القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch92 ffb

 Ch92 ffb




بعد عطلة نهاية الأسبوع التي استراح فيها يومين ، 

تعافى يو شولانغ من مرضه وعاد إلى عمله ،

قضى كامل الصباح منغمسًا في المختبر ، 

حتى نَبَّهَه أحد الزملاء إلى أن وقت الغداء قد حان ،

ولأن معدته ضعيفة لا تحتمل الإهمال ، لم يتردد ، فغيّر 

ملابسه وتوجّه إلى مطعم الشركة


شركة تشانغلينغ للأدوية في الأصل تابعة لجامعة تشانغلينغ، 

ثم انفصلت عنها لاحقًا، لكنها ما زالت تستأجر مباني 

الجامعة ويشاركون موظفيها مطعم الأساتذة


خرج من الباب ، واستدار يمينًا ، وسلك الطريق القصير بين الأشجار ، 

ولم يكد يخطو بضع خطوات حتى لمح شخص يقف متلفتًا، 

يمدّ عنقه يمينًا ويسارًا بفضولٍ ظاهر


يرتدي بدلة بيضاء لامعة ، وحذاء جلديّ مصقول ، 

مظهر نادر في الحرم الجامعي ، وإن لم يكن غريبًا تمامًا


تجاهله يو شولانغ بخطى سريعة وهمَّ بتجاوزه ، 

لكن الصوت جاءه من خلفه :

“ المدير يو أليس كذلك ؟”


توقف يو شولانغ في مكانه والتفت نحو الصوت


اقترب الرجل بخطوات متحمسة ، ووقف عند ظلّ يو 

شولانغ المنسدل على الأرض قائلًا بابتسامةٍ مبالغ فيها:

“ حقًا إنه أنت ! 

اتصلت بك كثيرًا ولم تجب ، كنت في انتظارك منذ وقت طويل !”


أول ما خطر ليو شولانغ هو أن يعبس بحاجبيه ، 

لكنه تمالك نفسه ، وبهدوء مهذّب قال:

“ نائب الرئيس شو باوتيان ، 

مضى زمن طويل منذ آخر لقاء بيننا .”


….


جلس الاثنان في زاوية مطعم الموظفين

كان شو باوتيان في بدلته البيضاء يلفت الأنظار ، 

وزاد من غرابته هذه الهالة التي تحيط بالأثرياء المتصنعين ، 

و سلوكه المتكبر جذب دون عناء موجة من النظرات ،


دفع يو شولانغ صينيته نحوه وقال بتهذيب رسمي:

“ طعام الجامعة لا يرقى إلى مستوى المطاعم ، أرجو أن 

تتسامح معنا يا نائب الرئيس شو "


ضحك شو باوتيان وقال وهو يلمع عينيه ببريق ماكر :

“ أعرف ، لم أعلّق آمالًا كبيرة أصلًا ،

لكنني لم أتناول الطعام في جامعة من قبل ، فقلت أجرب ، 

شيء جديد بالنسبة لي "

رفع العيدان ثم تساءل باستغراب :

“ ألا توجد مناديل طعام هنا ؟”


وحين رآى يو شولانغ يهزّ رأسه نافيًا ، تمتم بضجر قصير ، 

ثم خلع سترته الأنيقة ووضعها جانبًا


يو شولانغ قد تناول الطعام مع شو سابقاً ، 

ويتذكر جيدًا كم هو صعب الارضاء و ينتقي كل شيء ؛

يختار لقيماته بعناية ، وينتقد أكثر مما يأكل ،


لكن هذه المرة بدا مختلفًا تمامًا ؛ جلس متحمسًا ، 

و يأكل بشراهة غير مألوفة حتى أنهى طبقه بالكامل ،

ثم رفع رأسه بعد آخر رشفة من الحساء ، ومسح فمه 

بمنديل ورقي قائلاً بازدراءٍ بارد :

“ هاه ، كما توقعت… شوربة خفيفة بلا طعم ،

طعام متواضع ، لا أكثر "


قال يو شولانغ بنبرة هادئة وهو يضع العيدان جانبًا:

“ نائب الرئيس شو ما الذي جئت من أجله ؟”


شولانغ لا يحب الحديث في أمور العمل أثناء تناول الطعام ، 

لكن رغبته في إنهاء هذا اللقاء بسرعة جعلته يفتح الباب 

أمام الحديث الجاد

لكن ما لا يعرفه هو أنّ شو باوتيان نادرًا يأتي لشيءٍ يُسمّى 

“ العمل الجاد ”، فكلّ من يعرفه يعلم أنّ وراء مجيئه دومًا غاية أخرى


قال شو وقد انحنت شفتاه بابتسامة خبيثة :

“ هل سمعت ؟ فان شياو انهار تمامًا ! ”


شرب يو شولانغ عصير الفاكهة أمامه دون أن تتغير ملامحه قيد أنملة


تابع شو وقد ازداد حماسًا :

“ أكيد أنك سمعت ! ففضيحته أشعلت المدينة ، 

وأيضاً أنتما كنتما… تعرف ، على علاقة خاصّة ، 

فكيف تجهل ما جرى له؟”


نقر يو شولانغ بأصابعه على الطاولة مرتين ، 

وفي عينيه لمحة تحذير خافتة :

“ نائب الرئيس شو ، رجاءً… راعِ المكان والناس من حولك "


أومأ شو رأسه موافقًا ، ثم انحنى قليلًا نحو الطاولة يخفض صوته ، 

لكن نبرته ظلّت تحمل نشوة الفضول :

“ لكن هل تعرف أنه عاد مؤخرًا ؟ 

لم يعد يملك قرشًا واحدًا ، يعمل الآن في المبيعات ، 

يتجوّل على دراجته المتهالكة من شارعٍ لآخر . 

حتى ملابسه ، أقسم أنها لا تساوي ثمن هذه الوجبة !”


ثم أطلق صوتًا مفعمًا بالشماتة :

“ من كان يظن ! ذاك المتغطرس الذي طالما دهس الناس 

تحت قدميه ، كان الجميع يخشونه لأن له المال والنفوذ . 

والآن ؟ لا شيء ! 

الناس تهينه في وجهه ولا يجرؤ على الردّ ، حقًا كما يقول 

المثل : حتى طائر الفينيق إذا سقط من عرشه ، 

لا يساوي دجاجة !”


ظل يو شولانغ صامت ، يواصل تناول طعامه ببطء واتزان ، 

كأنّ الكلام لا يعنيه


لكن شو باوتيان لم يحتاج إلى رد ليستمر في التلذّذ بخبره :

“ تخيّل ! بالأمس جاء إلى صيدليتنا يريد أن نعرض منتجاته عندنا ! 

عندها قلت لنفسي : الفرصة جاءتني بنفسي ! 

عجلة الحظ تدور ، والآن حان دورك فان شياو لتكون تحت رحمتي ! "

صفق على فخذه بفرحٍ صبياني وأضاف :

“ سابقاً كنت أحاول كسب رضاه ، أجامله وأتملّقه ، 

يومًا يرضى فيناديَني : يا الوريث ، 

ويوم يغضب يقلب عليّ الدنيا ! 

أمّا الآن ، فالوقت وقتي ! 

صار عليه أن ينظر في وجهي ليرى إن كنت راضيًا أم لا!”


مرّ أحد الزملاء بالقرب منهما ، فبادل يو شولانغ التحية 

بابتسامة مهذبة سرعان ما اختفت حين عاد نظره إلى شو


أخرج شو سيجارة ، وقبل أن يفتح يو شولانغ فمه قال:

“ أعرف ، أعلم ، التدخين ممنوع هنا . لن أشعلها ، 

فقط أمسكها بيدي… أعصابي لا تهدأ بدونها .”


واصل يو شولانغ تناول طعامه بهدوء ، ثم قال في نبرة عابرة 

لا تخلو من سخرية :

“ غريب… لقد وضعت فان شياو تحت قدميك كما تقول ، 

فما الذي يُقلق أعصابك إذًا ؟”


شو بغضب واضح : “ لو كان بإمكاني أن أضعه تحت قدمي، 

لما كنت منزعجًا هكذا ،،،

أمس… أمس تمرّنتُ في المكتب على المشهد مرارًا ، 

لكن عندما رأيته حقًا ، اللعنة، لم أجرؤ !”


تحرك شو على المقعد ليغيّر جلسته وقال : “ تعلم؟ 

إنّه قد وقف هناك مرتديًا ملابسه الرثة تلك ، ينظر إلي 

بابتسامة لا تدلّ على شيء صريح ، شعرت أنّه يحتفظ بشيء

أعتقد أنه يخفي حيلة ما !

 اللعنة، لقد جعلني أشرب ذلك الشاي الباهظ الثمن 

ألفان يوان للكوب فقط ، وقال إنّ شايك يا مدير يو أفضل 

من شايي!” رفع حاجبيه متحديًا : “ بعد قليل يا مدير يو

دعني أحتسي فنجانًا من شايك ، لنعرف أيّهما ألذّ "


وضع يو شولانغ عيدان الطعام جانبًا وأنهى طعامه ، 

ثم عاد لسؤاله المطروح قبل قليل : “ نائب الرئيس شو 

ما الذي جئت من أجله اليوم ؟”


ارتبك شو قليلًا ، كأنّه استغرب من السؤال ، 

ثم تذكّر نفسه وقال : “ لقد عاد فان شياو وهو في حالة 

يرثى لها ، بالتأكيد لديك بعض الأفكار حول ذلك ؟ ”


ابتسم يو شولانغ ابتسامة هادئة قصيرة : 

“ ماذا تعتقد أنه يجب أن أفكر فيه نائب الرئيس شو ؟”


ردّ شو بحماسة طفولي : “ يا رجل يجب أن تفكر ! الانتقام !”  

كاد أن يضرب على الطاولة من شدّة التأكيد ، 

ثم أضاف وهو يشد أسنانه : “ ألم يضعك هو في موقفٍ 

محرج من قبل ؟ 

ألم يفرض نفسه عليك بالقسر ؟ 

الآن وقد فقد كل شيء ، هذه فرصتنا للثأر !

إذا انتهى الأمر بـ زوجي في حالة من اليأس والضعف بحيث 

يمكن أن يتعرض للإذلال ، فسأضرب السبب ضربًا مبرحًا 

وأجعله يركع ويناديني : يا جَدّي !”


شولانغ : " زوجك ؟"



أراد شو باوتيان أن يصفع نفسه : “ آه… عفواً ، أقصد 

مدير يو أهذا ليس وقتٌ لاغتنام الفرصة ؟”


تردّد يو شولانغ للحظة، ثم قال بصوت هادئ : 

“ حسنًا ماذا تقترح إذًا ؟ كيف تريد أن تنتقم ؟”


أمسك شو السيجارة وأشار بها في الهواء نحو يو شولانغ: 

“ أنت طيبٌ جدًا . انظر فقط إلى باي سانمياو 

مُصمّم على الانتقام من فان شياو 

يتساءل المرء ما هي الضغينة التي تربط بينهما؟"


: “ باي بنغيو ؟”


تذكر يو شولانغ ذلك الرجل الذي كان نصف جسده ملطخًا 

بالدم في الحمّام ، 

وتذكّر كيف أنّ فان شياو تعاون معه لتغطية الجريمة ،

في ذلك اليوم ضرب فان شياو باي بنغيو نصف ميت أمامه 

ليكسب ودّه ، ومنذ تلك الحادثة ، أصبح يو شولانغ قريب 

جدًا من فان شياو ، وسمح له بدخول حياته كصديق


نظر إلى العصافير على حافة نافذة الكافتيريا، وقال بهدوء: “ كل ذي حقٍ يُعطى حقّه ، هذا أيضًا عدل . 

أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن يتلقّى فان شياو الضرب .”


: “ ضرب ؟” ضحك شو ساخرًا : “ طريقة تفكير المدير يو بسيطة للغاية ...

سمعت أنهم ينوون القضاء على فان شياو هذه المرة "


رفعت العصافير جناحيها ، وطار عدد منها بعيدًا ، 


————-


في فترة ما بعد الظهر ، 

ألقى الأستاذ سؤالًا على الطلاب ، 

ولم يُجب يو شولانغ بالصواب لأول مرة في حياته الدراسية ،


ابتسم الأستاذ مازحًا : “ أخيرًا ترك لكم يو شوشو مجالًا للتفكير "


يو شولانغ أكبر الطلاب سنًا في الصف ، في البداية كان 

الجميع ينادونه “يو غا ”، ثم فجأة قالت إحدى الفتيات 

مدللةً : “شوشو !”، وانتشر النداء بسرعة


لم يحب يو شولانغ هذا اللقب أبدًا ، لأنه يذكره بلوتشن ، 

وحاول تصحيح الأمر مرات عديدة بلا جدوى


اليوم ، ومزاجه سيء قليلًا ، 

رفع صوته وسط الضحك حوله قائلاً : 

“ من الآن فصاعدًا لا تنادوني شوشو بعد الآن ، 

سمعت هذا النداء في السرير من قبل ، وأشعر بالانزعاج "


سكت الجميع فورًا ، وساد الصمت القاعة ، 

ثم انسابت أصوات صغيرة متفرقة بالصف ، 

حتى أنّ الأستاذ الستيني الأعلى سنًا أطلق سعالًا خافتًا وأمر : “ من الآن فصاعدًا لا يُسمح بذلك 

كلنا زملاء ، نادوه بالزميل يو فقط "



يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي