Ch74 بانغوان
الجميع يعلم أن المخلوقات الروحية تمتلك حواسّ شديدة الحدّة ——
فهي تستطيع أن ترى وتشمّ ما لا يستطيع البشر العاديون إدراكه ——
وبحلول الوقت الذي ركع فيه الأرواح الاثنا عشر للمصفوفة ،
كانت تشانغ لان قد فهمت في الواقع ما يجري
كانت تعلم أن أرواح التشكيلة قد التقطت بلا شك رائحة روح مألوفة، ومن المصفوفة تعرّفت على شخص بعينه
ومع ذلك، كان من الصعب عليها التصديق
من البداية وحتى النهاية ، لم يبدو أيٌّ من هذا حقيقيًا بالنسبة لها
فلا بد أن أحدهم قد استخدم المصفوفة ليصنع وهماً
واقعيًا إلى حدٍّ مفرط ، و كل ذلك بغرض أن يسخر منهم بمزحة كبرى
لقد شعرت حتى برغبة في لمس الأرواح لتختبر حقيقتهم …
وهكذا ، فإن سيّدتهم العظيمة بالفعل مدّت يدها لتلمس واحدًا منهم
وفي الحال ، بدت اهتزازات كأنها تجلجل في أعماق عقلها،
كما لو أن أحدهم قد ضرب جرسًا عتيقًا بقطعة خشب ثقيلة
ومع صوت دونغ ، ارتجّ وعيها وروحها معًا —
روح المصفوفة غافل تمامًا عن لمستها —- وكغيره ، انحنى
إلى الأمام بانحناءة عميقة على ركبتيه ، إحدى أعظم صور
الاحترام في العصور القديمة
وكانت أصواتهم شبيهة برياح بعيدة تجتاز غابات الجبل
وكهوفه لتُغري ' شون ' عتيق مضى عليه ألف عام بأن يُصدِر لحنه
( آلة موسيقية)
: " هذا الخادم ينقل إرادة سيده بالوقوف حارسًا على جبل سونغيون
بعد ترقّب دام ألف سنة ، ها هو باب المصفوفة يُفتح
أخيرًا .
في هذا اليوم ، كما تدلّ ملابسنا غير المصبوغة
ومراسمنا الرسمية ، نرحّب بعودة كل الأصدقاء القدامى إلى الديار ."
وما إن أنهوا الأرواح تلاوتهم ، حتى تناثرت الصخور والنباتات في الهواء
وبينما بدأ الحاجز يتفكك ويتفتت ، بدأ كامل المشهد يعيد
تنظيم نفسه ،
ملتفًا حول الأرواح الاثني عشر
و شيئًا فشيئًا ، أعاد تشكيل ذاته إلى هيئة مختلفة تمامًا للنظر
سقطت صخرة هائلة على الأرض مصحوبة بدويٍّ مدوٍّ…
وسقطت تشانغ لان على ركبتيها بارتطام مسموع
كان شيا تشياو لا يزال مذهولًا بما يجري ، فأفزعه كثيرًا حين رأى تشانغ لان تركع
أما أخوها الأصغر تشانغ يالين فكان أفضل حالًا بقليل
ورغم أنه مصدوم بخوف —كما لو أنه يعيش حلمًا يهزّ
العالم— فقد ظلّ واقفًا باعتدال
وفي ظرف كهذا ، كان ذلك كافيًا ، إلى حدٍّ ما، لإنقاذ نصف سمعة عائلة تشانغ
كانوا أرواح المصفوفة عمالقة كأنهم جبال
وفي دائرة كهذه ، كان ضغط هالتهم عظيمًا جدًا إلى درجة
يستحيل على الشخص العادي أن يتحمّله
حتى شيا تشياو شعر بفروة رأسه تقشعرّ وساقيه تضعفان
في البداية لم يجرؤ على التفوّه بشيء ، لكن بعد أن ألقى
عدّة نظرات إلى تشانغ لان ، لم يستطع أن يمنع نفسه
ومع ذلك ، أبقى صوته خفيضًا للغاية كي لا يزعج الأرواح
قال: " جي ما الذي تفعلينه ؟"
كان صوت تشانغ لان أوهن من صوته ، كما لو أنها تتحدث
في نومها : " أنا بخير .. .
أنا فقط ركعت لأنني تعبت من الوقوف ."
شيا تشياو: "…"
واستمرت تشانغ لان تتمتم: " ولا تنادِني جي
هذا يجعلني خائفة ."
شيا تشياو: "؟"
أغمضت تشانغ لان عينيها للحظة ثم أمسكت بيده ،،،
وأظافرها الطويلة قد غرست في جلده تقريبًا ،
سألت بصوت خافت : " قل لي الحقيقة…
ما هو لقب الغا خاصتك الحقيقي ؟…"
في هذه اللحظة ، لم يعد سؤالها ذا معنى يُذكر ، لكنها بدت
وكأنها تبحث عن الضربة القاضية الأخيرة
رمق شيا تشياو وين شي عدّة مرات. وبعد أن تردّد لثوانٍ، وجّه الضربة على تاج رأسها مباشرة: " لقبه وين ."
صمتت تشانغ لان للحظة ، ثم التفتت وأمسكت بيد أخيها الصغير : " هل سمعت؟ لقبه وين…"
وأثناء حديثها ، جذبت يد أخيها وهزّته قليلًا
كان تشانغ يالين يحدّق بلا انقطاع في اتجاه وين شي،
فأجاب بهدوء: " سمعت ."
اهتزّ جسده المنتصب قليلًا ،، وبعدها مباشرةً ، انهارت
ركبته وسقط هو أيضًا بارتطام مسموع
شيا تشياو: "…"
وبما أن سيّد الدمى قد ركع ، فمن الطبيعي أن يقوم شياو هاي بواجبه — فركع بثبات وانحنى عميقًا
وتكرر المشهد نفسه مع الدمى الثلاث الأخرى التي قد أطلقها تشانغ يالين في وقت سابق…
و تتابعت الانحناءات على طول الصف مثل صفٍّ من أحجار
الدومينو تتساقط واحدة تلو الأخرى ،
ودارت حتى عادت كل الطريق إلى شيا تشياو
وبينما ينظر حوله ، اكتشف شيا تشياو أن لا أحد بقي واقفًا في جواره
وبعد بضع ثوانٍ من التردّد المتردّد ، قرر أن يساير الجميع
شعر لاو ماو بغرابة عند سماعه كل هذه الضجة
فالتفت برأسه ، ليرى أن الجميع من خلفه قد ركعوا على
الأرض الآن ، بما فيهم ذلك الأحمق شيا تشياو
في البداية، شعر لاو ماو بتأثر عميق حين سمع جملة :
" جبل سونغيون"، بل وحتى ارتفعت حرارة في عينيه
لكن كل ذلك تبدّد تمامًا بسبب أصوات الارتطام المتلاحقة
الصادرة من هذا الفريق من الأحفاد الأغبياء
تفحّص الجمع وهو يضع يديه على خصره
وفي النهاية، لم يستطع منع نفسه من الإشارة إلى عنق
تشانغ يالين قائلاً بمعنى عميق:
" تعويذتك بارزة ~ "
كان ذهن تشانغ يالين لا يزال شاردًا بعيدًا ، واستغرق بضع
ثوانٍ ليستوعب ثم أنزل رأسه—
رأى خيط أسود طويل معلّق حول عنقه ، وقد عُقِد طرفه بعقدة محكمة
شيء ما يتدلّى من العقدة: يُسمّى أحيانًا ' تعويذة '
لكنه في الأصل كان معروفًا باسم…
عظمة إصبع وين شي ~~
ولم يمر وقت طويل منذ أن وصف بنفسه ، بتفصيل شديد ،
كيف كان ينظر إلى تلك العظمة
أمام وين شي نفسه ~~~~
تشانغ يالين: "…"
للحظة قصيرة شعر وكأنه قد فارق الحياة بالفعل
ومع أنه يواجه الموت ، فقد حافظ على وقاره
و بوجه أحمر تمامًا، حشر ' التعويذة ' دون أي تعبير تحت
ياقة قميصه وغطّاها بإحكام ،
ثم ردّ على لاو ماو بدافع غريزي:
" لقبه وين—أتدري ما يعني ذلك؟
هل أنت متأكد أنك ورئيسك تريدان البقاء واقفَين ؟"
لاو ماو: "…"
ظلّ واقفًا لحظة طويلة وملامحه معقّدة ثم أجاب:
" أظن أنه من الأفضل أن لا يركع رئيسي ، وإلا فإن العواقب
سيكون من الصعب التعامل معها ."
وقبل أن يتمكّن تشانغ يالين والآخرون من استيعاب ما يقصده ،
تراصّت ألواح ضخمة من الصخر من حولهم بدويٍّ صاخب،
ثم بدأ الغبار يتبدّد ببطء
محيطهم قد تحوّل إلى هيئة كهف ،
ولم يعد للقرية القديمة المسوّرة بالأخشاب أي أثر
وكل ما سُمع هو خرير ماء جارٍ ؛ لم يكن واضح من أين يأتي
أو إلى أين يذهب ، لكنه يتدفّق في المكان بلا انقطاع
لم يكن سقف الكهف صلب بالكامل
فقد احتوى على فتحات بأحجام مختلفة ، تصل بينها
أخاديد طويلة مستقيمة
للوهلة الأولى بدت المصفوفة طبيعية ، لكن حين تسلّل
ضوء الشمس أو القمر عبر الفتحات بمسافات محدّدة بدقة ،
انكشف الواقع بوضوح—كان السقف بأكمله خريطة معقّدة للنجوم
وفي الوقت نفسه ، كانت الشقوق تتقاطع بانتظام عبر
أرضية الكهف كشبكة مربّعة أشبه بلوحة شطرنج
كان وين شي يعرف هذا المكان معرفة وثيقة منذ زمن بعيد
لقد كان كهفًا خفيًا للغاية يقع على الجانب المظلم من جبل سونغيون
بو نينغ قد اكتشفه قبل أن يبلغ العاشرة من عمره ،
ومنذ ذلك الحين اعتبره مخبأه الخاص
وعندما لا يكون في تدريب ، كان مولعًا بالقدوم إلى الكهف للتأمل والتفكير
كان يرفع بصره إلى الفتحات المنثورة في السقف كنجوم
تملأ سماء واسعة ، ويجلس لساعات طويلة
وكان يجرّ أحيانًا وين شي أو تشونغ سي أو تشوانغ يي معه
يشير إلى السقف أو الأرضية محاولًا أن يشرح لهم بعض الأمور ،
لكنه لم يكن ينجح في التعبير عنها بوضوح
ومع تقدّمه في العمر ، كفّ تدريجيًا عن فعل ذلك—في الغالب
إلا أن هناك استثناء —— فبعد أن استمع إلى صوت تدفّق
المياه وجلس متربعًا لبعض الوقت ، قال فجأة لوين شي:
" شيفو غالبًا يقول إنه ليس بارعًا في العرافة ، وأنه يفتقر إلى
القنوات الروحية الفطرية اللازمة ، ولهذا لا يتكهّن بشيء .
لكنني أشعر أن هذا ليس صحيحًا حقًا ….
و كثيرًا ما ينتابني الإحساس أن شيفو قادر على التنبؤ ببعض
الأحداث متى شاء ، لكنه أغلق قناته الروحية بإرادته ."
نادراً بو نينغ والآخرون يتجرأون على التكهن بشأن تشين
بوداو من وراء ظهره ، حتى في أمور بسيطة للغاية
وإن جرى التطرّق إلى مثل هذا الموضوع أحيانًا ،
لم يخوضوا فيه بعمق ، وإلا أصابهم التوتر ، كأنهم اقترفوا ذنبًا جسيمًا
وكان وين شي على دراية بذلك ، لذا اكتفى بالاستماع إلى ما
قاله بو نينغ دون أن يسأله أكثر ،، و رد عليه قائلاً :
"وماذا عنك أنت ؟"
بو نينغ: " أنا ؟"
وين شي: " كم تنبأت ؟"
بو نينغ: " ليس كثيرًا "
ظل صامتًا للحظة طويلة ، ثم قال:
" قطرة في محيط ."
ظل الكهف فارغًا حتى وضع بو نينغ فيه طاولة في نهاية المطاف
كان ينحني فوقها أحيانًا ، يخربش ويرسم أشياء لم يستطع أحد غيره فهمها
وفي الحاضر ، لم تعد الطاولة موجودة ، لكن أشياء أخرى قد أخذت مكانها—
رمز اليين-يانغ مرسوم على شبكة الشطرنج المدمجة في الأرض
وفوق الرمز جلس ظلّان مغطّيان بقماش كتان أبيض ،
واحد على كل جانب ، متقابلان ظهرًا لظهر
ومن خلال خطوط جسديهما، بدا أنهما تمثالان بالحجم الطبيعي
و خيوط العنكبوت تتدلّى على القماش الذي يغطيهما
التمثالان محاطَين بما يقارب المئة من الحجارة المستديرة ،
وقد جُمِعت في عدّة أكوام ووضِعت عند نقاط تقاطع محدّدة
وفوق ذلك ، يوجد خمس حجارة منفردة متناثرة في مواقع مختلفة ،
وقد نُقشت عليها رموز متراصّة بكثافة
وعُلّقت خمس لوحات على الجدار الصخري الذي تشير إليه تلك الحجارة الخمس
بخلاف القماش الكتّاني الذي غطّاه غبار العناكب ، كانت
اللوحات لا تزال نقيّة تمامًا، وكأنها لم تتأثر بألف سنة قضتها
في كهف رطب نادرًا تشرق فيه الشمس
تشوانغ يي و تشونغ سي على اليمين ،
وبو نينغ ووين شي على اليسار
و لوحة أخرى في الوسط
يظهر فيها رجل يرتدي راء داخلي أبيض كالثلج ، ورداءً خارجي قرمزي اللون ،
ومعه قناع قديم معقّد ، نصفه إله ونصفه شيطان ؛
نصفه خير ونصفه شر؛ نصفه حيّ ونصفه ميّت —
رمز لعالم البشر المليء بالتناقضات …
كان تشانغ لان والآخرون راكعين وسط هذه اللوحات،
أمام رمز الين-يانغ والتمثالين المكسوَّين بالقماش الأبيض
ولما وقعت أنظارهم على اللوحة الوسطى ، أصابهم الذهول
فلم يجدوا ما يقولونه
فبحسب ذاكرتهم، لم يرد في أيّ من الشائعات التي
سمعوها ولا في الكتب التي قرؤوها في نشأتهم، وصف
بصري أو صورة لـ تشين بوداو
فقد قيل إنه كان منعزلاً ومتعجرفًا، متكبّرًا لا يُطاق،
إلى حدّ أنه اعتبر من دون كرامته أن يُظهر ملامحه الحقيقية
وبما أنه كان يرتدي قناعًا دائمًا كلما غادر الجبل ، لم يعرف
حتى التلاميذ الخارجيون كيف يبدو وجهه
وقيل إن تشين بوداو كان يدخل الأقفاص ويفكّها —
ليستغل الضغائن والمرارات في عالم البشر — فقط من
أجل دفع ' وعائه شبه الخالد ' إلى الأمام
ومن أجل ذلك ، يفعل أشياء كثيرة تتجاوز حدود احتماله ،
ولهذا انتهى به المطاف إلى نهاية وضيعة
وقيل أيضًا إنه في ختام حياته كان غارقًا في ديون كارمية
وطاقة شريرة بلا حدود ، أكثر بكثير مما يمكن للبشر قمعه
وأن كل كائن حي يقترب منه أو يمسّه إما يذبل ويتحوّل إلى
عظام بعد أن تُستنزف وعيه الروحي بالكامل ،
أو يمتلئ بالطاقة الشريرة هو الآخر ، ملوَّثًا بالتآكل ،
وكان من السهل للغاية أن يثير هذا التركيز الشديد للطاقة
الشريرة ظلمة قلب أي شخص ، فيصبح عرضة للاندفاع
والغضب والرغبة والحسد
حتى تشين بوداو نفسه لم يستطع إخضاع كل تلك الطاقة،
فتحوّل إلى ما يشبه الشبح أو الشيطان
و كانت النباتات تذبل أينما مشى ؛ ورغم أنه زجّ بغيره وأضرّ
بالكثيرين ، فإنه لم يضع لذلك أي كابح
وقيل إن تلاميذه المباشرين استنزفوا كل طاقاتهم الروحية حين ختموه ،
وأن دفاعاتهم كادت أن تنكسر في تلك العملية
وفي النهاية ، لم يكن الختم ليُفعَّل إلا بفضل الجهود
المشتركة التي بذلها التلاميذ الخارجيون ، بقيادة عائلة تشانغ
وبعد ذلك بوقت قصير، اختفى هؤلاء التلاميذ المباشرون المشهورون واحدًا تلو الآخر ،
ولم يعودوا سوى أسماء تتردّد في الحكايات القديمة
وفي حالة بو نينغ ، لم يخلّف حتى تلميذًا واحدًا يمكنه أن يرثه مباشرة
وكان كل ذلك يُنسب إلى تشين بوداو
ولهذا السبب… لم يكن للنسخة التي عرفها الأحفاد من
تشين بوداو أي لوحة ، ولهذا أيضًا لم يُذكَر اسمه قط
كان الجميع يتجنبونه ، ويخشونه في الوقت نفسه
لم يكن في خيالهم قط أن تبدو لوحة تشين بوداو على هذا
النحو في تشكيلة بو نينغ العتيقة التي مرّ عليها ألف عام،
داخل الكهف الذي أخفاه تلميذ مباشر وكتم أمره
حتى ذلك القناع الذي هو نصف إله ونصف شيطان ،
كان يشعّ بهالة نبيلة وطاهرة ،
أشبه بضوء القمر المتألّق فوق قمة جبل بارد
وبينما تشانغ لان والآخرون عالقين في حالة من الذهول العاجز ،
نهضوا الأرواح الاثنا عشر الراكعين للتشكيلة
اجتاحت أكمامهم العريضة الهواء مثل ضباب الجبال ، مسببين رياح مجهولة المصدر
وقد بدا أن النسيم يمتلك إرادة خاصة به، فرفع اللوحات
المعلّقة على الجدار الصخري
وأي بانغوان دخل قلب قفص من قبل يعلم أن اللوحات
شديدة الحساسية للأمور الروحية
راقب تشانغ لان والبقية بينما سقطت لوحة وين شي فجأة من على الجدار
وبفعل الرياح، انحدرت على شكل مائل حتى وصلت بالصدفة أمام وين شي
مدّ يده والتقط اللفافة
وما إن وقعت اللوحة في يده، حتى اشتعلت نيران روحية من
أسفلها وصعدت تحرق طريقها إلى الأعلى
ورأوا انعكاس من ألف سنة مضت يغمره : شعره مربوط ،
ويرتدي رداء طويل يشبه الصقيع والثلج
و يتدلّى من خصره قلادة صغيرة معلّقة بحبل أزرق مع شرابة
ورأوا خيطًا طويلاً يلتفّ حول أصابعه كأنه حرير — روابط متشابكة ، مرتبة لكن متعقّدة
ورأوا طائرًا يشبه الصقر يقف على كتفه ، وشجرة ذابلة
بجواره قد نبتت عليها براعم جديدة ، ثم أزهرت أزهار برقوق بيضاء
كان ذلك من بقايا ذكريات سيّد المصفوفة ، الصور المبعثرة التي تركها داخلها
لقد احتوت على دورة الجبل التي لا تنتهي ، على كل الأيام وكل الفصول
تشانغ لان وتشانغ يالين عاجزين عن الكلام أمام ذلك الانعكاس
ولم يدركا أنهما نسيا التنفس إلا بعدما تحوّلت اللفافة إلى رماد بالكامل
و على وشك زفر أنفاسٍ محبوسة ، تحرّكت لوحة أخرى على الجدار
اتسعت أعينهم
لكن هذه المرة لم ينطقا بحرف من فرط الرهبة
فاللوحة التي جرفتها الرياح لم تكن سوى لوحة تشين بوداو
اللوحات بطبيعتها روحية ، وقد وُضعت في التشكيلة أساسًا لتكون بدائل
ولن تسقط وتشتعل ذاتيًا إلا إذا تحطّمت المصفوفة ،
أو إذا حضر الشخص الذي تمثّله اللوحة إلى الكهف ؛
وذلك يعني عودة اللوحة إلى مالكها الأصلي
وبرغم أن الأخوين تشانغ لم يتخصّصا في التشكيلات ،
فقد تمكّنا إلى حدّ ما من استيعاب ما يحدث
ولأنهما استوعباه ، فقد أصابهما الذهول والهلع
{ إنه هنا
المؤسس الموقر نفسه ،
ذاك الذي لا يجرؤ أحد من الأحفاد على ذكره —حاضر هنا … }
هذا الإدراك جعل دماء الشقيقين تتجمّد في عروقهما،
وأجسادَهما ترتجف
{ إذا كان الابن الأكبر لتشين هو وين شي… فمن يكون إذن تشين بوداو؟
من بين هؤلاء الموجودين ، من قد يكون ذاك الشخص
الذي تجنّبه الجميع وخافوه… }
التفت تشانغ يالين بسرعةٍ جعلت عظام عنقه تكاد تصدر فرقعة مسموعة
وربما لم يُظهر في حياته كلها تعبير دهشة كهذا ، وهو
يحدّق بثبات في الرجل الواقف بجانب وين شي
كانت تشانغ لان أبطأ منه بقليل
وما إن رفعت بصرها حتى لم يكن في عينيها ذهول ، بل رعب تام
فجأةً ، أدركت أن الأرواح الاثني عشر حين سجدوا قبل قليل، لم ينحنوا لوين شي وحده
بل أيضًا وجهوا احترامهم للشخص الواقف إلى جانبه
وبينما تحدّق في شيه وون كما لو أنها تراه لأول مرة في حياتها ،
انزلقت اللوحة بزاوية مائلة واتجهت نحوه مباشرةً
واقفًا وسط رياح الجبل ، بدا هادئًا رصينًا كما كان دومًا
تأمل اللوحة وهي تقترب منه، ثم بعد وقفة صمت مدّ يده وأمسكها
و اشتعلت شرارات في أسفل اللفافة وصعدت بلهيب غير متّسق
وتحت تأثير التشكيلة ، التفّ حوله انعكاس من الماضي :
رداء طويل أبيض كالثلج ، ورداء خارجي قرمزي
مجرد وقوفه هناك كان كافيًا ليجعله يبدو شامخًا مهيب ،
كأن محيطًا من النجوم يعلو فوق رأسه ،
و هاوية جليدية بلا نهاية تمتد تحت قدميه
رنّ صرير طائر الدابنغ ذو الجناح الذهبي من خلفه ،
مخترقًا السماء والأرض
كان المشهد أشبه بضوء قمر ساطع يضيء جبلًا من الصنوبر
لكن الشقيقين تشانغ كانا على حافة الموت
فالدمى بطبيعتها تنصاع للأقوى ، لذا حين دوّى صراخ
الدابنغ عبر الجبل ، انحنت دمى تشانغ يالين الأربع حتى التصقت بالأرض
ولم يشكّ سيّدها في شيء هذه المرة ، فقد كان وجهه شاحبًا كالجثة
لكن السماء لم ترفع قبضتها بعد عن الشقيقين
فبينما نفسيتهما تنهار ، سقطت لوحة ثالثة من على الجدار
لقد كانت لوحة بو نينغ هذه المرة ——-
هبطت اللفافة برفق ، لكنها لم تتجه إلى أيٍّ من الموجودين في الكهف
بل نزلت بجانب التمثالين المغطيين بالقماش الكتّاني الأبيض
عقل تشانغ لان فارغًا تمامًا …
وبشكل آلي، انزلقت عيناها إلى تلك الأجساد
اشتدّت الرياح التي ولّدتها الأرواح قليلًا
ومع مرورها عبر الكهف ، بعثرت خيوط العنكبوت وسحبت
الأقمشة التي تغطي التمثالين
وحينها أدركوا أخيرًا شيئ : إن ما تحت القماش في الجهة
اليسرى كان تمثالًا حجريًا بالفعل
أما في الجهة اليمنى… فقد كان هناك شخص حي جالس
متربعًا، رأسه للاسفل ، ظهره إلى ظهر التمثال الحجري
{ شخص حي }
حدّق تشانغ لان وتشانغ يالين في ملامحه الجانبيه بجمود ، وعيونهما خاوية تمامًا
شيء ما انفجر فجأة في عقليهما الفارغين أصلاً ،
ذلك الشخص لم يكن سوى من كانا يبحثان عنه طوال هذا الوقت : تشو شو
ثم احترقت لوحة بو نينغ بصمت إلى رماد بجانب قدمي تشو شو
…
يبدو أن السماء حقًا لم تكن تنوي أن تسمح للشقيقين بالعودة أحياء ——
يتبع
اااءءء لحظة صمت …….
تشو شو تناااااسسسسسخ بونينغ !!!!!!!!!
الفصل من ترجمة : Jiyan
تدقيق : Erenyibo
تعليقات: (0) إضافة تعليق