Ch38
الطبيعة البشرية بطبيعتها طمّاعة — طمّاعة في الحياة ،
والحب ، والرغبات ، وكل ما يمكن الطمع فيه ،
وبمجرد أن يتذوق الإنسان حلاوة شيء ما ،
يصبح الأمر مثل إشعال النار في حقل جاف من الأعشاب ؛ حيث تنتشر النيران بسرعة ،
لم يكتفِي لو تشانغ تينغ بعدم كبح نفسه ، بل أصبح أكثر انغماس ،
وكأنه على وشك التخلي عن كل مسؤولياته ،
شين لي الذي كان ينوي في البداية البقاء لبضعة أيام فقط ،
انتهى به الأمر بالعيش هناك لفترة طويلة ،
وبدأ الاثنان يعيشون معاً بشكل طبيعي ،
مرَّ شهر يونيو ،
وجاء أوائل يوليو بعاصفة مطرية ،
لكن الطقس استمر في الازدياد حرارة يومًا بعد يوم ،
وفي ذروة الصيف ،
لم يكن سوى البطيخ البارد والآيس كريم قادرين على تخفيف الحرارة قليلاً ،
روتين حياتهم اليومية كان يتضمن ذهاب لو تشانغ تينغ إلى العمل في الشركة خلال النهار ،
بينما شين لي إما ينام في المنزل أو يقوم بمراجعة حسابات البار ،
كان يوصل الغداء للوتشانغ تينغ ،،
ويطهو العشاء في المنزل لهما ..
و بعد أن ينتهوا من تناول العشاء ،
يتوجه شين لي إلى البار للإشراف على الأمور ،،
وإذا لم يكن لدى لو تشانغ تينغ عمل متأخر ،
كان يرافقه إلى البار ويعودان معاً حوالي الساعة العاشرة مساءً ،
أما إذا اضطر للبقاء في العمل لوقت متأخر ،
فكان ينهي عمله في الوقت المناسب لاصطحاب شين لي من البار
على الرغم من أن لو تشانغ تينغ ظل ملتزم ومسؤول في عمله كعادته ،
إلا أن زيارات شين لي المتكررة للشركة أثارت بعض الأحاديث ،
ولأن غوجيو غالباً يستقبل أشخاص من الطبقة العليا في المجتمع ،
لم تكن علاقتهما بالضبط سرًا ،
ولم يمضِي وقت طويل حتى وصلت الأخبار إلى والدي لو تشانغ تينغ ،
بفضل ' العم لو شييانغ ' الذي يعشق إثارة المشاكل
و المتحمس دائماً لإحداث المتاعب لأخيه ( ابو تشانغ تينغ ) ،
أخبر والديه عن الوضع بـ ' أسلوبه العفوي ' ،
وعلى الرغم من أن والد تشانغ تينغ لو شيوان كان قد سمع ببعض الشائعات ،
إلا أنه اختار عدم التدخل على الفور .
لكن بعد أن أثار اخاه لو شييانغ الأمر ،
أدرك أنه لا يمكنه تجاهله بعد الآن ،
حتى لو كان الأمر يعني القيام بذلك شكليًا فقط ،
وهكذا ، اتصل بلو تشانغ تينغ وطلب منه العودة إلى المنزل
( أول ظهور للعم الثالث ' نهاية شابتر 21 ' الشخص الي قال عنه تشانغ شو بإنه منافق )
عندما جاء الاتصال ، كان لو تشانغ تينغ قد أنهى للتو عمله
وكان يغادر المصعد متوجهًا إلى موقف السيارات تحت الأرض ...
اليوم هو يوم الحرارة الصغرى وفقاً للتقويم الصيني ،
و الطقس خانق للغاية ،
و المواقف أكثر اختناق ،
والمقاعد في السيارة ساخنة لدرجة جعلته يتصبب عرقًا .
على الرغم من تشغيله لمكيف الهواء فور دخوله السيارة ،
إلا أنه شعر بموجة من الحرارة ،
أجاب لو تشانغ تينغ على المكالمة ،
وضع سماعة البلوتوث ، وشغّل السيارة ،
وعندما طلب منه والده ، لو شيوان العودة إلى المنزل ، لم يكن متفاجئ
في الواقع ، شعر ببعض الراحة ...
وعلى الرغم من أن نبرة والده لم تكن لطيفة تماماً ،
إلا أن حقيقة أن والديه يريدان التحدث كانت إشارة إيجابية
كان العم لو شييانغ هو من مزّق قناع السلام ،
—- مجبرًا لو شيوان على مواجهة حقيقة انجذاب ابنه للرجال — وهو موضوع كان يفضل تجاهله
ومع اشتداد حرارة الصيف وتصاعد التوترات ، كانت نبرة صوته بطبيعة الحال قاسية ،
وعندما لاحظ أن الأم ليو شياوتشي عابسة قليلاً ،
أضاف بتكلف : “ والدتك جعلت مدبرة المنزل تعد وجبة كبيرة ،
وحتى أنها طبخت الحساء الحلو المفضل لديك ”
رد لو تشانغ تينغ : “ حسنًا ، فهمت”
بعد إنهاء المكالمة ،
فتح قائمة جهات الاتصال المثبتة لديه واتصل بشين لي
كان شين لي يقطع اللحم ، ويداه مليئة بالدهون ،
ضغط على زجاجة صابون الأطباق ، غسل يديه ، وأجاب على الهاتف : “ تشانغ تينغ ؟”
لو تشانغ تينغ : “ لن أعود لتناول العشاء الليلة … ” شعر ببعض الغرابة
حيال هذا التغيير المفاجئ في يومه : “ والدي طلب مني العودة إلى المنزل ” تنهد : “ آسف "
: “ ما الذي يدعو للاعتذار ؟” لم يكن شين لي منزعج ، فالأمر لا يتعدى كونه عشاء عائلي
ثم سأل بقلق : “ هل حدث شيء ما؟”
{ هناك شيء حدث بالفعل } لكن لو تشانغ تينغ لم يرغب في أن يقلق شين لي : “ والدتي تظن أنني أعمل بجد هذه الفترة ، لذا أعدت وجبة كبيرة لأستعيد طاقتي ”
: “ هل ستعود الليلة ؟”
{ ما إذا سأتمكن من العودة الليلة لم يكن مؤكد …}
تنهد لو تشانغ تينغ داخليًا لكنه حافظ على نبرة مرحة : “ هل لا تستطيع البقاء ليلة واحدة من دوني ؟”
عض شين لي شفتيه : “ سأغلق الآن . قد بحذر "
ضحك لو تشانغ تينغ : “ كن جيداً ، عد إلى المنزل مبكرًا ،
واحصل على وقت كافي من الراحة ،،
إذا لم أضطر للبقاء هناك ، سأحاول العودة مبكرًا ”
——————————————
منزل عائلة لو كان منزل قديم في نهاية طريق بينغتشاو، بالقرب من النهر ،
بجدران بيضاء وسقف من البلاط الأسود ،
ساحة المنزل الأمامية مليئة بأشجار الصفصاف والورود ، مما أضفى جو من الهدوء .
هذا الجزء من الواجهة النهرية مليئ بمنازل مشابهة ذات طراز تقليدي ، و كل منها متباعد عن الآخر ،
لم يكن جميع السكان أثرياء ، ولكن المنطقة قديمة ،
والمنازل تاريخية ، والمناظر خلابة ، وفي الوقت الحاضر ،
يكاد يكون من المستحيل شراء عقار كهذا مهما كان المال المتوفر
عند مدخل الحي ،
اشترى لو تشانغ تينغ بعض الفاكهة الموسمية الطازجة .
وبعد أن أوقف السيارة ،
أرسل رسالة إلى شين لي ليخبره بأنه وصل إلى المنزل ثم حمل الفاكهة إلى الداخل
: “ أمي لقد عدت "
رد الأب لو شيوان وهو جالس على الأريكة ويقلب في جريدته : “ ما زلت تتذكر مكان المنزل ! ”
شخر بسخرية : “ إن لم تغب عشرة أيام أو نصف شهر ، تأتي فقط لتأخذ شيئ وترحل…”
ربتت الأم ليو شياوتشي بلطف على يد زوجها : “ تشانغ تينغ كان مشغول بالعمل .
من النادر أن يأتي إلى المنزل ، كن أكثر مرونة "
: “ مشغول بالعمل ؟
أشبه بالمشغول باللهو في ذلك البار "
الأم ليو شياوتشي بهدوء : “ وتسمي الذهاب إلى البار لهوًا ؟
وماذا عنك عندما كنت تقضي كل يوم تستمع إلى الأوبرا في المسرح ؟
هل كان ذلك أكثر احترام ؟”
أغلق لو شييوان جريدته : “ مشاهدة الأوبرا هواية محترمة "
: “ ابنك يشبهك ”
خلال الأيام القليلة الماضية ، كانوا قد جمعوا بهدوء معلومات عن شين لي
عرفوا أنه يملك غوجيو لذا لم تكن زيارات لو تشانغ تينغ إلى البار مجرد لهو ...
و في الواقع ، كانت سمعة شين لي جيدة للغاية ،
حتى أن بعض موظفي الشركة ذكروا أن شين لي كان يحضر الغداء للو تشانغ تينغ كل يوم ،
شين لي الذي يدير غوجيو لم يكن مجرد شخص جميل المنظر أو مدلل ، و كان الاثنان في علاقة جدية
الأم ليو شياوتشي تقبلت هذا الإضافة الجديدة إلى العائلة ،
حتى لو أن الأب لو شيوان ما زال يعارض ويآمل أن تنتهي العلاقة يومًا ما
ويتمكن من توجيه ابنه إلى ما يراه المسار الصحيح
أراد لو شيوان قول المزيد ، لكن ليو شياوتشي نظرت إليه نظرة صارمة : “ لنأكل أولاً .
يمكننا التحدث بعد العشاء "
لو تشانغ تينغ المعتاد على مشاحنات والديه الطريفة ، لم يتأثر ، وضع الفاكهة على طاولة القهوة ،
ثم توجه إلى المطبخ لغسل يديه ، ثم جلس أمام طاولة الطعام
بعد العشاء ،
استدعى لو شيوان لو تشانغ تينغ إلى المكتب ،
دون أن يمنحه فرصة لتذوق الحساء الحلو الذي أعدته والدته حتى
ما إن أُغلِق الباب ، حتى سُمع صوت طرق مجدداً
دخلت ليو شياوتشي تحمل وعاءين من الحساء الحلو البارد ،
وابتسامة ناعمة تعلو وجهها وهي تنظر إلى لو شيوان
كانت تعلم أن الوقت ليس مناسب للدفاع عن ابنها ؛
و عليها أولاً أن تحافظ على مزاج زوجها ،
وضعت الوعاءين على المكتب ،
ونادته بلطف : “ عزيزي "
شعر لو شيوان ببعض العجز ،
لكنه خفف من حدة نبرته أمام زوجته : “ حسنًا ، حسنًا ،
أعدك أنني لن أغضب ، ولن أمد يدي عليه .
الآن ، من فضلك اخرجي ”
عندما أُغلِق باب المكتب مجدداً ،
شرب لو شيوان قليلًا من الحساء الحلو ثم بدأ الحديث : “ منذ متى وأنت على علاقة بشين لي؟”
لو تشانغ تينغ : “ منذ 19 مايو ، مرّ تسعة وأربعين يوم ”
: “ تتذكره بوضوح ! ” حدّق لو شيوان به، وعيناه تحملان نظرة عميقة : “ هل تعرف عن وضع عائلته؟”
: “ والداه مطلقان .
والدته لم تتزوج مجدداً طوال هذه السنين ،
ولديها استوديو خاص بها.
و حاليًا تتابع درجة الماجستير في أكاديمية الفنون الجميلة ”
توقف لو تشانغ تينغ قليلاً ثم تابع : “ أما والده ، فلديه عائلة جديدة ، ولا يتواصلان عادةً ”
سخر لو شيوان : “ ’ لا يتواصلان عادةً ‘ هذا يعني أنهما لا يتواصلان إلا إذا ظهرت المشاكل ،،
لا أنكر أن حبيبك شخص مميز ،
لكنّه من عائلة ذات والدين منفصلين ولديه أب بهذا الشكل .
نشأته مختلفة تماماً عنك .
أنتما غير مناسبين لبعضكما ”
لو تشانغ تينغ لم يستطع مقاومة العبوس : “ هل قمت بالتحقيق عنه؟”
اشتعل غضب لو شيوان المكبوت : “ وما الخطأ في أن أتحقق من حبيبك ؟
فعلت ذلك من أجلك !
لم تدخل في أي علاقة سابقاً ، وحافظت على سمعتك دائمًا .
أنت لا تعرف مدى الفوضى التي يمكن أن تكون عليها الأماكن مثل الحانات …”
لو تشانغ تينغ ببرود : “ هل وجدت شيئ ؟ ”
عبس لو شيوان أكثر : “ مع أنني لم أجد شيئ ، إلا أن شين لي ربما ليس بنظافة الصورة التي يُظهرها ”
: “ هذا تحيز ” الغضب داخل لو تشانغ تينغ يغلي ، لكنه كلما زاد ، زاد هدوؤه ،
{ الجدال لن يفيد ؛ عليّ أن أُناقش الأمر بعقلانية }
كبح لو شيوان غضبه : “ حسنًا دعنا لا نتحدث عن هذا الموضوع "
لم يكن يرغب في الجدال مع لو تشانغ تينغ ،
خاصةً بعد أن وعد ليو شاوتشي بإجراء حديث مناسب معه
: “ عمك زار المنزل اليوم . هل تعرف ما الذي قاله لي ؟
قال إن الشركة كلها تتحدث بأنك تحتفظ بـ ’عصفور جميل في قفص ‘
في عالم الأعمال ، يتحدثون أنك غارق في الترف ،
تتردد على الحانات ، وتبحث عن المتعة طوال اليوم ”
لو تشانغ تينغ يمكنه أن يتجاهل الثرثرة حول سمعته الخاصة ،
لكن بصفته رئيس عائلة لو ، لم يستطع لو شيوان أن يتجاهل الثرثرة حول سمعة ابنه الرئيس ،
نظر إليه بصرامة : “ منصبك يتطلب منك ألا تتصرف بهذا التهور "
جلس لو تشانغ تينغ باستقامة ، وملامحه هادئة ،
لكن عندما سمع هذا الكلام ،
ابتسم ابتسامة تحمل مزيج من الحيرة والخيبة —-
: “ لم أرغب يومًا بهذا المنصب يا أبي "
تفاجأ لو شيوان ، أصبح عاجز عن الكلام للحظات
بالفعل ، لم يكن لو تشانغ تينغ يرغب يومًا في أن يصبح رئيس عائلة لو
في هذا الجيل ، كان الآخرين مهاراتهم متواضعة للغاية
أما تشانغ تينغ و العم لو شييانغ ، فكانا متكافئين في المهارات ،
لكنهما على طرفي نقيض ——
الأب لو شيوان لم يكن مهتم بأعمال العائلة في شبابه ، مثل ابنه بالضبط ،
و كان شغوف بالتحف واللوحات ،
تولّى إدارة أعمال الاستيراد والتصدير الخاصة بالعائلة بعد أن أنشأ عائلته الخاصة —-
أما أخوه لو شييانغ ، بصفته الابن الأخير ،
فقد تربى على الدلال ، وكان يركز فقط على السلطة والشهرة ،
وبدون توجيه أو كبح ،
كان من المحتم أن يتسبب في كارثة عائلية لتحقيق مكاسب شخصية ….
و من بين الجيل الأصغر في العائلة ،
لو تشانغ شو هادئ جداً ، وأحيانًا متردد لدرجة تجعله غير مناسب للقيادة …..
و الفتيات لو تشانغ يين ولو تشانغ جي لا يهتمان بالأعمال ،
ولو تشانغ آن لا يزال صغير جداً
أما لو تشانغ تينغ ، فكان الشخص الوحيد الذي يتمتع بموهبة وقدرة استثنائية ،
لقد ورث عن والده اللامبالاة تجاه المال والشهرة ،
لكنه يتمتع برؤية أوسع ، ومستعد لتولي إدارة أعمال العائلة
في المكتب ،
ساد الصمت بين الأب والابن ،
ولم يُسمع سوى صوت جهاز التكييف —-
بعد فترة طويلة ،
تحدث لو تشانغ تينغ فجأة : “ لقد كنت في علاقة سابقاً عندما كنت في سنتي الأخيرة من الثانوية "
لذا لو لم أرغب أن تعرف ، كنت سأخفي الأمر لفترة طويلة ”
كان يمتلك القدرة على فعل ذلك ، و بإمكانه القيام بذلك
أما العم لو شييانغ ، الذي دائمًا يتسبب له بالمشاكل ،
فقد أصبح الآن مسؤول في الشركة العائلية ،
لو لم تكن هناك روابط عائلية ، لكان قد تعامل مع عمه لو شييانغ منذ زمن طويل
ولم يعطه الفرصة لطعنه في ظهره
لكنه لم يفعل —-
و لقد اعترف علنًا بميوله ،
وتحمل عمه لو شييانغ مرارًا ،
وفي النهاية ؟ ماذا كانت النتيجة ؟
اتهامه بأنه يتصرف بتهور ،
وكأن كل جهوده المضنية لخدمة شركة العائلة كانت بلا قيمة
تذكر لو تشانغ تينغ فجأة في كل ما فعله من أجل الشركة ،
وشعر أن كل هذا العناء كان بلا جدوى ——
{ إذا لم يكن بمقدوري حتى إدارة حياتي العائلية
أو اتخاذ قرار بشأن حياتي العاطفية ،
فما جدوى كوني رئيس عائلة لو ؟ }
نظر لو شيوان إلى ابنه ورأى الإصرار الراسخ في عينيه ،
فابتسم بشيء من العاطفة : “ ما الجيد في أن تحب الرجال ؟”
{ ولكن ابني يشبهني حقاً ——- }
——- قبل سنوات ،
عندما أخبر لو شيوان والده بأنه يريد الزواج من ليو شياوتشي
{ ألم أكن بنفس العناد ورفضت التراجع عن قراري ؟ }
لأن لو تشانغ تينغ فكر في شين لي ، أصبح صوته أهدأ : “ إنه جيد من كل النواحي ،
سيكون أفضل لو أنني أستطيع إحضاره إلى المنزل ، و سترى بنفسك كم هو رائع ”
تنهد الأب لو شيوان بعمق ، و تنازل أخيراً : “ ابحث عن وقت وأحضره إلى المنزل لأتعرف عليه ”
—يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق