Ch65 بانغوان
ركع الأشخاص الثمانية المسؤولون عن إشعال النار بثقل
على الأرض ومدوا أذرعهم أمامهم،
حتى أصبحوا مستلقين حول النار
دفنوا رؤوسهم وهم يتمتمون كما لو أنهم يقدمون قربان
أو يقرؤون نوعًا من النصوص المقدسة
أما بقية سكان القرية ، فخفضوا رؤوسهم أيضًا وضغطوا كفيهم معًا 🙏🏼 ، وبدؤوا بالمشي ببطء
في دائرة على طول أطراف الساحة
لو ونجيان ضمن صفوفهم ، لكنها لم تبدُو متأثرة بالطقوس
بجدية و كل بضع خطوات ، لم تستطع إلا أن تتلمح نحو
وين شي و شيه وون
امرأة مسنّة محترمة بين القرويين ، تكاد تكون بلغت المئة عام ، لها دور خاص — قيادة البكاء
بعد إكمال دورة كاملة ، فتحت فمها الخالي من الأسنان
وأطلقت عويلًا عالياً ، ليبدأ الجميع فورًا بالانضمام إليها
و تداخلت أصوات الناس من جميع الأعمار ،
بين أنين عالٍ ومنخفض ،
ومع خلفية القرية الريفية القاحلة والدخان الرمادي
الشاحب ، بدا المشهد وكأنه بكاء جماعي لأرواح لا تُحصى
انتاب وين شي شعور بالاضطراب ، وكأنه عاد إلى أيام
مراهقته ، عندما كان يعاني من الكوابيس
في كل مرة تتدفق فيها الروابط الدنيوية والكارما منه ،
في كل مرة يتعرض فيها لتنقية روحه بالقوة ،
كان يسمع شيئًا مشابهًا
لذا بدأ رأسه يؤلمه مباشرةً مع بدء العويل
وبسبب ذلك ، أصبح مزاجه عكرًا تمامًا عند دخوله الفناء
وبالتأكيد لم يكن مهتمًا بالظهور المفاجئ للأشقاء تشانغ ،
ولم يلحظ النظرات التي كان كل من تشانغ لان وتشانغ يالين
— لا سيما يالين — يوجهانها نحوه
في أعين الآخرين ، كان وين شي الحالي باردًا مثل الصقيع
أكمل القرويون ثلاث دورات واستمروا في العويل لفترة
طويلة وهم ينتظرون رفع القائد المرتبط بالآلهة لرايته
الطويلة المصنوعة من الكتان الأبيض
ولكن عندما التفتوا لمعرفة ما يحدث…
كان القائد و زعيم القرية لاو وو في شجار محتدم —-
أمسك لاو وو بمعصم تشو شو محاولًا جعله يبدأ الطقوس
ومع ذلك —- لم يكن لدى تشو شو نقص في القوة في يديه ،
رغم أن بُنية جسده أكثر ضعفاً من الزعيم
لكنه مد قدمه ليتعثر لاو وو ثم لفّ ذراعيه حوله — وجعل
زعيم القرية يلتف مثل عجينة مقلية
قال تشو شو بجدية وهو يخفض صوته : “ لا يمكنك حقًا إحراقهم !
لماذا أنت عنيد هكذا أيها الأحمق ؟!”
وكان قناعه يغطي وجهه بإحكام
ورغم أن عيني لاو وو كانتا تبرزان نتيجة قبضة تشو شو
بقي وجهه شاحبًا للغاية بلا أي لون
قال: “ هذا غير مقبول ، سيحدث شيء فظيع للذين يبقون
هنا ولم يكونوا طاهرين !
يجب أن تبدأ الطقوس من أجلهم ، ومن أجلنا أيضًا .
أنا زعيم القرية ، وعليّ أن أتحمل مسؤوليتهم .
هذه القاعدة تناقلت عبر الأجيال ، ولا يمكن خرقها الآن !”
سأل تشو شو: “ هل القاعدة أهم ، أم حياتك أهم ؟”
رد لاو وو: “ يجب حماية قاعدة الأجداد مهما كلف الثمن .”
تشو شو: “ اللعنة عليك !!! أنا لا أزال في الخامسة عشرة !”
لم تكن أصواتهم مرتفعة جدًا ؛ لا يسمعها إلا هما فقط
وبالتالي، لم يكن القرويون على دراية بما يحدث بينهما،
ولم يلاحظ الزوار الذين على وشك الإحراق شيئ أيضًا
وخاصةً الزوار…
لاو ماو : “ ما هذا الرقص الشيطاني ؟”
شيا تشياو مضطرب للغاية : “ هل سيُحرقونّا ؟”
..
حركت تشانغ لان رأسها نحو وين شي وهمست بصرامة :
“ لا تكتفي بمشاهدته فقط ، ماذا يمكنك أن تلاحظ منه ؟
أعتقد فقط أنه وسيم ، لا أكثر .”
فحص تشانغ يالين وين شي من أعلى إلى أسفل عدة مرات
ثم حدق على أصابع وين شي المنخفضة و قال بصوت خافت :
“ كل من يدرس فن الدمى يعلم أنه يجب النظر إلى اليدين .
انظري إلى بنية عظام أصابعه —”
استمعت تشانغ لان لكلام يالين ، وأمالت رأسها من زاوية
عينيها المحددتين بالكحل الأسود الطويل والدرامي ،
محاولةً أن تتمعن في أصابع وين شي عن قرب
ولكن في تلك اللحظة ، أدار شيه وون رأسه وسعل عدة مرات ، واضعًا يده على أنفه ،
وكأنه صادف أن يقف بينهما وبين وين شي
ولم تتمكن من رؤية شيء على الإطلاق
تشانغ لان: “أظن أن هذا الضعيف لديه بنية عظمية جيدة جدًا .”
يالين : “…”
بعد أن أنهى شيه وون السعال ، رفع رأسه وألقى نظرة
خاطفة عليهم، مع رفع وإسقاط جفنيه بطريقة توحي بأدنى
إيماءة للترحيب
و كان ذلك مقصودًا بشكل واضح…
تذكرت تشانغ لان على الفور شاحنة الخنازير ، وازداد
شحوب وجهها بشكل ملحوظ
وفي الوقت نفسه ، لم يكن المذنب الحقيقي وراء مغامرة
مطاردة الخنازير يلتفت إليهم حتى
كان وين شي مشغولًا بتحمل صداعه ، وقال بصوت بارد وناقم :
“ متى ستنتهي هذه الطقوس ؟”
باختصار ، ظل الوضع مشتتًا تمامًا لفترة ، ولم يكن هناك
أي من الوقار والهيبة التي من المفترض أن يتحلى بها ' التطهير الكبير '
…حتى دوى فجأة رعد مكتوم في الأفق
كان ذلك الرعد الصيفي المعتاد ، الذي يُسمع تقريبًا كل يوم
خلال موسم الأمطار
ومع ذلك، تجمد جميع القرويين فجأة في أماكنهم ونظروا
إلى السماء واحدًا تلو الآخر
حتى الرجال والنساء المستلقون على الأرض لم يستطيعوا
إلا رفع رؤوسهم، و الخوف واضح على وجوههم
بدأ زعيم القرية لاو وو بالذعر فورًا و بركلة واحدة عشوائية ،
انتهى به الأمر تقريبًا بالسيطرة على تشو شو
وهو يتمتم بصوت عالٍ:
“ إنهم متعجليّن ، إنهم متعجليّن ، إله الجبل مستاء .
يجب أن نسرع ، وإلا ستمطر .”
واصل تكرار أن المطر قادم ، وكأن المطر هو أمر مخيف بشكل لا يُصدّق
كان وجه تشو شو أحمر للغاية نتيجة قبضة لاو وو
وكاد أن يغمى عليه تحت القناع الذي يضيق عليه
ثم رفع لاو وو ذراعه في الهواء ، مجبرًا إياه على رفع الراية الكتانية
صاح لاو وو فيه : “ بدأت الطقوس—”
ربما كان هذا تجاوزًا قليلًا للقواعد ، وتردد جميع القرويين لجزء من الثانية
لكن دوي رعد مكتوم آخر اجتاحهم بعد لحظات
و مثل قطرة ماء تسقط في الزيت الساخن ، اندفع القرويون
الذين ترددوا قبل لحظة إلى الحركة فجأة
موجة بعد موجة ، اندفعوا نحو الزوار
امتدت أعداد لا تُحصى من الأيادي الشمعية ، طويلة
ومستقيمة ، محاولين دفع وين شي والآخرين نحو النار المشتعلة
بين القرويين أشخاص من جميع الأعمار والجنس ،
ومع ذلك ، كل واحد منهم كان أقوى من الذي قبله
الدموع لا تزال تنهمر من عيونهم وهم يدفعون طريقهم،
وبدا عليهم تمامًا كأنهم أشخاص عاديون ، مع وجود بعض
العجائز الذين يقودون الحشد
ربما تذكّر وين شي المدينة الفارغة الملطخة بالدماء التي
كانت تظهر في أحلامه ، فأطلق خيط دميته
لكن قبل أن يصيب القرويون ، شدّ الخيط بسرعة ولفّ معصميه
نتيجةً لذلك ، انقطع خيط الدمية في الهواء كالسوط ، مخلفًا صوتًا حادًا
ظن القرويون أن الرعد قد عاد ، فارتعشوا جميعًا عند سماع الصوت
هذه المرة، بدا خوفهم مكشوفًا بالكامل
قال تشو شو وهو ينتهز الفرصة : “ إنهم يخافون من المطر والرعد !”
وبينما لاو وو لا يزال متجمدًا من الخوف ، استغل تشو شو
الفرصة ليحرر نفسه
و خلع قناعه وصرخ لمجموعة وين شي:
“ هل سمعتموني ؟ إنهم يخافون من المطر ! المطر !!!”
شيا تشياو: “ أظن أن هذا تشو شو ؟” وتجهز لإعادة كلامه
لأجل وين شي، لكن عدة قرويين أمسكوا بأطرافه وكادوا
يلقونه في بحر النار
لحسن الحظ سمعه وين شي
ليس ذلك فحسب ، بل قد بدأ بالتحرك مسبقًا — بما أن
قرية كاملة أصبحوا خائفين من المطر والرعد بلا سبب ،
فلماذا لا يستفيد من ذلك ؟
و مع لمسة وجرّة من أصابعه الطويلة ، انطلقت خيوط
الدمى الملتفة مباشرةً نحو حافة السماء
أفعى التينغشي قادر على شطر الأمواج ونسج طريقه بين الغيوم
كانت نية وين شي الأصلية أن يجعل دميته تدور حول الأفق
وترسم فوق بعض الغيوم الممطرة
لم يكن عليه أن يخلق مشهدًا كبيرًا جدًا ؛ كل ما أراد هو
توليد بعض دوي الرعود حتى يتفرق القرويون مؤقتًا
لكن، وبالصدفة ، لم يكن هو الوحيد الذي خطرت له فكرة كهذه—
رمت تشانغ لان تلقائيًا ثمانية تعويذات ، واحدة في كل اتجاه رئيسي وفرعي
كانت تحاول أيضًا استدعاء بعض البرق والرعد لإخافة الحشد قليلًا
لم تكن تريد مهاجمة أي شيء ؛ كان الهدف فقط أن يكون
المشهد مخيفًا إلى حد ما
لفّ تشانغ يالين خيط الدمى حول أصابعه أيضًا ،
وأطلق بلا مبالاة وحش ضخم يشبه النمر ،
له علامات بيضاء على جبهته وعيون حادة متجهة للأعلى
و نتيجةً لذلك ، تراكمت العديد من سحب العاصفة على
الأفق في غضون ثانية
اخترق ظل طويل وضخم السحب مباشرةً بقوة مذهلة
بعد أن قام ببضع دورات في الهواء ، جمع السحب الممطرة
الواسعة ليشكل شيئًا أشبه بالدوامة العملاقة ، التي اندفعت
بعد ذلك مباشرة نحو الفناء
و اجتاحت الرياح العاتية المكان في جميع الاتجاهات
وإلى أقصى ما تراه العين ، انحنت الأشجار بشكل حاد مع زئير الرياح ،
بينما اُقتلعت جذور كثيرة من التربة
في الوقت نفسه ، قفز ذلك الوحش الضخم ذو العلامات
البيضاء والعيون الحادة من الأفق وهبط مثل جبل بجانب الغابة
ومن فمه المفتوح انبعثت قوة شفط هائلة ، وكأنه قادر على
ابتلاع كل ما على الأرض
سحب العاصفة التي اندفعت نحوهم كانت تدور وتتماوج
تحت تأثير هذه القوى العظيمة
و في غمضة عين ، حلّ الظلام على كل شيء حولهم
وعندما تصادمت طبقات السحب ، اخترقت ألسنة البرق
الساطعة السماء متجهة نحو الأرض مثل الأشجار العملاقة المتساقطة
نسج الأفعى الأسود طريقه بين البرق ، ملتف ومندفع عبر
الغيوم في حلقات متعرجة
بعدها مباشرةً ، اندلع الرعد بين السماء والأرض
لن يكون مبالغة القول إنه بدا كما لو أن العالم على وشك الانهيار حولهم
أما تشو شو، الذي كان يصرخ بجنون قبل قليل، فقد توقف عن الصراخ
أدار رأسه صامتًا إلى الخلف وحدق في العاصفة المهيبة للغاية { حسنًا ،، ، هذا لم يكن ضروريًا حقًا…
كان الهدف إخافة بعض القرويين ،
ولكن لم يُذكر أحد أنه يجب خلق كارثة طبيعية مذهلة أثناء القيام بذلك… }
القرويون قد سقطوا على ركبهم منذ زمن بعيد، مفزوعين
إلى حد الجنون
وبسيطرة الخوف ، هربوا في جميع الاتجاهات مثل
الحشرات من عش دبابير قد طُعن بالكامل
انسَ هؤلاء القرويين — حتى شيا تشياو مصدومًا بالمثل
فرّقت الرياح أجزاء من النار المشتعلة على الأرض ،
ولكن قد لامست ألسنة اللهب قليلاً من كمه ،
لذا لم يلاحظ الحريق على الفور
و لم يشعر بما حدث إلا عندما سحبته قوة مجهولة بعيدًا عن النار بقوة ،
فلاحظ أن جزءًا من ذراعه قد احمّر وبدأ يؤلمه نتيجة الحرارة المحرقة
نظر حوله باحثًا عن من سحبه جانبًا ،
لكن لم يكن هناك أحد في محيطه قادر على الوصول إليه
و صدّق غريزياً أن الغا خاصته — لابد أنه استخدم خيط
الدمية عليه ، رغم أنه لم يجد أي أثر لخيط
و رأى شيا تشياو شيه وون ينظر نحوه ثم رفع رأسه وحدق نحو السماء
تبع شيا تشياو خط نظر شيه وون ، فلاحظ التينغشي
الخاص بوين شي يحلق بين غيوم السماء
كان التينغشي يتوهج بدرجة خفيفة من الاحمرار ، كما لو أن
النيران الغاضبة على وشك الانفجار منه في أي لحظة
ضيّق شيه وون عينيه ضد الرياح ، ثم أنزل رأسه مجدداً وبدأ
يحدق في الأرض من حوله
لم يكن من الواضح ما الذي يدور في ذهنه ، لكن أصابعه
ارتعشت قليلاً
استدار وين شي ورأى نظرات شيه وون في تلك اللحظة بالذات
و قال : “ على ماذا تركز ؟”
وتتبع خط نظر شيه وون ، فنظر إلى الأرض
استضاف هذا المكان العديد من ' التطهير الكبير ' وأُحرقت
فيه نيران لا تحصى من قبل
كان بالفعل خرابًا ، وما تبقى من نبات قليل قد طار بعيدًا ،
وقد اقتلعت الجذور بالكامل بفعل الرياح العاتية
و حيث كان يحدق شيه وون ، لم يكن هناك شيء سوى
التراب والحصى المسحوق
ولم يلحظ وين شي أي شيء غير عادي
و كان ارتباكه واضحًا للغاية
رمش شيه وون عدة مرات نحو وين شي ثم حدق في الأرض
مجدداً بنظرة ثانية ،،
ثم سحب نظره ، واسترخّت أصابعه الملتفة واستقامت
و لفترة وجيزة ، أغمض شيه وون عينيه ——
شعر وين شي بأن شيئًا ما غير عادي —— ،
لكن تعبير شيه وون عاد إلى طبيعته بمجرد أن فتح عينيه مجدداً ،، و ابتسم وقال :
“ كان مجرد خطأ في التمييز .”
قال وين شي وهو ينظر إلى الأرض مجدداً : “ ما الغريب في تمييزه ؟”
فلم يكن هناك أي شيء حتى أن يُساء تمييزه في مكان مقفر كهذا
رد شيه وون: “ لا شيء .”
كل شيء من حولهم بدا مظلمًا وكئيبًا بسبب الغيوم الداكنة
الملبدة في الأعلى ،
وكان من الصعب رؤية تعابير وجهه بوضوح
ثم استدار نحو وين شي وامتلأت عينيه بطريقة بدى وكأنه يحمل ابتسامة خفيفة ، و قال : “ لا تكن محققًا دقيقًا جدًا ،
دعني أحتفظ ببعض ماء وجهي .”
بينما وين شي يحدق في عيني شيه وون ، و على وشك أن
يقول شيئ ،
انطلقت فجأة ضربة رعدية أخرى من الغيوم ، تبعته مباشرة
زخات مطر غزيرة
و امتلأت القرية بالصراخات المذعورة والفزعة ،
كما لو أن المطر عبارة عن سكاكين جزارين بدلًا من الماء
ركضت لو ونجيان مسرعة وسحبت شيا تشياو وتشو شو وصرخت نحو الباقين :
“ لا تقفوا هناك ! إنها تمطر ، لا يمكننا البقاء في الخارج .
عودوا معي بسرعة !”
قال شيا تشياو مذهولًا : “ ماذا تعنين ؟ لماذا لا يمكننا
البقاء في الخارج؟” وكاد يسقط من قوة سحبها له
لو ونجيان استدارت نحوه وهي تسأل بصوت بعيد :
“ هل تعلم أن الأشياء تنمو بسرعة هائلة أثناء العواصف الجبلية ؟”
شيا تشياو: “ أي أشياء ؟”
ردت لو ونجيان بابتسامة خفية : “ هل تريد أن تخمن ؟”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق