Ch90 ffb
السيارة الرياضية الفاخرة تنساب بثبات على الطريق ،
بينما جلس يو شولانغ في المقعد الجانبي وقد أجاب على
طلب مكالمة فديو
هوانغ تشيمين —- وقد تقدّم به العمر وضعفت حيويّته في
الآونة الأخيرة ، نادرًا يظهر في المختبر ، وأصبحت اجتماعات
العمل تُدار كلها عبر مؤتمرات هاتفية
كان رجلاً عفويًا ، يتّصل متى خطر له ذلك ، لا يقيّده وقت ،
لكنه عمليّ لا يحبّ المماطلة
و في غضون دقائق قليلة ، انتهى اجتماع العمل الجماعي
رفعت شياوتيان وعاء المعكرونة وهي تبتسم من خلف الشاشة قائلةً بمرح :
“الأخ يو، حرّك الكاميرا قليلاً نحو اليسار،
أريد أن أرى من يقود السيارة! إن لم يكن وسيمًا فلن أقبل
لا أحد يليق بأخينا يو إلا من يوازيه جمالاً !”
وسرعان ما اقترب بقية الزملاء من الشاشة ، وجوههم
المتضخّمة كأطفال برؤوس كبيرة ،
حتى هوانغ تشيمين عاد وجلس وهو يحمل فنجان الشاي ،
ناظرًا عبر نظّارات القراءة التي استقرّت على جسر أنفه
ورغم أن زاوية التصوير كانت غير مواتية ،
فإن ملامح يو شولانغ ظلّت وسيمة في نظر الجميع ،
لكن ببروده المعتاد ، أطفأ نيران فضولهم قائلًا بهدوء:
“ شياوتيان بعد أن تنتهي من تناول المعكرونة تذكّري أن
تمسحي فمك ، وأتمنى للجميع عطلة نهاية أسبوع سعيدة "
أنهى الاتصال ، ثم اغلق هاتفه وقال لمن بجانبه :
“ آسف ، كانت مزحة من زملائي "
ردّ الرجل الجالس خلف المقود ، بوجهٍ جامد يشبه قطعة جليد :
“ لا بأس ، لو أنك وجّهت الكاميرا نحوي ، لَسُررتُ أنا أيضًا
ياسيد يو "
ابتسم يو شولانغ :
“ لقد غادرتُ شركة هِنتونغ منذ فترة ، لذا لا داعي لأن
تناديني بـ‘ السيد يو‘ بعد الآن ، السيد الشاب تشين "
كان تشين تشييانغ ذكيًّا وفهم المغزى فورًا ، فبدّل نبرته قائلاً :
“ إذن يا شولانغ لا تنادِني أيضًا بـ‘السيد الشاب تشين‘،
يمكنك مناداتي بـ تشييانغ "
نظر يو شولانغ إلى النافذة وقال بتصحيح بسيط :
“ نادِني بالأخ يو يا شياو تشين "
مرّت لحظة صمت طويلة ،
ثم أجاب تشين تشييانغ بهدوء دون أن يُبعد نظره عن الطريق :
“ حسنًا "
عندما وصلا إلى المطعم ، توقّفت السيارة في المواقف ،
تلقّى تشين تشييانغ مكالمة هاتفية ، وأشار أثناء حديثه إلى
يو شولانغ أن يفتح صندوق السيارة الخلفي
ضغط يو على الزر ، فانفتح الغطاء ببطء ، لتقفز منه ألسنة
من الألوان النارية ؛ باقة ضخمة من الورود الحمراء ،
مزينة بأضواء صغيرة متلألئة ، تملأ المكان بلمعان صارخ
اقترب تشين تشييانغ وهو يبتسم :
“ عيد ميلاد سعيد !
لقد حاولت دعوتك منذ ثلاثة أيام ، وكنت أخشى ألّا أنجح اليوم أيضًا .”
يو شولانغ نادر يمرّ بلحظاتٍ يعجز فيها عن التصرف ،
لكن اليوم تذوّق طعم العجز حقًّا ،
أساليب الشباب في ' الملاحقة ' لا تترك مجالًا للكلام ،
تشين تشييانغ رغم ملامحه الباردة التي تقول للناس' ابقى بعيداً عني '
كان أكثر إلحاحًا من لو تشن في أيامه الجامحة ،
نقر يو شولانغ صوت خافت بلسانه ،
ثم ضغط الزرّ ليغلق الصندوق من جديد ،
حابسًا بحر الورود في ظلمة صامتة ،
: “ ألا تعجبك ؟ "
: “ اليوم ليس عيد ميلادي ، التاريخ في بطاقة الهوية كُتب
عشوائيًا . الزهور جميلة ، لكن لا تناسبني .”
وعلى الرغم من برودة ملامح تشين تشييانغ، التي منحت
وجهه صلابة فوق عمره العشرين ، فإن الحرج كان واضح في عينيه
قال متلعثمًا :
“ إذن متى عيد ميلادك الحقيقي ؟
سأُقيم لك احتفالًا أخر .”
كان يو شولانغ قد همّ بأن يجد فرصة مناسبة ليضع الأمور
بينهما في نصابها، لكنه ما دام قد بدأ بالعناد، فلا داعي للالتفاف
قال بصوت هادئ وحاسم :
“ السيد الشاب تشين—— أوه ، أقصد يا تشين
أنا أفهم ما في قلبك ، لكننا لا نصلح معًا ،
ما فعلته من أجلي سابقًا أنا ممتن له حقًا ، لقد ساعدتني كثيرًا .
لكن الشكر شيء ، والمشاعر شيء آخر ، لا ينبغي الخلط بينهما .
إن رأيتَ أننا نستطيع أن نظلّ أصدقاء ، فليكن .
وإن لم تستطع ، فاقطع التواصل معي ، لا بأس .”
ظلّ تشين تشييانغ واقفًا مذهولًا ، فربّت يو شولانغ على
كتفه وقال :
“ فكّر في الأمر بهدوء ، لا داعي للعجلة .
حتى لو لم نحتفل بعيد ميلاد ، يمكننا على الأقل أن نأكل
شيئ ، أليس كذلك ؟ أنا جائع "
وما إن استدار ليدخل ، حتى جاءه صوت الشاب من خلفه، ثابتًا وواضحًا :
“ لا حاجة للتفكير الطويل ،
سأجيبك الآن—— لن أكون مجرد صديق عادي ،
سألاحقك حتى اليوم الذي تقع فيه في حبي "
توقّف يو شولانغ — وكاد يرفع يده إلى جبينه لكنه تمالك نفسه ،
أخرج سيجارة من جيبه ووضعها في فمه ،
ثم عاد بخطوات بطيئة حتى وقف قريبًا منه ،
مائلًا رأسه نحوه وهمس عند أذنه :
“ أنا لست فيلسوف ولا أعيش حبًا أفلاطوني ،
الأفضل لك أن تبتعد عني ، أيها الصغير البريء "
قالها ثم ابتعد عنه ، وأدار جسده متجهًا نحو مدخل المواقف
“ يو شولانغ !”
تشين تشييانغ الذي احمرّ وجهه كروبيان مطهو
ظلّت ملامحه جامدة ، وقال ببرود مذهل:
“ لا بأس—— يمكننا أن ننام معًا "
{ اللعنة ! } لم يعرف يو شولانغ أيّ ذنبٍ اقترفه في حياته
السابقة ليُبتلى بمثل هذا القدر من الإزعاج في حياته الحالية
لم يلتفت ، فقط لوّح بيده بكسل :
“ لست مهتماً بك "
—————
كانت حالة شولانغ المزاجية سيئة ،
اشترى كوب قهوة وجلس في ساحة المركز التجاري ،
صامتًا ، يترك أفكاره تتوه في الهواء
المكان يعجّ بالناس ، والنسيم الذي يحمل نَفَس الصيف
الأخير بدأ يبرد شيئًا فشيئًا
بين الحين والآخر ، تمرّ ورقة شجر ذابلة ، تهبط على حجارة
الأرض الصلبة
بردت القهوة بسرعة ، ودخلت هذه البرودة إلى معدته ،
لم يكن من الذين يهدرون شيئ ؛ فارتشفها ببطء ،
في الجهة المقابلة ،
واجهة متجر فاخر للأثاث تتلألأ بزخارف ذهبية ،
والشمس المائلة للغروب تنعكس عليها حتى تُؤذي العين ،
وقبل أن يُبعد نظره ، لمح ظلًّا أنثويًا مألوفًا يخرج من باب المتجر——
امرأة أنيقة المظهر ، تسير بجانب رجل ينحني في تودّدٍ
مبالغ ،
انعقد حاجباه قليلًا ، وتوقف لحظة يفكّر ثم نادى بهدوء:
“ السيدة شي "
المرأة الأنيقة التفتت نحوه بدهشة لطيفة ،
و أشرقت ملامحها سعادة فوراً ،
سارت نحوه بخفة وهي تُمسك بذراعه كأنهما صديقان قديمان
: “ يا للمصادفة ! لم أتوقع أن أراك هنا "
ثم نظرت حولها بابتسامة ذات مغزى وسألت:
“ هل أنت وحدك ؟ أين حبيبك المزعج ذاك ؟”
رفع يو شولانغ كوب القهوة في يده ، ملامحه تنمّ عن شيء من العجز :
“ تلك الحكاية من أيامٍ مضت يا سيدة شي
لِمَا تُعيدين فتح الدفاتر القديمة ؟”
ثم غيّر الموضوع بخفة معتادة ، مُشيرًا إلى الرجل الواقف
بجانبها بابتسامة مهذبة:
“ وهذا السيد هو…؟”
قالت المرأة وهي تلتفت نحوه :
“ آه، هذا صاحب معرض الأثاث ، اسمه…؟”
أسرع الرجل بالجواب ، وكأنه يخشى أن يسبقها الكلام :
“ تشي ، تشي تيانشنغ "
ثم قدّم له بطاقة العمل بكل احترام
ألقى يو شولانغ نظرة عابرة على البطاقة، وأصدر همهمة
خفيفة كنوع من التحية ،
ثم ناوله كوب القهوة الذي كان بيده بطريقة طبيعية جدًا وقال :
“ سيد تشي هل تمسك هذا قليلًا من فضلك ؟
أود أن أضع بطاقتك في محفظتي .”
وبما أنه صديق السيدة شي لا بدّ أن يكون ذا مكانة عالية ،
فقد أسرع تشي تيانشنغ يأخذ الكوب بكلتا يديه ، حريصًا
على ألا يُبدِي أي تردّد
لكن يو شولانغ لم يُخرج محفظته في الحال ، بل وضع
البطاقة في جيبه على نحوٍ عابر ،
ثم أخرج محفظته وسحب منها ورقة نقدية من فئة المئة ،
ابتسم وهو يعيد أخذ الكوب من يديه وقال :
“ أشكرك يا سيد تشي على تعبك "
ثم مدّ الورقة النقدية نحوه مضيفًا ببرود لاذع :
“ هذا بقشيشك "
تجمّد الرجل في مكانه ، وعيناه تتسعان:
“ عذرًا ؟”
أومأ يو شولانغ بهدوء ، وكأنه يعرض خدمة عادية:
“ هل المبلغ قليل ؟ لا بأس ، يمكنني أن أضيف .”
وبينما يُقلّب محفظته بحثًا عن مزيد من النقود ، أسرع
الرجل وقال وهو يبتسم بتوترٍ واضح ، بعد أن لمح السيدة
شي تتابع المشهد باستمتاع صامت :
“ لا، لا حاجة لذلك . إنها خدمة بسيطة ،
لا تستحق شيئًا كهذا .”
ابتسم يو شولانغ وقال بنبرةٍ رصينة ومتعمدة :
“ حتى لو كنتَ صاحب معرض ، فأنت في النهاية تعمل في
مجال الخدمة ، أليس كذلك ؟
ومَن يعمل في الخدمة، يستحق بقشيشًا ،،
أليس كذلك، يا سيدة شي؟”
رفعت المرأة حاجبها بإعجاب ساخر ، ثم أومأت رأسها موافقة بابتسامة خفيفة :
“ صحيح تمامًا "
وجه تشي تيانشنغ انعقد بتشنّج واضح ،
لكن ما إن تذكّر الصفقة الكبيرة التي وقّعتها السيدة شي
قبل لحظات ، حتى ابتلع غصّته على مضض ،
وكبح نيرانه خلف ابتسامة متخشّبة ،
ثم عضّ على أضراسه الخلفية ومدّ يده ليلتقط النقود من
يد يو شولانغ
: “ إذن شكرًا…”
لكن لم يُكمل جملته — لأن يو شولانغ — وهو ما يزال
ممسكًا بكوب القهوة بيده الأخرى ، حرّك إصبعيه بخفة
متعمدة ، فسقطت الورقة النقدية تتهادى على الأرض أمام
قدمي الرجل
كانت الإهانة واضحة كالشمس —— ،
نابعة من نية باردة وصريحة ، لا تخفى على أحد
ثم زاد يو شولانغ الطين بلّة ،
حرّك طرف حذائه بخفّة على الورقة ، وقال بلا أدنى تكلّف :
“ آسف ، لم أُمسكها جيدًا "
⸻
بعد دقائق ،
السيارة قد ابتعدت مسافة طويلة عن المكان ،
بينما السيدة شي تضحك من أعماقها
: “ لم أتوقع أنه سيتنازل فعلاً ويَنحني ليلتقطها !
من أجل صفقة واحدة ، رمى كرامته أرضًا ،
لقد أحرجتَه تمامًا "
قال يو شولانغ بهدوء متّزن
وإن كان صوته يحمل بحة تعبٍ خفيفة :
“ كنتُ أستعير هيبة السيدة شي فحسب "
ثم وضع يده على معدته ، يحاول تهدئة وخز الألم الناتج عن
القهوة الباردة ، وأضاف بلطف:
“ حين تجدين وقتًا يا سيدة شي أرجو أن تمنحيني فرصة
لشكرِك كما يليق "
ضحكت المرأة وأومأت برأسها راضية ، ثم سألت وقد
لمعت عيناها بدهشة خفيفة:
“ هل بينك وبين ذلك الرجل شيء ؟
أعني… خلاف قديم ؟”
ارتجف بصر يو شولانغ للحظة ، ثم أجاب بعد وقفةٍ قصيرة:
“ يمكن قول ذلك "
تابع يفرك بطنه بحركة بطيئة ، وأشار بيده نحو الأمام قائلًا:
“ من فضلك ، توقفي هناك ،
هذا هو الحي الذي أسكن فيه "
توقّفت السيارة بهدوء أمام بوابة المجمع السكني ، وأنارت
المصابيح الأمامية منطقة من الطريق الباهت ، فصارت
السماء الرمادية أشدّ صفاءً في ضوءها
مدّت المرأة صوتها بخفة مشاكسة وقالت وهي تضحك :
“ هاه ؟ أليست تلك إحدى صفحات دفترك القديم ؟ ~
أخبرني هل هي ما زال ينتظرك ؟”
وبنظرة واحدة نحو البوابة ، رأى يو شولانغ المشهد الذي
جعله يُمسك بطنه من جديد — الألم يزداد —
فان شياو —- مرتديًا ملابس العمل ، يقف متكئًا على دراجته
النارية ، ملامحه الصارمة تنضح بالهدوء المكبوت ،
بينما يقف في مواجهته شاب يعرفه جيدًا — تشين تشييانغ،
ذاك الذي أعلن قبل ساعات فقط أنه مستعد لأن ' ينام معه ' لأجله
اشتد الألم في معدته أكثر ——-
يتبع
أتوقع بنسبة 99٪ إنه الرجال الي ذلّه هو نفسه الي كان يبقشش فان بالمطعم ~
لحظة ، بقدّم نسبة أخرى ! 99.99٪ ~
تعليقات: (0) إضافة تعليق