Ch79 بانغوان
{ لماذا قال شيه وون: ' في المستقبل ' ؟
لماذا فجأة يذكر المستقبل من العدم ؟ }
وسط خواء شامل، أدرك وين شي فجأة شيئ …
{ هذا الشخص … على وشك الرحيل
هذا هو الشخص الذي أخرجني من جبل الجثث وبحر الدماء ،
الذي علّمني كل ما أعرفه ،
والذي أرسلني إلى العالم الفاني — والآن ينوي أن يغادر .. }
منذ وقت ليس ببعيد، حينما وطئت قدماه الطريق المؤدي
إلى جبل سونغيون — كان قد حدّث نفسه أنه يفضّل السير
خلف هذا الشخص،
يتبعه بخطوة واحدة فقط؛ لم يكن هناك حاجة للاقتراب أكثر
طالما أن الآخر لا يلتفت ، فسيظل قادرًا على التحديق بثبات
في ظهره ويتبعه لفترة طويلة ، طويلة جدًا…
مدى الحياة
لكن في النهاية ، حتى هذه الفرصة لن يحصل عليها
وبالنظر إلى حال الآخر الآن ، إن لم يتم إيقاف مصفوفة
تطهير الأرواح ، فمن المرجح أن يموت
و سيختفي من هذا العالم الفاني ، مقطوع الصلة إلى الأبد ،
لن يُسمع عنه مجدداً …
ومهما عبر وين شي من بوابة النسيان ، ومهما انتظر من
دورات التناسخ ، فلن يعثر على هذا الشخص مجددًا
في اللحظة التي أدرك فيها ذلك ، قد استدار بالفعل ليخطو
خارج المنصة الحجرية
رنّ خلفه صراخ بو نينغ المذعور:
“ شيدِي لقد جُننت !”
وين شي { لقد جُننت منذ زمن بعيد ….
بدأ الأمر مع الحلم الصاعق الذي رأيته وأنا في التاسعة عشرة ،
ومع كل المرات التي خطوت فيها إلى داخل مصفوفة تطهير الأرواح مرارًا وتكرارًا
لقد كنت مجنونًا لسنوات لا تُحصى حتى الآن }
مصفوفة تطهير الأرواح في بحيرة تشينغشين، تغيرت
ملامحها إلى حد لم يعد يُعرف
و سيل الضباب الأسود يُستخرج من ذلك المكان بلا انقطاع
وبينما وين شي يقفز للأسفل ، كانت الأحجار المستديرة التي
كان بو نينغ يحاول تعديل المصفوفة بها تمر من أمامه ،
على مسافة قصيرة
ولكن بعد ثانية واحدة فقط، سُحقت تلك الأحجار في الهواء
وتحولت إلى مسحوق، ثم تلاشت كالسراب
وفي اللحظة نفسها ، اندفعت أربعة دمى عملاقة معًا ،
يشقون طريقهم عبر الضباب الأسود في محاولة لفتح ممر لسيدهم
لكن الضباب الأسود هنا كان مختلفًا تمامًا عن الضباب
الموجود في أي قفص عادي
حتى تلك الدمى لم تستطع احتماله
و في غمضة عين ، ظهرت آثار التآكل على أجسادهم ،
كأوراق طقسية صفراء أشعلت فيها النار
ومضت شرارات متلألئة ، تحترق من الحواف نحو المركز
الدمى قادرة على أن تكون عديمة الإحساس بالألم ، غير مبالية بالموت
لكن بما أنها مرتبطة بوعي سيد الدمى الروحي ، فإن كل ما
تتحمله سينتقل إلى وين شي، دون استثناء
ومع ذلك، بدا وين شي وكأنه غافل تمامًا عن كل ذلك
يده قد امتدت بالفعل داخل الضباب ، متجهةً مباشرةً نحو
الأحجار التي تشكّل مصفوفة تطهير الأرواح
ومع كل شبر يتقدم فيه ، كان الألم الحارق ، التآكل ، يزداد شدة
كان الأمر أشبه بشخص يستخدم سكينًا حجريًا لينشر لحمه
وعظامه بكل ما أوتي من قوة
{ لكن ، وماذا في ذلك ؟
في أسوأ الأحوال ، سأتحوّل إلى رماد }
التهم الضباب الأسود اللحم عن الجزء العلوي من يده اليسرى ، كاشفًا عن عظام أصابعه
ومع ذلك، لم يكن ينوي التوقف
كل ما كان يسمعه هو صفير الرياح ، وكل ما كان يراه هو أحجار المصفوفة
وفجأة ، انطلقت صرخة واضحة من مكان مجهول، اخترقت
السماء الشاسعة والضباب الكثيف
بدا وكأنه برق يشق طبقات الطاقة الشريرة المركّزة ، كسيف يلمع بالنور
تسارعت دقات قلب وين شي عندما مرّ الوميض الذهبي أمامه
ذلك كان الـ دابنغ ذو الأجنحة الذهبية
تدفّق الضوء من هيئته الضخمة ، وتحت الطحن المستمر
للضباب الأسود ، اشتعلت الشرارات على أطراف جناحيه،
لتتآكل بسرعة نحو الداخل
مغطّى باللهب المتدفّق، مالت أجنحته ليحجب وين شي من الأسفل
في الوقت نفسه ، انطلقت خيوط كثيرة من خيوط الدمى
من خلفه ، التفّت حول جسده في لحظة واحدة
شعر بقوة لا تُقاوم تجتاحه ، قوة كالجبل أو كالمحيط
وبمساعدة الصدمات والرياح التي أثارتها رفرفة أجنحة الـ
دابنغ سُحب خارج بحيرة تشينغشين
وُضع بأمان على المنصة الحجرية
محاطًا بشبكة من الخيوط المتشابكة ، لم تكن ضيقة جدًا ،
وكأنها ستتساقط على الأرض بمجرد حركة خفيفة ، ومع
ذلك لم يستطع التحرّك على الإطلاق
أما الطرف الآخر من الخيط ، فكان ممتدًا وسط الضباب
الأسود المهيب ، متصلًا بيدي شيه وون
باستثناء تلك المرات القليلة في الماضي التي كان شيه وون
يصحّح فيها أخطاءه يدويًا، فهذه المرة الأولى التي يرى فيها
وين شي ذلك الشخص يستخدم خيوط الدمى
بالنسبة لسادة الدمى ، كانت الخيوط في الأصل أداة
مساعدة تقوّي قدرتهم على التحكم بالدمى أو غيرها
وكلما ازدادت قوة وعيهم الروحي وصفاء ذهنهم ، قلّت حاجتهم إلى الخيوط
لهذا السبب كان وين شي يستخدم خيوطه بخفة ، دون أي التزام صارم
ولهذا السبب أيضًا… لم يكن الشخص في القمّة يستخدم الخيوط أبدًا
كان وين شي قد سأله ذات مرة بجدية تامة:
“ في أي ظروف ستحتاج لاستخدام خيوط الدمى ؟”
تأمل تشين بوداو سؤاله قليلًا ثم ابتسم :
“ صعب أن أقول . ولكن… إن جاء يوم ورأيتني أستخدم
خيوط الدمى ، فتذكّر أن تبتعد عني ، أو تختبئ خلفي .”
ردّ عليه ببرود : “ لن أختبئ ”، و لم يستطع وين شي كبح نفسه فسأله :
“ ولماذا يجب أن أختبئ ؟”
أجابه تشين بوداو : “ لأن ذلك على الأرجح سيكون أمرًا مزعجًا للغاية بالفعل ”
…
والآن ، ها قد جاء ذلك اليوم ، وبالفعل لم يختبئ — بل حتى
لم يكن قادرًا على ذلك
حين ترتبط الدمى بالخيط ، يُربط وعي السيد الروحي بوعي الدمية
لذا فإن كثيرًا من الدمى يمكنها الشعور بمشاعر أسيادها
كل ما يراه ويشعر به السيد ، يمكنها أن تراه وتشعر به أيضًا ،
لكنها بطبيعتها لا تفهمه جيدًا
أما وين شي فلم يكن دمية حقيقية ، لذا كان قادرًا على الفهم
لكن شيه وون لم يكن سيّد دمى عاديًا أيضًا
كان قادرًا على حجب كل شيء ، مانعًا أي شخص من الاطلاع على منظوره
وهكذا ، ورغم أنه مقيد بالخيوط ، لم يستطع وين شي أن
يرى سوى هيئته ، غارقة في الضباب الأسود
مظهر شيه وون قد اندمج مع هيئته الروحية : رداء أبيض
يعلوه طبقة حمراء ، ووجه شاحب لدرجة الشفافية
و تتدفق سطور من السنسكريتية على نصف وجهه نزولًا
حتى قلبه ؛ و ريشة وخرز معلق بمعصمه
وبهذا ، صار محيطه المريض مشبعًا بجو يكاد يكون خارج
نطاق البشرية ، نصفه شيطاني ونصفه سماوي
بسبب الخيوط ، كان وين شي عاجزًا تمامًا عن الحركة
جرّب كل وسيلة تخطر بباله ، ومع ذلك لم يستطع جعل
الخيط يرتخي ولو قليلًا
كان الأمر أشبه بأن تشين بوداو قد صب كل طاقته الروحية
في هذه الخيوط القليلة فقط ليقيّده بها
وقف وين شي على المنصة كصنوبر بارد ، ما تزال مستقيم نحو السماء رغم اقتراب ذبوله
و بجانبه تدلت يده اليسرى الملطخة بالدماء التي تنساب
إلى أسفل ، التفت حول عظام أصابعه البيضاء ،
و تجمعت في بركة صغيرة على الأرض
ومع ذلك ، بدا وكأنه قد نسي وجود تلك اليد تمامًا
تباعدت شفتاه المتشققتان ، المائلة إلى الرماد ، قليلًا ، وابتلع مرة :
“ في النهاية ، ذلك الأمر المزعج… كان أنا "
كان حلقه جافًا كالجمر ، وصوته محبوسًا في أعماقه
بالكاد استطاع نطق هذه الكلمات كاملة ،
لكن بسبب اتصال الخيوط ، حتى لو لم يقل شيئ ،
فـ شيه وون سيسمعه على أي حال
اتجهت نظرات شيه وون نحو يد وين شي المتدلية وعظامه المكشوفة ،،، عبس بحاجبيه ،
ورفع يده وكأنه يريد أن يُمسك يد وين شي بلطف بين كفيه
لكن وين شي لم يرغب إلا في إخفاء يده خلف ظهره
كانت حركة بسيطة للغاية ، ومع ذلك لم يستطع فعلها ،
حتى بعد أن استنزف كل طاقته
ثم شعر بلمسة باردة قليلًا على ظهر يده—لمسة مشبعة برقة حزينة
أغمض وين شي عينيه ، وارتجفت شفتاه المشدودة قليلًا
نادى اسمه بصوت مبحوح : “ تشين بوداو … أنزل الخيوط مني ”
شيه وون : “… لا أستطيع ”
كان صوته ما يزال رقيقًا كالماء ، لكنه لم يسمح بأي جدال
وفوراً ، بدأ يسعل مجددًا
لكن على عكس المرات السابقة ، لم يهدأ السعال هذه المرة بسرعة
و استمر السعال المكبوت لفترة طويلة ، ورغم أنه كان
هادئ نسبيًا ، إلا أن كل سعال كان أشبه بسكين ينغرس
قليلًا قليلًا في قلب وين شي
فتح وين شي عينيه ، مثبتًا عينيه بلا تردد على ذلك الشخص
عيناه حمراء حتى بدا وكأن الدم سينزف منهما في أي لحظة
أما يده ذات العظام المكشوفة فكانت ترتجف ارتجافًا طفيفًا للغاية ؛ ربما بلغ قمة الجنون ، أو ربما بلغ قمة الألم
ثم، بعناد يكاد يكون يائسًا، قال:
“ كنت على وشك أن أصل إلى أحجار المصفوفة .
كان فقط ينقصني القليل .”
{ القليل فقط ،،، كنت سأتمكّن من لمس أحجار المصفوفة ،،
و سأتمكّن من إيقافها ...
لماذا كان على تشين بوداو أن يمنعني ؟! }
سعل الآخر طويلاً ثم رفع رأسه
أصابعه لا تزال تستند إلى أنفه ، لكن وين شي قد لمح
بالفعل الاحمرار الداكن الذي لطّخ ياقة رداءه الأبيض الناصع…
في تلك اللحظة ، هبط البرق والرعد معًا فوق قمة جبل سونغيون
جروا أربع دمى عملاقة بقايا أجسادهم وهم يدخلون في حالة هياج
حتى الرياح التي ولّدها طائر الدابنغ ذو الجناح الذهبي لم تتمكّن من صدّهم
كل شيء كان يهتز
وبفعل هذا التمرّد العنيف ، امتلأ الهواء بالغبار والحصى ،
وانحنت أشجار لا حصر لها في أقواس عميقة
لم تتمكّن تشانغ لان والبقية من تجنّب الرياح في الوقت
المناسب ، و كاد أن يُفقأ بصرهم
وعندما أداروا رؤوسهم ، رأوا الدم يقطر من أطراف أصابع
وين شي ومن زوايا فمه
حتى خيوط الدمى الذي يتحكّم به تشين بوداو بالكاد كان قادرًا على تقييده
لو لم يكن يملك سوى شظية من روحه ، لكان على الأرجح قد تحرّر بالقوة بالفعل
انساب صوت وين شي وسط الرياح : “ دعني أذهب !”
ما زال الآخر مفصولاً بالضباب الأسود والخيوط الطويلة ،
لكنه أنزل عينيه وظلّ يحدّق في وين شي طويلاً ،،، طويلاً
مصفوفة تنقية الأرواح لا تزال تعمل بلا كلل ، وكان الضباب
الأسود المضطرب يتدفّق إليه باستمرار
بينما وين شي يشاهد ذلك الشخص يشحب أكثر فأكثر أمام
ناظريه ، حتى تلاشى لون وجهه كلياً
الدم يتسرّب ببطء من خلال بياض ردائه الداخلي ، ليمتزج
مع الأحمر في ثوبه الخارجي
وفي النهاية، بات من المستحيل التمييز : هل كان ذلك
صبغة دمٍ قاتمة ، أم اللون القرمزي الطبيعي للرداء
مع أنه كان واقفًا في نفس المكان ، إلا أن الدم كان يتجمّع
بالفعل في مجارٍ قرمزية عند قدميه
صرخ وين شي : “ تشين بوداو !”
لكنه ظلّ بلا إجابة
: “ شيه وون…”
حدّق به وين شي بعناد ، بعينين حمراء بالكامل ، حتى وهو
يتكلّم بصوت واهن مُبحوح
وأخيراً ، وبين سعالات عنيفة ، مسح الدم عن زاوية شفتيه
بمفصل إبهامه ، بدا وكأنه يود قول شيء ، لكن وين شي
سبقه بالكلام :
وين شي : “ أنا جائع جداً الآن ،،، بوسعي أن أبتلع كل هذا ”
وبعد لحظة أضاف : “ لقد رأيتني أفعلها من قبل .”
لينعكس فجأة لينٌ في نظرة شيه وون
لا يزال بينهما بعض المسافة ؛ ولعلّ هذا ما أوحى لـ وين شي بالوهم أن عيني شيه وون كانتا مليئتين بالمودّة
لكن الأرجح أنه كان مجرّد شفقة عطوفة — من النوع ذاته
الذي يُبديه تجاه كل ما في هذا العالم الفاني
وقبل أن يتمكّن وين شي من فهم ما في عينيه ،
قال شيه وون : “هذا يختلف عمّا كان لديك في الماضي . بمَ تعتبر نفسك ؟”
ابتلع وين شي الدم الذي يغمر حلقه وسأل بصوت ثقيل : “ وماذا عنك إذن ؟ بمَ تعتبر نفسك ؟”
فأجاب شيه وون : “ أنا لستُ مثلك ”
تجمّد وين شي في مكانه : “ بأي معنى ؟”
أسفل رداء شيه وون مغمور بالدم ، ومع ذلك لم يفعل
سوى أن ينظر إليه ،
ساد صمت طويل ثم همس : “ لقد رحلتُ أصلاً ”
ارتبك عقل وين شي … فلم يستوعب ما كان يقوله :
“ أنت… ماذا ؟”
لكن برودة غريبة بدأت تتسرّب إلى جسده ، كما لو أن دلواً
من شظايا الجليد قد سُكب على رأسه
كرّر شيه وون ببطء : “ لقد رحلتُ أصلاً ”
لم يكن ينوي قول أي من هذا أصلاً …
لم يكن ينوي ذلك أبدًا ، ولم يكن لديه الشجاعة لفعل ذلك
لكن وين شي عنيد للغاية ، لدرجة أنه إذا لم يقل شيئ ،
فمن المرجح ألا يتمكن وين شي من التخلي عن الأمر أبدًا
ظل صوته رقيقاً وليناً وهو ينطق تلك الكلمات ،
لكن وين شي أحسّ كما لو أن سكيناً قد شقّ أحشاءه
لم يكن طعناً مباشراً قاطعاً ، بل كان نشراً بليداً ، متواصلاً ،
يمزّق أعماق قلبه شظية بعد شظية ، تاركاً لحماً مدمّى يتساقط
تمتم وين شي بخفوت : “ مستحيل "
أنزل شيه وون عينيه إلى النقوش السنسكريتية المتدفّقة على صدره ،
وإلى حبّات المسبحة المعلّقة على معصمه : “ لم تكن
قادراً على فهم هذه من قبل ، لكن ينبغي أن تستوعبها الآن ولو قليلاً —”
قاطعه وين شي بخشونة : “ لا أصدّق ”
شيه وون : “ مصفوفة الختم تلك أكبر من هذه بكثير ، وأشدّ فتكاً كذلك . كان عليّ أن أختفي منذ زمن طويل ”
وين شي : “ من أنت الآن إذن ؟!”
شيه وون : “ دمية ”
لم يخطر ببال وين شي قط أن هذه الكلمة بالذات قادرة
على زرع كل هذا الرعب والصاعقة في قلبه
أحسّ كأن ثقلاً هائلاً ارتطم به بقسوة ، حتى كاد أن يتهاوى أرضاً
شيه وون : " منذ سنين طويلة جداً…"
كان مغموراً بهالة مرضية خانقة ،، واقفاً شاحباً ، وحيد ، ملطخ بالدماء ،
أشبه بخالد متعالٍ ومنعزل عن العالم—لكنه قد يتلاشى إلى
دخان في أي لحظة
سعل مجدداً لفترة و تابع بصوت مرهق : " قبل أن أجلبك
إلى الجبل ، عندما بدأتُ أولى خطواتي في هذا الطريق…
قادني لقاء صدفة إلى رؤية ( تنبؤ ) كارثة محتومة في قدري بعد ألف عام ،
ورؤية بعض المواقف الصعبة التي ستنشأ بسببي ،،
ولذا …"
مثل جدول الماء ، بدأت النقوش السنسكريتية الممتدة
على نصف وجهه تجري بسرعة أكبر فأكبر ،
وكأنها على وشك أن تنفجر وتتمزق عند قلبه
" ولهذا تركتُ خلفي هذه الدمية كخطة احتياطية ،،
و بهذه الطريقة أتمكّن من معالجة بعض الأمور باستخدام
هذا الوعاء ."
سأل وين شي، بنبرة شبه آلية : " أي أمور ؟"
: " أحدهم استخرج بعض الأشياء التي كانت بداخلي ،
فتبعثرت وانتشرت لتُشكّل دوامات القفص ،،
و كثير من الأشخاص الذين لم يكن من المفترض أن
يتحوّلوا إلى أقفاص قد تأثروا بذلك وسُجنوا ، غير قادرين
على التحرّر…
هذا المكان أيضاً… تشونغ سي و تشوانغ يي
.. بسببي انتهى بهم الأمر إلى هذه الحال ،،،
وبصفتي شيفو لهم ، من الصواب أن أتولّى إنهاء الأمر
وتنظيف الفوضى ،،
وأيضاً…"
بمجرد أن خرجت ' أيضاً ' من فمه ، بدأ يسعل من جديد
ولم يُكمل جملته بعدها
تابع ببطء : " وجود كل دمية يعتمد على وعي روحي . وبالمنطق ،
لم يكن ينبغي لي أن أكون موجوداً هنا بعد الآن .
هذه مجرد بقايا… ولن تستمر طويلاً ."
لقد أمضى عامين وهو يتجوّل في العالم الدنيوي ويضع
حجارة المصفوفات بالقرب من دوامات الأقفاص المختلفة
وبما أنه لم يعد قادراً على فكّ الأقفاص ، لم يكن أمامه
سوى استخدام المصفوفات لإعادة تلك الأشياء إلى أماكنها
الأصلية—كما كان يفعل في تلك اللحظة بالذات
الضباب الأسود يبدو وكأنه يتدفّق إلى وعائه ، لكن في
الحقيقة كان الوعاء مجرّد وسيلة لإعادة الضباب إلى موقع الختم
ومن هناك يمكنه أن يغلقها بروحه ، ثم يرافقها بنفسه نحو السكون
في الحقيقة ، ما قاله وين شي في وقت سابق لم يكن دقيقاً تماماً
إذ كان بالإمكان أن تختفي تلك الأشياء حقاً في العدم ؛
فقط كان لا بد أن يدفع أحدهم الثمن المقابل
{ لقد عشت بما يكفي … بل كان ينبغي أن أتلاشى منذ زمن
بعيد ، مع تلك الأشياء —رماد إلى رماد ، تراب إلى تراب —
منذ اللحظة التي تم ختمي فيها قبل ألف عام
حتى أن المصفوفة الختم لم يعد لها أثر ،
لكن لسبب مجهول … ظلّلت باقياً هنا حتى هذا اليوم ….
لقد حان الوقت … }
—-
فجأة، بدأت مصفوفة تنقية الأرواح بالدوران بسرعة أكبر وأكبر،
واندفع الضباب الأسود نحو شيه وون بزخم ساحق
ومع صرخة الدابنغ الحادة ، اختفى الطائر ذو الجناح الذهبي
داخل الضباب الأسود
أصبح قاع بحيرة تشينغشين الجاف مرئياً بشكل خافت …
مغطّى بالنباتات والأغصان المتشابكة
وتحت شبكة متداخلة من الأغصان اليابسة ، روحان شاحبة
كالموت نائمان بهدوء
كل شيء وقع دفعة واحدة— في اللحظة التي كُشف فيها
تشونغ سي وتشوانغ يي، توقفت مصفوفة تنقية الأرواح عن
العمل بصمت وسط دوّامة هائلة من الرياح
بينما ابتلع شيه وون آخر ما تبقّى من الضباب الأسود ،
بدأت النباتات من حوله تجفّ وتذبل بسرعة
وفي غمضة عين ، كل شيء قد تلاشى
وخلفه ، طوى طائر الدابنغ ذو الجناح الذهبي جناحيه ،
مثل تابع مخلص يقف إلى جانبه حتى النهاية
ما يزال وين شي ممسوك بخيوط الدمى ، لكن تلك القوة
الساحقة قد تلاشت بالفعل
ومع تراخي القيود ، هوى وين شي على ركبتيه
ورغم أنه لم يُصب بجراح خطيرة ، إلا أن ألماً لا يُحتمل كان يتفجّر داخله
في كل مكان جرى فيه دمه — في كل عظم ،
وكل جزء من جلده ولحمه — غمره ألم ثابت لا يلين ، عذاب لا يرحم
قبل زمن بعيد ، علّمه شخص ما شيئاً
قال له : " كونك بانغوان هو عمل شاق ، لا بد أن تشهد فيه
كثيراً من البؤس والمعاناة ،،،
مع مرور الوقت ، ستدرك أن معظم ذلك ينشأ عن رفض وداعٍ الأحبة ...
وحين تفهم هذا ، ستكون قد دخلت ' عالم البشر' "
وفي حياته ، شيّع وين شي عدداً لا يُحصى من الناس ،
وشهد وداعات لا تُعد ولا تُحصى ،
لكن لم يعرف مدى قسوة ذلك التردّد إلا عندما اختبره بنفسه …
ومع ذلك ، كان ذلك الشخص مخطئاً في أمرٍ ما
في الحقيقة وين شي كان قد دخل 'عالم البشر' منذ زمن بعيد
فقط أن الشخص الذي أرسله إلى هناك ظل واقفاً دائماً
خارج حدوده ، لا أكثر…
بينما قبض وين شي أصابعه حتى انغرست عظام يده
اليسرى الشاحبة في الأرض ، حافراً أخاديد من الطين الممزوج بالدماء
لكنه عندما أجبر نفسه على الوقوف ، عازماً على التوجّه نحو
ذلك الشخص ، اكتشف أن ما حوله قد تغيّر
الجبل ما زال جبل سونغيون، والمنصّة الحجرية هي نفسها
كما من قبل
لكن يوجد عدد من الأشكال غير المتوقّعة قريبة منه
كلّها كانت… هو —— نسخ مختلفة منه ——
تجمّد وين شي في مكانه ، مذهولاً ، ينزف دماً ، في بيئة
مألوفة وغريبة في الوقت نفسه — وحدّق في تلك الأشكال
مضى وقت طويل و بعدها ، ارتجفت أصابعه قليلاً بسبب
شيء كان لا يزال متّصلاً به
وعندما خفَض رأسه ، رأى خيوط الدمى المتشابكة التي لا تزال تقيّده—الخيوط القادمة من
الشخص الواقف خارج عالم البشر
وفجأة —— ، فهم كيف وُجدت هذه النُسخ منه ...
عندما يرتبط الدمية بخيط الدمية ، يتّصل وعي السيد
الروحي بوعي الدمية
تشين بوداو الآن ضعيف للغاية ، ولم يعد قادراً على حجب
تلك النقاط من الاتصال
ولهذا ، أصبح وين شي يرى العالم بعيني شيه وون …
هذه أوهام ، كثيرة بما يكفي لتجعل المرء عاجزاً عن التمييز
بين الواقع والخيال
هؤلاء شياطين القلب ، الذين لم لم يتم تبديدهم أبداً
منذ اللحظة التي ظهروا فيها أول مرة …
يتبع
وين شي واجه وتخلص من شياطين قلبه المتعلقة بشيه
وون لأن تركها يفضحه
بينما شيه وون ما قدر يتخلص من شياطينه الخاصة لأنه ما
كان قادر يواجه مشاعره أو يقطع ارتباطه —-
بطريقة أخرى —
وين شي معترف بوجود روابط دنيوية ( مشاعر ) لا يستطيع
التخلي عنها وهي مشاعر حبه لـ شيه وون
لكن شيه وون —- ظل يحاول الإنكار ولم يواجه شياطينه عشان موجودين مااختفوا
للتنويه — في الروايات الزراعية —- طريقة الزراعة ' طريق التدريب للوصول للخلود ' له أنواع ومنها ( طريق ' بلا ارتباطات وبلا عوائق ' ( بلا مشاعر ) الطريق الي يتبعه تشين بوداو ذُكر مرتين في الفصول الاولى )
جملة 红尘 ' عالم البشر' يُشير إلى الحب والكراهية والروابط والقيود الدنيوية وكل ما يجعلك إنسان و في طريق
الخلود في الروايات الصينية لا بد أن تتخلى عن هذه الروابط للوصول لأعلى المراتب
تعليقات: (0) إضافة تعليق