القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch14 الخطاف الخلفي

 Ch14 الخطاف الخلفي



حين دفعت لين شياو باب غرفة شو تشيتشن في المستشفى ، 

ساوره إحساس غريب ، كأن الزمن عاد به إلى الماضي ——


لا تزال بشَعرها القصير الأنيق ، وفي إصبعها خاتمها الفضي نفسه ، 

تفتح الباب بخفةٍ كما اعتادت ، خشية أن توقظه إن كان نائم ،


الاختلاف الوحيد هو أنّها أصبحت الآن رئيسة للممرضات ،

ولم تكن مناوبتها اليوم ، لكنها علمت أنّ شو تشيتشن أجرى 

عملية إزالة الصفيحة المعدنية المثبّتة في عموده الفقري ، 

فجاءت خصيصًا لتؤنسه بالحديث


لقد حدّثها من قبل عن كل ما جرى بينه وبين لانغ فنغ ، 

فرأت أنّ الأمر مؤسف ، وحاولت أن تُقنعه بأن يمنح العلاقة 

فرصةً أخرى ، و أن يتحدث معه بصدق أكثر ، 


وكأنّ القدر رتّب الكلمات سلفًا ، قالت لين شياو الجملة 

نفسها التي قالها له فانغ هاو حين زاره :

“ الطبيب يو هو الطبيب يو ، وليس كل الناس مثله ، 

لا يجوز أن تحكم على الجميع بناءً عليه ”


هزّ شو تشيتشن رأسه وقال بهدوء :

“ هم جميعًا أشخاص عقلانيون أكثر مما ينبغي "


لم تُجبه لين شياو ، بل جلست قرب سريره و بعد لحظة 

صمت ، صبّت له كوب ماء كما كانت تفعل قبل ثلاث 

سنوات ، ثم سألته بصوتٍ خافت صادق :

“ ألستَ نادمًا ؟”


سؤالها أصاب موضع القلب ، فهي تعرفه أكثر من أيّ أحد


رد بعد لحظات :

“ الألم الطويل خيرٌ من ألمٍ مؤجل ”


ابتسمت بخفة :

“ ومن قال لك أنه سيكون ألمًا طويلًا ؟ ربما سيكون سعادةً طويلة الأمد .”


: “ هكذا قلت لنفسي حينها أيضًا .

أن تقع في الحب مع شريك عابر ، فعلتُها من قبل ، 

أن تُخرج قلبك وتعطيه بصدق ، فعلتُها أيضًا ، 

وجرّبت كل هذا… ولم يكن هناك نتيجة .”


كان يقصد اعترافه القديم قبل عامين ليو شياويوان ،

يومها كانت لين شياو لا تزال تعمل في بكين ، 

و قام تشو بدعوتها عبر المكالمة في أول ليلة بعد انتقاله أن تُقابله ، 

ففهمت فورًا أن هناك أمرًا كبير ،


ردت عبر الهاتف:

“ شو ويران ما زالت في المنزل تنتظرني .”


فردّ: “ تعالي معها .”




وفي زاويةٍ هادئة من حانةٍ صغيرة لا يعرفها أحد ، 

كانت المغنية تؤدي أغنية فولكلورية حالمة ، 

بينما جلست الفتاتان اللتان تحبّان بعضهما ترافقان رجلاً 

وحيدًا ، يشرب بصمت طوال الليل

وحين انتهى ، قام شو تشيتشن بدفع الحساب ، 

ثم أخرج بضع أوراقٍ نقدية ووضعها في صندوق آلة المغنية


مازحته لين شياو قائلةً :

“ تبذل بسخاء اليوم ، ألم تكن تدّخر مصاريف دراسة آ-روي ؟”



لقد سكر قليلًا ، فخرج مع شو ويران ليدخن سيجارة ، 

دخن اثنتين ثم تكلم :

“ أريد أن أتمرد مرة واحدة فقط ”


تلك الليلة بكت لين شياو بصمت ، عانقتها شو ويران تواسيها


امتزجت الذكرى بالحاضر ، 

فنظرت إليه بحنان وقالت محاولةً التخفيف عنه :

“ من حديثك القليل عنه ، أظن أن إيفان شخص طيب ورقيق بالفعل .”


لم يُجبها ….

فتح هاتفه كعادته ، ونظر إلى سجل المكالمات ، فكان آخر 

رقم هو رقم لانغ فنغ الدولي (+31)،


آخر مكالمةٍ بينهما قبل نحو أسبوعين، و استمرت أربع دقائقٍ ونصف فقط


لم يحفظ الرقم ، لأنه يعلم أنه لن يحتاجه بعد الآن


كان يعلم أن لين شياو على حق


لكن يو شياويوان كان أيضًا إنسانًا طيبًا


طيبه كان في بروده ، في عدم تعقيده للأمور ، 

في أنه لم يخدعه يومًا ولم يمنحه وعودًا كاذبة ، 

فقط انفصلا بكرامة ونظافة ، 


ولانغ فنغ بدوره كان طيبًا حقًا —

لكنه أدرك أنّ الطيبة وحدها لا تكفي لشقّ طريقٍ وسط الأشواك …..


إنه يحتاج ما هو أعمق من الطيبة… يحتاج إلى حبٍّ بلا تحفظ


وبعد لحظات ، التفت هو نحوها قائلًا:

“ هل كنتِ في طريقك لمكانٍ ما؟ وأين شو ويران؟”


: “ تنتظرني في الأسفل ، لم تجد موقفًا للسيارة .”


تنهد شو تشيتشن وقال مبتسمًا:

“ دعيها تصعد ، لا تُبقيها في السيارة وحدها .”


ضحكت لين شياو:

“ قالت إنها لا تريد أن تجعلك تغار بعرض حبّها لي أمامك . 

قالت أيضًا حين تخرج من المستشفى سنأخذك لتناول وجبة لذيذة .”


تحدثا قرابة عشرين دقيقةٍ بعدها ، ثم نهضت لتغادر ، 

فعاودته الذكرى — المشهد نفسه قبل ثلاث سنوات —-


ناداها حين همّت بالخروج وقال مبتسمًا بمرارة :

“ سأجيبك الآن عن سؤالك …

نعم ، أشعر بالندم ….

كأنني بذلت جهدًا كبيرًا ، ومع ذلك ما زلت واقفًا في المكان نفسه ….

الآن، لا أختلف كثيرًا عمّا كنت عليه قبل ثلاث سنوات ….

أتذكر قبل أن يغلبني التخدير تمامًا ، أنني فكرتُ بشيءٍ ما…

لكنني فقدت الوعي قبل أن أعرف ما الذي كنت أفكر به ”


عند النظرة الأولى ، يبدو شو تشيتشن شخصًا متفائلًا ومبتهجًا، 

حتى حين رأته لين شياو مغطى بالجبس من رأسه حتى 

أخمص قدميه ، كان قادرًا على المزاح ، بل وحتى في الليالي 

المؤلمة ، كان يواسي نفسه بصمت ، 

لذا حين سمعت كلامه الذي أظهر حزنًا واضحًا ، شعرت لين 

شياو بالمفاجأة ، 

ومع هذه المفاجأة جاء شعورها بالأسى من أجله


لين شياو شعرت بأن دموعها أكثر سرعة من دموع الشخص 

نفسه حين يتعلق الأمر بمعاناة صديق ، 

وربما كان اختيارها لأن تصبح ممرضة هو شيء اختاره القدر


قالت له بصراحة ، محاوِلة ضبط مشاعرها :

“ لقد أصبحت أكثر حرية ، 

و بعد أن فتحت عينيك ، يجب أن تشعر بخفة أكبر ”


فكر شو تشيتشن قليلًا ، ثم أجاب:

“ في العامين الماضية ، جسدي أصبح أكثر حرية ، لكن…”

لم يكمل جملته ، لكن لين شياو فهمت ما يريد قوله


فالحرية الجسدية ليست سوى نوع واحد من الحرية، 

وأبسطها على الإطلاق ، 

أما العبء النفسي العميق ، الناتج عن سنواته الثمانية مع 

باي زيوي وما تحمله مشاعر الحب من ثقل ، 

فلا يزال يحاول التحرر منه ،


قبل أن تغادر قالت له لين شياو :

“ قد أكون أكرر الكلام القديم ، لكنني أؤمن حقًا أن عليك أن تتبع قلبك ،، 

أنا وشو ويران… كدنا نفوت على أنفسنا فرصة ... 

السبب تفصيل بسيط ، بطاقة قطار واحدة فقط ،

الكثير من قصص الحب ، الفارق بين النجاح والفشل فيها 

يكون مثل فقدان كتف واحد فقط ... 

نحن… لا نريد أن تكون قصة حبك بينك وبينه هكذا .”


راقب شو تشيتشن ظهرها وهي تبتعد ، 

ثم غرق في تفكير عميق ، 


ثلاث سنوات مرت ، وما زال مستلقيًا على نفس سرير 

المستشفى ، وحتى اتجاه الغرفة نفسه — شمالًا ، 

حيث قليل من ضوء الشمس يمر عبر النوافذ ، 

وأشجار الحور البيضاء بالخارج ، 


خلفه ، نفس الندبة السابقة — الجرح الذي فتحت فيه 

الصفيحة المعدنية، وأعيد خياطة المكان ، 

و الآن ندبة جديدة تغطي الندبة القديمة ، 


لكن بعض الأشياء تغيّرت —-

مثل هويته التي انتقلت من طيار مقاتلات حربية إلى طيار مدني


سافر إلى أربع قارات ، وشاهد شروق وغروب الشمس فوق ثلاثة محيطات


ومثل صداقة عميقة مثل لين شياو ، روابط تكوّنت من خلال 

تجارب الحياة والموت ، وأصبحت من أقرب الناس إليه ،


ومثل الحب الذي عاشه مرة واحدة ، على الرغم من أنه لم يؤت ثماره ، إلا أنه أحب دون ندم ،


قبل يومين حين تم دفعه على سرير النقل إلى غرفة 

العمليات ، ووضع طبيب التخدير القناع على وجهه ، 

وبدأ العد التنازلي ، شعر أن روحه تترك جسده للحظة ، 

عاش ذكريات الماضي  —- اللحظة التي ضغط فيها على زر 

الطرد في جيان 15 على ارتفاع سبعين متر


حينها شعر أن هناك الكثير من الأشياء التي لم ينجزها ،

لحظات ندم —- 

لكن في هذه اللحظة ——- مع هذه العملية الجراحية ، 

تم سد معظم فجوات الندم التي كان يشعر بها —- 

{ وما تبقى … ربما هو فقط … }


العملية في السادسة مساءً تقريبًا ، و الإنارة في المرر يشبه 

تمامًا ضوء الغرفة الآن ، 

وربما بسبب توافق التوقيت ، تذكّر شو تشيتشن في اللحظة 

الأخيرة قبل فقدان الوعي ، خطر بباله شخصان : 

أخته تشو تشيروي التي لم يسمع عنها شيئ منذ ثلاث سنوات ،، ولانغ فنغ ——


أمسك على الفور بهاتفه ، واتصل بالرقم الدولي الذي يبدأ بـ +31


في الثواني الأولى من الاتصال ، لم يتعرف لانغ فنغ عليه ، وبدأ يتحدث بالهولندية — 


{ يبدو أنه لم يحفظ رقمي بعد أيضاً } لكن شو تشيتشن لم 

يهتم بذلك ، وقال بسرعة :

“ إيفان إذا قلت لك أنني تراجعت ، أو غيرت قراري… 

هل سيظل ذلك ممكناً ؟”


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي