Ch59
مع دخول شهر ديسمبر ،
اجتاحت التيارات الباردة القادمة من سهول سيبيريا كامل شمال الصين ،
اندفعت موجات الهواء الباردة بكل عنف نحو الشرق ، لتصطدم بجبال داشينغان ،
وتنحدر عبر التلال الشاهقة باتجاه الجنوب ،
اجتاز العملاق البارد هضبة منغوليا الداخلية ،
حاملاً معه الثلج والبلورات الجليدية ،
ليتخطى سور الصين العظيم ،
ويتوقف خارج أكبر مدينة في شمال الصين ،
ثم يلفظ نَفَسَه في عالم البشر ،
في لحظة واحدة ،
غزت المدينة رقاقت الأرواح الثلجية من كل حدب وصوب ، وخلال ليلة واحدة ،
غطى الجليد المنحوتات والقصور في كل أنحاء المدينة .
لم يعتاد لياو بعد على شتاء مدينة وان ،
حيث أن مدينة وان تقع على نفس خط العرض تقريباً مع طوكيو ، لكنها أشد برودة في الشتاء ،
كان يرتدي سترة صوفية سميكة ،
ويرتدي قفازات ،
و يحمل بقلق كوب من القهوة ، ويتعرق بلا توقف في دفء المقهى ، مما جعله يشعر بعدم الارتياح
لياو بصوت خافت : " يمكنك أن تبدأ بالحديث الآن ،
لا يوجد أحد هنا "
ألقى سوب نظرة حوله ، وكأنه يتحقق مما إذا هناك من يستمع
كان زميل لياو بالغرفه ، آرون تشانغ ، يجلس بعيداً جداً عنهم ، في زاوية أخرى من المقهى ، مُنهمكاً في حلّ مسائله الدراسية
إضافة إلى ذلك ، لم يكن هناك أحد قريباً سوى هما الاثنان
شعر لياو بعدم الراحة من نظرات سوب له، فمنذ ظهوره كان لديه إحساس غريب ، وكأن هناك شيئ ما غير صحيح
{ لاااا ،، ربما منذ ظهور دو جينغ ،،،،، كان هذا الشعور الغريب موجود }
طوال الأيام الماضية ، كان سوب يراقبه من خارج سور مركز التأهيل ، هذا الشخص صبور جداً ، وبعد أن تم طرده من قبل الأمن عدة مرات ، وجد في النهاية فرصة للتحدث مع لياو
سوب : " أريد أن أتحدث معك ، اسمي سوب
سأتحدث عن والديك ، وعن تلك الحادثة "
صمت لياو لوهلة ، ثم وافق دون رفض ، وحدد موعد ، وطلب من آرون تشانغ أن يصطحبه ، ليمنح سوب فرصة للتحدث معه على انفراد
سوب : " أعلم أنك لا تريد أن تتذكر الماضي ،، لكن هذه المسألة مهمة جداً لك ، ولعائلتك بأكملها "
لياو عابس : " لماذا لا تتحدث مع أخي ؟
إنه المسؤول في عائلتنا "
تنهد سوب قائلاً بهدوء : " لقد تحدثت معه بالفعل ، لكن وجود دو جينغ بجانبه جعله يرفضني .
أريد أن أسألك سؤال أولاً ،
في فترة طفولتك ونموك ، هل شعرت يوماً بأن هناك شيئ ... مختلف عن الآخرين ؟"
لياو: " لا أفهم ما تعنيه "
: " مثلاً … " تحدث سوب وهو يمرر أصابعه في شعره ، وانسابت رائحة عطره : " هل شعرت في لحظة ما أن لديك القدرة على رؤية لمحات قصيرة من المستقبل ؟
أو أن هناك أيام ، أو حتى عدة أيام ، تختفي من حياتك دون سبب ؟"
لم يقل لياو شيئ ، لكنه عقد حاجبيه ونظر إلى سوب
لياو : " ما علاقة هذا بموت والدي ؟"
اللغة الأم لكل من لياو وسوب ليست الصينية ، لذا كانت محادثتهما صعبة بعض الشيء ، ولكن كان بإمكانهما فهم معنى كلام بعضهما البعض
سوب : " من الأفضل أن تشاهد هذا أولاً ،،
هذا ملف سري جداً ، بعد أن تشاهده ، أرجوك أن تحفظه بسرية تامة "
لم يكن سوب يثق بقدرة طفل في السادسة عشرة أو السابعة عشرة من عمره على حفظ الأسرار ، لكن الجالس أمامه هو لياو ، الذي فقد والديه في حادث سيارة ، وبعد تجربة هذا التحول الكبير في حياته ، من المؤكد أن تفكيره أكثر نضجاً من أقرانه
قدّم سوب هاتفه إلى لياو وضغط على زر التشغيل ، وظهر مقطع فيديو مدته ثلاثة وعشرون دقيقة
سوب بسرعة وبصوت خافت ، ونظر حوله مجدداً ، ليتأكد من محيطهم : " سنبدأ من مطار هانيدا
لقد قمنا بمراجعة جميع التسجيلات من كل منطقة تحتوي على كاميرا مراقبة . بعد وقوع الحادث ، لم يشاهد هذا التسجيل سوى عدد قليل جداً من الأشخاص ، ولم يرَى أحد منهم التسجيل الكامل ..."
صوت لياو يرتجف ، لكنه يحمل قوة طبيعية : " أعرف " ، لقد شاهد جزءاً من هذا الفيديو من قبل ، وهو مقطع من الطريق السريع ، حيث التُقطت السيارة وهي تنطلق بسرعة بواسطة كاميرا المراقبة
في ذلك اليوم ، كان مع والدته و قد عادا للتو من إجازة خارجية ، وكان والده قد جاء لاصطحابهما ، وحدث بين والديه شجار بسيط في السيارة ، لكن الشجار لم يدم طويلاً ، وسرعان ما ساد الصمت بينهما
قبل ذلك ، كان لياو يشعر أن والديه على وشك الطلاق ، لكنه لم يتوقع أن تأتي هذه الكارثة المفاجئة لتربط مصيرهما ببعضهما البعض إلى الأبد
سوب بصوت خافت : " هل تراه ؟"
غرق لياو في صمت طويل ، ورأى على الشاشة رجل طويل ونحيف يرتدي بدلة سوداء ونظارات شمسية ، يقف في نقطة التجمع في المطار ، وينظر إلى هاتفه كما لو يرسل رسالة لأحدهم
لياو يرتجف : " إنه هو "
أومأ سوب : " كان لديه شريك يساعده في استئجار السيارة ، لكن الكاميرات لم تلتقط صور لهذا الشخص..."
لياو يرتجف : " لماذا حدث هذا ؟"
بعد صمت طويل ، أنهى لياو مشاهدة الفيديو ، نظر إلى سوب بعيون مليئة بالصدمة والخوف
لياو بحيرة ، وعيناه مليئة بالدموع : " لماذا ؟ ، لماذا حدث هذا ؟"
أعاد سوب الهاتف إلى جيبه : " لأن عائلة والدك كانت متورطة في قضية هامة .
دعنا نتحدث بصراحة ، أعدك بأنني لن أؤذيك ، ولن أؤذي أخاك ، أو أي شخص مهم لك...
أجبني الآن ،، لقد رأيت في الملفات أن عائلتك تمتلك القدرة على استخدام جزيئات الزمن العكسي ، للتحكم بالوقت ، أليس كذلك ؟"
عينا لياو محمرتين ، وامتلأت بالدموع ، وهو ينظر إلى سوب في حيرة
لم يسأل سوب المزيد ، وكأن ردة فعل لياو أكد كل شيء
سوب بدا عليه التوتر ، وهو يحاول كبح جماح مشاعره ، ويده ترتجف قليلاً : " متى بدأت هذه الظاهرة ؟
في أي عمر ظهرت هذه القدرة ؟
هل تعتقد أن شقيقك ، تشو لويانغ ، يمتلك هذه القدرة أيضاً ؟"
لياو فجأة : " لا أعرف ، عليّ أن أذهب ، لا يمكنني إخبارك !"
حاول لياو أن يحرك كرسيه المتحرك ، وهو يرتجف من الخوف ، مما أدى إلى إسقاط فنجان القهوة
رفع آرون تشانغ رأسه بسرعة ، ثم نهض وسار نحوهما بخطى سريعة
سوب: " اهدأ ، ميا كي ! اهدأ . لا أضمر لك أي سوء !"
ناداه سوب باسمه الياباني ، مما جعل لياو يتردد قليلاً ، بينما وصل آرون تشانغ إلى الطاولة بوجه غاضب ، وقال: "ماذا تريد ؟"
ترك سوب على الفور ذراع لياو ، مشيراً إلى أنه لا يحمل أي نوايا سيئة
كان لياو غير قادر تماماً على التركيز في هذه اللحظة …..
آرون تشانغ : " لنذهب " لم يسأل عن التفاصيل
سوب: " انتظر قليلاً ! هذا مهم له،
أرجو أن تعطينا المزيد من الوقت !"
نظر آرون تشانغ إلى لياو ، الذي كان وجهه شاحباً ، وشفتيه ترتجفان ، ويتنفس بسرعة
لياو : " لا بأس " ثم أغمض عينيه ومسح دموعه
سوب مجدداً : " متى بدأ هذا الأمر ؟"
نظر لياو إلى آرون تشانغ ، وأومأ له بإشارة موافقة ، وقال: " أعطنا عشر دقائق أخرى "
احترم آرون تشانغ قراره : " حسنًا . سأكون هناك "
بعد مرور بعض الوقت ، سأل لياو : "من أين حصلت على هذه المعلومات ... في أي سجل رأيت هذا ؟"
سوب : " أنا زميل سابق لدُو جينغ ، ولكن عندما انضممت إلى المنظمة ، كان قد تركها بالفعل "
لم يرد لياو ، وعابس بشده
سوب : " إذا كان بإمكاننا تأكيد أن هناك حقًا تدفق عكسي للزمن ، ربما لم يكن والدك ليموت ، أليس كذلك ؟"
رفع لياو نظره فجأة نحو سوب وقد أصابه ما قاله في الصميم
لياو بخوف : " لا أعرف .
أنا حقًا لا أعرف... ظننت... أنه مجرد وهم "
كان سوب قد كوّن فكرة واضحة بالفعل في ذهنه ، فسأل بجدية : "حدثني من البداية ، متى بدأ الأمر ، وفي أي ظروف ؟"
لياو : " لا أعرف... أنا..." وفي النهاية ، قرر وقال: " كان ذلك... قبل أكثر من شهر ، في أكتوبر ، في أواخر أكتوبر ، عندما لم يكن أخي في المنزل "
حصل سوب على إجابة لم يكن يتوقعها على الإطلاق ، وقال بدهشة: " اكتشفته مؤخرًا ؟"
لياو : " لا... ليس كما تعتقد ، لم أرَى المستقبل ، ولم... أعد إلى الماضي . أو ربما ، نعم ، عدت إلى الماضي .
لقد حدث لي عدة مرات ، أنني حوصرت في نفس اليوم ، أحيانًا في منتصف النهار ، وأحيانًا في منتصف الليل .
وفي الأربعاء الماضي... أي قبل أن تأتي لرؤيتي ، عشت نفس اليوم أربع مرات ، وكل مرة أستيقظ في منتصف الليل ، أجد نفسي عائدًا إلى الليلة السابقة ، عند الساعة الثانية عشرة "
سوب : ".………….."
———————————-
صوت الرياح الباردة يعصف في الشارع الطويل أمام السفارة ، حيث تساقطت أوراق شجر الجنكة كليًا ، وتم كنسها ، ولم يتبقَى سوى صفين من الأشجار العارية
تشو لويانغ يرتدي معطف واقي من الرياح ،
يرتجف داخل متجره تشانغآن للساعات والتحف ،
يدفيء نفسه بجهاز تدفئة صغير
لم يتم إصلاح التدفئة في المتجر بعد ،
و درجة الحرارة في الداخل تشبه الجليد
بعد عودته إلى مدينة وان ، أبلغ على الفور عن فقدان شريحة هاتفه وأرسل رسالة نصية إلى لياو
ولحسن الحظ ، لم يكن الأمر مفاجئ بالنسبة لـ لياو ، فقد حسب الأمر ، من اللحظة التي بدأ فيها مطاردة هدف KCR حتى مغادرته الغرفة السرية ، لم يكن قد فقد هاتفه لأكثر من أسبوع
أخبره تشو لويانغ أن هاتفه سُرق في الخارج ، ولم يسأله لياو المزيد
ولحسن الحظ ، كانت الساعة التي أعطاها له ذاك الروسي ، ساعة عين فورسيتي المعطلة لا تزال معه ،
حيث وضعها في حقيبته مع الامتعه في سيارة الدفع الرباعي ولم يأخذها معه على متن المروحية
و عندما أخرجها الآن ، كانت أصابعه مجمدة ولم يجرؤ على تفكيكها
دو جينغ عاد إلى منظمة تشانغيي ، ليحصل على مكافأة التحقيق ، 10 مليون يوان و سيُخصم منها نصيب الشركة والضرائب ، ولا يزال يتبقى مبلغ لا بأس به لدعم الحياة
باع لويانغ في مزاد سوذبي ساعتين من ساعاته مقابل حوالي مئة ألف دولار ، وبإضافة العائدات مع مكافأة نهاية العام لدُو جينغ ، فإن نهاية هذا العام لن تكون مقلقة لتشو لويانغ ، وقد يتمكن من سداد ديونه وربما حتى الذهاب في إجازة مع لياو خلال العطلة الشتوية
رن جرس الباب ، وكان تشو لويانغ في مزاج جيد : " أهلًا... هل انتهيت من عملك بالفعل ؟"
دو جينغ دخل من الباب ، مرتديًا معطف واقي ايضاً ووشاح ونظر حوله : " لماذا الجو بارد هكذا هنا ؟"
تشو لويانغ : " سيأتوا عمال إصلاح التدفئة بعد بضعة أيام .
لقد اتصلت بهم للتو ،
أسرع ، أسرع ، سأموت من البرد !"
خلع دو جينغ حذاءه ، وجلس على سجادة الشاي ، ومد تشو لويانغ يديه إلى حضنه فورًا
كان دو جينغ يرتدي فقط سترة خفيفه تحت معطفه الواقي ، ولكن درجة حرارته كانت أعلى بكثير من تشو لويانغ
عندما رأى ذلك ، فتح معطفه ، مشيرًا إلى أن تشو لويانغ يمكنه الاقتراب اكثر
تشو لويانغ وهو في احضان دو جينغ ، نظر من رأسه إلى أخمص قدميه : " لماذا أنت دافئ هكذا ؟"
أخرج دو جينغ من جيبه الداخلي في معطفه جهاز تدفئة من نوع زيبو يعمل بالكيروسين وقدمه له
: " من أعطاك إياه ؟"
نظر إليه تشو لويانغ بشيء من الشك ، فهو يعرف أن دو جينغ نادرًا يقبل هدايا من الآخرين أو يشتري لنفسه أشياء
دو جينغ بسهولة : " شاب وسيم جدًا أعطاني إياه .
موظف جديد ، ربما وقع في حبي من النظرة الأولى ؟"
نظر إليه تشو لويانغ بشك : "هذا مستحيل "
اضطر دو جينغ إلى تغيير إجابته : " رئيسي أعطاني إياه ، كمكافأة على المهمة "
تشو لويانغ: "حقًا ؟ أم شخص جديد أعطاك إياه ؟"
دو جينغ بلا حول ولا قوة: " لا، هل تريد التحقيق معي ؟"
تشو لويانغ : " تحقيق ؟ بالطبع سأبارك لكما ، ولكن بأي صفة أُحقق معك ؟"
دو جينغ: " ما رأيك ؟"
لم يرد تشو لويانغ ، وأخذ جهاز التدفئة يتفحصه من جميع الجوانب
كان دو جينغ يبدو غير مكترث ، وألقى نظرة على ساعة ' عين فورسيتي ' المعطلة على الطاولة ، ثم قارنها بمعصمه
دو جينغ : " هل يوجد المزيد منها ؟"
تشو لويانغ : " هذه هي آخر اثنتين متبقيتين في العالم .
إذا دققت جيداً ، ستلاحظ فرق بسيط في الوزن . ماذا عن الأموال ؟ كم حصلت من المكافأة ؟"
دو جينغ: " لا أعرف ، لم أسأل ، قال رئيسي أنه سيتم صرفها مع نهاية العام ، يجب أن تصل خلال اليومين القادمه . كيف تجري الأعمال هنا ؟"
سأل تشو لويانغ بنبرة استنكارية : " لقد غبت لأكثر من شهر عن المتجر ، ماذا تظن ؟"
دو جينغ: " هذا ليس جيداً ، يبدو أن المتجر على وشك الإفلاس "
تشو لويانغ بأسى : " نعم ، لا أعرف لماذا نتجول في كل مكان ، حتى أننا لا نعتني بالمتجر " وكان يقصد بذلك انتقاد دو جينغ ، فلو لم يكن بسببه ، لما ترك أحد المتجر
ثم جاءت العبارة التالية من دو جينغ وجعلت تشو لويانغ يغضب بشدة
دو جينغ : " أليس كل هذا من أجل المال ؟
على أي حال ، المتجر لا يبيع شيئ .
عندما نحصل على مكافأة نهاية العام ، لنأخذ لياو في رحلة ؟"
صرخ تشو لويانغ : " لااا ! ما زلنا بحاجة إلى سداد الديون !"
مع اقتراب نهاية العام ،
أصبح جو مدينة وان كسول ايضاً ، لا سيما في هذه المنطقة السكنية ، حيث لم يعد أحد يعمل بعد الساعة الثالثة ظهرًا
ومنذ افتتاح متجر تشو لويانغ حتى الآن ، لم يبع سوى ساعتين ، وكانتا من خلال دار المزاد
لم يكن لدى تشو لويانغ نية الذهاب لاصطحاب لياو مبكرًا ، لكنه لم يكن يتوقع أن يأتيه زبون بشكل مفاجئ اليوم
: " هل المالك موجود أخيرًا ؟" الزبون الذي وصل قد تم تقديمه من قبل جمعية التحف ، حيث قدم بطاقة رئيس الجمعية أولاً ، ثم عرّف بنفسه
نائب رئيس لشركة مالية ، وقال : " لقد جئت عدة مرات ، وكان موظف المتجر يقول دائمًا إن الرئيس ليس هنا "
سارع تشو لويانغ بدعوته للجلوس ، فأخرج الزبون قطعتين من التحف وقال : " هل يمكنني تركهما هنا لبيعها في المتجر ؟"
كانت القطعتان عبارة عن مسبحة من حجر التورمالين الأخضر ، وساعة صغيرة
تشو لويانغ بسرور : " إيداع الأشياء للبيع يتطلب رسوم ، ما هو السعر الذي في ذهنك ؟"
غالباً يستغل البعض المتاجر الأثرية في إيداع قطع للبيع كوسيلة للرشوة أو تلقي الرشوة
على سبيل المثال ، يتم وضع القطع المزيفة أو متوسطة القيمة الخاصة بالمسؤولين في المتاجر بسعر خيالي ، وبعد شهر يأتي الشخص الذي ينوي الرشوة لشرائها ، وبذلك يدخل المال مباشرة إلى جيب المسؤول
ذكر نائب الرئيس رقم ، فأخرج تشو لويانغ جهاز التحليل ، وبدأ بفحص مسبحة التورمالين ، ثم قام بفحص تفاصيل الساعة الصغيرة
وبناءً على السعر الذي ذُكر ، استطاع أن يحدد أنها ليست لعملية غسل أموال
لويانغ : " ما هو أدنى سعر يمكنك قبوله ؟"
عادةً يكون للإيداع حد أدنى من السعر ،
حيث يتم احتساب رسوم صغيرة جداً إذا تم البيع دون هذا السعر ، أما إذا تجاوز البيع هذا الحد ، فيمكن حينها الحصول على عمولة أكبر
وبعد أن توصلا إلى اتفاق ، أخرج نائب الرئيس ساعة "باتيك فيليب" قديمة ذات سطح محطّم ، وقال : " هل تستطيعون إصلاحها ؟"
تشو لويانغ : " نعم ، نستطيع ."
كان يعلم أن لهذه الساعة قيمة تاريخية ، وبالرغم من أنه من الممكن إرسالها للإصلاح في المصنع ، إلا أن الأسعار تكون باهظة بمجرد تغيير أي قطع فيها بعد انتهاء فترة الضمان ، وتستغرق العملية وقت أطول
بس خروج الزبون ….
تشو لويانغ قال لدوجينغ : " أترى ، لدينا أعمال اليوم !"
رد دوجينغ: " الوضع الاقتصادي ليس جيداً ، الجميع يبيع ممتلكاتهم "
همهم تشو لويانغ وهو يغلق باب المحل
وطلب من دوجينغ إنزال الباب الحديدي الخارجي للمحل
لويانغ : " لولا وجودك ، لما عرفت كيف سأقضي يومي ، ناهيك عن تسديد الديون "
رد دوجينغ بلا مبالاة وهو يدير مفتاح السيارة بأصابعه : " طالما أنا على قيد الحياة ، فلا داعي للقلق بشأن المال طوال حياتك .
لكن لا أدري إلى متى سأستطيع تحمل هذا المرض "
تشو لويانغ وقد شعر بالحزن فجأة وهو ينظر إلى دوجينغ: " لا تقل هذا .
هل وصلت إلى مرحلة جديدة ؟
دعني أقود السيارة بدلاً منك "
دوجينغ بلا مبالاة : " لا ، ولكن في الآونة الأخيرة أشعر بشيء غير طبيعي ، لكني لا أستطيع تحديد السبب "
منذ عودتهم من كمبوديا ،
شعر تشو لويانغ بوضوح أن دوجينغ لم يعد يرغب في الذهاب إلى العمل في الشركة
فالعمل هناك بالفعل يشبه المخاطرة بالحياة من أجل المال
لولا ساعة ' عين فورسيتي '، ربما كانوا قد... لا يمكن القول إنهم ماتوا ، لكن بالتأكيد كانوا قد تعرضوا لإصابات ، وربما لم يتمكنوا من إنقاذ أي أحد
لو لم يكن هناك رجوع للزمن ، لكان عليهم مواجهة المشاكل التي لا تنتهي منذ اليوم الذي سقط فيه يو جيانكيانغ من المبنى
ولكن ، في بعض الأحيان ، كان تشو لويانغ يفكر :
{ لو مات يو جيانكيانغ في ذلك اليوم ولم يحدث رجوع بالزمن ، هل كانوا سيعثرون على وو شينغ بينغ ؟
و ربما كانت الأمور ستسير في اتجاه مختلف ؟
ربما كان الشخص الذي كان ينبغي أن يموت بدلًا من يو جيانكيانغ سيهرب ، وقد يتخلون عن وو شينغ بينغ في النهاية
وبعد استجواب الشرطة ، كان دوجينغ سيخرج بريئ بالطبع ، لأن الأمر لم يكن له علاقة به
و ربما كانوا سيواصلون ملاحقة وو شينغ بينغ ، والنتيجة كانت ستكون غير مؤكدة }
كان تشو لويانغ يحاول دائمًا إعادة تحليل كل شيء
{ ماذا لو لم يكن هناك رجوع للزمن في الهروب من الغرفة في كمبوديا ؟
من الذي كان سينجو في النهاية ؟
ربما هو ، دوجينغ، وربما لو تشونغيو
ولكن في إحدى الغرف في المتاهة ، أمام تمثال شيفا ، كان شياو وو قد مات بالفعل .
ومع ذلك ، في الساعات الأربع والعشرين التالية التي أُعيدت ، بقي شياو وو حي .
حسب المنطق السابق ، لم يمت أحد بدلاً منه ؟
هل كان هذا الدور يمكن أن يكون روان سونغ ؟
لو تشونغيو قال إن روان سونغ سيحكم عليه بالإعدام ، لكن ذلك من المفترض أن يحدث بعد فترة من الزمن }
تشو لويانغ : "هذا غير منطقي "
دوجينغ : " ما الذي تقصده بأنه غير منطقي ؟"
تشو لويانغ : " شياو وو ما زال حي .
و بناءً على القاعدة السابقة ،
بيننا نحن السبعة ..."
قاطعه دوجينغ : " نحن لا نمثل في فيلم 'الوجهة النهائية'. هل تعتقد أن شخص ما نجا من الموت ، وهذا غير منطقي ؟"
تشو لويانغ : " ليس تماماً ، لكن هذا الأمر يجعلني أشعر..."
دوجينغ: " لقد نسيت هونغ هو .
آخر قذيفة آر بي جي أرسلته إلى السماء بالتأكيد "
تشو لويانغ استوعب أخيراً : " آه ! الآن أصبح الأمر منطقي .
دعنا نتوقف عن استخدام هذه الساعة ."
لم يعلق دوجينغ، ووضع يده على عجلة القيادة ، وبدأ ينقر بأصابعه عليها بانتظام ، ثم توقف بسيارته أمام بوابة مدرسة لياو ، الذي كان يجلس في غرفة الحارس يتدفأ ويتحدث مع الحارس
تشو لويانغ بابتسامة: " ليااااو !"
قال لياو وهو يشعر ببعض الظلم : " أخيرًا عدت !"
اقترب تشو لويانغ وعانق أخاه الذي يجلس على الكرسي المتحرك ،
تجاوز لياو كتفه بنظره ليحدق في دوجينغ، وقد كان تعبيره معقد للغاية ، لم يستغرق الأمر سوى لحظة و لاحظه دوجينغ
وقف دوجينغ جانباً ، وعبس قليلاً وهو يراقب تعابير لياو
تبادل الاثنان النظرات دون أن يتحدثا —
لياو : " لم أراك منذ وقت طويل "
دوجينغ: " صحيح ، لم أراك منذ وقت طويل ايضاً "
لياو : "هل الأمور تسير على ما يرام ؟"
رد دوجينغ بالإيجاب ، وحين رأى أن تشو لويانغ ينوي حمله ، قال دوجينغ : " دعني أفعل ذلك "
لياو : " يمكنني فعل ذلك بنفسي "
ركب لياو السيارة ، وجمع دوجينغ الكرسي المتحرك ووضعه في صندوق السيارة ، وقال لتشو لويانغ : " اجلس في الخلف معه "
شعر تشو لويانغ بسعادة غامرة عند لقاء شقيقه مجدداً
كان يتمنى أن تمر الأمور بهدوء حتى رأس السنة القمرية ، وألا يتورط دوجينغ في مثل هذه القضايا المروعة مجدداً
لقد قرر أن يجد الوقت المناسب ليتحدث مع دوجينغ عن مستقبلهما
منذ مغادرتهما للمعبد ، بدأت هذه الفكرة تراوده ——
---يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق