القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch89 ffb

 Ch89 ffb




' نعم، أعرفه — إنه حبيبي السابق '


جملة واحدة ، لكنها سقطت على المائدة كقنبلة بلا صوت


تبادل الزملاء النظرات ، ارتفعت الحواجب ، وتقلّبت العيون 

في صمت مليء بالدهشة والفضول ، 

كأن عاصفةَ نميمة قد اجتاحت المكان في لحظة ،


الإجابة غير المتوقعة جعلت أنفاس فان شياو تتوقف للحظة ،

كرّرها في ذهنه مرارًا ، يمضغ معناها في داخله ، 

لكنه — مهما حاول — لم يجد فيها طعمًا من الحلاوة


كانت نبرة يو شولانغ هادئة أكثر مما يجب ، 

عادية إلى حدٍّ جارح ؛

كمن يقول : السكر حلو ، والدواء مرّ ، والغيوم بيضاء ، 

لا انفعال ، لا تردّد ، لا ألم ،

مجرد حقيقة ماضية تُذكر عرضًا — لا أكثر


كلمة “حبيبي السابق” على لسانه لم تحمل أي شجن خاص، 

كأنها تشير إلى قميص قديم ارتداه يومًا ، ثم خلعَه ببساطة ، 

لأنه لم يعد يروق له


في هذه اللحظة ، كان يو شولانغ قد تجاوز الموضوع 

بالفعل ، منشغلًا بفرد المنديل المطرّز على ركبتيه ، 

يهتم بضبط زواياه أكثر مما يهتم بمن يقف أمامه


قطع الصمتَ صوتُ الفتاة ذات الشعر المموّج الطويل 

( هويهوي ) ، وهي تضع ذقنها على كفّها وتنظر إلى فان شياو مبتسمة :

“ صديقي له ذوق رفيع في اختيار الرجال ،

يا الحبيب السابق اختر لنا أربع أطباق لذيذة — 

القرار قرارك "


لمح فان شياو وجهها بنظرة عابرة ، ثم أغلق قائمة الطعام 

وقال بنبرة مهذبة رسمية :

“ إن لم يكن لدى أحدكم محظورات في الأكل ، فسأهتم أنا 

بإعدادها "


شعرت الفتاة بقشعريرة باردة تسري في ذراعها ، 

{ يا له من جوٍّ مثلّج… }


ما إن غادر فان شياو ، حتى سارع يو شولانغ بإخماد حماس 

زملائه ، كمن يصبّ ماءً على نار الفضول :

“ لا تسألوا ! 

لا شيء يستحق الحديث عنه ! 

في مثل عمري هذا من الطبيعي أن يكون لي حبيب سابق "


رفعت هويهوي حاجبها وأشارت بإصبعها :

“ سؤال واحد فقط ! ” خفّضت صوتها وقالت بمكر :

“ كيف كان في السرير ؟ 

يقولون إن الرجال الوسيمين أداؤهم… متواضع "


يو شولانغ : “……”



......



مضت السهرة في أحاديث متشابكة بين الزملاء ، 

يتبادلون المزاح والذكريات ، بينما تسلّل يو شولانغ خارج 

القاعة إلى ركنٍ هادئ بجوار الحمّام ، وأشعل سيجارة


تسلّل الدخان متصاعدًا في الفراغ ، 

وتراكم الرماد على أطراف أصابعه ، 

حتى انفتح الباب — ودخل فان شياو


لم يُبدِي يو شولانغ أي دهشة ، بل تابع النظر إلى فان شياو 

وهو يقترب منه ، 

من دون أن يظهر عليه نفور أو حذر ،

بل على العكس ، أبعد جسده قليلًا ، ليفسح له نصف الزاوية 

الضيقة التي يقف فيها


مدّ فان شياو يده من بين طيات ملابسه المزخرف وأخرج علبة 

سجائر زاهية الألوان — السجائر التايلندية يانتشي

قال بابتسامة خفيفة وهو يقدم واحدة منها :

“ تريد سيجارة مدير يو؟ 

أليست هذه التي كنت تفضلها سابقاً ؟”


رفع يو شولانغ السيجارة التي كانت بين أصابعه ، 

لقد تبقّى منها نصفها ، 

وهزّها برفق ليتساقط الرماد منها على الأرض ،


اقترب فان شياو ، ووضع سيجارة يانتشي الجديدة بين شفتي 

يو شولانغ ، ثم أخذ من بين أصابعه تلك النصفَ المحترقة ، 

ووضعها في فمه


كانت الحركة سلسة ، مألوفة ، طبيعية إلى حدٍّ مدهش — 

كأن لا شيئ تغيّر بينهما ، 

وكأنهما لم ينفصلا يومًا ، 

و ما زالا يتقاسمان النفس الواحد بلا تحفظ ،


أشعل عود الثقاب ، ومدّ يده بالنار نحوه …


تبادل يو شولانغ النظرات معه لحظة قصيرة ، 

ثم أمال رأسه قليلًا وأشعل سيجارته من اللهيب الذي في يده


سأل فان شياو وهو يطفئ عود الثقاب بابتسامة خفيفة :

“ هل كنتَ تنتظرني ؟”


زفر يو شولانغ دخانًا كثيفًا ثم ردّ بهدوء :

“ وما الذي يجعلك تظنّ ذلك ؟”


: “ دخلت قبل ست دقائق ،” قال فان شياو وهو يراقبه 

بعينين تلمعان : “ غسلت يديك ، وأشعلت سيجارة ، ولم تخرج بعد ،

ست دقائق كافية لفعل كل شيء… إلا إذا كنتَ تنتظر أحد "


لم يردّ يو شولانغ ، لكن صمته كان أقرب إلى الموافقة ،

ثم قال بنبرة جافة :

“ ألستَ تعمل مندوب طبي ؟ ماذا حصل ؟ 

غيّرتَ مهنتك أيضًا ؟”


بين شفتي فان شياو ، السيجارة المبلّلة بطرف لسان شولانغ 

جعل قلبه يخفق بعنف ، أجابه بعد لحظة :

“ما زلت أعمل مندوب طبي ، أركض بين الصيدليات نهارًا ، 

وأعمل هنا ليلًا بدوام جزئي .

كثير من الزبائن هنا من جنوب شرق آسيا ، وأنا أتحدث 

التايلندية ، فالراتب أفضل ”


رفع يو شولانغ حاجبًا خفيفًا ، وارتسمت على شفتيه ابتسامة لم تصل لعينيه ، 

نظر إلى السيجارة في يده وتأملها ببطء :

“ علبة يانتشي واحدة تساوي أجرة نادل ليومين هنا أليس كذلك ؟

أخبرني يا فان شياو ما الذي يجعلك تنزل بنفسك إلى هذا الحد ؟ 

لأي غرضٍ بالضبط ؟”


واجهه فان شياو بالسؤال نفسه ، لكن عينيه امتلأت 

بابتسامة هادئة غريبة :

“ أقلعت عن التدخين في الداخل ،

لكن بعد أن خرجت ، لم أستطع ضبط نفسي ،،،

أفكر فيك … فأشعر بحاجة إلى أن أدخّن ،،،

أغضب… فأشعر بحاجة إلى أن أدخّن ،،،

جربت ماركات أخرى ، لكنها لم تناسبني ،،،

هذه السيجارة وحدها تذكّرني بك ،،،

ولأنها غالية ، لا أدخّنها إلا حين أشتاق إليك حقًا "


لكن هذا الاعتراف الصادق لم يُخفف حدة ملامح يو شولانغ 

القاسية وبروده

قال بنبرة صارمة خافتة :

“ فان شياو بعض الكلمات لا تُقال في هذا الوقت ،

والأفضل أن تبتلعها قبل أن تندم عليها "

لم يمهله فرصة للرد ، بل تابع بصوت بارد ساخر :

“ قلتَ في الداخل ؟

على حدّ علمي ، لم تُسجن قط… أليس كذلك ؟”


: “ ستة أشهر ...” قالها فان شياو وهو يحدّق في تلك 

النصف سيجارة التي لم يشأ أن ينهيها ، 

لا يدخن منها إلا نفثات خفيفة كمن يخشى أن تنفذ : 

“ لأنني شاهدًا متعاون … ووفقًا لقانون تايلند ، فإن من 

كانت جريمته أخفّ من الشركاء الآخرين لا تُفصح السلطات 

عن تفاصيله للعامة ”


رفع يو شولانغ نظره إليه بجدية نادرة وسأله : 

“ شاهد متعاون ؟”


أومأ فان شياو برأسه : “ كنتُ دائمًا أريد الانتقام منهم ،

وقت وقوع التسونامي ، كان بإمكانهم أن يأخذوني أنا وأمي 

معهم… لكنهم أغلقوا باب السيارة في وجوهنا ، 

لم ينتظروا دقيقة واحدة ، 

أمي كانت زوجته ، وهم من كانوا يصفونها دومًا بالزوجة 

الفاضلة والأم الصالحة ، 

وأنا ابنه ، الأخ الذي قالوا عنه مطيع ومهذب ، لكن في النهاية ؟ 

لم يهتم أحدهم بحياتنا ...”


اهتزّت أصابعه التي تمسك السيجارة ، 

وأنزل عينيه بابتسامة باردة كسكين : 

“ خططت لانتقامي لفترة طويلة ولأجل العثور على الأدلة ، 

اضطررتُ أن أتورط معهم  ، 

وبعدها تعاونت مع النيابة المحلية ، واتفقنا أن أساعدهم 

في متابعة التحقيق بقضية التزوير وبيع الأدوية الفاسدة 

التي وقعت قبل عشرين عامًا ، 

وبالفعل عثرنا على بعض الأدلة ، لذا أثناء جلسات 

المحاكمة ، حوّلوني إلى شاهد متعاون ، وخُفِّف عني الحكم 

إلى ستة أشهر فقط "


حين أنهى كلامه ، عمّ الصمت المكان


يو شولانغ لم يُجب ، بل وقعت عيناه على دعسوقة صغيرة 

تحاول الصعود على جدار المغسلة المقوّس


بذلت جهدها في التسلق ، خطوة بعد أخرى ، 

لكنها في كل مرة تسقط مجددًا إلى القاع


أطفأ يو شولانغ سيجارته الفاخرة وألقاها في سلة المهملات ، 

ثم تقدم نحو المغسلة وفتح الصنبور ، 

وقبل أن يتدفق الماء ، مدّ يده والتقط الدعسوقة 

ورماها بلطف إلى الخارج

و وسط صوت الماء ، قال بصوت بارد : “ فان شياو المال 

الذي خصصته لعلاج تيانتيان في حساب الصندوق الطبي ، 

وأرباح استثمارك باسمك في شركة فين فنغ ، أيٌّ منهما 

يتطلّب منك أن تعاني بكل هذا ؟”

أغلق الماء وسحب مناديل ليمسح يديه ، وفي نبرته ارتجف 

خيط خافت من الغضب : “ ما الذي تُخفيه هذه المرة ؟”


ظل فان شياو صامتًا لحظة ، ثم قال وهو يحدق بعيني يو 

شولانغ عبر المرآة :

“ المال الذي خصصته لعلاج تيانتيان حتى لو متُّ جوعًا فلن ألمسه ، 

أما أرباح فين فنغ ، فلو أردتُها ، لكانت الشركة كلها لي "

تقدم خطوة حتى كاد أن يلامس ظهر شولانغ :

“ إلى جانب ذلك ، أملك شركة صغيرة تخصّني وحدي ، 

دخلها كافٍ لأن أعيش دون قلق ….

لكنّ —”


قُطع كلامه فجأة ، دوّى من الممر صوت منادي خافت :

“ فان شياو ! فان شياو ! المدير يبحث عنك يسأل لماذا 

تأخرت كل هذا الوقت !”


: “ اللعنة ...” تمتم فان شياو ، ثم أمسك بذراع يو شولانغ 

ودفعه داخل إحدى الكبائن المغلقة في الحمّام وأغلق 

الباب


: “ أنت—!”


ما إن خرج الصوت من بين شفتي شولانغ حتى وضع فان 

شياو كفِّه على فمه ، 

وقفز بخفةٍ فوق مقعد المرحاض مشيرًا إليه أن يصمت


دخل أحدهم إلى الحمّام ، ينادي باسم فان شياو مرارًا ، 

ثم انحنى ليلقي نظرة من أسفل الأبواب المغلقة ، 


ولما رأى حذاء يو شولانغ الرسمي وبنطاله الأنيق ، أدرك أن 

المكان مشغول ، فانسحب بسرعة 


آثارت خطوط كفّ فان شياو على شفتي يو شولانغ ، بعض الذكريات ….

مشاعر لا يوصف طعمها ، 

فاحمرّت أذناه ودفع يده جانبًا بعصبية ،

قال بصوتٍ منخفض غاضب : “ ما الذي تفعله ؟”


ظل فان شياو منحنياً فوق المقعد ، 

أثارت الرطوبة على يديه أفكارًا مضطربة بداخله —- 

كبح رغبته في تقبيل كفّه ، ثم نهض ليستأنف حديثه :

“ كنتُ أقول… أنا أملك المال ، لكن كل قرش حصلت عليه 

كان بفضل نفوذ العائلة ، 

رأس المال ، العلاقات ، الفرص - كل شيء تم تأمينه بفضل اسم والدي "

رفع عينيه بثبات نحو شولانغ وصوته هذه المرة أقلّ حدّة وأكثر صدقًا :

“ شولانغ لستُ ساذج حتى أتعالى على المال أو أدّعي المثالية ، 

ما هو لي ، سأستعيده ،

لكنني أريد أن أكون نفسي حقًا لمرة واحدة ،

ليس بدافع فلسفي سخيف عن تحقيق الذات ، بل فقط 

لأنّي أريد أن أكسب مالًا نظيفًا بعرقي ، 

و أن أفعل شيئًا يستحق جهدي… 

وإلا فلن أستطيع الاستمرار حقًا "


في هذا المكان الضيق ، ذبذبات صوته تلامس جدار الصدر 

وتبعث شيئًا يشبه الخفقان


تراجع شولانغ بخطوة صغيرة حتى اصطدم ظهره بالجدار، 

فلم يعد له مكان يبتعد إليه


قال فان شياو بهدوءٍ ممزوجٍ بالاعتراف : 

“ البدء من الصفر أصعب بكثير مما تصورت "

أخرج هاتفه ، فتح الألبوم ، 

وأظهر صورة أمام عيني شولانغ : “ لكن خلال ستة أشهر 

فقط ، صرتُ من مندوب بسيط لشركة أدوية إلى مدير منطقة 

إقليمية ،

صحيح أن المنطقة التي أديرها في شيبو ضعيفة اقتصاديًا ، 

لكنها في هذه الصناعة تُعدّ ترقية سريعة جدًا "


في الصورة ، بدا فان شياو أنيقًا في بدلته الرسمية كما عهدَه 

يو شولانغ من قبل ، 

واقفًا بين أبطال المبيعات على منصة التكريم ، 

يعلّق على صدره وشاح أحمر ويُمسك شهادة الشرف في يده ،

كان يبدو وكأنه يكره هذا الوشاح الزاهي ، و حاجباه عابسان 

قليلًا ، لكن عينيه تلمعان بضوء لا يمكن تجاهله—نفس 

الضوء الذي يلمع في عينيه الآن


حدق يو شولانغ في الصورة لحظات أطول مما أراد ، 

ثم أبعد نظراته بصمت


اقترب فان شياو منه خطوة صغيرة ، 

صوته منخفض :

“ منصب تافه ، وجائزة لا تتجاوز ثمن بضع علب سجائر . 

أشياء كنتُ أحتقرها من قبل… لكني يومها ، حين نادوا 

اسمي ، ارتجفتُ من السعادة ”


تغيّر وجهه فجأة ، تحطّم هذا اللمعان في عينيه :

“ بعد أن نزلتُ من المنصة ، رأيتُ الجميع يتصلون 

بعائلاتهم ليخبروهم الخبر السعيد ،

وأنا ؟ 

لم يكن في حياتي قطّ شيء يستحق أن أُبشّر به أحد ، 

و لأول مرة صار عندي خبر سعيد أريد أن أشاركه … 

لكن لم …. أعرف لمن أقوله "


توقف لحظة :

“ حدقت في رقمك لأكثر من عشر دقائق ، كنتُ على وشك 

الاتصال ، لكني تذكّرت ما وعدتُ به… 

أني لن أزعج حياتك بعد الآن ، فتمسّكت بوعدي "


كان فان شياو يمرّر أصابعه برفق على طرف سترة شولانغ ، 

لا يجرؤ على أكثر من ذلك ، 

قال بصوت مبحوح يحمل بين حروفه رجاءً خفيًا :

“ الآن كل ما كسبته خلال نصف سنة ، استثمرته كله في الأسهم ، 

أشتري وأبيع ، والسيولة تنقطع أحيانًا ، لكن طالما يمكن أن 

أربح شيئ بسيط ، أقوم بالبيع ، 

المدير يو أنا أعمل في المطعم منذ فترة طويلة ”


في هذا المكان الضيّق ، لم يجد أحدهما أين يهرب بنظراته ،

ظل يو شولانغ صامتًا لحظة ، ثم رفع عينيه أخيرًا ، 

وصوته بارد :

“ وما علاقة كل هذا بي ؟ 

طالما أنك لم تعد تتلاعب ، ولم تعد تتدخل في حياتي ، 

فسواء عملتَ أو تعبتَ أو ربحتَ أو خسرتَ — كل ذلك لا 

يعنيني بشيء "

ثم دفعه جانبًا :

“ فان شياو تمسّك بوعدك . والآن… ابتعد عن طريقي "


————



عاد يو شولانغ إلى المائدة ، 

تلقى بطبيعة الحال السخرية ——


نظرت إليه هويهوي بنظرة مليئة بالمعنى وقالت وهي تضحك :

“ حقًا وسيمٌ بلا فائدة… فقط عشر دقائق !”


رفع يو شولانغ كأس النبيذ الأحمر ، وشربه دفعة واحدة ، 

ثم مسح زاوية فمه بمنديله قائلاً بفتور :

“ لهذا السبب بالذات عليكِ أن تتمسّكي ب‍ـ تشانغ شيتشنغ أكثر ~ "


ضحك تشانغ شيتشنغ ساخرًا :

“ هاه ؟ ما علاقتي أنا ؟ 

أتعني أني لستُ وسيمًا مثله ؟ 

يو زي لسانك ما زال حادًا كالسيف "


تبادلوا المزاح قليلاً ، ثم انتهى العشاء وتفرّق الجميع 


وعند المخرج ، 

تجاوز يو شولانغ وفان شياو بعضهما البعض في الممر - 

أحدهما تجاهل الآخر ، والآخر التفت طويلاً ، دون أن تُنطق كلمة وداع


تلقى فان شياو نداء من زميل يحثّه على العودة للخدمة ، 

فابتلع النظرة الأخيرة وأكمل عمله ،


لكن سوء الحظ لم يتركه بسلام ؛ 

إذ أغضب أحد الزبائن في المأدبة ، 

و رمى الرجل ورقة نقدية على الأرض وقال بازدراء وقح :

“ إكرامية "


تصلّب ظهر فان شياو ببطء ، وانخفضت أهدابه ، 

وارتسمت على وجهه ابتسامة أكثر تهذيبًا من اللازم —-


ركل الرجل الورقة بطرف حذائه ، وقال متباهياً :

“ لن تلتقطها ؟ أهذا ما يسمّى كبرياء ؟ 

وما الذي أتى بك إذن إلى وظيفة النادل ؟”


كان صوته عادي لكنه واضح في هدوء المكان ، 

فاخترق صوته صالة المطعم حتى وصل أذني يو شولانغ 

الذي قد وصل إلى باب الخروج


توقّف ــــ التفت ــــ


رأى ظهر فان شياو ، مستقيماً كحدّ السيف ، لا ينحني


الورقة النقدية عند قدميه ، قيمتها لا تصل ثمن علبة 

سجائر يانتشي


واصل الرجل الجالس عند المائدة الضغط ، بينما رفيقته 

تضحك ببرود متغطرس


ورأى يو شولانغ ذلك السيف المستقيم يتقوّس ببطء حتى 

كاد ينكسر— يلتقط المال 


" يو زي وصل المصعد "


وقف يو شولانغ بلا حراك للحظة ، ثم سحب نظرته واتجه نحو المصعد



فان شياو —- بعد أن التقط الإكرامية ، أصبح شديد الانتباه — 

صبّ النبيذ الأحمر بسلاسة في كأسين - أحدهما قدمه للرجل ، 

والآخر للمرأة الجذابة بجانبه

قدّم النبيذ بابتسامة مهذّبة قائلاً :

“ سيدي ، هل أحتفظ بوشاحك في الخزانة ؟”


كان الرجل يتلذّذ بخضوع فان ، ففكّ وشاحه الفاخر 

وسلّمه إليه بازدراء كسيد يمنّ على خادمه



فتح فان شياو الخزانة المخصّصة لحفظ المتعلقات ، 

ألقى الوشاح بلامبالاة ، ومدّ أصابعه بخفة في جيب سترة 

الرجل ، ليجد ما كان يبحث عنه — بطاقة عمل —-

دوّن الاسم والشركة ، بحث بسرعة في هاتفه ، وتصفّح الصور


حينها ظهرت أمامه صورة عائلية ، 

ابتسم وقال همسًا :

“ أوه… متزوجٌ إذًا ! "




بعد نصف ساعة ، ———


اندلعت عاصفة عند تلك المائدة—الزوجة الشرعية 

اقتحمت المكان ، والأطباق تتساقط على الأرض


وفي خضمّ الصياح والفضيحة ، وقف فان شياو في الزاوية ، 

رأسه للأسفل ، رفع يده ببطءٍ إلى فمه… 

و قبّل كفّه قبلة عميقة 


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي