Ch5 احتراق القلب
بعد عودته من عند فو نان آن ،
مرّ تشي تشاو سريعًا على غرفة تشي تشي ثم اتجه بسعادة إلى السكن ،
كان يبتسم طوال الطريق ، مستمتعًا بتفكيره في لطف
وهدوء البروفيسور فو
لكن بعد أن غسل وجهه واستلقى على السرير ،
شعر فجأة أن هناك شيئًا خاطئ
لم يكن الأمر يتعلق بفو نان آن —- ، بل بتشي تشي —- ،
عادةً يكون تشي تشي متشبثًا جدًا ——
كلما دخل تشي تشاو غرفته ، كان الولد يرفض أن يغادر ،
ويصر على اللعب أو الاستماع للقصص حتى يقترب وقت
إغلاق السكن ،
لكن اليوم ، كان تشي تشي هادئًا بشكل غير معتاد ….
و عند دخول تشي تشاو الغرفة ، وجده جالس على السرير ،
ويحتضن ركبتيه عند صدره ،
و بعد بضع كلمات فقط ، أصرّ على أن يغادر تشي تشاو ——
سأله تشي تشاو مبتسمًا :
“ لماذا أنت هادئ اليوم هكذا ؟
هل ضايقك أحد؟ قل لي، تشي تشاو-غا هنا .”
رمش تشي تشي بعينيه ، محاولًا رسم ابتسامة صغيرة، وقال:
“ لا… أنا فقط متعب قليلًا ،،
يجب أن تعود وتستريح ، تشي تشاو-غا "
في تلك اللحظة ، اعتقد تشي تشاو ببساطة أن الولد كان
هادئًا أكثر من المعتاد
لكن الآن ، وهو مستلقي على السرير ، أدرك أن هناك شيئًا
خاطئ
{ كانت عينا تشي تشي حمراء ، كما لو أنه كان يبكي
لا… }
جلس تشي تشاو فجأة على السرير
سأله زملاؤه الذين كانوا قد استقروا للتو بفضول :
“ ماذا هناك تشي تشاو؟”
تشونغ يانغتشيو — الذي لا يزال يلعب بهاتفه ،
نظر إليه وسأل :
“ لماذا تنهض مرة أخرى ؟”
بدأ تشي تشاو يصف سلوك تشي تشي هذا المساء ،
وتزايد شعوره بالقلق مع كل كلمة يقولها :
“ هناك شيء غير طبيعي …. يجب أن أذهب لأتفقده "
نظر تشونغ يانغتشيو إلى الوقت على هاتفه وقال:
“ متأخر جدًا ... السكن مُقفل بالفعل . إنها مجرد ليلة
واحدة فقط ، يمكنك أن تذهب لتهدئته غدًا مبكرًا .”
وأضاف زميل آخر:
“ نعم… مزاج الأطفال يتغير بسرعة ...
بحلول الوقت الذي تصل فيه ، ربما يكون قد نام ،،
الأمر لا يستحق العناء .”
وتابع زميلهم الثالث مازحًا :
“ وإذا خرجت الآن ، مديرة السكن ستوبخك.
أنت تعرف كم هي صارمة .
حتى دقيقة واحدة متأخر ، وستصرخ فيك .”
رغم محاولاتهم لثنيه ، لم يستطع تشي تشاو تجاهل شعوره بالقلق
بعد أن ذكر فو نان آن الحالة النفسية لتشي تشي، أصبح على
حافة التوتر
جناح طب العيون غالبًا يشهد مرضى يعانون من مشكلات
نفسية بسبب ظروفهم الجسدية
و كان يوجد حالات لأطفال في عمر تشي تشي حاولوا
الانتحار لأنهم شعروا بأن والديهم لا يريدونهم
تنهد تشي تشاو :
“ لتوبخني إذا شاءت ، لكن يجب أن أطمئن عليه ،
لن أستطيع أن أرتاح بخلاف ذلك .”
وسحب ملابسه سريعًا وهو يجهز نفسه للخروج
لم يستطع زملاؤه منعه ، لكن مديرة السكن لم تكن سهلة الإقناع ——
لقد ذهبت لتوها إلى السرير ، ولم تكن راضية عندما أيقظها تشي تشاو
قالت بحزم :
“ لااا ،،،
قوانين الجامعة تقول إن المتدربين لا يمكنهم الخروج في الليل "
توسل تشي تشاو بأدب :
“ يوجد مريض صغير يقلقني . أريد فقط الاطمئنان عليه .
سأعود بسرعة .”
صاحت المديرة متشككة :
“ كان من الأفضل أن تبتكر عذرًا مقنعًا على الأقل .
يوجد موظفين في المستشفى خلال الليل .
ماذا يمكن لمتدرب مثلك أن يفعل ؟
حتى لو حدث شيء ، يوجد الأطباء والممرضات للتعامل معه .
ستكون فقط عائق في طريقهم .”
كانت كلماتها منطقية ، لكن تشي تشاو لم يستطع التخلص
من شعوره بالقلق
ظل جفنه الأيمن يرمش ، وشعر بشعور سيء
و صورة تشي تشي النحيل علقت في ذهنه ،
رافضاً أن تتلاشى
توسل بصوت منخفض :
“ أرجوكِ… فقط هذه المرة ... إذا كنتِ قلقة ، سأترك بطاقة
هويتي هنا ،،
سأتحمل المسؤولية كاملة إذا حدث شيء "
المديرة بحزم : “ لا "
توسل تشي تشاو مجددًا :
“ أرجوكِ ، فقط هذه المرة . حقًا .”
بعد عدة جولات من الجدال ، استسلمت المديرة أخيرًا:
“ حسنًا، حسنًا . لم أرَى يومًا طالب عنيد مثل هذا
أنت تفوز "
ابتسم تشي تشاو بامتنان :
“ شكرًا ! شكرًا جزيلاً لكِ "
حذّرته وهي تفتح الباب :
“ فقط اجعل الأمر سريع ، ولا تخبر أحد أنني سمحت لك بالخروج .
الجامعة لا تسمح بذلك . إذا حدث شيء ، فسأتحمل المسؤولية .”
أومأ تشي تشاو سريعًا :
“ لا تقلقي . سأعود قريبًا .”
بعد نصف ساعة من الإقناع ، خرج تشي تشاو أخيرًا من السكن ،
الوقت متأخر ، و الشوارع أكثر هدوءًا مقارنة بالنهار
أغلقت معظم المتاجر أبوابها ،
وبقيت بعض المحلات فقط مفتوحة في المسافة
أضاءت أضواء الشوارع الطريق الأسفلتي،
ومرت سيارة بين الحين والآخر
هبت رياح الخريف الباردة على ملابسه، وجعلت تشي تشاو
يشعر وكأنه بطل خارق وهو يمشي عكس الرياح ،
أدخل سماعاته وفتح تطبيق الموسيقى
“ تشي تشي ،،،، لديك غا يهتم بك جدًا ! "
ضحك تشي تشاو وهو يسحب سحاب سترته
معظم المخاوف تتحول إلى إنذارات كاذبة ،
وكان تشي تشاو يسعى أساسًا للاطمئنان ،
دون توقع حدوث شيء خطير ،
فماذا يمكن لطفل أن يفعل ؟
و المستشفى يتخذون إجراءات أمان صارمة ،
حتى أن النوافذ مغلقة بإحكام
عندما دخل تشي تشاو المستشفى وتوجه نحو قسم الأطفال ،
تساءل إن كان سيوقظ تشي تشي أو يفاجئه ،
لكن عندما رأى باب غرفته المغلق بإحكام ،
بدأ جفنه الأيمن يرمش مجدداً
ولمنع الحوادث أضواء المستشفى تعمل طوال الليل
فكانت أضواء الممر دائمًا ساطعة قوية ،
وكل غرفة بها مصباح ليلي
عادةً تكون أضواء أجنحة طب العيون أكثر إشراقًا بسبب
ضعف بصر المرضى ، لكن غرفة تشي تشي —- مظلمة تمامًا
نادى بحذر:
“ تشي تشي؟”
تقلص قلبه ، وأزال سماعاته من أذنيه ، ودفع الباب بحذر شديد
و بصوت خافت ، أدار تشي تشاو مفتاح الإضاءة ،
وما رآه جعله يشهق من الذعر
“ تشي تشي——!!!”
بسبب تشغيل الأنوار فجأة ، أعمت عينيه للحظة ،
وتحت الضوء القاسي ، يجلس تشي تشي على السرير
شاحب الوجه ، مرتجف الجسد ،
وهو يمسك بسكين صغير ،
ذراعه مرفوعة يستعد لقطع معصمه الآخر —
تجمّد في مكانه حين رأى تشي تشاو ، وقد بدا مصدوم ،
يحدّق إليه بفراغ
لم يتردد تشي تشاو لحظة ، واندفع نحوه لانتزاع السكين
“ تشي تشي! ماذا تفعل ؟!”
صرخ بصوت مرتجف
استفاق تشي تشي من شروده ، ولوّح بالسكين بعشوائية
“ ابتعد عني تشي تشاو-غااا !”
في المستشفيات ، يُمنع المرضى من حيازة أي أدوات حادة،
لكن من كان عازمًا على الأذى يصعب ردعه
اندفع تشي تشاو نحوه ، لكنه تأخر لحظة فقط…
لقد بدأت الدماء تسيل من معصم تشي تشي
: “ تشي تشي!”
أمسك تشي تشاو بمعصمه بقوة ، لكن الفتى بدأ يتخبط،
فانزلق السكين وجرح يد تشي تشاو
شهق من الألم ، و تجمّد تشي تشي وقد أدرك ما فعله ،
فتراجع بخوف وهو يصرخ:
“ آسف ! تشي تشاو-غااا ! لم أقصد… أنا… ابقَ بعيدًا !”
رؤية الدم على يد تشي تشاو زادت ذعره ، فحاول الهرب أكثر ،
لكن تشي تشاو يعرف أنه إن لم يتصرف فورًا ، سيفقد الطفل
أمسك بمعصمه من جديد ، وأثناء العراك ، تعلّق تشي تشي
بسلك السماعة ،
فانطلق هاتف تشي تشاو نحو الأرض محدثًا صوتًا مرتفعًا
ارتجف تشي تشي من الصوت ، واغتنم تشي تشاو تلك
اللحظة لينتزع السكين من يده ويعانقه إلى صدره بقوة
“ لا! لا تلمسني!”
تخبط تشي تشي بعنف ، جسده كله يرتعش من الخوف والتوتر
تشي تشاو يبذل جهد هائل ليُبقيه بين ذراعيه ،
و يكرر مرارًا :
“ تشي تشي ، اهدأ ! تشي تشي !”
لكن الفتى تجاوز مرحلة المنطق ——
المشاعر التي كتمها طويلًا انفجرت دفعة واحدة
وبرغم جسده النحيل ، قوته تزداد بجنون تحت وطأة يأسه
ركل وعضّ بعنف ، وتزايدت صعوبة السيطرة عليه
أولاً ، تحررت ذراعه اليمنى
ثم ساقه اليمنى …
اهتزّ السرير بعنف من شدة الصراع
تشي تشاو تستنزف كل قوته ليتمكّن من الإمساك بتشي
تشي و صرخ بصوت مبحوح طالبًا المساعدة :
“ النجدة ! النجدة !
المريض في السرير 26 يحاول الانتحار ! أيها الأطباء !
الممرضات ! أسرعوا !”
امتزجت صرخات تشي تشي مع صياح تشي تشاو
هرع الأطباء والممرضون ، وبعد ما بدا وكأنه لحظة وأبدية ،
تم سحب تشي تشي من أحضان تشي تشاو
“ سريع ! أحضروا جهاز تخطيط القلب !”
“ إصابة في المعصم ! عالجوا ذلك أولًا !”
“ السكين ليس نظيف ،، حضّروا لقاح التيتانوس !”
من الغرفة إلى قسم الطوارئ ،
دقّت عجلات النقالة على الأرض بصخب ——
تشي تشاو وقد أصبحت يده فارغة ، جلس في ممر خارج
الطوارئ ، يحاول تنظيم تنفسه بينما قلبه غارق في الأسى
{ لماذا لم أكن أسرع ؟
لماذا لم ألاحظ معاناة تشي تشي في وقت أبكر ؟
لماذا…؟ }
في خضم اللحظة لم تتسن له فرصة التفكير ،
لكن الانتظار الآن جعل كل المشاعر تتدفق دفعة واحدة
كان تشي تشاو دائمًا يراقب تشي تشي عن كثب
رغم أن والديه غالبًا يتركونه مع خادمة ، كان تشي تشاو يزور
الفتى يوميًا، يلعب معه، يتحدث إليه، ويرصد أي قلق ليبلغه
إلى فو نان آن
لقد كان أول من لاحظ محاولة انتحار تشي تشي ،
ومع ذلك لم يستطع تفادي شعور الذنب ….
حتى لو كانت الإصابة مجرد خدش بسيط، لم يستطع تشي تشاو إلا لوم نفسه
{ لو كنت أسرع فقط…
لو كنت أكثر انتباهًا…
لو فقط… }
يوجد الكثير من الـ”لو” في ذهنه
مشهد الدم ، نحيب تشي تشي الذي لا يوقف،
والذكريات المجزأة تتلاعب في ذهنه
أخذ نفسًا عميقًا ، والألم في يده لا يزال حادًا ،
وضرب فخذَه من شدة الإحباط ، غارق بين الندم والغضب واللوم
وفجأة —- ، شعر بيد ترتكز على كتفه
“ تشي تشاو؟”
كان صوت فو نان آن ———
غارقًا في لوم نفسه ، لم يلاحظ تشي تشاو وصوله
رفع رأسه ليجد البروفيسور واقفًا أمامه
توقف تشي تشاو عن البكاء فجأة ،
لا يريد أن يراه فو نان آن في هذه الحالة
لكن الصمت المفاجئ أكد لفو نان آن ما كان يشك فيه —
{ تلك الشهقات المكتومة …. هي بالفعل دموع تشي تشاو }
: “ هل أنت بخير؟” سأل فو نان آن بهدوء ، دون أي لمحة
لوم : “ لماذا تختبئ هنا وحدك ؟”
يتبع
الفصل التالي الفصل السابق
تعليقات: (0) إضافة تعليق