القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch47 برج الأبروش

 Ch47 برج الأبروش

مع بداية شهر ديسمبر ، أصبح تشن جيايو و فانغ هاو يقضيان وقتًا بعيدًا عن بعضهما أكثر مما يقضيانه معًا ،،


فبرغم أنّ تساو هوي قد اختارت العلاج التحفّظي ، إلا أنّ 

حالتها الصحية لم تكن مطمئنة ،، 

وفي إحدى الليالي نُقلت إلى المستشفى على وجه السرعة 

بسيارة إسعاف ،،

تلك الليلة لم ينم تشن جيايو سوى خمس ساعات بالكاد ، 

لكن في اليوم التالي ، وبرغم الإرهاق الشديد ، أصرّ على 

قيادة رحلتيه الصباحيتين، مؤجّلًا مناوبته المسائية إلى 

اليوم التالي ، ومع كل هذا التبديل وإعادة الجدولة ، أصيب 

بصداع من اضطراب مواعيده


الشيء الوحيد الذي يُخفّف من كل هذا هو أنّه كلما كان 

لدى تشن جيايو رحلة ليلية تليها رحلة مبكرة في الصباح، 

كان يبيت في منزل فانغ هاو


ومع جدوله المزدحم ، لم يكن من المنطقي أن يذهب إلى 

بيت والديه ، إذ كان بحاجة إلى كل دقيقة إضافية من الراحة


والإقامة في بيت فانغ هاو كانت توفّر له ساعة ونصف من 

وقت التنقّل من وإلى المطار ، أي ما يعادل ساعة ونصف 

إضافية من النوم ، 

ولهذا السبب أعطاه فانغ هاو نسخة من المفتاح ، وشاركه 

رمز الدخول للباب 


أما تصريح الموقف المؤقت الذي منحه له في عيد ميلاده 

الشهر الماضي؟ فلم يُعَاد إليه منذ ذلك الحين


وكعادته في التدبير ، ابتكر تشن جيايو خطة ، 

تناول الغداء مع وانغ شيانغ في الشركة وأقنعه بمساعدته 

على تنسيق جداولهما قدر الإمكان ، بحيث تُرتّب رحلاته على 

نحو يمنحه مناوبات ليلية تتبعها رحلات صباحية ، 

مع فترات استراحة مدمجة فيما بينها ،

وكانت فكرته بسيطة : إن استطاع ترتيب ذلك ، فسيحصل 

على ليلتين إضافية كل أسبوع يقضيهما مع فانغ هاو ، 

بينما يخصّص بقية أوقاته للبقاء مع والديه في ليتشينغ ،


تذمّر وانغ شيانغ قائلًا:

“ يا رجل ماذا لو تأخّرت رحلتك ليلًا ؟ سأجد نفسي مضطرًا 

لتغطية المناوبة الصباحية التالية مكانك !”


فمعظم رحلات تشن جيايو كانت بطيار واحد ، 

وإذا تجاوز وقت مناوبته 14 ساعة ، أو تخطّت ساعات 

طيرانه ثماني ساعات ، فإنّ لوائح الطيران تلزمه براحة 

إلزامية مدتها 24 ساعة في اليوم التالي ،

وهذا يعني أنّ أي رحلة صباحية كانت مقرّرة له ستُسند إلى 

طاقم آخر لتغطيتها ،


وإدراكًا منه أنّه يطلب معروفًا ، بادر تشن جيايو سريعًا :

“ أليس ابن أخيك على وشك أن يجري اختبار المحاكاة ؟ 

يمكنني أن آخذه في رحلة تدريبية هذا الأسبوع .”

ثم أخرج محفظته ودفع ثمن وجبة أخرى لوانغ شيانغ ليُحكم الاتفاق


فمازحه وانغ شيانغ :

“ ما الأمر معك هذه الأيام ؟ هل تُخفي عشيقًا في مكانٍ ما أم ماذا ؟”


ضحك تشن جيايو:

“ لا طبعًا ، كل ما هنالك أنّ حالة والدتي ليست جيدة .”

وكان قد ذكر وضع تساو هوي لوانغ شيانغ من قبل ،

فشعر هذا الأخير على الفور بأن مزحته لم تكن في محلّها وقال معتذرًا :

“ آههخ آسف يا رجل ... نسيت الأمر .”


وكان ذلك بالفعل هو الحقيقة ، لكن وانغ شيانغ ما كان 

ليخطر بباله أنّ تشن جيايو كان يخفي أحدًا بالفعل، 

في حين أنّ المنزل في مجمع جيانهوي – داشينغ كان في 

الواقع يخصّ فانغ هاو ،

وإذا جرى الحديث بصدق ، فإنّ تشن جيايو نفسه هو ' العشيق '


ـــــــــــــــــــــــــــــــ



خلال الأسبوعين الماضية ، كان فانغ هاو يقضي معظم 

أمسياته في المنزل ، 

وبسبب مناوباته الليلية كل ثلاثة أيام ،

 كانت هناك أحيان لم يعد فيها إلى المنزل أصلًا ، نظرًا لبعض المناوبات الليلية الطويلة ،

وفي تلك الليالي ، كان فانغ هاو يترك لتشن جيايو أن يبيت 

في منزله وكأنّه بيته ، وبما أنّ جدوليهما كانا متعاكسين ، 

كان تشن جيايو يدخل المنزل بينما يغادره فانغ هاو ، 

ويغادر هو في الوقت نفسه الذي يعود فيه الآخر ،


ومع ذلك ، عندما لم يكن فانغ هاو في المنزل ، لم يكن نوم 

تشن جيايو عميقًا كما ينبغي ،

ففي السابق حين كان يعيش وحده ، لم يعانِي أبداً من 

مشكلة في النوم بمفرده ، لكن ربما لأنه اعتاد الآن على 

مشاركة السرير مع فانغ هاو في بيته ، صار يجد صعوبة أكبر 

في النوم وحده ، ولكن لم يُخبر فانغ هاو بالأمر ،

فبرأي تشن جيايو — يستحق الأمر أن يتقلّب نصف ساعة 

إضافية في الفراش مقابل أن يفوز بلحظة رؤيته عند عودته 

من مناوبته الليلية في الصباح


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


" إقلاع ، قوة الدفع القصوى "


" الدفع مضبوط " 


" 80 عقدة !" 

" مؤكّد " 


" تثبيت الدفع " 


" V1" 


" إقلاع "


" V2 "

" صعود إيجابي "


" ارفع العجلات "


رفع تشن جيايو مقدّمة طائرة بوينغ 737-800 عن مدرج 

شانغهاي بودونغ ،

وعندما يتعلق الأمر بإحساس الطيران ، كان تشن جيايو 

شأنه شأن والده تشن تشنغ يفضّل الطراز الكلاسيكي 737


فهي من الطائرات التي يمكنك فيها أن تشعر فعلًا 

بالديناميكا الهوائية


لكنّ الـ 737-800 ضعيفة من ناحية الأتمتة وبإجراءات 

تشغيلية مرهقة ؛ فبينما الطائرات الأحدث مجهّزة بأنظمة 

تنفّذ قوائم الفحص آليًا ، كان على طياري 737 تنفيذها 

يدويًا ، و التحضيرات ما قبل الإقلاع وحدها تمتدّ إلى ما 

يقارب عشر صفحات ،

ومع أربع رحلات في اليوم ، فإن تكرار هذه الإجراءات كان 

يضاعف من عبء العمل ويستنزف المزيد من جهد الطيارين 


قبل الإقلاع يكون عليهم الانتظار في ممر التاكسي ، 

حينها أخطأت طائرة شاندونغ إيرلاينز في تفسير تعليمات 

البرج وخرجت من الممر الخاطئ ، مما عطّل مغادرتهم 

لثوانٍ معدودة فقط، وكانت هذه الثواني تكاد تتزامن مع 

اقتراب الطائرة التالية للهبوط من الطرف الآخر للمدرج


برج مراقبة بودونغ كان عادةً يُدار من قبل لو يان ، لكنها لم 

تكن في الخدمة اليوم ،

المراقب المناوب بدا ذا خبرة طويلة ، بصوت جهوري 

و صرخ عبر التردد وهو يوبّخ قائد طائرة شاندونغ دقيقة كاملة 

تقريبًا ، محذرًا إيّاه بأن الحادثة ستُرفع تقريرًا رسميًا إلى الشركة


الجميع على التردد كان يعلم بما حدث ، ومن المسؤول ، 

لتصبح الأجواء فجأة مشحونة بالضغط


حتى تشن جيايو لم يسعه إلا أن يشعر بالارتباك ،

وزاد الأمر ثِقلاً أنّه أثناء الإقلاع تلقّوا تحديثًا جويًا من قسم 

الإرسال يفيد بوجود عواصف رعدية فوق بكين


تنهد تشن جيايو … وكل ما استطاع فعله هو أن يأمل ألّا 

تتفاقم حالة الطقس


يعلم أنّ فانغ هاو يعمل اليوم في قسم الاقتراب ، وكان 

يتمنى أن يعودا إلى المنزل معًا بعد الرحلة ليطهوا سمك الباس المطهو على البخار


لم يحظيا بفرصة للطهو سويًا منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع، 

بسبب جداول عملهما المزدحمة ،


المرة الأخيرة كان فانغ هاو قد طلب من تشن جيايو أن 

يعلّمه طريقة إعداد اللحم المطهوّ بالصلصة ، وبرغم أنّ 

تشن جيايو أرسل له الوصفة ، لم تتح له الفرصة ليُريه 

الطريقة عمليًا


وعندما يكونان مُجهدين ، كان ملء بطونهما أولى من 

تحضير أطباق متقنة ، فطاقة الطهي تُدَّخر لأمور أخرى


….


وعندما اتصل تشن جيايو بتردد الاقتراب لمطار بكين 

داشيتغ ، تعرّف فورًا على صوت فانغ هاو المألوف


كانت نبرته وإيقاع صوته كما اعتاد ، لكنه يقول التعليمات بوتيرة متسارعة


" بايلو 818، ارتفع إلى الضغط القياسي 3000 "


" ساوثرن 8177، تواصل مع البرج على 120.25، إلى اللقاء."


وبعد أن أنهى، جاء صوت آخر يردّد : " البرج 120.25، إلى 

اللقاء، ساوثرن 8117… آه، 8718."


فقد أخطأ الطيار بقراءة رقم رحلته و أيضًا في سماع التعليمات


توجد طائرتان من الخطوط الجنوبية ساوثرن إيرلاينز : 

الرحلة 8177 التي أنهت اقترابها ، 

والرحلة 8718 التي لا تزال في العملية ،

وها قد حدث الالتباس بينهما —-


مثل هذه المواقف كانت من أكثر ما يهابه المراقبون 

الجويون—رحلتان من الشركة نفسها ، بأرقام متقاربة جدًا ، 

إحداهما تخطئ في هويتها ، والأخرى تسيء الفهم ، 

والعواقب قد تتطور إلى مشاكل جسيمة بسهولة


لكن بالنسبة لـ فانغ هاو، فالتعامل مع ارتباك النداءات 

المشابهة لم يكن أمرًا كبيرًا —— و نادى فورًا على الرحلة ساوثرن 8718:

“ ساوثرن 8718 لم أكن أناديكم .”


ثم أعاد التعليمات الأصلية بوضوح :

“ ساوثرن 8177 … ساوثرن 8177، ارفع إلى الضغط القياسي 3000 "


تعمّد أن يلفظ الأرقام “ثمانية-واحد-سبعة-سبعة” مفصّلة وواضحة ، 

حتى لا يبقى أي مجال للخطأ


وهذه المرة، كرّر كابتن 8177 التعليمات بشكل صحيح


ألقى فانغ هاو نظرة على شاشة الرادار ، فرأى إشارة 

برتقالية-صفراء—رحلة CA1558—تدخل مجاله الجوي ، 

وهي تبث رقم رحلتها وارتفاعها ومسارها ،

و دون أن ينتبه ، ارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة بينما قال في الميكروفون:

“ إير تشاينا 1558 بكين أبروش تأكيد اتصال الرادار 

ارتفع إلى الضغط القياسي 4500 وابدأ الدوران فوق PZW-112

لدينا عواصف رعدية شديدة مُبلَّغ عنها في المنطقة .”


ثم نطق “PZW” باستخدام الكود الصوتي للطيران

—“Papa-Zulu-Whiskey”—بصوت خرج منه على نحو سلس وجذاب على غير العادة


أكّد تشن جيايو تعليمات الارتفاع ، ثم توجّه إلى الموقع 

المحدد ليبدأ الدوران ، 

وأثناء الاقتراب ، أظهر راداره الجوي بدوره منطقة صفراء كبيرة


بعد التحليق الدائري قرابة خمس عشرة دقيقة ، رأى تشن 

جيايو أن إحدى رحلات ساوثرن إيرلاينز قد هبطت على 

مدرج آخر ، بينما حُوِّلت أخرى إلى تيانجين بينهاي


أما رحلة تابعة لـ فينكس إيرلاينز فقد اضطرت لإعادة 

المحاولة


ورحلتان أخرى —إحداهما من هاينان إيرلاينز والأخرى من 

كابيتال إيرلاينز—قد تم تحويلهما إلى مطار بكين العاصمة


خلال تلك الدقائق الخمس عشرة ، وإلى جانب الحفاظ على 

استقرار الطائرة ، ظلّ تشن جيايو يراقب الرادار الجوي ويتابع العاصفة


وعندما ألقى نظرة أخرى على الشاشة ، لاحظ أن المنطقة 

الصفراء أمامه قد تقلّصت بشكل ملحوظ ، وأن الاقتراب من 

المدرج 01، الذي وُجّه إليه ، أصبح شبه خالٍ— و معظم 

الشاشة كانت خضراء


ضغط زر الاتصال وسأل:

“ بكين أبروش إير تشاينا 1558، ما تقرير الطقس الحالي فوق المطار ؟”


: “ إير تشاينا 1558… لحظة واحدة ...” أجابه فانغ هاو ، 

وعلى الأرجح كان يتحقق من جديد ، ثم عاد قائلاً :

“ البرج ما زال يبلّغ عن عواصف رعدية شديدة قبل دقيقتين ”


تنهد تشن جيايو — فهذا لا يتطابق مع ما يظهر على راداره على الإطلاق — 

فتح الراديو من جديد ، وبصوت منخفض أوضح:

“ إذا كنتم تبلغون عن عواصف رعدية قوية ، فلا أستطيع متابعة الاقتراب ، 

راداري يظهر مطرًا متوسطًا ،،، إير تشاينا 1558.”


توقف فانغ هاو لحظة ، ثم سأل بنبرة ودودة :

“ إير تشاينا 1558 كم تبقّى لديكم من الوقود ؟”


: “ يمكننا الدوران حوالي عشرين دقيقة إضافية .”


: “ التحويل إلى مطار بكين العاصمة ؟”


كان فانغ هاو ما يزال يتذكّر خطتهما لإعداد العشاء معًا في 

المنزل الليلة ، عادةً تكون رحلات إير تشاينا تتحوّل إلى 

مطار العاصمة القريب ، وبعد الهبوط ، يكون بإمكان تشن جيايو أن يستقلّ سيارة أجرة بسهولة إلى بيت فانغ هاو—

الأمر لن يكون صعبًا، لكنه سيكون أكثر إرهاقًا له


تنهد تشن جيايو مجدداً وقال:

“ ليس اليوم …. قسم العمليات أخبرنا أن التحويل سيكون 

إلى تيانجين بينهاي "


: “ التحويل إلى تيانجين بينهاي، مفهوم ...” بدا صوت فانغ هاو هادئًا إلى حد ما، 

ثم أضاف:

“ سأتواصل مع البرج من أجلك . استمر في الدوران الآن .”


وبينما يوجه الطائرات الأخرى ، أجرى اتصالًا سريعًا مع 

مراقب البرج المناوب ، مؤكّدًا أن الطقس ما زال يُبلَّغ عنه 

كعواصف رعدية شديدة ، 

عاد بعدها إلى تردد الاقتراب وأبلغ تشن جيايو بالمعلومة


شعر تشن جيايو بموجة من العجز : “ هذا…” 

ففي الدقائق القليلة التي كان ينتظر فيها ، كانت المنطقة 

الصفراء الكبيرة على راداره قد تحولت بمعظمها إلى اللون الأخضر ، 

وتذكّر المرة السابقة حين أرهق فانغ هاو عبر الراديو بطلباته 

المستمرة للمدرج ، وكيف أن فانغ هاو علّق ممازحًا على ' ثمانية طلبات في دقيقة واحدة ' 

فلطّف نبرته هذه المرة محاولًا ألا يبدو متعنتًا :

“ هل يوجد أي مؤشر على أنها بدأت تضعف ؟”


: “ البرج يقول إن العواصف الرعدية الغزيرة ستستمر لنصف ساعة على الأقل ...” وبعد أن نقل هذا الخبر السيئ، 

بدا صوت فانغ هاو كأنه يبتسم وهو يقول :

“ إير تشاينا 1558 متلهف للعودة إلى المنزل ؟”

وما إن أفلتت منه هذه الكلمات حتى ارتبك ؛ 


حتى فو زيسيانغ في المقعد المجاور التفت ينظر إليه ~~~


' متلهف للعودة إلى المنزل ' حملت الكثير من المعاني —

لم يكن المقصود مجرد عودة الطائرة إلى بكين ، 

بل عودة تشن جيايو إلى بيت فانغ هاو 


تشن جيايو : “ صحيح إير تشاينا 1558.” لقد تعلّم الدرس 

من المرة السابقة ؛ فلم يجادل بعناد هذه المرة ، 

بل قال بنبرة أقرب إلى التوسل :

“ أراهنك أنه لا توجد قطرة مطر واحدة على أرض المدرج الآن ”


كان فانغ هاو يمازحه ، لكنه بعد انقضاء دفعة الرحلات 

المغادرة وهدوء حركة المدرج ، ظلّ مصرًا :

“ أنا في غرفة بلا نوافذ هنا، ليست لدي أي وسيلة لأعرف .”


فغرفة مراقبة الاقتراب لم تكن تقع أعلى برج المراقبة حيث 

يستطيع المراقبون رؤية الإقلاع والهبوط والطقس عبر النوافذ الكبيرة ،

بل غرفة مغلقة تمامًا ، مليئة بالأجهزة وشاشات الرادار


انتظر تشن جيايو بضع دقائق أخرى ، وقد بات متيقنًا أن مع 

استمرار البرج في الإبلاغ عن نصف ساعة إضافية من 

العواصف الرعدية ، فإن وقود طائرته لن يكفي للانتظار ،

ورغم أن راداره الجوي كان يُظهر أن الظروف جيدة ، 

إلا أن القوانين تبقى قوانين ، 

و القواعد الصارمة في الطيران تشدد على أن “السلامة أولًا”—وإذا كان التحويل مطلوبًا ، فليس أمامه خيار سوى التنفيذ


أما مراقبو الاقتراب ، بمن فيهم فانغ هاو ، فقد أدّوا ما بوسعهم ، 

لكن لم يكن بمقدور أحد أن يجبر البرج على تغيير تقريره ، 

مهما كانت الصلة الشخصية


استسلم تشن جيايو وقال :

“ حسنًا ، لن أُصعّب الأمر عليك . سنحوِّل إلى تيانجين بينهاي إير تشاينا 1558 "


فانغ هاو : “ مفهوم إير تشاينا 1558 "


خلال الدقائق الخمس التالية ، لم يكن هناك أي طائرة على 

التردد ، فلم يستطع تشن جيايو مقاومة الرغبة في إضافة ~ :

“ حسنًا ، من الأفضل أن تعيد السمكة من الثلاجة إلى الفريزر !  سأطبخها غدًا عندما أعود "


كاد فانغ هاو يفقد وعيه عند سماع هذا التعليق ~~~

{ هل تشن جيايو يتعامل مع التردد وكأنه خط ساخن 

للعشّاق على إذاعة المرور في بكين ؟ !؟!  

ضغط زر الإرسال ، ثم تردّد ، ثم ضغطه مرة أخرى ، 

لكنه في النهاية قرر ألا يرد ~~

واكتفى بمراقبة النقطة الصفراء على الرادار ، الممثِّلة 

للرحلة CA1558، وهي تختفي ببطء من شاشته


في الواقع كان تعليق تشن جيايو الأخير مزيجًا بين نزوة شخصية واعتبار عملي


فالآن وقد اضطر للتحويل إلى تيانجين، فإن الهبوط، ثم 

التاكسي، ثم إيقاف المحركات، فالنزول من الطائرة—كل 

ذلك سيستغرق ساعتين على الأقل —-

وخلال هذه المدة لن يكون قادرًا على الاتصال بفانغ هاو


وفي المقابل ، كان فانغ هاو على وشك إنهاء مناوبته ، 

وسيكون في المنزل خلال خمس عشرة دقيقة


أما السمكة التي وُضعت لتذويبها في وقت الظهيرة ، فيلزم 

إعادتها سريعًا إلى الفريزر —فهي باس بري طازج ثمن الكيلو 

منه 38 يوان ولم يكن تشن جيايو مستعدًا للتفريط فيه ! 


وما إن هبط تشن جيايو حتى انهالت مكالمات فانغ هاو على هاتفه


فسارع إلى معاودة الاتصال ، ليستقبله فانغ هاو قائلًا:

“ ألم أقل لك ألا تعبث على ترددي ؟”


طبق تشن جيايو الدرس الذي تعلمه اليوم : المواجهة لا تجدي !

والطريقة لجعل فانغ هاو يلين هي ألّا يبدأ بالحدّة ، 

و بصوت هادئ رقيق أجاب :

“ لقد اشتقت إليك … و أيضًا أردت العودة إلى المنزل .”


: “ هذا… ليس ما أقصده ...” ارتبك فانغ هاو من أسلوبه 

اللطيف ، وبعد لحظة تنهد مستسلمًا وأضاف :

“ انسَى الأمر ،،، لحسن الحظ لم يكن هناك عدد كبير من الطائرات ، لكن ماذا لو سأل أحدهم لاحقًا ؟ 

كيف ستشرح الموقف ؟”


استطاع تشن جيايو أن يتخيله وهو يعبس بحاجبيه على 

الطرف الآخر من الخط ، 

فرد بسلاسة وكأنه حضّر الجواب مسبقًا:

“ فلتقل إننا زملاء سكن ،، كثير من الطيارين الجدد يعيشون معًا "


لم يجد فانغ هاو ما يعترض به، فاستسلم : “… حسنًا ،،،

لو كان بوسعي التنسيق لكنت فعلت . أنا أيضًا لم أرغب أن تذهب إلى تيانجين . 

لكنها كانت حالة خاصة اليوم — عدد كبير من الرحلات تم 

تحويلها إلى مطار العاصمة ، إضافةً إلى رحلات خاصة 

لدورة الألعاب الوطنية . المطار ممتلئ أصلًا .”


أخيرًا أدرك تشن جيايو سبب استحالة التحويل إلى مطار العاصمة ، فقال بودّ:

“ مفهوم ،، العواصف الرعدية التي تغلق مجال الاقتراب 

ليست خطأك . أنا متفهم .”


ثم كمن يجسّ النبض بشيء من الجرأة ، سأل بلا خوف:

“ لكن… السمكة ؟ أعدتها إلى الفريزر ، صحيح ؟”


ضحك فانغ هاو وقال :

“ نعم، أعدتها .”


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي