القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch96 بانغوان

 Ch96 بانغوان


في فناء مقرّ عائلة تشانغ —-

انشق باب المصفوفة فجأة خلال الهواء ، قاطعًا بُعد أفقي 

بين السماء والأرض ، أشبه بفمٍ هائل لوحشٍ هاوٍ في الأعماق


ما إن خطا وين شي خارج البوابة ، حتى اجتاحه تيار عاصف 

من الرياح الحارقة ، يكاد يكوي جلده


وفي اللحظة نفسها ، يوجد هطول مطري غزير


في ثانية غرق جسده حتى العظم ، وفي الثانية التالية تهب 

موجة من الحرارة المتدفقة لتجفّف ثيابه


شراراتٌ اندلعت من السماء وامتزجت بالرياح مثل ألعاب نارية ، 

لتنساب متشابكة في شبكةٍ تغطي المكان


وفي السماء ، عدة أجسادٍ ضخمة شاحبة متداخلة معًا—

سريعة كالعاصفة ، شبه مستحيلة الرؤية بالعين المجرّدة


لكن الضجة التي أثاروها كانت كافية لتهزّ مقر عائلة تشانغ 

بأكمله ، بل والأرض المحيطة به أيضًا

 

دا دونغ : “ اللعنة !” غطى رأسه بذراعيه

وما إن قفز خارج البوابة ، حتى بدأ يتمايل بفوضى وهو 

يحاول تفادي الشرارات : 

“ لماذا بدأوا القتال فوراً ؟!”


وبحكم كونه سيّد دُمى ، أطلق خيطه لا شعوريًا


صاح وين شي بحدة : “ لا تفعل شيئ !”


لكن الأوان كان قد فات


فقد انبثق جناح طائرٍ ذهبي ضخم من نهاية الخيط ، 

اندفع في الهواء محاولًا صد بعض الشرارات عن سيده


بزئيرٍ مدوٍ ، هوى عمود من اللهب المتلاطم كالتنين الهائل ، 

ضاربًا الطائر—الذي لم يكتمل تشكّله بعد—فدفعه مباشرة 

إلى الأرض ،

أطلق الطائر صرخة حادة ثم تبدد واختفى


صرخ دا دونغ على الفور من الألم ، وعرق بارد يتصبب من جسده


لأن الدُمى وأسيادها مرتبطون بالوعي الروحي، فعندما 

تتعرض الدمية لضربةٍ قاسية، ينتقل الألم إلى السيّد بدرجةٍ ما


والأسوأ أن دمى القتال بطبيعتها خطيرة ؛ ففي لحظة حرجة 

قد تبدأ حتى بامتصاص وعي سيدها الروحي لمجرد أن تطيل عمرها قليلًا


ولهذا السبب معظم المستخدمين يقيدون دماهم بسلاسل 

للسيطرة عليها بأقصى قدر ممكن ،

الاستثناء الوحيد هو وين شي في ذروة قوته ، وتشين بوداو 


وطبعًا دا دونغ لم يكن في ذلك المستوى


فحين تحطّم طائره تحت ضربات التنين الناري ، 

ترنح وكاد يسقط ، وكأن مقذوفًا ثقيلًا اخترق جسده 


و بدأ التنين بابتلاع خيوط دميته ، فتوترت الخيوط فجأة 

وكادت تسحبه بعنف للأمام—


و واحدة من تكوينات حديقة الصخور انشطرت نصفين ، 

فغدت حافتها حادة كالسيف


انثنى مرفق دا دونغ تحت قوة السحب ، وصوت طقطقة عظمٍ دوّى ، 

ليمتزج على الفور مع ألمٍ طاغٍ اخترق ذهنه


وقبل أن يصرخ ، لمح طرفًا مسننًا من التكوين الصخري 

يتجه مباشرةً نحو عينه


{ لماذا بحق السماء شاركت أصلاً ؟!

سوف يُثقب رأسي ! }


هذه الأفكار الوحيدة التي ومضت في ذهنه مع اتساع عينيه فجأة—


وقبل أن يتمكن من إغماض عينيه، شعر بظلٍ أسود هائل 

يجتاح وجهه بسرعةٍ خاطفة ، يخترق الهواء كالبرق ، 

حاملاً معه رطوبة الليل المكثّفة ورائحة الحديد الباردة


الرياح التي أثارها الظل قذفته للخلف متدحرجًا


وبينما الدنيا تدور حوله ، لمح يد تمتد من خلفه لتغلق 

بسهولة على خيط دُماه ، 

وعندما انقبضت الأصابع فجأة ، برزت عظام اليد بحدة واضحة


ثم سمع طائره يطلق صرخة طويلة ، و توهج فجأة من 

جديد ، كأنه استعاد كل حيويته دفعة واحدة

 

و بعد لحظة ، عاد أدراجه إلى خيطه ، سليمًا تمامًا


لكن في اللحظة التالية ، ارتطم وعيٌ روحي قوي بدا دونغ 

كما لو أن عاصفة اجتاحت جسده


قوة الاصطدام دفعته للخلف عدة أمتار ، وهو ما يزال يقبض 

على خيطه بيد، ويشد ذراعه المصاب بالأخرى


وعندما رفع رأسه ، وقعت عيناه على جانب وجه وين شي


شعره مبعثرًا بفعل العاصفة ، وحاجباه معقودان قليلًا ؛ 

ملامحه أنيقة لكنها حادة ، كحدّ السيف


الشخص الذي ساعده على استرجاع خيطه لم يكن سوى وين شي


أما الظل الذي اجتاح وجهه ، وحطم التكوين الصخري قبل 

أن يعلو في السماء وسط صرخات الرياح ، فكان دُمى وين شي


: “ ارجع.”

قالها بإيجاز وهو يحرر خيط دا دونغ ، ثم قلب معصمه بخفة


وفي اللحظة التالية ، اندفع الثعبان العملاق الأسود نحو المعركة


التفّ وانثنى في الهواء كأنه سلسلة جبال متصلة تمتد لمئات اللي، 

يخلّف وراءه دمار


الغيوم العاصفة التي غطت السماء تمزقت إلى أشلاء متناثرة ، 

أشبه بأمواجٍ زبدية تتحطم على الشاطئ لتتلاشى فجأة


اندفع الثعبان مباشرة نحو التنين الناري


وكأنه قطعة فولاذ ضخمة ، شق الثعبان طريقه وسط بقية 

الدمى و اصطدم مباشرةً بالتنين 


دوّى في الأجواء صوت معدني حاد ، كأن الفولاذ يضرب الفولاذ ، 

صاخب لدرجةٍ جعلت الجميع يشعرون وكأن إبرًا حادةً تخترق طبلة آذانهم


تلك اللحظة بدت وكأنها امتدت إلى الأبد—


و وسط اللهب المشتعل عاليًا في السماء ، انفتح فم الدمية


و تحت ستار الليل ، لمع بريق أنياب الأفعى بضوء النيران المتراقصة ، 

وتقلصت حدقتاها إلى شقين رفيعين ، 

مثل شقوقٍ للجحيم داخل قزحية ذهبية


في مواجهة النيران ، أطلق هسيس عميق ، و ارتفع حواف 

حراشفه فجأة كمسامير حادة متراصة


وفي الثانية التالية ، أطبق فكّيه على رأس التنين الناري ، 

وبحركةٍ حاسمةٍ سريعة—سريع كالسهم في الرياح —التهمه كاملًا


اندفعت ألسنة اللهب بجنون داخل جسده ، 

والضوء يتسرب عبر جلده الصلب وحراشفه ، 

و توهج بلونٍ ذهبيٍ أحمر من الرأس حتى الذيل ، 

كأنه قطعة فولاذ مصهورة توشك أن تشتعل في أي لحظة


ارتجف فك وين شي قليلًا ، وانقبضت أصابعه على خيطه، 

وصوت قرقعة خافت صدر من مفاصله


خلفه ، شهق كل من دا دونغ وشيا تشياو بصوت عالٍ ثم صرخا بتحذيرٍ في نفس الوقت :


“ غااااا انتبه !”

“ لا يمكن—”



قاطعهم وين شي بصوت منخفض وعميق : “  لن يموت ”


وبينما يتكلم ، اندلعت ألسنة اللهب الحمراء الذهبية من 

بطن الأفعى العملاق ، متدفق من بين كل حرشفة متشققة ،

وخلال لحظة واحدة ، تغيّر الأفعى الهائل — الذي بدا كأنه 

سلسلة جبال ممتدة—كليًا


بدأ ينساب في الهواء وهو مشتعل ، 

تتدفق النيران من جسده ،

الغشاء القاسي الذي غطى نتوءين غريبين على ظهره انسلخ 

تحت لهيب النيران ، 

لتتكشف تحته عظام حادة مسنّنة


وفي اللحظة التالية ، وعلى خلفية السماء المعتمة ، 

اندفع اللهب على طول الإطار العظمي ليشكل جناحين ناريين طويلين


وما إن انبسط الجناحان حتى أضاء العالم من حولهما بسطوع باهر


: “ هذا…” تمتم دا دونغ بدهشة


في مواجهة الرياح المجللة باللهب ، ضيّق شيه وون عينيه قليلًا ، 

وألقى نظرة على الظل المشتعل الذي لم يره منذ وقت طويل ، وقال :

“ إنه التنغشي الحقيقي .”


هذا أول دمية علّمه كيف يصنعها خطوة بخطوة ، 

وكانت أيضًا أكثر الدمى التي استخدمها وين شي


في المرات الأولى التي بسط فيها التنغشي جناحيه وشق 

السماء متوشحًا بالنيران ، 

كان وين شي ما يزال صغيرًا ولا يستطيع أن يستمر في 

استدعاء دمية بهذه الضخامة لوقت طويل ،

كان يتشبث بخيطه بملامح متصلبة ، حتى مع ظهور علامات 

الإنهاك الشديد عليه، لكنه يواصل بصلابةٍ عنيدة


حينها ، كان تشين بوداو يسخر منه دائمًا قائلًا :

“ إذا احتجت المساعدة ، ما عليك سوى أن تناديني بـ شيفو "


لكن كرة الثلج الصغيرة كانت تجيب دائمًا :

“ لا "


لاحقًا ، حين بلغ وين شي أشده ، كان يقف طويلًا ونحيلًا على 

قمة تطل على بحر من النيران ، 

والخيوط الطويلة تلتف حول أصابعه ،

حتى عندما كان يسيطر على اثنتي عشرة دمية قتال عملاقة 

في آن واحد ، لم يكن يهتز أبدًا


وكان تنغشي دائمًا يحلق في أعالي السماء — يلتف حول 

الدابنغ الذهبي الضخم ، وينساب بين دا جاو وشياوجاو ، 

ثم يخترق الغيوم ويختفي في الأفق، على وقع زئير النمور…الدميتان تشاو



تلك السنوات مرّت وكأنها رمشة عين

وها هما الآن ، بعد ألف عامٍ أخرى


لقد مضى وقت طويل جدًا منذ آخر مرة شهد فيها شيه وون هذا المشهد


لدرجة أن حتى هو نفسه وجد قلبه مذهولاً ومعجب للحظة ، 

مذهولاً بسحر تنغشي المشتعل ،


أبعد بصره عن الهيئة المتوهجة ، وألقى نظرة على وين شي


اجتاحه شعورًا بشريًا خالصًا : حنين بلا سبب ولا منطق ، 

تأخر كثيرًا بسبب سباتٍ عميق فرضته الأختام ، 

سبات لم يعرف فيه حياة ولا موتًا ،

لكن في هذه اللحظة ، عاد الحنين فجأة ليغمره ، بلا حدود ، 

مثل ضباب الجبال ،


أغمض وين شي عينيه للحظة قصيرة


وتحت انعكاس توهج النيران ، حتى الفراغات الصغيرة بين 

رموشه تزينت بالضوء 


عندها، التقط نظرة شيه وون ، فتوقفت يداه لحظة عن 

التحكم في دميته وهو يسأل بصوت منخفض:

“ ماذا تفعل ؟”


شيه وون : “ أشتاق إلى أحدهم ”


وين شي: “…مَن ؟”


شيه وون ، وهو يسحب نظره : “ ثلج جبل سونغيون "


وبهذا الرد ، اهتزت أصابعه قليلًا


ظهر اثنين من الوحوش البيضاء الضخمة يخترق السماء 

فوق الفناء الخلفي


يتفاديان بسرعة نيران التنغشي المشتعلة ، ومخالبهما 

الحادة تمزق بقية الدمى المتشابكة إربًا


تناثرت الشظايا الممزقة من السماء مثل شهبٍ ساقطة—

ومن بين الشظايا ، تلألأ وعي الدمى الروحي بوهجٍ أزرق جليدي


أما بقية العائلات فقد تبعوا وين شي والبقية عبر بوابة المصفوفة


وعند خروجهم من العتمة ، استقبلهم هذا المشهد


في هذه اللحظة ، شعر كل متخصص في الدمى بشعورٍ 

مماثل ، رؤوسهم تقشعرت ، وكأن الدمى التي مزقتها تلك 

القوة الساحقة ليست إلا دماهم الخاصة


اخترق السماء صراخٌ مروّع ، مزلزل


ارتجت الصدمة في صفوف الحاضرين


وبينما تشانغ لان تستعيد توازنها ، ارتطم أحد الشظايا 

الكبيرة بالأرض أمامها بـ دويٍ ضخم


و تدحرجت سلسلة عن الشظية بصوتٍ معدني ، وعلى 

السلسلة كان نقش تعرفه جيدًا


وما إن ركّزت نظرها على الرمز ، حتى ذبلت الشظية 

والسلسلة معًا لتتحولا إلى أغصانٍ يابسة


: “ يالين…” اتسعت عينا تشانغ لان فجأة، والتفت رأسها 

باتجاه الصرخة : “ تشانغ يالين !”


تلك كانت دمى تشانغ يالين ——-


الصرخة كانت مبحوحة لدرجة أن الصوت الأصلي لم يعد يُميَّز ، 

لكن لم يكن أحد في مزاج يحاول تمييزه ،


وين شي : “ تشانغ يالين…” و ألقى نظرة على تشانغ لان

التي كانت دومًا تتصرف بثقة مهيبة ، لكن في هذه اللحظة ، 

وجهها شاحب كالرماد ، تمايل جسدها قليلًا واندفعت 

راكضةً نحو مصدر الصرخة ، و خطواتها متعثرة ومضطربة 

بفعل الهلع الجارف الذي غمرها


لم يُبدِي وين شي أي دهشة تجاه هذا التطور المفاجئ، 

لكنه مع ذلك ازدادت برودة ملامحه


وبعد أن تبادل نظرة مع شيه وون ، خطا بخطوات سريعة 

باتجاه الغرف الداخلية


لكن في هذا الوقت ، أصبح تصميم إقامة آل تشانغ أنقاضًا مشوّهة ، 

بما فيها ذلك الجزء الذي ربما كان يُسمى سابقًا ' الغرف الداخلية '


الغبار والركام ملأ البنايات والأفنية ، التي على وشك الانهيار 

تحت وطأة الشقوق المتعرجة التي مزقت الأرض والجدران


وبينما يمرون بجوار الأثاث المقلوب والممرات المكشوفة شبه المدمرة ، رأوا أن التنغشي قد لفّ نفسه حول الإقامة 

بأسرها ،

رأسه ممتدًا من الأعلى ، محيطًا بالسكن بأكمله ، 

وسط النيران التي غلّفت جسده ،


ولم يكونوا قد اقتربوا بعد ، حتى أحسّوا بجلودهم تكاد 

تحترق من موجات الحرارة اللاهبة


كجبلين ، وقف نمران ثلجيان اللون على جانبي الأبواب 

النصف منهارة ، في وضعية استعداد للهجوم


أحد النمرين قد داس شخص تحت مخلبه الحاد، الذي تلألأ 

طرفه البارد كحد النصل


المخلب ضاغطًا بدقة على صدر ذلك الشخص ؛ بدا وكأن 

النمر ما عليه سوى أن يضغط قليلًا ليُسحق الرجل تحت 

وطأة القوة، ويُثقب قلبه مباشرة


كان يلهث بعنف ، يداه مشدودة على المخلب المغروس في صدره ،

و أصابعه مقيدة بخيوط الدمى ، و تناثرت حوله كفوضى مشوشة


انتفخت عروقه على رقبته ، ووجهه —الذي كان يومًا ما 

رقيق الملامح وأنيق —قد احمرّ تمامًا بفعل الضغط الرهيب والإصابات البالغة


وبينما يتلوّى ، انزلق الحبل الأسود المربوط حول عنقه جانبًا ، 

كاشفًا عن عظمة إصبع بيضاء تلمع من تحت ياقة قميصه ،


——  تشانغ يالين


عند رؤيته ، عقد وين شي حاجبيه قليلًا ، وبشكل لا إرادي 

قبض على مفاصله يدلكها


: “ يالين—!” صاحت تشانغ لان من الجانب بخوف وذعر


شحب وجهها أكثر ، وانطلقت لتندفع نحوه


لكن سلسلة من الطَّرقات المعدنية دوّت فجأة—صفوف 

من خيوط الدمى غُرزت في الجدران المتداعية ، 

لتشكل حاجزًا هبط أمامها ، قاطعًا طريقها


الأجواء القمعية المنبعثة من الخيوط أجبرتها على التراجع 

بضع خطوات مذعورة


قال وين شي بصوت منخفض : “ لا تذهبي!”


: “ لكن…” توقفت تشانغ لان مضطربة ، وما إن فتحت فمها 

لتتكلم، وكأنها تريد أن تقول شيئ ، حتى وقعت عيناها على 

الجسد المحاصر قرب النمر الأبيض الآخر


يرتدي سترة حرير تقليدية صنعت بعناية


القماش البني الداكن كان مزخرفًا بتطريزات فضية باهتة، 

نقشها لم يتغير طوال عقود — دائمًا ظلال صنوبر وجبال بعيدة —- مظهره العام أضفى عليه صرامةً وجمودًا


و ذلك هو ——  جدّها تشانغ تشنغتشو



لم يمضِ وقت طويل على وقوفه في مركز نواة المصفوفة، 

متكئًا على عصاه محاولًا امتصاص واستيعاب وعي الجميع الروحي


لكن ها هو الآن، ساقطٌ على الأرض، بلا حراك، مغطى 

بالتراب ككومة بالية من الخِرَق


لم يبدُو كمن أغمض عينيه للتوّ إلى الأبد ، بل بدا أشبه بمن 

دُفن في الأرض منذ سنوات لا تُحصى


عينَا تشانغ لان تنقلت بين الجسد المتهالك وتشانغ يالين ، 

و استقرت أخيرًا على الشخص الواقف خلف حاجز خيوط الدمى


لم تجرؤ حتى على الرمش ، و غرزت أظافرها في راحتيها بقوة


أما بقية العائلات فوقعوا جميعًا في ذهولٍ كامل


لم يخطر في بالهم سوى احتمال واحد لما شهدوه —

لا بد أن تشانغ تشنغتشو —— وهو يدرك أن جسده المسن 

لن يصمد طويلًا ، قد لجأ إلى حفيده وحاول باستخدام 

تقنية شريرة أن يستولي على جسد تشانغ يالين


لا يجهلون وجود مثل هذه التقنيات الشيطانية — 

لكن ضررها على نقاء المرء وزراعته الروحية كان فادحًا ، 

كما أنها مثير للازدراء الشديد


وحتى لو نجا المستخدم ، فإن كل يوم يعيشه سيكون عذابًا مستمرًا


لذا اعتقدوا دائمًا أن العاقل لن يجرؤ على اختيار هذه الطريقة …


لكن لم يتوقع أحد أن يختبروها بأنفسهم في يوم ما مع تشانغ تشنغتشو


: “ تشنغتشو، أنت…” اتسعت عينا العجوز لوو وقد تملكته الصدمة


شد رئيس عائلة يانغ كلماته ببطء : “ ليس واضحًا من هو في هذه اللحظة ،،

إن كانت هذه فعلًا تقنية تبادل الحياة الشريرة ، فإن لحظة 

الانتقال هي الأشد اضطرابًا… لا أحد يعرف إن كان هذا 

تشانغ تشنغتشو أو تشانغ يالين الآن .”


هتف أحدهم : “ إذًا ربما يمكن إنقاذه بعد !”، وهمَّ بالتقدم، 

لكن شخص آخر مد يده ليوقفه


: “ تمهّل—”




تحت مخلب النمر الضاغط ، سعل تشانغ يالين بضع 

سعلات مبحوحة ، بينما ينساب الدم من زاوية فمه


بذل جهدًا ليحرك رأسه

عيناه الداكنة تركزت أولًا على وين شي، وشفاهه الملطخة 

بالدماء فتحها قليلًا ، لكن لم يقدر أن ينطق بكلمة


ثم تحولت نظرته إلى الجانب ، لتتوقف للحظة عند شيه وون ، ثم اتجه أخيرًا على تشانغ لان


رمش كم مرة ، و فجأة ، بدا وكأنه فقد قوته ، 

فترك رأسه يسقط على الأرض وهو يهمس بصوت مرتجف: “ جي…”


ارتجفت تشانغ لان


زفر تشانغ يالين بضع أنفاس متقطعة أخرى، وابتلع بصعوبة وقال :

“ لقد خُدعنا…

يا للغباء… أن نُخدع كل هذه السنين .”


و على الفور احمرّت عينا تشانغ لان : “ يالين…”


لكن تشانغ يالين ظل يحدق في السماء ، قبضته مشدودة 

على المخلب حتى برزت عروقه ، وكأنه كان يقاتل شيئًا 

يمزقه من الداخل


استمر الصراع لفترة طويلة ، و بدأت قبضته بالتراخي ببطء


: “ تلك… تلك الذكريات…” جاء كلامه متقطعًا ، يقطعه بين 

الحين والآخر لهاثٌ حاد، وكأن كلماته تُختنق وسط الدم 

المتجلط في حنجرته : “ هل حدثت فعلًا…؟ 

تلك التي كنا نرددها دائمًا ، بجانب… بجانب النهر ، 

حين قرصني السرطان في إصبعي ، فقال…”


ضغط عينيه بإحكام ، وكأنّه ابتلع كمية أخرى من الدم ، 

ثم أصبح صوته أوضح قليلًا :

“ قال : اليدان هما أثمن ما يملكه سيد الدمى ”


وكأن قواه قد استُنزفت تمامًا ، و انزلقت يداه من مخلب 

النمر وسقطت بقوة على الأرض بجانبه ، متشابكة بخيوط 

الدمى المتسخة بالتراب ،

أصابعه ترتجف قليلًا وهو يكرر بصوت مبحوح:

“ اليدان… هما أثمن ما يملكه سيد الدمى ”


حدّق وين شي في أصابعه — و فجأة ، شعر أن شيئًا ما غير طبيعي


وفي اللحظة التالية ، شعر بشخصٍ يقتحم خيط دماه بقوة


حين التفت ، رأى أن تشانغ لان قد انهارت بعد سماعها الجملة الأخيرة

و تجاهلت تمامًا حاجز خيوط الدمى الذي يعترض طريقها، 

واندفعت بكل قوتها نحو تشانغ يالين


رغم أن الضغط الساحق المنبعث من الخيوط قد خلّف 

عشرات الجروح الدامية في جسدها ، 

إلا أنها بدت وكأنها لا تشعر بأي ألم ،

و كل تركيزها منصبًا على تشانغ يالين ، العالق تحت مخلب النمر


سمعته يقول 


: “ جي … إنه في جسدي الآن ، ويريد أن يحلّ مكاني… 

لقد… لقد كبحتُه ، لكن لا أستطيع أن أؤذيه ،،

تعالي… ساعديني ،، هل تستطيعين مساعدتي ؟”


: “ حسنًا ! حسنًا—” ألقت تشانغ لان بنفسها نحوه بجنون :

“ يالين، يالين، فقط تمسّك قليلًا بعد !”


ورمت بتعاويذها—


الغيوم الهائلة احتشدت في السماء فوقهم، تتخللها 

قعقعات رعد مفاجئة


ومع قوة لا يمكن إيقافها ، اندفعت الغيوم بسرعة في الاتجاه 

الذي أشارت إليه تعاويذها، فحطّمت الجدران عند 

الاصطدام، ساحقةً التعاويذ إلى غبار


وبقوة العاصفة العاتية ، سقطت لفافة من أحد الجدران 

المنهارة بضوضاء مدوي


تدحرجت حتى توقفت أمام الحشد ؛ ولم تتمكن النيران 

المستعرة ولا الصواعق المتساقطة من إحراقها


تلك هي لوحة سجلّ الأسماء التي زيّنت جدران قصر آل تشانغ لسنوات طويلة


صرخ أحدهم فجأة بذهول : “ لقد أضاءت !”


: “ ما الذي أضاء ؟”


: “ اسم السلف !”

 

: “ إذا أضاء اسم السلف فهذا يعني أن كارثة وشيكة 

الحدوث !” تذكّر أحد الشباب القصة المتداولة ، و على 

الفور، انطلق الهمس في صفوف الحشد—فلم يكن ثمة 

شك أن التحذير يشير إلى ما يحدث الآن


تلك النظرية المرتبطة باللوحة انتقلت عبر الأجيال لآلاف السنين


وبما أنها ' تأكدت ' مرارًا ، لم يشكك أحد يومًا في صحتها


لكن في هذه اللحظة ، وبينما بعض رؤساء العائلات وكبار السن يتأملون الاسم المضيء ، 

مستحضرين كلمات الشاب التي ترددت في الهواء ، خطرت في أذهانهم فكرة مرعبة…


لكن قبل أن تكتمل الفكرة ، شقّ صوت آخر جلبة الهمسات


: “ من أين سمعتم مثل هذا الكلام ؟ 

كان يوجد سببان فقط لابتكار لوحة سجلّ الأسماء : 

أولًا ، لكي يتمكن الخلفاء من تتبع جذورهم وتذكر أصلهم . 

وثانيًا ، لكي يتعاون الأحياء ويساعدون بعضهم بعضًا وقت 

الشدة ، فلا يجدون أنفسهم وحدهم وبلا سند في الظروف الخطرة ،

لم يحدث قط أن امتلكت اللوحة القدرة على التنبؤ بالشؤم أو الخير "


وحين التفت الجميع باتجاه الصوت ، أدركوا أنه كان تشو شو من يتحدث




قبل هذا كله ، كان جميع الشباب وكبار السن يعتبرونه 

مجرد مراهق غير مهم، سواء عرفوه بالفعل أم لا


فبعد كل شيء ، لم يكن اسمه على لوحة سجل الأسماء ، 

ولم يكن جزءًا من الفرع الرئيسي لعائلة تشانغ ،

وبناءً على هذا ، لم يأخذوه على محمل الجد


ولكن قبل دقائق قليلة فقط ، شاهدوا جميعًا مذهولين ذلك 

المراهق غير المهم وهو يضع أحجار المصفوفة على الأرض 

بسهولة ثم اخترق على التوالي الحواجز الثمانية المحيطة 

بمقر عائلة تشانغ المحصن ، مفتتحًا بوابة المصفوفة بالقوة


باستثناء بو نينغ-لاوزو — لم يكن هناك أي احتمال آخر 


وبالإضافة إلى ذلك ، لوحة سجل الأسماء — التي 

استخدموها العائلات لآلاف السنين—قد صمّمها بو نينغ بنفسه


: “ إذا لم تكن تتنبأ بالحظ أو النحس ، فماذا يعني حين يضيء اسم أحد الأسلاف —”


: “ يعني أنهم أحياء "


كان كلامه كالصاعقة في يوم صافٍ ، أصاب الجميع مباشرة على رؤوسهم، 

مُحدثاً موجة من الصدمة والرعب تجتاح الحشد


شاهدوا بو نينغ وهو يلتقط لوحة سجل الأسماء


الاسم المضيء حاليًا على اللوحة كان موجود في مقدمة 

فرع عائلة تشانغ


كثير منهم قد شاهدوا هذا الاسم يضيء فجأة من قبل ، 

رغم أنه كان يختفي بعد وقت قصير


كانوا يظنون دائمًا أن ذلك نوع من التحذير ، لأن كل مرة 

يضيء فيها الاسم ، كانت أحداث محددة تتوالى بلا فشل


المرة الأخيرة التي حدث فيها ذلك ، توفي تشانغ يانشان—

الوريث الأصلي لعائلة تشانغ ، 

وأيضًا والد تشانغ يالين وتشانغ لان—داخل قفص دوامة ، ولم يُرَى مجدداً ،


هذا الاسم الذي أضاء — يعود لأقدم أسلاف عائلة تشانغ : تشانغ دايوي 


و في لحظة ، بدأت كل القطع تتجمع في أذهانهم ——


لا عجب أن هناك قاعدة غير مكتوبة تلزم كل نسل مباشر 

لعائلة تشانغ باحترام وصايا أسلافهم ودراسة الفنون 

المختلطة مثل أسلافهم ، تشانغ دايوي


لا عجب أن يتولى رئيس العائلة القادم مهامه دائمًا عند سن الخامسة والثلاثين ؛ 


لا عجب أن الرئيس السابق لم يؤخر تسليم المنصب أبدًا ،


لا عجب أن يبدو كل رئيس جديد أنه يكتسب بعض العادات 

الصغيرة التي كان يمتلكها أسلافه بعد توليه منصب الوريث ،


ولا عجب أيضًا… أن الدمية ك آ-تشي يتبع كل رئيس عائلة 

بلا حقد أو ضغينة — مرافق استمر لألف عام



لأن الشخص الذي يحتل جسد تشانغ يالين لم يكن تشانغ 

تشنغتشو على الإطلاق ، 

أو بالأحرى لم يكن تشانغ تشنغتشو الذي عرفه العجوز لوو 

والآخرون في شبابهم . لا —— كان تشانغ دايوي ——


و اسمه مضاءً حاليًا ، فهذا يعني …



: “ جي … ساعديني ….” ارتجفت أصابع ' تشانغ يالين '

وتدحرجت مرة أخرى ، وخيوط الدمى مشدودة حول مفاصله بإحكام


مع اثني عشر تعويذة صفراء تدور حول  تشانغ لان  قامت 

بتفعيل درع الجرس الذهبي وصدمة الرعد المتواصلة


ومع اندفاعها للأمام باندفاع متهور ، حفرت صواعق الكهرباء طريقها ، 

مصحوبة بأصوات رعدية متفجرة


وفي الوقت نفسه ، سقط جرس قديم ضخم من السماء في 

محاولة لحماية الأخوين بداخله —


سحب وين شي على الفور حاجز خيوط الدمى ثم ألقى

الخيوط مجدداً بحركة معصم


مزقت الخيوط الطويلة الرياح واخترق البرق ، متجهاً 

مباشرةً نحو تشانغ لان


وعند وصولها إليها ، التفّت حول جسدها وجذبتها بشدة إلى الوراء


تمامًا حين كان الجرس القديم على وشك إكمال هبوطه، 

دوّى صوت ضخم—


اشتدت خيوط الدمى حول تشانغ لان، واتسعت عيناها فجأة ،


هبت رياح عنيفة—نوع الرياح الناتجة عن الاصطدام— على 

وجهها ، حاملة معها رائحة الصنوبر والخشب التي لا توصف


ومع هذه الرائحة ، أصبح رأسها صافٍ وواضح




جناحي طائر الدابنغ ممتدين أمامها، شاسعين كالسحب والبحر


عندما صدم الجرس جناحيه ، تبدد الجرس على الفور في 

رذاذ من الذهب المتفتت


{ لماذا اندفعتُ إلى الأمام ؟


ماذا أفعل ؟ }


اجتاحها الإدراك فجأة بينما تُسحب للخلف بواسطة خيط 

دمى وين شي— لقد كرر ' تشانغ يالين ' تلك الجملة المغروسة مجدداً :

“ اليدان هما أثمن ما يملكه سيد الدمى "

كانت الطريقة نفسها التي استخدمها تشانغ تشنغتشو سابقًا 

لخداعها وتشانغ يالين وفقدان السيطرة


لكن بما أنه غيّر وعاءه ، فقد وقعت في الفخ مجدداً


لم تصل لان إلى أخيها يالين ، لكن شيه وون كان عنده

انحنى إلى الأمام وقال : 

“ يمكنك التوقف عن مناداة أختك الآن ، فأنا هنا بدلاً منها.

خداع شخص مرة أمر ، لكن تكرار الخداع نفسه — 

ذلك يصبح مملًا قليلًا .”


كان ' تشانغ يالين ' ضعيفًا في الأصل ومصابًا بتشنجات، 

لكن عند رؤية شيه وون ، اتسعت عيناه على الفور وتغير 

سلوكه بالكامل ——- امتلأت نظراته بمجموعة من 

المشاعر : رهبة مختلطة بالغضب ، 

خوف ممزوج بالانزعاج ، 

وفوق كل ذلك —- شيء يشبه الكراهية قليلًا 


ظلّت عيناه مركزة على شيه وون ، 

رغم أنه بدا خائفًا قليلًا من النظر إليه ،

ثم فجأة ، صدم يده المربوطة بالخيط الأرض بعنف —


دوي دوي دوي دوي —


رنّ صوت تشقق الأرض في الهواء بسرعة متتابعة ، 

وبدأ منزل تشانغ بأكمله بالاهتزاز والارتعاش بينما اندفعت 

مئات الأشواك الطويلة من الأرض


رغم أنها تكونت من الطين والحجر ، إلا أن كل شوكة حادة كالسكين


كان واضح أنها مصفوفة ، لكن لم تكن هناك أي علامات 

على إعدادها أو تفعيلها


ونتيجة لذلك ، تفاجأ الجميع تمامًا


انطلقت دمية التينغشي الملفوفة حول المباني والنمور البيضاء ، 

بما في ذلك النمر الذي كان يثبّت ' تشانغ يالين ' إلى المصفوفة ، لكنه كان متأخر قليلًا جدًا


“ آآآه—”


و فاجأةً ، انقضّت الأشواك على الحشد مباشرةً


اندفعت الشفرات الحادة من الأرض مباشرة للأعلى ، مثبتة 

الأقدام وأحيانًا حتى أجساد كاملة ، وظهرت من رؤوسهم بأصوات فرقعة مبللة


و تناثر اللحم والدم في كل مكان ، وملأت رائحة معدنية قوية الهواء على الفور


وبحلول الوقت الذي وصلت فيه الأشواك إلى أعلى السماء ، 

كان قد تم اختراق معظم الأشخاص تقريبًا من خلالها 


رغم صراعاتهم وعويلهم ، سقطت أيديهم في النهاية بضعف و تساقطت جداول الدماء الطازجة على الأشواك في 

مجاري متعرجة ، مغطية الأرض باللون الأحمر


تحوّل الفناء الرئيسي لمنزل تشانغ، الذي كان يضم حدائق 

صخرية وبرك أسماك، إلى صحراء مروعة ومرعبة من الجثث


باستثناء المناطق التي فيها الأشواك، انهار باقي الأرض إلى 

الداخل كما لو أن ناطحة سحاب تنهار ، متسببًا في تدفق 

الطين بسرعة إلى حفرة تبدو بلا قاع


و قبل أن يتمكن الشخص الذي تجنب الأشواك من استعادة 

وعيه ، انزلقت أقدامهم إلى أعماق الطين


و هكذا ، اختفوا— و لم يتح لهم حتى فرصة للصراخ


كان هذا دفنًا حيًا وقع في غضون ثانية واحدة


لكن الأمر لم ينتهي بعد ….


اندفع عدد لا يحصى من وحوش الحراسة العملاقة من الأرض ، 

متفجرين عبر السطح لتشكيل دائرة في الهواء فوق منزل تشانغ


كل منها هائل كالجبل ، وعضلاته الملتوية كالصخر الذي لا يُخترق ، 

مغطى على أجسادهم بمساحات واسعة عدة تعاويذ مصنوعة من الورق الأصفر ، 

ترفرف بقوة في نسيم الليل


أحزمة الرياح تتقاطع حول أجسادهم ، أشد حدة من أرفع سكين


حتى الشظايا الصخرية التي طارت في اتجاهها تم تحطيمها 

إلى مسحوق بمجرد اقترابها من الوحوش ، لتختفي في سحابة من الغبار


أولئك الذين كانوا في محيط الوحوش تم تمزيقهم أيضًا إلى 

قطع أصغر من الرماد ؛ لم يبقَى حتى جثثهم


كونت الوحوش دفاع لا يُخترق في السماء ، واقفين على 

حراسة منزل تشانغ الواسع ، منيعين ضد كل الهجمات


لم تُنشأ هذه المصفوفات في لحظة عجل


بل تم إعدادها منذ زمن بعيد ، و توجد عشرات النسخ منهم


في وقت ما في الماضي ، بدأ في دفنها تحت المنزل تحسبًا 

لليوم الذي قد يحتاج فيه لاستدعائها


كل نسخة كانت خطيرة للغاية ، مُشكّلة بـ نية قتل أي شخص


مثل طبقات فوق طبقات من الأقفال ، كلها تنبض بالحياة في تلك اللحظة


وهكذا ، تحول منزل تشانغ بأكمله إلى مشهد من الجحيم


سحب الغبار والتراب تحجب الفناء ، مما جعل من 

المستحيل رؤية ما يحدث بداخله


كل ما يُسمع هو صوت الفوضى المستمرة : صرخات مروعة 

وأنين مؤلم ، إلى جانب أصوات تمزيق وتقطيع


في لمح البصر ، لم يتبق سوى الجثث وصمت الموت في الفناء


لم تُسمع أي أصوات أخرى ، سوى الصفير الخافت للرياح 

الذي يحيط بالوحوش الحراس المعلقين فوق المنزل


نظر شيه وون إلى الفناء المليء بالجثث

و لفترة طويلة لم يقل شيئ


في خذه الأثناء ، بدأ ' تشانغ يالين ' يضحك بصوت خشن


يوجد رجل عجوز مثبتًا على أقرب شوكة إليه


لم يكن طويل القامة ، وكان شعره ولحيته قد اصفرّت 

بالكامل ، اخترقته الشوكة من قدمه وصولًا إلى عنقه ؛ 

واستمر الدم بالتقطر من طرف الشوكة مع خرير رطب خافت


كان هذا رئيس عائلة لوو


منذ وقت ليس ببعيد، قد نادى على ' تشانغ يالين ' بصوت 

مؤلم: “تشانغ تشنغتشو "


لكن الآن ، أصبح صامتًا تمامًا


و في الحقيقة —- ، شعر ' تشانغ يالين ' ببعض الندم


لطالما أحب هذا النوع من الرفاق—النوع الوفي بثبات، 

الصادق تقريبًا بشكل غبي، تمامًا مثل ذلك الطفل القصير 

الذي كان يتبعه منذ ألف عام ، تشانغ تشي


حتى عندما كان على وشك القيام بشيء يتحدى السماء 

ويغير القدر ، كان الآخر يتبعه بقلق ، خائفًا ومترددًا ، 

محاولًا ثنيه عن خططه


لذا صنع دمية تشبه تشانغ تشي تمامًا


و بهذه الطريقة ، حتى بعد موت النسخة الأصلية ، يمكن 

للآخر أن يستمر في اتباعه لألف عام أخرى


وبالمقارنة ، كان رفيقه العجوز ذو اللقب لوو أكثر مأساوية


عندما تم تثبيته بالشوكة أدرك أخيرًا : أن الشخص الذي 

اعتبره صديقًا قديمًا لسنوات لم يكن في الواقع تشانغ 

تشنغتشو الذي عرفه في شبابه…


لا، بل كان جد عائلة تشانغ، تشانغ دايوي


استنشق تشانغ دايوي رائحة الدم المتغلغلة في الهواء ، إلى 

جانب رائحة الأرواح على شفا الانفجار


تعبير وجهه مزيجًا من الجشع والجنون ، 

كما لو أنه يستنشق رائحة طبق على وشك الكشف عنه


حتى الخوف الأولي والتوتر في عينيه لم يكونا واضحين كما كانا في البداية


: “ شيفو…” تحدث بصوت تشانغ يالين ، لكن لسبب ما، 

أصبح الآن خشنًا ومزعجًا ، 

عند النظر إلى شيه وون ، خاطبه بنبرة غريبة ثم واصل فورًا:

“ أوه، انتظر ... باستثناء أولئك التلاميذ المباشرين الأحباء—

مكان حسد الجميع —لا أحد آخر يحق له فعليًا مناداتك بـ ‘شيفو’. دعني أفكر… 

أظن أنني سأستخدم ‘المؤسس الموقر’ بدلًا من ذلك

يا المؤسس الموقر ، لقد غبت عن هذا العالم طويلًا ، لذا ربما 

لست على دراية … " تمتم : " لكن حتى أكثر التلاميذ تفاهة 

يمكن أن يصبح شخصًا ذا أهمية بعد دراسة وممارسة لألف عام . 

عائلة تشانغ ليست كريمة جدًا ،،، 

إذا زرت مقر عائلتنا ، فلا بد أن تترك شيئًا ما في المقابل ”


ألقى شيه وون نظرة سريعة على المأساة التي حلت بالفناء


من منظور تشانغ دايوي، لم يكن يرى سوى جانب وجه 

الآخر ونظره المائل قليلًا ؛ لم يتمكن من تمييز أي مشاعر محددة


حتى قبل ألف عام ، كان الأمر هكذا


في كل مرة رأى فيها تشانغ دايوي تشين بوداو ينزل من جبل 

سونغيون، كان دائمًا يرتدي نصف قناع إلهي ونصف شيطاني


كانت ملامحه مخفية ، وكذلك تعابيره— لم يكن ظاهرًا 

سوى أسفل ثيابه السحابية وعيونه الهادئة النقية 


نفس الأشخاص الذين انحنى لهم وتوددوا غالبًا زعموا أن نظراته مليئة بالرحمة


في البداية ، صدق تشانغ دايوي ذلك ، وامتدح تشين بوداو مع الجماهير بجهل 


لكن مع الوقت، أدرك شيئ : كلمة “ الرحمة ” نفسها كانت 

محملة بالفعل بتفوق متعالي


{ انظروا فقط ... اختار أقصى مسار في الزراعة — 

الزهد ، بلا مشاعر أو رغبات ، بلا روابط أو تعلقات ، عاش 

على قمة جبل نادر الزيارة ، وعندما ينزل إلى العالم 

الدنيوي ، لم يكن مستعدًا حتى لإظهار مظهره للجمهور العام … 

مع طبيعته نصف الإلهية ، كان بطبيعته بعيدًا عن العامة خطوة كاملة ...


أي رحمة يمكن الحديث عنها لشخص كهذا ؟


خذ الوضع الحالي كمثال …. الجثث المبعثرة في الفناء 

تضمنت أجيالًا من تلاميذه الحاليين ، وكذلك بعض تلاميذه 

المباشرين الذين قد ربّاهم يومًا على الجبل نفسه 


ومع ذلك، كل ما فعله هو خفض عينيه قليلًا أثناء مراقبة 

المشهد ؛ لم يكن هناك حزن في نظراته حتى


ما الذي يجعله يستحق انتباه الأجيال اللاحقة ؟


كان صحيح أنه كان يجب أن يموت موتًا بائسًا … }


رغم تفكيره بذلك ، لا يزال تشانغ دايوي يشد أعصابه تلقائيًا 

عندما يعيد شيه وون توجيه نظره إليه ، مما جعل العروق 

تبرز بوضوح على جانبي عنقه


كان ذلك نوعًا من الخوف الذي لا يمكن السيطرة عليه


نظر شيه وون إلى جسده ، وعيناه تتنقلان فوق الأطراف الممزقة : “ ماذا قلت للتو ... شخص… ذا أهمية كبيرة ؟ ”



لكي نكون صادقين ، لا يوجد أي شيء في هذه النظرات 


لكن عند سماع هذه الكلمات ، شعر تشانغ دايوي كما لو أن 

شخصًا ضغط بشفرة باردة وحادة جدًا على خده، ثم صفعه بها مرات عدة


تغير لون وجه تشانغ دايوي فجأة ، محمرًّا إلى أرجواني 

غامق؛ وازداد الجنون الذي يلوح في عينيه حدة


نظر إلى شيه وون بلا تردد بعينين دامية ، وقال بصوت 

خشن :

“ حالتي الحالية… من تظن أنه فعل بي هذا ؟ 

كان بإمكاني أن أعيش حياة جيدة تمامًا من البداية للنهاية

— كنت سأمضي حياتي كلها كتلميذ خارجي مطيع ، 

أدخل وأخرج من الأقفاص ، وأسافر بين المدن والقرى ، 

كان يوجد الكثير مما أردت فعله ، والكثير من الناس الذين 

أردت أن أودعهم ! لو كنت قد عشت بقية تلك الحياة كما 

ينبغي ، ودخلت دورة التناسخ كما يجب ، من كان يريد أن 

ينتهي به المطاف هكذا ؟!”


شيه وون: “ ومن تعتقد أنه فعل هذا بك ؟”


تسارعت أنفاس تشانغ دايوي بشكل شديد نتيجة سؤال شيه وون


استنشق عدة أنفاس متقطعة، واختنق بالكلمات لفترة 

طويلة ، عاجزًا عن الرد فورًا ، 

و بعد لحظة طويلة ، انفجر في صراخ :

“ لأنك لم تُنقذني !

لم تُنقذني…” ارتعش حلقه : “ طلبت منك إنقاذي ، لكنك 

رفضت دون حتى أن تفكر …. أنا .."

{ أردت أن أتوسل إليك …. أردت أن أسجد أمامك ….

لكنّك استدعيت عاصفة لتمنع ركبتيّ من الانحناء …. 

لم تمنحني أي مجال ، ولا حتى الحق في التوسل … }


في النهاية ، لم يستطع تشانغ دايوي أن ينطق بما فيه هذا التذلل ، فقال : “…. لقد أنقذتُ كل هؤلاء الناس 

فلماذا ؟ 

لماذا كانت هذه النتيجة ؟!”

{ لقد أنقذت القرية أسفل جبل سونغيون ، ومع ذلك انتهى بي الأمر محمّلًا بعلامات غضب السماء ….

مثقّلًا بالديون الكارمية وعلامات ترمز إلى الموت الرهيب 

الذي ينتظرني في حياتي المستقبلية ، 

ذهبت أطلب المساعدة من ذلك الشخص ، وما تلقيته في 

المقابل سوى:

“ بما أنك فعلت ذلك ، عليك أن تتحمّل . 

بمجرد أن تُسدّد الديون ، ستتلاشى العلامات من تلقاء نفسها .” }


أصل كل صراعاته اللاحقة ، محاولاته اليائسة للهروب من 

الموت—من كل الأمور الخطرة والمجنونة والسخيفة التي 

فعلها—كان هذا الرد من الشخص الآخر 



عند سماع سؤال تشانغ دايوي — ألقى شيه وون نظره للأسفل وقال :

“ في تلك الحالة ، أنا أسألك نيابةً عن أهل قرية ليو : لماذا ؟ 

لماذا استحقوا هذه النتيجة ؟”


تشانغ دايوي : “ كان ذلك يأسًا ،،

خطأ ارتكبته في لحظة يأس ، هذا كل ما في الأمر .”


هز شيه وون رأسه


فتح شفتيه قليلًا ، كما لو أنه على وشك قول شيء آخر ،،

لكن في النهاية ، اكتفى بإلقاء نظرة على عيني تشانغ دايوي 

الملونتين بالدم ، و واضح أنه لا ينوي الكلام مجددًا


فاشتد الغضب داخل تشانغ دايوي إلى جانب رفضه القاطع للاستسلام


لا يوجد شيء يكرهه أكثر من هذه النظرات ، 

و من هذه التعابير — كأن الآخر ليس لديه ما يقوله ، 

و كأنه لا يستطيع حتى أن ينطق بكلمة أخرى ،


كان هذا في الجوهر بمثابة هجوم مباشر على أعمق وأشد نقاط ضعفه سرية


كل ما فعله كان رفض الانصياع للقدر 


وُلد بلا قيمة —— قبل أن يتذكر أي شيء ، كان طفلًا لم 

يريده أحد ، مُهملًا في حقول الأرز على حافة القرية ،  

بلا والدين أو اسم يخصه ، 

العديد من سكان القرية أسفل جبل سونغيون كانوا يحملون 

لقب تشانغ — وقد تبناه واحد من هؤلاء الحدّادين ، 

وأعطاه كوخًا من القش ليعيش فيه وطعامًا ليأكله  — كان 

ذلك كافيًا ليجعله شخص


قال الجميع إن هذا كان فعلًا من اللطف ، وقد اعترف بذلك


لكنّه لم يشعر أنه شخص


لم يكن لديه حتى اسم صحيح ؛ عندما أحد يناديه —- لم 

يكن مختلفًا عن مناداة قط أو كلب أو أي ماشية أخرى ، فكيف يمكن اعتباره شخص ؟



و في أحد الأيام ، سمع أن هناك خالداً صعد للسماء يقيم 

على الجبل ، وغالبًا يمد يد العون للقرية ويحمي المنطقة المحيطة ، 

وقيل إن أولئك الأطفال المساكين الذين لا يملكون بيت 

للعودة إليه ولا مكان يذهبون إليه ، فإذا بقوا عند سفح 

الجبل ، فسيُعتبرون من التلاميذ الخارجيين لذلك الخالد ، 

وسيكون بإمكانهم تعلم بعض التقنيات منه


وبهذا ، أصبح واحدًا من بين العديد من التلاميذ الخارجيين، 

وغير اسمه إلى “تشانغ دايوي” — ' دايوي = سلف جميع الجبال '


كان أكثر اجتهادًا ومثابرة من أي شخص آخر —-

وعندما لم يكن يتعلم بما يكفي ، كان يتسلل حتى إلى أعالي 

الجبل—ساحبًا معه رفيقه تشانغ تشي—ليُحاول إقناع ما 

يُسمّى بالتلاميذ المباشرين، ويجرب كل ما في وسعه فقط 

ليستوعب ويتعلم ويفهم المزيد ، على أمل أنه — ربما ، في يوم من الأيام ، 

سيتمكن هو أيضًا من عبور بوابة المدخل والانتقال بشكل 

رسمي وعلني للعيش في المساكن الواقعة في منتصف الجبل


ولفترة طويلة كان يعتقد بسذاجة أن طالما واصل السعي 

وحقق إنجازًا بارزًا يلفت نظر ذلك الشخص على الجبل ، 

فسيكون قادرًا على الصعود أعلى فأعلى


لكن لم يدرك إلا لاحقًا : أن ذلك لم يكن سوى حلم وهمي ، 

مجرد خيال زائف


فالخالد يقف بعيدًا فوق الجميع ، ساميًا لا يُطال


لم يكن ليُبدي أي تقدير لِبشر عاديين تافهين مثلهم


وقرر أنه بدلاً من الاعتماد على ' الأشخاص الوهميين الخالين من المشاعر '

 قرر أنه من الأفضل أن يعتمد على نفسه


أراد أن يتسلق ، خطوة بخطوة ، من مكانه كَنملة لا قيمة لها 

وصولًا إلى قمة سلسلة الغذاء


أراد أن يُعبد ويُوقر ؛ 

أراد أن يقف على القمة بجسد نصف خالد وعمر بلا حدود ،


إذا كان ' أولئك الآخرون ' قد تمكنوا من ذلك ، فلماذا لا يتمكن هو أيضًا ؟!


تشانغ دايوي : “ كان هناك الكثير مما أردت فعله ، والكثير 

مما كان بوسعي فعله ،،

لكن بسبب خطأ واحد فقط ، كان مقدرًا لي أن أُدفن في 

التراب قبل أواني ، وأن تُمحى كل جهودي في هذه الحياة بالكامل ، 

وأن أضطر للبدء من جديد ! 

البشر يدخلون دورة التناسخ بأرواحهم ، 

فبماذا كنت سأتحول إذا دخلت الدورة ؟ نبات ؟ حشرة ؟ 

سمكة ؟ طائر أو حيوان ؟”


كان يلهث بشدة ، ثم ضحك ضحكة غليظة قصيرة ،

لكن تعابير وجهه متهكمة وقاسية

“ تلك الكائنات… تلك الكائنات تعيش وتموت وتعيش 

وتموت من جديد بلا هدف . يا له من وجود حقير ….”

{ وجود حقير حقًا… }

: “ لقد قلتَ لي أنه بمجرد أن أسدد ديوني ، سأتحرر ...

 لكن أي تحرر هذا ؟ 

إنني أحمل على جسدي علامات غضب السماء — حتى لو 

تجسدت من جديد كإنسان ، وحتى لو بذلت قصارى جهدي 

في تلك الحياة ، فسوف أظل مقدرًا لي أن أموت ميتة بائسة . 

ستُمحى كل جهودي بالكامل ، وسأضطر من جديد للبدء من الصفر . 

لماذا أنا ؟”


{ لماذا أنا ؟ }


مجرد التفكير في تلك العملية كان يملؤه بعذاب ويأس


لا نهائية وبلا نهاية ، لم تكن أفضل من الجحيم


ولذلك رفض أن يقبل بذلك


كان حقًا غير مستعد للقبول — وهذا هو طبع البشر



لم يكن الأمر وكأنه قد قفز مباشرة إلى هذه النقطة الحالية


لقد جرّب طرقًا أخرى ، بما في ذلك طلب المساعدة من 

تشين بوداو

إذ إن وعاءً شبه خالد كان بوضوح قادرًا على تحمّل أكثر 

بكثير من مجرد جسد فانٍ


كل ما كان على تشين بوداو فعله هو أن يُظهر له أدنى قدر 

من الشفقة ويساعده على تحمّل جزءٍ من ذلك، 

ولم يكن ليضطر إلى الوصول إلى هذه المرحلة


{ لم يكن أحد ليضطر للوصول إلى هذه المرحلة ! 


لكن تشين بوداو لم يساعدني !! }


لذا لم يكن أمامه خيار سوى البحث عن حل بنفسه


حاول أن يمحو العلامات ، لكنه كاد أن يفقد السيطرة بدلًا من ذلك ، 

وكان على وشك أن يسلّم حياته في المقابل ؛ 

ولم يكن من الممكن تطهير العلامات أيضًا ،

 

و في مرحلةٍ ما، فكّر { فليكن ،،،، ربما عليّ فقط أن أقبل مصيري }


لكن ذلك كان قبل أن يلقى تشانغ تشي ، ذاك الصغير 

القصير الذي كان يتبعه دائمًا ، 

والذي رافقه حتى عندما كان يغيّر المصير ، موتًا مأساويًا 

ومبكرًا بسبب غضب السماء ،

وعندما شهد ذلك المشهد عاجزًا ، أصيب تشانغ دايوي بخوفٍ حقيقي


بالطبع كان يعرف أن التقنيات الشريرة تُضعف نزاهة المرء 

الأخلاقية ، وبشكلٍ قوي أيضًا ،

لكن ماذا بوسعه أن يفعل …


لقد أُجبر على الوصول إلى تلك المرحلة


لم يكن هناك أي خيارات أخرى متبقية


وحين حدّق تشانغ دايوي في شيه وون ، ازدهر داخله فجأةً 

دافعٌ غريب، مثل الرغبة في مدّ العنق للنظر إلى حافة 

جرف شاهق رغم العلم التام بأن هاوية بلا نهاية تنتظر في الأسفل


لم يكن واضح ما إذا كان ذلك استفزازًا أم مجرد طريقة 

أخرى ليقنع نفسه بـ — ' أنا لا أخافك ، ولا أهابك بعد الآن 

لقد عشت أكثر من ألف عام ،، 

بدّلت أوعية لا تُحصى ، وامتصصت أشياء جديدة من عددٍ لا 

يُعدّ من الأشخاص ،،

توقّفت عن كوني ذلك التلميذ الخارجي عديم الموهبة منذ زمنٍ طويل '


ابتلع طعم الدم المتسرب من فمه وقال لشيه وون :

“ هل تعرف مدى الجنون الذي تجرأت على التفكير به ذات 

مرة ، أيها المؤسس الموقر ؟”


ثم انفجر بالضحك ، وشفاهه ما تزال ملطخة بالدم


في السنة التي تم فيها ختم تشين بوداو — تجرأ قلة قليلة 

فقط على الاقتراب من موقع الختم


وفي وقتٍ ما، بدأ بالانتشار شائعة معيّنة


كانت تقول إن الختم قد اختفى ، وأنه لا يمكن العثور عليه 

مهما استُخدمت طرق للبحث عنه


و كل من دخل المنطقة المحيطة ينتهي به المطاف تائهًا 

ومشوّشًا ؛ و بعد بضع دورات ، يفقدون تمامًا إحساسهم 

بالوقت ومكان وجودهم ،

بدا الأمر وكأن أحدهم قد خبّأ الختم في مكانٍ لا يمكن لأحد 

أن يزعجه فيه ، مما جعله يختفي عن العالم تمامًا


و كانت هناك محاولات للعثور على الختم ، لكن الشائعة 

ثبتت صحتها سريعًا


ونتيجة لذلك ، توقّف الناس في النهاية عن البحث عنه تمامًا


تلك القصص—والأشخاص الذين بداخلها—بدوا وكأنهم قد 

تلاشى أثرهم مثل الدخان في الهواء، تاركين وراءهم لا أثر ولا أثر لوجودهم


في الحقيقة —- ، كان تشانغ دايوي هو من أطلق تلك الشائعة ——


ولوقتٍ طويل ، ظل يدور حول المنطقة ، يحاول بكل وسيلة 

ممكنة الدخول إلى موقع الختم


استأجر بعض المساعدين لمساعدته… بل إنه حتى اختطف 

أشخاص ليزجّ بهم في الأسر و يستجوبهم



كان هدفه واضح : لقد أراد أن يعيش ، وأن يعيش طويلًا


جسده الفاني لم يكن قادرًا على تحمّل غضب السماء ، 

لكن جسدًا شبه خالد كان من المؤكد أنه سيكون مختلف


أما الخالد الصاعد الذي كان يسكن الجبل ، فقد مات بالفعل


بل في الحقيقة، كان مصيره أقسى حتى من مصير تشانغ 

دايوي ، غضب السماء وكل شيء—ذلك الشخص مُنع إلى الأبد من دخول دورة التناسخ


كل ما كان يفعله تشانغ دايوي هو محاولة الحصول على 

وعاء بلا مالك، لا أكثر


لم يكن ذلك ليُعتبر تقنية شريرة


لفترةٍ من الزمن، بدا وكأنه قد جُنّ تمامًا


كان مهووسًا بشكل مطلق بفكرة الحصول على مثل ذلك 

الوعاء؛ أراد أن يحقق طموحاته في قفزة واحدة ليصبح حرًا 

من القلق بعد ذلك إلى الأبد


استغرق الأمر بعض الوقت حتى أدرك أنه على الأرجح لا يزال 

يحاول مطاردة حلم مستحيل


كان ذلك المكان مخفيًا جيدًا ، ومغلقًا بإحكام


و ربما لن يتمكن أبدًا من الدخول إليه


وبالتالي ، لم يكن لديه خيار سوى الاكتفاء بالخيار التالي 

الأفضل : سيضطر إلى التعايش مع جسده الفاني والاعتماد 

على القفص الدوامة لتغذيته


و عاش بهذه الطريقة لألف عام ، ولم يكن من المستبعد أن 

يعيش ألفًا أو ثلاثة آلاف عام أخرى ، أو حتى عشرة آلاف عام


لم يعد مهووسًا بالحصول على ذلك الوعاء شبه الخالد


لكن أحيانًا… عندما يكون في أضعف حالاته—منحنيًا على 

الأرض ، يستنشق الضباب المتدفق من دوامات القفص 

المختلفة — كان وميضٌ من الندم يلمع في داخله


وربما لهذا السبب لم يتمكن أبدًا من التوقف عن التفكير في ذلك المكان


ربما لهذا السبب قرر أن يستولي على تلك المنطقة لنفسه، 

حتى لا يتمكن أي شخص آخر من أن يحلم حتى بالعثور على الختم


ومع مرور الزمن جاء التغيير العظيم ، وتحوّل العالم في جوهره


بعد مئات السنين ، لم يعد أحد قادرًا على التعرف على ذلك 

المكان بعد الآن ، حتى وإن وقفوا فوقه مباشرةً


بما في ذلك الشخص نفسه الذي كان من المفترض أن 

يُحبس داخل الختم ، غير قادر على التحرر


لمدة ألف عام جلس تشانغ دايوي في القمة ، مستمتعًا 

باللذة التي تأتي مع التلاعب بمشاعر الآخرين


وفي الواقع ، كان لأنه اعتاد على ذلك كثيرًا ، شعر فجأةً 

برغبة في كبت خوفه وتجربة ذلك على الشخص الواقف أمامه


كان يتوقع أن يسأله شيه وون الآن ' أي جنون فكرت فيه ؟ '

وربما كان سيرد بكشف شيءٍ صغير عن مصفوفة الختم ، وربما لا

لكنه بلا شك كان سيستمتع بالمحادثة بأكملها


لكن بشكلٍ غير متوقع ، حدّق شيه وون إليه من الأعلى وقال :

“ لدي فكرة جيدة الآن ، وهذا سيساعدك على توفير أنفاسك .”


تشانغ دايوي: “…”


لقد اعتاد تشانغ دايوي منذ زمنٍ بعيد على التحكم في الصورة الكاملة ، 

لدرجة أنه كان أحيانًا ينجرف قليلاً في هذه العملية


ونتيجةً لذلك ، كاد أن ينسى كيف كان هذا الشخص يتصرف ذات يوم ، 

وهو أسلوب شاركه أيضًا باقي التلاميذ المباشرين من جبل سونغيون—


الأشياء الوحيدة التي من الممكن أن تزعجهم هي ' الأحداث' ، كما أن الأشياء الوحيدة التي يمكن أن تعرقلهم هي ' الأحداث' ، 

المقصد بالأحداث هنا :هي التي تؤثر على حياة الكثيرين ...


لم يكن شخصًا بعينه أبدًا ——

لا هو —- ولا أي أحد آخر —-


وفي اللحظة التي انكشف فيها هذا الإدراك أمام تشانغ دايوي، اجتاحه بردٌ شديد أسفل عموده الفقري، وأدرك 

فجأة أن شيئًا ما ليس على ما يرام


كان الأمر كما لو أن ' أحدهم' قد تعمّد أن يترك له فرصةً 

للنجاة كي يعود إلى المسكن الرئيسي ؛ 

كما لو أنه تعمّد السماح له باستدعاء العشرات من المصفوفات المدفونة عميقًا تحت الأرض منذ قرون ؛ 

كما لو أنه تعمّد أن ينتظر منه أن يقول كل تلك الكلمات —-


شعر بقشعريرة تزحف على فروة رأسه


وفي الوقت نفسه ، أبعد شيه وون شظايا الصخور وبقايا 

النباتات عن الأرض


وفورًا بعد ذلك —— ، انفجر في الهواء هدير الرياح وأصوات 

التمزق والانفجار


مثل مدٍّ شاملٍ غامر ، اجتاحه في لحظة


أدار تشانغ دايوي رأسه بسرعة ، ليكتشف أن ساحة الفناء قد 

تغيّرت ملامحها تمامًا—


مئات الأشواك الطويلة ما زالت تمتد مستقيمة نحو 

السماء ، لكن لا يوجد شخص واحد مخترق بها —-


بدا الأمر كما لو أن أحدهم أدرك ما سيحدث في اللحظة 

التي فُعِّلت فيها المصفوفة ، فاستطاع أن يستخدم قوةً 

أعظم لتقويضها وتعديلها ، 

مزحزحًا إياها قليلًا إلى الجانب ——


كل أولئك الذين كان من المفترض أن يُثقبوا على الأشواك ، 

كانوا واقفين في الفراغات بينها ، سالمين تمامًا


وكان كل عجوز أيضًا يتحكم في شبكة من خيوط الدمى ، 

أو درع من التعويذات ، أو خيوط زرقاء متلألئة تربطهم 

بمصفوفة ؛ ومعًا ، شكّلت مناورات هؤلاء العجائز دائرة 

ضخمة تحيط بالحشد بأكمله


كان بو نينغ واقفًا بمفرده فوق قلب المصفوفة ، يثبّتها ، 

وحجارة مستديرة في يده

و امتدت شبكة من وعيه الروحي في كل الاتجاهات تحت قدميه ، سريع كالبرق

و في المركز ، اشتدّت الشبكة على مسكن عائلة تشانغ 

بأسره بمخالب حادة وملتوية


وفي المنطقة التي كان يثبّتها ، تدفق الطين المنهار من 

أعماق العالم السفلي ليملأ الشقوق


ونتيجة لذلك ، تمكّن كل شخص من أن يجد لنفسه أرضًا صلبة ثابتة يقف عليها


أما وين شي —- فكان واقفًا عاليًا فوق الآخرين على قمة 

شوكة قُصَّ طرفها

و امتدت خيوط الدمى من يديه مثل هيكل مظلة هائلة ، 

تتقاطع وتشطر السماء الليلية المعلّقة فوق قصر عائلة تشانغ


كل خيط كان مربوطًا بأحد الأرواح الحارسة الشبيهة بالجبال


إضافةً إلى ذلك، كان في الوقت نفسه يتحكم في أربع دمى قتالية ضخمة


ذلك المشهد الذي كان من المفترض أن يكون مليئًا بالجثث 

لم يكن سوى سراب  — وهمٌ صنعه الشخص الواقف أمامه في وقتٍ غير معلوم


كان الجميع يقولون إن المؤسس الموقّر تشين بوداو هو 

أول من أتقن فن صياغة المصفوفات


وحتى حين يتعلق الأمر بمصفوفات بو نينغ، كان يكفيه بضع 

أغصان يابسة وبضع حصى مستديرة ليغيّرها كليًا وبشكل مطلق


وقبل هذه اللحظة ، لم يكن تشانغ دايوي قد أدرك تمامًا ما يعنيه ذلك


لكن الآن، أخيرًا شعر بالعرق البارد يتصبب منه


وبمجرد أن أدرك ذلك ، انقلب كل شيء رأسًا على عقب —


تحت الجهد المشترك لرؤساء العائلات وكبار السن ، 

اقتُلعت فجأة المصفوفات القوية التي كانت مطمورة في 

الأرض منذ سنوات


و دوّى صوت تحطّم حجارة المصفوفة إلى شظايا بلا نهاية في الأجواء ؛ 

وفي كل مرة تُدمَّر فيها مصفوفة ، بدا وكأن العالم بأسره يهتز ويرتجف




ومع ذلك ، ظلّت كل تلك الفوضى محصورة ضمن حدود مسكن عائلة تشانغ ، 

كما لو أن الانفجارات الهائلة كانت تحدث داخل جرة 

زجاجية مقلوبة ،

وكنتيجة لذلك ، تضاعفت الموجات الصادمة التي تموجت 

عبر المساحة عشرة أضعاف ،


وفي هذه الأثناء ، شد بو نينغ قدمه في الأرض ، فانبعثت منه 

مصفوفة أكبر بكثير امتدت للخارج مثل نهر ينفتح فجأة ، 

واسع بما يكفي ليغمر المنطقة المحيطة كلها داخلها


وقبل أن يتمكن تشانغ دايوي من استيعاب غرض أفعال بو نينغ، 

بدأ ضوء المصفوفة يغمره بسرعة —


وفي الوقت نفسه ، أطلق الدابنغ الذهبي صرخة حادة من خلف وين شي


وبعدها مباشرةً ، فرد جناحيه الهائلين وانقض في غوص شديد الانحدار


قفز وين شي من على الشوكة وهبط على ظهر الدابنغ، ثم 

شدّ بعنف على خيط دماه


وفي الحال — ، تمزقت الأرواح الحارسة العديدة المربوطة 

تحت سيطرته إلى أشلاء بفعل خيوطه البيضاء الناصعة


ومع هدير يصمّ الآذان ، تلاشت في السماء الليلية


وأثناء اندفاع وين شي نحوه ، لم يرَى تشانغ دايوي سوى 

عينيه الباردة كالصقيع


وبعد ثانية واحدة ، لم يعد قادرًا على رؤية عينيه حتى


لأن شيه وون رفع يده وضرب الفراغ فوق مقدمة رأسه


ضربة ' موت بألف جرح ' — ، تمزيق كيان المرء ذاته — لقد كان الأمر بتلك البساطة 


هكذا يكون شعور عند انتزاع الروح بالقوة من الجسد


كان الأمر أشبه بكونه مقيدًا في مكانه بينما عدد لا يحصى من الناس الذين يغرسون سكاكين صدئة ، بليدة ، ومغطاة 

بالمسامير الفولاذية في كل بقعة من جلده ، 

من الرأس حتى القدمين ، ثم يسحبوا هذه السكاكين ويمزقوا اللحم


و المسامير تقتلع اللحم في كل مرة تُسحب فيها السكاكين 


وبسبب كثافتها الشديدة ، كان الألم يتجاوز حدود الاحتمال


كان تشانغ دايوي يصرخ بصريخ حاد ، لكنه لم يكن يسمع صوته


وفي لحظة ما، رأى جسده… لا — بل جسد تشانغ يالين 

ممددًا مترهلاً على الأرض


و رأسه هو نصف مرفوع 


روحه على وشك أن تُنتزع من الجسد —


ولذلك ، وسط صرخاته ولهاثه اليائس طلبًا للهواء ، تمكن 

من أن يطوي أصابعه نحو راحتيه ، ثم فجأة، غرس أطراف 

أصابعه في الأرض


المسكن الرئيسي عرينه الذي عززه بعناء على مدى سنوات عديدة ، 

وكان النطاق بأكمله تحت المسكن متصلاً بدوامات أقفاص 

منتشرة في جميع أنحاء البلاد ،


كلما كان ضعيفًا أو واهنًا ، كان يعتمد على تلك الدوامات 

للحصول على بعض الإمداد الطارئ حتى يتمكن من البقاء لفترة أطول


و في السنوات الأخيرة — صار يستخدمها أكثر فأكثر


وصل الأمر إلى أن المباخر وحدها لم تعد كافية ؛ 

و كان عليه غالبًا أن يغمر نفسه بالكامل في الضباب الأسود 

المستنقعي، باحثًا عن حياة أبدية في أكثر الأماكن ظلمة ورطوبة


لكن هذه المرة ، عندما غرس أصابعه في الأرض ، لم 

يستقبله ذلك الضباب الكئيب، الرطب، والمليء بالكراهية


بل واجه النور


ضوء أزرق باهت صادرًا عن مصفوفة ، دافئًا ومضيئ


في اللحظة التي لمسه فيها، تفاعل وكأنه قد أُحرق—مع أنه 

لم يعد قادرًا على الشعور بذلك المستوى من الألم حقًا، 

لأنه لم يكن شيئًا مقارنة بالعذاب الذي كان يُلحق بروحه


ولكن سحب يديه غريزيًا إلى الوراء


حينها فقط أدرك أخيرًا غرض مصفوفة بو نينغ الواسعة التي 

نشرها سابقًا —— كانت بغرض لتقييده داخل هذا النطاق 

الصغير ، لمنعه من الهرب تحت الأرض ، 

ومنعه من أن يستمد طاقته مجددًا من تلك الأشياء التي غذّته طويلًا ،


تشانغ دايوي { يا للخسارة ،،، }


في الأصل ، يمكنه أن يستخدم دوامات القفص ليزيدهم بعض العناء


{ لكن مهما فعلت…

كل شيء حدث في غمضة عين— }


مع عاصفة رياح وخيوط دماه ، هبط وين شي من السماء، 

مرتكزًا بأصابعه النحيلة على الأرض للحظة وجيزة


كان من المفترض أن يكون تشانغ دايوي على شفا موت 

محقق ، روحه على وشك أن تتفتت ، لكن في اللحظة 

الخاطفة التي أنزل فيها وين شي رأسه ، رأى أصابع الآخر 

ترتجف فجأة في التراب


كانت تلك حركة معتادة يستخدمها أساتذة الدمى ، وكان 

وين شي شديد الدقة تجاهها


لا شعوريًا ظن أن تشانغ دايوي سيستدعي دمية


لكن بعد ثانية واحدة فقط ، أدرك أن هناك خطبًا ما


{ كيف يمكن لتشانغ دايوي أن يسيطر على دمية وهو في حالته الميؤوسة هذه ؟ 

لن يحقق ذلك له أي شيء—

من الذي سيتمكن من السيطرة عليه ؟ 

ومن الذي سيتمكن من إيقافي ؟ }


“ آآآآه—!!”


صرخة دوّت فجأة من بين الحشد البعيد الذين لا يزالون 

مركزين في اقتلاع المصفوفات المتراكبة


عبس وين شي بحاجبيه ونظر ليرى أحد التلاميذ الشباب 

ينهار على ركبتيه ممسكًا بمعصمه


وفي لحظة قصيرة ، ذبلت حيويته وبهتت ملامحه كما لو أنه نبات ذبل فجأة


“ ما الذي يحدث ؟!”


وفي الوقت الذي استغرقه لطرح هذا السؤال ، انطلقت عدة 

صرخات أخرى من بين الحشد


وبعدها مباشرةً ، انهار عدد من التلاميذ على الأرض ، وهم 

يشدون على معاصمهم ويبدون مثل نباتات جفّت فجأة


ثم تبعهم المزيد …


في أقل من ثانية ، انهار أكثر من مئة شخص في فناء مسكن عائلة تشانغ


وفي الوقت نفسه ، تشانغ دايوي—الذي كان على وشك أن 

يلفظ أنفاسه الأخيرة—أضاء فجأة بطاقة متجددة


وفي غمضة عين، تضاعف وعيه الروحي أضعافًا كثيرة، 

متجاوزًا بكثير ما يمكن لشخص عادي أن يبلغه


وكأنه قد امتص بالكامل حيوية وطاقات التلاميذ لنفسه


توقفت الأرض المرتجفة فجأة ، وحلّ صمت مميت على 

الفناء لأقل من نصف ثانية


ثم ——- ، اندلعت الفوضى



كل من كان واقفًا امتلأ بالغضب على الفور من هذا التطور غير المتوقع


سحبت وو يين وو ونكاي المرهق الجاف خلفها

و بوجه متجهم مرعب ، اندفعت مباشرة نحو تشانغ دايوي


و في الوقت نفسه ، انهالت تعاويذ عائلة يانغ بقوة صاعقة لا 

تُوقف على رأس تشانغ دايوي—


لكن الذين انتهى بهم الأمر بالصراخ والانهيار أرضًا كانوا 

التلاميذ المستنزفين خلفها ، وليس تشانغ دايوي

( تعاويذها أثرّت على التلاميذ وليس دايوي )



بدأ الدم الطازج يتسرب من بين شعورهم ، منسابًا على وجوههم بطريقة مرعبة


وعند رؤية هذا المشهد ، تجمد الجميع فجأة في منتصف 

هجماتهم العنيفة ، وكبحوا أنفسهم بقوة


وبفعل الصدمة ، قفزوا سريعًا إلى الخلف عدة أمتار


يلهثون بشدة ، لم يجرؤ أحد على القيام بخطوة متهورة أخرى


وفي هذه اللحظة ، تحرك وين شي ببرود


في لحظة حياة أو موت ، اخترق بعينيه مخطط تشانغ دايوي—


حين راقب أشقاء عائلة تشانغ ( لان ويالين ) أن جدهم

' تشانغ تشنغتشو ' ينقر جباه كل طفل موهوب بماء التعويذة ، 

ربطوا ذلك غريزيًا بتقنية تثبيت الروح المستخدمة في فنون الدمى


كانوا يظنون أن ' تشانغ تشنغتشو ' يحاول زرع محفزات 

خفية في أجساد الأطفال ؛ بحيث، إذا دعت الحاجة يومًا ما، 

يستطيع أن يحول أولئك الذين مسحهم بماء التعويذة إلى 

دمى تحت سيطرته بسهولة


لكن بعد تحقيق سري ، اكتشف الأشقاء أن أولئك الذين 

مُسحوا بماء التعويذة لم يُظهروا أي علامات على كونهم دمى


ونتيجة لذلك، اعتقدوا أنهم ظلموا جدهم باتهامهم، فتوقفوا عند ذلك


لكن بالنظر إلى الأمر الآن ، فإن ' تشانغ تشنغتشو ' بالفعل 

عبث بشيء ما، وكان الأمر بالفعل متعلقًا بتقنية تثبيت الروح

إلا أنه اختار أن يفعل العكس ———


لم يكن يحاول جعل أولئك الأشخاص دماه —- بل على العكس ، 

في لحظة حرجة ، كان يريد أن يحوّل نفسه إلى دميتهم —-


كما كان الجميع يعلم ، فإن وجود الدمية بحد ذاته خطير بطبيعته


عندما يجد الدمية نفسه يكافح عند أبواب الموت ، قد 

يحاول استهلاك الطاقة الروحية للشخص الذي يتحكم به


وإذا لم يكن الدمية مقيد بالأقفال والسلاسل ، أو لم يكن 

سيده قوي بما يكفي لقمعه بالقوة الساحقة ، فهناك 

احتمال كبير أن ينتهي الأمر بساحب الخيوط مستنزفًا بدلاً منه


وهذا بالضبط ما فعله تشانغ دايوي ——


لأن وعيه الروحي كان متصلاً بالتلاميذ الشباب ، ولأنه لم 

يكن مقيدًا على الإطلاق ، 

فإن كل الهجمات التي سقطت عليه ارتدت على التلاميذ 

الذابلين الراكعين على الأرض


صاح رئيس عائلة لين بصوت أجش وهو يدرك الحقيقة : 

“ أيها الوغد الحقيييير !”


تدفقت طاقة روحية متجددة من جسد تشانغ دايوي


وبما أنه كان متصلًا بالتلاميذ في هذه اللحظة ، ضحك 

ضحكة لا تخلو من التحدي وقال بصوت عميق :

“ لقد درست هذا لألف عام ... 

أنا أعرف أفضل طريقة لأُبقي نفسي حيًا —”


لكن قبل أن يتمكن من إنهاء جملته ، سمع فجأة تنهيدة 

خافتة ، يلفها زفير قصير من الضحك


أما إن كان ذلك الضحك سخرية أو شيئًا آخر—فلم يعد لديه وقت للتفكير


لأنه بعد ثانية من سماع التنهيدة، شعر بيد تهبط على كتفه


كانت تلك اليد طويلة لكنها ذابلة ، تشبه الأغصان الجافة في 

غابة ثلجية في عمق الشتاء


بدت خفيفة للغاية ، لكن عندما ضغطت عليه ، حملت 

معها ثقل سلسلة جبال جليدية بأكملها


و صدر من جسده عدة أصوات طقطقة واضحة ، 

تلاها موجة من الألم الخالص ——-



وبحلول الوقت الذي استعاد فيه وعيه ، كان قد أُجبر على 

الركوع ، لكنه لم يكن في مواجهة شخص معين


بل كان يواجه التلاميذ الشباب المنهارين على الأرض، 

الذابلين والمستنزفين؛ كان يواجه جهة الغرب


أقدم نصوص البانغوان تنص على أن جهة الغرب يرمز إلى الموتى


أن تواجه الغرب يعني أن تواجه أصوات الأرواح الراحلة


: “ أردت أن تركع أمامي في ذلك الوقت ، لكنني أخبرتك أنه لا حاجة لذلك . 

والآن حين أفكر بالأمر ، كان يجب أن أضيف شيئًا آخر : 

الأشخاص الذين يجب أن تركع لهم هناك ، والديون التي 

يجب أن تسددها أيضًا هناك ...” انساب صوت شيه وون 

بجانب أذنه : “ ارفع رأسك و واجههم "


وفي الوقت نفسه ، هبطت يد شيه وون الأخرى فوق رأسه


ربما كل ما فعله شيه وون هو أن نقر الهواء بلطف فوقه ، 

لكن بالنسبة لتشانغ دايوي — كان ذلك أشبه بقوة لا تُقاوم ولا تُرحم


لم يكن أمامه خيار سوى رفع رأسه والتحديق في الأفق نحو الغرب


وبعد لحظة ، وصل شخص آخر أمامه بكل شراسة سيف 

جليدي يُسحب أخيرًا من غمده


و اندفعت خيوط لا تُحصى من خيوط الدمى نحوه ، ملتفة 

حول جسده بأكمله مثل القيود والسلاسل

و قبل أن يتمكن تشانغ دايوي من الاستيعاب من هذا الشخص ، تلاشت الهيئة الشاحبة ، وضربة قوية أصابت مركز جبينه —-


دونغ —


كانت تلك تقنية تثبيت الروح حقيقية وصحيحة ، قادرة 

تمامًا على تحويل إنسان حي إلى دمية لشخص آخر


و من وجّه تلك الضربة هو ——- وين شي


ووفقًا للأساطير ، عندما كان وين شي في أوج قوته ، كان 

قادرًا على التحكم في اثنتي عشرة دمية قتالية عملاقة في وقت واحد ،

علاوة على ذلك ، لم يكن مضطرًا لاستخدام أي سلاسل لتقييدها ؛ كانت قوته بلا حدود مثل المحيط ، 

ولم يكن بحاجة لأن يقلق من استنزاف دماه له


{ ولكن …

ولكن …… }


بينما يتحمل الألم الناتج عن الاهتزازات العنيفة التي هزت ذهنه ، تمتم تشانغ دايوي بصوت مبحوح :

“ الآن حتى الأفعى تنغشي يجب أن يُقيد بالأقفال والسلاسل من أجلك ،، ولكن ، ها أنا، مئة شخص في واحد … لماذا تظن أنك تستطيع—”


: “ لأني سأكون قفله " ظهر صوت شيه وون هادئًا ورزينًا


وبعد ثانية ، اجتاحت قوة ساحقة ومدمرة جسده


فقد تشانغ دايوي وعيه على الفور تحت وطأتها ، 

وفرغ كل شيء من حوله


لم تكن هناك أصوات ، ولا أشخاص ؛ وحده الصراخ الحاد لطائر ظل يتردد في أذنيه


تمتم تشانغ دايوي وسط انهياره السريع : “ كنت أريد فقط أن أعيش ، ما الخطأ في ذلك…”


فأجابه وين شي:

“ الخطأ أنك لا يجب أن تكون على قيد الحياة أصلًا الآن .”



كانت القوة التي اجتاحت تشانغ دايوي هائلة للغاية، فتسببت في ومضة براقة من الضوء الأبيض المتأجج غمرت الجميع


وفي ظل ذلك النور ، شعر التلاميذ الذابلون فجأة بشيء 

ينفصل عن معاصمهم بقطع حاد


وبعدها مباشرةً ، بدأت طاقتهم الروحية تتدفق عائدة إلى 

أجسادهم مثل نبع متفجر


وفي اللحظة نفسها ، سمعوا فجأة همهمة رياح لطيفة 

تتنهد عبر غابة صنوبر على جبل مجهول لهم


وأثناء تضييق عيونهم ليروا بتركيز ، لا يزالون يتعافون من 

سطوع الضوء العنيف ، رأوا بوضوح وين شي يرفع يده —

ويسدد ضربة قوية إلى قلب تشانغ دايوي 


يتبع


: “ لأني سأكون قفله " ظهر صوت شيه وون هادئًا ورزينًا


( القفل — تم شرحه ف ch49 / سلاسل تتحكم وتقيّد الدمى وتسيطر عليها ) 

يعني شيه وون يسيطر على وين شي ويساعده إذا كان يحتاج

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي