Extra21
عنوان الفصل: موعد شوي مينغ الأعمى مع الأخت الصغرى بائعة الشاي (الجزء الثاني).
في الحقيقة، شعر شوي مِينغ أنه لا يحتاج إلى مرافقة النساء. لكن، لو أردنا الصدق التام، فشوي مِينغ وجد أن كلمات شوهو كانت صادقة، ولم يكن يستطيع أن يكره شخصًا صريحًا ومخلصًا مثلها.
ففي نهاية المطاف، لا يُضرب وجه يبتسم، فكيف بشخص يظهر كل هذا الصدق والنية الطيبة؟ ولوهلة، شعر شوي مِينغ بالإحراج من طردها، لذا سمح لها بالبقاء مؤقتًا في قمة الحياة والموت، على أن تكون ممثلة شخصية للسيد ما من أجل تقديم أصدق اعتذاراته لقائد الطائفة شوي.
مرّت عدة أيام، وأثبتت شوهو أنها شديدة اللباقة والحكمة. فلم تكن تتجول عبثًا تحت أنظار شوي مِينغ دون إذن، بل كانت تساعد بهدوءٍ وجدية في أعمال قمة الحياة والموت.
والحقيقة أن هناك العديد من المهام التي تحتاج إلى عناية في القمة. فعلى الرغم من ازدياد قوة الطائفة بعد المعركة الكبرى، إلا أنهم لا يزالون يتلقّون مهامًا من نوع: 'القطة العجوز وانغ علقت فوق الشجرة مجددًا'.
حين كان شوي مِينغ صغيرًا، كانت هذه المهام تُوكَل عادةً إلى شي مي، وأحيانًا حين لا يكون لدى مو ران ما يشغله، كان يذهب لتوليها. لكن بعد أن أصبح قائدًا للطائفة، أراد أن يُفهِم الجميع أن الأعمال الصالحة، مهما صغرت، لها قيمتها، لذا قرر أن يتناوب شيوخ قمة الحياة والموت العشرون في تولّي هذه المهام، كلٌّ بدوره، ويوزعونها على تلاميذهم.
وقد صادف أن هذا الشهر كان من نصيب الشيخ تانلانغ
وكان تنالانغ يملك أقل عدد من التلاميذ بعد تشو وانينغ. ويبدو أنه اختار تلاميذه على صورته، فكانوا جميعًا كئيبين، متقلبين، غريبي الأطوار.
تلاميذه لم يكونوا ليتورطوا، حتى على فراش الموت، في إنقاذ قطة العجوز وانغ من أعلى شجرة. لكن، بما أنهم لا يستطيعون تجاهل أوامر قائد الطائفة، كانوا في العادة يضغطون على تلاميذ الشيخ شوانجي الأضعف، إما بالتهديد أو بالإغراء، لحملهم على القيام بهذه المهام بدلًا عنهم.
ولهذا السبب، حتى شوانجي، بهدوئه المعروف، خاض الكثير من المواجهات مع الذئب الجشع.
لكن، كلّ شيء تغيّر مع قدوم شوهو.
كانت هذه الفتاة تملك سحرًا غامضًا لا يُقاوم، يكفي أن تقول بضع كلمات لتُقنِع تلاميذ تانلانغ بالخروج من الجبل للمساعدة، وكأنهم انقلبوا تمامًا.
وبالإضافة إلى فضّ النزاعات، ساعدت سيدات قاعة مِينغبو في الطهي، ومسحت الأسود الحجرية على جسر اليأس، وأعادت فهرسة الكتب في جناح جمع الكتب… كانت مستعدة لأي مهمة، وتؤديها بإتقان. من الشيوخ، إلى قاعة مِينغبو، إلى قطة السيدة وانغ، كان لدى كلّ كائن حي كلمة واحدة لوصفها:
'رائعة!' — قالت القطة.
'مباركة!' — نبح الكلب.
'مذهلة!' — أثنى الناس.
كان من الواضح أن شوهو تملك حكمة واتزان التلميذة الكبرى المخضرمة.
وبحلول اليوم الثالث، بدأ شوي مِينغ يشعر بالقلق والانزعاج.
كان شوي مِينغ يعتقد أن هذه المرأة تملك خبرة ما، وربما يستطيع أن يتعلّم من تجاربها. غير أنه كان أيضًا فخورًا بنفسه، ومترددًا في أن ينزل من مقامه ليبحث مثل هذه الأمور مع فتاة من طائفة أخرى.
وبينما كان مترددًا، التقطت أذناه همسات مجموعة من المزارعين وهم يمرّون بجانب الرواق.
التلميذ (أ): “الآنسة شو جميلة للغاية. آه، أتساءل كم ستبقى في قمة الحياة والموت. إن بقيت ثلاثة أو خمسة أشهر، فسأطاردها حتمًا!”
التلميذ (ب) دحرج عينيه وقال: “تحلم كثيرًا. ألم تلاحظ أن الآنسة شو واقعة بوضوح في حبّ قائد طائفتنا؟”
صُدم شوي مِينغ. وفي تلك اللحظة تمامًا، كانوا قد وصلوا إلى زاوية الرواق. رفع كتيب تقنيات السيف أمام وجهه على الفور، وأرهف سمعه لينصت باهتمام شديد.
“حقًا؟ أهذا صحيح؟”
“أنت غافل تمامًا. كلما تحدثت مع أحد، ألا تجد وسيلة دائمًا لتُعيد الحديث إلى قائد الطائفة؟ أعتقد أنها تفعل أمرين في الآونة الأخيرة، غير مساعدتها للطائفة.”
“وما هما؟”
ردّ التلميذ الثاني وهو يعدّ على أصابعه: “أولًا، مدح قائد الطائفة. ثانيًا، الاستفسار عنه. تمدحه عشوائيًا وتقول إنه أكثر وسامة من المعلم الكبير مو، أذكى من الجد ما، أغنى من جيانغ يي تشين، وأحنّ من السيد تشو… والأسوأ من ذلك أنها قالت إنه يتمتع ببنية وهيئة ممتازتين. هل فقدت بصرها؟!”
”؟؟؟”
اشتعل شوي مِينغ غضبًا.
الفتاة كانت تقول الحقيقة فقط! أنت الأعمى!
تابع التلميذ الثاني قائلًا: “إنها تسأل عن كل شيء أيضًا، من الأطباق التي يفضّلها القائد، إلى مزاجه في الأيام الأخيرة. البارحة، رأيتها تسأل عن رأي القائد في مي هانشوي.”
“آه؟ ولمَ تسأله عن رأيه به؟”
“بكل بساطة لأن القائد ومي الكبير كانا صديقين منذ الطفولة. وكما يُقال، للفوز بقلب رجل، يجب أن تنال ودّ من حوله. يبدو أن نية الآنسة شو جدية. أنصحك بالتراجع، لا يمكنك التنافس مع القائد على قلبها، فلن تفوز أبدًا.”
وبعد هذه الملاحظات، غادروا وهم يتهامسون.
تركوا شوي مِينغ واقفًا وحده، ينزل ببطء كتيب تقنيات السيف الذي كان يُخفي به وجهه.
صحيح أنه لا يرى أن شوهو أجمل منه، لكنها لا تزال شابة فاتنة على نحو استثنائي. وبما أنها بالغت في مدحه إلى هذا الحد…
فربما لو دعاها لتناول وجبة وسألها عن طريقة إدارتها لطائفتها… لن يكون ذلك أمرًا مخزيًا للغاية، أليس كذلك؟
على الأقل، هي تملك ذوقًا جيّدًا.
وبهذا التفكير، سأل شوي مِينغ عن مكان وجود الآنسة شوهو. فقيل له إنها في جناح جمع الكتب، فعدّل ملابسه، ونقّى حنجرته، وتوجّه إلى هناك.
وفي تلك اللحظة بالذات، داخل جناح جمع الكتب، كانت 'الآنسة شوهو' من قصر برعم الخوخ، المعروفة باسم 'إمبراطورة إطالة العمر'، سيّدة التنكّر، والمعروفة أيضًا بلقب 'الاشتياق للبرقوق يروي الظمأ' — كانت في الحقيقة: 'مي هانشوي'، كبير تلاميذ قصر كونلون الجليدي، وأكثر المزارعين انحرافًا في عالم الخلود — غارقًا في قراءة كتاب أثري بعنوان: 'أطلس الحواجز القديمة.'
كان هذا الكتاب في الأصل محفوظًا في جناح اللوتس الأحمر التابع لتشو وانينغ. وبعد أن اعتزل تشو وانينغ في الجبل الجنوبي، كتب رسالة إلى شوي مِينغ يطلب فيها نقل جميع الكتب من جناحه إلى جناح جمع الكتب ليتمكن التلاميذ من دراستها. وكان من بين تلك الكتب، إلى جانب كتاب أطلس الحواجز القديمة، مؤلفات أخرى مثل 'مجموعة الأعشاب والأشجار'، 'رحلات سيتشوان' و'نوتة طائفة روفينغ في مدينة لين يي'.
وبما أن مي هانشوي كان مزارعًا موسيقيًا، فلم يكن لديه اهتمام كبير بتقنيات الحواجز. ومن المنطقي أن يُفترض أنه سيختار قراءة نوتة طائفة روفينغ، لكن بدلاً من ذلك، بدا منهمكًا في كتاب حواجز عميق وغامض، يمرر أصابعه أحيانًا على ذقنه مبتسمًا ومومئًا برأسه، وكأنه منبهر للغاية بما يقرأ.
وهل يمكن ألّا يُبهَر؟
ففي ذلك الكتاب العتيق الذي تركه تشو وانينغ، والمعروف بأطلس الحواجز القديمة، كانت هناك في الحقيقة مجموعة من الرسوم الفاضحة!
كان مي هانشوي ذكيًّا بما يكفي ليعرف أن هذه الرسوم لا علاقة لها بتشو وانينغ. وبمجرد لحظة من التفكير استطاع أن يخمّن السبب وراء وجودها. على الأرجح، كانت من مقالب مو ران الماكرة، وقد أخفاها بين صفحات الكتاب. كانت الرسومات نابضة بالحياة، والأفكار مبتكرة ببراعة.
لا بدّ من الاعتراف أن مو ران، في شبابه، كان ذا خيال واسع. أما مي هانشوي، الذي جال في عالم الغواية لسنوات طويلة، ولم يعد يثيره الجمال التقليدي، فقد وجد في أعمال مو وي يو المبتكرة صدقًا وعفوية أثّرت فيه بعمق.
ما أثار إعجابه أكثر هو الجرأة المطلقة لدى الشخص الذي تجرأ على رسم صور بهذه الفحش في كتاب لتشو وانينغ، ولا يزال حيًّا حتى اليوم. لا شكّ أنه إنسان خارق.
لم يستطع كبح نفسه، فانفجر مي هانشوي ضاحكًا وهو يقرأ.
كان مو وي يو حقًا ممتعًا. وما كان يزيد الأمر روعة هو أن شوي زيمينغ، الذي عاش سنوات عديدة بجانبه، بقي نقيًّا وغير ملوّث.
كلمة 'ممتع' كانت من المعايير الأساسية لدى مي هانشوي ليهتم بشخص ما. ومنذ أن التقى شوي مِينغ، لم يكن هناك أحد أكثر تسلية منه. في نظر مي هانشوي، كان شوي مِينغ متهورًا أكثر من اللازم، عديم الصبر، بسيط التفكير، سريع النسيان، أشبه بسمكة الينفوخ، إذا ركلها أحد من على الضفة، تنتفخ غاضبة فورًا، لكن ما تلبث أن تنسى وتتابع سباحتها بكل فخر.
لم يكن مي هانشوي يستطيع مقاومة رغبته في التصرف كقط مدلل، ينقضّ من حين لآخر على شوي مِينغ، ويستمتع أكثر كلما زاد غضبه.
في السابق، وحين لم يعُد شوي مِينغ قادرًا على الاحتمال، سأله ذات مرة: “هاي، مي هانشوي، هل بيننا ضغينة؟”
فكّر مي هانشوي في نفسه: 'أنت ابن من أنقذني، فكيف تكون بيننا عداوة؟ لكن… هناك حساب قديم من الماضي، أنت بالتأكيد قد نسيته تمامًا.
فعلًا، لم يكن شوي مِينغ ليتذكر تلك الفعلة المشينة التي ارتكبها في أول لقاء لهما حين كانا طفلين، مزحة شريرة إلى حد ما.
لقد جعل مي هانشوي يتنكر بزي فتاة.
في ذلك الوقت، كان مي هانشوي لا يزال طفلًا ممتلئ الخدين، قصير الأطراف، يتبع معلمه ومجموعة من كبار طائفته إلى قمة الحياة والموت. وكان ذلك في فصل الشتاء، حيث كان يرتدي قبعة من الفرو الأبيض ورداءً سميكًا. وكانت القبعة أكبر من مقاسه، تنزلق باستمرار لتغطي شعره الأشقر الفاتح، بل وإحدى عينيه الخضراء الزمردية.
ولهذا السبب، لم يولِ شوي مِينغ اهتمامًا لذلك التلميذ الغريب المظهر.
كان ذلك أول خروج لمي هانشوي من قصر كونلون الجليدي لزيارة طائفة أخرى. وكان لا يزال صغيرًا قليل الخبرة، ولهجة حديثه تحمل شيئًا من لكنة مدينته. خشية السخرية، فضّل البقاء صامتًا، واقفًا في ركن ما بهدوء، بأهدابه الذهبية المنحنية، يختلف كليًا عن سحره المستقبلي الذي كان سيجذب النحل والفراشات.
فكيف نشأت العداوة بينه وبين شوي مِينغ؟
بدأت تلك العداوة بفضل الضباب الكثيف لبركة الصوت الساحر.
كانت الينابيع الساخنة منتشرة حول قصر كونلون الجليدي، وقد اعتاد التلاميذ على الاستحمام فيها، ومي هانشوي لم يكن استثناء.
في تلك الليلة، كان شوي مِينغ قد خطّط لأن يجرّ مي هانشوي الذي كان آنذاك متنكرًا بهيئة شاب من السهول الوسطى ليذهبا معًا للاستحمام في بركة الصوت الساحر. لكن مي هانشوي لم يعد إلى الغرفة، فانتهى الأمر بشوي مِينغ أن يذهب بمفرده إلى البركة.
خلع ردائه الخارجي، وبقي مرتديًا قميصًا داخليًا رقيقًا من حرير أبيض نقي. لم يكن يعلم مي هانشوي أين يضع ردائه، فوضعه على تاجه الذهبي، وسار على الطريق المرصوف بالحصى، الذي تناثرت عليه بتلات الأزهار. وبينما هو يسير، سمع فجأة صوت شاب مليئ بالحيوية والنشاط.
قال أحدهم: “عليك أن تتعرّض للشمس أكثر يا شي مي. أنظر إليك، قضيت وقتًا طويلًا هنا في قمة الحياة والموت، وما زلت ضئيل البنية. أنظر إليّ، أبدو أصلب منك بكثير! أخشى أنك عندما تكبر، ستصبح مثل العم وو الذي يبيع الكعك المبخّر في البلدة، أقصر حتى من زوجتك.”
رد عليه صوت آخر، هادئ ولطيف: “السيد الشاب وسيم بطبيعته، كيف لي أن أُقارَن بك؟”
في ذلك الوقت، لم يكن مي هانشوي يتقن الماندرين جيدًا، فلم يفهم أن 'السيد الشاب' كان لقبًا يدل على مكانة الشخص. ولو فهم، لأدرك أن من يتحدث هو ابن من أنقذه ذات يوم. لكن نظرًا لسوء فهمه، ظنّ أن 'السيد الشاب' هو اسم شخص وحسب.
كان شوي مِينغ، الذي غمره المديح، في غاية الرضا، فأخذ يشجع الآخر بحماس: “أنا أحب صدقك! لكن لا تقلق، يمكنك أن تصبح أطول بالتأكيد. فقط افعل مثلي: عندما أتشمس، تشمّس معي. عندما أشرب الحليب، اشرب مثلي! لا تفقد الأمل!”
رد شي مي بتردد: “لكنني خائف…”
قال شوي مِينغ بحزم: “ممّ تخاف؟ طالما أنا قلت إنه ممكن، فهو ممكن. وإن لم تكبر وكنت أقصر من العم وو فعلًا، فسأحميك! إذا واجهت أناسًا سيئين، فقط اختبئ خلفي، ما رأيك؟”
ضحك شي مي ضحكة صافية: “في هذه الحالة، أشكرك مقدمًا أيها السيد الشاب.”
“هاها! ما كل هذه الرسمية؟ نحن إخوة في الطائفة بعد كل شيء!”
كان مي هانشوي قد اقترب أكثر فأكثر وهو يستمع بصمت، حتى تمكن من رؤية مشهد واضح: صبيّان في مثل عمره تقريبًا يسترخيان في ينبوع ماء ساخن صغير، تحيط به زهور برية. أحدهما كان نحيفًا بهيئة باهرة الجمال، بشفاه وردية، وأسنان ناصعة، وبشرة بيضاء كالزهور. أما الآخر، فقد كان يدير ظهره، فلم يظهر وجهه، لكن ما أثار دهشة مي هانشوي هو أن هذا التلميذ كان يرتدي مشبك شعر فضي من طائفة قمة الحياة والموت، لتثبيت شعره أثناء الاستحمام، ورابطًا إياه بدبوس من اليشم.
هل نسي أن يخلعه؟ أم تركه عمدًا؟ أكان أهل منطقة شو جميعًا بهذه الغرابة؟
وقبل أن ينهي أفكاره، شعر شي مي بشخصٍ يقترب، فنبّه زميله بتحذير خافت: “سيدي الشاب انظر خلفك…”
قال الآخر دون اكتراث وهو يلتفت: “ما الذي يستحق النظر؟”
وهكذا، التفت شوي مِينغ، وفي تلك اللحظة تمامًا، بدأ الضباب الكثيف يرتفع من بركة الصوت الساحر. رأى مي هانشوي وجه شوي مِينغ بوضوح، بينما لم يتمكن شوي مِينغ من رؤية الشخص القادم جيدًا، ولمح فقط وجهًا شاحبًا، وعينين واسعتين، وملامح بارزة.
“لابد أنها فتاة،” هكذا ظنّ شوي مِينغ.
وما زاد سوء الفهم أن حادثة مماثلة كانت قد وقعت مؤخرًا — حيث تجسست تلميذة على تشو وانينغ أثناء استحمامه في جناح اللوتس الأحمر وعند رؤيته لهذا المشهد، قفز شوي مِينغ إلى الاستنتاج مباشرة، وصرخ بأعلى صوته: “أسرعوا! أحدهم هنا! يا له من شخص وقح! لقد حدث هذا من قبل! أمسِكوا بذلك الفاسق! أمسِكوه من أجلي، الفاسق!"
قال مي هانشوي وهو يرتبك: “آه، يا صديقي، أنا لست فاسقًا، أنا فقط… فقط…” لكن بسبب توتره وضعف لغته، تعثّرت كلماته، ولم يتمكّن من التعبير.
كان يريد أن يقول إنه كان يتدرّب على السيف، وتعرّق حتى بلل جسده، فأتى ليستحم. لكنه لم يستطع تذكّر الكلمات المناسبة، فخفض رأسه وراح يتمتم وهو يفكر: “سيف… سيف… سيف…”
أُصيب شوي مِينغ بالذهول، ثم صرخ غاضبًا: “مهلًا، من تنعت بالعاهرة بحق الجحيم؟! أنت من تجسّست على شخص وهو يستحم، ومع ذلك تملك الوقاحة لتنعتني بذلك؟!”
كان مي هانشوي لا يزال مستغرقًا في محاولته تذكّر الكلمة المناسبة، يتمتم بتركيز: “ساخن… ساخن… ساخن…”
“فاسق؟!" ردّد شوي مِينغ الكلمة بلسانه الملفوف مقلّدًا إيّاه، فخرج صوته وكأنه على وشك التقيؤ. ازداد ذهولًا، وفوق ذلك، اشتعل غضبًا.
“كيف تجرؤ على مناداتي بالفاسق؟! أعلم أنني وسيم، لكن كيف تجرؤ!! شي مي، دافع عني!”
سارع شي مي لتهدئته بصوته الناعم:
“ن-نعم…”
في الحقيقة، لم يكن شيوه مِنغ مرتاحًا تمامًا لاستعراض عضلاته أمام هذا “المتجسس الفتاة” — خاصة أنه لم يكن قد طوّر عضلات فعلية بعد — لكنه أشار إلى ذراعيه وساقيه قائلًا بفخر: “انظر إلى ذراعي، إلى ساقي… أنا قوي تمامًا مثل أبي! فقط ألقِ نظرة على جمال رجال آل شوي!”
أما مي هانشوي، فلم يكن يفهم شيئًا مما قيل، وكان لا يزال يفكر بجدية في كيفية التعبير عن شعوره الحارق وأنه يتصبب عرقًا وكان يريد فقط أن يستحم: “لكن…”
كانت لغته ضعيفة جدًا.
توقّف شوي مِينغ عن استعراض عضلاته في منتصف الحركة، وحدّق به: ”…أأنت تقول إنك تريد رؤية مؤخرتي؟”
وأخيرًا، فهم مي هانشوي المقصود. صفق بيديه بفرح وقال بحماس: “مؤخرة! مؤخرة هنا من أجل الاستحمام!”
”…..”
وقف شوي مِينغ متجمّدًا في مكانه، وقد شحب وجهه حتى بدا مائلًا إلى الخضرة. فتح فمه وأغلقه مرارًا، لكنه لم يتمكّن من نطق أي كلمة. ثم فجأة، التقط قطعة صابون ورماها بكل قوته على مي هانشوي، وهو ينفجر غاضبًا كما لو كان بركانًا: “أيها الحراس! لماذا لم تصلوا بعد؟!أمسِكوا بهذا اللص النجس حالًا!"
“أمرك!”
وفيما كان يُسحب إلى الأرض، كان مي هانشوي لا يزال مرتبكًا بعض الشيء.
…؟
كل ما في الأمر أنه كان يشعر بالحرارة وأراد الاستحمام فحسب… فكيف تحوّل فجأة إلى متلصص قذر؟
وبينما يعيد التفكير في المشهد، تذكّر أن الطفل نادى الفتى الذي كان بجواره بـ 'شي مي'. وفي لغة الماندرين، 'شي مي' تعني الأخت الصغرى، أي تلميذة تصغر المتحدث مرتبة وعمرًا…
عندها، أدرك مي هانشوي الحقيقة: آه…
في كونلون، لم يكن يُسمح للفتيان بالاستحمام مع الفتيات.
فهل يُعقل أن العُرف هنا هو أن الفتيان لا يُسمح لهم بالاستحمام مع بعضهم أيضًا؟
..
(توضيح بسيط، كل الحوار العشوائي بين هانشوي وشوي مينغ هو بسبب تشابه نطق الكلمات)
تعليقات: (0) إضافة تعليق