Ch51 برج الأبروش
في صباح اليوم التالي ،
استيقظ وهو يحدّق نصف نائم في شاشة هاتفه ،،
ظهرت رسالة من فانغ هاو أُرسلت في وقت متأخر من الليلة
الماضية ، بعد أن أنهى عمله :
[ تصبح على خير ، هل أنت نائم الآن ؟ ]
و تبعتها رسالة أخرى بعد قليل :
[ إذا كنت قد نمت بالفعل ، فلن أزعجك . نم بسلام ]
و بلمسة سريعة ثبّت تشن جيايو رسالة فانغ هاو في أعلى
محادثاته على ويتشات—فالكثير من الأشخاص كانوا
يراسلونه هذه الأيام ، ومن دون ردّ سريع قد تختفي رسالة
فانغ هاو وسط الزحام
ابتسم تشن جيايو وهو لا يزال مستلقيًا على السرير ،
ثم فتح رسالة أخرى غير مقروءة عليها نقطة حمراء في الأعلى ،
كانت من وانغ شيانغ ، وصلته قبل دقائق فقط :
[ الأخ جيا لقد تماديت في تلك المزحة في اليوم الآخر .
آسف لذلك — دعني أعوضك ]
كان يقصد المرة التي مازحه فيها بشأن تبديل النوبات ،
ملمحًا مازحًا إلى أنه يخفي عشيقة
لم يكن تشن جيايو قد أخذ الأمر على محمل الجد ، لكن بما
أن وانغ شيانغ بادر بالاعتذار ، فقد رأى أنه يحتاج شيئًا ما في
المقابل. فأجاب: [ لا بأس الأخ شيانغ ]
وكما توقّع، جاء الرد سريعًا :
[ ابن أخي يتدرّب الآن في جهاز المحاكاة الكامل ،
إذا كان لديك وقت ، هل يمكنك مساعدته ؟
وإذا كنت مشغولًا ، فلا بأس ]
جهاز المحاكاة الكامل (Full Flight Simulator) مستوى
أعلى من جهاز التدريب الأساسي (IPT)، إذ يسمح بمحاكاة
عمليات قمرة القيادة مع استجابة فورية لكل حركة يتحكم بها الطيار
تذكّر تشن جيايو أنه قد عرض سابقًا أن يتدرّب مع ابن أخ
وانغ شيانغ ، فأجاب : [ بالتأكيد ، دعه يضيفني على ويتشات ]
وانغ شيانغ: [ لقد أرسل لك طلبًا بالفعل . اسمه وانغ رونزي
تحقق إن كان وصلك ]
بحلول هذه اللحظة ، كان تشن جيايو قد استيقظ تمامًا
وفهم سبب تواصله معه الآن — لا بد أن رونزي أرسل
الطلب منذ أيام ، لكنه ضاع وسط إشعاراته
وبين عشرات طلبات الصداقة على ويتشات ،
كان يوجد العديد من الصحفيين الذين بطريقة ما حصلوا
على رقمه ، وكلهم يأملون في إجراء مقابلة معه ،
فقال مازحًا : [ كثرة الصحفيين من هونغ كونغ الذين
يحاولون إضافتي جعلتني لم ألاحظ ، سأقبله الآن ]
وبعد أن شكره ، سأله وانغ شيانغ: [ أي الأيام تريد أن تطير
فيها خلال عطلة رأس السنة شياو تشن؟ ]
ابتسم تشن جيايو { وانغ شيانغ بارع ، يوازن دائمًا بين الأخذ والعطاء ،،،
الآن وقد طلب خدمةً مني ، كان لا بد أن يقدم خدمة مقابلة …. كان تبادلًا عادلًا }
توقف تشن جيايو لحظة ، ثم كتب: [ انتظر قليلًا ، سأستشير الـ’رئيس‘.”
وبالنظر إلى ظروفه العائلية التي ذكرها من قبل ،
افترض وانغ شيانغ أنه يقصد والديه
لكن بدلًا من ذلك ، اتصل تشن جيايو بفانغ هاو ،
وعندما أجاب الطرف الآخر ، قال:
“ فانغ هاو كيف تخطط لقضاء عطلة رأس السنة ؟”
توقف فانغ هاو قليلًا ، ثم جاء صوته مفعمًا بابتسامة : “ صباح الخير ”
ابتسم تشن جيايو هو الآخر وقال بتحية : “صباح الخير حبيبي.”
صدر صوت خفيف من جهة فانغ هاو ، واضح أنه استيقظ
للتو أيضًا ، ثم تابع ضاحكًا : “ أراك تتأقلم مع هذا الدور بسرعة "
فأجاب تشن جيايو بنبرة مرحة : “ الخمسة رُتب ليست للزينة فقط !! عليّ أن أرتقي لمستواها أليس كذلك؟”
قال فانغ هاو بإعجاب خفيف : “ بالتأكيد ، وأنت تؤديها جيدًا "
تبادلا أطراف الحديث قليلًا ، ثم أثار فانغ هاو موضوع
الجداول: “ دعني أراجع نوباتي ….” وأضاف: “ يفترض أن
تتمكن من رؤيتها أنت أيضًا .”
فتح تشن جيايو تقويمهما المشترك ، فوجد يومين متتاليين مظللين بالأزرق ،
ولم يتبقَّى سوى يوم 31 حرًّا ،
فتنهّد قائلًا: “ يبدو أنك حرّ فقط يوم 31، لكنك على الأرجح
ستكون مع عائلتك .”
أجابه فانغ هاو: “ غالبًا ،، لم ألتقِ بعد بخطيب أمي ….” ثم
سأل: “ وأنت ؟ أرى أن تقويمك ما زال فارغًا جزئيًا .”
تشن جيايو: “ مدير الجدول أعطاني حرية الاختيار ، كنت
آمل أن أرتب مواعيدي بما يتوافق معك ،
سأذهب إلى اليابان في أوائل يناير ، ثم أعود مباشرةً إلى
ذروة السفر في مهرجان الربيع .”
فكر فانغ هاو في الجدول ، ورأى أنه مزدحم بالفعل ،
بدا واضحًا أن تشن جيايو سبقَه بالتفكير في هذه التفاصيل ،
و لم يجد ما يقوله سوى : “ آه… هذا تصرّف مدروس منك.
لو كنت أعلم، لطلبت منهم أن يتركوا يوم 30 شاغرًا لي أيضًا .
ربما يمكنني أن أحاول تبديل نوبتي مع أحدهم .”
قال تشن جيايو مطمئنًا:
“ لا، لا تقلق بشأن ذلك ، إنّه رأس السنة—وكل شخص لديه خططه ،
ما رأيك بعشاء في الثلاثين ؟ و أحضر شقيقك معك أيضًا .”
كان فانغ هاو على وشك أن يقول إنّ رأس السنة بالنسبة له
يوم كبقية الأيام ، لا يختلف عن غيره ؛ سواء قضاه وحده أو مع أحد ، فلن يغيّر الأمر شيئ ،
لكن اقتراح تشن جيايو الذي أوضح بوضوح رغبته في أن
يمضيا الوقت معًا ، جعله يجد الأمر طبيعيًا تمامًا ويشعر
برغبة في أن يفرغ له وقتًا
فقال: “ شنغجي عاد بالفعل إلى بريطانيا ، لذا سنكون فقط
نحن الاثنين ، ماذا تريد أن نفعل في رأس السنة ؟”
فكر تشن جيايو لحظة ، ثم أضاف بشكل غير متوقَّع:
“ ما الذي يمكن أن نفعله غير ذلك ؟
سنطبخ… ثم الجنس "
ضحك فانغ هاو : “ أأنت تمازحني بهذا الشكل منذ الصباح
الباكر ؟” لكنه لم يتردّد في الموافقة : “ حسنًا ، تم الأمر .
بما أنك مشغول مؤخرًا ، سأهتم أنا بالتحضيرات .”
…..
بعد أن تناول تشن جيايو إفطار سريع ، شعر أخيرًا أنّه
مستعد لفتح بقية رسائله على ويتشات ،
وخلال اليومين الماضية تراكمت لديه أكثر من مئة رسالة
غير مقروءة ، و قد تجاهلها لانشغاله بهمومه ،
لم يكلف نفسه عناء الرد على معظم الغرباء ،
لكن من بين إشعارات النقاط الحمراء فوجئ باسم واحد بينها—ليانغ يينان —— ( حبيبه السابق )
رسالة ليانغ يينان بسيطة :
[ رأيت أخبارًا مؤخرًا ذكّرتني بك ،،، كيف حالك ؟ ]
رغم إيجازها ، حملت الرسالة لمحة من اهتمام ،
وهو ما يليق بشخصية ليانغ يينان الهادئة ،
لم يكن يتابع ويبو ، لذا لم يكن ليعرف شيئ عن اختبارات
جهاز المحاكاة ؛ و على الأرجح أنه تذكّر أن اليوم الحادي عشر من ديسمبر
أجابه تشن جيايو بامتنان ، شاكرًا له اهتمامه —
قبل سنوات بعد تخرجهما من الجامعة ، رحل ليانغ يينان
بعزم إلى الخارج وقطع علاقته به —- انفصلا وديًا ،
واتفقا على أن ' يبقيا صديقين ' حاول تشن جيايو التواصل
معه لبعض الوقت ، لكنه شعر أن ليانغ يينان لم يكن
متحمس للحفاظ على تلك الصداقة — ربما بقيت في
داخله بعض المرارة ، و وقتها ، لم يكن ويتشات قد ظهر
بعد ، وكان ليانغ يينان يعيش في الولايات المتحدة ،
حتى إنّ تشن جيايو أنشأ حسابًا على MSN لمجرد التواصل معه ،
لكن سواءً بسبب المسافة أو طبيعته الباردة ، كانت ردوده
دائمًا مهذبة ، لكنها جافة وبعيدة ،
ذات مرة قالت له لو يان: “ يبدو أنك دائمًا تتعلق بالأشياء
التي لا تستطيع امتلاكها ” وكان عليه أن يعترف أنّها محقّة
ومع مرور الوقت ، تقبّل الأمر وتوقف عن المحاولة —-
بعد سنوات ، حين رُقّي إلى رتبة كابتن طائرة والتقيا صدفة
في مطار بكين ، تبادلا أرقام الاتصال من جديد ،
ومع ذلك ظل التواصل بينهما باهتًا ، لذا ، جاءت رسالة
الاهتمام هذه اليوم مفاجِئة له
أرسل ليانغ يينان رسالة أخرى : [ سمعت أنك تحوّلت من
الإيرباص إلى البوينغ . اعتقدت أنّ الأمر له علاقة بالحادث ]
فأجابه تشن جيايو: [ ليس تمامًا . الشركة اشترت طرازات
بوينغ جديدة ، وكانوا بحاجة لمزيد من الطيارين لها ،
شركتنا تختلف عن شركتكم — حجم الركاب لدينا يزداد كل عام ،
يوجد دائمًا نقص في الأيدي ]
بعد تبادل بضع جمل عابرة ، ضغط تشن جيايو على صورة
ملف تعريف ليانغ يينان ليرى آخر تحديثاته ،
وجد منشورًا حديث من اليوم السابق : صورة ليد ليانغ
يينان تتزيّن بخاتم فضي بسيط مرصع بثلاثة أحجار ماس
صغيرة في إصبع البنصر ، وخلفية الصورة جبال متدحرجة
في شرق الولايات المتحدة ،
كان المنشور مرفقًا بموقع منتزه أكاديا الوطني وتاريخ واحد فقط: 10-12
في الصين اليوم قد دخل الحادي عشر ، بينما هو اليوم العاشر في الولايات المتحدة ،
الليلة الماضية كان تشن جيايو منشغلًا بفانغ هاو ، فلم يتفرغ ليتفقد منشورات ' لحظات ويتشات '
ولهذا لم يرَى ذلك المنشور إلا الآن
اندهش و أسرع يرسل رسالة تهنئة متأخرة :
[ رأيتها للتو ،، مبروك ]
رد ليانغ يينان بأدب :
[ شكرًا لك جيايو ]
تشن جيايو :
[ من السعيد الحظ ؟ ]
: [ “ مهندس أمريكي ، يعمل أيضًا في مجال الطيران ]
باركه جيايو مجدداً ، ثم كتب :
[ متى الزفاف ؟ ]
ليانغ يينان:
[ مارس العام القادم . تعال إذا سنحت لك الفرصة ]
ابتسم تشن جيايو وهو يعرف أن حضوره شبه مستحيل ،
وأن دعوة ليانغ يينان أقرب إلى المجاملة منها إلى الدعوة الجدية ، لكنه مع ذلك رد ببساطة :
[ بالتأكيد ]
وبعد أن أرسل الرسالة ، بقي يتأمل الدردشة طويلًا ، يراوده
شعور مفاجئ بأن يحدّث ليانغ يينان بكل شيء عن نفسه وفانغ هاو ،
لكن بعد تفكير طويل، وجد أن ذلك ليس مناسبًا بعد ،
فعلى الرغم من أنهم تواصلوا مجددًا ، إلا أن هوّة واسعة ما زالت تفصل بينهما ،
ولكن شعر بفرح صادق لأجل خطوبة ليانغ يينان وزواجه القريب ،
ومع هذا الفرح ، تسللت إليه أيضًا لمسة حنين وتأمل ،
لقد أدرك أنّ ليانغ يينان وجد ما لم يكن بوسعه أن يمنحه يومًا :
ذلك الحب الناضج ، العلني ، الدائم — الحب الذي
لم يكن في مقدور شاب في الثانية والعشرين أو الثالثة
والعشرين أن يقدّمه وقتها —— ،،
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق