ما التقطه في القناة قبل قليل… لم يتردّد في أن يسأل:

[ هل هو فانغ هاو ؟ ]


ولم يُحاول تشن جيايو إخفاء الأمر:

[ صحيح ]


فشعر تشو تشيتشن وكأنّه قد كشف للتوّ سرًّا كبيرًا ~~~


———


تلقّى فانغ هاو رسالة نصية من لانغ فنغ بينما ينهي نوبته في برج المراقبة ، 

جاء فيها أن ينتظره عند المبنى T1، فهناك شيء يريد أن يقدمه له ، 

كانت آخر محادثة بينهما حين أرسل فانغ هاو جهة اتصال 

تشو تشيتشن إلى لانغ فنغ ،

رفع فانغ هاو يده ليعبث بمؤخرة رأسه متسائلاً عمّا حلّ 

بذلك الأمر ، { لقد نسيت هذا تمامًا —يا لي من وسيط ثنائي تعيس ! }


….


استقبله لانغ فنغ بابتسامة ، ممسكًا كيس صغير في يده ،

شعر فانغ هاو بالتجهم عند رؤية الكيس ، لم يظنّ أن لانغ 

فنغ من النوع المصرّ على شيء—لقد أظهر عدم اهتمامه ، 

فتراجع لانغ فنغ على الفور ، و كل ما كان يأمله أن لا يكون في الكيس شيء غالٍ جدًا ، فهو لم يرغب بقبول شيء ثمين، 

لأن ذلك سيضعه إما في موقف وجوب المقابل ، أو في 

موقف الرفض المحرج لكليهما


قال له لانغ فنغ: " فانغ هاو ،،، لقد مضى وقت طويل ..."

 ثم أسرع إلى صلب الموضوع: " أنت لم تدعني أعزمك على 

وجبة ، ففكرت أن أهديك شيئًا صغيرًا بدلًا من ذلك ، 

كتعبير عن امتناني ." وأعطاه الكيس


نظر فانغ هاو إلى الكيس ، شعاره إير فرانس وليس KLM، فزاد فضوله ، 

شعر بالدهشة حين أخرج الهدية ، لم تكن ساعة فاخرة ، 

ولا محفظة أو حامل بطاقات مصممة خصيصاً ، بل مجسّم لطائرة


ولم يكن مجسّمًا عاديًا ، بل كونكورد ، واحدة من الطائرتين 

الأسرع من الصوت في العالم ، طوّرتها إير فرانس وبريتش إيروايز معًا ، 

والطائرة المدنية الوحيدة ذات جناح دلتا، تطير بسرعة ماخ 2.2، 

بأنفٍ مقوّس يشبه منقار الطائر وجناحين ممتدين كالنسر في السماء   

وعلى الرغم من تقاعدها عام 2003 بسبب ارتفاع تكاليف 

الصيانة وظلال كارثة رحلة إير فرانس 4590، فقد مثلت 

فصلًا رائعًا في تاريخ وتكنولوجيا الطيران المدني


أحبّ فانغ هاو المجسّم جدًا ، وشكر لانغ فنغ قائلاً : 

" لم أتوقع أن أحصل على مجسّم كونكورد …." ثم سأل: 

" كيف حصلت عليه ؟"


ابتسم لانغ فنغ : " آووه … إنه إصدار محدود—طلبت من 

صديق لي في إير فرانس ، وحصلت عليه في أوروبا ، وسافر 

معي على رحلة دولية ."


ردّ فانغ هاو: " شكرًا لك ! هذه أفضل هدية تلقيتها هذا العام !! " ورفع المجسّم معجبًا به من زوايا مختلفة ، 

بدا متيمًا به تمامًا ، 

ثم خطرت له فكرة : " كيف علمت أنني أجمع هذا النوع من المجسّمات ؟"


تردد لانغ فنغ للحظة وأجاب بصدق: "سألت تشو تشيتشن."


تذكّر فانغ هاو فعلته غير المسؤولة كوسيط للقاءات ، 

وشعر ببعض الخجل ،

لم يكن متأكدًا إن كان يجب أن يقول شيئ


و بينما هو غارق في حيرته ، لمح تشن جيايو يخرج من بوابة قريبة ، 

ولاحظ تشن جيايو فانغ هاو ، وتبادل بعض الكلمات 

مع مساعده ثم توجّه نحوه


لم يكن أمام فانغ هاو خيار سوى تقديم تشن جيايو ولانغ فنغ لبعضهما البعض


كان تشن جيايو قد رأى لانغ فنغ مع فانغ هاو من قبل ، 

خارج المطعم الإيطالي ، وبحسب العدّ ، فقد التقى فانغ 

هاو مع لانغ فنغ مرتين فقط ، وصدفةً صادفهما تشن جيايو في كلّ مرة ،

لم يكن هذا التلاقي محض صدفة—فالمبنى T1 هو الأكثر 

ازدحامًا في مطار داشينغ، مع كثير من الرحلات الصباحية 

والمسائية ، و من الشائع رؤية وجوه مألوفة وسط طاقم 

الطائرات المتنقّل ، ورغم أن تشن جيايو قد شاهد لانغ فنغ 

عدة مرات ، إلا أنه لم يتفاعل معه مباشرة من قبل ، 

لأنه ينتمي لشركة طيران أجنبية ،


خطا تشن جيايو خطوة إلى الأمام ، ولم يظهر على وجهه شيء ، 

ومدّ يدًا بأدب إلى لانغ فنغ: " لقد سمعت عنك ."


صافحه لانغ فنغ بحرارة : " آووه لا لا لا—أنا من يجب أن يقول ذلك ."


رفع تشن جيايو حاجبه ، ولم يعلق على ذلك ، 

لاحظ المجسّم في يد فانغ هاو ، وقال أيضًا: " كونكورد—

رائع جدًا ،، ما المناسبة ؟ عيد ميلادك ؟"


ردّ فانغ هاو: " هااه —لا لا "


بحث تشن جيايو في ذاكرته ثم سأل لانغ فنغ : 

“ أنت من انفجر لديه الإطار على المدرج 17L أليس كذلك ؟”


 لانغ فنغ : “ صحيح ،،  

لحسن الحظ أن فانغ هاو لاحظ الأمر ،، جئت لأشكره —

لو كان شخص آخر ، ربما كنت سأظل عالقًا في الجو 

لعشرين دقيقة أخرى قبل أن أتمكن من الهبوط .”


رد فانغ هاو مبتسمًا : “ لا شيء يستحق الشكر”


وفي الوقت نفسه ، كان تشن جيايو يشكر لانغ فنغ في قلبه 

أيضًا—لو لم تكن مشكلة انفجار الإطار التي سببت جدالًا 

بينه وبين فانغ هاو في القناة ، لما كان ليلتقي بفانغ هاو أبدًا


كان لانغ فنغ يعلم أن تشن جيايو هنا لأمر متعلق بفانغ هاو ، 

فغادر بطريقة لبقة بعد تبادل بعض التحيات الأخيرة ، 

وبينما يمشي مبتعدًا ، لم يستطع منع نفسه من إلقاء نظرة خلفه ، 

كان هناك شيء ما في الجو بينهما ، كما قال حدسه ، 

خاصةً عندما تذكر لقائهما الأخير ، حين كان تشن جيايو 

يطل من خارج المطعم الإيطالي—كان فانغ هاو منشغلاً بهاتفه ، لكن لانغ فنغ رأى ذلك : لقد وقف تشن جيايو 

هناك ، خارج النوافذ الزجاجية، يسرق أكثر من نظرة تجاههما { لكن… } تذكر لانغ فنغ كلام فانغ هاو أنه “لا يواعد أشخاصًا في دائرته” فهز رأسه { ربما أُبالغ في التفكير }


كان بعيدًا جدًا لسماع تشن جيايو وهو يسأل فانغ هاو 

سؤالًا، فأجاب الأخير بهدوء : “ عيد ميلادي 12 نوفمبر "


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي