القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch38 برج الأبروش

 Ch38 برج الأبروش




كان فانغ هاو شديد الحرص على النظافة ، و بعد كل ما 

حدث سابقًا ، لم يرغب إلا في الاستحمام ، 

ذهب أولًا ، ثم تلاه تشن جيايو ،


وعندما خرج تشن جيايو من الحمام ، كان فانغ هاو قد 

استلقى بالفعل في السرير و ألقى الأشياء المستعملة 

وملاءات السرير في الغسالة ، وأشعل شمعة تفوح منها 

رائحة الغابة الشتوية المريحة ، مسترخٍ تحت الأغطية ، 

بدا صغيرًا ودافئًا ، يتصفح هاتفه مع تثاؤب خفيف 


رؤية فانغ هاو هكذا جعلت تشن جيايو يشعر ببعض الغربة ،

استعان بمنشفة فانغ هاو لتجفيف شعره ، جالسًا عند طرف السرير، وسأل:

“ ارفع قميصك لألقي نظرة "


هز فانغ هاو رأسه وأجاب بكلمة واحدة : “ بردان "


لم يمنع هذا تشن جيايو —- اقترب أكثر ، متظاهرًا برفع 

البطانية ، وأخيرًا استسلم فانغ هاو ورفع قميصه بمحض إرادته


أراد تشن جيايو التأكد من أنه لم يؤذيه بإمساكه السابق، 

لكن فانغ هاو اكتفى بالقول:

“ لا بأس ، أنا قوي جدًا .”


كانت العلامات الحمراء على خصر فانغ هاو قد تلاشت قليلًا 

لكنها ما زالت واضحة ، لكن مع انزلاق نظرة تشن جيايو إلى 

الحلمة المنتفخة قليلًا ، اجتاحه شعور لا يوصف


في هذه اللحظة ، تمنى لو تنبت جذور من قدميه ، ليبقى في 

هذا الغرفة ، بجانب فانغ هاو ، ولا يغادر أبدًا


ارتجف فانغ هاو تحت النظرة المركزة لتشن جيايو وسحب 

قميصه سريعًا إلى الأسفل : 

“ هل انتهيت ؟ لن أريك مجددًا غدًا "


تشن جيايو وكأنه أدرك شيئًا ، وضع المنشفة الرطبة على كتفيه العريضين ،

 استلقى على السرير ، والتفت إلى فانغ هاو بنظرة جادة :

“ لا أريد أن أرحل ، ماذا نفعل ؟ نتحدث ؟”


تحدث بصراحة ، معبّرًا عن كل ما في ذهنه دون أي تصنع ،

ربما هذه أول مرة يُظهر فيها مشاعره وأفكاره بهذه الشفافية ،


فانغ هاو كان يمتلك طريقة تجعله يشعر بالراحة التامة ، 

هالة غامضة تجعله يشعر بذلك ،

وربما هذه الهالة هي ما يُسمّى بالقدر ؛ لقد شعر بها ، وكان 

يعلم أن فانغ هاو شعر بها أيضًا 


تنهد فانغ هاو ووضع هاتفه جانبًا


لم يرغب فعليًا أن يغادر تشن جيايو أيضًا


رغم عادته بعدم السماح لأي أحد بالمبيت — مفضّلًا إبقاء 

الأمور مهذبة ومقيدة ، وبعد أن تُشبَع الرغبات ، من اللائق 

العودة إلى المنزل — لكن تشن جيايو لم يكن أي شخص


وربما كان تشن يعرف أفكاره أيضًا


استلقاءه على السرير وبسلوكه الجريء جعل فانغ هاو يرغب بالابتسامة


لكن إذا بقي تشن، سيضطران إلى الدخول في حديث طويل 

حول علاقتهما ومشاعرهما تجاه بعضهما


فانغ هاو كان متعبًا جدًا للتعامل مع نقاش معقد كهذا الآن


في النهاية، اكتفى بالإشارة إلى حقيقة:

“ يمكنك البقاء إذا أحببت . لكن ألا يوجد لديك رحلة غدًا ؟”


عرف تشن أن فانغ هاو لم يكن في الخدمة في اليوم التالي

 — وإلا لما سمح له بالاقتراب من أي شيء فوق رقبته على الإطلاق


الآن وبعد أن سأله فانغ هاو ، اضطر تشن للاعتراف :

“ لن أقود الطائرة خلال النهار ، لكن لدي اجتماع ، 

عليّ الحضور إلى الشركة في التاسعة والنصف ،

سأطير إلى شنتشن باوآن في المساء .”


كان هذا أيضًا سبب توقفه عن الشرب خلال الساعتين 

الماضية ، ومباشرته بإعادة ترطيب جسده


أجرى فانغ هاو بعض الحسابات :

“ إذا عدت الآن ، ما يزال بإمكانك النوم أربع ساعات ونصف .”


تشن:

“ أستطيع الطيران بأربع ساعات نوم ، طالما لم أتجاوز ليلةً أو أكثر بلا راحة متتالية .”



دفعه فانغ هاو بخفة ، وفي صوته لمحة من الدلال :

“ لدي ما يكفيني من ضغوط العمل ، فلا تُحمّلني مسؤولية سلامة الطيران أيضًا .”


ابتسم تشن جيايو ولم يُلحّ أكثر:

“ سأبيت في شنتشن غدًا ،، لنتحدث عندما أعود بعد الغد .”


كان ذلك مناسبًا تمامًا لفانغ هاو فقال:

“ حسنًا ، لدي نوبة ليلية بعد غد. يمكننا أن نتحدث بعد انتهائها .”


تشن :

“ هل أنت جائع ؟ هل ترغب أن تأكل شيئًا ؟”


شعر فانغ هاو بشيء من الاهتمام ، لكنه لم يكن جائعًا فعلاً. 

أجاب بصدق وأضاف بابتسامة ماكرة :

“ أنت لست مدهشًا كما تظن .”


ظل تشن جيايو جالسًا بضع دقائق أخرى حتى جفّ شعره 

تقريبًا ، ثم جمع ملابسه واستعد للمغادرة


وحين أصبح رحيله جديًّا بالفعل ، شعر فانغ هاو بشيء من التردد ، و خطر بباله — { لو أن تشن بقي هنا ، وتشاركنا 

السرير دون حديث ، لكان ذلك جميلًا أيضًا } فسأله:

“ ألا يمكنك إلغاء الاجتماع ؟”


حين سمع تشن أخيرًا فانغ هاو يطلب منه البقاء ، شعر أن 

كبرياءه على الأقل قد أُرضي ، لكنه هز رأسه وقال :

“ فات الأوان للتأجيل الآن . سيكون الأمر مرهقًا للغاية .”


: “ همم، حسنًا .” أومأ فانغ هاو


كان يفهم أولويات تشن جيدًا ، فعندما سافر إلى هونغ كونغ من قبل ، 

ورغم حالته النفسية السيئة ، لم يطلب إجازة


وبالطبع لم يكن ليتجاهل واجباته من أجل لحظة عاطفية عابرة


حاول فانغ هاو أن يرافقه إلى الباب ، لكن تشن لوّح بيده 

وقال إنه متعب وعليه أن يستريح ،


تقدّم تشن جيايو إلى جانب السرير —- يرغب بشدة أن 

يُقبّله — قبلة عميقة تكفيه لثمانٍ وأربعين ساعة من الفراق — لكنه كبح نفسه


فاكتفى بسحب رأس فانغ هاو بين ذراعيه ، وعبث بشعره القصير ، وأعطاه نصف عناق


وقبل أن يغادر ، ناداه فانغ هاو :

“ جيا غا ، رحلة موفقة .”


انسابت الابتسامة إلى عيني تشن جيايو:

“ نعم ، ستكون كذلك .”


لقد سمع هذه الأمنية آلاف المرات من قبل ، لكن هذه 

المرة، كان واثقًا أنها ستتحقق


———



نام فانغ هاو حتى الظهيرة في اليوم التالي ، وأيقظه رنين جرس الباب


كانت فان رولان والدته — ألقى نظرة على هاتفه، فوجد رسالة منها :

[ ابني ، إذا لم تفتح خلال خمس دقائق ، فسأدخل بنفسي ]


ارتفعت أجراس الإنذار في رأس فانغ هاو —- ، لكنه شعر 

بالامتنان لأن والدته تُبدي بعض المراعاة ،

فقد حضرت بالأمس حين أحضرت الكعكة ، ورأت الحفل 

الصاخب ، وربما خمنت أنهم سهروا حتى وقت متأخر ، 

ولهذا أرادت أن تمنحه بعض الخصوصية ،

لكنه لم يتوقع حضورها المبكر إلى هذا الحد ،

و كان من حسن الحظ أنه ودّع تشن جيايو بالأمس ، وإلا لما استطاع تفسير الموقف إطلاقًا


نهض بسرعة وغسل أسنانه ، بينما يتفقد بشرته المكشوفة


معظم الأماكن كانت بخير ، يسهل إخفاؤها بقميص قصير وبنطال ، لكن الجانب الأيمن من عنقه… كان أمرًا آخر تمامًا


علامة حمراء صارخة ، تتخللها آثار أسنان أرجوانية واضحة، 

و من المستبعد أن تختفي قريبًا ،

ندم لأنه لم يوقف تشن جيايو الليلة الماضية حين اشتد 

الأمر ، مدركًا أنه سيدفع ثمن هذه اللحظة الآن 


فكّر في ذلك ، ثم أخذ هاتفه ، التقط صورة لعنقه في المرآة ، 

وأرسلها إلى تشن جيايو برسالة قصيرة :

[ هل وُلدتَ في عام القط ؟ ]


بثوانٍ معدودة تماسك فانغ هاو وفتح الباب بمظهر مقبول ،

استقبلته فان رولان بابتسامة مشرقة وقالت :

“ هل جئتُ مبكرة جدًا ؟”


ابتسم فانغ هاو ابتسامة مصطنعة ، محاولًا كبح التثاؤب:

“ أبدًا ... كنتُ أستيقظ للتو ...” ثم خطر بباله شيء فسأل:

“ هل عاد شنغجي إلى المنزل بسلام البارحة ؟”


أجابته مطمئنة :

“ نعم ، هو بخير .”


شعر فانغ هاو بوخزة من الذنب وقال وهو يعبث بعنقه بخجل :

“ ما كان ينبغي أن أبقيه ساهرًا حتى هذا الوقت .”


لوّحت والدته بيدها غير مهتمه :

“ شنغجي أصبح كبير الآن ، لو أراد العودة مبكرًا لفعل .”


أومأ فانغ هاو وأدخلها إلى غرفة المعيشة 


وهو يستدير ، كان يعرف أن والدته لن تفوّت العلامة الواضحة على عنقه ، و تجهّز داخلياً لردّها


لكن فان رولان لم تقل سوى بابتسامة ذات مغزى:

“ يبدو أن عيد ميلادك لم يكن وحيدًا هذه المرة "


ارتفعت حرارة وجه فانغ هاو ، فتهرّب قائلًا :

“ مع وجود هذا العدد من الأصدقاء حولي ، من الطبيعي ألا يكون وحيدًا .”

لكنه أدرك تمامًا ما كانت تلمّح إليه


دخلت في صلب الموضوع قائلة بنبرة جمعت بين الفضول والحماس:

“ شنغجي ذكر لي شيئًا البارحة … إذن ، متى سنلتقي بذلك الشخص المميز ؟”


توقف فانغ هاو لحظة قبل أن يسأل ببطء :

“ ما الذي قاله شنغجي بالضبط؟”

ولعن في سره أخاه الذي لم يبلغه مسبقًا ؛ و با يعرف ما الذي سمعته أمه بالفعل


تلألأت عينا فان رولان بمكر خفيف :

“ لم يقل الكثير ... أفضل أن أسمع منك مباشرةً .”


لطالما آمنت بالتواصل الصريح ، فكان نهجها في التربية 

طوال ثلاثين عامًا قائمًا على الصدق المتبادل ، وها هي لا تحيد عن مبدئها الآن


تنفّس فانغ هاو ببطء مستسلمًا للصراحة:

“ هناك… شيء ، لكنه حدث فجأة… 

أعدك أنني سأقدّمه لك حين أكون مستعدًا .”


بدت فان رولان راضية بهذا الجواب وقالت :

“ عندما تكون مستعدًا ، يمكنك أن تدعوه لينضم إليّ وإلى 

عمك جيمس في موعد مشترك .”


اتسعت عينا فانغ هاو بدهشة 


كان يعرف أن والدته تواعد رجلًا أمريكيًا صينيًا اسمه 

جيمس — اسمه الصيني لي هيي — منذ أشهر عبر نادي القراءة ، لكنه لم يلتقِ به شخصيًا بعد 


قال فانغ هاو بجدية :

“ ما رأيك أن تصطحبيني أنا وشنغجي أولًا في موعد مشترك ؟  

أريد أن أتعرف إلى هذا الجيمس أيضًا كما تعلمين .”


لمعت عينا فان رولان بخبث مرح:

“ فلنرَى من سيلتقي أولًا — جيمس أم حبيبك المزعوم .”


صحّحها فانغ هاو : “… ليس حبيبي بعد "


وأثناء حديثهما ، فتحت فان رولان باب الثلاجة ، غير مبالية 

بالفوضى داخلها ، وقالت :

“ هل أنت جائع؟ يمكنني أن أعدّ لك شيئًا…”


لكن ذكر الطعام أيقظ ذاكرة فانغ هاو فجأة — فقال:

“ آه صحيح! نسيت تمامًا أن أخبرك ... كنّا جائعين جدًا بعد 

الشرب ليلة البارحة ، وانتهى بنا الأمر إلى طهو أقدام الدجاج آسف يا أمي "


خفت وجه فان رولان للحظة، وفيه لمحة من خيبة الأمل، 

لكنها التقطت النقطة الأهم بسرعة :

“ لحظظظة … أحد من مجموعتك يعرف كيف يطهّيها؟”


أجاب فانغ هاو باختصار :

“ نعم، أحد أصدقائي أعدّها .”


رن جرس الباب ، قاطعًا حديثهما


نظر فانغ هاو من خلال العين السحرية ، فلم يتعرّف على 

الشخص الواقف بالخارج ، 

بدا وكأنه عامل توصيل ، وهو أمر غريب ، لم يتذكر أنه طلب شيئًا مؤخرًا ،

وبعد أن تأكد من اسمه ورقم هاتفه ، قدّم الغريب نفسه 

على أنه موظف في خدمة توصيل المواد الغذائية الطازجة


فتح فانغ هاو الباب مستغرباً ، ليكتشف أن الطرد عبارة عن 

دفعة جديدة من أقدام الدجاج الطازجة


ظل فانغ هاو يحدّق في الطرد مذهولًا ، نصف نائم بسبب 

صداع ما بعد الشراب ، وقبل أن يستوعب الموقف ، 

قطعت والدته الصمت بصوت ماكر :

“ حسنًا ، لا داعي لأن تشعر بالذنب هذه المرة .”


في هذه اللحظة أدرك فانغ هاو أن الشخص الوحيد الذي 

كان يعرف بشأن أقدام الدجاج التي أعدّتها فان رولان مسبقًا، 

والتي أكلوها ليلتها، لم يكن سوى تشن جيايو


————————



في تلك الأثناء ، تشن جيايو في اجتماعات متواصلة بالشركة 

طوال الصباح حين شعر باهتزاز هاتفه ،

وعندما رأى أن الرسالة من فانغ هاو ، فتحها بسرعة وبشكل متكتّم


كانت الرسالة تحتوي صورة لفانغ هاو ، لا يظهر فيها وجهه ، 

بل عنقه فقط ، وقد غطّته علامات حمراء واضحة ، قُبَلة غامرة لا لبس فيها ،

 مع قميص فضفاض يزيد المشهد إثارة


كاد تشن جيايو أن يسقط هاتفه من الصدمة ~~



{ كيف يمكن لفانغ هاو أن يكون مغري إلى هذا الحد… 

ودون أن يبذل أي جهد ؟ }


الصورة أُرسلت بنبرة تحمل شيئًا من اللوم


كانت العلامات عميقة وبارزة فوق بشرته ، لكن هل شعر جيايو بالندم ؟ أبدًا ~~,


ابتسم بخبث وكتب ردًا ساخرًا :

【 إذا تجرأت على الفعل ، فتجرأ على الاعتراف 😉】


وكانت كلمة الفعل إيحاءً ذا معنى مزدوج جعله يبتسم أكثر


لكن فانغ هاو لم يتابع النقاش ، بل غيّر الموضوع قائلًا:

【 أنت من طلب أقدام الدجاج أليس كذلك؟ شكرًا .】


تحقق تشن جيايو من تطبيق التوصيل ، فوجد إشعارًا يفيد 

بأن الطلب قد تم تسليمه ، لم ينتبه للإشعار الصامت أثناء الاجتماع


كتب له:

【 نعم ، آسف لأننا داهمنا ثلاجتك البارحة ! .】


هز فانغ هاو رأسه بإعجاب — على الأرجح أن تشن جيايو لم 

ينم إلا في الثالثة فجرًا ، وربما لم يحظَ سوى بخمس 

ساعات نوم بالكاد ، ومع ذلك تذكّر أن يعوّض أقدام الدجاج ،

{ هذا … لافتًا ومؤثر حقاً }


لقد لاحظ من قبل أن تشن جيايو شديد الانتباه ، 

يلتقط التفاصيل الصغيرة بعناية ، ويعبّر عن اهتمامه بأفعال صامتة ، 


وعلى الرغم من كل تحفظاته ، كان فانغ هاو مضطرًا 

للاعتراف : لقد وقع بين يديه بالفعل ، بل وقع في غرامه ، واستسلم لذلك تمامًا ….


————————


في مكان آخر ، شعر تشو تشيتشن أن ما جرى بينه وبين لانغ فنغ تلك الليلة لم ينتهِي بعد ،،


وبالفعل ، بعد يومين ، حين أنهى رحلة من سيول إلى بكين ، 

أعاد تشغيل هاتفه ليتلقى رسالة عبر ويتشات من لانغ فنغ


كانت الرسالة مباشرة :

لانغ فنغ【 هل أنت مشغول هذا الأسبوع ؟】


أما آخر رسالة أرسلها تشو تشيتشن سابقًا فكانت : 

【 انسَ الأمر . لست مهتم .】


وبدا له الآن أنها كانت رسالة متسرّعة بل وسخيفة


لكن لانغ فنغ لم يُظهر أي حرج ، فقرر هو الآخر ألا يُظهره 

وردّ باستخفاف :

【 كما هو الحال دائمًا ، أطير في كل مكان . ماذا عنك؟  

هل أصبحتَ تسافر كثيرًا إلى بكين مؤخرًا ؟】


كانت آخر محادثة بينهما قصيرة ، بالكاد تجاوزت عشرين جملة ،،،

ولم تتح لتشو تشيتشن الفرصة ليسأله لماذا يتردد على بكين بهذا الشكل ، وها قد حانت اللحظة المناسبة الآن


جاء رد لانغ فنغ كاشفًا عن بعض ملامح حياته ،، وأخبره : 

