القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch2 الإمبراطور الأسير

 Ch2 الإمبراطور الأسير



في بداية السنة الرابعة من عهد شوانهي — غيّر شياو لان 

اسم الحقبة إلى يونغآن، 

ومنذ هذه اللحظة صار إمبراطورًا رسميًا —-


منذ اليوم الذي اعتلى فيه شياو لان العرش ، قلّت المرات 

التي يرسل فيها من يجلب ذلك السمّ ، 

لعلّه رأى كيف كنت أتقيّأ الدم بعنف أثناء المراسم ، 

فخشي أن أموت فعلًا من المرض ، 

أو ربما رآني آنذاك متهالكًا إلى درجة جعلته يعتقد أنّي لم 

أعد قادرًا على إثارة أي مشكلة ، 

ورغم أنه وضعني قيد الإقامة الجبرية ، 

إلا أنه عاملني معاملة ' الإمبراطور الأكبر المتنحّي ' 

ملابس فاخرة ، وطعام في غاية الرفاهية —-


لكنني كنت أعلم أن قيمة حياتي لن تدوم طويلًا ، 

وأن شياو لان لن يسمح لي بنهاية هادئة مهما طال الزمن ،


وحين حلّ خريف العام التالي ، تحسّنت صحتي قليلًا


لم أعد بحاجة إلى من يسندني حين أمشي ، 

لكن لا أزال ألهث إن تحركت بسرعة ، ويكاد يهزمني أي نسيم قوي ، 

رأيت انعكاسي حينها في المرآة ؛ لوني كان أشدّ شحوبًا من 

أيامي الصحيّة ، 

لكن وجنتيّ تحملان حمرة غريبة ودائمة ،

ومع عينَيّ الطويلة الضيقة الشبيهتين بـ' فينيق نائم ' بدوت 

كما لو كنت سكيرًا مخمورًا ، نظرتي ضبابية مسكرة

وهكذا ، بدأت الشائعات تنتشر في أرجاء القصر بأن هذا 

الإمبراطور المعزول بات غارقًا في المتعة ، 

و يقضي أيامه في اللهو والخمر ، لا يفيق من سُكره أبدًا


وفي الحقيقة… لم يكن ذلك كلّه كذبًا 


صحيح أنّ شياو لان قيّد حريتي ، لكنه لم يستطع تقييد تسليتي 


و كنت أستدعي فرق الممثلين والمؤدين إلى قاعة التأمل 

العميق ، فيدوّي الصخب طوال الليل ، 

ثم أصرفهم عند الصباح


لكن بالطبع… لم أكن أدعوهم لمجرّد طرد الكآبة 


من بين هؤلاء المؤدين ' حرّاسي السرييّن ' الذين درّبتهم سرًا ، 

( حرس الظل - جواسيس أي امبراطور و ولي عهد)

من كانوا يتولّون المهام المظلمة نيابةً عني ، 

يزيلون خصومي من دون أثر ،

فقد استخدمتهم في التخلص من عدة إخوة غير أشقاء 

ممّن كان الحماس يعمي بصيرتهم ، 

وكذلك من الإمبراطورة الأرملة منغ — أمي الرسمية ، التي 

أرادت انتزاع الوصاية على العرش حين توليته ——


لكن شياو لان لم يكن مثلهم… كان أذكى بكثير —-

لن يخفف رقابته عني بسهولة ، وأنا بالطبع لم أكن أجرؤ على 

ارتكاب أي حماقة ، 

و كان عليّ أن أغرق أكثر في هذا الانحلال ، 

حتى يصدّق تمامًا أنّي صرت إمبراطورًا مخلوعًا لا يشكل أي تهديد


وهكذا ، بدأت أرتدي أزياء الممثلين ، وأضع الأقنعة ، 

وأمسك الدمى الخشبية… 

وأغنّي مسرحيات الدمى ليلًا بعد ليل


ومع الوقت ، انتشرت شائعة جنوني كالنار في الهشيم … 

ووصلت بطبيعة الحال إلى آذان شياو لان المشغول بالسياسة



في الليل ، 

كنت أستغلّ عرض مسرحي للدمى للتواصل سرًا مع حرّاسي 

حول ما يجري في القصر ، حينها — وصل شياو لان فجأة —


لقد جاء ليراني… ليرى إن كنت قد جُننت بالفعل —-


وقف عند الباب ، منصتًا باهتمام ، 

بينما كنت في الداخل أغني هراء لا معنى له


وعندما انتهى العرض ، صفّق بحماس أيضًا ، ولم يُبدِي أي 

اشمئزاز من رؤية هذا الإمبراطور المعزول وهو يهذي ويغنّي، 

بل دفع الباب ، وطرد جميع المؤدين ، 

وجلس يشاهد أدائي وحدي


فأديت له —-


حملت إبريق الخمر ، وشربت وأنا أغنّي ، 

و أترنّح حتى وصلت إليه


حدّقت فيه من خلال عينين نصف مغمضتين ، 

… لكن شياو لان فعل شيئًا لم أتوقعه مطلقًا —-


أمسك بذراعي ، وانتزع إبريق الخمر من يدي ، 

ورفعه إلى شفتيه… وشربه كله في جرعة واحدة


لا أنسى عينيه السوداء العميقة ، 

ولا حركة حلقه وهو يبتلع ،

لم يكن يشرب الخمر…

كان يشرب دمي ، يلتهم لحمي ، ويقضم عظامي


شياو لان : “ شياو لينغ .. سأختار قريبًا إمبراطورة ومحظيات ، 

برأيك ، من ينبغي أن أختار ؟ 

لديّ مئات الجميلات في القصور الثلاثة والحريم الست ، 

ومع ذلك لا تروق لي أيّ واحدة منهن ،

ما رأيك؟ وأخبرني ، لماذا ، في ذلك الحين ، عندما وقعت 

عين والدي الإمبراطور على والدتك ، السيدة يوي 

التي كان جمالها يفوق نساء المقاطعات التسعة كلّها ،  

أحبّها وحدها ولم ينظر إلى أيّ محظية أخرى بعدها ؟”


ارتبكت من كلامه


أنا من كان يتظاهر بالجنون ، لكن شياو لان بدا أكثر جنونًا مني


كان الأمر غريبًا… بل مثيرًا للسخرية


ضحكت ضحكة مخمور جامحة ، لكن شياو لان لم يضحك


حدّق بي لحظة ، ثم نهض فجأة ودفعني بقوة نحو الطاولة


تحطّم إبريق الخمر على الأرض بصوت يشبه صهيل 

الفرسان المدرّعين وصخب السيوف المتصادمة


خمّنت أنّ ذكرى فقدان والدته لمكانتها بسبب والدتي قد 

أثار فجأة فيه رغبة قتلي

ومع ذلك ، أجبرت نفسي على التظاهر بالسكر ، 

وأرخيت جسدي على الطاولة كما لو أنّي فريسة تقدّم عنقها 

لذئب مفترس


كنت أعلم أنّ شياو لان لن يقتلني الآن


فقد اعتلى العرش حديثًا ، وما زال في البلاط وزراء قدامى 

ورجال أوفياء لم ينسوني ، 

رجال يرون وصيّة والدي بتسميتي وريثًا أغلى من حياتهم


انحنى شياو لان ، واقتربت شفتاه من أذني


نَفَسه ينساب عليّ ، حادّ ، كأنّه أفعى جائع وسامّ


جسده أصلب بكثير مما توقعت ، لا نحيلًا وضعيفًا كما يبدو


قال بصوت خافت ولطيف:

“ شياو لينغ ،،، هل تساءلت يومًا لماذا أبقيت عليك ، وأكرمتك بلقب الإمبراطور المتنحّي ؟ 

هل تظن فعلًا أنني أخشى كلام الناس واتهامهم لي باغتصاب العرش ؟ 

أم تظن أنني أخاف حقًّا من أولئك الوزراء العجائز فلا أجرؤ 

على قتلك ؟ 

لديّ اعتبارات كثيرة… لكن يوجد سبب آخر أيضًا ”


أغمضت عيني ، متظاهرًا بأنني لا أسمع من شدّة السكر ، 

لكن حرارة أنفاسه كانت تحرق جانب عنقي


: “ شياو لينغ لأنك ممتع ... 

وإن كنت ذكيًا بما يكفي…

فستعرف كيف تصبح أكثر إمتاعًا ، لتعيش أطول ….”

بعد لحظات :

" سأعود لرؤيتك ،،

حين تصحو يا شياو لينغ لا تجعلني أعود فأصاب بخيبة أمل ”


….


بعد مغادرة شياو لان، لم يغمض لي جفن طوال الليل


تقلّبت مفكرًا في كلامه


كلما فكرت أكثر ، بدا الأمر أكثر عبثيًا… وأكثر إثارة للاشمئزاز


نحن الاثنان أبناء إمبراطور واحد ، وإخوة من نفس لأب 


حتى لو أراد الانتقام لطريقة معاملتنا له في صغره… 

لم يكن عليه أن يقول مثل تلك الكلمات الغامضة والمريبة


وكأنه…


وكأنه يريد منّي، أنا الإمبراطور الأكبر ، أن… أرضيه —-

( أسويها معاه )


بردت أنفاسي ، شعرت بقشعريرة ثقيلة


نظرت إلى معصمي الذي لا يزال يؤلمني قليلًا ، 

و بقيت عليه آثار أصابعه الحمراء بوضوح


أنزلت كمّ زيّ الأوبرا الواسع لأخفيها ، ثم خرجت


أمام قاعة التأمل يوجد بحيرة ، وبالمقابل ، في الضفة 

الأخرى ، تقع أبنية القصر المركزي


لم يكن ذلك عالمي بعد الآن


مضى الربيع وجاء الخريف… وكأن عمرًا قد انقضى


وقفت على الضفة أراقب ، ورأيت بعض الفتيان على ظهور 

الخيل يلهون بين الأشجار


كانوا أبناء شياو لان


والذي يمتطي حصان أسود كان بلا شك ذلك الذئب الصغير


بدا أنّ لديه موهبة فطرية من دماء البراري ؛ 

فجلسته المنخفضة على ظهر الحصان وهو يركض كانت 

وحشية ورشيقة ، 

مميزة تمامًا عن أبناء شياو لان الآخرين ،


وكأنه شعر بنظراتي — ، شدّ لجام الحصان وتوقف


هزّ الحصان رأسه ولوّح بذيله بضيق


لحق به فتى أكبر سنًا ، وضرب خصر الحصان بالسوط بقسوة


صهل الحصان من الفزع ، وركل الأرض… ثم رمى راكبه 

مباشرةً إلى البحيرة


انفجرت الضحكات على الضفة


رأيت الذئب الصغير يتخبط في الماء ويصارع الغرق ، 

ومع ذلك لم يتحرك أحد لإنقاذه 


صرخت عاليًا  —- وحين أدرك الأمراء الواقفون على الضفة 

هويتي ، تبادلوا همسات قصيرة ، ثم تفرّقوا مبتعدين


استدعيت حرّاسي من فناء إقامتي ، وجعلتهم ينتشلونه من الماء


كان مبللًا حتى العظم وقد ابتلع الكثير من الماء


تمدّد على الأرض وهو يسعل بلا توقف


زينة شعره قد سقطت ، وأصبح شعره مبتلًا ومجعدًا وفوضويًا، 

كاشفًا عن أصل البراري الذي يجري في دمه ،

خلال سنة واحدة فقط صار جسده أصلب ؛ 

اتّسعت كتفاه واشتدّ ظهره ،

لقد كان ينمو أسرع من كلب صيد 


قال وهو يحاول النهوض 


شياو دو : “ ش–شكرًا… يا عمي الإمبراطوري ” 


لكنه لم يجرؤ على رفع رأسه المبلل بالشعر المجعد لينظر إلي ، 

مرتبك وضائع تمامًا كما كان في لقائنا الأول


هبّت رياح الخريف الباردة فانتفض بالعطاس


شياو لينغ : “ما دمت تناديني ‘عمّي الإمبراطوري’ فلا داعي 

لكل هذا الخوف . لن آكلك ”


ابتسمت ابتسامة خفيفة ، وكما لو كنت ألتقط ذاك الذئب 

من على سهول البراري قبل سنوات طويلة ، 

أخذته معي إلى قاعة التأمل ،


{ عليّ هذه المرة أن أروّض هذا الذئب كما يجب ….


لأنّه ، في يوم ما ، قد يصبح سيف في يدي }


لكن، حين أتذكّر هذا اليوم بعد سنوات… 

سينقبض قلبي ندمًا ——-


لم أكن أصقل سيف —بل أدخلت ذئبًا إلى بيتي بيدي ——


يتبع

الفصل التالي الفصل السابق
  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • عادي
  • متطور
  • ترتيب حسب الاحدث
    عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق
  1. احا صدق عشان كذا التصنيف **** يعني من الان اقولها بنشوف مضاربة الاب والابن عليه

    ردحذف

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي