Ch73
لم يجرؤ لين روفي على الاستمرار في سماع الحوار رغم محاولات تيان شوي لثنيه
ابتعد إلى الضفة الأخرى من النهر ووقف هناك يراقب المشهد من بعيد متجنبًا الاقتراب على الرغم من عدم قدرته على سماع ما يدور بين الاثنين من تلك المسافة ، إلا أنه استطاع رؤية تحركاتهما بوضوح بدا أن الحوار بين شي جينغشيان وتيان شوي كان يسير بسلاسة في البداية ثم فجأة نشب بينهما نقاش حاد ظهر الاستياء جليًا على وجه تيان شوي فاستدار عازمًا على المغادرة لكن شي جينغشيان مدّ يده وأمسك بكتفه متحدثًا إليه بانفعال.
سأل لين روفي: “ما الذي يحدث بينهما؟”
أجاب غو شواندو وهو يراقب الموقف بعناية ويمسّد ذقنه: “لابد أن هناك أمرًا مريبًا.”
استدار لين روفي نحوه متسائلًا: “هل يمكن أن يكون تيان شوي وشي جينغشيان بينهما علاقة عاطفية؟”
عند سماع هذه الكلمات صمت غو شواندو لثانيتين قبل أن يرد بنبرة مفعمة بالبهجة: “يبدو أن صغيري شياو جيو قد نضج أخيرًا…”
لين روفي: “……” ما هذه النبرة ؟
في تلك اللحظة اشتد النقاش بين شي جينغشيان وتيان شوي وفجأة مدّ شي جينغشيان يده ليحتضن تيان شوي بقوة قبل أن يُقبّله على شفتيه بشغف.
شعر لين روفي الذي يراقب المشهد بذهول لدرجة أن عيناه ستخرجان من محجريهما من الصدمة حينها وضع غو شواندو يده على عينيه وهو يضحك قائلًا: “لا تنظر ، لا تنظر.”
تمتم لين روفي بصوت خافت: “هل هما حقًا في… تلك العلاقة؟”
أجاب غو شواندو: “أليس هذا واضحًا؟”
ظل لين روفي صامتًا لفترة طويلة على الرغم من أنه كان لديه شعور بهذا الأمر في البداية إلا أن رؤيتهما معًا هكذا كان صادمًا للغاية فشي جينغشيان إنسان حقيقي وعائلته كانت ذات موقف متحفظ تجاه الشياطين ومع ذلك كان يحمل مشاعر تجاه جياو…
ظل الثنائي على ضفة النهر لبعض الوقت شعر لين روفي أنه وجوده هناك غير مناسب فاستدار وابتعد.
لم يكن من الواضح متى غادر شي جينغشيان في النهاية ولكن في المساء، أشار شي ييتشي إلى أن شقيقه قد عاد.
سأل شي ييتشي بفضول: “لين غونغزي أين ذهب أخي ؟ عندما عاد كانت جروحه قد شُفيت تمامًا وكان يقفز هنا وهناك وكأنه لم يُصب بشيء!”
هزّ لين روفي رأسه معبرًا عن صعوبة شرح الأمر.
تمتم شي ييتشي بريبة: “هذا غريب فعلًا.” وبدأ يتفوه بكلمات غامضة.
كان تشي يو الذي كان مستلقيًا في الغرفة على علم بما حدث فضحك بسخرية على كلمات شي ييتشي وكأنه يسخر منه
حدق شي ييتشي فيه بغضب قائلًا: “لماذا تضحك عليّ؟”
رد تشي يو بلا مبالاة: “أضحك إن أردت ماذا ستفعل حيال ذلك؟”
تمتم شي ييتشي بغضب: “أنت فقط…”
كان على وشك أن يقول “قطة كبيرة” لكنه تراجع بعد أن تذكر الندبة على وجهه وقال بدلًا من ذلك: “أيها اليي مو الكبير ، أنت مزعج للغاية!”
فكر لين روفي في نفسه أن عبارة “يي مو كبير” لم تكن ذات هيبة على الإطلاق
رد تشي يو بسخرية: “حقًا؟” ثم كشف عن مخالبه البيضاء الحادة
على الفور تراجع شي ييتشي بخوف وفي النهاية استسلم قائلًا بصوت منخفض: “إنه حقًا مخيف.”
علّق لين روفي مبتسمًا: “أليس الشياطين جميعهم مخيفين؟”
هزّ شي ييتشي رأسه نافيًا: “ليس بالضرورة.”
سأله لين روفي: “ليس بالضرورة؟”
أجاب شي ييتشي : “في الحقيقة ، قالت والدتي إن عائلتنا لم تكن في الأصل صيادي شياطين.”
أظهر لين روفي علامات الفضول فبدأ شي ييتشي بسرد تاريخ عائلته.
عندما بدأ شي يتتشي يتحدث عن تاريخ عائلته أوضح أن عائلته لم تكن في البداية متخصصة في تشكيلات الحماية بل كانت بارعة في فنون السيف ومع ذلك كانت أجساد أفراد عائلة شي تمتلك طبيعة خاصة تجعلهم يجذبون الشياطين الغريبة معظم هذه الشياطين كانت تسعى للحصول على أجساد أفراد العائلة لابتلاعها وتعزيز قوتها ولكن المشكلة الكبرى كانت أن تلك الشياطين غالبًا ما تخفي مظهرها الحقيقي وتتظاهر بالطيبة مما أدى إلى وقوع عائلة شي في خداعها مرارًا وتكرارًا.
في النهاية تعلمت العائلة الدرس وبدأت في دراسة تشكيلات خاصة لصد الشياطين وعزلت ساحة العائلة تمامًا لمنع دخولهم بمرور الوقت أصبحت تشكيلاتهم قوية للغاية ولكن على حساب تدهور مهاراتهم في السيف ومع ذلك اعتُبر ذلك تطورًا إيجابيًا لأن العائلة لم تعد تقع ضحية لخداع الشياطين وأصبحت مشهورة بصيد الشياطين
رغم أن مهارات السيف لدى شي ييتشي كانت ضعيفة إلا أن تشكيلاته كانت من بين الأقوى لو لم يتدخل لين روفي قبل بضعة أيام لكان تيان شوي قد وقع في إحدى تشكيلاته بسهولة
بينما كان لين روفي يستمع لقصة شي ييتشي سأله: “إذن عائلتك كانت تُخدع كثيرًا من قبل الشياطين في الماضي؟”
أجاب شي ييتشي بأسى: “نعم هذا الأمر مكتوب بوضوح في شجرة العائلة ولهذا السبب كانت والدتي تحذرني منذ صغري من الاقتراب من الشياطين…”
قاطعه تشي يو ببرود: “إذا كنت ستتحدث ، فتحدث مباشرة دون الإشارة إلى ذيلي.”
رد شي ييتشي مدافعًا: “أنا حقًا لم أقم بشده المرة الماضية!”
تشي يو: “إذا لم تكن أنت فهل تريد القول إن لين روفي هو من فعل؟”
لين روفي: “……في الواقع لم أفعل ذلك أيضًا.”
تشي يو: “إذا لم يكن أحد منكما فهل تتوقع أن يكون شبحًا؟!”
لين روفي: “……”
شي ييتشي: “……”
أضاف تشي يو بنبرة حاقدة: “أنتم البشر تحبون الكذب تفعلون أي شيء لتحقيق أهدافكم وفي النهاية تلومون الشياطين!”
تمتم شي ييتشي : “كيف تقول ذلك؟ لقد رأيت بعيني كيف كادت عمي ان يُبلتع ليلة زفافه.”
سأله تشي يو وهو يضيّق عينيه: “ابتلعته دفعة واحدة؟ الشياطين العُليا دائمًا ما تكون مخلصة في شؤون الرفقة كيف يمكن أن تبتلع عمك دفعة واحدة؟”
أجاب شي ييتشي: “أنت تكذب لقد كاد أن يفعل ذلك.”
سأل تشي يو: “أي نوع من الشياطين تزوج عمك؟”
رد شي ييتشي: “فتاة فرس نبي جميلة.”
صمت تشي يو لبرهة ثم أطلق تنهيدة طويلة وقال: “عائلة شي حقًا لا تخشى الموت حتى أنكم تجرؤون على الزواج من فتاة فرس التبي بقاؤكم على قيد الحياة حتى الآن معجزة حقًا.”
(ملاحظة: إناث فرس النبي تأكل شركاءها للحصول على المغذيات أثناء أو بعد التزاوج).
رد شي ييتشي بصراحة: “أسلافنا تزوجوا حتى من أرواح الصراصير فكيف نخاف من فرس النبي؟”
أظهر لين روفي وتشي يو إعجابًا حقيقيًا بشجاعة عائلة شي واعتقدا أنهم حقًا أناس مميزون.
لكن شي ييتشي تابع بأسى: “لكن هذا لم يعد يحدث الآن منذ أن نُصبت تشكيلات الحاكم السماوي العظيمة أصبح عدد الشياطين القريبة قليلًا جدًا بالكاد نجد شياطين صغيرة لا يمكنها التشكل وحتى بعد العثور على جياو شرير للتدرب عليه انتهى بي الأمر بالتعرض للتوبيخ من أخي الكبير.”
علق تشي يو بنبرة غريبة: “تدريب؟ إذا كنت تريد التدرب لماذا لا تذهب إلى بو’يي ؟ بدلًا من التنمر على الشياطين الصغيرة.”
رد شي ييتشي بصدق: “لا أستطيع التغلب عليهم ، وأخاف الموت.”
تشي يو: “……” شعر أن هذا الشخص لا يكترث لصورته على الإطلاق.
في تلك اللحظة أصدر الشبل الصغير النائم على السرير صوتًا ضعيفًا كان لين روفي قد اعتاد على ذلك فتوجه بسرعة لتهدئة الصغير نظر تشي يو إليه ببرود وقال: “لا داعي لأن تكون مجتهد هكذا ، هذا ابني رغم أنه لا يزال غبيًا لكنه سيكون ذكيًا لاحقًا.”
سأله شي ييتشي بفضول: “أين أمه؟”
رد لين روفي: “ليس لديه أم.”
شي ييتشي: “كيف وُلد بدون أم؟”
أشار لين روفي إلى تشي يو وقال: “لقد أنجبه بنفسه.”
تنهد شي ييتشي قائلًا: “إذًا ربما لن يصبح ذكيًا أبدًا.”
بسبب هذا التعليق امتلأ وجه شي ييتشي بسبعة أو ثمانية خدوش إضافية ولولا تدخل لين روفي لكان وجهه قد انتهى تمامًا.
في المساء، حضر كل من شي ييتشي وشي جينغشيان للعشاء لكن وجهيهما كانا يعكسان الكآبة
سألت والدة شي: “هل تشاجرتما؟ لماذا لديكما خدوش على وجهيكما؟”
لكن كلاهما أجاب في نفس اللحظة: “لقد خدشنا بواسطة قطة.”
فكر لين روفي أن خدوش وجه شي ييتشي يمكن تفسيرها لكن المشكلة كيف حصل شي جينغشيان على كل تلك الخدوش؟ هل فعل شيئًا أغضب تيان شوي؟ لكنه لم يجرؤ على السؤال بوجود والدة شي.
بعد العشاء ذهب لين روفي للبحث عن شي جينغشيان ليسأله عما يحدث بينه وبين تيان شوي.
جلس شي جينغشيان على كرسي مظهره يوحي ببعض الحزن وقال: “لا شيء مهم فقط أنه سيرحل وهذا يجعلني أشعر بالقليل من الكآبة.”
لين روفي تساءل: “همم؟”
تابع شي جينغشيان: “سيذهب إلى البحر.”
ثم ابتسم وأضاف: “هل سبق لغونغزي لين أن رأى جياو يدخل البحر؟”
أجاب لين روفي: “لا.”
قال شي جينغشيان: “إنه أمر صعب جدًا على الجياو أن يدخل البحر كلما ازداد سوء أفعاله كانت المحنة أكبر. تيان شوي لم يكن شيطانًا لطيفًا لذا عندما وصل إلى حافة المرفأ كان مغطى بالجروح عندما رأيته على الشاطئ كان بالكاد يتنفس.”
عندما رآه لأول مرة كان تيان شوي قد تقلص ليصبح بحجم عيدان الطعام وجسده مليء بالجروح كان يبدو في حالة يرثى لها لدرجة أنه لم يكن يظهر أي علامة تدل على كونه جياو.
سأل لين روفي: “عائلتك لا تحب الشياطين ومع ذلك أحضرته إلى المنزل؟”
أجاب شي جينغشيان: “ربما بسبب حالته البائسة لم أرَ أنه جياو واعتقدت أنه روح سمكة الحزام…”
لين روفي: “……”
ضحك غو شواندو بجانبه بصوت عالٍ.
أضاف شي جينغشيان: “ظننت أنه نوع عادي جدًا من أرواح سمك الحزام اعتقدت أنه تسبب بفيضان صغير وأغرق بعض الأطفال ولهذا لم يتمكن من التحول وطعم هذه الأرواح رائع جدًا خصوصًا عند استخدامها في الحساء.”
وبدأ يمسح شفتيه بنظرة حنين
من المعروف أن الشياطين يمكنها أكل البشر لكن البشر أيضًا يمكنهم أكل الشياطين لم يكن هناك أي شيء غريب في ذلك لكن عندما تذكر لين روفي مشهد شي جينغشيان وتيان شوي وهما يتبادلان القبلات ظن أن بينهما قصة حب رومانسية لكن ما اتضح له كان مختلفًا تمامًا بل ومختلطًا برائحة السمك.
سأل لين روفي بابتسامة باهتة: “إذن هل قمت بطبخه؟”
لمس شي جينغشيان أنفه وقال: “الجياو قوي جدًا لم يكن بالإمكان طهيه.”
لين روفي: “……”
رغم مظهر شي جينغشيان الذي يوحي بالاستقرار أدرك لين روفي أنه يخفي روحًا غير مستقرة تمامًا.
لم يتمكن شي جينغشيان من طهي تيان شوي لكنه أيقظه وتعاركا على الفور
تيان شوي الذي كان مصابًا بشدة لم يكن ندًا لشي جينغشيان فأمسك شي جينغشيان بهذا الجياو الضعيف واحتجزه في غرفته.
الجياو الذي يتوجه إلى البحر كان يُعتبر تهديدًا كبيرًا لسكان نهر رُوو لذا، لم يسمح شي جينغشيان لتيان شوي بالمغادرة ومع مرور الوقت وبين المعارك الصغيرة تطورت بينهما مشاعر غير متوقعة.
استمع لين روفي للقصة وفي البداية شعر ببعض التأثر لكن فكرة أن شي جينغشيان أخطأ بين تيان شوي وسمكة الحزام وجعلها طبق حساء أفسدت كل مشاعره. سأل: “لماذا تحب تيان شوي؟”
نظر شي جينغشيان بعمق إلى لين روفي ثم أجاب بثلاث كلمات: “لأنه وسيم.”
لين روفي: “……” شعر بالصدمة من سطحية البشر.
سأل لين روفي بنبرة ساخرة: “لو كان روح سمكة الحزام ، هل كنت ستحبه أيضًا؟”
فكر شي جينغشيان للحظة ثم قال: “هل غونغزي لين يريد أن يتذوق روح سمكة الحزام؟”
لين روفي: “……”
أضاف شي جينغشيان: “طعمه لذيذ جدًا.”
تنهد لين روفي طويلًا وقرر التخلي عن محاولته فهم شي جينغشيان.
تابع شي جينغشيان حديثه عن الأحداث التي جرت بينه وبين تيان شوي عندما تعافى تيان شوي من إصاباته أراد مواصلة رحلته إلى البحر وبمجرد أن يصل إلى البحر سيتحول من جياو إلى تنين.
شي جينغشيان الذي أدرك أن البحر يمكن أن يحاصر الجياو لكنه لن يتمكن من حبس تنين كان يعلم أن تيان شوي بعد تحوله سيغادر ياوغوانغ بلا عودة ولهذا حدثت مشادة بينهما وأثناءها أصيب شي جينغشيان بجروح خفيفة
لكن هذه المشاجرة جذبت انتباه أفراد عائلة شي واضطر تيان شوي إلى الفرار بسرعة بينما كان شي جينغشيان يتظاهر بأنه على وشك الموت لجعل تيان شوي يقلق عليه.
لكن الأمور لم تسر كما أراد ورغم أن تيان شوي كان قلقًا عليه تدخل شي ييتشي فجأة وكاد أن يقتل تيان شوي.
الآن بعد أن التقيا مجددًا وبعد أن تأكد تيان شوي من أن شي جينغشيان بصحة جيدة قرر الرحيل ، حاول شي جينغشيان إقناعه بكل الطرق الممكنة لكنه لم يتمكن من تغييره فعاد إلى المنزل بخيبة أمل.
سأل لين روفي: “هل رحل؟”
رمش شي جينغشيان بعينيه ولم يظهر عليه الكثير من الحزن: “ربما.”
لكن لين روفي لاحظ شيئًا مختلفًا في تعبيره توقفا عن الحديث واكتفيا بشرب الشاي البارد أمامهما.
كان عشاء ذلك اليوم في الواقع حساء مطهو من روح سمكة الحزام
تم اصطياد روح سمكة الحزام بواسطة غو شواندو ولم تكن تختلف عن السمك العادي سوى أن جسمها كان طويلًا بشكل استثنائي
كبر لين روفي وفو هوا ويو روي في جبال كونلون ولذا كانت فرصتهم في تناول المأكولات البحرية الطازجة قليلة جدًا
لذا كانت هذه المرة الأولى التي يرون فيها مثل هذه المأكولات البحرية الطازجة
سأل فو هوا بدهشة وهو يحمل سمكة الحزام: “كيف نطبخ هذا؟”
أجاب لين روفي مترددًا: “النقع ؟”
قال تشي يو وهو يضيّق عينيه ويفتح ذيله: “أعتقد أنه جيد لأكله مباشرة.”
فو هوا ويو روي قد تعلما بالفعل هوية تشي يو لكنهم لم يكونوا حذرين جدًا من القطة الكبيرة الجذابة التي كانت شيطانًا قويًا
فقالا: “أكلها نيئة سيصيبك بالإسهال فلماذا لا نعدها مسلوقة أولًا ثم نعد منها حساء؟”
أومأ لين روفي برأسه موافقًا
ثم ذهبت فو هوا ويو روي حاملين روح سمكة الحزام وعلى الرغم من أنهم لم يطهوها من قبل فقد طهوا الأسماك العادية سابقًا وبالتالي كان الأمر ربما لن يختلف كثيرًا
وفي المساء كان هناك تيار مستمر من الروائح المغرية يخرج من غرفة لين روفي كانت روح سمكة الحزام طويلة جدًا فتم طهي جزء منها في الحساء وجزء آخر تم شويه وأما جزء آخر فقد تم قليّه
على الرغم من أنهم لم يتذوقوا الطعام بعد إلا أن مجرد رائحة الطبخ التي كانت تتسلل كانت لذيذة جدًا.
تذوق لين روفي قطعة من السمك وأبدى إعجابه: “لذيذ!”
كان اللحم متماسكًا ولذيذًا والأهم من ذلك أنه لم يحتوي على العظام الصغيرة مثل تلك التي توجد في الأسماك العذبة ومع إضافة الأعشاب البحرية أصبح طعم الحساء لذيذًا للغاية وكان تشي يو أيضًا راضيًا على الرغم من أنه كان لا يزال في شكله الأصلي إلا أن فو هوا ويو روي قد أعدّا له طعامًا خاصًا به فركض لتناوله دون الحاجة للعصي بل ابتلع اللحم مع العظام.
بعد أن انتهى لين روفي من تناول الطعام تجول في المكان وهو في غاية الرضا بما أنه كان مشغولًا في الأيام القليلة الماضية لم يكن قد اهتم كثيرًا بالمناظر الطبيعية المحيطة.
كان نهر روو قريبًا من البحر ومعظم السكان في المنطقة كانوا يعتمدون على الصيد في المحلات على طول الشارع، كان هناك العديد من الأصداف الجميلة والشعاب المرجانية
اختار لين روفي العديد منها وكان يخطط لإهدائها لإخوته وأخته عندما يعود إلى المنزل وكان هناك أيضًا باعة يبيعون الأسماك على جانب الطريق لكن معظم الأسماك التي يتم إنقاذها من البحر العميق كانت ميتة ولم تعد طازجة بسبب حرارة الجو.
سأل غو شواندو: “هل يحب شياو جيو أكل الأسماك؟”
أجاب لين روفي: “لم آكل الأسماك البحرية من قبل.”
قال غو شواندو: “سأصطاد لك بعضًا آخر غدًا هناك سمكة حمراء لذيذة بشكل خاص في هذا البحر لا أدري إن كانت لا تزال موجودة بعد مئات السنين.”
استفسر لين روفي: “هل زار المعلم هذا المكان من قبل؟”
أجاب غو شواندو: “جئت إلى هنا مع صديق قديم من قبل.”
وكان هناك حنين واضح في ملامحه وهو يقول: “كان يحب أكل الأسماك أيضًا.”
لسبب ما توقف قلب لين روفي قليلاً عندما سمع كلمات “الصديق القديم” تخرج من فم غو شواندو بدا أنه كان يسمع عن هذا الشخص في كثير من الأحيان من غو شواندو
وكان يبدو أن هذا الشخص قد أخذ مكانة كبيرة في حياة غو شواندو
سأل لين روفي: “هل هو نفس الصديق القديم الذي كان يصنع كعك الفاصوليا الخضراء للسيد ويصنع النبيذ للمعلم ليشربه؟”
أجاب غو شواندو وهو ينظر إلى لين روفي: “نعم.”
سأل لين روفي: “وأين هو الآن؟ وهل يعلم أن المعلم لا يزال على قيد الحياة؟”
ابتسم غو شواندو وأجاب: “أعتقد أنه يعلم.”
استمر لين روفي في سؤاله: “إذن لماذا لا يأتي ليبحث عنك؟”
أجاب غو شواندو: “لابد أن هناك سببًا لعدم قدومه للبحث عني لكن الأمر لا يهم إذا لم يأتِ إليّ يمكنني الذهاب إليه.” كان صوته حازمًا ، كما لو كان يعيد عهداً .
أطبق لين روفي شفتيه قليلاً لسبب ما شعر بشيء غريب في قلبه لكنه سرعان ما دفع بهذا الشعور إلى الوراء وتحدث مع غو شواندو عن أمور أخرى.
ثم بدأ غو شواندو في الحديث عن هذا المكان قبل مئات السنين قائلاً إنه مرّ هنا سابقًا ولكن في ذلك الوقت كان لا يزال مجرد قرية صيد صغيرة والآن وبعد عدة مئات من السنين أصبحت مدينة مزدهرة في ذلك الوقت كانت الشياطين منتشرة ولم يجرؤ الكثير من الناس على العيش بالقرب من نهر روو حتى جاء بعد ذلك الحاكم السماوي ووضع تشكيلًا ضخمًا في ياو غوانغ فازدهر الناس وبدأت قوتهم تسود
ومع ذلك، فإن هذا الشخص الذي وضع التشكيل الكبير كان يقف الآن بجانبه مما جعل لين روفي ينظر إليه بطريقة مختلفة بشكل طبيعي لكن غو شواندو لم يكن يحب أن يُنادى بالحاكم السماوي.
ففي كل مرة كان لين روفي يناديه بذلك كان يعبس وجهه ويتنهد: “لا أحب أن يناديني شياو جيو بذلك.”
ثم يغمز عينيه مبتسمًا بخبث “يمكنك فقط مناداتي بالمعلم .”
قال لين روفي: “لكن أليس المعلم هو الحاكم السماوي؟”
لم يفهم لماذا كان غو شواندو حساسًا جدًا حيال ذلك.
ضحك غو شواندو وقال: “سوف يعرف شياو جيو في وقت لاحق ولكن في الوقت الحالي دعني أبقي الإثارة.”
لم يستطع لين روفي إلا أن يوافق.
دون أن يشعر كان الاثنان قد وصلا إلى نهر روو حيث كان هناك العديد من قوارب الصيد التي تصطاد الأسماك ثم التقط لين روفي بعض الحجارة المسطحة من ضفة النهر وأشار إلى أنه يريد أن يقذف الحجارة في الماء ألقى الحجر وفور أن تم قذفه
رأى شخصية مألوفة تطفو في وسط النهر
كان تيان شوي الذي رآه في اليوم السابق.
قال لين روفي: “تيان شوي ، ما الذي جاء بك هنا؟”
هز تيان شوي رأسه ثم أخرج شيئًا من جيبه سلمها إلى لين روفي وطلب منه أن يسلمها إلى شي جينغشيان بالنيابة عنه تلقى لين روفي الشيء وعندما لاحظ أنه كان مقياسًا جميلًا للغاية،
تساءل: “لماذا لا تعطيه إياه بنفسك؟”
أجاب تيان شوي: “عليّ أن أذهب.”
لين روفي: “……”
تابع تيان شوي: “شكرًا لك لين غونغزي.”
سأل لين روفي مرة أخرى: “لماذا لا تعطيه إياه بنفسك؟”
تنهد تيان شوي قائلاً: “أنا خائف.”
عبس لين روفي، مبديًا عدم موافقته.
لكن تيان شوي ابتسم ببساطة وقال: “كم من الوقت تعتقد أن شخصًا يمكنه الانتظار لشخص آخر ؟”
سأل لين روفي: “ماذا تعني؟”
قال تيان شوي: “إنه مجرد انتظار عبثي.”
ثم تابع: “أنت لا تعرف متى سيعود ولا تعرف إذا كنت ستتمكن من رؤيته مرة أخرى كم من الوقت تعتقد أن مثل هذا الانتظار يمكن أن يدوم؟”
لكن لين روفي لم يفهم كلمات تيان شوي.
“عندما كنت جياو كنت في حالة هذيان إلى درجة أنني أذكر ضبابيًا ما قاله لي شخص ما.”
قال تيان شوي: “قال إنه لا يهم كم من الوقت انتظر طالما كان هناك احتمال ضئيل لعودة ذلك الشخص فسوف ينتظر مرة أخرى.”
رفع يده ليمسح الجرح على جبهته وأضاف: “يبدو أنه انتظر حقًا.”
لكن تيان شوي ابتسم وقال: “لكن لا يمكنني أن أترك شي جينغشيان ينتظرني.”
وتابع: “أنا جياو شرير أكلت العديد من الناس حتى الآن لا أعرف إذا كنت سأتمكن من النجاة من آخر امتحان رغم أنني كنت محظوظًا وتمكنت من الحصول على موافقة لين غونغزي إلا أن السفر إلى البحر بطبيعته أمر صعب ومخاطر دخول البحر كجياو ليس أمرًا سهلًا.”
كل شيء له سبب ونتيجة.
قال لين روفي: “إذاً يجب عليك على الأقل أن تتحدث معه وجهًا لوجه.”
أجاب تيان شوي: “لقد فعلت.”
ثم أضاف: “قلت له أن ينتظرني لمدة ستة أشهر.”
لين روفي: “……”
تابع تيان شوي قائلاً: “إذا استطعت أن أتمكن من اجتياز امتحان البرق سأعود وإذا لم أتمكن أخبره أن يتوقف عن الانتظار.”
لين روفي نادى قائلاً: “انتظر……”
أجاب تيان شوي: “ماذا ”
سأل لين روفي: “الشخص الذي تقول إنه ينتظر هل……له علاقة بي؟”
ابتسم تيان شوي ابتسامة ساحرة ثم هز رأسه قائلاً: “سوف يعرف لين غونغزي في وقت لاحق هذا الأمر ليس مناسبًا لي لذكره الآن.”
وبعد قوله هذا لم يعرف إن كان قد فعل ذلك عن قصد أم لا لكنه نظر باتجاه غو شواندو كان وجه غو شواندو قد تغير إلى لون داكن ومد يده برفق ممسكًا بمعصم لين روفي.
كان لين روفي منشغلاً بالحديث مع تيان شوي لذا لم يلاحظ تصرفات غو شواندو الغريبة كان لا يزال يريد إقناع تيان شوي لكن تيان شوي كان قد قرر الرحيل بالفعل فاستدار وغادر مندفعاً مع مياه نهر روو أمامهم
كان المقياس في راحة يد لين روفي جميلًا ومستديرًا وعند النظر إليه للوهلة الأولى كان يبدو وكأنه من اليشم لكن لين روفي شعر ببعض القلق إذ لم يعرف كيف سيتحدث عن هذا الأمر مع شي جينغشيان
فقط عندما أمسك غو شواندو بيده وسحبه للخلف لبضع خطوات عاد لين روفي إلى وعيه.
قال لين روفي بصوت منخفض: “معلم ، لا أريد أن أكون جزءًا من هذا الأمر على الإطلاق.”
أجاب غو شواندو: “إذن لن نشارك فيه.”
قال لين روفي: “لكن لا يمكننا ببساطة ألا نُسلم المقياس.”
تابع: “إنه أمر معقد…”
فكر غو شواندو في الأمر: “إذاً لماذا لا نلاحق ذلك الجياو ونُعيده؟”
قال لين روفي: “لقد غادر إلى البحر بالفعل كيف سنتمكن من ملاحقته؟”
ابتسم غو شواندو ابتسامة واهنة وقال: “أليس أصغر أبناء عائلة شي قويًا في صيد الشياطين؟ إذا تمكن من دفع الجياو إلى أماكن أخرى فلن يكون من الصعب ملاحقته بعد ذلك هيا لنذهب للبحث عنه.”
في تلك الأثناء، كان شي ييتشي الذي كان لا يزال في منزله يرسم الطلاسم يعطس عدة مرات فرك أنفه بتعجب وهو يتمتم ما إذا كان قد أصيب بالزكام أم لا.
وحين انتهى من تمتمته اقتحم لين روفي الغرفة بحماسة وبوجه عصبي قال: “شي ييتشي الأمر سيء ، أخوك الكبير تم أسره من قبل الشيطان.”
صرخ شي يي تشي بفزع: “آه؟ هل هو حقيقي؟”
أجاب لين روفي: “بالطبع إنه حقيقي أنا لا أكذب أبدًا أسرع تعال معي.”
أمسك شي ييتشي بالطلسمة وتبع لين روفي إلى الخارج لكنه قبل أن يركض لبضعة خطوات شعر بشيء غير طبيعي.
“لين روفي لا يكذب؟”
بعد أن فكر في تلك الجملة بعناية بدا له أن هذه الجملة ليست صحيحة تمامًا…
تعليقات: (0) إضافة تعليق