والدته قد افتتحت متجرًا في بكين منذ عامين ، 

ولهذا السبب طلب من شركته أن تُسند إليه رحلات أكثر إلى هناك —- 

كما ذكر أن مساراته المعتادة كانت من أمستردام إلى بكين ، 

أو من أمستردام إلى إحدى المدن الأوروبية الكبرى ثم إلى 

بكين ، 

و يكرر هذا الخط على الأقل مرة في الأسبوع ، 

وأحيانًا يمكث في بكين ما يصل إلى ثلاثة أيام متواصلة —-


أما تشو تشيتشن فقد شعر بالغيرة من جدول عمله المنتظم

فبالمقارنة ، جدوله فوضوي تمامًا ، يسافر إلى طوكيو في يوم ، 

ثم إلى جنوب شرق آسيا في اليوم التالي ،

و كثيرًا ما يبيت خارج منزله ، ويتلقى اتصالات من الشركة 

ليحل محل طيارين آخرين — لكن هذا لم يكن مفروضًا عليه ، بل اختياره الشخصي


كان يحب التحليق في كل مكان ، كأنه يرسم خرائط جديدة للعالم ،


كما أن ذلك مكّنه من جمع ساعات طيران إضافية ، 

وكسب المزيد من المال ،


وبما أنه لم تكن لديه روابط عائلية أو حاجة للعودة كل ليلة 

إلى المنزل مثل تشن جيايو ، فإن هذه الحياة كانت تناسبه تمامًا ،،


وبعد أن أوضح له ذلك ، استغل تشو تشيتشن الموضوع ليوجه دعوة خفيفة :

[ في المرة القادمة التي نصادف بعضنا في مطار داشينغ ، 

لنجلس معًا لتناول وجبة ]


عبارة ' في المرة القادمة ' مبهمة ، أقرب إلى مجاملة أكثر 

من دعوة جادة ، كتعبير عن حسن النية بعد مغادرته 

المفاجئة لشقة فانغ هاو في الليلة السابقة ،


كان يظن أن احتمال أن يصادف لانغ فنغ في مطار داشينغ 

ضئيل للغاية ، فقد كان يطير من هناك مع خطوط هاينان 

منذ زمن طويل ولم يلتقِ به إلا نادرًا في الصالات T1 أو T3


وحتى إن التقيا صدفة ، فإن وجود هذا “الاتفاق المسبق” سيمنع أي حرج بينهما


لكن لانغ فنغ أخذ الأمر على نحو جاد أكثر مما توقع — 

فبعد أن قرأ رسالة تشو تشيتشن، رد قائلًا :

【 همم، كنت على وشك أن أسألك ذلك .】


انتظر تشو تشيتشن متسائلًا عما سيأتي بعد —- ولدهشته ، 

وبعد بضع دقائق ، أرسل لانغ فنغ جدول رحلات ملوّن مليئًا 

بالكلمات الهولندية ، لكن كلمة “بكين” بارزة بوضوح


لانغ فنغ : 【 هذا جدولي للأسبوع القادم ،】

【 أنا متفرغ في معظم الأيام ، 

فلِمَ لا تختار اليوم الذي يناسبك ؟】


ارتفعت حاجبا تشو تشيتشن في دهشة { هذا غير متوقع حقًا ،

تبادلنا قبلة واحدة ، وها هو يرسل لي الآن جدول عمله بأكمله ؟ 

هذا تحرك سريع فعلًا }



في الحقيقة لم يكن لانغ فنغ قد فكّر بالأمر كثيرًا ،،

كل ما في الأمر أنه شعر أن لقائهما الأخير قد انتهى بشكل 

مفاجئ جدًا ، و تلك الليلة ، وقبل أن يعرف حتى اسم تشو تشيتشن ،

 قد لمحَه جالسًا في مقعد الراكب بسيارة تشن جيايو ،

وبعدها ، حين رآه في كاونتر مطبخ فانغ يدير الأحاديث ببراعة ، وجد نفسه منجذبًا إليه ،

لم يكن تشو تشيتشن من نوعه المعتاد—فعادةً يواعد شباب صغارًا في السن ، وسيمين ، أو ذوي عيون زرقاء 

وشعر أشقر— لكن كان هناك شيء مختلف في تشو تشيتشن

شيء ناضج وغامض ، يستعصي على الفهم


وحين سحب يده يومها وأدخله إلى غرفة الضيوف في منزل فانغ هاو —- خفق قلب لانغ فنغ بقوة


لا يعرف الرجل الذي أمامه ، ومع ذلك أيقظ فيه رغبة عارمة 

على نحو سلس وطبيعي


لم تكن مجرد جاذبية عابرة ، بل كان فيها شيء من 

التحدي ، ومشاعر أخرى يصعب وصفها ،

لكن تشو تشيتشن رحل في تلك الليلة دون حتى أن يقول 

وداعًا ، ولم يره بعدها مطلقًا ،


تفحّص تشو تشيتشن جدول الرحلات بعناية ، وقارنه 

بجدوله ، 

ثم اختار مساء الخميس ، إذ بدا وقتًا مناسبًا حيث سيكون 

لانغ فنغ في بكين لأكثر من أربع وعشرين ساعة بعد انتهاء نوبته المسائية


وبعد أن ثبّت الموعد ، فتح تشو تشيتشن ملف فانغ هاو الشخصي ، راغبًا في الدردشة معه قليلًا


لكن أول ما رآه كان أن آخر محادثة بينهما كانت عن تشن جيايو — و بدافع فضوله الدائم ، كتب له:

【 كيف سارت الأمور مع الأخ جيا في ذلك اليوم ؟】


احتاج فانغ هاو إلى بضع ساعات حتى يرد بجملة صغيرة فقط :

【… الأمر طويل.】


خمن تشو تشيتشن مازحًا:

【 أوهوووووه … يبدو أن شيئًا مثيرًا قد حصل .】


لكن فانغ هاو الذي لم يرغب في الخوض بالموضوع ، غيّر المسار سريعًا:

【 دعك من ذلك . ماذا عنك أنت ولانغ فنغ ؟】


كان تشو تشيتشن قد شرب كثيرًا في تلك الليلة ، 

ولم يكن متأكدًا مما إذا كان فانغ هاو قد لاحظ شيئ ،

لذا قرر أن يتعامل مع الأمر بهدوء ، وكتب:

【 لنقل إننا تعرّفنا جيدًا هذه المرة . شكرًا لك بالمناسبة.】


نظر فانغ هاو إلى الرسالة وارتسمت ابتسامة على شفتيه ، ثم تابع:

【 وماذا كنتما تفعلان في حمّامي تلك الليلة ؟】


عندها أدرك تشو تشيتشن أن فانغ هاو قد لمح شيئًا بالفعل ، لكنه كان مهذبًا بما يكفي ليتجاهله في تلك اللحظة 


【 ليس الحمّام ، بل غرفة الضيوف ،】 صحّح له بنبرة كسولة ، ثم أضاف :

【 ولم يحدث شيء .】

لم يستطع مقاومة المزاح ، فتابع :

【 لم نلمس حتى الأغطية ، فلا حاجة لأن تُخرج مسحوق الغسيل .】


ازداد فضول فانغ هاو فسأله:

【 إذا لم تلمسوا السرير ، فما الذي لمستموه إذن ؟】


وحين شعر تشو تشيتشن أن المزحة بدأت تفلت من يده ~ ، 

تراجع سريعًا وأكّد له أن لا شيئ حدث فعلًا ، وأن السرير المرتب بشكله الكامل أكبر دليل ! ~


لكن فانغ هاو أراد أن يمازحه أكثر ، فكتب:

【 أنت لا تقول الحقيقة أبدًا ~ 

ربما عليَّ أن أسأل لانغ فنغ لأعرف القصة الحقيقية .】


【 أرجوك لا تفعل .】 كتب تشو تشيتشن بسرعة ، ثم أخبره بالحقيقة أخيرًا :

【 أنا جاد . لم نفعل شيئ . كل ما حصل أننا… تبادلنا قبلة .】


【…】

شعر فانغ هاو بالدهشة ، وفي داخله شيء من السرور الخفي

وفكّر أنه من الجيد أن يخبر تشن جيايو بذلك في وقت 

لاحق من المساء


صحيح أن تشن جيايو لم يكن من محبي القيل والقال كثيرًا ، 

لكن بما أن تشو تشيتشن صديق مشترك بينهما ، 

فلا شك أنه سيكون موضوعًا ممتعًا ليمازحه به ~~ 


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • عادي
  • متطور
  • ترتيب حسب الاحدث
    عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق
  1. تشوشين يتكلم عن السرعة وهوا اسرع واحد 😂😭

    ردحذف

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي