Ch52 برج الأبروش
على الرغم من أنّ الثلاثين من ديسمبر لم يكن ليلة رأس
السنة رسميًا ، إلا أنّ فانغ هاو أولاه اهتمامًا بالغًا ،
ووضع خطته بعناية ،،
فقد اطّلع مسبقًا على جدول تشن جيايو ولاحظ أنّ رحلة إلى
اليابان كانت محددة بعد رأس السنة بيومين فقط ،،
وهذه الرحلة تصادفت مع ذروة الازدحام في موسم عيد الربيع ،
أكثر الفترات انشغالًا في السنة بالنسبة لحركة الطيران
وتنظيم الرحلات ،،
أدرك أنّه سيكون من الصعب أن يحظيا بوقت مريح سويًا
خلال الشهر أو الشهرين المقبلين ، فكان هذا اليوم واحدًا
من الفرص النادرة ليحتفلا ويختليا بأنفسهما في جو هادئ
…
في صباح الثلاثين ،
فانغ هاو في إجازة و قضى يومه في ترتيب المنزل ، وزيارة متجر للأثاث المنزلي ،
واشترى سجادة جديدة لغرفة المعيشة ،
وأثناء تسوّقه لمح بعض المصابيح الصغيرة على شكل شموع ، فاقتنى منها استعدادًا لعشاء على ضوء الشموع ،
هذه المرة أصرّ أن يقوم هو بالتسوّق بنفسه بدلًا من
الاعتماد على خدمة توصيل الخضار الطازجة ، فرغم أنّها مريحة ، إلا أنّها باهظة الثمن ،،
ومع وجود متسع من الوقت ، فضّل أن يذهب بنفسه
أما ' تعليمات ' تشن جيايو لليلة فكانت بسيطة : إعداد العشاء ،
ثم الجنس ، حقًا… أحدهما يُمتع الذائقة ، والآخر
يغذي الجسد والروح
أبسط ما في الحياة هو غالبًا أعظم ما يجلب السعادة ،
ولم ينوي فانغ هاو تركه يطبخ وحده ،
في الليلة السابقة قد تبّل بعض شرائح اللحم مسبقًا ،
واستبدل الأسطوانة في جهاز تشغيل الأسطوانات العتيق لديه ،
واختار ألبومه المفضل من موسيقى الجاز ليصنع الأجواء ،
وبعد أن أنهى كل الترتيبات ، استحم وجلس على الأريكة
ينتظر الصوت المألوف لمفتاح تشن جيايو وهو يفتح الباب
فمع امتلاكه الآن لمفتاح خاص وبطاقة دخول إلى المبنى ،
لم يعد تشن جيايو بحاجة إلى الاتصال بفانغ هاو ليستقبله
عند الساعة السادسة ، كان فانغ هاو في كامل ترقّبه ،
وعند السادسة والنصف ، لم يُفتح الباب ، ولا ظهرت أي إشارة لوجود تشن جيايو
بدا الأمر غريبًا ، فمع أنّ جيايو يملك المفتاح الآن ، إلا أنّه
عادةً يكون حريصًا على إخطاره عندما يكون في طريقه
قبل السابعة بقليل ، اهتز هاتف فانغ هاو برسالة:
[ والدتي لا تشعر أنها بخير . اضطررت لنقلها إلى المستشفى . قد أتأخر ]
انقبض قلب فانغ هاو فورًا ،،
كانت أولى أفكاره القلق على حالته ، فأجاب بلا تردد :
[ خذ وقتك ، لا عجلة . أخبرني عندما تكون في طريقك ]
لكن بعد نصف ساعة أخرى، ومع غياب أي تحديث جديد،
بدأ القلق يتزايد بداخله ، فأرسل رسالة ثانية :
[ هل الأمر خطير ؟ ]
ولم يصله أي رد
———
تشن جيايو على وشك مغادرة منزله متجهًا إلى بيت فانغ هاو حينها تلقى اتصالًا من والده تشن تشنغ ،،
فقد بدأت والدته تساو هوي تعاني من صعوبة في التنفس ،،
لم يكن الوضع يبدو خطيرًا ، لكن جيايو لم يجرؤ على
التهاون ،، و بادر على الفور بالاتصال بالإسعاف ، ورافقها إلى المستشفى ،،،
حين أرسل لفانغ هاو يخبره بتأخّره ، كان في جزء منه يحاول
كسب بعض الوقت ،
لا يزال يأمل أن يتمكن من الذهاب إليه مهما تأخر ،
لكن في أعماقه كان يوقن أنّ الأمر ربما ينتهي بإلغاء الموعد ،
وبالفعل، حين انتهت الإجراءات في المستشفى ، كانت
الساعة قد تجاوزت الثامنة ،
لحسن الحظ لم يكن وضع والدته خطيرًا ؛ كل ما تحتاجه
هو المكوث تحت المراقبة لليلة واحدة ، لكن في مثل هذا التوقيت ، لم يكن بمقدوره أن يترك والدته ووالده في
المستشفى ويمضي وحده ،
ومع وجود والده إلى جانبه طوال الوقت ، لم يكن في وسعه إجراء مكالمة هاتفية ،
فاكتفى بأن أرسل رسالة عبر ويتشات يعتذر فيها ،
قائلًا على مضض أنه لن يتمكن من الحضور هذه الليلة
فانغ هاو القلق قليلًا على الهاتف ،،، سأل: [ هل تستطيع أن تتصل ؟ ]
أجابه تشن جيايو وفي قلبه وخزة ذنب: [ ما زلت في الخارج ، قد لا يكون مناسبًا الآن . آسف ]
و أضاف : [ سأعوّضك لاحقًا ]
…..
تنهد فانغ هاو …في الحقيقة لم تكن فكرة الاحتفال بهذه
المناسبة فكرته هو أصلًا ، بل كانت فكرة تشن جيايو
أما بالنسبة له، فأي يوم عادي يمكن أن يكون مميزًا بما يكفي ؛
فمجرد العيش بهدوء إلى جانب بعضهما كان يمنحه سعادة غامرة ، لكنه يدرك أيضًا وضع جيايو ،
فكّر فانغ هاو بخطة بديلة { ربما يمكنني طبخ الطعام كما
خططت ، ثم أحمله معي إلى منزل تشن جيايو ،،،،
لن يكون عشاءً على ضوء الشموع ولا مناسبة رومانسية
متكاملة ، بل مجرد ليلة بسيطة وعادية : طعام شهي ،
وحديث دافئ }
وهذا في نظره ، أثمن بكثير من أي مظاهر متكلّفة
و بهذه الفكرة بدأ يكتب: [ ما رأيك أن أحضر الطعام إليك بدلًا من ذلك ؟ ]
جاء رد تشن جيايو بعد خمس دقائق : [ لست متأكدًا من موعد عودتي الليلة . تناول عشاؤك أولًا ]
شعر فانغ هاو بوخزة خيبة أمل ، لكنه يعلم أنّه لا يحق له أن
يلومه في مثل هذا الظرف ، فالأمر خارج عن إرادة جيايو ،
حين وافق منذ البداية على هذه العلاقة ، كان يعرف أن
وقتهما معًا سيكون محدود ،
ولو كان لديه أي شكوك ، لكان عليه أن يطرحها وقتها ، لكنه لم يفعل ،
بل انساق خلف مشاعره ووافق دون تردد ،
أما الآن ، فإثارة الموضوع ستبدو أنانية ، وكأنه يتجاهل ظروف جيايو ،
كان بينهما ، مثل أي حبيبين ، توقعات متبادلة ، لكنهما لم
يتطرقا يومًا إلى هذا الموضوع ،
ولم يجد فانغ هاو الوقت المناسب لفتحه ،
وفي النهاية وضع هاتفه جانبًا ، ونهض من على الأريكة ،
وأطفأ المصابيح الصغيرة على شكل شموع التي اشتراها خصيصًا للليلة
———
في صباح اليوم التالي ، تشن جيايو هو أول من اتصل
بمجرد أن أجاب فانغ هاو بادر يسأل: "كيف سارت الأمور بالأمس ؟"
تنهد جيايو وقال بصوت مبحوح: " آه… أمي كانت تعاني
بعض صعوبة في التنفس، فأخذتها إلى المستشفى ،
لحسن الحظ لم يكن الأمر خطير . أعطوها بعض الأدوية ، وستخرج اليوم ."
سأله فانغ هاو بقلق: " هل نمت ليلًا ؟"
فأجاب: " أخذت غفوة قصيرة في المستشفى .
أنا في إجازة اليوم، فسأعوّض النوم لاحقًا ..." ثم توقف قليلًا
: " أنا آسف جدًا على ليلة البارحة . لا بد أنك أعددت الكثير ، وخيّبت ظنك ."
وإن كان فانغ هاو قد شعر بخيبة صغيرة حين وضع جانبًا
كل ما أعدّه من مكونات ، فإنها تلاشت تمامًا مع نبرة جيايو المليئة بالاعتذار
فقال بابتسامة خفيفة : " لا تقل ذلك ، ستجعلني أشعر بالسوء .
اعتنِ بأمك أولًا ، ثم اعتنِ بنفسك . وبعدها ، إن كان لديك
وقت… تعال واعتنِ بي أنا أيضًا ." قالها مازحًا محاولًا التخفيف عن جيايو
لكن كلما أبدى فانغ هاو تفهمًا ، ازداد شعور جيايو بالذنب ،
وساد صمت طويل على الطرف الآخر
لاحظ فانغ هاو ذلك، فسأل : " ما بك؟" أكثر ما يخشاه هو
صمت جيايو وانغلاقه على نفسه ؛ فالكلمات ، حتى الجدال ،
أهون من هذا الصمت الكاتم
وعلى الرغم من أنّ النهار قد انتصف ، فإنّ جيايو — الذي لم
يذق طعم النوم طوال الليل ، كان يشعر بأن ضوء الصباح
الضبابي ما هو إلا امتداد للعتمة — وبعد صمت طويل ،
همس أخيرًا: " أريد حقًا أن أراك "
ربما كان في أعماقه يتمنى أن يرد فانغ هاو بكلمات مثل: ' وأنا أفتقدك أيضًا '
لكنه لم يستطع البوح بذلك صراحة
فأجابه فانغ هاو وقد ارتبك قليلًا: "أعرف… أنا… في طريقي
الآن إلى بيت والدتي "
تنهد جيايو بهدوء ، وعدّل نبرته : " لا بأس ، كنت أقولها فقط.
هل ستتناول العشاء مع والدتك وحبيبها ؟"
"هممم." أجاب فانغ هاو بإيجاز
وساد الصمت مرة أخرى على الخط…
كان تشن جيايو قد فكّر فيما إذا كان فانغ هاو قد يدعوه إلى
تجمع العائلة في رأس السنة ،
فمنذ لقائه بوالدة فانغ هاو فان رولان في حفل عيد ميلاده،
ومن خلال ما سمعه من فانغ هاو عنها، أدرك أنها امرأة منفتحة ،
أما حبيبها وهو أمريكي من أصل صيني ، فالأرجح أنه لم يكن
ليعترض أيضًا ،
لكن هذه الخطوة كان لا بد أن تأتي من الطرف الآخر أولًا ،
فهما لم يمضِ على علاقتهما سوى أقل من شهر ،
وكان من غير المناسب أن يدفع هو نحو لقاء العائلة ،
وبما أن فانغ هاو لم يذكر الأمر ، قرر جيايو ألّا يُصّر ،
وأخيرًا ، وهو يضع في اعتباره أن فانغ هاو كان على وشك
الانطلاق بالسيارة ، أنهى المكالمة بوعد أن يراه قبل رحلته إلى اليابان
بعد أن أنهى الاتصال ، خطر لفانغ هاو شيء ،
التقط هاتفه وفتح تطبيق التوصيل نفسه الذي قد استخدمه من قبل لشراء باقة زهور إلى والدة تشن جيايو ،
هذه المرة اختار باقة من زهور دوار الشمس الصفراء
البرتقالية المشرقة ، مع لمسات من الزهور الخضراء
الناعمة وزهور جيبسوفيلا البيضاء للتزيين
وفي خانة المرسل كتب : [ تشن جيايو ]
وعلى البطاقة دوّن عبارة بسيطة : [ هذه المرة من أجلك ،،
سنة جديدة سعيدة ]
ثم أدخل عنوان منزل جيايو وأرسل الطلب للتوصيل
فمسألة ' لقاء العائلة ' لم تكن في ذهن جيايو وحده ،
فمنذ أن أكد فانغ هاو علاقتهما ، بادر بإخبار والدته فان رولان وشقيقه الأصغر فانغ شينغجي ،،
ومنذ ذلك الحين ، كثيرًا ما كانت فان رولان تسأله : “متى
ستأتي به ليتعرف إليّ كما ينبغي؟”
لكن فانغ هاو كان يراوغ ، متذرعًا بأنها رأت جيايو بالفعل في
تجمع سابق ، بل وكان يمزح قائلًا : “ إذا أردتِ أن تعرفي
أخباره ، يمكنك دائمًا متابعة حسابه على ويبو ”
وفي ليلة رأس السنة ، وأثناء تجمع عائلي ، اكتشفت فان رولان أن فانغ هاو
لم يقضِ الليلة السابقة مع تشن جيايو ،
فسألته مباشرةً : “ لماذا لا تدعو شياو تشن لينضم إلينا ؟”
أجابها فانغ هاو: “ لديه الكثير من الأمور في المنزل . دعيه يا أمي .”
لم يكن العشاء كبير ؛ مجرد فان رولان ، وحبيبها لي هيي،
واثنين من أصدقائها المقربين ،
وهكذا كان فانغ هاو الوحيد الزائد عن العدد ،
ولو حضر تشن جيايو — لكان الأمر أكثر توازنًا وأضفى أجواءً من الحيوية ،
لم يكن فانغ هاو يرفض فكرة لقاء جيايو بأسرته ، لكنه شعر
أن الوقت لم يحن بعد ،
استعاد في ذهنه علاقته السابقة مع لو جياوي، الذي حضر
مناسبتين عائليتين ،
إحداهما في عيد الربيع ، ولكن لم تحب فان رولان لو جياوي ، وكانت تعلق دومًا بأنه بارد وحذر ماكر ومن الصعب فهمه ،
وكمعلمة سابقة ، كانت فان رولان تملك آراء قوية عن
الناس ، وكان فانغ هاو يكره انتقاداتها في تلك الفترة ،
وبعد أن انتهت تلك العلاقة نهاية سيئة ، كان يتوقع منها أن
تقول عبارتها المعتادة ' لقد حذرتك ' لكنها لم تفعل ،
بل امتنعت عن ذكر لو جياوي كليًا ، حتى لا تجرح كبرياءه ،
إلا أن تلك التجربة جعلت فانغ هاو أكثر تحفظًا مع والدته ،
لم يكن يرفض أن يلتقي جيايو بها، لكنه أيقن أن الوقت لم يكن مناسبًا بعد
وفي منتصف التجمع ، اتصل فانغ شينغجي ليتمنى للجميع
عامًا سعيدًا ،
وعندما توجهت الكاميرا نحو فانغ هاو، سأله : “فانغ هاو أين الأخ جيايو؟”
لقد أجاب عن سؤال والدته من قبل ، و ها هو الآن يُسأل
مجددًا أمام الجميع، فشعر بالحرج قليلًا ، فقال: “ إنه مع عائلته ، آه صحيح ،
طلب مني أن أنقل لك تهانيه بالعام الجديد "
كانت تلك الجملة من نسج خياله ، لكن بما أن جيايو كان
قد ذكر فعلًا رغبته في دعوة شينغجي إلى العشاء ، فلم تكن كذبًا صريحًا
لكن المفاجأة كانت حين قال شينغجي : “ لا داعي لذلك ، فقد أرسل لي رسالة تهنئة بالعام الجديد بنفسه "
عندها لم يستطع فانغ هاو إلا أن يُعجب بمدى حرص تشن جيايو على أدق التفاصيل ،
بينما تسلل إلى قلبه شعور بالذنب { ربما كان عليّ أن أدعوه
إلى تجمع العائلة }
فقد أظهر جيايو بوضوح أنه يعتبر شينغجي فردًا من العائلة،
فلم ينسَى أن يرسل له تهنئة خاصة ، أدرك فانغ هاو أنه ،
بالمقارنة ، لم يعامل جيايو بالمعاملة نفسها ،
بل إن جيايو كان دائمًا ' الابن المثالي ' في نظر الجميع ،
ولم يخطر بباله شخص واحد ، حتى والديه ، أنه قد لا يحبونه
تبادل فانغ شينغجي بضع كلمات تهنئة مع أصدقاء فان رولان ولي هيي ،
فلم يملك أصدقاؤها إلا أن يبدوا إعجابهم
قائلين: “ لقد أصبح ناضجًا ولبقًا !”
ابتسمت فان رولان وقالت : “ بالفعل .” ثم استأذنت
لتتحدث مع شينغجي على انفراد عبر الهاتف ، وغابت عن الطاولة لبعض الوقت
مع غياب فان رولان عن الطاولة ، بدأوا صديقتاها في تبادل
الأحاديث عن أبناء معارفهما ، مما جعل الأجواء تميل قليلًا إلى الإحراج ،
أما لي هيي فحاول إبقاء الحديث قائمًا مع فانغ هاو ،
ورغم أن لغته الماندرين ثقيلة اللهجة و متعثرة ، إلا أنه كان
ذا طبع لطيف ومهذب ، يُبدي احترامًا كبيرًا ، ويُعامل فان رولان بلطف ،
لم يكن فانغ هاو يكثر الكلام معه ، لكنه اعتاد على وجود لي هيي في حياتهم وتقبّله ،
ومع استمرار السهرة ، بدأ ذهن فانغ هاو يشرُد ،
أفكاره تعود مرارًا إلى تشن جيايو ،
وبين محاولته تسلية الضيوف وبين إحساسه المتزايد بالإرهاق ،
وجد نفسه منهكًا نفسيًا وعاطفيًا ،
ورغم أن المناسبة يفترض أن تكون مليئة بالبهجة لعيد
السنة الجديدة ، إلا أن مزاجه كان منخفضًا بعض الشيء ،
ولو بحث المرء عن السبب بعمق ، لوجد أنه يعود إلى علم
فانغ هاو منذ زمن بأن فان رولان كانت تميل قليلًا إلى شينغجي أكثر منه ،
فالناس يقولون إن الآباء يحبون أبناءهم جميعًا بالقدر نفسه ،
لكن الواقع أن المساواة المطلقة أمر عسير ،
ولم يكن فانغ هاو وشينغجي استثناء من هذه القاعدة ،
فطبيعة فانغ هاو الهادئة المتحفظة كانت تقابلها شخصية شينغجي الدافئة والاجتماعية ،
وكل من قابل الأخوين كان يميل مباشرةً نحو شينغجي
وليس لمجرد أنه الأصغر سنًا
استعاد فانغ هاو ذكرى ليلة رأس سنة قضاها أثناء فترة
تدريبه في سيتشوان؛ كان وقتها برفقة زملائه، فانغمس في
الاحتفالات إلى حد أنه نسي أن يتصل بالمنزل حتى حلّ
اليوم الأول من يناير ،
و حين بادرت فان رولان بالاتصال لتسأله لماذا لم يطمئن عليها أما شينغجي فعلى العكس،
كان يتصل بالمنزل كلما
شعر بالضياع أو بالحنين ، وأحيانًا يبكي عبر الهاتف
وكان ذلك الضعف يجعله محبوبًا أكثر لدى كل من حوله
وبالمقارنة ، كان فانغ هاو دائمًا أكثر استقلالية ، يعتمد على نفسه، ولا يلين بسهولة
وفي هذا الأمر تحديدًا ، لم يكن فانغ هاو يرى في تفضيل
والدته جرحًا له؛ فقد كانت تمنحه حبًا غير مشروط ودعمًا
ثابتًا ، وكان ذلك كافيًا بالنسبة إليه ،
لكن في هذا اليوم بالذات ، بدا له وقع هذه الحقيقة أكثر إيلامًا من المعتاد
فقد قال لتشن جيايو عبر الهاتف في وقت سابق : ' اعتنِ بوالدتك أولًا ، ثم بنفسك ، وبعدها بي '
والآن ، وهو في تجمع فان رولان ، شعر وكأنه يحتل الترتيب نفسه أيضًا : علاقتها الناشئة مع لي هيي تأتي أولًا ،
وشينغجي ثانيًا ، وهو —- لا محالة ، ثالثًا
لم يكن الأمر عظيم ، لكن ترك في نفسه لمحة من الخفوت
وسط أجواء الاحتفال المشرقة …..
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق