القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch43 برج الأبروش

 Ch43 برج الأبروش



في مطار بكين داشينغ ، هبطت طائرة بوينغ 737 ماكس 

التابعة للخطوط الجوية الصينية اير تشاينا بسلاسة ، ثم 

تابعت سيرها عبر ممر التاكسي باتجاه البوابة ،


“مكابح السرعة.”


“ممدودة.”


“القلابات.”


“مضمومة، والأضواء مطفأة.”


“مفاتيح تشغيل المحرك.”


“مقطوعة.”


“رادار الطقس.”


“مطفأ.”


كان طاقم الرحلة اليوم مكوّنًا من ثلاثة أفراد : الكابتن تشن جيايو والمساعد الأول

 لهذه الرحلة العائدة شاو ينغبينغ 

— وهو طيّار كبير في مستوى المُدرّبين — وفي المقعد 

الخلفي جلس وجه مألوف ، يانغ وييآن —- الطيار الشاب 

الذي سبق له أن طار مع تشن جيايو من قبل


نفّذ كل من تشن جيايو وشاو ينغبينغ إجراءات ما بعد 

الهبوط باحترافية تليق برتبتَيهما ، 

ولم يبدآ الحديث إلا بعد أن كاد الركاب جميعًا ينتهون من النزول ،


كان يانغ وييآن المتردد في الكلام جالسًا خلفهما ، وهو 

يشعر بالضغط من وجود كباتن مرموقَين : تشن جيايو الطيار البطل ، 

وشاو ينغبينغ الكابتن ذو الخمس نجوم ،

لكن عندما رآهما يتبادلان الحديث ، تجرّأ أخيرًا وفتح فمه :

“ الأخ جيا هل تعلم أنه مؤخرًا أثناء تدريبات المحاكاة ، 

استخدموا سيناريو الهبوط الاضطراري الذي قمتَ به في 

هونغ كونغ كأحد التمارين؟” قالها بنبرة يملؤها الفضول 

والحماس، وهو يظن أن تشن جيايو سيجد الأمر مثيرًا 

للاهتمام، خصوصًا بعد أن سبق له الطيران معه مرة واحدة من قبل


عند هذه الكلمات ، ألقى شاو ينغبينغ نظرة جانبية خفيفة 

على تشن جيايو — لكنه بقي صامتًا

لم يُظهر وجهه شيئًا واضحًا ، لكن كان هناك شيء في الجو 

— تفاهم صامت بين الطيارَين الأكثر خبرة ——


قال تشن جيايو ببرود :

“ أوه ؟ أليست رحلاتك على طائرات البوينغ ؟” لم يبادل 

حماسه ، وجاء رده ببرود غير متوقع ،


فالحادثة التي وقعت بين إندونيسيا وشنغهاي كانت على 

متن إيرباص A330، بينما يانغ وييآن طيّار بوينغ


ارتبك يانغ وييآن قليلًا وسارع للتوضيح :

“ آووه لم أمرّ بالمحاكاة بنفسي — سمعتُ عنها فقط من 

بعض زملائي الذين يطيرون الإيرباص .”


في الحقيقة ، كان سؤال تشن جيايو أقرب إلى اختبار ،،،

فهو نفسه مرّ في تدريبات المحاكاة بعدة سيناريوهات ، 

لكنها كلها كانت افتراضية ، مصممة لغرض التدريب ، 

أما أن تكون الشركة قد حولت حادثة هبوطه الاضطراري في 

هونغ كونغ إلى سيناريو تدريبي — فكان ذلك جديدًا عليه


لم يستطع أن يعرف مدى واقعية تلك المحاكاة ، ولا الهدف المباشر منها ، 

ومع ذلك ، حين سمع أنها فعلًا تخص طائرات الإيرباص ، 

شعر بانقباض في صدره ، لكنه حافظ على ملامح هادئة ورد بنبرة رسمية :

“ تدريبات المحاكاة تطورت كثيرًا منذ وقتي ، 

استخدام الحوادث الحقيقية في التدريب أمر جيد ،

إنها خطوة إيجابية .”


————————


بعد أن نزل يانغ وييآن ومضى ليتحدث مع إحدى المضيفات التي يعرفها، 

تباطأ تشن جيايو وشاو ينغبينغ في الخروج


عندها فقط أعاد تشن جيايو فتح الموضوع، متحدثًا ببطء وتمعّن:

“ الأخ بينغ هل سمعتَ شيئًا عن هذا ؟”


فأثناء المحادثة السابقة في قمرة القيادة ، كان شاو ينغبينغ 

قد ألقى نظرة عابرة نحوه ، وقد التقطها تشن جيايو جيدًا ،

وبما أن شاو ينغبينغ بصفته ُمدرّب من الفئة B يشرف 

غالبًا على حصص تدريب المحاكاة ، فقد ساوره الشك أنه 

يعرف أصلًا بما ذكره يانغ وييآن



لم يُخفِي شاو يينغبنغ الأمر ، بل قال بصراحة وهو يلتفت 

قليلًا نحو تشن جيايو وقال :

" الأمر صحيح ... مدرّبو الإيرباص يعرفون التفاصيل أكثر ، 

فأنا لم أشارك في تدريبات المحاكاة مؤخرًا ، 

لكن يا شياو تشن لا تُثقل قلبك ، لقد قمت بكل ما هو صواب في تلك اللحظة "


لم يُخفِي تشن جيايو مشاعره أمام قائده الأقدم ، 

فعقد حاجبيه قليلًا واكتفى بهزّة رأس مختصرة ، 

لم يستوعب سبب تحويل حادثة الهبوط الاضطراري في 

هونغ كونغ إلى سيناريو محاكاة ، 

فإن كان الهدف كما قال ليانغ وييآن، تدريب الطيارين على 

مواجهة الطوارئ الواقعية عبر محاكاة دقيقة للحوادث 

الحقيقية ، فذلك لا اعتراض عليه ، 

ما مرّ به هو وتشانغ بين من مصيبة يمكن أن يُفيد مئات 

الطيارين في إيرباص ، وهذا وحده يجعل الأمر يستحق


لكن من بين مئات ، بل آلاف حوادث الطيران حول العالم، 

لماذا اختيرت هونغ كونغ تحديدًا ؟ هل كان تدريبًا روتينيًا بالفعل ؟


في العادة عند التحقيق في أسباب الحوادث ، يُطلب من 

طيارين آخرين إعادة تنفيذ الرحلة في جهاز المحاكاة لتحليل 

مدى منطقية تصرفات طاقم الطائرة الأصلي

—- الطقس ، التضاريس ، الأعطال الميكانيكية — كلها 

تتحول إلى متغيرات لقياس قدرة الطيار على إنجاح الهبوط ، 

وبذلك يُقيّم أداء الطاقم الذي واجه الحادث ،

على سبيل المثال ، عندما فقدت رحلة الخطوط الجوية 

اليابانية (JAL 123) ذيلها العمودي وتسرّب منها سائل 

التحكم الهيدروليكي بالكامل ، دخلت الطائرة في دوامة قاتلة ، 

قاوم الكابتن ببسالة وتمكّن من إبقائها في الجو لثلاثين 

دقيقة ثم تحطمت ، إحدى أفظع الكوارث الجوية ،،،


يومها وُجّهت أصابع الاتهام نحو الطاقم ، لكن عند إعادة 

المحاكاة مع طيارين آخرين ، لم يستطع أيٌّ منهم إبقاء 

الطائرة صامدة لنصف ساعة 


شاو يينغبنغ وقد شعر بالثقل الذي يحمله تشن جيايو في 

صدره ، توقّف عن السير وقال بجدية :

" إن كان الأمر يزعجك ، يمكنني أن أتحرّى لك الموضوع "


توقّف تشن جيايو ، وبعد صمتٍ طويل أجاب:

" دَع الأمر الأخ بينغ ، أثق بحكمك "


بعد الهبوط الاضطراري في هونغ كونغ ، خضع هو وتشانغ بين لتحقيق استمر شهرين كاملين ،

لا الشركة ، ولا السلطات العليا ، ولا حتى الدول الثلاث 

المعنية بالحادث ، أجروا أي اختبار محاكاة من هذا النوع—

على الأقل بقدر ما يعرف ، 

و التقرير النهائي خلص بوضوح إلى أن تعامل الطاقم منذ 

البداية وحتى النهاية كان خالي من الأخطاء ،


ومع ذلك ، ظل سؤال يطارد تشن جيايو 

{ هل كان دفع دواسة المحرك حتى 70% هو الخيار الأمثل فعلًا ؟ }

لا جواب قاطع لذلك 


{ ماذا لو … في تلك اللحظة الحرجة ، اكتفيت بدفعها إلى 65% فقط، ثم علقت هناك ؟ 

هل كان ذلك ليغيّر شيئ ؟ 


لقد أدى دفعها إلى 70% إلى تعليقها عند هذا الحد ، 

مما جعل سرعة الاقتراب ثابتة عند 226 عقدة ، 

أي على بُعد 200 متر فقط من الارتطام بالبحر ..

ولو أنني اخترت 65% أو حتى 60%، هل كان الوصول إلى 

هونغ كونغ ليكون أكثر سلاسة، مع سيطرة أفضل على سرعة الهبوط ؟ }


تجاوزت سرعة الاقتراب تلك بكثير الحدّ النظري المسموح به للهبوط بطائرة إيرباص A330


لم يُجرَى قط أي اختبار عملي لمناورة كهذه ، وبالتالي لا 

أحد يستطيع الجزم بما إذا كان تكرارها سينتهي بالنتيجة 

نفسها —حيث نجا الجميع بأعجوبة


هذه الـ «ماذا لو» لم تُحاكَى أبدًا ، ولذا لا إجابات لها


أما تقرير الحادث ، فقد أشاد بأدائهما باعتباره مثاليًا ،،،

التقرير الأولي ، والتقارير اللاحقة ، وصولًا إلى النهائي —

جميعها أجمعت على النتيجة نفسها ، 

وتشن جيايو وتشانغ بين رضيا بقبول ذلك الحكم ،،



اعترف تشن جيايو في نفسه أنّه، في ذلك الوقت، كان يبحث 

عن نوع من الخاتمة — شعور بالنهاية ، وربما حتى شيئًا من 

خداع الذات


لم يكن خاليًا تمامًا من الفضول ، لكن الآن ، مع طرح شاو يينغبنغ السؤال بشكل مباشر ، 

شعر وكأنه يتراجع ، لا يريد أن يبدو مفرط الفضول


نظر إلى ساعته …. اليوم السابع والعشرون من نوفمبر ، 

أي قبل أسبوعين فقط من الحادي عشر من ديسمبر —

التاريخ الذي قلب عالمه رأسًا على عقب قبل ثلاث سنوات —-

{ لو أن الشركة أو أي جهة أخرى أعادوا نبش الماضي الآن 

وتوصّلوا إلى استنتاج سلبي ، فلن يكون الأمر مجرد إعادة 

فتح جرح قديم ،، 

فالجرح حين يُفتح من جديد لا يجلب سوى الألم ، والألم 

يمكن احتماله؛ لكن الخطأ—ذلك لا يمكن محوه }


تشن جيايو قد فكّر بسؤال تشانغ بين عن رأيه في هذه المسألة ،،

ففي ذلك اليوم ، حين شربا معًا على العشاء ، 

كان تشانغ بين صريحًا في التعبير عن مشاعره ، 

والكثير مما قاله وجده تشن جيايو قريبًا من قلبه ،

ولكن لم يُفصح له عن كل ما يدور في نفسه ،

فمسألة ' هل كانت 70% هو الخيار الأمثل؟ ' كانت شكًّا شخصيًا عميقًا ، 

صراع داخلي يخصه وحده ، لأنه هو من اتخذ القرار بيده


لكن تشانغ بين تقاعد ، وقد أوضح بوضوح أنه لا يريد أن 

يتورط في أي شيء يتعلق بحادثة هونغ كونغ مجددًا ، 

بل حتى أوقف مسيرته المهنية كلها مؤقتًا ——


ومهما أثقل الشك على قلب تشن جيايو، لم يستطع أن يُقلق تشانغ بين …


————————



في الليل ، لاحظ فانغ هاو أن شيئًا ما لم يكن على ما يرام مع جيايو ،،،،


فعادةً يكون تشن جيايو كثير الكلام ، لا يملّ من الحديث ، 

أما الليلة ، فقد أمضى العشاء كله تقريبًا صامتًا ، 

و بين الحين والآخر ، كان يلمح إلى هاتفه بنبرة شاردة ، 


لقد خططا أصلًا لتناول العشاء في منزل فانغ هاو ثم 

مشاهدة فيلم بعدها ، 

عرض فانغ هاو بعض الأفلام وهو يتصفح اللابتوب ، لكن 

تشن جيايو لم يُبدِ أي اهتمام حقيقي، فقد كان ذهنه في مكان آخر


وكما توقّع فانغ هاو ، نهض تشن جيايو بعد العشاء وقال إن 

لديه أمرًا يجب أن يتولى أمره في المنزل


كان فانغ هاو يعرف بمرض والدته ، فلم يشك في العذر


نهض معه ورافقه إلى المرأب ، وسأله أكثر من مرة إن كان الأمر له علاقة بوالدته


شعر تشن جيايو بالعجز قليلًا ، لكنه مع ذلك تأثر من 

اهتمامه ، وابتسم ابتسامة هادئة مطمئنًا إياه : “ لا شيء حقًا ، لا شيء مهم .” 


لقد جلس بالفعل داخل السيارة ، لكنه حين رأى فانغ هاو لا 

يزال واقفًا ، أنزل النافذة


اتكأ فانغ هاو بمرفقه على إطار النافذة وسأل ببطء: “ بالمناسبة ، الزهور التي أحضرتها في ذلك اليوم… 

هل أعجبت والدتك ؟”


فمنذ أن سلّمها ، لم يسمع شيئًا عن الأمر


لام تشن جيايو نفسه داخليًا لأنه نسي أن يخبره ، 

فأجاب بسرعة : “ أحبتها كثيرًا . و ساعدتها حتى على ترتيبها .”


عندها فقط شعر فانغ هاو بالارتياح قليلًا ، وذكّره بالقيادة 

بحذر ثم عاد إلى الطابق العلوي ،،،


————————


حين عاد تشن جيايو إلى المنزل ، وجد والده تشن تشنغ لا 

يزال مستيقظ ، جالس في غرفة المعيشة يدخّن


ومع الصراع الداخلي الذي يمزقه طوال الطريق إلى المنزل ، 

فعل أمرًا لم يكن يتوقعه : باح بما في صدره للشخص الذي 

كان أقلّ الناس احتمالًا أن يشاركه مثل هذه الأفكار


قال تشن جيايو مباشرةً دون أي تحية وهو يعبر عتبة الباب : 

“ قبل ثلاث سنوات ، في هونغ كونغ ،،، 

لو أنني لم أضغط دواسة المحرك حتى 70%، هل كان يمكن 

أن نهبط بسلاسة أكبر ، من دون أن نخاطر بذلك الشكل ؟”


كان الأمر ساخرًا …. الشخص الوحيد الذي لم يرغب أبدًا في 

أن يكشف له عن شكوكه وتردده هو تشن تشنغ ،،،


لكن من زاوية أخرى ، والده هو الشخص المثالي ليبوح له بذلك ،،،

فبعد كل شيء ، تشن تشنغ لم يكن مجرد والده ، بل طيارًا 

متمرسًا بخبرة ثلاثين عامًا ، ومتقاعد الآن ،

و بالتأكيد سيبذل كل ما في وسعه لحمايته ، بغض النظر عن دوافعه ،،،،

كما أنه لن يفشي كلمة واحدة عن هذا الحوار لأي شخص —- ،


بدت دهشة بسيطة على وجه تشن تشنغ ، حتى أنه أطفأ 

سيجارته نصف المنتهية ، وكأنه بفعل الغريزة ، ألقى نظرة 

على ساعته أيضًا : “ لماذا تذكر هذا الآن ؟ 

اقتربت ذكرى الثلاث سنوات ، أليس كذلك؟” 


لم يلحظ أي مشكلة مع تشن جيايو خلال الذكرى الماضية 

وعلى حد علمه، كان ابنه بخير تمامًا


لقد سافر حتى إلى هونغ كونغ مؤخرًا دون أي علامة على وجود مشكلة


أجاب تشن جيايو منزعجًا : “ ليس بسبب ذلك ، فقط خطر على بالي "


حدّق فيه تشن تشنغ بلا كلمة ، وعيناه تحملان شيئًا من التقييم ،

شعر تشن جيايو بذلك فأبعد رأسه بعيدًا


رد تشن تشنغ أخيرًا : “ لو لم تضغطها ، لما كنت وصلت إلى هونغ كونغ”، 



لكن هذه لم تكن الإجابة التي كان يريد سماعها تشن جيايو


رد تشن جيايو : “ لو ضغطت حتى 60% فقط ، ألن يكون أفضل ؟

حتى لو علقت ، على الأقل لن تكون سرعة الاقتراب بهذه السرعة .”


ارتفع صوت تشن تشنغ : “ هذا هراء ،،، 

كيف كنت تعرف أنها ستعلق عندما ضغطتها ؟”


فتح تشن جيايو فمه ، لكنه لم يقل شيئ


كان تشن تشنغ يدافع عنه ، ومع ذلك بدا صوته وكأنه توبيخ 

أكثر من كونه دفاعًا


تشن جيايو بصوت أهدأ : “ كان يمكن أن أحاول تخفيف الضغط قليلًا ، ثم أرجع ”،


تنهد تشن تشنغ : “ من أين تأتي بهذه الأفكار ؟ 

لقد مرت ثلاث سنوات ، ولم تتحدث هكذا من قبل .”


تردد تشن جيايو في أن يخبره عن اختبارات المحاكاة وكل 

التفاصيل الأخرى، لكنه قرر في النهاية عدم ذلك ،،، : 

“ فقط خطر على بالي .”


————————


قبل مغادرته شقة والديه ، فكر تشن جيايو في تغيير ماء 

زهور الزنابق في غرفة المعيشة ،

لم تمض سوى يومين ، ومع ذلك الزهور لا تزال تتفتح 

بألوانها الزاهية ، 


غرفة المعيشة لدى والديه بسيطة بطابع كلاسي ، 

مؤثثة بالأساسيات فقط ،


عندما كانت تساو هوي بصحة جيدة ، كانت تقوم بالزينة 

والتطريزات ، لكن الآن بعد أن فقدت عافيتها ، لم تعد 

تملك طاقة لذلك ،


سواء بسبب الوقت المتأخر أو الجو المحيط ، 

إلى جانب دخان تشن تشنغ المتبقي ، كل زاوية من الغرفة 

تفيض بإحساس بالوحدة والخذلان الهادئ ….


الاستثناء الوحيد هو زهور الزنبق البرتقالية الزاهية 


مثل أشعة الشمس ، جلبت الدفء والحرارة واللون ، 

تخترق الرمادية في حياتهم بلا اعتذار ،


أخرج تشن جيايو هاتفه ، والتقط صورة للزهور في الضوء الخافت ، ثم أرسلها إلى فانغ هاو ….


————————



في وقت متأخر من الليل ، عندما عاد تشن جيايو أخيرًا إلى 

المنزل ، كان الوقت قد اقترب من منتصف الليل ،


استلقى على السرير ، يقلب نفسه يمينًا ويسارًا لفترة طويلة، 

غير قادر على النوم


عندها لاحظ أن فانغ هاو قد رد لتوه على صورة زهور الزنابق ، 

و استنتج أن فانغ هاو لم يخلد للنوم أيضًا و بدافع مفاجئ ، اتصل به


كانت الليلة عميقة ، وصوته منخفض ، مكتوم تحت البطانية ، وما إن رفع فانغ هاو السماعة ، 

حتى طرح تشن جيايو عليه سؤالين دفعة واحدة : 

“ هل نمت ؟” ولم ينتظر الرد ، تابع بسؤال آخر : “هل لديك عمل غدًا ؟”


فانغ هاو قد أنهى الاستحمام للتو و على وشك الذهاب للنوم : “ ليس بعد ، ولا، ليس لدي عمل غدًا ، 

لذا لست مستعجلًا ….” توقف للحظة وهو يفكر بما يقوله 

بعد ذلك، وبدلًا من الاستفسار مباشرةً ، سأل بلطف :

“ لا تستطيع النوم ؟”


اعترف تشن جيايو : “ مم، قليلًا "


سمع حركة خفيفة من جانب فانغ هاو—كان يرتدي ملابسه


سأل فانغ هاو بصوت هادئ  : “ ما الأمر ؟”


كان نفس الصوت الذي يعرفه تشن جيايو جيدًا ، لكنه متحفظًا بعض الشيء ، 

يحمل لمحة من الحذر والريبة التي لم يعتاد عليها تشن جيايو


شعر تشن جيايو ببعض الانزعاج من حديثه بهذه الطريقة ، 

فكان على وشك أن يقول ' لا شيء ' لكنه توقف ، 

و قال : “ الفيلم… هل لا تزال تريد مشاهدته ؟”


تفاجأ فانغ هاو بأن تشن جيايو بعد أن عاد إلى المنزل ، يقترح هذا الآن ،

نظر إلى الساعة ، و على وشك القول أن الوقت متأخر جدًا 

وأن بإمكانهما مشاهدته غدًا ، لكنه غير رأيه وقال : “ بالتأكيد . ماذا لو جئت إلى منزلك هذه المرة ؟ 

هل يمكنك إرسال العنوان لي؟”


لم يكن اقتراح فانغ هاو كله من باب الإيثار — زيارة منزل 

شخص ما تعطي لمحة عن حياته ، فرصة لرؤية طريقة عيشه 


الديكور، الصور، الجوائز المعروضة ، كلها تكشف ما يهم الشخص أكثر


أحب فانغ هاو الانتباه لهذه التفاصيل ، وغالبًا يلاحظ منازل أصدقائه وعائلته


و ما كان يعرفه عن تشن جيايو محدود — كان يعلم أنه 

يحب النظافة ويضع لنفسه معايير عالية ، لكن بخلاف ذلك، 

لم يكن لديه فكرة


و في الأسابيع الثلاثة الماضية ، كانوا دائمًا يتسكعون في 

منزل فانغ هاو ، ولم يذهبوا أبدًا إلى منزل تشن جيايو ،

مع حجة أن منزله في المدينة بعيد جدًا ، 

و في عطلة نهاية الأسبوع ، كان فانغ هاو يذهب إلى المدينة 

لمقابلة فان رولان وأصدقاء آخرين ، لكن تشن جيايو كان دائمًا مشغول ، لذا فكر فانغ هاو { لماذا لا أذهب الآن؟ 

على أي حال ليس لديّ عمل غدًا ، ولا حاجة للاستيقاظ مبكرًا } 

وبدافع الاندفاع ، اتخذ هذا القرار ،


رد تشن جيايو بسرعة : “ ليجينغ، المبنى 2، الوحدة 3، 

الشقة 415. رمز البوابة 3724”،، ثم أضاف بتفكير، “ سأرسلها لك عبر الرسائل .”


رد فانغ هاو : “ لا حاجة ، لقد حفظتها ”، كان رجل أفعال—

بمجرد اتخاذ القرار ، لا يضيع وقتًا و في دقيقتين ، ارتدى 

ملابسه : بنطال رياضي وقميص ، مع سترة ثقيلة ، 

لم تنتهي المكالمة بعد ، وكان تشن جيايو يسمع بالفعل 

صوت مفاتيح سيارة فانغ هاو تصدر رنينًا


لم يستطع تشن جيايو إلا أن يضحك ،،  

لقد انشغل كثيرًا ببناء علاقتهما خلال الأسابيع القليلة 

الماضية حتى أنه كاد أن ينسى أن فانغ هاو واحد من أفضل 

مراقبي الحركة الجوية في داشينغ ، 

فـ تذكر عنوان أو سلسلة أرقام كان بالنسبة له أمرًا بسيطًا جدًا


ذكره تشن جيايو : “ قد بحذر . لا داعي للعجلة  ”

وأغلق الهاتف …


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي