Ch60 بانغوان
تشانغ يالين :
“ هل عليكِ أن تذهبي للبحث عنهم اليوم بالذات ؟”
تشانغ لان قد جمعت مختلف القوارير والعلب على طاولة
تزيينها في حقيبة ، ثم أشارت إليه بإصبع يعلوه ظفر
أكريليك حاد لامع قائلة :
“ ليس فقط أنا ، بل أنا وأنت معًا .”
وبعد أن شددت على هذه النقطة ، تمتمت :
“ لماذا لا تنظر بنفسك إلى الاسم الذي بجوار ذلك الرجل
على لوحة سجل الأسماء ؟
في كل الأحوال ، لست أنا المقصودة .”
شعر تشانغ يالين في داخله وكأنه بصق دمًا من الغيظ
وما إن فعل حتى سمع شقيقته تتحدث مجددًا:
“ أما عن سبب ضرورة أن يكون اليوم بالذات…”
فكرت تشانغ لان قليلًا ثم قالت:
“ قال الصغير تشو شو شيئًا هذا الصباح عندما غادر . هل سمعتَه ؟”
كان هذا قفزة منطقية غريبة ، فلم يستوعب تشانغ يالين الأمر :
“ وما علاقة تشو شو بهذا ؟”
دحرجت تشانغ لان عينيها :
“ ذلك الصغير فمه مثل منقار الغراب ، ألا تعلم هذا من قبل ؟”
وبالفعل، فقد جرّب تشانغ يالين ذلك مرارًا. فبوجه متجهم سأل:
“ ماذا قال؟”
شرحت تشانغ لان:
“ أتعلم أن المطر كان يهطل في وقت سابق والرياح كانت قوية جدًا ؟
نافذتي كانت مفتوحة ، فبدت الأصوات مخيفة قليلًا .
هو قد خرج بالفعل حتى بوابة الفناء ، لكنه التفت وقال :
كم عمر هذا المنزل الرئيسي أصلًا ؟
لماذا يبدو وكأنه على وشك الانهيار ؟”
تشانغ يالين: “… أي أسلوب كلام هذا ؟”
كان تشو شو يجهل تمامًا أنه ' فم غراب ' ( نحس )
{ لو كان أصغر سنًا لقلنا إنه طفل لا يعرف ، لكن عمره خمس عشرة سنة ، وما زال يتحدث دون تفكير
لولا العلاقة القريبة بينهم لكان قد عُلّق وضُرِب منذ زمن }
قالت تشانغ لان التي كانت شخصيتها صريحة وتكره
المشاعر المجهولة كهذا القلق : “ على أية حال ، شعرت بالقلق طوال اليوم ،،،،
لذا هذه الرحلة ضرورية ….”
ثم سألت :
“ بالمناسبة ، أين شياو هاي ؟” ونظرت خارج الغرفة
قال تشانغ يالين بتأفف:
“ وماذا الآن ؟” ومع ذلك حرك أصابعه لاستدعاء الدمية الحارس شياو هاي
قالت تشانغ لان وهي تتصفح هاتفها دون أن ترفع عينيها :
“ دَعه يتنبأ بمكان وجهتهم . هكذا أستطيع شراء التذاكر .”
فبما أن أماكن تواجد تلميذي آل شين يمكن تعقّبها من
خلال التعاويذ والدمى التي تتبعهم، فقد كان لدى الأخوين
فكرة عن الاتجاه العام، لكن ليس عن الوجهة النهائية
أخرج شياو هاي عدة عملات نحاسية من جيبه ، قلبها بين
أصابعه قليلًا ، ثم بدأ يهزها
ولأنه اعتاد على القيام بهذا كثيرًا بطلب من تشانغ لان ،
فقد صار الأمر أشبه بغريزة لا يخطئ فيها
لكن حين فتح كفه ، انزلقت إحدى العملات النحاسية ،
ووقعت على الأرض ، وتدحرجت على ألواح الخشب حتى
اختفت أسفل خزانة الملابس…
ارتبكت تشانغ لان ، وتغيّرت ملامح وجهها قليلًا
لم تكن تفهم شيئًا في فنون العرافة ، لكنها تعرف القاعدة
الأساسية جيدًا بفضل أجيال من رؤساء عائلة تشانغ الذين
تخصصوا في الفنون المختلطة ' إذا سقطت عملة على
الأرض وغابت عن الأنظار أثناء التنبؤ ، فذلك نذير شؤم شديد '
ولا مجال لإعادة المحاولة —-
سقوط العملة يعني أن تلك البصيرة لا يمكن التكهن بها
قالت بدهشة:
“ لا يمكن معرفة الوجهة ؟”
عبس تشانغ يالين بجبينه أيضًا
قالت تشانغ لان بشيء من الشك:
“ أليس هذا سخيفًا بعض الشيء ؟ ربما فقط ارتجفت يد شياو هاي ؟”
مدّ شياو هيي يديه بهدوء نحوها :
“ إنها ثابتة جدًا .
يمكنكِ أن تمسكيهما بنفسك إن لم تصدقي .”
تشانغ يالين:
“ مستحيل . هذه دمية صُنعت من أحد ممتلكات بو نينغ الروحية .
العرافة بالنسبة له مثل الأكل والشرب . هل يرتجف فمك عندما تأكلين ؟”
تشانغ لان: “… ”
كان تشانغ يالين مترددًا بشأن الرحلة في البداية
إذ كان في عائلة تشانغ قاعدة : إذا غادر هو وأخته نينغتشو
في الوقت نفسه ، فعليهما إبلاغ رئيس العائلة —أي جدهما، تشانغ تشنغتشو
ولهذا السبب تحديدًا لم يعودا يتولّيان الأمور معًا في العادة،
لأنهما يريدان تجنب الإبلاغ ورؤية جدهما
في صغرهما كانا قريبين منه ، خاصةً تشانغ لان ، لكن مع
مرور السنين ابتعدوا عنه شيئًا فشيئًا
و السبب كان بسيط : بعد طرد تشانغ وان من العائلة ،
وقعت مسؤولية الخلافة على عاتق الأخوين
وكان الجد يريد لهما التخصص في الفنون المختلطة ، لكن تشانغ لان رفضت
والحقيقة أن تشانغ يالين لم يرغب بذلك أيضًا
كلما كبر كلما ازداد افتتانه بفن الدمى
لم يهتم كثيرًا بسواه ، لكن شخصيته أهدأ من أخته ،
و أكثر طاعة ، لذا اختار الحل الوسط : جعل دماه تتخصص
في العرافة والدوائر والتعاويذ
وبهذا —- بالكاد استوفى متطلبات الجد
مع أن الأمر لم يكن مبدأً مقدسًا بالنسبة للأخوين ، إلا أن
جدهما كان يراه بالغ الأهمية
فكانت كل نقاشاتهم تنتهي بخلاف ،
ومنذ ذلك الحين صار الأخوان يتجنبانه ،
ربما خوفًا من النزاع ، وربما كي لا يبتعدوا أكثر
باختصار ، كانوا يحاولون ألا يزعجوا الرجل العجوز ما لم يضطروا
لكن الآن ، بعد أن خرج نذير شؤم من عرافة شياو هاي ،
شعر تشانغ يالين أن عليه التحقق بنفسه
و قال لأخته :
“ سأذهب لأحضر أمتعتي ، وسأقوم أيضًا… بزيارة للجد .”
لوّحت له تشانغ لان بيدها، مشيرةً إليه أن يسرع
لكن من الواضح أن تشانغ يالين لم يكن من النوع النشيط،
فـ”إسراعه” استغرق ما يقارب ساعة كاملة
تشانغ لان قد انتهت من توضيب حقيبتها منذ زمن طويل،
وبفعل الملل لجأت إلى تسلية نفسها مع شياو هاي
سألت:
“ الوجهة لا يمكن التنبؤ بها ، لكن باقي الأمور يمكن أليس كذلك ؟”
كان شياو هاي قد ذاق الأمرّين من هذه المرأة المتعجرفة
مرات لا تُحصى ، لذا كان يعرف كيف يقلق منها
و قال بحذر :
“لو أخبرتني أولاً بما تريدينه… سأحتفظ بحكمي حينها .”
ابتسمت تشانغ لان بخفة:
“ أها، أصبحت أذكى، ها؟ لا تقلق ، لا أريد مضايقتك .
لكن على الأقل الحُكم بين شؤم أو سعيد ، أليس هذا ممكنًا ؟”
أومأ شياو هاي فورًا ، وبدأ يهز العملات النحاسية مجددًا
لم تسقط أي منها هذه المرة ، مما جعل تشانغ لان تتنهد تنهيدة ارتياح
لكن قبل أن تُكمل زفيرها ، سمعت شياو هاي يتلو بوضوح:
“ ستة - ثلاثة : يفتقد الصياد رفيقًا يحرسه أثناء مطاردة
الغزلان ، فينطلق وحيدًا في الغابة .
وبحسٍّ وعيٍ ضئيل ، على النبيل أن يستسلم ، إذ لا ينتظره سوى المهانة .”
تشانغ لان: “ ما هذا بحق الجحيم ؟”
أوضح شياو هاي :
“ أنتِ تصطادين غزالًا بلا دليل يرشدك . الأفضل أن تتخلي
عن ذلك ، فالإهانة مرجحة أكثر .”
تشانغ لان: “؟”
سألَت بفتور: “ مَن الذي سيتعرض للإهانة ؟؟؟”
رمقها شياو هاي بنظرة سريعة نحو شفتيها المرسومتين
بالأحمر وكأنها على وشك التهام أحدهم، فقرّر أن يكون أكثر
لطفًا هذه المرة :
“ أنتِ… على الأرجح .”
كلمة “على الأرجح” كانت الجزء اللطيف في كلامه
لو أنه اكتفى بسرد الشطر الأول من العِرافة ، لكانت تشانغ
لان ربما ترددت قليلًا
لكن بما أنه أضاف جملة “ستُهان”، فقد قررت صاحبة
السعادة بعناد الذهاب مهما كان
و قالت بصلابة :
“المغزى الأساسي هو أننا نفتقد دليلًا، صحيح؟”
شياو هاي: “ المغزى الأساسي هو أن تتخلوا عن الأمر ~ .”
دفعت تشانغ لان شياو هاي إلى الخارج وأكملت تصفح هاتفها وحدها
في زمن الخرائط الرقمية ، لم يكن تفسير “الدليل” يعني
المرشد الحرفي ، بل ربما شخص يتوسط لهم
فهي لم تكن تملك علاقة مباشرة مع تلاميذ عائلة شين
ولو هي وتشانغ يالين اندفعا إليهم فجأة ، قد يتعرضان
لموقف محرج شبيه بما حدث آخر مرة حين ذهبت إلى منزل آل شين
وبهذا المنطق ، فإن ما خرج به شياو هاي من عِرافة بدا منطقيًا
{ إذن ! عليّ أن أجد شخص يملك ' علاقة قائمة ' معهم }
من بين من تعرفهم ولهم صلة بتلاميذ عائلة شين،
كانت خِيارها الأول بالتأكيد شيه وون
لكن لسوء الحظ، شيه وون في تلك اللحظة منطلقًا شمالًا
في السيارة نفسها —-
لذا قررت أن تتصل بـ تشو شو بدلًا منه
وبينما تشانغ يالين أخيرًا يُنهي إبلاغ جدهما عن الرحلة ، كان
تشو شو قد وصل بالفعل إلى مدخل الفناء الكبير
كان في غاية السعادة
وبدا كأنه ذاهب إلى نزهة ربيعية، يحمل هاتفه بيده وحقيبة
ظهر منتفخة مدوّرة على كتفه،
شكّ تشانغ يالين أنها مليئة بالوجبات الخفيفة
وبما أن الإعلان الصريح بأنهم ذاهبون لـ ' مطاردة ومراقبة '
أحدهم لم يكن لائقًا ، ومع رغبتهم في ألّا يفسدوا عقل
مراهق ، أوضحت تشانغ لان لتشو شو بأنهم “ذاهبون في رحلة عمل لفك قفص .”
ولأنهم لم يعرفوا الوجهة بالضبط ، عليهم أن يقودوا السيارة بأنفسهم
أطلقت تشانغ لان تعويذة تتبّع ليتبع سيارة وين شي
وليكون أيضًا مرشدهم في الطريق
ولم يعودوا مستعجلين بعد ركوب السيارة
فبعد الانطلاق، انعطفوا أولًا نحو متجر أدوات روحية يُدعى “إكليل ورقي”، ليشتروا بعض الورق والفرَش
والزنجفر المستخدم في رسم التعاويذ
وضعت تشانغ لان المشتريات في حقيبتها استعدادًا لاحقًا
و مستفيدة من وجود تشو شو معهم ، ربتت على شياو هاي وقالت:
“ نحن نعتمد عليك . موظف شيه وون هو من يقود ،
ورغم أنهم ربما سبقونا في الانطلاق ، إلا أنهم بالتأكيد
سيتوقفون للراحة وتبديل السائقين .
وبما أنك دمية ، فلن يكون الأمر صعبًا عليك للحاق بهم .”
كان هاتف تشانغ لان مثبتًا فوق مقعد السائق حيث يجلس شياو هاي
وعلى الشاشة تطبيق الملاحة مفتوح ، إلا أن ما ظهر فيه
نقطتان متحركتان
إحداهما زرقاء وتمثل مجموعتهم ، والأخرى حمراء وقد
تجاوزت بالفعل حدود شاندونغ
و الأزرق يمثل التلميذ الأكبر لعائلة شين ، الذي لحق به تعويذة التتبع
تفحّص شياو هاي المسافة بين النقطتين وأجرى حسابًا
سريعًا ثم قال لتشانغ لان:
“ سيكون الظلام دامسًا تمامًا بعد عشرين دقيقة ،
وذلك سيجعل الأمور أسهل بكثير .
يمكننا على الأرجح اللحاق بهم خلال ساعتين .”
كان ذلك بالفعل تفكيرًا متفائلًا منهم ، لكنهم كانوا يفتقدون
إلى معلومتين بالغتي الأهمية —
أولًا : لسوء حظهم ، فإن ' موظف شيه وون ' كان أيضاً دمية
ولو وُجد تصنيف بين الدمى ، لكان شياو هاي قد خاطب
ذلك ' الموظف ' بلفظ الجد
ثانيًا : يوجد ' خائن ' في سيارتهم
اسم الخائن —— تشو شو
إذ إنه من فرط حماسه ، بدأ على الفور الدردشة مع صديقه
الجديد على ويتشات لحظة صعوده السيارة
و أخبره بحماس أنه في طريقه لدخول قفص …
رغم أن صديقه الجديد كان قليل الكلام ، وبطيء الاتصال ،
ولا يفهم معنى [ باي ] أو حتى الرمز [ :) ] —
لكن ما كان يهم تشو شو حقًا هو أن يستعرض أمام أحدهم، لا أكثر
لذا ، عندما سأله صديقه الجديد عن مكان القفص، ضغط
تشو شو بسرعة على زر يشارك الموقع الفوري لكليهما
و ظهر على الخريطة المصغّرة نقطتان ، إحداهما في الأمام
والأخرى في الخلف، وكلتاهما تتحركان في مسار متقارب جدًا
تشو شو : “….”
لو كان شخصًا أبطأ استيعابًا قليلًا، لربما لم ينتبه في البداية،
بما أن المسافة بين النقطتين لا تزال بعيدة
لكن تشو شو كان فطنًا للغاية ، وفهم على الفور تقريبًا ما
هو الهدف الحقيقي من هذه الرحلة ———
ومع ذلك ، لأنه لم ينبس بكلمة ، ظلّت تشانغ لان والبقية
غافلين تمامًا عن التغير في الوضع
و كل ما يعرفونه هو أن الظلام قد حلّ
مما يعني أن شياو هاي يستطيع الآن الشروع في المطاردة بجدية
ازدادت سرعة السيارة بشكل ملحوظ ،
وبدأوا في الاندفاع عبر الليل
ومنذ تلك اللحظة ، لم يبطئوا مجدداً
وكأن السيارات المحيطة لم تكن تلاحظهم—بينما بقية
السائقين يسيرون بسرعة محدودة ، و تركتهم سيارة تشانغ
لان خلفها وسط الغبار
على شاشة هاتفها ، النقطتان تقتربان أكثر فأكثر
وكما توقّع شياو هاي، لحقوا بالنقطة الحمراء الصغيرة في أقل من ساعتين
وحين لم يبقَ سوى كيلومتر واحد، حتى تشانغ يالين الذي
لم يكن يتزعزع عادة، لم يستطع إلا أن يقول:
“ إنهم أمامنا مباشرةً .”
وبسرعة شياو هاي الحالية ، لم يكن الكيلومتر شيئًا يُذكر
رفع تشانغ يالين وتشانغ لان رؤوسهما وركزا على الطريق
أمامهما دون أن يرمشا
لقد شاهدا سيارة معرض شيبينغ من قبل
كانت حمراء فاقعة ويسهل جدًا تمييزها
لكن حين خرجوا من منعطف الطريق ، لم يظهر اللون
الأحمر المألوف في مرمى أبصارهم
بل شاحنة زرقاء أمامهم
و الصندوق الخلفي مغطى بشبك حديدي وغطاء قماشي
رفعته الرياح قليلًا ، كاشفًا عن الداخل الفوضوي والمزدحم…
كانت تشانغ لان في المقعد الخلفي ، فلم تستطع الرؤية بوضوح
مدت عنقها للأمام مثل أفعى فاتنة وسألت :
“ ما الذي بداخلها ؟”
تشانغ يالين: “ خنازير.”
تشانغ لان: “…”
خشي ألا يكون قد استفز شقيقته الكبرى بما يكفي ، فأضاف تشانغ يالين:
“ إنها شاحنة مليئة بالخنازير . على الأرجح أن تعويذة التتبّع
الخاص بك عالق بأحدها .”
⸻
بينما كانا مشغولين بمطاردة الخنازير في شاندونغ ،
كان وين شي قد وصل بالفعل إلى وجهته ——
الأن هم عند تقاطع طريق جينكانغ السريع وطريق جينشي السريع
وبعد أن وجد لاو ماو مخرجًا للنزول ، دار بضع لفات على
الطريق ثم توقف بجوار غابة
تشبث شيا تشياو بحافة النافذة وهو يحدق في الخارج بدهشة :
“ ما هذا المكان ؟”
أجاب وين شي وهو يقارن الخريطة مع الصورة التي أرسلها له تشو شو:
“ تيانجين .” لم يكن يعرف إن كان محض صدفة أم لا
لكن المكان صادف أن يكون ضمن النطاق الذي حدده تشو شو بدائرته
سأل شيا تشياو وهو يضغط نفسه على ظهر مقعد لاو ماو:
“ هل يمكن حقًا الوصول من ليانيونغانغ إلى تيانجين بهذه السرعة ؟”
لاو ماو: “ الطرق السريعة ليلًا شبه خالية ، لذا قدت بسرعة .”
كان الأمر أشبه بالحلم بالنسبة لشيا تشياو فسأل:
“ إذن لماذا توقفنا هنا ؟”
كانوا فيما يبدو عند الحدود بين قريتين ؛ حقول وغابات
تمتد بقدر ما ترى العين
لم تكن هناك أي مصابيح على الطريق ، و الظلام حالكًا
باستثناء آخره ، حيث بدت بعض المنازل المضيئة
لحسن الحظ أن سائق سيارتهم كان شخصًا يعرفونه ،
وإلا لكان هذا المكان المثالي ليتصدّر الأخبار
أخرج لاو ماو منشفة ومسح بها الزجاج الأمامي الذي غشيه الضباب فجأة ،
ثم أنزل النوافذ من الجانبين لتجديد الهواء ثم تفحّص محيطهم ،
قال: “ بما أن المطر يهطل ، فلن ندخل المدينة الآن .”
حدق شيه وون عبر الزجاج إلى المسافة وقال:
“ بقاؤنا في السيارة طوال اليوم كان مرهقًا بما يكفي ،،،
لماذا لا نبيت هنا الليلة ؟”
وين شي: “ في السيارة ؟”
كان شيه وون يمسح بعض التكاثف عن النافذة
وعندما سمع ذلك ، التفت ينظر إلى وين شي :
“ بماذا تفكّر ؟ هل أنا بهذا السوء ؟”
ارتعشت شفتا وين شي وهو يتمتم في نفسه : " ممكن "
: “ ماذا قلت؟” سأل شيه وون بابتسامة خفيفة في صوته :
ثم مد يده ولوّح أمام خط نظر وين شي :
“ أنت لا تكف عن التحديق في هاتفك ،،
ألم يقل شقيقك الصغير إنك لا تحب الهواتف ؟
هل أصبحت مدمَنًا بهذه السرعة ؟”
جلس وين شي منحنيًا إلى الأمام في مقعده ، يراقب اليد
المرتدية قفازًا أسود وهي تمر أمام عينيه
: “ لم أقل شيئ ، لا تحجب رؤيتي .” حرّك يده اليمنى ودفع
أصابع شيه وون جانبًا
لم تكن دفعة قوية ، بل بدى وكأنه شبك أطراف أصابعه
بخفة مع أصابع الآخر
حدّق وين شي في تلك الأصابع لثوانٍ ثم رفع عينيه وقال :
“ إن لم يكن في السيارة ، فأين إذن ؟”
أشار شيه وون بعيدًا وقال :
“ هناك منزل في الجهة الأخرى . والصدفة أنني أعرف مَن
يسكنه ، يمكننا المبيت عندهم .”
وما إن قال ذلك حتى انسحب أثر لمسته
: “ تعرف…؟” ارتبك وين شي للحظة ، ثم تذكّر أنه جاء إلى
هنا متتبعًا آثار والدته تشانغ وان ، وأن من الطبيعي أن يكون
لشيه وون معارف في هذا المكان
قال شيه وون باختصار : “ زوجان عجوزان . إنهما طيّبان جدًا .”
أضاف لاو ماو: “ ألستما هنا أيضًا لإنجاز أمر ما؟
يمكنكما توليه غدًا بعد أن يتوقف المطر .”
أجاب وين شي: “ همم.” { هذا بالضبط المكان الذي كنت أنوي الذهاب إليه }
سأل لاو ماو وهو يمسح الزجاج الأمامي مرّتين ثم شغّل
السيارة مجددًا :
“ لماذا هذا الكم من الضباب ؟”
الطريق ريفي بلا أعمدة إنارة
وقد عاش وين شي في ' تيانجين وي ' مع شين تشياو لفترة ،
فعرف أن المناخ هنا أكثر جفافًا من نينغتشو
لكنه لا يخلو من أمطاره الصيفية
وهذا الوقت هو موسمها تحديدًا
ينهمر المطر بلا توقف ، و يرافقه ضباب كثيف متواصل ،
يجعل الأضواء البعيدة ضبابية وغير واضحة
وبينما السيارة تشق طريقها فوق الماء المتجمّع وتقترب من الأضواء ،
أدرك وين شي أخيرًا أن المكان لم يكن بيتًا واحدًا فحسب ،
بل مجموعة كبيرة من البيوت المتناثرة ، مثل قرية
و كل بيت منها كان من طابقين صغيرين ، مبني يدويًا ،
وجدرانه الخارجية مكسوة ببلاط خزفي بأشكال متنوعة
لم يكن المنظر متناسقًا تمامًا ، لكن الألوان زاهية
بعض البيوت لها فناء وحدائق ، وأخرى لا
أما البيت الذي يقصدونه فلم يكن له فناء أمامي ، بل
مساحة إسمنتية واسعة متصلة بالطريق مباشرةً
ومع ذلك كان المكان نظيفًا نسبيًا ، فتوقف لاو ماو بسيارتهم هناك
وربما لأن وصول الغرباء قد أُدرك ، انطلق نباح الكلاب في
القرية على شكل موجات متواصلة
ولم تهدأ تدريجيًا إلا حين طرق شيه وون باب البيت
الأنوار مضاءة في الداخل ، وكانوا يسمعون بشكل خافت
صوت التلفاز
وبعد فترة قصيرة ، سمع شخص في الداخل طرق الباب
فأجاب: “ قادِم .”
كان الصوت رقيقًا إلى حد ما
وعندما سمع وين شي ذلك ، أشار إلى الباب وسأل شيه وون بصوت منخفض :
“ هذا صوت عجوز ؟”
هز شيه وون رأسه : “ لا يبدو كذلك .”
وضحك ضحكة خفيفة
فألقى وين شي نظرة عليه وقال:
“ منذ متى لم تأتِ إلى هنا ؟ هل أنت متأكد أننا لم نطرق الباب الخطأ ؟”
رد شيه وون وهو يخفض صوته أيضًا ، لكن كلماته جاءت عبثية :
“ لست واثقًا تمامًا .”
وين شي: “…”
{ الثقة بك ستؤدي إلى الجحيم معك !
لماذا طرقت الباب بكل ثقة إذا لم تكن متأكد ؟؟ }
و بإمكانه بالفعل تخيّل الإحراج القادم ،
لذا استدار على الفور ليغادر ، إلا أن شيه وون تمسك به
شيه وون: “ لماذا تهرب ؟ إذا كان العنوان غير صحيح ،
نسأل عن العنوان الصحيح . لا حاجة لهذه الحساسية المفرطة .”
بينما وين شي يلمح إلى معصمه ، انفتح الباب في نفس
اللحظة ؛ و لم يعد من المناسب له المغادرة الآن
وقفت امرأة في منتصف العمر عند الباب
لديها شامة بين حاجبيها ، شامة يمكن اعتبارها علامة
جمال في الماضي
كانت جميلة إلى حد ما: عيناها وشفتيها توحيان بالابتسامة
بشكل طبيعي، وبشرتها شاحبة بيضاء جداً مثل بشرة وين شي
وسألت مبتسمة : “ومن أنتم…؟”
ابتسمت عيناها بانحناء دافئ وودود
شيه وون: “ هل يعيش هنا السيد لو شياو ؟”
لم يكن لدى شيه وون عادة النظر إلى داخل بيت الآخرين،
فاقتصر على سؤال من فتح الباب
بعد توقف قصير من الدهشة ، انحنت عينا المرأة مجددًا وقالت : “ آوه هذا والدي .”
شيه وون: “ والدك؟”
المرأة: “ نعم .”
أومأ شيه وون برأسه دون أن يتكلم
لم يكن واضحًا ما الذي كان يفكر فيه ، ومرت ثوانٍ ثم قال
للمرأة : “ أنت حقًا تشبهينه بعض الشيء .
والدك أيضًا لديه شامة في نفس المكان .”
ضحكت المرأة و بدا عليها السعادة لسماع ذلك :
“ يقول الجميع إنني أشبهه كثيرًا عندما كان شابًا ، كأننا
صُنِعنا من نفس القالب .”
ابتعدت جانبًا وقالت بود : “ تعالوا اجلسوا قليلًا ،
لقد مر وقت طويل منذ آخر ضيوف .
هل أنتم هنا تبحثون عنه ؟”
نظر شيه وون إلى الطريق الذي مهدته لهم وقال: “ هل هو هنا أيضًا ؟”
المرأة: “ لا، لا أحد من والديّ يعيش هنا .”
أومأ شيه وون برأسه
: “ تفضلوا ! إنها تمطر ، لا تقفوا بالخارج هكذا .”
عندها فقط دخل شيه وون إلى المنزل
دخل وين شي أيضًا ، لكنه ألقى نظرة خلفه على لاو ماو وشيا تشياو
ورغم أن وين شي لم يقل شيئ ، إلا أن شيا تشياو شعر بأن الجو بدا غريبًا قليلًا
ربت لاو ماو على شيا تشياو وأشار له بالابتعاد قليلًا :
“ المدخل ضيق ، يجب أن ندخل واحدًا تلو الآخر .”
كانت هذه في الواقع جملة عادية نسبيًا ، إلا أن شيا تشياو
استمر في الشعور بشيء غريب تجاه كل ذلك
و قال: “ لاو ماو … هل أنا حساس أكثر من اللازم ؟
هل أنتم تعرفون الشخص الذي يعيش هنا حقًا ؟”
أجاب لاو ماو: “ نعم .”
واستغل أنه لم يعبر المدخل بعد ، ورفع رأسه وأشار نحو
المرأة في المنزل قائلاً : “وأعرف حتى اسمها
اسمها لو ونجيان ”
كان صوته هادئًا ومتزنًا
شعر شيا تشياو ببعض الاطمئنان ، واعتقد أنه ربما بدأ للتو
في الإفراط في التفكير بعد دخوله عدة أقفاص متتالية
زفر بعمق وبدأ في حديث صغير لتخفيف شعور الخوف
الذي اجتاحه قبل قليل : “ حسنًا، طالما تعرفها .
لكن يبدو أنها لم تلتقِ بأي منكما من قبل— ألم تعش مع
والديها سابقًا ؟”
لاو ماو: “ بالضبط .”
شيا تشياو: “ ومع ذلك تعرف اسمها ؟
هل ذكره لها والداها ؟”
أجاب لاو ماو: “ في الواقع، لا "
شيا تشياو: “ هاه ؟ ”
لاو ماو : “ كان مكتوبًا على قبر "
يتبع
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه كيف نواسيك يا شيا 😭
تعليقات: (0) إضافة تعليق