Ch7 الخطاف الخلفي
بعد تلك الليلة ، كان ذهن تشو تشيتشن مضطربًا جدًا ….
يمكن القول إنه غادر دون وداع حقيقي ، لكنه من باب
اللباقة ترك ورقة صغيرة يعتذر فيها متذرعًا بفرق التوقيت
— وهو عذر ركيك ، يصلح لخداع الآخرين ،
لكن من الصعب أن ينطلي على لانغ فنغ ،
تشو تشيتشن يعرف نفسه جيدًا ؛ في علاقات الجنس
العابرة ، هو أكثر خبرة بكثير من لانغ فنغ ،
الرغبة بالنسبة له رغبة فقط — لا أكثر
يمكنه أن يفعلها مع أشخاص مختلفين كل مرة ،
لكنه لم يحب في حياته إلا شخصًا واحدًا — لمدة ثماني
سنوات — دون أن يمسك بيده أو يقبّله مرة واحدة ،
كل شيء دفنه في قلبه ،
ومنذ أن تجاوز الخامسة والعشرين ، لم يكن يجد متنفسًا
لرغباته إلا في الإجازات حين يعود إلى منزله ،
ثم يتحمل فترات أطول من الكبت ،
التجارب التي مرّ بها جعلته يفصل تمامًا بين الجنس
و الحب ، حتى بعدما ترك الجيش والتحق بشركة الطيران
المدني ، وصار يملك وقته وحياته بحرية ، لم يتغير هذا
النمط كثيرًا ،
باستثناء علاقة عاطفية قصيرة في شِنْجِن لم تثمر عن شيء،
مرّ أكثر من عامين دون أن يدخل علاقة جديدة ،
لكن الأمر مع لانغ فنغ… لم يكن كأي غريب ،
لانغ فنغ كان يصطحبه في مواعيد علنية ، يلتقيان في
المطاعم ، ويتحدثان بانفتاح ،
لقد تجاوزا حدود العلاقة العابرة ،
تشو تشيتشن يدرك بوضوح أسلوب لانغ فنغ في العلاقات — يبدأ بالمواعدة ، ثم بالتقارب العاطفي ،
وبعد أن يقتربا كفاية ، ينتقل إلى العلاقة الجسدية ،
ومن بعدها إلى الارتباط الحقيقي ،
لانغ فنغ شخص منظّم ومنهجي ،
و في الحقيقة لم ينوي في البداية أن يأخذ تشو إلى منزله
في ذلك اليوم — وقد أدرك تشو هذا جيدًا
لكن في اللحظة الأخيرة ، لانغ فنغ خفّف حذره ، استسلم —
و لم يأخذه إلى منزله فقط ، بل سمح له أيضًا أن يكون الطرف المسيطر
لكن … الذي أسقط دفاعه ليس لانغ فنغ وحده —-
لانغ فنغ أسقط حاجز الجسد ، أما تشو تشيتشن فأسقط حاجز القلب
الملابس يمكن ارتداؤها مجددًا بعد أن تُخلع ،
والموافقة على العلاقة ليست أكثر من كلمة ،
لكن متى ما نُزِعَت الحواجز الداخلية ، لا يمكن إعادتها كما كانت
لهذا شعر — أثناء العلاقة وبعدها — أنه أصبح مكشوفًا ،
وأن نقاط ضعفه باتت واضحة ، وليس بسبب كونه بوتوم
فقط ، بل لأن شيئًا داخله انكسر ،
ومنذ ذلك الحين ، كان يلاحظ أن نظرات لانغ فنغ إليه تغيّرت
…
في اليوم التالي لمغادرته دون وداع، أرسل له لانغ فنغ رسالة عبر ويتشات :
[ كيف كانت رحلتك اليوم ؟ ]
وكان تشو تشيتشن في الجو فعلًا اليوم ،
رأى الرسالة بعد الهبوط بساعات ، وردّ بعدها قائلاً إن
الطقس كان جميل والطيران سارَ بسلاسة — كلام عام لا
يحمل شيئًا مهمًا، لكنه لم يرغب تجاهله تمامًا
استمرّا في تبادل الرسائل بين الحين والآخر ، واعتقد تشو أن
الأمر سينتهي عند هذا الحد ، لكن بعد يومين ، في الليلة
التي طار فيها مع فَانغ هاو إلى شنغهاي ، تلقى مكالمة من لانغ فنغ
هذه المرة الأولى التي يتصل فيها به دون سبب رسمي —
لا تأخير في موعد ، ولا أمر متعلق بالعمل ،
قال لانغ فنغ بصوته الواضح والمباشر المعتاد :
“ بعد أن غادرت في ذلك اليوم ، لم يرتاح بالي ،،
هل أنت بخير الآن ؟ كنت قلقًا من أن تكون قد تأذيتَ ،
خصوصًا وأنك قد أجريتَ عملية سابقاً .”
كان صوته صريح لا يعرف المواربة ، لطيف النبرة لكن
مباشر في المعنى
أجابه تشو تشيتشن بابتسامة خافتة :
“ لا بأس ، سأتعافى خلال يومين .
شكرًا على اهتمامك .”
كلمات لانغ فنغ أعادَت الدفء إلى قلبه ،
و لم يكن يريد أن يُسيء إليه أو يرفض لطفه ،
كان يعلم أن قلق لانغ فنغ لم يكن بسبب السقطة تلك
فقط ، بل أيضًا لأنه غادر بلا وداع ولا كلمة ،
رأى لانغ فنغ أنه بخير ، فتردّد لحظة ثم قال بخفةٍ فيها
لمحة من عتاب لطيف :
“… قلت مرة لك ومرة لي
إذاً المرة القادمة دورك أنت ، ما رأيك ؟”
لم يكن معتاد أن يقول مثل هذه الكلمات ، لكنها خرجت
منه بنغمةٍ تحمل شيئ من الرضا والملاطفة — كأنه يقول
' أعطيك الدور هذه المرة '
كبح تشو تشيتشن ضحكته ، وشعر بشيء من الحنان نحوه
لم يكن في قلبه ضغينة أصلًا ؛ ما أزعجه لم يكن تصرف لانغ فنغ، بل فقدانه لسيطرته تلك الليلة ،
تشو تشيتشن :
“ هل أنت في بكين الآن ؟”
لانغ فنغ:
“ ممم ، ما زلت هنا ….”
ثم تردد لحظة وأضاف :
“ سأغادر غدًا بعد الظهر ، إن أردت المجيء يمكننا أن
نشاهد فيلمًا ونتحدث قليلًا .”
في نبرته ما يكفي ليُدفئ قلب تشو تشيتشن
لو أن لانغ فنغ اتصل به مباشرةً وقال له: تعال إليّ الآن ،
لكان تشو على استعداد أن يستقل طائرة من شنغهاي إلى
بكين في الحال — لو لم يكن لدى لاتغ رحلة طيران في اليوم التالي طبعًا
فقال له تشو بابتسامة صغيرة:
“ اهااا … أنا في شنغهاي الآن ،، بعد ذلك عندي رحلة إلى
سنغافورة ، ثم أعود إلى شنغهاي ، وبعدها إلى بكين .”
كانا فعلًا في جدولين لا يلتقيان
لانغ فنغ :
“ إذًا هذه أربع رحلات قصيرة متتابعة ، أليس كذلك ؟”
تشو:
“ تقريبًا . الأسابيع القادمة مزدحمة جدًا ، موسم السفر في
الربيع يقترب ، ولدينا ذروتان متتالية .”
كانت طريقته مهذبة وفيها شيء من التهرب ،
لكنه لم يكذب ، فقد كان فعلاً مشغولًا
سكت لانغ فنغ قليلًا ، وكان في صوته شيء من الخيبة :
“ اووه … وماذا عن الأسبوع القادم ؟”
تشو تشيتشن:
“ أرسل لي جدول رحلاتك ، وسأرى إن كان وقتي يناسبك .”
لانغ فنغ:
“ حسنًا ….”
ثم تردد لحظة وسأل :
“ كيف ستقضي عطلة رأس السنة الصينية ؟”
صمت تشو قليلاً :
“ مثل كل عام… حسب الجدول ،
يبدو أنني سأقضيها في سنغافورة هذه السنة .”
لا يعرف لماذا دائمًا تنتهي أحاديثهما بمواضيع لا يحب
الخوض فيها — إمّا الجيش ، أو إصابة ظهره القديمة ،
أو العائلة والأعياد ،
لكنه لم يرغب أن يبدو باردًا ، فغيّر مجرى الحديث قائلًا :
“ وأنت؟ كيف ستقضيها ؟”
وفي تلك اللحظة خطر له خاطر غريب —
{ إن لم يكونوا عائلة لانغ فنغ في الصين ، وأنا سأكون في
بكين لاحقًا… فربما يمكننا قضاء العطلة سويًا ؟ }
لكن لانغ فنغ قال ببساطة :
“ سأكون في هولندا وقتها ، أمي على الأرجح ستعد بعض الأطباق الجيدة .
آيفي لن تكون في المنزل ، على أي حال نحن نحتفل
بالكريسماس أكثر من رأس السنة الصينية .”
تحدثا بعد ذلك ببعض الأحاديث الخفيفة عن الحياة ،
ثم انتقلا للحديث عن حادث اصطدام الطائرتين في مطار
بودونغ وآثاره ،
تشو يقود طائرات إيرباص 330، بينما يقود لانغ فنغ
طائرات 320، فكان الموضوع يثير اهتمامهما المهني
لانغ فنغ:
“ لو كنت كابتن الرحلة في شركة ساوذرن، وظهرت أمامك
طائرة 330 تعبر منتصف المدرج فجأة ،
هل كنتَ ستختار السحب بالقوة والإقلاع ، أم الانحراف إلى الجانب ؟”
فأجابه تشو فورًا :
“ كنت سأخرج عن المدرج وأدخل العشب ،
السحب بالقوة مخاطرة كبيرة جدًا .
لكننا نقول هذا الآن بعد أن عرفنا مجريات الحادث كاملة ،
ولدينا تحيّز مسبق .
ولكن في تلك اللحظة الفاصلة ، لا أحد يعرف كيف
سيتصرف فعلًا — فالقرار يُتخذ في جزء من الثانية .”
الحديث عن الطيران والعمل أسهل بكثير من الحديث عن
الحياة والمشاعر ،
فتبادل الاثنان أطراف الحديث نحو ربع ساعة
وقبل أن ينهي تشو المكالمة ، نظر إلى شاشة هاتفه فرأى أن
لانغ فنغ أرسل له فعلاً جدول رحلاته للأسبوع القادم ،
قال له تشو:
“ سأراجع مواعيدي وأرسل لك الأوقات التي أكون متفرغًا فيها .”
ثم أنهيا المكالمة
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق