القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch59 بانغوان

 Ch59 بانغوان



على الرغم من أنّ الهاتف شيء جديد ، إلّا أنّ وين شي تعلّم استخدامه بسرعة


فباستثناء إجراء المكالمات وإرسال الرسائل ، كان أول ما 

أتقنه هو تطبيق الملاحة


جالسًا في المقعد الخلفي للسيارة ، أدخل ثلاث وجهات في التطبيق ، 

فاكتشف أن وادي أزهار الخوخ ــ المكان الذي كان لدى شيه 

وون أمرٌ يتعيّن عليه إنجازه هناك ــ يقع تمامًا بين قرية 

السيد لي و بانبو


ظنّ وين شي أن لاو ماو سيتوقف منطقياً عند الوادي 

لكن حين رفع رأسه بعد أن بدأت السيارة تبطئ سرعتها ، 

لم يرَى سوى لافتة البلدة مكتوب عليها: بانبو


شيا تشياو:

“ هاه؟ العم لاو ماو، هل… فاتك التوقف ؟”


من الواضح أنّ وين شي لم يكن الوحيد الذي يتابع الخريطة


الفرق فقط أنّه لم يتكلم بشأنها ، بينما شياو تشياو كان أبله


وكأنّ ريشًا عالقًا في حلق لاو ماو — تنحنح عدة مرات و قال 

على نحوٍ مبهم:

“ لا لم يفتني شيء ، كيف يمكن أن يفوتني ؟ 

ألسنا قد دخلنا بانبو للتو ؟”


قال شيا تشياو مرتبكًا:

“ لكن ماذا عن الوادي ؟ أليس من المفترض أن يتولى السيّد شيه أمرًا هناك ؟”


لاو ماو { أمرٌ هناك ؟ هراء ... كان يقول ذلك فقط ليخدع أبله }


لكن شيه وون ألقى عليه نظرة


للأسف ، بما أنّ لاو ماو كان دميةً متصلة بعمق ، فمن 

المرجّح أنّ شيه وون يستطيع أن يسمع أفكاره حتى لو اكتفى بالتفكير بها

و نتيجةً لذلك ، اعتدل لاو ماو في جلسته فجأة ، وصار 

مفرط التركيز على حالة الطريق ، وكأنّه لا يرى شيئًا سواه


لم يتكلّم أحد لفترة


ومجدّدًا شعر شيا تشياو بشيءٍ غامض يغلّف الأجواء ، 

فبدأ يندم قليلًا على طرحه للأسئلة ، رغم أنّه لم يفهم السبب بدقّة


و من خلال المرآة الأمامية ، ألقى شيه وون نظرة على شيا تشياو ثم التقت عيناه بعيني وين شي لوهلة، 

ثم قطع الصمت أخيرًا :

“ لا بأس لو جئنا إلى هنا أولًا . لستُ مستعجلاً .”


ولو فكّر وين شي بتمعّن ، لوجد أنّ ما قاله شيه وون فيه بعض المبالغة ، 

لأنّ وين شي نفسه لم يكن على عجلة من أمره أيضًا


كان فضوله فقط هو ما دفعه ' لِمَ كان جزءٌ من روحه في 

قفص عائلة شين ؟ ' لذا أتى ليتحقق بنفسه


في الواقع، حتى لو لم يأتِ ، كانت لديه بعض الشكوك الطفيفة أصلًا…


قال شيا تشياو مسرعًا:

“ آه فهمت، فهمت .”

وبعد أن تلقّى إجابة ، لم يرغب في الخوض أكثر ، 

فتعلّق بالعذر الذي أُعطي له


لكن أثناء محاولته إشغال نفسه ، استوقفه أمر آخر


: “ لاو ماو…” نادى و صوته مرتعش وهو ينحني للأمام حتى 

التصق بالمقعد الأمامي


سأله لاو ماو وهو يثبت بصره على الطريق:

“ ما الأمر ؟”


: “ حين تقود… ألا تضبط المرآة الأمامية؟” أشار شيا تشياو 

إلى المرآة التي تعكس عيني شيه وون وقال :

“ إنها موجهة نحو المقعد الجانبي ، هل هذا مقبول فعلًا ؟؟؟”


أجاب لاو ماو وهو يتظاهر أنّه تذكرها للتو :

“ أوه ، نسيت أمرها .” ثم مدّ يده ليعيد توجيه المرآة نحوه


“….”


لاو ماو بدا هادئًا للغاية ، لكن نصف روح شيا تشياو قد فارق جسده


ملتصقًا بظهر مقعد السائق ، شعر أنّ مجرّد نجاتهم جميعًا 

حتى هذه اللحظة معجزة حقيقية


لكن سرعان ما اكتشف أمرًا آخر : باستثنائه ، لم يُبدِ أيّ 

شخص في السيارة أدنى خوف


وبالطبع كيف لهم أن يخافوا ؟ 


فالسيارة لم تكن بحاجة حتى إلى يدين أو قدمين ما دامت 

تحت سيطرة طائر الدابنغ ذو الجناح الذهبي، ناهيك عن مرآة أمامية


ولو حصل حادث أثناء قيادةٍ بسيطة كتلك ، 

فالأرجح أنّ لاو ماو لن يستحق أن يبقى حيًّا أصلًا


لكن شيا تشياو وحده كان يجهل كلّ ذلك


و نتيجةً للتوتّر المفرط ، أصابه دوار سيارة شديد قبل 

وصولهم إلى وجهتهم مباشرةً


وما إن ترجل من السيارة حتى بدا وجهه شاحبًا ، وساقاه 

ضعيفة ، وروحه تكاد تطفو خارج جسده


دعمه وين شي ليقف مستقيمًا ، بينما اقترح شيه وون:

“ هل لا تزال قادرًا على المشي ؟ 

ربما من الأفضل أن تبقى في السيارة .”


لوّح شيا تشياو بيديه على عجل { سأتقيأ حقًا لو بقيت فيها أكثر }


أما لاو ماو، فكان أقلهم تعاطفًا


حاول كبح نفسه طويلاً، لكن في النهاية لم يستطع منعها من الخروج :

“ هذه أول مرة أرى فيها دمية تصاب بدوار سيارة .”


سأل شيا تشياو بضعف :

“ هل حقًا لا يحدث هذا للدمى الأخرى ؟”


تردد وين شي للحظة ، لكن قبل أن ينبس بكلمة ، كان شيا تشياو يتمتم قائلًا :

“ حسنًا حسنًا، لا داعي أن تختلق عذرًا يا غا لقد فهمت .”


وين شي: “….”


كان في ملامح شيا تشياو أثرٌ من الكآبة والارتباك ، 

ولمّا رآه شيه وون على هذا الحال ، ضحك

ثم شرح للدُمية الصغيرة بنبرة مرحة :

“ عادة يوجد سببان لرد فعل 'شخص عادي' مثل رد فعلك ...

الاحتمال الأول هو أنّ الشخص العادي يُصاب بدوار السيارة حقًا . 

أمّا الاحتمال الآخر فهو أنّ روحه لسببٍ ما قد أصبحت غير 

مستقرة بعض الشيء .

والحقيقة أنّ الدمى لا تُصاب بدوار السيارة ...

وأغلب الظن أنّك لستَ كذلك أيضًا .”


فكّر شيا تشياو في نفسه مرتبكًا

{ إذن هل أنا من النوع الثاني… روحي غير مستقرة ؟؟؟! 

لو كنتُ مصابًا بدوار سيارة لكان أفضل ، فعلى الأقل حياتي 

لن تكون في خطر }


تابع شيه وون كلامه:

“ الإنسان حين تصبح روحه غير مستقرة يشعر بعدم ارتياح، 

ويصبح أكثر عرضةً للأمراض، أو الإغواء، أو الاستحواذ . 

لكن بالنسبة لدمية ، فإن عدم استقرار الروح يتجلّى على 

هيئة تقلّب بين الحياة والموت .”


ومعنى “الروح غير المستقرة” هو أنّ الروح داخل الجسد 

تكون في حالة مضطربة، غير متوافقة مع غلافها تمامًا


وبما أنّ الروح خفيفة وغير مثبّتة ، فإنها قد تنزلق أحيانًا للخارج ثم تعود


وعندما تخرج الروح من جسد الدمية تصبح أقرب إلى دمية خشبية جامدة ، 

وعندما تعود تكون أشبه بإنسان


فإذا ظلّت الدمية تتأرجح بين هذين الحالين في فترة قصيرة ، تبدو وكأنها تتقلّب بين الموت والحياة


ازداد شيا تشياو حيرة ، ولم يجد نفسه منطبقًا على أيّ من الوصفين


لم يكن وين شي مطمئن ، فأغمض عينيه وجمع طاقته 

الروحية ليتفحّص شيا تشياو


عندها وجد مصدر المشكلة أخيرًا — روح شيا تشياو كانت 

فعلًا في حالة غير مستقرة


لكن الاضطراب لم يكن ناجمًا عن خروج الروح ودخولها 

الجسد ، بل يحدث داخليًا


فقد سبق للجد شين تشياو أن نقل روحه إلى شيا تشياو


ما يعني أنّ الدمية في داخلها روحين مختلفتين : الروح التي 

نقلها إليه شين تشياو قسرًا ، وروحه الأصلية


وإذا لم يكن في حالة جيدة ، فقد تصطدم الروحان بين حين 

وآخر ، محدثتين بعض الاضطراب


و في الحقيقة لم يكن هذا ليؤدي إلى ردّ فعل شديد ، لكن 

شيا تشياو ضعيف البنية أكثر من اللازم ، 

ولهذا ظهرت الأعراض بوضوح


وبعد أن شرح له وين شي الأمر ببساطة ، شعر شيا تشياو بالارتياح أخيرًا

و حتى دواره وغثيانه خفّا قليلًا …

لكن خجله من نفسه ازداد أكثر فأكثر ، وأدنى رأسه بأسى 

وهو يشعر أنه عديم الفائدة تمامًا


،،،،


في السابق ، السيّد لي قد أعطاهم العنوان القديم للمنزل لعائلة شين —- 

والآن بدأوا يقارنون بينه وبين تضاريس المنطقة ليحدّدوا 

موقعه التقريبي


لكن كما تمتم السيّد لي من قبل ، فإن العالم لا يكفّ عن 

التغيّر مع مرور الزمن


هذه المنطقة خضعت لتحوّلات كثيرة بالفعل ، 

وقصر عائلة شين المستطيل على الطراز الغربي اختفى منذ 

زمن بعيد ، وبُنيت مكانه مدرسة متوسطة


وصلوا عند انصراف التلاميذ من الحصص ، وكانت المدرسة 

تعجّ بالأصوات والضحكات


وعلى جانبي الطريق أمام البوابة انتشرت عربات الطعام 

المزدحمة بالزبائن 


الناس يعبرون المكان على دراجات كهربائية ، والمشهد كلّه 

مفعم بالحياة


من المستحيل أن يتصوّر المرء أنّ أشخاصًا عاشوا هنا أو 

أحداثًا جرت قبل قرن من الزمن


وذلك مفهوم ، فالمنزل الكبير لعائلة شين التهمته النيران 

وقتها ، ومن غير المرجّح أن يكون قد تبقى منه الكثير


لكن بما أنّ غرفة الهروب ( في متجر سانمي) تمكّن من 

الحصول على بقايا من مسكن آل شين ، فلا بدّ أنّ بعض 

الآثار ما تزال موجودة في مكان ما


ولحسن الحظ، كان أهل المنطقة ودودين، كثيري الكلام، 

وقد تناقلوا أنواعًا شتى من الشائعات


وحين لاحظ وين شي استمرار فتور شيا تشياو دفعه للأمام 

ليكون هو مستكشفهم الصغير ومصدر المعلومات


ولعلّ شيا تشياو كان يملك موهبة فطرية في كسب ثقة 

الآخرين بسرعة ، فعاد ومعه أخبار:

“ يقولون مع أنّ عائلة شين قد انقرضت الآن ، إلا أنهم كانوا 

ذو سمعة طيبة في الماضي . 

كان لديهم مقبرة جبلية للأسلاف ، واستأجروا حرّاس قبور مخصوصين لها .”


وين شي:

“حرّاس قبور؟”


أومأ شيا تشياو برأسه:

“ نعم ، ويبدو أنهم ما زالوا يعيشون قرب الجبل حتى اليوم. 

أعتقد أنهم افتتحوا مطعمًا ريفيًا أو شيئًا من هذا القبيل .”


وبما أنّ أصحاب المتاجر غالبًا يعرفون بعضهم ، فقد 

حصلوا سريعًا على اسم المطعم وحدّدوا موقعه بواسطة تطبيق الملاحة


المطعم مملوكًا لزوجين يبدوان ودودان في أوائل الثلاثينات من عمرهما


ولحسن المصادفة كان المكان فارغًا حين وصل وين شي 

ورفاقه ، فاستغرق الزوجان في حديثٍ معهم


وحين ذُكر لقب عائلة شين ، بادر أحد الزوجين بالسؤال:

“ هل أنتم جئتم من أجل…؟”


بما أنّ وين شي أقرب واحد إلى أصحاب المطعم ، فقد وقع 

عبء الإجابة على وين شي ، 

إلا أنّه لم يكن قادرًا أصلًا على اختلاق أي شيء

ولأنّه لم يكن من المناسب أن يُفصح لهم عن السبب 

الحقيقي لوجودهم، اضطرّ أن يخرج عذرًا جافًا بصعوبة :

“ لننهي بعض الأمور ”


لقد كان… عذرًا سطحيًّا للغاية


بدل أن يتكلّم شيه وون أولًا ، انتظر أن يقدّم وين شي تبرير ، 

و أضاف بنبرة هادئة متروّية :

“ نحن بصدد إنشاء قاعة تذكارية ، وقررنا في الوقت نفسه 

تحديث شجرة العائلة بالكامل ،، 

وسمعنا بوجود فرع آخر من العائلة ، فجئنا لنتحقق .”


وين شي: “…”

و نظر إلى شيه وون بنظرة مليئة بالمعنى { لو كان لديك 

عذر جاهز منذ البداية ، أما كان من الأفضل أن تتكلم قبل أن أحرج نفسي ؟ }


لكن شيه وون لم يلتفت إليه حتى ، متظاهرًا أنّه لم يلحظ شيئ ، 

ولكن ابتسامة صغيرة قد عبرت وجهه


قال صاحب المطعم وقد أبدى تفهمًا :

“ أها، فهمت فهمت . لقد جاءنا بعض الناس قبل سنوات ، 

كانوا أيضًا يحاولون إنشاء قاعة تذكارية . إذًا أنتم لا بدّ أنكم 

من الشمال، صحيح ؟”


أومأ الجميع برؤوسهم ، وإن لم يعرفوا سبب استنتاجه هذا


لم يكن الأمر مهمًّا، فالأفضل أن يوافقوا الآن ويفكّروا لاحقًا


وسرعان ما عرفوا السبب—


إذ أخبرهم صاحب المطعم أنّ عائلة شين لم تكن في الأصل من بانبو


بانبو في البداية كانت موقع استراتيجي في المنطقة ، 

ولها بعض الصلات بالتجارة البحرية ، لكنها لم تكن بارزة كثيرًا


لهذه الأسباب استقروا عائلة شين فيها لعدّة أجيال ، 

لكن أصولهم الحقيقية كانت من الشمال


قال صاحب المطعم وهو يعدّ بأصابعه:

“ جدّي الأكبر كان يعتني بالجبل من أجل عائلة شين . 

وكذلك فعلوا الأجيال الثلاثة الأخيرة من عائلتي . 

لقد عشنا عند سفح الجبل منذ أن جاءت عائلة شين 

واستولت عليه . 

صحيح أنّ مفهوم ’رعاية الجبل‘ لم يعد موجود ، وأن لدينا 

متجرنا الخاص الآن ، لكننا ما زلنا نصعد كل عيد ’تنظيف 

القبور‘ ومهرجان الأشباح ورأس السنة لننظف المكان من أجلهم ….”

ثم تنهد تنهيدةً حزينة :

“ عائلة شين المساكين … يا له من قدر مأساوي

كاد دماؤهم ينقطع تمامًا في تلك الليلة

بعد احتراق القصر ، جدّي الأكبر هو من جمع رفاتهم وتكفّل بجنازتهم . 

وبالمناسبة، كان المشهد مرعبًا بعض الشيء : بعض الرفات 

اندمجت ببعضها بفعل النار ، فلم يعد بالإمكان تمييز أصحابها .”


كان يسرد القصة التي تناقلها عن جدّه الأكبر ، لكن سرعان 

ما لاحظ أن انتباه وين شي والآخرين لم يكن منصبًا على 

الجزء المرعب من الحكاية


سأله وين شي:

“ قلتَ : كاد ينقطع ؟”


قال صاحب المطعم وقد بدا متفاجئًا قليلًا :

“ نعم . ألم ينجُ السيّد الشاب من الحريق ؟ 

قيل إنّه كان هناك نشاط خيري في المنطقة حينها ، وكانوا 

ينوون دعوة سيد عائلة شين وزوجته ، لكن لعدم وجودهما 

في البلدة ذهب الابن مكانهما . 

وعندما عاد ، كان أول ما رآه منزله المتفحّم . لم ينجُ أحد . 

يُشاع أنه أغمي عليه في الحال ، ومرض بعد ذلك طويلًا ، 

ولأنّ شفاؤه كان عسير ، عاد إلى تيانجين .”


وين شي: “ هل أنت متأكد أنه ذهب إلى تيانجين ؟”


أومأ صاحب المطعم:

“ نعم، هذا ما كان يقوله الجميع ، هناك كان والداه . 

وبما أنّه كان مريضًا وضعيف ، فلم يكن بمقدوره البقاء هنا 

وحيد ، فعاد إلى هناك .”

ثم ضرب بباطن يده الأخرى وقال:

“ و مع ذلك ، سمعت جدّي الأكبر يقول إن الشمال كان في فوضى وقتها . 

حدث شيءٌ لأبويه قبل الحريق مباشرةً ، وانتهى بهما المطاف إلى الوفاة .”


سأل وين شي:

“ وماذا حدث بعد ذلك ؟”


قال صاحب المطعم:

“ لا شيء . لم يَرِد أي خبر عن الشاب بعد ذلك . 

ومع وضع عائلته ، فمن الممكن أنه فقد عقله… أو مات .”


تنهد تنهيدةً عميقة أخرى


سحب شيه وون عذر القاعة التذكارية مجدداً وسأله :

“ هل تملك أي صور من ذلك الوقت ؟”


أجاب صاحب المطعم بالإيجاب :

“ نعم ، لكن ليس كثيرًا . بالمناسبة ، لدي نسخة من شجرة 

العائلة أيضًا ، لكن ربما لن تكون مكتملة مثل نسختكم . 

هي تُظهر بشكل رئيسي فرعهم العائلي .”


سأله شيه وون:

“ هل يمكننا الاطلاع عليها ؟”


قال صاحب المطعم على الفور:

“ طبعًا ، بالتأكيد . أنتم تحتاجون إلى المعلومات لقاعة 

الذكرى وشجرة العائلة ، يمكنني أن أنسخها لكم .”


ثم صعد بسرعة إلى الطابق العلوي حيث مسكنه ، 

وعاد وهو يحمل ملفًا قديماً بداخل مغلّف


أخرج منه ألبوم صور وكتاب أنساب مربوط بخيوط


وما إن فتح وين شي الألبوم ، حتى وقعت عيناه في الصفحة 

الثانية على صورة جماعية مألوفة وغريبة في الوقت نفسه—

إنها بالضبط الصورة القديمة من متجر سانمي

لكن النسخة التي رآها في القفص كانت ممزقة ، ينقصها 

جزء كبير جرى لصقه بشكل رديء


أما هذه النسخة ، فكانت كاملة تمامًا ، واضحة المعالم ، 

تكاد تُعد نسخة حادة ونقية


وهكذا، تمكّن وين شي لأول مرة من رؤية هيئة السيد 

الشاب للعائلة شين مانشنغ


يرتدي سترة قصيرة غربية الطراز وبنطال وفي جيب سترته 

ساعة جيب تتدلى منها سلسلة ، 

تُضفي عليه مظهر سيد شاب عائلة مرموقة و مدلّل بحق . 

إلا أن ملامحه ناعمة وجميلة ، ومع ابتسامته انبعثت منه 

هالة من الرقة امتزجت بمسحة من الخجل


صحيح أن ملامحه تغيّرت بعض الشيء في السنوات التالية، 

لكن خطوطه الأساسية لم تتبدل


ولا سيما عيناه وحاجباه ، اللذان عرفهما وين شي جيدًا


{ … إنه فعلًا شين تشياو }


( وربي القشعريرة ! انتفضت !!! والان دموع  !!! 

وش فيها الكاتبه ع شين تشياو !!! —- 

للتذكير : الجد — تلميذ وين شي — والي تبنى الدميه تشياو 

لحظة … توي استوعب اللقب ' شين ' بس اتوقعته صدفة 

مااتوقعت ابداً انه فعلاً نفس العائلة !!!! ) 


لم يكن وين شي الوحيد الذي تعرّف عليه—شيا تشياو أيضًا لاحظ ذلك


لكنه لم يرَى شين تشياو في هذا العمر شخصيًا قط 

بل فقط في الصور ، لذا تردّد قليلًا وسأل متشككًا :

“ غا ، أهذا… شين مانشنغ…؟ إنّه يشبه جدّي حين كان شاب .”


تفاجأ صاحب المطعم :

“ ماذا تعني ؟ جدّك ؟”


لحسن الحظ، تدارك شيا تشياو الأمر بسرعة، متذكّرًا أنّ عمر 

جده أطول بكثير من عمر أي إنسان عادي، 

وهو رقم صادم لو ذكره بصراحة ،، 

فصحح كلامه على الفور:

“ لا لا، أعني فقط أنني أناديه هكذا .”


نظر وين شي بنظرة سريعة ثم هزّ رأسه :

“ إنه ليس ’يشبهه‘ وحسب . بل هو نفسه .”


ازداد صاحب المطعم ذهولًا :

“ ما الذي يجري؟ هل أنتما تعرفان هذا الشخص ؟”


قلب وين شي بضع صفحات أخرى من الألبوم


وكلما تقدّم ورأى وجه شين مانشنغ في صور أخرى ، زاد يقينه

“ نعم ، نعرفه .”


سأله صاحب المطعم:

“ وكيف عرفتما به؟”


لقد فهم ' المعرفة ' هنا على أنها مجرد الاطلاع على سيرته ، 

لأن هؤلاء الشباب لم يبلغوا الثلاثين بعد، 

ولا يمكن أن يكونوا قد تعرّفوا فعلًا على رجل عاش في أوائل القرن العشرين


تقدّم شيا تشياو هذه المرة ليعطي العذر بنفسه بدل أن 

يُتعب الغا في اختلاق كذبة :

“ سمعنا عنه من عائلتنا .”


قال صاحب المطعم:

“ أها، إذن هذا يعني أن شين مانشنغ لم يمت في النهاية ؟”


أجاب وين شي:

“ لا، لم يمت .”


: “ هل جنّ إذن ؟”


وين شي:

“ أيضًا لا ”

توقف لحظة ثم أضاف هذه المرة شيئًا من التفصيل النادر:

“ لقد غيّر اسمه ، ولم يتحدث أبدًا عن ماضيه . 

على الأرجح أنّه لم يعد يتذكره أصلًا .”


قال صاحب المطعم:

“ هذا أفضل له. 

لو تذكّر لكان الأمر شديد القسوة عليه . وكيف كانت حياته بعد ذلك ؟”


أجاب وين شي:

“ جيدة جدًا . عاش عمرًا طويلًا .”


لقد عاش بخيرٍ نسبي ، وعمّر إلى سن متقدمة

وهذا ربما أفضل ختام يمكن أن يتمناه إنسان عادي


قال صاحب المطعم وهو يومئ برأسه وقد بدا متأثرًا:

“ جميل ، جميل .”

 

لم يكن مثل جدّه الأكبر الذي خدم آل شين والتقى بأولئك 

الأشخاص الذين طواهم القبر منذ زمن بعيد ، بل وُلد بعد فوات الأوان 

و بالنسبة له، لم تكن تلك الوجوه في الصور سوى ملامح مألوفة وغريبة في نفس الوقت


لم يكن يحمل تجاههم شعورًا خاصًا، لكن سماعه فجأة 

باستمرار قصتهم جعله يشعر بالرضى بشكل ما


وبما أنّه أصبح في مزاج حسن ، فقد أصرّ بحماس أن يبقوا ، 

وأسرع إلى المطبخ ليحضّر بضع أطباق


وبعد أن ألحّ عليهم ليشاركونه الطعام ، نسخ لهم الصور 

وشجرة العائلة ثم ودّعهم


لكن ما إن عاد وين شي إلى السيارة ، حتى عبس متجهمًا


ففيما مضى كان يعتقد أنّ دخول الأقفاص والخروج منها 

أمر عشوائي يعتمد على القدر


لكن بعد أن فكّر بالأمر الآن ، بدا له أنّ ثمة شيئًا غريبًا في كل هذا —-


وبينما يحاول أن يصل بين النقاط الملتبسة ، اهتز هاتفه 

ثلاث مرات فجأة


أخرجه، فإذا به يرى أن المتصل هو: تشو شو


ظلّ ذلك الصغير صامتًا وقتًا طويلًا ، ثم أخيرًا أرسل لوين شي ثلاث رسائل


الأولى: [ المغلف تالف فعلًا ، لم أستطع رؤية العنوان ]


الثانية: [ لحسن الحظ أنا ذكي ، جمعت من محتوى 

الرسالة مكانًا محتملًا ]


والثالثة كانت صورة ، وضع فيها تشو شو دائرة حمراء على 

جزء مقصوص من خريطة ، وكتب : [ المكان يجب أن يكون هنا ]


ضغط وين شي على الصورة فاكتشف أن تشو شو قد دوّر 

المكان بجوار تقاطع طريق سريع مع طريق إقليمي


و إن كان كل شيء صحيح ، فهذا هو ' المكان المبارك ' 

الذي تحدّثت عنه تشانغ وان والدة شيه وون


وهذا يعني أن ' المكان المبارك ' لتشانغ وان موجود في تيانجين —— ؛ 


و شين تشياو قد غيّر اسمه وأصبح بانغوان في تيانجين ؛ 


و وين شي خرج آخر مرة من بوابة النسيان أيضًا في تيانجين —— ؛ 


سواء كان محض صدفة أم لا—فلا بد من رحلة إلى تيانجين


ترك هاتفه ، حتى انطفأت الشاشة ، ثم مال إلى الأمام وطرق 

بأصابعه على ذراع شيه وون


رفع الآخر رأسه ناحيته وسأله :

“ ما الأمر؟”


وين شي:

“أأنت عائد إلى نينغتشو؟”


شيه وون:

“ هل تحتاج أن تعود الآن ؟”


وين شي : “ لا، ما زال عليّ أن أنهي شيئ ،،

يمكنك فقط أن تُنزِلنا في مكانٍ ما بعد قليل .”


شيه وون :

“ أنا أيضًا لا أستطيع العودة الآن . إلى أين ستذهب بعد ذلك ؟ 

يمكننا أن نوصلكم أولًا .”


عبس وين شي بحاجبيه : “ لا داعي ، المكان بعيد جدًا ...” 

وسأله : “ ولماذا لا يمكنك العودة ؟”


شيه وون:

“ أمور لم تكتمل .”


ذلك كان جوابًا بأسلوب وين شي تمامًا ، حتى إنه عجز عن الرد لفترة ثم سأله أخيرًا :

“ في وادي أزهار الخوخ ؟”


شيه وون :

“ لا ...” ثم لوّح بهاتفه في الهواء مشيرًا أنه غيّر رأيه بسبب 

رسالة وصلته للتو : “ في تيانجين .”


وين شي: “… ”

وين شي: “???”


وربما كان وجهه فارغ التعبير أكثر من اللازم ، فبادر لاو ماو دفاعيًا بقوله:

“ هذه المرة صحيح ~~ .”



وفي اللحظة نفسها بالضبط ، كان هناك شخصان يملكان 

وجوهًا فارغة في نينغتشو ——

في المكان الذي لم يكن وين شي والبقية يفكرون في العودة إليه الآن 


تشانغ لان ترتدي كعبها العالي وتستعد لاختيار حقيبة لافتة 

للنظر من خزانتها حين دخل أخوها الصغير تشانغ يالين، 

حاملًا هاتفه بيده — ثم أشار إليها وسط مكالمته


قالت متذمّرة:

“ ماذا تريد قوله ؟ انطق به مباشرةً ...” ثم حثّته: “ عجّل 

وانتعل حذاءك عندما تنهي المكالمة . 

فيلا آل شين بعيدة من هنا.”


تشانغ يالين:

“ لن نذهب إلى فيلا آل شين بعد الآن .”


تشانغ لان:

“ لماذا ؟ ألم نتفق أن نُقنع ذلك الشاب تشين شي بدخول قفص ؟”


أشار تشانغ يالين إلى هاتفه:

“ وصلتني للتو أخبار بأنه ليس في المنزل أصلًا .”


تشانغ لان:

“ وأين هو إذن ؟”


قال صوت من الطرف الآخر للمكالمة شيئًا ما، فارتبك 

تشانغ يالين للحظة ثم التفت وقال لتشانغ لان:

“ طريق تشانغشن السريع . لقد غادر لتوّه من ليانيونغانغ.”


تشانغ لان:

“ غادر من أين ؟؟؟”


تشانغ يالين أعاد ببرود وهو يتدحرج بعينيه محاولًا ضبط أعصابه:

“ ليانيونغانغ.”


تشانغ لان:

“ هل سيعود إلى نينغتشو؟”


تشانغ يالين:

“ لا، هو متجه ناحية شاندونغ .”


تشانغ لان:

“ لماذا يذهب فجأة بعيدًا إلى هناك ؟”


تشانغ يالين:

“ من يدري . تلك ساقاه ، ليست ساقي .”


فما كان من تشانغ لان إلا أن ركلت كعبها جانبًا ، ورمت 

الحقيبة التي اختارتها، ثم التفتت بسرعة وسحبت حقيبة سفر


تشانغ يالين: “… ”


{ النساء حقًا مرعبات الكفاءة }


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي