القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch29 برج الأبروش

 Ch29 برج الأبروش




بعد أن نزل فانغ هاو من سيارة تشن جيايو — كاد يركض باتجاه مدخل المبنى ——— 

قلبه يخفق بسرعة ، وأنفاسه قصيرة قليلًا ،،  رفع يده وحدّق إليها ، 

قبضها ثم بسطها ، وما زال يشعر بحرارة الملامسة عندما لمس 

ساعد تشن جيايو ،، 

كان تشن جيايو يرتدي زيًّا بأكمام قصيرة ، ويد فانغ هاو لامست 

جلده مباشرة ، 

وما زال أثر ذلك اللمس يحترق بوضوح في كفّه …..


{ ما الذي يحدث لي ؟ 

لطالما ظنّنت أنني شخص قوي التماسك ، و لا تهزني الأمور بسهولة !! }

 لكن الآن وجد نفسه مرتبكًا أمام ردّ فعله —


{ ربما مرّ وقت طويل فعلًا منذ آخر مرة دخلت فيها في 

علاقة جادة ، حتى إن أبسط احتكاك جسدي — وهو أمر قد 

يحدث عاديًا بين الأصدقاء —صار كافيًا لزيادة نبضي ؟ }


لم يفكّر فانغ هاو كثيرًا في طبيعة ما بينه وبين تشن جيايو من قبل ، 

كان يخبر نفسه أنه لا يوجد شيء أصلًا ، وأن الأمر مستحيل ،

و بعد شجارهما بسبب أضواء المدرج ، لم يتجرأ على التفكير في ذلك ،


{ لكن من زاوية أخرى : تشن جيايو يعمل في الطيران 

المدني ، وهذا وحده يجعله خارج الحدود منذ البداية ... 

لا يهم ما إذا كان لدى تشن جيايو نوايا أم لا .. فلا ينبغي أن أُخالف قواعدي الخاصة … }


شعر فانغ هاو ببعض الراحة عند هذه الفكرة ، 

إذا كان المصير مستحيل ، فما حدث لن يكون مهمًّا —-


كان ينوي التحدث مع فانغ شنغجي بعد عودته إلى المنزل، 

لكنه تذكّر عند دخوله الباب أن أخاه قد عاد بالأمس إلى 

منزل والدتهما في المدينة ،، لن يمكث فانغ شنغجي طويلًا 

في البلاد ، و قد قضى عطلتَي نهاية أسبوع مع فانغ هاو ،

أما فان رولان فقد كانت تلحّ هي الأخرى لتقضي بعض 

الوقت مع فانغ شنغجي ،


{ لابد أن الحُمّى جعلتني كثير النسيان } 

وضع فانغ هاو حقيبته ، وأخرج بعض الدواء من الخزانة ، 

وشرب نصف زجاجة ماء، ثم تمدّد على السرير


لديه طريقة بسيطة في حل أغلب المشكلات : يأخذ قيلولة أولًا ، ثم يتعامل مع الأمر في الصباح


نام حتى قرابة الظهر ، وحين استيقظ بدا أن الحُمّى قد خفّت قليلًا ، 

فحص حرارته ، وعندما رأى أن الأرقام انخفضت ، 

اعتبر نفسه قد تعافى نصف تعافٍ ، شعر بالارتياح لذلك—

فجدوله في الأيام القادمة مزدحم بالورديات ، بالإضافة إلى 

عدة اجتماعات إدارية يجب أن يحضرها ، ولو انهار الآن ، 

لكان ذلك عبئًا كبيرًا على زملائه ،



في العصر ، تلقّى رسالة من تشن جيايو — غير مدرك لما 

كان يعصف بفانغ هاو الليلة الماضية ، ودون أن يمنحه وقتًا 

أو مساحة ليستوعب الأمر ، سأله تشن جيايو:

[ هل لا زلت تعاني من الحُمّى ؟ ]


أخبره فانغ هاو بدرجة حرارته—37.8 مئوية ، 

ثم نظر إلى ساعته ، 

{ إذا كان تشن جيايو يراسلني الآن في منتصف النهار ، 

فمعنى ذلك أنه لا يملك رحلة اليوم } فسأله:

[ ألا تعمل اليوم ؟ ]


فأجابه تشن جيايو:

[ أنا في إجازة اليوم . عندي رحلة إلى تشنغتشو غدًا 

الساعة 8. وأنت؟ ]


تفحّص فانغ هاو جدول مواعيده ،، 

نوبته ستبدأ عند الثامنة صباحًا غدًا ، 

لكن لديه اجتماع عند السابعة ، و أخبر تشن جيايو بذلك


ثم أدركا معًا شيئًا مهمًا : الحافلة المخصصة للموظفين لا 

تعمل عند السادسة والنصف صباحًا ، وسيارة فانغ هاو ما 

زالت في المطار منذ الليلة الماضية


ظلّ إشعار ' يكتب… ' يظهر لفترة ، ثم أرسل تشن جيايو:

[ هذا وقت مبكر ، وليس لديك سيارة—سأوصلك ؟ ]


فكّر فانغ هاو أن رفض العرض سيبدو متكلّفًا ، وقد رتّب 

أفكاره مع نفسه منذ الليلة الماضية على أي حال—وفوق 

ذلك، كان صحيحًا أنه بلا سيارة، وأنهما ذاهبان إلى نفس 

الوجهة ، لذا قبل العرض ، واتفقا على الموعد


——



في صباح اليوم التالي ، 

عند الساعة 6:30 بالضبط ، أوقف تشن جيايو سيارته أمام شقة فانغ هاو


لم يرسل رسالة ولم يتصل ، لكن في اللحظة نفسها تقريبًا 

خرج فانغ هاو وهو يحمل بعض الوثائق وزجاجة ماء ،

بدا الأمر كما لو أنها مهمة طيران ، يتشاركان فيها دقّة غير 

منطوقة ، لدرجة أنهما لو حدّدا موعد اللقاء بتوقيت UTC 

بدلًا من توقيت بكين، لكان الأمر منطقيًّا ~~~


جلس فانغ هاو مجددًا في المقعد الأمامي بجانبه ، 

و بعد مرور ثلاثين ساعة تقريبًا على آخر مرة جلس فيها هنا ، كان ملمس الجلد الفاتح مألوفًا تحت يديه ، 

وفور جلوسه ، لفحته رائحة القهوة المنعشة ، 


بدا أن تشن جيايو في مزاج جيد ، وهو يبتسم بتحيته قائلاً


: “ صباح الخير "


قال فانغ هاو بنبرة فيها الاعتذار:

“ لا أصدق أنني نسيت أمر الاجتماع هذا الصباح ،  

كان يجب أن أعود لسيارتي بنفسي ... آسف على الإزعاج .”


تشن جيايو:

“ لا تقلق بشأن ذلك . وأيضاً في طريقي أصلًا ...”

ثم أدار المقود وأشار إلى حامل الأكواب بينهما :

“ قهوتك .”


أنزل فانغ هاو نظره ليجد كوبًا كبيرًا من القهوة الباردة—

طلبه المعتاد دائمًا من مقهى كوزا ، 

احتاج موظف كوزا شهرين ليتذكر طلبه ، بينما تشن جيايو احتاج يومين فقط


التقط فانغ هاو القهوة وشكره قائلًا :

“ شكرًا . فكرة لطيفة منك .”


قال تشن جيايو موضحًا:

“ إنه مقهى قريب من منزلي ، و لا توجد أماكن كثيرة 

عندنا تقدم خدمة الطلب من السيارة ، لم أجربه من 

قبل ، لذا لست متأكدًا من الطعم .”


ارتشف فانغ هاو رشفة وقال معلقًا :

“ ليس سيئًا— مُرّ بالقدر الكافي .”


كان لدى تشن جيايو مشروب آخر أيضًا ، موجود بجانب 

قهوة فانغ هاو الباردة ، أخذ فانغ هاو الكوب الآخر ، 

و تفحّص الملصق ، وقرأ طلب تشن جيايو بصوت مسموع:

“ لاتيه متوسط ، حليب خالي الدسم ، مع جرعتين إسبرسو ؟”


أجاب تشن جيايو:

“ نعم. أنا شخص عادي ، أحتاج الحليب مع قهوتي .”


تمتم فانغ هاو:

“ نسيت أن أطلب لك حليبًا خالي الدسم في المرة التي 

جلبت لك فيها القهوة .”


كان فانغ هاو مثاليًّا ، يولي اهتمامًا كبيرًا لأدق التفاصيل—

حتى في أمور صغيرة ، مثل عتابه لنفسه لأنه لم يتذكر رقم 

رحلة تشن جيايو حينها ، لم يكن تشن جيايو قد أدرك هذا 

الجانب من شخصيته من قبل، وكان يظنه مجرد شخص 

متشدد في اتباع القوانين ، لكنه الآن رآه على أنه إنسان ذو 

مبادئ ، بل وجد في ذلك شيئًا لطيفًا عند التمعن أكثر


هزّ تشن جيايو كتفيه بلا مبالاة وقال:

“ الحليب الخالي من الدسم مجرد خيار صحي ،، أما 

الذي جلبته لي فأطيب طعمًا .”


كان صادقًا في قوله. لكن إن كان الطعم لذيذًا فعلًا بسبب 

جودة القهوة أم بسبب الشخص الذي جلبها له—فهذا أمر 

لم يعرفه إلا تشن جيايو وحده


و على بُعد خمس دقائق من المطار ، رنّ هاتف تشن جيايو 

الموضوع على لوحة القيادة ،

ظهر على الشاشة: [ تشن تشنغ ]

ألقى تشن جيايو نظرة ثم أنهى الاتصال ،

لم يكن معتادًا أن يرفض مكالمات والده ، لكنه يعلم أن 

والده لا يتصل إلا إذا كان الأمر مهمًا، 

وبما أن الأمور المهمة في هذه الأيام لا تخرج عن شؤون 

العائلة ، لم يرغب أن يخوض في ذلك أمام فانغ هاو


لكن بعد نصف دقيقة فقط، عاد الاتصال من جديد بإصرار


رأى فانغ هاو اسم المتصل، ولم يحتاج كثيرًا ليخمّن أنه والد تشن جيايو ،، فقال :

“ ربما من الأفضل أن ترد .”


أومأ تشن جيايو موافقًا ، ووصل المكالمة إلى البلوتوث : 

“ أبي، هل يوجد أمر عاجل؟ أنا في السيارة مع صديق .”


جاء صوت تشن تشنغ خشنًا قليلًا :

“ في الطريق إلى المطار ؟ لديك رحلة اليوم ؟” 

سأل على غير عادته متكلّمًا بكلمات ودّية


: “ نعم. سأعود على الأغلب حوالي السادسة مساءً.” 

أجاب تشن جيايو — ولم يذكر جهة الرحلة ، لأنه لم يرغب 

أن يبدأ والده بنصائحه كونه طيارًا مخضرمًا ، خصوصًا 

بوجود فانغ هاو في السيارة


لم يسأل تشن تشنغ عن التفاصيل ، بل دخل مباشرة في صلب الموضوع:

“ جيايو تلقيت مكالمة للتو ، الطبيب يقول إنهم يريدون 

تحديد موعد اجتماع بعد ظهر الجمعة ، هل ستكون متفرغًا ؟ يريدون الرد سريعًا .”


لقد كان حدس تشن جيايو في مكانه—مع والده ، الأمر لا 

يخرج عن الطيران أو عن والدته


قال:

“ انتظر لحظة ، سأتحقق ...” ثم ضغط على المكابح قليلًا 

ليبطئ ، وانتقل إلى مسار أبطأ ، 

وبدأ يحاول الدخول إلى سجل المواعيد عبر بريده 

الإلكتروني وهو يقود بيد واحدة ، 

لكن الشاشة الصغيرة لم تساعده ، وكل محاولاته باءت بالفشل


اقترح فانغ هاو بهدوء :

“ دعني أتولى الأمر ؟”


لم يمانع تشن جيايو:

“ ابحث في بريدي الإلكتروني عن (وانغ شيانغ) بالحروف اللاتينية .”


أخذ فانغ هاو الهاتف ، وأصابعه تنقر بسرعة على الشاشة ،

كان معتادًا على التطبيقات ، ولم يحتج إلا ثوانٍ حتى وجد البريد

قال:

“ جدول الأسبوع الذي يبدأ في 12 أكتوبر ؟”

كما لاحظ أن لدى تشن جيايو أكثر من ألف رسالة غير 

مقروءة في صندوق الوارد { يا له من رجل مشغول }


أجاب تشن جيايو:

“ نعم، تحقق من يوم الجمعة .”


لم يكن فانغ هاو طيارًا ، لكنه يتعامل مع الطيارين طوال 

السنة ، ويعرف كيف يقرأ جداولهم ، قال:

“ الجمعة… 25 أكتوبر ، من مطار بكين داشينغ إلى مطار 

قوانغتشو باييون، الإقلاع الساعة 14:30، 

ثم العودة الساعة 18:15.”



كان يقرأ الأوقات حسب توقيت UTC، مما يعني أن الرحلة 

في العاشرة صباحًا ، وأخرى عند الرابعة عصرًا ، 

أي أن تشن جيايو غير متفرغ بعد الظهر


تنهد تشن جيايو — وكما هو متوقع ، لم تكن الأمور في صالحه و قال عبر الهاتف:

“ لدي رحلة إلى قوانغتشو يوم الجمعة ، سأرى إن كان بإمكاني تبديل النوبة .”


رد تشن تشنغ بنبرة صارمة :

“ لا تفعل إن كان سيؤثر عليك سلبًا ، يمكننا تأجيل 

الاجتماع للأسبوع المقبل .”


قال تشن جيايو بثبات وهو يضبط نبرته بسبب وجود 

شخص غريب في السيارة، رغم أن ذلك يزعجه دائمًا كلما 

تدخل والده في ما يخص الطيران:

“ ما زال أمامنا ثلاثة أيام حتى الجمعة ، لا بأس أن أطلب 

تبديل النوبة الآن ، من الأصعب أن نحدد موعدًا مع 

الطبيب—الأفضل أن يكون مبكراً .”


تشن تشنغ :

“ إذن رتّب الأمر بنفسك .” ثم أغلق الخط


أنهى تشن جيايو المكالمة ، ثم اتصل برقم آخر —وانغ 

شيانغ مدير التنسيق في الشركة — ليتحدث عن تبديل النوبة


وافق وانغ شيانغ بسهولة ، واستغرق الأمر أقل من دقيقة 

ليجد له نوبة بديلة يوم السبت يمكن أن يتبدل إليها ، 

كانت الرحلة مع يوي داتشاو وكابتن آخر ، ولا ينقص إلا 

موافقة أحدهما على التبديل ، لم يمنحه تشن جيايو فرصة 

ليضيف شيئًا آخر ، وقال:

“ أعرف أن تبديل عطلة نهاية الأسبوع بيوم عمل أمر صعب ،، 

سأسأل دا تشاو بنفسي ، وأخبرك إن وافق .”


كان ذلك يعني عملًا أقل على وانغ شيانغ، فوافق بسرعة


و شكره تشن جيايو قائلاً :

“ أنا مدين لك—بعد موضوع شانغهاي، والآن هذا أيضًا. 

سأعزمك على وجبة المرة القادمة .”


أنهى المكالمة مع وانغ شيانغ، ثم لم يضيع وقتًا واتصل بيوي داتشاو

ألقى نظرة على فانغ هاو وهو ينتظر الاتصال أن يُفتح ، 

من المحتمل أن فانغ هاو شعر بالحرج من الاستماع إلى كل 

هذه المكالمات ، سواءً كانت تخص العمل أو العائلة ، 

إذ كان يسحب إصبعه على شاشة هاتفه وكأنه غارق في شيء آخر ، 

أراد تشن جيايو أن يقول شيئ ، لكن الاتصال تم في هذه اللحظة


وما إن عرف يوي داتشاو أنه هو المتصل حتى وافق مباشرة 

على تبديل النوبة ، قبل أن يشرح تشن جيايو وضعه أصلًا ،

شكره تشن جيايو وكان على وشك إنهاء المكالمة حينها قال يويه داتشاو فجأة :

“ بالمناسبة الأخ جيا يوجد أمر أردت سؤالك عنه "


: “ ما هو ؟” استغرب تشن جيايو 

إذ لم يتصل إلا من أجل موضوع تبديل النوبة ، ولم يعرف 

ما الذي قد يريده يويه أيضًا


جاء صوت يوي داتشاو بنبرة خافتة وكأنه يهمس بـ سّر :

“ في ذلك اليوم ، بعد أن هبطنا ، ألم تأتِي المضيفة كونغ شينيي لتتحدث معك ؟”


تذكر تشن جيايو الموقف —- كان نفس اليوم الذي جاء فيه فانغ هاو للقائه —- 

: “ اووه ، حلّقت معها مرة واحدة .”


من كان يظن أن يوي دا تشاو المرح واللامبالي لديه شغف بالقيل والقال؟ 

عادةً لم يكن تشن جيايو ليُمانع ، بل ربما يضحك على الأمر ،

لكن اليوم فانغ هاو جالسًا بجانبه ، ومهما شرح ، فالأغلب 

أن فانغ هاو سيفهم بشكل خاطئ ~~


قال يوي داتشاو بخيبة أمل طفيفة :

“ أختي تعرف كونغ شينيي. شينيي سألتها عنك ، لأنها 

كانت تود أن تدعوك إلى وجبة—وطلبت مني أن أستوضح الأمر لك.”


تذكر تشن جيايو أن يوي ذكر له في محادثة سابقة أن لديه 

أختًا مضيفة طيران في شركة أخرى و كان الأمر منطقيًا


لكن الوضع ازداد إحراجًا الآن ،،، لم يعطِ تشن جيايو جوابًا مباشرًا ، بل قال:

“ منذ متى أصبحتَ مهتمًا بالقيل والقال ؟”


لم يتراجع يوي بسهولة :

“ لكن يا أخ جيا عليّ أن أعطي أختي ردًا ، بما أني وافقت 

على تبديل النوبة— ساعدني ولو قليلاً ؟”


لو كان يعلم أن الاتصال بيوي داتشاو سيقوده إلى هذا ، 

لكان اتصل بالكابتن الآخر ، فالطيارون في إير تشاينا نادر يرفضون طلبًا له، 

لكنه كان يفضل ألّا يدين بخدمة لأشخاص لا يعرفهم جيدًا


و بعد تفكير قال أخيرًا :

“ إذن… أنا آسف حقًا ، فقط أخبرها أن لدي مشاعر تجاه شخص آخر ”


صدّقه يوي داتشاو وقال بتفهم :

“ آه، حسنًا إذن . شكرًا أخ جيا وحظًا سعيدًا !”



وبحلول هذا الوقت — بعد أن أنهى سلسلة المكالمات غير 

المرغوبة—كانا قد دخلا بالفعل إلى حرم المطار ، 

بالكاد وجد فرصة للحديث مع فانغ هاو ، والآن وصلا تقريبًا 

إلى وجهتهما ، قال:

“ آسف—من الصعب إجراء مكالمات بعد أن أبدأ نوبتي ، 

وأردت أن أنهي موضوع تبديل النوبة سريعًا .”


ابتسم له فانغ هاو:

“ لا داعي للاعتذار ... شكرًا على توصيلك لي ”

ولم يذكر المكالمة التي سمعها للتو عن كونغ شينيي

و غيّر الموضوع بحذر و سأل :

“ هل والداك ليسا بخير ؟”


لم ينفِي تشن جيايو ولم يُفصّل :

“ نعم . الأمر مستمر منذ فترة .”


بدأت الأمور تتضح في عقل فانغ هاو و قال:

“ أنت تسكن بعيدًا جدًا عن المطار ، وتخلّيت عن 

الرحلات الدولية من أجل رحلات مرهقة قصيرة المدى 

يوميًا—كل ذلك كي تتمكن من العودة إلى المنزل، أليس كذلك ؟”


ضغط تشن جيايو على المكابح ، وأبطأ السيارة فجأة دون أن 

يعتذر عن قيادته هذه و التفت إلى فانغ هاو وقال:

“ لقد أصبت ” لم يزعجه تخمين فانغ هاو


شعر فانغ هاو أن أي كلمة إضافية منه الآن ستكون نوعًا من التطفل ، 

لم يرغب أن يتجاوز حدوده أو يستغل حسن نية تشن جيايو، 

فاقتصر على القول :

“ يجب أن يكون الأمر صعبًا عليك .”


تشن جيايو:

“ ليس بتلك الصعوبة .”

فحين يتعلق الأمر بعائلته ومسؤولياته ، لم يشعر يومًا أن 

لديه خيارًا ، أو أنه يستطيع أن يتخلى عن شيء


وصلت السيارة إلى وجهتها في صمت


أنزل تشن جيايو فانغ هاو عند مدخل برج المراقبة ، المؤدي 

إلى مناطق محظورة لا يُسمح بدخولها إلا ببطاقات خاصة


شكره فانغ هاو مجدداً ، فقال تشن جيايو:

“ لا داعي للشكر ... لنجتمع على وجبة يومًا ما، عندما نكون متفرغين .”


وافق فانغ هاو ، لكن في ذهنه كان يعتقد أن تشن جيايو 

غالبًا يدعو الكثير من الناس لتناول وجبات ، مثلما فعل مع 

وانغ شيانغ—جزء من المجاملات الاجتماعية ليس إلا 


——-


بعد اجتماع السابعة صباحًا ، وجد فانغ هاو نفسه يملك 

بعض الوقت قبل بدء نوبته، فذهب إلى مبنى T1 ليأخذ شيئًا للفطور


و هناك صادف تشو ييرو وتشنغ شياوشيو يتحدثان في المقهى


كانت نوبة تشو ييرو أيضًا تبدأ عند الثامنة


ألقى التحية وجلس ، لكن تشنغ شياوشيو نهض قبل أن 

يتمكنوا من تبادل أكثر من بضع كلمات و قال: “هذا 

الأسبوع عندي رحلات دولية طويلة المدى ،، 

سأقضي يومين في أوروبا ، وأعود الأسبوع المقبل ...” ثم 

التفت إلى تشو ييرو قبل أن يغادر: “ أرسلي لي رسالة لو 

أردتِ شيئًا من محلات السوق الحرة .”


علّق فانغ هاو بعد مغادرته : “ كم هو لطيف .”


كانت تشو ييرو تشعر بالارتياح لسير علاقتها الجديدة ، فقالت :

“ أعتقد أنه شخص رائع ، ويوجد انسجام جيد بيننا .”


ابتسم فانغ هاو :

“ أنا أدعمكما .”


: “ نعم. إنه رائع، لكن…” ترددت قليلًا ثم أضافت : “هو 

في الحادية والثلاثين من عمره هذا العام ، كيف ليس 

لديه حبيبة ؟ أليس ذلك غريبًا بعض الشيء ؟”


فكّر فانغ هاو للحظة وقال:

“ أنا أيضًا على وشك أن أبلغ الثلاثين ، ولا أعيش علاقة ، 

ولم أستقر بعد ،، أعتقد أنه أمر طبيعي ،، 

ربما كان لديه شخص ما في الماضي ؟”


بدت تشو ييرو محرجة قليلًا ، مدركة أن كلامها كان أوسع نطاقًا مما قصدت

“ لم أقصد أنكما كبيران في السن ، أنا فقط… لا أعرف 

الكثير عن علاقاته السابقة.”


فقال فانغ هاو: “ أعلم .” ثم ابتسم ابتسامة ذات معنى 

وأضاف: “ أتريدين أن أبحث لكِ الأمر ؟”


حدّقت فيه تشو ييرو … ثم استوعبت فجأة :

“ لقد تصالحت مع الأخ جيا ؟”


: “ نعم، نوعًا ما،” أجاب فانغ هاو ، ثم شرب من كوب 

القهوة الباردة الكبير الذي أحضره له تشن جيايو صباحًا، 

ولم يبقَ فيه سوى القليل 


سألت تشو ييرو بفضول : “ ماذا حدث ؟ أخبرني ”


فرك فانغ هاو صدغيه ، غير متأكد تمامًا مما حدث أصلاً :

“ ربما كان يمر بضغط كبير ،، و قد جاء من هونغ كونغ، 

مما جعله مرهقًا ، لذا كان من الصعب عليه أن يتقبل 

خطأ بسيطًا مثل نسيان تشغيل بعض الأضواء .”


اعترضت تشو ييرو: “ لكن هذا لا علاقة له بك ….”

كانت في صف فانغ هاو؛ لقد رأته واقفًا هناك تحت المطر منهمرًا على رأسه ، لكن حين لاحظت كلمة [ تشن ] 

المكتوبة على كوب القهوة البلاستيكي الذي يحمله، ورغم 

أن عدد الذين يحملون لقب [ تشن ] في العالم لا يُحصى، إلا 

أن لقاءها بهما معًا في مقهى كوزا آخر مرة جعل من السهل 

تخمين أي [ تشن ] المقصود و بدا الذهول واضحًا على وجهها …

“ هل اعتذر لك ؟”



اتبع فانغ هاو بنظره ما كانت تشو ييرو تحدّق فيه ، ورأى ما رأته ،، 

لم ينتبه للاسم المكتوب ، والآن بعدما ألقى نظرة ، بدا الأمر 

فعلًا… مريبًا قليلًا 

قال مفسرًا: “ القصة طويلة ... أوصلني إلى المنزل بعد 

العمل أول أمس ، لكن سيارتي بقيت في المطار ، لذا مرّ 

لاصطحابي هذا الصباح ، وهكذا حصلت على هذا .” 

ورفع الكوب شبه الفارغ في يده


لم تستطع تشو ييرو أن تقاوم وقالت : “ تعرف ، أنتما… 

كل هذا….. فانغ هاو ،،، أنتما لا تبدوان مجرد صديقين عاديين ”


{ هل الأصدقاء العاديون يختلفون بهذا الشكل ثم يمرون بعملية مصالحة كاملة ؟ 

هل الأصدقاء العاديون يتتبعون رحلات بعضهم ، أو يُصرّون 

على إيصال الآخر إلى البيت رغم معرفتهم أن لديه سيارة أيضًا ؟ }


فانغ هاو لم يتحدث عن الأمر ، وتشو ييرو لم تكن تملك كل القصة ،،

كانت مجرد متفرجة ، تراقب النار وهي تشتعل من الضفة الأخرى للنهر ، 

قبل اليوم كانت تكتفي بالمشاهدة بصمت ،، لكن الآن ، 

بعدما تابعت ألسنة اللهب خلال الأسابيع الماضية ، 

رأت بوضوح أن النار قوية ، والوهج ساطع ~~ 

و كان لديهما القدرة على إحراق غابة بأكملها 


لم يكن فانغ هاو بليدًا لدرجة أنه لم يفهم ما تقصده ~  فقال بجدية :

“ كانت نيتي دائمًا أن نكون صديقين جيدين ! ...” 

و أضاف بنبرة متذمرة قليلًا : “ إذا كان هناك شيء غريب ، 

فهو خطؤه بسبب تناقضه !!! ” وكان يشير إلى خلافهما 

بسبب أضواء الهبوط، والذي حاول بعده بصدق إنقاذ صداقتهما

ضميره ، على الأقل ، كان مرتاح


تشو ييرو: “ حسنًا ، كما يقولون—الناس لا ينفعلون إلا 

تجاه من يهتمون بهم ~~~ ”


حاول فانغ هاو أن يتجاهل كلامها:

“ لا أعتقد أن الأمر هكذا ... ألم يواعد مضيفة طيران قبل عامين ؟”


لكنه لم يذكر ما سمعه في السيارة قبل قليل ، حين قال 

تشن جيايو أنه يحمل مشاعر تجاه شخص ما ، 

لأنه لم يكن قد استوعب ذلك تمامًا بعد، ولم يفهم قصده ، 

والآن وهو يفكر بالأمر ، بدت له ثلاثة احتمالات :

الأول : أن تشن جيايو لم يكن مهتمًا من الأساس ، واختلق 

عذرًا فقط ليتخلص من إلحاح يوي داتشاو ، 

لكن كونغ شينيي كانت جميلة ، راقية — وقد رآها فانغ هاو 

بنفسه ، ولم يعتقد أن رجلًا مستقيمًا أعزب سيرفضها دون حتى عشاء واحد ،

الثاني : أن تشن جيايو كان فعلًا معجبًا بشخص آخر ، ولهذا 

السبب رفض محاولة التوفيق ، 

الثالث : ما كانت تشو ييرو تلمّح إليه—أن تشن جيايو مهتم بفانغ هاو ، 


لكن فانغ هاو كان دائمًا بطيء الانفتاح على الآخرين ، 

ولم يكن يحب أن يقفز إلى استنتاجات ، 

قاعدته الذهبية دائمًا هي : من الأفضل أن تصدّق أن لا شيء 

موجود ، بدلًا من أن تظن خطأً أنه يوجد شيئ ، 

ومع ذلك ، كان يشعر أن بذرة بدأت تنبت في قلبه ، 

{ ربما الحمى في اليوم الآخر أفسدت تفكيري !!! 

أو ربما … تشن جيايو دون وعي منه ، كان يهيئ التربة طوال هذا الوقت …. 

هذاسيئ ... } و بدأ فانغ هاو يستوعب


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • عادي
  • متطور
  • ترتيب حسب الاحدث
    عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق
  1. ههههههههههههههه كيوت مرة
    انا احفظ جداول صحباتي واوصلهم كمان: 🤣🙂
    لقيت احد جداوله اسوأ من الدكاترة الطيارين

    ردحذف

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي