Ch12 الخطاف الخلفي
بعد يومين من قراره الانفصال عن لانغ فنغ ،
أنهى تشو تشيتشن آخر رحلة له من هايكو إلى بكين ،
وما إن جلس في السيارة ، حتى تلقى اتصالًا دوليًا ،
لم يعرف الرقم ، فضغط على زرّ الرد مباشرةً ،
ولم يدرك إلا بعد أن سمع الصوت من الطرف الآخر —
كان لانغ فنغ، يتصل من رقمٍ هولندي —
قال متفاجئًا :
“ لانغ فنغ ؟”
ناداه باسمه الكامل هذه المرة ، وليس بـ إيفان كما اعتاد ،
إشارة الاتصال لم تكن واضحة تمامًا ، لذا لم يجرؤ في
البداية على التأكيد
أجابه لانغ فنغ بهدوء : “ نعم ، أنا "
لم يكن تشو يتوقع أن يتصل به مجددًا ،
كان يظن أن كل شيء بينهما انتهى تمامًا ، نظيفًا بلا رجعة ،
لكنه تمالك نفسه وسأله :
“ ما الأمر؟ أنت في هولندا ؟”
لانغ فنغ :
“ نعم . لا تتفاجأ ، لم أتصل لأتراجع أو أغيّر رأيي ،
اتصلت بك فقط لأن ما أريد قوله يصعب التعبير عنه في ويتشات ،
ولستُ بارعًا في كتابة مثل هذه الأمور .”
توقف لحظة ، رد تشو بصوتٍ خافت:
“ همم.”
في الحقيقة، لم يكن يعلم ما الغرض من هذا الاتصال،
لكنه لم يشعر بالقلق،
فهو لم يتعوّد أن يحذر من لانغ فنغ أصلًا
تابع لانغ فنغ قائلًا :
“ أردت أن أشكرك على زجاجة الـ ريسلينغ التي جلبتها لي يومها ،
أحضرتها معي إلى أمستردام ، وأنهيتها اليوم ،
في ذلك اليوم كنت قد أعددت نفسي لتلك المحادثة منذ وقتٍ طويل ،
فبدأت بالكلام مباشرة دون أن ألاحظ أنك أحضرت لي شيئًا خصيصًا…
على كل حال، شعرتُ أنني كنت قاسيًا معك قليلًا ...
الكلام الذي قلته كان لا بد أن يُقال ،
لكن ربما كانت طريقتي في قوله مباشرة أكثر من اللازم .
وأدركت الآن أنك لم تُفصح عن بعض الأمور لظروفك الخاصة .
فقط أردت أن أخبرك أنني فهمت ،
ولم أكن أريد أن أضغط عليك .
أعرف أنك إنسان طيّب وجيد ،
وحتى إن لم ننجح في علاقتنا ،
يمكننا أن نظل أصدقاء ، إذا رغبت في ذلك .
وإن احتجت يومًا إلى الكلام ،
أو أردت أن تعتبرني صديقًا ،
فيمكنك أن تتحدث معي وقتما تشاء .”
كان صوته صادقًا ، قويّ وواثقًا كعادته ...
وحين أنهى كلامه ، وجد تشو تشيتشن نفسه عاجزًا عن الرد،
كأن صوته قد تلاشى
فتح فمه ليتحدث ،
لكن الكلمات لم تخرج
كان لانغ فنغ صادقًا أكثر مما يحتمل ،
طيبتُه كانت كمرآةٍ تعكس لتشو قبح هروبه وتهرّبه من المواجهة …
فلو كان الطرف الآخر شخصًا باردًا أو قاسيًا ،
لربما استطاع أن ينهي العلاقة دون أن يلتفت ...
لكن لانغ فنغ كان كالشمس —
حيثما وقعت نظرته ، أشرق الضوء بقوة ،
حتى لم يترك لتشو مكانًا يختبئ فيه من نفسه
وفي النهاية، ثبّت تشو نبرته ، وقال بصوتٍ خافت :
“ شكرًا لأنك أخبرتني ،
لم أقصد ألا أراك مجددًا ،
فقط… في ذلك اليوم ، كما تعلم ،
شعرتُ ببعض الإحراج ، ربما لأنني تصرّفت بطريقة غير لائقة .
كان خطئي أنا "
وكان يقصد طلبه في تلك الليلة أن ينام معه للمرة الأخيرة،
الذي رفضه لانغ فنغ بعقلانيته المعهودة
بعد أن استوعب لانغ فنغ كلامه ، أجابه بسرعة :
“ لا، بل أنا من كان مباشراً أكثر من اللازم ”
في الحقيقة ، كانت هناك أشياء كثيرة أراد لانغ قولها ولم يقلها ،
فهو بالتأكيد كان يتمنى لو استطاع أن يعانق تشو تشيتشن
مجدداً ، بل لو قُدّر له — لتمنى أن يفعل ذلك مئة مرة —
بل ألف مرة ….
لانغ فنغ لم يكن رجلاً يضطرب بسهولة ، فقد عاش تسعاً
وعشرين سنة دون أن يعرف حتى كيف تُكتب كلمة الغيرة
كل ما أراده في حياته ناله بسهولة ، وكل ما قرر التخلي عنه ،
لم يلتفت إليه ثانيةً
لكن في تلك اللحظة القصيرة ، عندما خطر بباله أن تشو
تشيتشن، قبل أن يلتقيا وبعد أن افترقا، قد قبّل غيره ،
وقد عاش معه تلك اللحظات الحميمية التي يراها هو وحده ،
شعر بشيء غريب ومؤلم في صدره ، إحساس لم يعرفه من
قبل — الغيرة —-
لكن تلك الرغبة في التملك لم تكن في محلها ….
فهما لم يتبادلا يوماً وعداً بالحب ، ولا أقسما أن يكون
أحدهما الوحيد للآخر
لذا لم يستطع لانغ فنغ أن يقول ما يجول في صدره ؛
فلو فعل ، لكان ذلك نوعاً من الابتزاز العاطفي الذي لا يليق به
وفي النهاية ، رقّ صوته وقال بلطف :
“ إذن… إن أردت يوماً العمل في الطيران الدولي ، فابحث عني …حسناً ؟”
أجابه تشو تشيتشن بصوتٍ خافت بدا فيه ابتسامة بعيدة :
“ لنفترق بودٍّ إذن… بالتأكيد ”
أنهى لانغ فنغ المكالمة وهو يشعر براحة في صدره ،
بينما أغلق تشو تشيتشن الهاتف وقلبه يزداد ثقلاً وألماً …..
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق