Ch97 ffb
فان شياو : “ رائحة المستشفى لا تعجبني "
قذف برأس السيجارة بطرف إبهامه ، وعلى وجهه ابتسامة
باردة فيها شيء من السخرية : “ لكن بما أنّ السيد الثالث
باي مريض ، فمهما يكن لا بدّ أن آتي لزيارته !! "
على السرير ——— باي بنغيو مستلقي ،
جسده الهزيل أشبه بكلب مريض ،،
رأسه ملفوف بضمادات سميكة ، وجهه مزرقّ متورّم ،
وعلى شفتيه دم متيبس تتشقق كلما حاول الكلام ،
فيتسرب الدم من جديد
: “ فان شياو !” من بين أسنانه ، وصوته مبحوح من
الغضب : “ أنت الذي دسست لي الأذى في الخفاء ،
والآن تأتي لتتظاهر بالنزاهة ؟!”
قال فان شياو وهو يعضّ السيجارة بين أسنانه ،
ثم مدّ يده ليقشر برتقالة : “ كلامك خطير يا سيد باي
ألا تظلمني ؟”
بخفة أنهى تقشيرها ، ثم قدّمها إليه بابتسامة هادئة : “ السيد الثالث باي كان يعاملني كصديق ،
حتى عندما كنت في أسوأ حالاتي ، ظل يدعوني للشرب ،
أنا ممتن له أكثر من أن أستطيع التعبير !!
كيف يمكنني أن اكون وقح ؟"
لكن باي بنغيو ضرب البرتقالة بيده ، فتهاوت على الأرض ،
وصاح متألمًا من شدّة الألم عند فمه:
“ أنا كنت أنتقم من ذاك يو شولانغ وأنت جئت لتأخذ بثأره؟
أنتما حقًا ثنائي مخلص ؟
حسناً، حسناً، أعترف بالهزيمة ،
سأبتعد عنكما أيها العاشقان من الآن فصاعداً ، لقد خضتما
معركتكما ، وأفرغتما غضبكما
ماذا تريدان أكثر من ذلك ؟"
انحنى فان شياو والتقط البرتقالة من الأرض ،
ثم مشى ببطء نحو السرير ،
وعلى وجهه ابتسامة لطيفة كأنها مزحة :
“ لا شيء… فقط أردت أن أذكّر السيد الثالث بأنّ المريض
يحتاج أن يأكل فاكهة أكثر "
وفجأة قبض على شعر باي بنغيو بعنف ،
وأجبره على رفع رأسه :
“ هذه البرتقالة حلوة جدًا جرّبها يا سيد باي "
وبين شفتيه سيجارة ، وفي صوته نعومة شيطانية ،
ضغط البرتقالة فجأة حتى انفجرت بين أصابعه ،
لتنهمر عصارتها الحمضية على جروح فم باي بنغيو
: “ اللعنة علييييك
اللعنة فان شياو ! هذا مؤلم ، مؤلم جدًا !
أبعده عني ، أيها الوغد اللعين أبعده !"
قال فان شياو ببرود وهو يطأطئ رأسه قليلًا ، يراقب وجهه المشوّه :
“ لا تُهدرها ، أنا الآن فقير
وشراء هذه الأشياء ليس سهلًا عليّ ! "
ثم دفع ما تبقّى من البرتقالة بقبضة قاسية داخل فمه
ارتخت عضلات فكّه ثم تشنّجت مجددًا ، فتشققت شفتاه
والعصارة الحامضة تسيل داخل الجروح وتثير عذابًا
مضاعفًا ، فملأ المستشفى صراخه المرعب
دخلت الممرضة مهرولة على الصوت ، لكن قبل أن تتكلم ،
كان فان شياو قد اعتدل في وقفته ، وبدأ يمسح يديه
بمنديل وهو يبتسم قائلاً :
“ المرضى أحيانًا يكون مزاجهم سيئًا ، حثثته على أكل بعض
الفاكهة فغضب لا أكثر ! "
ظلت الممرضة متشككة لكنها لم ترغب في التدخل أكثر ،
هذا المريض – باي بنغيو – كان مبتذلًا ، وقد تحرّش بعدة
ممرضات
وحين رأت أنه لا يبدو في خطر فعلي ، اكتفت بأن قالت ببرود :
“ الهدوء من فضلكم "
ثم استدارت وغادرت الغرفة
غطّى باي بنغيو فمه بيده وعيناه تشتعل حقد :
“ فان شياو ألم تشبع لعبًا ؟!”
ألقى فان شياو بالمنديل جانبًا ، وأومأ برأسه قليلًا وقال ببرود قاطع :
“ باي بنغيو قد لا تحترمني ، لكن إذا عبثت معي سأجعلك
تدفع الثمن ضعفين ،
ما بيني وبينك وبين يو شولانغ انتهى الآن ،
وإن لم ترضَى وسعيت لمكيدة جديدة ،
فأنا هذا الـ فان شياو سأردّها "
للمرّة الأولى بدا باي يوبنغ خاضعًا ، فهزّ رأسه سريعًا وقال:
“ حسنًا، حسنًا، فهمت. سأتجنبكما من الآن فصاعدًا "
أطفأ فان شياو السيجارة بطرف حذائه ، وعادت إلى وجهه
تلك الابتسامة المعتادة :
“ اتفقنا إذًا "
….
خرج من المستشفى وسار في الأزقة الخلفية ،
حتى وصل إلى سيارة رياضية فاخرة تقف وسط الطريق الضيّق
فتح باب مقعد الراكب وجلس بهدوء
السائق – رجل أنيق بملامح حادة – يتحدث في الهاتف ،
وحين رأى فان شياو يدخل ، اكتفى بإلقاء نظرة سريعة نحوه
دون أن يقطع المكالمة ( شي ليهوا )
قال في الهاتف :
“ عائلة فان شياو بأكملها قد ذهبت إلى الجحيم وهو الآن لا
يملك شيئًا ليخسره ،
لماذا استفزيته أصلًا ؟ قلت لك مرارًا إنه لا يترك من يعبث معه بسلام "
ثم بدّل الهاتف إلى الأذن الأخرى ، ومدّ يده اليمنى ليشير
بإصبعه نحو فان شياو 🖕🏼
ضحك فان شياو بخفة ، وعرض عليه سيجارة ——
أشعل السيجارة مستخدمًا عود ثقاب
فتح الرجل نافذة السيارة قليلًا ، وسحب نفسًا من الدخان ثم تابع حديثه :
“ أنت ضربت يو شولانغ وفان شياو ردّ بضربك .
من خبرتي به، المسألة انتهت الآن ،
لن يلاحقك بعد اليوم .”
ثم التفت إلى فان شياو بنظرة جانبية وهو يكرر على الهاتف:
“ أنا وفان شياو؟ لايوجد بيننا أي علاقة ،
سمعت أن مشكلات عائلته لم تُحسم بعد ،
ولذلك سأبقى بعيدًا عنه ،
حسناً ، حسناً ، سأتحدث إليه لأجلِك ، بما أنّ الأمر بدأ بسببي ...
لقد عدت للتو إلى البلاد ،، سأرتب حفلاً مناسباً لتعويضك قريباً ،،
لا تقلق ... فان شياو يحتاج إلى كسب رزقه الآن ،
و طالما هدأ غضبه ، فلن يتدخل مجددًا .
الجو بارد هنا ، سأغلق الخط ، أراك لاحقًا .”
أنهى المكالمة بعجلة ، ورمى نصف السيجارة عبر فتحة
النافذة ثم أغلقها
ابتسم فان شياو ، ناظرًا إلى النافذة المغلقة وقال ساخرًا:
“ شي ليهوا باي بنغيو صديقك أيضًا ،
لكن يبدو أنك تبيعه دون أي ذرة تردّد .”
أجاب شي ليهوا وهو يشدّ معطفه حول جسده ليصدّ البرد:
“ صديق خمر وعاهرات فقط ،
إن لم أبعْه ، أأبيعك أنت ؟”
ثم نظر إليه بنظرة فاحصة وقال بنبرة فيها إدراك خفي :
“ إذن تعمدتَ ضرب باي بنغيو لتجعله يطمئن ويظن أنك
لن تلاحقه بعد الآن ، أليس كذلك ؟”
: “ بالفعل … ” أخرج فان شياو من جيبه كريم لليدين ،
ضغَط نصف ضغطة ودلَّك به يديْه بعناية ،
ثم تابع هادئًا : “ هو أصبح حذر هذه الأيام ، ربما خاف إني
أراقبه ، فتوقّفت تلك الأفعال السوداء التي كان يقوم بها في الخفاء ،
لذا قمت بضربه ضرباً مبرحاً لكي يطمئن ."
: “ وإن عاد وعاود تلك الأفعال ، فستضربه ثانيةً ؟”
رفع فان شياو يديه المرطبتين ليتفحّصهما ثم أجاب ببرود : “ ضربة قاضية "
شي ليهوا : “ فان شياو أنت أنت تصبح أكثر دلالاً
وغرابة هذه الأيام ….” مدَّ يده :
“ أعطني بعض الكريم هذا الجو
الملعون ؛ جافّ وبارد "
رمى فان شياو الكريم إليه قائلاً :
“ خذني إلى موقف درّاجتي "
: “ مكان إيقاف؟” فرك شي ليهوا ظهر يده بذراع الأخرى وقد
بدا مستنكراً: “ درّاجتك المتهالكة ؟
يا فان شياو لماذا تعذب نفسك هكذا ؟
لديك شركة في تايلاند ، الأمور لم تعد كما كانت ، لكن لا
أحد يجرؤ على لمسك ،
لماذا تصر على البقاء في هذا المكان اللعين ؟
ألم يتخلى عنك يو شولانغ ؟"
استعاد كريم اليدين — تغيرت تعابير وجه فان شياو :
" انطلق "
———————
شي ليهوا لم يستطع أن يجلس بهدوء طويلاً ؛
و بعد يومين من الراحة لم يعد قادرًا على البقاء في المنزل
—- وبدأ يزور النوادي الليلية
اتصل بـ فان شياو
: “ لن تأتي ؟
تفريغ بضائع ؟ مع العمال ؟ اللعنة أعتقد أن أحدهم
استبدل عقلك "
أغلق الهاتف ثم دفع باب غرفة خاصة في الملهى فصرخ
مرحّبًا : “ عيد ميلاد سعيد !”
محتفل العيد هو وريث من الجيل الثاني ؛ وجوه جديدة
ووجوه مألوفة ،
خليط من بشر نصف ما زالوا على معرفة والآخرون غرباء ،
الضجة عارمة ، الكل يتظاهر كأنه صديقك ،
لكنهم يديرون ظهورهم ويصبحون غرباء على طرق منفصلة
وسط الصخب —- واحد مختلف ،
كـ ثقب مفتوح في قماش الانحطاط
جلس في زاوية — متحفظ ، يشرب بمفرده ،
أحيانًا يشارك بابتسامة باهتة لا تصل العينين
همس شي ليهوا يسئل عن ذلك الرجل في الزاوية
ردّ الشاب صاحب الحفل : “ أوه هو شريك والدي في العمل ،
جاء ليشاركنا الحفلة ، وأهداني هدية جيدة — سأتكلم مع
أبي لاحقًا ،،
هو يعمل في مجال الطاقة المتجددة ،
هل أقدمك له؟"
قال شي ليهوا بفتور : “ لا داعي ، أنا مجرد تاجر أرز ،
وما حاجتي بمعرفة رجل مثله ؟”
لم يجلس الرجل في الزاوية طويلًا و نهض معتذرًا بالانصراف ،
أبدى صاحب الحفل بعض اللباقة ، فقام يودّعه حتى باب
المصعد ، وهناك تصادف أن رأى شي ليهوا ينتظر أيضًا
سأله صاحب الحفل : “ أأنت راحل ؟”
فأجابه شي ليهوا وهو يتظاهر باللامبالاة : “ إلى أين أرحل ؟
نزلت لأجلب شيئ من السيارة "
وصل المصعد ، ودخلا معًا
لم يتبادلا الكلام أثناء النزول ، واكتفيا بإيماءة بسيطة
رنّ جرس المصعد عند الطابق السفلي ، وأضاء ضوءه الأصفر
الجو في المواقف تحت الأرض بارد ، فشدّ شي ليهوا
معطفه على جسده أكثر ومشى خلف الرجل
وفجأة دوّى صوت بوق سيارة ، فتوقّف الرجل لحظة ثم غيّر
اتجاهه نحو السيارة التي أضاءت مصابيحها الأمامية
تبع شي ليهوا نظره دون قصد ، وحين رأى من يجلس في
مقعد القيادة صُدم حتى نطق مندهشًا : “ يو شولانغ؟”
وقف الثلاثة في المكان نفسه ، وكان وحده شي ليهوا يبدو في غير مكانه
كان يو شولانغ هادئًا كعادته ،
بينما ظلّ الرجل الذي يعمل في مجال الطاقة متزنًا ،
بابتسامة خفيفة وهو يقول بأدب:
“ أنت السيد شي أليس كذلك ؟ هل تعرف شولانغ ؟”
أجابه شي ليهوا مترددًا : “ يمكن قول ذلك "
ابتسم الرجل وقال بنبرة طبيعية : “ إذن صدفة جميلة ،
فأنا حبيبه "
تجمّد وجه شي ليهوا لحظة ،
مستنكرًا: “ ماذا قلت ؟”
أجابه الرجل بهدوء : “ حبيبه "
تحركت عينا شي ليهوا في توتر ، ثم ضحك ضحكة قصيرة ساخرة وقال :
“ حبيبه ؟ وأنت قبل قليل في القاعة كنت تتحسس
مؤخرات العاهرين الشباب ؟!”
يتبع
—— مين يراهن معي ؟
أحسّه يكذّب عشان يسمع شولانغ
تعليقات: (0) إضافة تعليق