Ch37 بانغوان
كان كلٌّ من سون سيتشي وشيا تشياو يقفان بجانب دا دونغ المسكين
وربما كان الأمر مجرّد تأثير نفسي، لكن حين لامست تنّورة
شين مانيي المتمايلة سيقانهما، بدا وكأن رائحة نتنة قد باغتت حواسّهما
سون سيتشي: “أوع—”
هذه أول مرة يواجه فيها مشهداً كهذا ، وكذلك أول مرة
يشمّ فيها مثل تلك الرائحة
لم يكن ليكبح ردّ فعله الجسدي حتى لو حاول،
فجاءت استجابته أعنف من دا دونغ نفسه
عندها دارت عينا شين مانيي نحوه ببطء ، وفي نظرها شيء من الحقد الخفي
ومع أن شيا تشياو كان قد استولى عليه الذعر ، ظلّ عقله
يعمل بطريقة غريبة منعشة
وبينما يجرّ سون سيتشي إلى الوراء برعب ، لم ينسَ أن يعتذر من ' الشبح ' :
“ آسف آسف آسف ، لم يقصد شيئ …."
أطلق سون سيتشي صوت تقيؤ مفزع آخر
شيا تشياو: “…”
غضب تشو شو وهو يغطي فم سون سيتشي بيده ليساعد
شيا تشياو في سحبه نحو وين شي:
“ توقف عن التقيؤ اللعين ، اكتمها !”
لكن بسبب فوضى حركتهم، تعثّر الثلاثة ووقعوا على الأريكة
المغطاة بالقماش الأبيض
و ارتفع القماش الأبيض بفعل نسمة هواء ثم سقط عليهم وغطاهم
تشو شو صرخ :
“ اللعنننننة ، هذه الأريكة العفنة ، تغرز في ضلوعي !”
شيا تشياو يندب:
“ مهلاً مهلاً ، لا تجلس فوقي ، هذا وجهي ، انتظرني أنهض أولاً .”
سون سيتشي وقد أوشك على البكاء :
“ ليس وكأني أريد التقيؤ أيضاً ، لا أستطيع التحكّم به "
حدّقت بهم شين مانيي وهمّت بالتقدّم ،
لكن ما إن رأى دا دونغ ذلك حتى هرع إلى تحريك خيوطه الأخرى
ومع صوت صرخة واضحة ، اندفع طائر ضخم ذو لون ذهبي أمام الجميع ، خافقاً بجناحيه
فأثار رياح قوية أجبرت شين مانيي على التراجع خطوات
متيبّسة إلى الوراء
عندها فقط سمح دا دونغ لنفسه بأن يسترخي ويزفر بارتجاف
في الحقيقة لم يكن من الممكن لومهم على ردة فعلهم الشديدة
فمظهر الآنسة شين مانيي كان مرعباً حقاً
تذكّر وين شي كيف كانت مطويّة ككتلة صغيرة قبل قليل،
وظل يشعر أن جسدها الحقيقي محشور في مكان ضيق
وصغير ما، غير قادر على التمدّد
ولعلها ظلت محبوسة هناك لوقت طويل،
إذ بدت على جسدها بالفعل علامات التعفّن
جلدها ولحمها المترهّلان يتدلّيان للأسفل ، مما جعل
عينيها تبدوان صغيرة للغاية
وزوايا فمها منحنية للأسفل ، فلم يعد ممكناً رؤية ملامحها الأصلية
عظام نصف راحتيها بارزة ، والتحلّل أشدّ قرب معصميها
ومفاصل ذراعيها ، ربما لأنها ظلت مثنية وملتوية لفترة طويلة
كما أن أحد حمالات فستانها قد تآكل ، فانحدر الفستان
بشكل مائل على جسدها، كاشفاً عن كتف واحد
قماش الفستان في حالة مزرية ، حتى إن أي شدّة خفيفة قد
تجعله يتمزّق بالكامل
أنزلت شين مانيي رأسها
ومع كثرة الوجوه المذعورة أمامها ، بدا أنها تقيّم نفسها
تمتمت بصوت واهن:
“ قبيحة جداً .”
وبعد لحظة — انبثق دخان أسود كثيف من جسدها كجدول لا ينتهي
ارتجفت الفوانيس الثلاثة عدّة مرات ، وشعر الجميع
بانخفاض حرارة الغرفة أكثر فأكثر
أما المراهقون الثلاثة تحت القماش الأبيض للأريكة فقد
استشعروا على الفور اندفاع طاقة مظلمة مفعمة بالحقد
و تجمّدوا في أماكنهم ، متشابكين معاً ، ولم يجرؤوا على الحركة
ابتلع دا دونغ ، وشدّ أصابعه بقوة وهو يسيطر على الطائر الدامبنغ الذهبي
وبينما يحميهم من شين مانيي، رمى نظرة
ذات معنى نحو الشخص الواقف خلفها
فهذه الروح المليئة بالحنق أوشكت على الانفجار ،
لكن التلميذ الأكبر لعائلة شين بدا غافلاً تماماً ، لا يدري أنه
ينبغي أن يبتعد عن الطريق
لم يجرؤ دا دونغ على إصدار أي صوت ، وبينما رأس شين مانيي ما يزال مطأطأً،
اضطر إلى أن يحرّك شفتيه بشكل مبالغ فيه موجّهاً كلامه
للتلميذ الأكبر لعائلة شين:
“ تعال إلى هنا ! إلى هذا الجانب !”
لكن التلميذ الأكبر كان كالأعمى ، لم يتحرك على الإطلاق
قصر قامة شين مانيي يسمح لأي شخص يقف خلفها أن يرى قمة رأسها
شعرها أسود قاتم بلا بريق ، مربوط بضفيرتين،
لكن فرق منتصف الرأس كان مائل ، وفيه بقعة صلعاء
متقيّحة تكشف اللحم أسفل فروة الرأس
و بدا أن الشعر هناك قد انتُزع أثناء صراع
أحيانًا ، ذلك المكان يُشعرها بالبرودة قليلًا ؛
وأحيانًا أخرى يؤلمها بخفة
لكن في معظم الأوقات لم تكن تلاحظه على الإطلاق وكأنها اعتادت على وجوده
أمسكت بحافة فستانها وحاولت جاهدًة أن تتذكر لونه الأصلي
وفجأة، امتدت يد تشد الفستان الذي كان ينزلق عن كتفيها
و بعدها اخترق خيط قطني طويل ورفيع القماش
تحرك بمهارة وكأنه حيّ، وربط عقدة في الأمام والخلف،
منقذًا الفستان الذي كان على وشك الانهيار
ثم فقد الخيط حيويته وتحول إلى مجرد خيط قطني عادي،
بديلًا مقبولًا عن الحمالة المتحللة على كتفها
حدقت شين مانيي بالخيط لفترة طويلة في شرود، ثم رفعت رأسها
على الأرجح عنقها قد كُسر والتوى في الماضي أيضًا، لذا
حينما نظرت إلى الأعلى كاد رأسها أن يتدلّى إلى الوراء تمامًا
ضحكت بخفة، ربما في محاولة متعمدة لتخويفه،
لكنها سرعان ما اكتشفت أنّ ضحيتها غير مبالٍ على الإطلاق
رأت خطّ ذقن وين شي الحاد والوسيم ، ورأت أصابعه
الملفوفة بالخيط، التي قد سحبها للتو
وبما أنّه طويل القامة ، لم تتمكن من رؤية وجهه
ونتيجة لذلك، تركت رأسها متدلّيًا إلى الوراء لفترة،
حتى عدّلته ببطء إلى وضع مستقيم
ومع حركتها ، ترددت طقطقات عظام خافتة ، تبعث
قشعريرة في الأجساد
غيرت وضعها لتدير رأسها وتنظر خلفها ، فالتقت بوجه وين شي الخالي من أي تعبير ،
أبعد ما يكون عن ' اللطف ' — لكنه بالفعل الشخص الذي أصلح فستانها
قالت شين مانيي فجأة : “ الرباط ليس جميل مثل عُقد ماما تساي.”
“…”
لم يجد وين شي ما يرد به
لم يكن لديه أدنى اهتمام في مقارنة مهاراته بالخياطة واللف مع ماما تساي
فطوال الألف عام الماضية لم يستخدم خيطه إلا في أغراض
بالغة القسوة : كتحريك الدمى أو القتل ؛ لم يكن أبدًا لأجل شيء كهذا
قد لا يملك ما يقوله ، لكن شخصًا آخر قاله —
تقدم شيه وون بخطوات متراخية وانحنى قليلًا ليسأل شين مانيي :
“ أخبِريني … أي جزء ليس جميلًا مثل رباط ماما تساي؟”
زمّت شفتَيها في ضيق، وأشارت إلى الحمالة المتعفنة من فستانها : “ هذا الفستان لونه أصفر فاتح ،
وكان يجب أن
يكون هنا شريط على شكل فيونكة ، فيونكة كبيرة جدًا .
ماما تساي هي من ربطتها لي ”
أومأ شيه وون ثم اعتدل وقال لوين شي: “ما زال ينقصها
شريط ، عليك أن تصنع واحدًا لها .”
و دون أن يرفع رأسه ، قال وين شي بصوت منخفض وجامد: “ انقلع .”
تمتمت شين مانيي في تذمر: “ لست بحاجة إليه ليصنع لي واحد .
فيونكتي فقط سقطت ، هذا كل ما في الأمر .”
شيه وون : “ سقطت أين؟”
صمتت شين مانيي طويلًا. ثم قالت: “ لا أعلم ، كنت أبحث عنها ،
لكن لم يساعدني أحد .
ماما تساي اختفت ، و السيد لي والآخرون أيضًا .
لم يعد هناك من يلعب معي، ولا من يساعدني في البحث
عن فيونكتي
لم أجد إلا أن ألعب معكم .”
شيه وون : “متى سقطت؟”
أنزلت شين مانيي رأسها وفكرت قليلًا ، ثم رفعته ببطء مجددًا :
قالت : “ حينما طُوِيْت .”
ساد الصمت الغرفة للحظة
وبعد قليل ، سأل وين شي فجأة: “ من الذي طواك ؟”
ثبتت شين مانيي عينيها السوداء عليه في تحديق لا يزول
كرر وين شي سؤاله : “ من الذي طواك ؟”
فتحت شين مانيي فمها
وللحظة وجيزة ، بدا شكل فمها المستدير وكأنه يوشك أن تلفظ ' أنا ' أو ' أخي ' لكنها اغلقت شفتيها
بسرعة قبل أن
تنفلت أي مقطوعة لفظية
وبعد وقت طويل ،
هزت رأسها قائلة : “ لا أعلم .”
عبس وين شي جبينه
{ هل كانت على وشك أن تقول: ' أنا ' من فعلت ؟
أم: ' أخي ' الصغير هو من فعل ؟ }
كان حدسه يلح عليه بأن في المذكرات أمرًا غريب ،
لذا أراد أن يتحقق من محتواها مع شين مانيي
لكن بالنظر إلى شكل فمها ، فهي على الأرجح كانت
ستوجههم إلى نفس الاتجاه الذي وجهتهم إليه المذكرات
في البداية، ظن أن هذا المكان قد يكون قفص شين مانيي
لكن الأمر لم يكن على هذا النحو على الأرجح ،
بالنظر إلى كلامها المراوغ والمقيّد
على الأقل، لم يكن قفصها بالكامل
{ هل يمكن أن يكون قفصًا ذا سيدان آخر ؟
لكن إن كان الأمر كذلك ، فمن الواضح أنّ شين مانيي هي
الطرف الأضعف
فكيف لها أن تقف هنا بسلام ؟
أيًّا تكن الإجابة — بما أنّ شين مانيي هي من ظهرت أولًا ،
فلا بدّ أن يتم التعامل معها أولًا }
: “ أريد شريطي ، أريد شريطًا جميلاً ,” كررت شين مانيي بإصرار
صوتها الحادّ النافذ يتردّد في أرجاء الغرفة كلها
: “ لماذا لا تأتي ماما تساي والباقيات لمساعدتي ؟
لقد بحثت طويلًا ، لماذا لا يأتين ؟”
قال دا دونغ بسرعة وهو يلاحظ أن الضباب الأسود حول
جسدها بدأ يثور بعنف متزايد ، ونبرتها تغدو أغرب فأغرب : “ لا، إن – إن لم يأتين ،
فسوف نساعدك نحن . سنبحث عنه ، سنبحث عنه . لا تفزعي .”
قبض بقوة على طائر الدابنغ الذهبي المجنّح خاصته،
واندفع يبحث على عجل في أرجاء الغرفة، ليُسمع صوت لاو ماو يقول:
“ لقد فتشنا كل غرفة في طريقنا إلى هنا . لم يكن هناك أي شريط إطلاقاً .”
عبس دا دونغ بوجهه وأشار إليه محذّرًا إياه من كلامه مهما
كان الثمن : “ ماذا لو فاتنا بالخطأ ! لا تفزعوا ، لا يمكن ألا
نعثر عليه مع كل هذا العدد الذي يبحث سويًا .”
لكن لاو ماو تكلّم مجددًا: “ لقد قالت إنها تبحث عنه منذ
وقت طويل، ومع ذلك لم تجده .”
دا دونغ: “ أنت—!”
{ إلى أي جانب تنحاز بالضبط ! }
نظر إليه بنظرة حادّة وحرّك شفتيه بكلمات صامتة ' أنت في
صف من بالضبط؟ ' خشي أن تلاحظ شين مانيي
ثم التفت نحو شيه وون
في البداية، أراد أيضًا أن ينظر إليه بغضب ، لكن حين واجه
نظره مباشرةً ، فقد شجاعته
دا دونغ: “ ألن تفعل شيئًا مع موظفك ؟ أنا أقوم بفكّ قفص هنا ،
لا ينبغي أن يحدث أي عبث كهذا .”
لكن شيه وون أجاب: “ يمكنني فعل شيء نعم ،
لكن برأيي ما قاله لاو ماو صحيح .”
ومع أنه كان ينظر إلى دا دونغ ، إلا أنه أمال رأسه قليلًا وهو يتكلّم ، وكان واضحًا أنه يقصد وين شي
قال وين شي بصوت خافت: “ أعلم .”
كان ذلك صحيح
هو لم يرَى في كلام لاو ماو أي خطأ أيضًا
فلو كان الشريط في مكان عادي—تحت السرير مثلًا أو خلف خزانة — فلماذا ظلت شين مانيي عالقة هنا طويلًا ، عاجزة
عن إيجاده مهما حاولت ؟
سأل وين شي محاولًا: “ أأنت متأكدة أنه ما زال هنا ؟”
أومأت الطفلة : “ نعم”
كان جوابها واثقًا للغاية ، وكأنها في أعماقها تعرف تمامًا أين
ذلك الشريط منذ البداية
لكنها فقط لم ترد الذهاب إليه ، أو بالأحرى لم تجرؤ
كانت تشبه سيّد القفص ، تستطيع الدخول والخروج كما تشاء ،
تعبث بمجموعة من الناس ،
فأي مكان إذًا لم يكن لديها الجرأة على الاقتراب منه ؟
وبما أن وين شي خبير في هذا المجال ، فقد كان الجواب
واضحًا أمامه الآن—معظم الموتى يخافون من مكان واحد :
مكان جثتهم —-
لأن لا أحد يريد رؤية نسخة ميّتة من نفسه
وهذا ينسجم مع هدفهم النهائي ——
ولهذا السبب هو وشيه وون وجدا هذه الغرفة بالذات—
السجّاد هنا بُدّل أكثر من مرة
ما لم يكن هناك ظرف استثنائي ، فجسد شين مانيي
الحقيقي ينبغي أن يكون في هذه الغرفة بالذات
لكن أي مكان ضيق ومكتوم يمكن أن تُطوى فيه شين مانيي على هذا النحو ؟
الخزانة ؟ خلف المرآة ؟ داخل الجدار ؟
وبينما وين شي يتتبّع آثار السجاد محاولًا العثور على مصدرها ، انطلقت صرخة ذعر فجأة من ناحية الأريكة
: “ اللعنة!!!” كان صوت تشو شو الصاخب كافيًا لجذب انتباه شين مانيي
اهتزّ الغطاء الأبيض العريض بعنف ، ثم اندفع المراهقون
الثلاثة من تحته بصعوبة
و انزلق شيا تشياو وسون سيتشي إلى الأرض مباشرةً ،
ووجوههم مليئة بالفزع
صرخ شيا تشياو: “ غااااا انظر لهذا !”
رفع تشو شو يده عاليًا ، ممسكًا بين أصابعه شيئًا طويلًا حريريًا
بعينين واسعتين قال : “ إنه شعر !”
وبفعل ضوء الفانوس استطاع وين شي تمييز ما هو
لم يكن بضع خصلات شعر ، ولا كرة متشابكة ، بل كتلة
كاملة من الشعر ، وبها قطعة من فروة الرأس ،
كأنها انتُزعت قسرًا من رأس أحدهم حين كان يُحشر بعنف في مكان ما
سأل وين شي: “ أين وجدت هذا ؟”
أشار تشو شو بجوار قدميه : “ كان عالقًا بين ألواح الأرضية !”
حدّقت شين مانيي بالكتلة الشعرية بضع ثوانٍ ،
ثم لامست الجرح المتقشّر المدمّى في مؤخرة رأسها ،
وصرخت فجأة
صرخات متواصلة لا تنتهي
حادة حدّ الجنون
تمدّد الضباب الأسود من حولها بجنون ، واهتزّ المبنى بأسره
تحرك سون سيتشي إلى الوراء ملتصقًا بالجدار ، و شعر بشيء رطب يتدفّق عليه
اخترق أنفه عبق معدني عتيق ، فالتفت ليرى أن الجدار كله ينزف دمًا
ومع تحوّل صرخات شين مانيي إلى نحيب ، بدأت الغرفة كلها تبكي معها
الضباب الأسود المنتشر التهم من في طريقه
شهق تشو شو وتلمّس وجهه ، فظهرت عليه جروح في
المواضع التي مرّ بها الضباب، وبدأت تلك الجروح تنزف أيضًا
انقضّ الدابنغ الذهبي المجنّح لدا دونغ أمام الآخرين ناشرًا
جناحيه الطويلة ليولّد عاصفة قوية محاولًا صدّ الضباب الأسود
لكن ما استطاع توفيره من حماية كان محدود
وسرعان ما بدأت الجروح تظهر على جناحيه وجسده أيضًا
تمتم دا دونغ: “ ابحثوا أسرع ، ابحثوا أسرع .
عليّ أن أسرع ، هذه الصغيرة تفقد عقلها … ”
لفّ خيط الدمية حول يده الأخرى ، وبدأ يهدم كل مكان
يمكن أن يختبئ فيه شخص داخل الغرفة
لكن مهما فعل، كان البحث على هذا النحو بطيئًا جدًا
وبسبب إصابات الدابنغ الذهبي البالغة ، بدأ جسده يرتجف
ويتوقف تدريجيًا عن طاعته
وقبل أن ينهار دا دونغ من الضغط ظهر فجأة في مجال
رؤيته خيط أبيض متقاطع بكثافة
و انطلقت الخيوط متشابكة كشبكة هائلة معقّدة
ومع أنها بلا شك مجرد خيوط قطنية بيضاء عادية ، إلا أن
بريقًا معدنيًا بدا وكأنه يلمع عليها
و للحظة ، تذكّر دا دونغ فجأة كيف كان معلمه قد شقّ قفلًا
نحاسيًا بخيط دمية واحد
في ذلك الوقت، بدا هذا الخيط تمامًا كما هو الآن—أرفع حافة سيف
{ من يكون هذا ؟! }
تجمد دا دونغ للحظة
حتى سمع صوت وين شي من خلفه : “ اجعل الدابنغ يحمي الفريق .”
استجاب دا دونغ تلقائيًا
و مع حركة معصمه ، تراجع الدابنغ الذهبي المجنح بسرعة
وفتح جناحيه الهائلين أفقيًا ، ليحمي تشو شو — شيا تشياو
وكل من تحت جناحيه
{ ماذا بعد الآن ؟! }
تسلّل دا دونغ من خلال مسافة في الجناح
وعندما رأى الشخص المظلل بالضباب الأسود ، أدرك أخيرًا شيئًا—
كانت خيوط الدمى الباردة واللامعة في الحقيقة صادرة من وين شي
أصابعه مشدودة ، وعظام ظهر يديه بارزة بوضوح
من أحد الطرفين ، كانت خيوط الدمى ملتفة حول أصابعه؛
ومن الطرف الآخر ، كانت مثبتة بقوة في الجدران الأربعة ،
وألواح الأرضية ، بالإضافة إلى الخزائن والمرايا
ثم، مع لفّ معصميه ، جمع الخيط وسحبه شدّة
و انطلقت أصوات التمزق الكثيرة في كل أرجاء الغرفة على الفور
أدرك دا دونغ أخيرًا لماذا طُلب منه حماية المجموعة
بالدابنغ— تحت جناحي الطائر — شاهد الجميع بلا حراك
كيف تسببت قوة خيوط الدمى في تفجير جميع أماكن
الاختباء المحتملة في الغرفة في الوقت نفسه
و على الفور ارتدت شظايا الزجاج ، وبرش الخشب ، وقطع
المعدن ، ورقائق الطوب في كل مكان
لحسن الحظ كانت جناحي الدابنغ بمثابة درع ؛ وإلا لما
بقيت أي قطعة لحم سليمة على أي جسد
كانت هذه الحركة من وين شي واضحة للغاية
حتى شين مانيي صُدمت
توقفت الصرخات والنحيب فجأة ، وكاد الضباب الأسود
المضطرب أن يتجمد في مكانه ، عائمًا حول وين شي مثل الغيوم المتدفقة
الغرفة بأكملها فوضى
السرير ، الأريكة ، البيانو… تقريبًا كل الأشياء الثقيلة ارتجّت
من مواقعها الأصلية ، باستثناء بعض علاقات الملابس في
الزاوية التي ظلت واقفة بهشاشة لأنها كانت مدعومة بشيء
أما الأشياء الأخف ، فكانت كلها مقلوبة ومنقلبة
مسح وين شي بكفه أثر الدم الذي خلفه الضباب الأسود على جانب وجهه
وفحص الغرفة بحثًا عن جسد شين مانيي
قال شيه وون وهو يربت على كتفه بخفة مشيرًا إلى أحد الزوايا : “ هناك .”
تفاجأ وين شي
أول رد فعل له كان الدهشة من كون شيه وون لا يزال واقفًا
هنا ولم يختبئ تحت جناحي الدابنغ
لكن بعد ثانية حُوّل انتباهه إلى المشهد أمامه
كان شيه وون يشير إلى الأريكة التي قد حُشر عليها تشو شو،
شيا تشياو، وسون سيتشي سابقًا
الأريكة موضوعة بشكل خطير فوق أرضية خشبية منتفخة وغير مستوية
و وسط الصمت ، أصدرت تلك الأرضية عدة صرير ثم
انهارت بسبب الوزن الثقيل ، فسقطت مع ارتطام مدوّي
وبسبب الارتطام المفاجئ ، ظهر لون أصفر فجأة في الشق
الصغير أسفل الأريكة، كما لو أن ثياب أحدهم انزلقت
عرف وين شي فورًا — هذا فستان شين مانيي
سادت الغرفة حالة من الصمت القاتل
وقفت شين مانيي الصغيرة أمام وين شي، محدقة بلا حركة نحو الأريكة
كان وين شي على وشك إرسال خيط دمية آخر لسحب
الأريكة عندها سمع شيه وون يقول بلطف : “ لا تسحبها بعد الآن ،
سأفعل أنا .”
الغرفة مغطاة بألواح أرضية مكسورة وشظايا زجاجية
ولكن——- شيه وون يمشي بثبات فوق الحطام
رفع الغطاء الأبيض الذي تفوح منه رائحة الغبار المتراكم
على مدى سنوات طويلة جدًا
وانحنى نصف انحناء ، وأزال وسادة الأريكة الثقيلة ، ليكشف
عن عيني الطفلة المستديرة المفتوحة تحتها
مطوية ومُحشورة داخل الإطار الخشبي المربع الذي يشكّل
الجزء السفلي من الأريكة
ذراعاها ملفوفتين حول ركبتيها، ومنحنية في وضع يوحي
بأنها شعرت بعدم الأمان الشديد
أكثر تحللاً من شين مانيي التي رأوها في البداية —تكاد تكون
غير قابلة للتعرف عليها
الشريط الأصفر الفاتح مُمسكًا بإحكام في يدها
كان جميلًا حقًا، من النوع الذي تحبّه الفتيات الصغيرات،
إلا أنه ملطخ بالدماء ويصدر رائحة كريهة
لكن شيه وون لم يُبدِ أي رد فعل ، ولم يضغط يده على
طرف أنفه كما يفعل عادةً عند السعال
نظر ببساطة إلى الشريط ثم سحبه من قبضتها
و في اللحظة التي مرّت أصابعه فوقه ، اختفت بقع الدم ،
وتحول الشريط نظيفًا في لمح البصر
الشيء الوحيد المتبقي عليه كان طبقة خفيفة من الغبار
استقام شيه وون وبدأ يمشي عائدًا نحو شين مانيي ووين شي
الأريكة خلفه قد صُنعت قبل عقود عديدة ، وقد احتوت
على فتاة صغيرة داخلها لفترة طويلة جدًا
انهار هيكلها مع أصوات تشقّق ، وتدحرج الجسم المطوي،
ملفوفًا في فستان قديم ممزق، على الأرض مع صمت مكتوم
حينما سقط الجسد ، رأى شيه وون وين شي يمد يده ليغطي عيني الطفلة الواقفة أمامه
تذكّر فجأة قفصًا حدث قبل عدد غير معروف من السنين
كان أيضًا مشهدًا للدمار الكامل ، إلا أنه كان أكثر عزلة وهدوءًا من هذا المكان
…..
وقتها —— في ذلك القفص —- كان الغروب
لأن كل شيء كان ملوّن بدرجات حمراء ذهبية باهتة ،
كأنها دماء لم تُغسل بالكامل
أشرطة حريرية بيضاء محلية الصنع ملفوفة بإحكام حول
قاعدة أصابع وين شي
جرّ نهايات الأشرطة ، و تتدلى بحرية
وين شي طويل القامة ، وشعره الطويل مربوط بعناية واهتمام ؛
رغم أن ردائه والأشرطة ملوّثة بمزيج من اللحم والدم ،
إلا أنه لا يزال يعطي انطباعًا بالنظام والترتيب
و عندما اقترب منه شيه وون رأى أن وين شي يغطي عيني شخص مسن
كان وين شي ينظر إلى الأرض ، شفتاه مشدودة ؛ هادئ
وواثق ، منه المسن من رؤية جداول الدم المتعرجة حوله
في تلك اللحظة ، أدرك شيه وون أخيرًا شيئ
الطفل الذي كان يحرص على تغطية عينيه ،
و الذي كان يسعى لحمايته —
ذلك الطفل قد كبر وأصبح كالثلج والجليد على قمة جبل عالٍ
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق