Ch36 بانغوان
تفاجأ وين شي للحظة ثم فتح عينيه فجأة :
“ أنت…” حدّق مباشرةً بالشخص الذي أمامه
شيه وون: “ ما الأمر ؟”
بسبب سعاله المتكرر ، بدا صوته مبحوحًا بعض الشيء
شد وين شي شفتيه، وبعد لحظة قصيرة هز رأسه :
“ لا شيء ، لقد توهّمت سماع شيء ما .”
لقد كاد يظن أنّ شيه وون هو من قال له تلك الجملة ،
لكن عندما أعاد التفكير ، تذكّر أنّ شيه وون لم يفعل سوى
رفع سبابته إلى شفتيه — و لم ينطق بأي كلمة
كانت تلك الكلمات الغامضة مجرد ذكرى انبثقت فجأة في ذهنه ، لا أكثر
وفوق ذلك ، عبارة مثل “ كن مطيعًا ” كانت حميمية أكثر مما ينبغي
{ لو أن شيه وون قال شيئًا كهذا فعلًا ، لكان الأمر حقًا… }
سحب وين شي نظره بعيدًا ، وتحركت يداه قليلًا بجانبه
وهكذا انقطع تدفق الضباب الأسود المتدفّق إلى جسده،
لكنه لم يتبدّد فورًا ، بل التف حول أصابعه
وبما أنّ عينيه مفتوحة ، لم يتمكن من رؤية شيء — وإنما
شعر بالضباب فحسب
كان يحس بضباب شيه وون الأسود وهو يتشابك بدقة بين
أصابعه ؛ ومع تلاشيه وتفرّقه ، كان يمرّ على حواف مفاصله
ذلك الإحساس ازداد رهافةً بالذات لأنه لم يستطع رؤيته
كان شيا تشياو ينتظر أن ينطق غا خاصته بالحكم ،
لكنه رآه واقفًا مكانه لفترة ، ثم ارتجفت أصابعه فجأة ،
وكأنّه استفاق من شروده
وعندما استدار ، ضغط بإبهامه على مفاصل سبابته ووسطه
حتى أصدرت فرقعة عالية
كانت بشرته شاحبة ، لذا بدت المفاصل التي ضغط عليها محمرّة ،
وهو ما كان واضح للغاية مع خيط القطن الأبيض المتدلي
كان شيا تشياو يعرف أن لـ وين شي عدة عادات لا شعورية
صغيرة ، تظهر عادةً بعد أن يسرح بذهنه أو حين يحاول أن
يجمع شتاته فجأة ….
لكنه لم يعرف ما الذي يشغل بال وين شي الآن
سأل شيا تشياو : “ كيف الأمر يا غا ؟ هل عرفت أيّهما الحقيقي ؟”
أجاب وين شي بهدوء: “ ممم … عرفت .”
تنفّس الجميع الصعداء ، فقال دا دونغ على عجل :
“ إذن ماذا تنتظر؟ أيّهما المزيّف؟
سأذهب أنا وأرسلها بعيدًا …. "
كان يرفع كميه بعزم ، راغبًا أن يتصرّف بشجاعة هذه المرة ،
حتى يرفع حجاب شين مانيي ويودّعها ،
لكن قبل أن يُكمل كلامه ، التفت كلا شيه وون معًا ونظرا إليه بهدوء
ابتلع دا دونغ ، وأسقط كميه مجددًا
أما وين شي فبدا بلا خوف ، ولم يتردّد في ترك ظهره
مكشوفًا لكلا شيه وون الاثنين بينما يمشي نحو شيا تشياو والآخرين
لم يرغب دا دونغ بالاعتراف بالهزيمة ، خفّض صوته وقال
له: “ عجّل ، أرسل شين مانيي أولًا .”
لكن وين شي ردّ : “ لا داعي للعجلة .”
حدّق دا دونغ بذهول : “ ماذا—”
{ لا داعي للعجلة ؟؟؟
أي هراء هذا ! }
كاد دا دونغ أن يسبّ بصوت عالٍ
لكن وين شي تكلّم : “ دعها تبقى هنا مؤقتًا .”
صاح دا دونغ بغير تصديق: “هل تدرك أصلًا ما الذي تُبقيه
هنا ‘مؤقتًا’؟
ما الفائدة من ترك شيء غير بشري ضمن الفريق؟
هل جننتَ ، أم تظن أنني أنا المجنون ؟؟؟”
دون أن يكلّفه حتى نظرة واحدة ، ردّ وين شي ببرود :
“ أنا عاقل، لكن لا أدري عنك .”
بعد أن تلقّى هذه الإجابة الجليدية ، خطر شيء لدا دونغ ،
فرمى وين شي بنظرة جانبية وقال: “ هل تمكنت أصلًا من
تمييز أيهما الحقيقي وأيهما المزيّف ؟”
رفع وين شي عينيه أخيرًا ونظر إليه
شعر دا دونغ أنه أصاب الهدف : “ إن لم تستطع التمييز
فهلّا قلت ذلك فحسب ؟ لا داعي للتظاهر ، مفهوم ؟”
بدا وين شي قليل الكلام
وبما أنّ شين مانيي كانت تراقبهم من الخلف، لم يرغب أن
يصرّح بالأمر بوضوح شديد
لكن، وبما أنّ عقل دا دونغ على ما يبدو معطوب ،
اضطر وين شي أن يكون أكثر صراحة : “ إن طُردت الآن
هل ستلعب معها عندما تعود لاحقًا ؟”
دا دونغ: “…لا "
كان وين شي قد طردها مرتين ، فصار يعرفها إلى حدّ ما
فالآنسة شين مانيي تمتلك طاقة لا تقهر—فكلما طُردت ،
عادت بنفس العدد من المرات
والمزعج أكثر أنها تعرف كيف تتحسّن ، وتُقدّم عرضًا أفضل
في كل مرة تعود فيها
وفي المرة القادمة من يدري ماذا ستصبح ؟
إيماءة ' الصمت ( ششش ) ' التي قام بها شيه وون في وقت
سابق ذكّرت وين شي بهذا
وكذلك تلك الجملة التي لمعت في ذهنه من بعيد
كان يمكنه أن يستغل سهولة تمييز نسخة شين مانيي هذه،
وذلك بأن لا يطردها، ويجبرها على البقاء معهم
ذلك المراهق تشو شو كان ذكي ، وكان أول من فهم
قال لوين شي بنبرة ' أنت بلا ضمير ' : “ إنها في الحادية عشرة فقط .”
رأى وين شي أن كلامه سخيف
هدأ شيا تشياو — ولاو ماو ، وسون سيتشي أيضًا
سون سيتشي لم يكن يفهم شيئًا عن الأقفاص ، وكان يتعامل
مع كل شيء هنا كأشباح
وباعتباره شخصًا حيًّا، لم يستطع فهم المنطق الغريب في
إجبار شبح على البقاء معهم
أما لاو ماو فضمّ يديه إلى كمّيه ولم ينبس بكلمة
بالنسبة له، لم يكن هذا غريبًا ، إذ بدا شبيهًا جدًا بطريقة
' شخص ما ' في التصرف
وفقط شيا تشياو هو من ألقى بعض النظرات الموحية نحو
دا دونغ ، حتى فهم الأخير أخيرًا
وعندما رأى وين شي علامات الفهم على وجهه ،
مدّ يده نحوه وقال بوضوح : “ أعطني الخيط .”
: “ أي خيط؟” قال دا دونغ بدهشة
ألقى وين شي نظرة على خيط القطن الأبيض الملفوف حول أصابعه
خبأ دا دونغ يده خلف ظهره فورًا وسأله بحذر:
“ ماذا تنوي أن تفعل ؟”
أثار هذا الرد دهشة قصيرة لدى وين شي —-
ثم تذكّر قاعدة — لا يُسمح لغير صاحب الدمى أن يلمس خيطه —-
في الحقيقة لم تكن هناك تعاليم ثابتة بخصوص فن الدمى
بعضهم يستخدم القطن ، وبعضهم الحرير ؛ وغالبًا
يعتمدون على ما هو متوفر ، دون التقيّد بآداب صارمة
وعندما لا يكون الخيط قيد الاستخدام ، يكون مجرد شيء
عادي يمكن لأيّ كان استعماله
لكن بمجرد أن يلتف حول أصابع صاحب الدمى ، يصبح شيئًا مختلفًا
فصاحب الدمى يسيطر على خيطه بروحه
وفي تلك الفترة يرتبط الخيط به، ويشعر إن لمسه أحد آخر
وكلما كان صاحب الدمى أقوى ، كلما كان الارتباط أعمق وأشدّ حساسية
أما أقوى أصحاب الدمى ، فخيطهم يكون كجزء من أجسادهم ،
أو أحيانًا حتى كجزء من أرواحهم ،
ومع ذلك — لم يكن خيط الدمى شيئًا يمكن لمسه عبثًا
فعادةً قد يُصاب المرء قبل حتى أن يتمكن من لمسه
وإذا أراد شخص آخر الإمساك بخيط صاحب الدمى ، فعليه
إما أن يقمعه تمامًا ، أو أن يذعن له صاحب الدمى طوعًا
وبالنظر إلى مستوى وين شي، لم يكن أحد قادرًا على لمس
خيطه في الظروف العادية
ولولا دا دونغ، لكان قد نسي هذه القاعدة تمامًا
قال وين شي بعد أن غيّر رأيه : “ إذن افعلها بنفسك .”
لم يكن مهتمًا بخيط دا دونغ ؛ فالقمع غير المقصود يُعدّ
إهانة أيضاً ، ولم يرغب في لمسه ما لم يضطر
: “ أفعل ماذا ؟” قال دا دونغ ناظرًا إلى حيث وين شي يشير
كان شيه وون يقفان هناك ، واحد عن اليسار والآخر عن اليمين
ولو لم يعرف المرء أفضل ، لظنّ أن هناك مرآة منصوبة بينهما
قال وين شي وهو يلف خيطه القطني الأبيض حول يده:
“ كل واحد منّا يحصل على واحد ، حتى يتمكّن البقية من التمييز بينهما .”
كانت نواياه واضحة للغاية — فهو ودا دونغ يمتلكان خيط الدمى ،
وبذلك سيختار كل منهما أحد شيه وون ليربط خيطه به ،
وبهذه الطريقة يستطيعون التفريق بين ' شيه وون '
ويتجنبون الخلط بينهما بمجرد أن يستديروا
ولن يضطروا إلى تكرار التعرف عليه مراراً وتكراراً
لم يكن وين شي يمانع الحصول على ' طعام' إضافي
لكن عليه أن يأخذ بعين الاعتبار ما إذا كان شيه وون موافقاً على ذلك أم لا
وأيضاً ماذا لو أرادت شين مانيي أن ترحل ؟
فبوجود خيط الدمى حولها ، سيحول ذلك دون تجوالها
العشوائي الذي قد يرعب الآخرين
ومع أن وين شي فكّر بالأمر بتمعّن ، إلا أن دا دونغ كان ينهار من الداخل
و فكر بمرارة { عليّ أن أسمح بفتاة غير بشرية ضمن الفريق ،
و عليّ أن أُربط بها أيضاً ؟؟؟
هل فقدت عقلي ؟؟؟ }
نظر وين شي بين شيه وون و ' شيه وون ' الذي كانت شين مانيي متنكرة به
وبعد لحظة تردّد ، أشار في النهاية إلى شيه وون الحقيقي وقال لدا دونغ :
“ يمكنك أن تربط نفسك به، وسأتكفل أنا بالذي على اليمين .”
وبالمقارنة ، كانت شين مانيي أكثر خطورة بعض الشيء
وبالنظر إلى جبن دا دونغ ، اختار وين شي أن يحتفظ بالفتاة الصغيرة بجانبه
إلا أن دا دونغ فهم الأمر بشكل خاطئ ——-
ظنّ أن وين شي يريد الاحتفاظ بالحقيقي لنفسه ،
وترك له المزيّف —- فقفز إلى الأمام وقال :
“ سأختار بنفسي ! ” ثم وجّه خيطه وربطه بمعصم شيه وون
الجالس إلى أقصى اليمين ، وهكذا ارتبط مباشرةً بشين مانيي ~~
صُدم وين شي من قدرة هذا الأحمق على ' التمييز ' ولم يجد ما يقوله
حوّل بصره بعيداً ، فالتقى بعيني شيه وون، الذي كان قد
صرف نظره لتوه عن دا دونغ وشين مانيي
بدا أن المشهد أضحكه قليلاً ، فقد امتلأت عيناه بالابتسامة
حين نظر إلى وين شي
اعتدل واقفاً وتقدّم نحوه ، ثم رفع يده من تلقاء نفسه وقال:
“ هل ينبغي أن أُربط ؟”
وللحظة مدّ شيه وون سبابته قليلاً نحو خيط وين شي وكأنه
سيقوم بربط الخيط حول معصمه بنفسه
لكن عندما رأى دا دونغ وهو ينظر إليه بنظرة شك
تذكّر فجأة شيئ ، فتراجع قبل أن يلمس الخيط
و تحدث شيه وون بنبرة هادئة وهو ينظر إلى الخيط :
“ كدت أن أنسى . لستُ متمرساً بهذا كثيراً ، ولا أستخدمه غالباً ، لذا لا أتذكر آداب فن الدمى جيداً .
الأفضل أن تقوم أنت بالأمر .”
أجاب وين شي باختصار : “ همم.”
ارتعش إصبعه البنصر ، وانساب خيط الدمى الأبيض الناصع بسرعة ،
والتفّ حول معصم شيه وون عدّة مرّات
عندها قال دا دونغ فجأة بنبرة متوترة :
“ هل يمكنني شدّ خيطي قليلاً ؟”
كان متوتراً للغاية ، فبدأ يقبض كفيه ويفتحهما ثم أدار
معصمه الأيمن :
“ عادةً عندما أربط خيطي بشيء ما، أبذل كل قوتي حتى
ينقطع تماماً . هذه أول مرة أربط شيئاً بهذه الرقة .
الأمر لا يشبه أننا نتمشى معاً ، إنه مقلق جداً .”
انتزع المصباح من تشو شو وأضاء به ذراعه قائلاً :
“ أترى هذا ؟ حتى القشعريرة أصابتني . أنا حساس جداً .”
بالنسبة لمن يعرفون عما يتحدث ، بدا وكأنه يتفاخر بقدراته المذهلة
وقبل أن يجيبه أحد ، تشو شو—الذي يعرف طباع دا دونغ
عن ظهر قلب—قد صرف وجهه بملل ، غير قادر على الاستماع أكثر
قال شيه وون ( الحقيقي ) بلا مبالاة :
“ مشدود أو مرتخي لا فرق .”
كانت كلماته موجّهة أساساً إلى وين شي
لكن الآنسة شين مانيي كانت منغمسة في إتقان تمثيلها المقلّد ، ولما سمعت ذلك ضحكت :
“ أمر تافه ، افعل كما تشاء .”
ما إن وصل هذا الكلام إلى أذن دا دونغ ، حتى حرّك إصبعه
البنصر ثلاث مرات متتالية
هذا الإصبع مسؤول عن القوة ، وثلاث شدّات كافية لفتح باب حديدي
فانقبض خيط الدمى فجأة حتى كاد يرسل شين مانيي بعيداً في الحال ~~
و دوّى بكاء فتاة صغيرة في الردهة ، بدا وكأنها تبكي بجوار
آذانهم مباشرةً ، لكن أنينها يطفو في الهواء أيضاً
وارتجفت الفوانيس الثلاثة جميعها دفعة واحدة
ارتعش دا دونغ، وارتجفت أصابعه من الخوف، فاشتدّ الخيط أكثر
فانطلقت شين مانيي تبكي بصوت عالٍ مجدداً
تلقى دا دونغ صدمة أخرى ، فارتعشت أصابعه مرة ثالثة ~
شين مانيي { شين مانيي…
لم تعد ترغب باللعب بعد الآن }
شعر وين شي ببعض الندم ~~ فكرة ' كل واحد يأخذ شيه وون ' لم يكن بالإمكان أن تصبح أسوأ من هذا
{ لو كان هذا الأحمق دا دونغ لن يتصرف بشكل لائق
فبما أنه لم يكن مربوطاً ببشري أصلاً ، فلن تكون مشكلة كبيرة لو شدّ خيطه }
لكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لوين شي
إذ يعلم أنه مربوط بشيه وون الحقيقي ، لذا عليه أن يكبح
قوته إلى حدّ معين
فخيط الدمى لا يمكن أن يكون مشدوداً أكثر من اللازم ،
وإلا فلن يتبقى له في النهاية سوى يد مقطوعة يحملها وهو يتقدّم
ومع ذلك كان الأمر غريباً حقاً أن يُترك الخيط مرتخياً…
وحين أنزل شيه وون يده ، انزلق خيط الدمى الملتف حول
ذراعه قليلاً حتى استقر مرتخياً عند بروز عظم معصمه
وين شي: “…”
من حيث الحساسية ، كان يُصنَّف بلا شك ضمن أعلى طبقات صنّاع الدمى
ومن طرف عينه ، لاحظ أن شيه وون كان يحدّق إلى الخيط
الملتف حول معصمه غارقاً في التفكير
وبعد وقت بدا طويلاً ، رفع شيه وون رأسه وكأنه على وشك أن يقول شيئ
لكن وين شي سبقه قائلاً:
“ فلنذهب .”
جاء صوته هادئاً ، دون أن تُرى عليه أي انفعالات ، ووجهه
الشاحب لم يُبدِ شيئ
كان من الصعب إدراك أنه في تلك اللحظة كان يواجه
إزعاجاً مستمراً سبّبه خيط الدمى
وفي نظر من لا يعرفون ، لربما ظنّوا أنه غير متمرس بما يكفي ،
وأن صلته بخيطه سطحية ، ولهذا بدا هادئاً حتى وهو مربوط بشخص آخر
……..
بحثوا حتى وصلوا إلى أكبر غرفة
ومن الديكور والأشياء داخل الخزانة ، بدا أنها تخصّ سيد عائلة شين—أي المكان الذي يقيم
فيه السيد شين وزوجته
بدت الغرفة كأنها صُممت لتكون نموذج عرض ، مرتبة
ونظيفة إلى حدّ غير طبيعي
لم تحتوِي على طابع شخصي واضح ، وكان واضح أن
قاطنيها نادراً يمكثون فيها
البيانو والأريكة غُطّيا بالقماش الأبيض لمنع الغبار ،
وكذلك بعض الرفوف المخصّصة للزينة
لكن عندما مر ضوء الفوانيس على المكان سريعاً ، بدا وكأن
الغرفة نسخة طبق الأصل من قاعة عزاء
صرخ تشو شو فجأة :
“ اللعنة !” ثم استدار وأمسك بشيا تشياو
لقد كاد يمزق ياقة قميص شيا تشياو وبسرعة شدّها مجدداً
وهو يقول:
“ ما الأمر ؟!”
أشار تشو شو نحو أحد الأركان وهو يقول:
“ يوجد شخص!”
رفع وين شي الفانوس باتجاه المكان ، فإذا به يرى شيئاً ذا
هيئة بشرية واقفاً باستقامة في الزاوية ، مغطى بقماش أبيض
صرخ تشو شو والبقية مجدداً ، وتجمّعوا جميعاً متلاصقين ،
عاجزين عن التحديق مرة ثانية
أصيب رأس وين شي بصداع من صراخهم ، وقال ببرود:
“ ذلك علاقة معاطف .”
تشو شو: “ علاقة؟” التفت برأسه بعدم تصديق
الحمرة قد عادت لتوها إلى وجه دا دونغ فسارع ليعلّق متأخراً :
“ صحيح ، لما لا تدقّق النظر ؟ ذاك الشيء طوله متران على الأقل ،
من يمتلك مثل هذا الطول عادةً ؟”
تنفّس شيا تشياو والبقية الصعداء :
“ صحيح ،، صحيح "
سون سيتشي:
“ ربما كان هناك قبعة موضوعة عليه ، ولهذا بدا وكأنه شخص .”
وبعد أن اتّضح أنه إنذار كاذب ارتخى الجميع
تولّى دا دونغ زمام المبادرة وبدأ يفتّش في الغرفة بحثاً عن الجزء المتبقي من المذكرات
لم يكن ينبغي أن تكون مهمة صعبة ، لكن ' شيه وون '
المربوط به لم يكن متعاوناً أبداً ، وظل يبتعد عنه كثيراً
بينما دا دونغ قد دخل الغرفة ، ظل ' شيه وون ' يتسكّع في الممرّ خارجها ،
مثل طائرة ورقية توشك أن تنفلت إلى السماء في أي لحظة ،
وبدأت يد دا دونغ تؤلمه من كثرة جرّه معه
أما شيه وون الحقيقي ، فقد كان متكئاً على إطار الباب يتسلى بالمشهد
راقب شين مانيي وهي تقف بعيدة في زاوية الممرّ ،
و ما تزال مرتديةً هيئته
وربما لأن لا أحد غيره موجود هنا ،
أو ربما لأن كثرة شدّ دا دونغ لها جعلتها على وشك الانهيار،
وضعت يدها على الحائط واستمرّت تحدّق باتجاه الغرفة
بنظرة من يراقب في الظلال
شيه وون :
“ هل تخافين من هذه الغرفة بالذات ؟”
شين مانيي: “ لا ”
: “ هل يمكن أن يكون هذا مكان وجودك الحالي ؟ فالسجادتان هناك تبدوان وكأنهما استُبدلت من قبل”
شين مانيي: “ ليس كذلك .”
شيه وون:
“ لِمَ لا تقتربين إذن ؟”
أجابت بعناد : “ لن أفعل .”
فالتفت شيه وون ونادى :
“ دا دونغ الذي أنت مربوط به يتجول بعيداً مجدداً ،،
هل تجد صعوبة في السيطرة على خيط الدمى ؟”
كان صوته هادئاً للغاية، لكن تلك الكلمات بالذات كانت أكثر
ما لا يطيقه دا دونغ، فبادر على الفور بسحب خيطه
وبعد لحظة، وبفعل الخيط، اضطُرّت شين مانيي لأن تخطو
بخطوات متيبّسة نحو الداخل
قال لها شيه وون مقترحاً :
“ يمكنك أن تحاولي المشي برشاقة أكثر
بهذه الجمود يسهل جداً التعرّف عليكِ أنكِ المزيفة .”
كان وين شي قد لاحظ العلامات التي تدلّ على أن
السجادتين تم تبديلهما، وكان منشغلاً برفعهما عندها سمع
قول شيه وون ذاك
فألقى عليه نظرة صامتة، ثم نظر إلى شين مانيي
لكن الصغيرة لم تحاول حتى إخفاء الأمر بعد الآن، بل قالت متكسّرة :
“ أنا المزيفة .”
وين شي: “ لا أستطيع التمييز .”
شين مانيي: “…”
قالت مجدداً بإصرار :
“ أنا حقاً المزيفة ! يمكنك أن تفضحني ، افضحني .
أريد أن أغادر الآن ، لم أعد أريد اللعب .”
وين شي: “ إذن أثبتي ذلك .”
ترددت شين مانيي. بدا أنها متعلّقة للغاية بأجساد الآخرين وهيئاتهم ،
إذ ظلّت تحدّق بثبات في وين شي
لكن خيط الدمى المربوط بها ظل يشدّها نحو الغرفة ،
يجذبها ويسيطر عليها
وقبيل دخولها الغرفة ، تمتمت أخيراً بصوت منخفض، متردّد ومُكره :
“ لكن… لستُ جميلة الآن .”
أجابها وين شي بلا تفكير:
“ تبدين جميلة الآن ، لكن لا أعلم بشأن هيئتك الأصلية .”
( يعني شيه وون وسيم 😭 )
ولم يُدرك غرابة ما قاله إلا بعد أن خرجت الكلمات من فمه
فالتفت إليه شيه وون
و بوجه خالٍ من أي تعبير تابع وين شي:
“ لا تنظر إليّ ، لم أعنِي ذلك .”
ابتسم شيه وون بخفوت ، وقد أسند كتفه على إطار الباب
{ تضحك على ماذا بحق الجحيم }
تجاهله وين شي، لكن المفاجئ أن شين مانيي قد فهمت
قصده وصححت قائلة:
“ كنت جميلة جداً من قبل ، لكن بعدها صرت غير جميلة .
هل تريد أن ترى؟” قالت ذلك بخفوت جداً
وما إن أنهت كلامها حتى تخلّت عن هيئة شيه وون كما
تتخلّى الأفعى عن جلدها
العملية بأكملها مرعبة وصادمة بحق ، مما جعل وين شي يعبس بحاجبيه
أمالت عنقها يميناً ويساراً
وبطريقة أشبه بالكرسي القابل للطي ، فردت نفسها من
كتلة صغيرة : أولاً ساقاها ، ثم ذراعاها ، وأخيراً مدّت عنقها بانقباض مخيف
كان شعرها المضفر مبعثراً ومنفلتاً
وبسبب انهيار شكلها الأصلي بشكل واضح ، بدا الأمر كما لو
أن جلد رأسها ووجهها كانا يتدلّيان للأسفل أيضاً
وكان دا دونغ قد سحب كل خيطه بالفعل ، فلما التفت برأسه ،
وجد نفسه وجهاً لوجه أمام هذه النسخة من شين مانيي
ولم يكد يسحب نفساً واحداً، حتى فقد أعصابه مجدداً
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق